الشاكي

إني لزمتكِ مِثلما
لزم الحَمامُ أَليفَهُ
ولَقِيتُ منكِ تجنُّبًا
حمَل الفؤادُ عَنيفَهُ
ففصلتُ عن قَلبي هَوا
كِ ثقيلَه وخفيفَه
فإذا بليلِ اليَأس قد
أرخَى عليَّ سُجوفَه
فثويتُ فيه نادِبًا
عُمرًا حببتُ صُروفَه
كالأمِّ تندُب طِفلَها
والموتُ صار حليفَه
إني وهبتُكِ ما ملكْـ
ـتُ تليدَه وطريفَهُ
وحَببتُك الحبَّ الذي
لا تَفهَمين نَحيفَهُ
ولقيتُ منكِ تجنُّبًا
حمَل الفؤادُ عنيفَهُ
لما لزمتكِ مثلَما
لَزم الحَمامُ أَليفَهُ

•••

الريح قد نامتْ على
مَوج البِحار الهادِية
والزَّهر أطبقتِ الدُّجَى
أجفانَه المتراخية
نفِرت نجوم الليل وهْـ
ـيَ إلى المجرَّة ظامِية
فتَناكرتْ بين الغُصون
لحاظُهنَّ السَّاهية
وتطايرتْ في الروضِ أشـْ
ـباحُ النفوسِ السَّارية
إن المياهَ أنينَها
ذَوب العَواطف جارِية
وكأنما هَذي وتِلـ
ـكَ على حَبيبٍ باكِية
ويزيدُ نيرانَ الأسى
أَنَّ الطَّبيعةَ سَاجِية
والزَّهر أطبقتِ الدُّجَى
أجفانَه المُتراخِية
والريحُ قد نامتْ على
موجِ البِحار الهاديَة

•••

يا مَن يساعدُني على
بَثِّ الشكاية والجوَى
اللهَ في القَلب الذي
لعبتْ به أَيدي الهَوى
كالنَّجمِ يهوِي مشرقًا
والغصن يَقصِفُه الهوا
واهًا لهذا الغُصنِ في
شَرخ الشَّبيبة قد ذوَى
واهًا لذاك النَّجمِ إذ
لم يَرتفِعْ حتى هوَى
أَمَلي ويأسِي في الحيَا
ةِ كلاهما عِندي سِوا
القُربُ أَشقاني لذَاك
عليه آثَرتُ النَّوى
قَلبي من الأحزَان في
ليلِ المَصائب قد ثوَى
اللهَ في القَلب الذي
لعِبَت به أَيدي الهوَى
يا مَن يساعدُني على
بثِّ الشكايَة والجَوى
١٢ أغسطس سنة ١٩٢٠

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤