بؤس

أما آن للقلب أن يهدَأَ
وللدَّمع في العَين أن يُرقَأَ
وللجِسم في العُمر أن يستريحَ
وللدَّاء في الصَّدر أن يَبرأَ
وللنَّفسِ في الوَجد أن تستقرَّ
وللنَّار في القَلب أن تُطفأَ
علامَ وفيمَ عذابٌ طَويلٌ
وعمرٌ قصيرٌ له أُنشئَا
ملِلتُ الزَّمانَ بما قد حبَاني
وما قد أعدَّ وما هيَّأَ
أَكاذيب لكنَّها تُطمِعُ النـُّ
ـهَى وتكونُ لها مُرتأَى
ويألَفها العَقلُ مُستَقريًا
فيرعَى الأكاذيبَ مُستَمْرِئَا
أرجِّي شفاءً وميعادُه
إذا أنا شارفتُه أُرجِئا
وإنَّ الشبابَ كثوبٍ ولكِن
إذا ما تخرَّقَ لَن يُرفأَ
هو العزم سيفٌ إذا لم يثلِّمـ
ـهُ ضَربٌ فلا بدَّ أَن يَصدأَ
لوَ اني طَلبتْ عُلوًّا لمَا
رضِيتُ لنَعلي السُّهَى مَوطِئا
ولكنْ رأيتُ القناعَةَ في الـعيـ
ـشِ أرْوحَ للقَلب بل أَهنَأَ
فضيَّعتُ هذِي وذاك ورُحـْـتُ
أفتِّشُ عن غرَض خُبِّئَا
وما غرَضُ النفسِ إلَّا القَريبُ
سَواءً أَأُجملَ أم جزِّئَا
يناصِبُها الحربَ يومًا فيَومًا
ويورِدُها الحتف آنًا وَآ …
وما السرُّ في نَيلِ ما أنتَ تطلـُ
ـبُ في العُمر إلَّا بأَن تجرأَ
فزِعتُ إلى اللَّيلِ مما أرَى
وقد فزِع الليلُ مما رأَى
إذا أنا أضوَتْنيَ الدَّاجِياتُ
رأيتُ الدَّياجيَ ليَ أَضوأَ
وأشقَى البرية مثلِي طريدٌ
يكونُ الظَّلامُ له مَلجَأَ
أَراجعةٌ في الزَّمان أماني الـ
ـحَياةِ ومُدنية ما نأَى
وهبْه دنا إنَّ بعضَ الشرابِ
يغادِر شَاربَه أَظمَأَ
أيا ربَّ ذا الكون حرفٌ من اسمِـ
ـكِ لَكنَّما اسمُك لن يُقرأَ
تعامَى على مُقلٍ لو رأتْ
لكَادتْ من النُّور أن تُفقَأَ
ولم تزغِ العينُ لكنَّها
أرادَتْ عن القلب أن تَدرَأ
ومن بهر النورُ ما جرَّ ذنبًا
ولا عُدَّ في عُمرِه مُخطِئا
رَبأتُ بنَفسِيَ عن أَن تَضلَّ
ومَن لي بنَفسيَ أَن أرَبأ
وأحبَبتُ عمري على أيِّ حالٍ
فناءً سريعًا يُرى مبطئَا
وهمًّا يُنازِعُني راحَتي
وبؤسًا يُرى الأحسن الأَسوأَ
لقد زهَّدتْني الحوادثُ في
حَياتي فأَسلمتُها مُبرِئا
ولم ألفَ يومًا أَسيفًا لأَني
صَحِبتُكَ يا دهرُ مُستَهزِئا
وألزَمني الصمتَ أَن المُعيـ
ـدَ إنْ هو إلَّا الذي أَبدأَ
٢١ أبريل سنة ١٩٢٠

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤