عقد الكهرمان

حلَّيتِ بالكَهرمان الصدرَ لابسةً
عقدًا تدلَّى إلى النَّهدين وانعقَدا
أَغارَ حبَّاتِهِ الألحاظُ طامِحةً
إليكِ فهْي لذا مُصفرَّةٌ أَبدا
ما ضارَها أنها غبراءُ شاحِبةٌ
وفضلُها واضحٌ في عَين من نقَدا
وربَّ وجهٍ دميمٍ كان صاحبهُ
شَهمًا ووجهٍ جَميل يستُر الحسَدا
ما أسعدَ العِقد مُرتاحًا إذا عبَثَتْ
به يداكِ على صَدرٍ به سَعِدا
تمشِين مُطرقةً آنًا فتُقلِقُه
خطاكِ مُرسلةً في سَيرها صَدَدا
فلا يَني خافقًا من وَجدِه طرَبًا
فإن وقفتِ تراءَى هادئًا كمَدا
له تلطُّفُ آسٍ في تلمُّسِه
نَهدَيك مُحتشمًا في اللَّمس مُتَّئِدا
نهداك رائعتا فنٍّ ونادِرتا
حسنٍ وكنزا حياةٍ للهَوى وُجدا
وآيتانِ من الأَنوار أُنزلَتا
عليكِ والنُّور فوقَ الصَّدر قد جَمدا
عليهما العِقدُ مثل النَّجم غبَّرَه
جرمٌ يمدُّ إليه الليل مُبتَعِدا
فظلَّ يبرُق لكنْ شاحبًا ومضَى
مطالِبًا بتَداني نورِه الأمَدا
رمزُ القُلوب التي أصحابُها عشِقوا
عينَيك ثم مضَوا لا يَعرفون هُدى
تعلَّقت بكِ لا تنفَكُّ فهي كما
ترينِ عاشِقةٌ من قَدِّك المَيَدا
تبيَّني ذلك العِقدَ العَجيب ترَيْ
قلبي فريدةَ هذا العِقد مُنفردا
أحبُّك الحبَّ صرفًا لا مِزاج به
لكنْ جفاؤُك ما أبقَى له جلَدا
فماتَ حيًّا فلا حِسٌّ ليُؤلِمَه
شيءٌ ويُمتعه إن غابَ أو شهِدا
لكنَّه حافظٌ عهدًا ومدَّكرٌ
ودًّا وفي كلِّ يومٍ مُستبيحُ ردَى
وواردٌ شِرعةً باليأس مترَعةً
واليأسُ في العُمر يُضني الرُّوحَ والجسَدا
ولا يزالُ كهَذا العقد مضطربًا
وودُّه مثل هذا العِقد قد عُقدا
أبريل سنة ١٩٢٠

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤