مقدمة

بقلم دكتور عبد الوهاب عزام

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه مقالات فيها القول الفصل في مكان سوق عكاظ، جمعت ما جاء في أمهات الكتب عن موقع عكاظ وشأنه حين عزمت على الذهاب إلى الموضع الذي غلب على الظن أنه عكاظ، ثم كتبت المقال بعد أن شهدتُ المكان وأيقنت بالأدلة الكثيرة أنه هو.

وكان الشيخ محمد بن بليهد النجدي معي في هذه السفرة، وله الفضل في تعريفي بالمكان وإعانتي على تطبيق الروايات عليه، ولما عدنا إلى الطائف عرض عليَّ مقالًا له في الموضوع، فوعدته أن أنشره حين أنشر مقالي.

ولما شهدت افتتاح المؤتمر الثقافي العربي في الإسكندرية في شهر آب (أغسطس) من هذه السنة، حدَّثت الأستاذ أحمد الزيات حديث عكاظ، فأشار عليَّ أن أحاضر المؤتمرين فيه، فكانت أول محاضرة من محاضرات المؤتمر العامة محاضرتي عن سوق عكاظ.

وقد لقيتُ قبل المحاضرة الأديب المحقق الشيخ حَمد الجاسر النجدي، فقال إن له بحثًا عن عكاظ. قلت: سمعت أن لك بحثًا ولكن لم أطَّلع عليه. فقال: نشرت خلاصته في جريدة أم القرى، وأرسلته كله إلى إحدى المجلات المصرية فلم تنشره. فوعدته بنشر مقاله أيضًا حين أنشر بحثي في عكاظ.

وقد وفَّيت بوعدي، فنشرت مقال الشيخ ابن بليهد، ونشرت مقال الشيخ الجاسر، على طوله واشتماله على أمور ليست من بحثنا في الصميم، إذ رأيت كل ما جاء في المقال مفيدًا مجديًا على الباحثين، جامعًا لهم ما تشتت في كثير من الكتب.

وقد أخذت على الخريطة التي ألحقها بالمقال أنه وضع حرَّة الخلَص جنوبي عكاظ، وهي في رأينا وفيما قال عرَّام السُّلَمي شرقي عكاظ.

والمقصد في هذه المقالات تبيين موضع عكاظ، والفصل فيما اختلف فيه القائلون في هذا الشأن، وسيرى القارئ أنها مقالات فاصلة لا تدع مجالًا لجدال ولا ريب.

وقد رأيت أن أقدِّم كلمة موجزة عن شأن عكاظ عند العرب، وأثرها في تجارتهم وأخلاقهم وأدبهم، فأخذت من المراجع الحاضرة لديَّ في جدة، مثل: الأغاني، والمسالك والممالك، وصفة جزيرة العرب، ومعجم البلدان.

ولما رجعت إلى مصر بدا لي أن أتوسع في الحديث عن عكاظ لأوفي البحث حقه من التاريخ، كما استوفى حقه من التحقيق الجغرافي، فطلبت مراجع أخرى حتى عثرت على كتاب الأديب الفاضل سعيد الأفغاني في مكتبة جامعة فؤاد الأول، وكنت طلبته زمنًا فلم أعثر عليه، فرأيت فيه وفاء بأخبار عكاظ، كما رأيته اتَّبع أقوالًا في تعيين مكان عكاظ ليست صوابًا، فعزمت على أن أقتصر على الكلمة الموجزة التي كتبت في شأن عكاظ، وأن أحيل القارئ المستزيد إلى كتاب الأستاذ الأفغاني في أخبار سوق عكاظ لا في تعيين مكانها، وإنما قصدنا من هذه الأبحاث تعيين المكان.

والله أسأل أن يهدينا الحق ويرزقنا الإخلاص فيه، وهو حسبي وكفى.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤