الفصل السادس

خرافات عن تقاليد غربية أخرى

  • (١)

    يعبد الزرادشتيون النار.

  • (٢)

    الفودو سحر أسود.

  • (٣)

    يعبد السحرة الشيطان.

  • (٤)

    الراستافاريون متعاطون للماريجوانا.

  • (٥)

    قد يؤمن التوحيديون العالميون بما يحلو لهم.

مقدمة

عندما تخطر الديانات الغربية على بال معظمنا، فإننا نفكر في اليهودية والمسيحية وربما الإسلام. لكن هذه ليست الديانات الغربية الوحيدة. في هذا الفصل، سنلقي نظرة خاطفة على خمسة تقاليد أصغر مختلفة تمام الاختلاف، لكنها ذات تفاعلات مهمة مع الديانات الغربية السائدة. في تلك التفاعلات سنرى المزيد من الأمثلة لكراهية الأجانب وسرد القصص التخيلي.

(١) يعبد الزرادشتيون النار

أبارك هذا القربان وهذا الابتهال، وهذه التقدمة الصالحة، التقدمة الكريمة، تقدمة المساعدة المقدمة لكِ أيتها النيران ابنة أهورا مازدا … ليتك تُطعَمين بالحطب الجيد — ويفوح منك البخور الكريم — ليتك تحصلين على الطعام الجيد — والوقود الصالح! وانعمي بالاشتعال في هذا المعبد، وليَدُم اشتعالك ولا ينقطع توهجك من هذا المعبد، ولتَسْتَعِرِي لعمر مديد، حتى الاسترداد العظيم للعالم، حتى زمن الاسترداد العظيم الصالح لهذا العالم …

امنحيني أيتها النيران ابنة أهورا مازدا، رغم أني لا أستحق، الآن وإلى الأبد، مقعدًا في نعيم الآلهة الساطع والمبهج والمبارك. ليتني أنال ثوابًا عظيمًا، وصيتًا حسنًا، ولتمتلئ روحي بالابتهاج الدائم.

السلام عليك يا نيران أهورا مازدا، أيتها الروح الحامية الخيرة والعظيمة. («ابتهال للنيران»، صلاة للزرادشتيين (ترجمة دارمستيتر))

دون معرفة خلفيات أعمق، قد يتولَّد لدى من يقرأ هذه الصلوات انطباع بأن من يتلونها يعبدون النار. وقد يصل إليهم الانطباع نفسه من مشاهدة الشعائر الزرادشتية التي تمثل النار جزءًا مهمًّا منها. في حقيقة الأمر، تحول الزعم بأن الزرادشتيين يعبدون النار إلى اتهام بعبادة الأوثان، أسفر عن فترات من الاضطهاد على مدار التاريخ الزرادشتي.

مصطلح «زرادشتية» ليس مألوفًا كثيرًا لمعظم الناس في الغرب. لكن المسيحيين يألفون اسم كهنة الزرادشتية: المجوس. يقول إنجيل متَّى إن المجوس «جَاءُوا مِنَ الْمَشْرِقِ.» ليسجدوا ليسوع باعتباره «مَلِك الْيَهُودِ»، وقد أحضروا معهم هدايا ثمينة، ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا (متَّى ٢: ١–١١). لا يأتي أيٌّ من الأناجيل الأخرى على ذكر هذه الواقعة، لكنها أصبحت جزءًا أساسيًّا من قصص عيد الميلاد التقليدية، حتى إنه لا يكتمل مشهد من مشاهد عيد الميلاد بدونها. كما إن طلاب الموسيقى والأدب يألفون سماع اسم زرادشت النبي. ويستخدمه الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه في عنوان رواية شهيرة، «هكذا تكلم زرادشت»، يناقش فيها موت الله، وكذلك المؤلف الموسيقي ريتشارد شتراوس في القصيدة السيمفونية التي استوحاها من عمل نيتشه. يُعتقد أن زرادشت، نبي الزرادشتية، عاش نحو عام ١١٠٠ قبل الميلاد.

والأقل شهرة هو أن الزرادشتية، كما يقال، هي أقدم ديانة توحيدية في العالم. تعود أصولها الفارسية إلى القرن السادس قبل الميلاد على الأقل. وفي عالَم كان العرف السائد فيه هو اعتقاد تعدد الآلهة، علَّمَ زرادشت (النطق اليوناني لاسمه «زورواستر» Zoroaster) أنه لا إله إلا الله، القدير، الذي يدعو الخليقة كلها لتفضيل الحق على الخداع، والخير على الشر، والنور على الظلمة. وسيحاسب الإله الذي يُعرَف باسم أهورا مازدا جميع البشر عند موتهم، وسوف يجازي أولئك الذين آثروا الاحتفاظ بأفكار طيبة، والتفوُّه بكلمات حسنة، وفعل الخير.

يتشابه كثير من عناصر التعاليم الزرادشتية مع التقاليد اللاحقة. تقول القصص القديمة إن أمه كانت عذراء وحبلت بالطفل من غير شريك جنسي. ويحكي التقليد أيضًا عن رحلة إعجازية إلى السماء يسمع فيها النبي أن له عدوًّا سوف يحاول استمالة الناس لاختيار الشر بدلًا من الخير. والاختيارات البشرية الأخلاقية ليست ضرورية فحسب من أجل الحصول على السعادة، ولكنها ستسفر أيضًا عن هزيمة هذا الكائن الشيطاني وسيُجزَى عنها. أما أولئك الذين يختارون إحباط هذا الانتصار الحتمي فسوف يقعون تحت طائلة العقاب عند موتهم، بينما مَن كانت اختياراتهم حيادية، فلا هي المساعِدة على انتصار الخير، ولا هي المعطِّلة لذلك، فأولئك سوف يعلقون بين الخير والشر. حتى بعد الموت، قد تحصل الأرواح المُعاقَبَة وتلك العالقة على مكافأة من خلال صلوات الأحياء. وفي آخر الزمان، حينما يبدو وكأن الشر انتصر وتُظلم السموات، سيولد مخلِّص من عذراء. وسوف يقيم الموتى إلى الدينونة الأخيرة. ويهزم الخير الشر، ويتجدد العالم، ويحيا الناس بعد أن يتطهروا من آثامهم في نعيمٍ أبدي.

بعضٌ من هذه العناصر مألوف لدرجة أن كثيرًا من العلماء يعتقدون أن الزرادشتية أثرت بالفعل في ظهور الفكر اليهودي والمسيحي والإسلامي. وبعض الممارسات مألوفة أيضًا، مثل وجوب اعتراف الناس بآثامهم للكهنة، وعقد العزم على التوبة، والصلوات الخمس اليومية (نماز بالفارسية) التي يسبقها غسل الوجه والذراعين والقدمين والفم. لكن بعض الممارسات الزرادشتية الأخرى تبقى فريدة من نوعها.

تُسمَّى دُور العبادة الزرادشتية معابد النار. وفيها تُشعل نار طقسية مقدسة تظل متقدة ليلًا ونهارًا. وإبقاء النيران المُطعمة بالحطب متقدة هو من مهمات كهنة المعبد. ترمز النار إلى التطهير، ومِن ثَمَّ إلى البر والعدالة، وأخيرًا إلى الألوهية. بالإضافة إلى هذا، يقيم الزرادشتيون احتفالين باستخدام النار. «السَّادِه» وهو عيد بداية الشتاء، ويُحتفل به قبل بدء العام الزرادشتي الجديد بخمسين يومًا في الاعتدال الربيعي. يرمز إشعال نيران ضخمة إلى انتصار النور والخير على الظلام والشر. و«جهار شنبه سوري»، هو عيد «القفز فوق النيران» الذي يحبه الأطفال والكبار على السواء، وهو الذي يعلن عن الاحتفال ببدء العام الجديد (النوروز). وفيه يرتدي الناس البذلات، ويشعلون أكوام النيران الصغيرة ويقفزون فوقها، ويطرق الأطفال الأبواب للحصول على هدايا خاصة من الجوز والتوت.

استخدام النار على نطاق واسع في العبادة والاحتفالات هو ما قاد إلى اعتقاد بعض الناس بأن الزرادشتيين يعبدون النار. كانت الزرادشتية هي الديانة الرسمية لبلاد فارس (إيران الحالية) من القرن الثالث إلى القرن السابع، حينما هزمت قواتُ المسلمين الحديثة التشكيل أكاسرتَها. اعتبر كثير من المرجعيات المسلمة أن الزرادشتية واحدة من الأديان التوحيدية كاليهودية والمسيحية، ومِن ثَمَّ سمحت بممارستها في مقابل الولاء والجزية. غير أن بعض الحكام المسلمين كانوا متشددين. وتحت الاتهامات بالكفر، تعرَّض الزرادشتيون للتضييق، ومعابدهم ومكتباتهم للهدم. وفي بعض الحالات، اضطُهدوا. ومع الوقت، غادرت أغلبية الزرادشتيين بلاد فارس إلى الهند حيث يُعرَفون باسم البارسيين.

المراجع

قراءات إضافية

  • Boyce, M. (1975–1982) A History of Zoroastrianism I and II, Brill, Leiden/Küln.

(٢) الفودو سحر أسود

لم تكد تمضي ١٨ ساعة بعد أن دمر زلزالٌ ولاية هايتي في ١٢ يناير، حتى قدَّم القس بات روبرتسون خطابًا متلفزًا عن تاريخ الأمة ولاهوتها ومصيرها. علَّل معاناة هايتي بأن عبيدها المتمردين «قطعوا عهدًا مع الشيطان» للإطاحة بالفرنسيين منذ قرنين من الزمن، ومنذ ذلك الحين «واللعنات لا تفارقهم». (صمويل جي فريدمان (٢٠١٠))

ليس القس روبرتسون وحيدًا في إدراكه للفودو. يناقش مقال فريدمان انتشار أوصاف «بالغة الإهانة والتحقير» للفودو، ويستشهد بليزلي جي ديسمانجلز، الأستاذ بكلية ترينيتي بهارتفورد، في ولاية كونيتيكت الذي يُرجع هذا إلى عنصرية القرن التاسع عشر، ولا سيما بذل الكنيسة الكاثوليكية بهايتي جهودًا لاجتثاث «الخرافة» — المتمثلة بالفودو — بدءًا من ستينيات القرن التاسع عشر. وكان الهدف هو أن يحل محل «الشعوذة والرجس» الدين «الحق»: الكاثوليكية (فرناندز أولموس وبارافيسيني-جيبرت، ٢٠١١: ١١٩). استمرت هذه الحملات خلال أوائل أربعينيات القرن العشرين، واشتملت على تدمير معابد الفودو، وقتل المئات من ممارسيها.

لا يَعتبر ممارسو الفودو أنها خرافة أو شعوذة. الواقع أن الفودو إحدى الديانات الرسمية في هايتي، ويمارسها نحو ٨٠ في المائة من سكان الجزيرة إلى جانب الكاثوليكية الرومانية. يفيد فرناندز أولموس وبارافيسيني-جيبرت (٢٠١١: ١٢٠) بأن الفودو والكاثوليكية تنسابان «إحداهما إلى الأخرى حسب احتياجات الشعب الهايتي الروحية والاستشفائية. ومن وجهة نظر الممارسين، لا تَعارُض بين الفودو والكاثوليكية الرومانية.»

ترجع أصول الفودو إلى الفودون، وهو دين الشعوب الناطقة بلغة الجيبي من منطقة في غرب أفريقيا تمتد من غانا الحديثة إلى الشرق نحو توجو وبنين وأجزاء من نيجيريا، الذين أُخذوا عبيدًا إلى المستعمرة الفرنسية التي صارت هايتي فيما بعدُ. وفي ظل سياسات الفرنسيين الدينية المتعصبة الإقصائية، وبسبب طبيعة الفودون المتسامحة الاستيعابية، أدخل دين العبيد شيئًا فشيئًا عناصر من الكاثوليكية في نظامه المتعلق بالآلهة والأرواح. ونظرًا إلى ظروف معيشة مجتمعات العبيد، كان التواصل بينها ضعيفًا، وبالتدريج اكتسبت تقاليدهم صفات محلية متفردة؛ ولذا توجد في الوقت الحالي أشكال مختلفة من الفودون في بورتوريكو والبرازيل وكوبا وجمهورية الدومينيكان وسورينام. ويُعرَف هجين من فودو هايتي ومن التقاليد الشعبية باسم فودو لويزيانا (أو نيو أورليانز).

تَبرز عقيدة التوحيد في الفودو في الإيمان بإله واحد يُعرَف باسم «بوندِيِي» (من كلمتَي «بون ديو» Bon Dieu الفرنسيتين) أو «الإله الطيب». وتقوم «اللُّو» أو «اللُّوَا» بدور الوسيط بين الإله والبشر، وهي مجموعة من الأرواح القوية التي تُعرف باسم «الغامضين» أو «الملائكة» أو «القديسين» أو «الأخفياء». ويرتبط كل لُوَا عمومًا بجانب معين من جوانب الحياة، مثل الخصوبة، أو الزراعة، أو الحماية. كما يرتبط كثير من هذه الأرواح بشخصيات معينة مُبجَّلة في المسيحية. على سبيل المثال، يرتبط الحارس الأعظم لمفترق الطرق الفاصل بين العالَمَين الأرضي والروحي، بابا لِجبا، المسئول عن التواصل، بالقديس بطرس، حارس أبواب السماء اللؤلئية في الأدب الشعبي المسيحي. وترتبط اللُّوا إرزولي فريدا، لوا الحب والجمال التي تبقى حزينة في نهاية المطاف بسبب الرغبات غير المتبادلة بمريم المكلومة، أم يسوع. وترتبط آييزان، لوا السوق، بالقديسة كلير، شفيعة الصائغين.

وعادة ما تُصنَّف اللوا إلى «أمم»، ترتبط بالأعراق أو المناطق المفترضة للعبيد الذين جلبوها، مثل رادا، وبيتوو (أو بترو)، وإيبو (إيجبو)، ووانجول (أنجولا)، وسينيجا (السنغال)، وغينين (غينيا)، وكونجو. وربما تعكس هذه التصانيف أصول اللوا في تراث الأجداد القديم. وتبقى آثار هذه الصلات في الفودو؛ إذ تعتبر عائلاتٌ أن لوا معينة تخصهم في بعض الأحيان.

على كل حال، مثلما تشعر مجتمعات كاثوليكية بوجود صلات خاصة تربطهم ببعض القديسين الذين يسمُّون كنائسهم تيمنًا بهم، تقيم مجتمعات الفودو علاقات شخصية للغاية مع الشفعاء الذين يختارونهم؛ فهم على دراية بشخصياتهم وقدراتهم المختلفة وتفضيلاتهم المحددة للألوان والطعام والأشياء الأخرى التي يستخدمونها في الطقوس المتصلة بهم، ويراعون أغانيهم وإيقاعاتهم ورقصاتهم. ومِن ثَمَّ، تنطوي شعائر الفودو على استحضار اللوا وإرضائها بأشيائها المفضلة. وهكذا يسمِّي ممارسو الفودو أنفسهم «خُدام الأرواح» (السيفيتي).

ويمكن أداء شعائر الفودو في إطار عائلي في المنزل (الأونفو) أو في المعبد (هونفور)، مع إمام ذكر (أونجان) أو أنثى (مانبو أو مامبو). ويُعتقد أن لدى الأئمة الذكور أو الإناث، شأنهم شأن الكهنة، فهمًا روحيًّا لعالم ما وراء الطبيعة، مملكة اللوا، وأنهم يوجِّهون قوى اللوا. وعلى غرار الشخصيات الرعوية في كثير من الديانات، يقدمون أيضًا النصح والإرشاد للأفراد، بالإضافة إلى العقاقير العشبية من أجل الشفاء والحماية كما هو شائع.

وللمساعدة في إرضاء الأرواح وتوجيه مساعداتهم، يُدرِّب الأئمة الذكور والإناث خُدامَ المعبد (الأونسي). ويتولى خُدَّام المعبد طهو الطعام وإعداد الأشياء المفضلة لدى لوا الجماعة، ويقومون بدور مهم في التطبيل الهائل — «الصوت» الذي يستحضر اللوا — بالإضافة إلى الرقص والأغاني المستخدمة في مراسم الفودو. ومن الأدوار التي يقوم بها خُدام المعبد توجيه اللوا المستحضَر (وإن كان هذا النوع من التوجيه — الذي يُوصف في الغالب بأن اللوا «يركب» الخادم أو «يمتطيه» — لا يقتصر على الخُدام). وحالما يُعرَف اللوا من خلال علامات صوتية أو سلوكية معينة تظهر على الشخص «المركوب»، تُقدَّم إلى اللوا أشياؤه المفضلة وتُطلَب منه الخدمات. بعبارة أخرى، كما يحدث في القداس الكاثوليكي، يُقدِّم أفراد الجمع العطايا ويصلون من أجل مقاصد معينة.

يحرص علماء الفودو على التمييز ما بين الفودو والمعتقدات والممارسات الشعبية التي كثيرًا ما تقترن بها. يُصنَّف مثل هذه الممارسات تحت فئة الشعوذة التي يُطلق عليها «السحر الأسود»، لا الدين، ولا تكون في نطاق اختصاص الأئمة الذكور أو الإناث (وإن كان بعضهم قد يمارسها). يتضمن هذا النوع من الشعوذة الذي يُعرَف بلغة غرب أفريقيا باسم «بو» و«جوجو» إلقاء التعويذات على الناس، وتحويل الأشخاص إلى زومبي على نحو أشهر. وفقًا لموسوعة «الموت ومعاناة الموت» يمكن خلق الزومبي باستخدام سم مستخرج من سمك الينفوخ، يؤدي إلى نوع من الغيبوبة التي تجعل الشخص يبدو ميتًا. عندئذٍ يمكن للممارس المحنك لهذا النوع من الخداع أن يعطي ترياقًا، يقلل من تأثيرات السم، ويترك الشخص مستيقظًا لكن «مجردًا من الإرادة، والذاكرة، والوعي». (أكرمان وجوتير، ١٩٩١: ٤٧٤). في هذه الحالة يبدو الشخص تحت سيطرة المشعوذ، وهو احتمال يبث الذعر في نفوس من يؤمنون بذلك، وهكذا يُمنَح المشعوذون نوعًا من الصدقية.

ومن المزاعم الأخرى الأقل مأساوية التي يدَّعيها مثل هؤلاء الممارسين القدرة على إلحاق الضرر بشخصٍ ما من خلال تشويه إحدى صوره. لكن مثل هذه الممارسات لا تدخل في نطاق طريقة الحياة الشمولية التي صنعها مصطلح الفودو؛ فمن وجهة نظر ممارسي فودو هايتي، الفودو هو أسلوب حياة يتميز بخدمة الأرواح التي يتمثل دورها بالحماية وجلب الصحة ورغد العيش. ويُنتظر من أولئك الذين تباركهم الأرواح أن يسلكوا سلوكًا كريمًا، ويُظهروا الولاء والسخاء للجماعة. ويُعتقد أن أولئك الذين حلَّت بهم المآسي أخفقوا في خدمة الأرواح. وحسبما جاء على لسان مامبو راسين سانس باوت، «لا تملي [اللوا] سلوكًا أخلاقيًّا. هي تمنح الحماية والقوة … وأي مكروه هو دائمًا جريرة الفرد الذي يصيبه، على الأقل جزئيًّا، لأن هذا الفرد فشل في أن يحمي نفسه كما ينبغي» (جري، ٢٠٠٠). والاستجابة السليمة إذًا هي التعهد بخدمة اللوا، لا اللجوء إلى الشعوذة.

نتيجة لانتشار سوء الفهم عن الطبيعة الحقيقية للفودو، أسست مجموعة من العلماء بجامعة كاليفورنيا بسانتا باربارا منظمة باسم «كوزانبا» تضطلع بنشر الفهم الصحيح للفودو. وكان من أوائل جهودها الناجحة تقديم التماس إلى مكتبة الكونجرس لاستخدام كلمة Vodou بدلًا من كلمتي voodoo وvoodooism لتجنب المزيد من اللَّبس ما بين الفودو والممارسات الشعبية.

المراجع

  • Ackerman, H.W. and Gauthier, J. (1991) The ways and nature of the zombie, Journal of American Folklore, 104, 466–494.
  • Fernandez Olmos, M. and Paravisini-Gebert, L. (2011) Creole Religions of the Caribbean: An Introduction from Vodou and Santeria to Obeah and Espiritismo, 2nd ed, New York University Press, New York.
  • Freedman, S.G. (2010) Myths obscure Voodoo, source of comfort in Haiti, International New York Times, February 19, www.nytimes.com/2010/02/20/world/americas/20religion.html?_r=0 (accessed January 9, 2014).
  • Grey, K.S. (Mambo Racine Sans Bout) (2000) Morality, Power, and the Vodou Tradition in Haiti (December 3), available at www2.webster.edu/~corbetre/haiti/voodoo/morality.htm (accessed January 9, 2014).
  • KOSANBA A Scholarly Association for the Study of Haitian Voudou, http://www.research.ucsb.edu/cbs/projects/haiti/kosanba/ (accessed January 12, 2014).

(٣) يعبد السحرة الشيطان

لدى السحرة سبب وجيه للابتهاج بسلسلة هاري بوتر. تمنح سلسلة الكتاب «الحرفة» دعمًا هائلًا. لا عجب إذًا أنه حينما أجرت صحيفة «يو إس إيه توداي» حوارًا مع أحد السحرة، عبَّر عن إعجابه بهاري بوتر، وكم كان متحمسًا للقبول الواسع الذي تلْقاه السلسلة بين العامة. («كل سحر شيطاني!» (jesus-is-savior.com))

الهاجس المعبَّر عنه في هذا الاقتباس هو أن سلاسل هاري بوتر، والساحرة المراهقة سابرينا، و«الشفق»، وجوانب أخرى من الثقافة الشعبية ليست ترفيهًا محضًا. هي وسائل خطرة يستخدمها الشيطان نفسه للسيطرة على الشباب اليوم. يشرح موقع الويب «يسوع هو المخلص» أنك ما لم تكن تتعامل مع «الروح القدس»، فأنت تتعامل مع الشيطان. تتضمن الحيل الشيطانية «الأبراج، والتنجيم، وأوراق التاروت، والعِرافة، والشعوذة، والسحر، وجلسات تحضير الأرواح، وقراءة المستقبل، وقراءة الكف، والمندل، وقراءة الطالع، والنكرومانسية (الاتصال بالموتى)، واليوجا، وتأمُّل العصر الجديد، والقوة الميتافيزيقية (الكونية)، والأبراج الصينية، وإشعال الشموع، والتمائم، والرُّقَى، والجرعات السحرية، والتعويذات، والسبح، والأساور ذات الأيقونات، وما إلى ذلك.» والشيطان يستخدم مثل هذه الوسائل التي تبدو في ظاهرها بريئة لأنه «كذاب جميل»، كما سمعنا.

كانت مساواة السحر بعبادة الشيطان افتراضًا سائدًا في أوروبا في بدايات العصر الحديث. فمن الشيطان كانت تحصل الساحرات على قواهنَّ الخارقة كما ظن كثيرون. وبعد سلسلة من المحاكمات للساحرات في مقاطعة لانكشير بإنجلترا، في صيف عام ١٦١٢، أعلنت المنشورات: «الاكتشاف الرائع للساحرات في مقاطعة لانكاستر». وكان يعلو هذه الكلمات صورة أربع نساء دميمات يتراقصن حول ذكر أسود له قرون وأجنحة وذيل مدبب الأطراف، فيما كان يُحلِّق ثلاثة وحوش فوق رءوسهم (يوجد كثير من مثل تلك الصورة على موقع www.pendlewitches.co.uk). ومن إجمالي «الساحرات التسع عشرة السيئات السمعة» اللاتي وردت أسماؤهن في المنشور، أُدينت عشر ساحرات وحُكم عليهن بالإعدام شنقًا وفق الوصية الكتابية «لا تَدَعْ سَاحِرَةً تَعِيشُ» (خروج ٢٢: ١٨).
عبر الأطلنطي، في نيو إنجلاند، لاح الشيطان بقوة في محاكمات الساحرات التي جرت في عامَي ١٦٩٢-١٦٩٣ بولاية ماساتشوستس. ساد اعتقاد في تلك الثقافة البيوريتانية البروتستانتية بأن الساحرات أبرمن عقدًا مع الشيطان يمكن بموجبه للشيطان أن يدخل أجسادهن ويستخدم مظهرهن كي يؤذي الناس الآخرين. ومع أنه كثيرًا ما كان يُكتفى بالإشارة إلى هذه المحاكمات باسم «محاكمات السحرة في سالم»؛ فإن جلسات الاستماع لم تكن تُعقد في قرية سالم وبلدة سالم فقط، ولكن أيضًا في بلدتَي إيبسويتش وأندوفر. واتُّهم فيها أكثر من ٢٠٠ شخص، أغلبهم من النساء. بحسب معظم التقديرات البحثية لعدد الأشخاص الذين أُعدِموا بتهمة ممارسة السحر بين عامَي ١٤٠٠ و١٨٠٠، تراوح عددهم ما بين ٣٠ ألف شخص و٥٠ ألفًا (CatholicCulture.org).

استُخدم خمسة أنواع من الأدلة في هذه المحاكمات؛ أولًا: كان من الممكن أن يقدَّم إلى المتهمين تدريب ليؤدوه، مثل تلاوة الصلاة الربانية، فإذا ما رفضوه أو وقعوا في أخطاء، فقد يكون هذا دليلًا على أنهم سحرة. ثانيًا: العلامات البدنية مثل الشامات أو الوحمات التي كان يُعتقد أنها يمكن أن تكون أماكن لدخول الشيطان. ثالثًا: شهادة الجيران الذين كانوا يُرجِعون بعض المشكلات إلى أن المتهمين ألقوا عليهم تعويذة. رابعًا: «الأدلة الطيفية»؛ أي ظهور روح أو شبح على شكل المتهم. لما كان البيوريتانيون يعتقدون أن الشيطان لا يمكن أن يتخذ شكل إنسان معين دون رضاه، اعتبروا مثل هذا الطيف دليلًا على أن الشخصية المنتحلة هي ساحر. خامسًا: اعتراف المتهمين.

الغريب أنه في محاكمات السحرة في سالم كان من مصلحة الشخص أن يعترف. فأولئك الذين كانوا يعترفون كانوا يُعاقَبون بالسَّجن، ويُطلب منهم أن يُدْلوا بأسماء سحرة آخرين؛ وقد لقي أربعة منهم حتفهم في السجن في انتظار المحاكمة، لكن لم يُعدَم أيٌّ منهم. أما المتهمون العشرون الذين أنكروا ممارستهم للسحر وأي علاقة بالشيطان، فأُدينوا كلهم وأُعدموا. أُعدم تسعة عشر منهم شنقًا، وواحد كبسًا — السحق تحت كومة من الأحجار. أُدين أيضًا في هذه المحاكمات كلبان وأُعدما.

خلال المحاكمات، استشار ثلاثة قضاة من القضاة الخمسة كوتون ميذر، وهو قس بيوريتاني، ابن رئيس جامعة هارفارد، إنكريز ميذر. وبعد تنفيذ أحكام الإعدام، كُلِّف بتأليف كتاب يسوِّغ فيه المحاكمات للسلطات العليا في مستعمرة خليج ماساتشوستس. في هذا الكتاب، «عجائب العالم الخفي»، يُدين ميذر كثيرين من أولئك الذين أُعدموا. كتب بشأن بريدجيت بيشوب: «على قلة المواقف التي يمكن إثبات وجود السحر فيها، فهو واضح للعيان وشائن.» ووصف سوزانا مارتن بأنها «واحدة من أكثر المخلوقات وقاحة وبذاءة وشرًّا في العالم» (ميذر، ١٦٩٣).

على الرغم من أن محاكمات السحرة في القرن السابع عشر هي الأكثر شهرة؛ فإن بداية المحاكمات كانت في أواخر القرن الخامس عشر. وكان المحرك الرئيس لها هو البابا إينوسنت الثامن الذي كلَّف الراهبَين الدومنيكيَّين، هاينريتش كرامر وجيمس شبرينجر، بالتحقق من الشائعات التي تقول إن عبدة الشيطان في ألمانيا يُلقون تعويذات تتسبب في إسقاط الأجنة، وتَلَف المحاصيل، وإلحاق أضرار أخرى. وفي عام ١٤٨٦، ألَّف كرامر وشبرينجر وثيقة لم تكن مجرد تقرير عن السحرة وعبدة الشيطان، وإنما كانت بمنزلة دليل لضبط السحرة والتحقيق معهم وإدانتهم. وكان العنوان اللاتيني للوثيقة هو «ماليوس ميلفيكاروم» Malleus Maleficarum. «ماليوس» هي الكلمة اللاتينية التي تعني «مطرقة»، وأما «ميلفيكاروم» فتعني «الساحرات». يشير هذا العنوان ضمنًا إلى أن هذا الكتاب كان سلاحًا لمكافحة السحرة. وكان مدعاةً للإثارة الكبيرة أن يُنشر هذا الكتاب سريعًا باستخدام آلة الطباعة المخترَعة قبلها ببضعة عقود (كرامر وشبرينجر، ٢٠٠٧).

يتألف الكتاب من ثلاثة أجزاء. يردُّ أولها على المشككين في تهديد السحرة؛ ففي القرن الخامس، قال القديس أوغسطينوس إن الله وحده هو من يستطيع أن يُعطِّل قوانين الطبيعة، مِن ثَمَّ لا يملك الشيطان ولا السحرة قوًى خارقة للطبيعة. ساد هذا الرأي خلال بداية العصور الوسطى. وفي القرن الثامن، أعلن القديس بونيفاس أن اعتقاد امتلاك السحرة قوة خارقة للطبيعة هو اعتقاد وثني وليس مسيحيًّا. وجعل إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة شارلمان حرق السحرة جريمة عقوبتها الإعدام. مِن ثَمَّ تعيَّن على كرامر وشبرينجر التغلب على مجموعة من الحجج. وقد نجحا في هذا من خلال وصف حالات أدَّت فيها الساحرات دور وكيلات الشيطان؛ حيث كن يُوقِعن الضرر باستخدام قوى الشيطان الخارقة للطبيعة. وذكرا أن قوة الشيطان تبلغ أوْجَها في مسائل الجنس؛ ففي الغالب، تصبح النساء ساحرات بعد معاشرته. وصرح الراهبان بأن الرغبة الجنسية عند النساء أكبر منها عند الرجال، وأن «أعمال السحر كلها تنبع من شهوة جنسية، هي شرهة عند النساء.» يصف الجزء الثاني من الكتاب الساحرات وتعويذاتهن، وأساليب تجنيدهن، وسبل إفشالهن. أما الجزء الثالث فهو دليل لاستجواب الساحرات ومحاكمتهن.

يصب كتاب «ماليوس ميلفيكاروم» تركيزه على النساء في المقام الأول لأن النساء أيسر من الرجال خضوعًا لسلطان الشيطان، كما يزعم، لأن الإناث أكثر «شهوانية». حتى كلمة «ميلفيكاروم» تعني الساحرات. (لو أراد المؤلفان الإِشارة إلى السحرة من الذكور والإناث في العنوان، لاستخدما كلمة «ميلفيكوروم» maleficorum).
على مدار قرنين لم تتخطَّ مبيعات أي كتاب آخر، عدا الكتاب المقدس، مبيعات كتاب «ماليوس ميلفيكاروم». أعيد طبعه ١٣ مرة، وصدرت منه ٢٠ طبعة خلال أربعة عقود فحسب. ولا ريب أن شعبيته تعود جزئيًّا إلى القيمة الترفيهية الموجودة في بعضٍ من حكاياته. على سبيل المثال:

وماذا الذي يمكن أن نعتقده إذًا بشأن تلك الساحرات اللواتي يجمعن الأعضاء الذكورية أحيانًا بأعداد كبيرة، قد تصل إلى عشرين أو ثلاثين عضوًا معًا، ثم يضعنها في عش طائر أو يغلقن عليها صندوقًا، حيث تتحرك وكأنها أعضاء حية، وتأكل الشوفان والذرة، كما رآه كثيرون، ويشيع التحدث به؟ نرى أن كل هذا يحدث بعمل من الشيطان وخداعه، حيث إن حواس أولئك الذين رأوا ذلك ضُلِّلت بالطريقة التي أشرنا إليها. لأن رجلًا ما يحكي أنه عندما فقد عضوه، لجأ إلى ساحرة معروفة ليطلب منها إعادته إليه. فأخبرت الرجل المكلوم أن يتسلق شجرة معينة، حيث يمكنه أن يأخذ أي عضو يروق له من العش الذي كان يوجد فيه الكثير من الأعضاء. وعندما حاول أن يأخذ عضوًا كبيرًا، قالت الساحرة: لا يمكن أن تأخذ هذا العضو، لأنه يخص كاهنًا أبرشيًّا. [«ماليوس ميلفيكاروم» الجزء الثاني، السؤال الأول، الفصل السابع]

تضمنت أساليب التحقيق المطروحة في الكتاب تجريد المتهمات من ملابسهن، وحلق كل شعر الجسم، والبحث عن شامات أو علامات أخرى تشير إلى وجود أي علاقة مع الأرواح الشريرة. إذا اتضح أن هذا الدليل غير مقنع، تُعذَّب الساحرات المشتبه بهنَّ على أمل الحصول على اعتراف منهن. يقترح «ماليوس ميلفيكاروم» إحضار المتهمات في يوم المحاكمة، وهنَّ يسرن إلى الخلف لتقليل فرصهن في إلقاء التعويذات على القضاة أنفسهم.

في القرون التي تلت نشر «ماليوس ميلفيكاروم»، أصبح هذا الكتاب هو المرجع البارز عن الساحرات وعلاقاتهن بالشيطان. غير أنه فيما درس العلماء تاريخ السحر في أوروبا، اكتشفوا أنه لم تكن هناك صلة قطُّ ما بين الساحرات الحقيقيات وعبادة الشيطان. وبين سحرة اليوم الذين يسمُّون أنفسهم أيضًا «الويكَّانيين»، تعتبر تهمة عبادة الشيطان مثيرة للسخرية. لا يؤمن الويكانيون بوجود الشيطان على الإطلاق؛ فهذا معتقَد مسيحي كما يقولون.

السحر أو «الويكَّا» تقليد ترجع جذوره إلى الأديان الطبيعية السابقة للمسيحية في أوروبا. والمعتقَد الأساس هو أن الإله طبيعي ومتأصل في الطبيعة، وليس خارقًا للطبيعة أو متجاوزًا لها؛ فالعالم المادي نابض بالقوى الإلهية التي يمكن الوصول إليها من خلال التعويذات والرقى. الآلهة الرئيسية هي الإلهة والإله ذو القرنين. ولعل قرنيه هما اللذان حملا المسيحيين على التفكير في الشيطان، لكن فكرة أن الشيطان له قرنان هي نفسها فكرة فلكلورية اخترعها مسيحيو القرون الوسطى؛ فالكتاب المقدس وكتب اللاهوت المسيحي لا تذكر أي أوصاف مادية للشياطين — لا قرون، ولا أرجل ماعز، ولا ذيول مدببة، ولا شوكات.

سحرة اليوم إناث وذكور، ويأتون من دروب الحياة كافة. وهم منظمون في جماعات محلية تُسمى «تجمعات السحرة»، عادة ما ترأسها امرأة. وتتفق الشعائر والاحتفالات مع المواسم والعمليات الطبيعية؛ ففي وقت الزرع الموافق الأول من مايو تقريبًا يحتفلون بعيد «البيلتين»، وفي وقت الحصاد يحتفلون بعيد «السامهين»، الذي يتزامن مع العيد المسيحي «عيد جميع القديسين» — الهالوين.

وبينما يلقي السحرة التعاويذ ويأتون غير ذلك من أعمال السحر، فمن المفترض أن تكون هذه الأعمال من أجل الخير فقط، لا لإلحاق الأذى. من مبادئها الأساسية «قانون الأضعاف الثلاثة» — ما تفعله للآخرين سوف يُرد لك ثلاثة أضعاف.

وُصِف أحد الاجتماعات العادية للويكَّانيين ببلدة ريهوبوث بولاية ماساتشوستس بصحيفة «ذي نيويورك تايمز» في ٣١ أكتوبر ١٩٩٩:

قبل مغيب الشمس بساعة، شكَّل ٤٠ بالغًا دائرة في فناءٍ منزلي صغير، وفوق رءوسهم أغصان شجرة جرداء. معظمهم يرتدون ملابس سوداء، وكثيرون منهم يرتدون عباءات. غير أن المناسبة — تجمُّعٌ للسحرة المحليين — هي مناسبة مثيرة وليست كئيبة. في وسطهم تُشهر امرأة شقراء سيفًا فوق رأسها يُشير إلى السماء، وتسير في اتجاه عقارب الساعة داخل الجماعة. وتقول شيريل سوليما-ماسون، رئيسة الكهنة في أحد التجمعات بهذه البلدة بالقرب من مدينة بروفيدنس عاصمة ولاية رود آيلاند: «أريدكم أن تركزوا على إيقاد دائرة من الطاقة من حولنا لدفع عجلة السَّنَة.» وبعد اكتمال الدائرة تضيف: «سوف نغير المستقبل من خلال التسامح والتعليم ومن خلال الحب.» فيجيب الجميع: «أقطع هذا العهد بصفتي ساحرًا.»

على عكس المسيحيين الذين عقدوا محاكمات للساحرات في الماضي، ليس لدى «الويكَّانيين» بِدَع يدانون عليها، ولا لاهوت يعترفون به. وليس لديهم كتب مقدسة منزَّهة عن الخطأ، أو مرجعيات دينية مركزية. وكثير من «الويكَّانيين» يسلمون بمعتقدات الديانات اليونانية والرومانية والكلتية القديمة ويمارسون شعائرها، لكن في ديانة «الويكَّا» لا ينطوي الإيمان على الدفاع باستماته عن المذهب. وإنما هي مسألة وجهات نظر وتفضيلات فردية.

على الرغم من أن «الويكَّانيين» يَعتبرون أنفسهم ورثة ديانة قديمة، فكثير من معتقداتهم وممارساتهم صاغها في خمسينيات القرن العشرين جيرالد جاردنر، أحد موظفي الخدمة الميدانية البريطانيين، الذي ابتدأ بتأليف كتب عن «الويكَّا» بوصفها أدبًا خياليًّا كي يتحاشى الاضطهاد في ظل القوانين البريطانية لمكافحة السحر. وفي العام الذي أُبطلت فيه هذه القوانين، عام ١٩٥١، نشر جاردنر «السحر اليوم» (٢٠٠٤)، ثم «معنى السحر»، (٢٠٠٤). كانت اجتماعات السحرة التقليدية أبقت معتقداتها وممارساتها سرًّا، تحاشيًا للاضطهاد، غير أن اجتماع جاردنر أتاح له الكتابة عن بعض معتقداتهم وممارساتهم في ذلك الوقت؛ إذ لم تعد مجرَّمة.

تؤكد كتابات جاردنر وكتبه التي ألفها لاحقًا عن السحر أن عبادة الشيطان، بل وحتى الاعتقاد بوجود الشيطان، لا مكان لهما في ديانة السحر. صحيح أن «الويكانيين» يحتفون بالجنس، كما في «الشعيرة الكبرى»، حيث قد تمارس رئيسة الكهنة ورئيس الكهنة الجنس بالفعل، لكن لا يمارس أيٌّ من السحرة الجنس مع الشيطان.

المراجع

  • CatholicCulture.org., Who Burned the Witches? http://www.catholicculture.org/culture/library/view.cfm?recnum=4005 (accessed January 12, 2014).
  • Gardner, G. (2004) The Meaning of Witchcraft, Wheeler/Weiser, Boston.
  • Gardner, G. (2004) Witchcraft Today, Citadel, New York.
  • jesus-is-savior.com (online) All Witchcraft is Satanic! www.jesus-is-savior.com/False%20Religions/Wicca%20&%20Witchcraft/witchcraft_is_satanic.htm (accessed January 9, 2014).
  • Kramer, H. and Springer, J. (2007) Malleus Maleficarum, translated by Montague Summers. Cosimo Classics, New York, p. 121.
  • Mather, C. (1693) The Wonders of the Invisible World. Observations as Well Historical as Theological, upon the Nature, the Number, and the Operations of the Devils. Boston.
  • Niebuhr, G. (1999) “Witches Cast as the Neo-Pagans Next Door,” New York Times, October 31.

قراءات إضافية

  • Howard, M. (2010) Modern Wicca: A History from Gerald Gardner to the Present, Llewellyn Publications, Woodbury MN.

(٤) الراستافاريون متعاطون للماريجوانا

أتباع الراستا لسنوب ليون: تدخين الحشيش لا يصنع راستا. (عنوان رئيس على «نيوزواير» (بيرنهاردت، ٢٠١٣))

اشتُهر مغنِّي الراب بمدينة لوس أنجلوس، كالفين برودس جي آر، في تسعينيات القرن العشرين حينما كان يُعرَف باسم سنوب دوج. ووفقًا لموقعه الإلكتروني يُطلِق على نفسه الآن سنوب ليون، وقد أنتج فيلمًا بعنوان «المخلوق من جديد». يعلن الوصف التسويقي للفيلم: «وسط سحابة من الدخان، يتتبع منتج مجلة «فايس»، آندي كابر، مغنيَ الراب، سنوب دوج، في رحلة حج إلى جاميكا، حيث يشهد تحولًا روحيًّا وتجاريًّا، ويعاود الظهور باسم سنوب ليون، فنان الريجي.» (نتفيلكس، ٢٠١٤) لكن، كما يشير الاقتباس الافتتاحي، بعض المراقبين متشككون في صحة هذا. اشتُهر سنوب بأنه يستمتع بالماريجوانا؛ ويبدو أن بعض المراقبين يعتقدون أن «خلقه من جديد» مجرد عذر لتدخين المزيد من الحشيش.

من المتشككين مجلس الألفية لاتحاد الشتات الإثيوبي الأفريقي (أو مجلس الألفية للراستا). وفقًا لما ورد في صحيفة «ذي جارديان»، هدَّد المجلس بمقاضاة سنوب ما لم يتوقف عن تسمية نفسه باسم ليون، قائلين إن «تدخين الحشيش والولع ببوب مارلي وموسيقى الريجي ليسا هما ما يحدِّد الثقافة الأصلية الراستافارية» (بيتريديس، ٢٠١٣).

لا ريب أن العلاقة بين تدخين الماريجوانا وموسيقى بوب مارلي والراستافارية لا تخفى على أحد. لكن الأقل شهرة هو ما يؤمن به أتباع الراستافارية فعلًا.

بادئ ذي بدء، لا يستخدم الراستافاريون مصطلح «الراستافارية»، إنما يشيرون إلى أنفسهم باسم «راستافاريين»، أتباع تافاري ماكونين. نشأ ماكونين — الذي وُلد في إثيوبيا عام ١٨٩٢ لعائلة ملكية يرجع نسبها إلى الملك سليمان وملكة سبأ — في التقليد المسيحي الأرثوذكسي الإثيوبي. عُيِّن في عمر الثامنة عشرة حاكمًا إقليميًّا، ومنحه هذا لقب «راس». تُوِّج راستافاري إمبراطورًا لإثيوبيا عام ١٩٣٠، وحصل بموجب هذا المنصب على لقب «قوة الثالوث»، «هيلا سيلاسي» باللغة الأمهرية.

في تلك الآونة، في جاميكا، كان ماركوس جارفي قد بدأ يبزغ بوصفه ناشطًا مناهضًا للعنصرية. وقد أسس «الجمعية العالمية لتحسين وضع السود» عام ١٩١٤. نال هذا التنظيم شعبية واسعة في جاميكا، وجذب الانتباه العالمي. شرع جارفي في جولة خطابية في أنحاء الولايات المتحدة عام ١٩١٦، حيث اكتسب المزيد من الأتباع، وافتتح فرعًا للجمعية العالمية لتحسين وضع السود، وأنشأ صحيفة، هي «نيجرو ورلد». ولأن الجمعية كانت تؤيد التنمية الاجتماعية والاستقلال الاقتصادي، فقد اتسعت رقعة الأعضاء المنتمين إليها ودوَّى نجاحها. أطلقت الجمعية عددًا من المشروعات، منها خط شحن بلاك ستار. وتوالى ذيوع صيت جارفي، وفي عام ١٩٢٠ تمكَّن من عقد مؤتمر دولي للجمعية العالمية لتحسين وضع السود بنيويورك، فامتلأت حديقة ماديسون سكوير عن آخرها.

مكث جارفي في الولايات المتحدة على مدار السنوات السبع التالية. وتورط في عدد من النزاعات مع قادة سود آخرين، منهم دبليو إيه بي دو بويز، المؤسس الشريك للرابطة الوطنية لتحسين أوضاع المواطنين الملونين. كما واجه مشكلات قانونية. وأدين بتهمة استخدام البريد في الاحتيال، وقضى عامين في السجن، وعاد إلى جاميكا عام ١٩٢٧، حيث بدأ يترسخ تركيزه على الله وعلى وموطنه الأصلي أفريقيا.

لحظ شعب جاميكا عبارة متكررة بشكل خاص في خطب ماركوس جارفي الشعبية، تنبئ بالتتويج الوشيك لملك أفريقي. تسجل تقارير الراستافاريين قول جارفي: «هلمَّ انظروا إلى أفريقيا، حيث سيتم تتويج ملك أسود، لأن يوم الخلاص قريب.» (جالاجير وأشكرافت، 2006: I: 111). بدا أن تتويج راستافاري عام ١٩٣٠ في إثيوبيا حقق النبوءة. وبلغ ماركوس جارفي منزلة نبي. وعندما أخذ هيلا سيلاسي لقب «أسد سبط يهوذا» (ومِن ثَمَّ اسم سنوب الجديد، سنوب ليون)، لم يُنظر إليه باعتباره تحقيقًا لنبوءات جارفي فقط، ولكن لنبوءات الكتاب المقدس العبري: «لَا تَبْكِ. هُوَ ذَا قَدْ غَلَبَ الأَسَدُ الَّذِي مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، أَصْلُ دَاوُدَ» (سفر الرؤيا ٥: ٥). الواقع أنه بدا المسيَّا المنتظَر. وبوصفه «قوة الثالوث»، بدا إلهًا.

كان هيلا سيلاسي مسيحيًّا أرثوذكسيًّا، وأنكر كونه المسيَّا المنتظَر أو إلهًا. لكن أتباعه المعروفين الآن بالراستافاريين كوَّنوا حركة تقوم على الإيمان به. وأنشئوا في البداية معتقَدًا أنه سوف يخلِّصهم من الشتات القسري، وأنهم سوف يتمكنون من العودة إلى الحياة الكريمة في أفريقيا. لكن هيلا سيلاسي لم يَزُر جاميكا حتى عام ١٩٦٦. وبحلول ذلك الحين، كان أتباعه يركزون على العودة العاجلة إلى أفريقيا بقدر أقل من تركيزهم على نمط حياة مرتكز على العيش الطاهر والإيمان بوحدانية البشرية والله (ياه).

يتبع الراستافاريون نظامًا غذائيًّا نباتيًّا خاليًا من الأطعمة المصنعة والحليب والقهوة والكحوليات. هم يعتبرون الكحوليات وسيلة يستخدمها البِيض لإضعاف الأفريقيين واستعبادهم. يستخدم الراستافاريون «بابل» رمزًا لجشع الشعوب البيضاء واستخدامهم الخداع لتدمير الناس، تمامًا مثلما فعلت «بابل العظيمة» في سفر الرؤيا (الإصحاح ١٧)، حيث وُصفت بأنها «أُمُّ الزَّوَانِي وَرَجَاسَاتِ الأَرْضِ.» وعلى الطرف النقيض من قيم بابل، يؤمن الراستافاريون بوحدة البشرية جمعاء وإمكانية بلوغ الحياة الأبدية في الاتحاد بالله على الأرض. يُشرَح بعضٌ من هذه المعتقدات في «الهولي بايبي»، أو «الكتاب المقدس للسود»، الذي نُشر عام ١٩٢٤، ويؤمن الراستافاريون بأنه نسخة دقيقة من الكتاب المقدس المسيحي. ومع ذلك، فمن المثير أن تقليد الراستا القاضي بألَّا يحلقوا شعورهم مأخوذ من سفر العدد في الكتاب المقدس العبري: «كُل أَيَّامِ نَذْرِ افْتِرَازِهِ لا يَمُرُّ مُوسَى عَلى رَأْسِهِ. إِلى كَمَالِ الأَيَّامِ … يَكُونُ مُقَدَّسًا وَيُرَبِّي خُصَل شَعْرِ رَأْسِهِ» (سفر العدد ٦: ٥، نسخة الملك جيمس). (سبب تسمية تصفيفة شعر الراستا المميزة «الضفائر المرعبة» مثار جدل. يعلل بعض الدارسين ذلك بأنها تعكس الخوف المتولد لدى البيض عند رؤية أشخاص مُصفَّفة شعورهم بهذه التصفيفة؛ ويظن بعضهم الآخر أنها تعكس خشية الراستا الحميدة لله.)

حينما وصل هيلا سيلاسي جاميكا عام ١٩٦٢، استُقبل بحفاوة على أنه المسيَّا، تَجَلٍّ ﻟ «ياه»، تمامًا مثلما كان يسوع. ويعتقد أتباع الراستا أن إعلان موته عقب انقلاب عسكري عام ١٩٧٤ هو خدعة، وأنه لا يزال حيًّا، وسوف يتجلَّى مرة أخرى يوم الدينونة.

يتمحور معظم الاحتفالات الراستافارية حول أحداث خاصة بحياة هيلا سيلاسي (منها عيد مولده، وتتويجه، وزيارته إلى جاميكا). ويُطلَق على التجمعات الراستافارية العادية «جلسات التعقل»، وهي تركز على النقاش. تبدأ جميع أحداث الراستا بتدخين الجانجا (الماريجوانا)، «العُشب المقدس» الذي يؤمن الراستا بأنه مذكور في الكتاب المقدس العبري (على سبيل المثال في سفر المزامير ١٠٤: ١٤: «جعل [الله] الْمُنْبِتُ عُشْبًا لِلْبَهَائِمِ وَخُضْرَةً لِخِدْمَةِ الإِنْسَانِ.» يمكن العثور على فهم الراستافاريين لهذا الأمر على موقع www.earthcultrueroots.com/rastafarism.htm). لكن الجانجا ليس موضع تركيز الأحداث. وإنما ينصبُّ التركيز بدلًا من ذلك على أهمية العيش بطريقة تُعبر عن كرامة الإنسان. وكما عبَّر بوب مارلي عن ذلك في كلماته الشهيرة:
يخال معظم الناس
أن الله العظيم سيَنزل من السموات،
يُبعد الغمة،
ويجعل الجميع يشعرون بالانتشاء.
لكنك لو علمت قيمة الحياة،
فستبحث عن إلهك على الأرض.
والآن عرفت السبيل:
انهض لانتزاع حقوقك. بحق الإله!
(«أَفِق، انهض»)

لم يوضح سنوب ما إذا كان يقبل التحدي أم لا، لكن واضح أن الراستافاريين يَعتبرون الحرية وكرامة الإنسان ونمط الحياة الصحي في بؤرة تقليدهم. ورغم كل هذا تظل الماريجوانا غير قانونية بالفعل حتى في جاميكا. والمثير أن الراستافاريين لم ينالوا الحق القانوني في تعاطي الماريجوانا لأسباب دينية إلا في إيطاليا (بوفام، ٢٠٠٨).

المراجع

قراءات إضافية

  • Barrett, L.E. (1997) The Rastafarians: Twentieth Anniversary Edition, Beacon Press, Boston.
  • Hausman, G. (2013) Rastafarian Children of Solomon: The Legacy of the Kebrea Nagast and the Path to Peace and Understanding, Bear & Company, Rochester, VT.

(٥) قد يؤمن التوحيديون العالميون بما يحلو لهم

العالمية التوحيدية احتيال! كيف يمكن لأي منظمة أن تزعم أنها تتبع الله، وهي «لا» تملك منظومة معتقدات؟ هل الله مجهول؟ إن قول هذا هو رفض «كلمة الله» (التي تُعرِّف الله). أمر غاية الغرابة لأي ديانة أن تزعم أنها لا تعتقد أي شيء بوصفها جماعة. الشيء الوحيد المتفق عليه هو أن أي شيء مقبول. من المفجع أنه يمكنك أن تعتقد أي شيء تريده. («العالمية التوحيدية عارية!» (ستيوارت، على الإنترنت))

خرج معظم التقاليد الدينية التي تناولناها في هذا الفصل من رحم اليهودية والمسيحية والإسلام. لكن العالمية التوحيدية لها جذورها التوحيدية المتغلغلة في حركة «الإصلاح البروتستانتي» التي بزغت في القرن السادس عشر. ويُرجِع أعضاؤها عالميتهم — الاعتقاد بأن الجميع سيُخَلَّصون — إلى لاهوتيين مسيحيين أوائل، مثل أوريجانوس وإكليمندس السكندري. في عام ١٩٦١، اندمج كلٌّ من الجمعية التوحيدية الأمريكية، التي أُسِّست عام ١٨٢٥، وكنيسة أمريكا العالمية، التي أُسِّست عام ١٨٦٦، لتصيرا العالمية التوحيدية. ولا يزال معظم أعضائها موجودين في الولايات المتحدة.

من الأشياء التي تميز العالميين التوحيديين عن الطوائف المسيحية رفضهم عقيدة التثليث — التعليم الذي يقول إن الله ثلاثة أقانيم. وكما يقولون، فربما كان يسوع مُعَلمًا رائعًا حظي بعلاقة خاصة بالله، لكنه لم يكن الله، ولم يوجد قبل ميلاده. وينزع العالميون التوحيديون الذين يؤمنون بالله إلى تأكيد وحدة الله، ومِن ثَم جاء مصطلح «توحيدي». نقول «الذين يؤمنون بالله» هنا لأن أكثر من نصف العالميين التوحيديين ملحدون أو لا أدريُّون — وهذا تمييز كبير آخر بين العالميين التوحيديين وتيار المسيحيين العام. يرفض العالميون التوحيديون أيضًا العقيدة المسيحية الأساس المتعلقة بالخطيئة الأصلية — التعليم الذي يقول إن الخطيئة الأولى التي وقع فيها كلٌّ من آدم وحواء، وعقوبة هذه الخطيئة، ورثهما جميع البشر.

وعلى الرغم من أن العالميين التوحيديين لا يَعتبرون يسوع إلهًا؛ فإن كثيرين منهم ينظرون إليه على أنه مُعلِّم ديني عظيم آتٍ برسالة إلهية. ومن أجل أولئك الذين يَعتبرون أنفسهم «مسيحيين» بالمعنى الواسع للكلمة، ثمة الزمالة المسيحية العالمية التوحيدية. ولأولئك الذين لا يؤمنون بالله الوارد في الكتاب المقدس، ثمة خيارات أخرى، مثل الجمعية العالمية التوحيدية الإنسانية، وعهد الوثنيين العالميين التوحيديين.

تكشف هذه الأمثلة للتنوع بين العالميين التوحيديين عن اختلاف آخر بينهم وبين تيار المسيحيين العام: أنهم لا يفرضون عقيدة لاهوتية من قبيل «قانون الإيمان الصادر عن مجمع نيقية»، أو «إقرار إيمان ويستمنستر». ومع ذلك، ينكر العالميون التوحيديون أنه ليس لديهم أي معتقدات، أو أن بإمكانهم الاعتقاد بما يحلو لهم. من وجهة نظرهم، ما يهم في الدين هو الخُلُق — كيف يتعامل الناس — لا اللاهوت. صاغت جمعية العالميين التوحيديين بكثيرٍ من العناية والجهد الفكري معتقداتها في «المبادئ السبعة» التالية:
  • القيمة والكرامة المتأصلتين لكلِّ شخص.

  • مراعاة العدالة والمساواة والرحمة في العلاقات الإنسانية.

  • قبول بعضنا بعضًا والتحفيز على النمو الروحي بداخل جماعاتنا.

  • البحث الحر والمسئول عن الحقيقة والمعنى.

  • احترام حق الضمير واستخدام العملية الديمقراطية داخل جماعاتنا وفي المجتمع عمومًا.

  • تعزيز إقامة مجتمع عالمي قوامه السلام والحرية والعدالة للجميع.

  • احترام نسيج التكافل لكلِّ الوجود الذي نُشكِّل جزءًا منه.

يجد العالميون التوحيديون الإلهام في تقاليد دينية متنوعة، يهودية ومسيحية ومسلمة وهندوسية وبوذية وطاوية وكونفوشية، وغيرها من رؤى العالم. يقتبس موقع رابطة جماعات العالميين التوحيديين على الإنترنت (http://www.uua.org/beliefs/principles/index.shtml) عن الكاهنة كاثلين رولنز قولها: «تراقصنا على مرِّ التاريخ على إيقاعات الغموض والتعجب، والنبوة، والحكمة، وتعاليم المصادر القديمة والحديثة، والطبيعة نفسها.» يدرج الموقع البنود التالية باعتبارها مصادر «تقليدهم الحي»:
  • الخبرة المباشرة بذلك الغموض والتعجب الساميين، المؤكَّدين في كل الثقافات، التي تحركنا إلى تجديد الروح والانفتاح على القوى التي تخلق الحياة وتدعمها.

  • كلمات الرجال والنساء النبويين وأفعالهم التي تتحدانا كي نواجه قوى الشر وبنياته بالعدل والرحمة وقوة الحب التغييرية.

  • الحِكَم المنبثقة من أديان العالم التي تُلهمنا في حياتنا الأخلاقية والروحية.

  • التعاليم اليهودية والمسيحية التي تدعونا إلى التجاوب مع حب الله بحب جيراننا كما نحب أنفسنا.

  • التعاليم الإنسانية التي تنصحنا بالإصغاء إلى توجيه المنطق ونتائج الأبحاث العلمية، وتحذرنا من تعصب العقل والروح.

  • التعاليم الروحية للتقاليد المرتكزة على كوكب الأرض التي تمجد دورة الحياة المقدسة، وتوصينا بالعيش في تناغم مع إيقاعات الطبيعة.

هكذا، ليس صحيحًا مطلقًا أن العالميين التوحيديين يؤمنون بأي شيء يريدونه. الواقع أنهم يتفقون على قدر كبير من المبادئ الفكرية والأخلاقية، ولا يرحبون إلا بالأشخاص الذين يشاركونهم الإيمان بهذه المبادئ؛ فما كانوا ليقبلوا في صفوفهم شخصًا يؤمن بالعدمية — المبدأ القائل إن الأخلاق والأفكار التقليدية لا قيمة لها — ولا شخصًا يؤمن بأن هناك كنيسة حقيقية واحدة لا خلاص إلا بها، ولا بأبيض عنصري، أو نازي جديد، أو شخص يريد أن يحرم المرأة من حقها في التصويت. العالميون التوحيديون ليسوا عشوائيين في معتقداتهم، ولكنهم يملكون معايير سامية.

المراجع

قراءات إضافية

  • Greenwood, A. and Harris, M.W. (2011) An Introduction to the Unitarian and Universalist Traditions, Cambridge University Press, Cambridge.
  • Morales, P. (2012) The Unitarian Universalist Pocket Guide, Skinner House Books, Boston.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤