الفصل الثالث

علامات مميزة في حضارة أفريقيا

figure
تتميز أفريقيا بثنائية بشرية وحضارية كوَّنتها مجموعتان من السكان هما: القوقازيون (السلالة البيضاء)، والزنوج (السلالة السوداء)، ولكن هذه الثنائية لم تفصلها حدود طبيعية مانعة؛ لهذا تداخَلَ عنصرَا الازدواج سلاليًّا وحضاريًّا ودينيًّا ولغويًّا في مجموعات انتقالية كثيرة تمثِّل المعبر الذي بُنِي على مهل بينهما، ودراسة هذا التمازج الحضاري يمكِّن من التعرُّف على وسائل تزيد من فاعلية التعاون الأفريقي، ضد ما يُخطَّط لزيادة تقسيم القارة على ضوء اللون أو اللغة أو الدين إلى أقسام أصغر. وتوضح الصورة (أ) نموذجًا للقوقازيين و(ب) نموذجا للزنوج.
figure
نقوش صخرية (جبل العوينات): نقوش تركها القدماء في النطاق الصحراوي الراهن، وفضلًا عن الدلالة الفنية لهذه الرسوم، فإنها تصوِّر الظروف الطبيعية التي كانت سائدة في الصحراء الكبرى خلال العصور المطيرة.
figure
كنيسة سان آن (برازافيل): نموذج غريب للمعمار الحديث في أفريقيا، وقد تميَّزَتِ المسيحية في أفريقيا بثلاث مراحل: المرحلة الأولى دخول المسيحية مصر وإثيوبيا، حيث نشأت الكنيسة الوطنية القبطية (ما زالت قائمةً)، ودخولها تونس الرومانية (زالت بدخول الإسلام). المرحلة الثانية تميَّزَتْ بالتبشير الأوروبي من أواخر القرن ١٥ إلى أواخر القرن ١٧ في الكنغو وموزمبيق وروديسيا وغانا، وقد زالت كل جهود التبشير باستثناء أطلال بعض الكنائس وإشارات غامضة للمسيح في بعض الأغاني الأفريقية. أما المرحلة الثالثة فتبدأ أوائل القرن ١٩ بجهود البروتستانت (هولنديين وألمان وإنجليز)، ثم الكاثوليك من منتصف القرن ١٩، وأخيرًا الكنائس الأمريكية من أول القرن الحالي. ومع توسُّع أعمال التبشير زالت الحدود التي رسمتها الكنائس كمجال لنفوذها، وظهرت مساعٍ للتوفيق بين المبشرين كي لا تظهر تناقضات المذاهب المسيحية. في الفترة بين الحربين العالميتين حدث اتفاق بين حكومات المستعمرات الإنجليزية والهيئات التبشيرية في مجال التعليم، بموجبه تظل معظم المدارس الابتدائية والثانوية ملك للكنائس وتحت إدارتها مع إشراف حكومي، وأدى ذلك إلى توسُّع كبير في النشاط التعليمي، جعل الكثير من الكنائس خاضعة لهذه المصالح «التجارية»، وبالتالي مقيَّدَة برغبات الحكومات الأفريقية أكثر مما لو كانت مؤسسات دينية. وفي عام ١٩٦٠ قُدِّرَ المسيحيون في أفريقيا ﺑ ٣٦ مليونًا؛ منهم خمسة ملايين قبط، و١٣ مليونًا بروتستانت، و١٧ مليونًا كاثوليك، ومجموعهم يساوي ١٢٪ من سكان القارة.
figure
جامع كيبولي (كمبالا – أوغندا): في أوغندا مليون مسلم، ومليونان من المسيحيين، و٤٫٣ ملايين من أتباع الدينات الوضعية. لا يوجد أي تعداد عن عدد المسلمين في أفريقيا على وجه الدقة، ولكن يمكننا أن نقدِّر العدد بنحو ١٥٠ مليونًا، أي ٥٠٪ من سكان القارة. وقد بدأ الإسلام في أفريقيا بفتح مصر عام ٦٣٩م، وانتشر بسرعة إلى كل شمال أفريقيا، ثم توغَّلَ عبر الصحراء الكبرى من القرن ١١ إلى القرن ١٣، فوصل النطاق السوداني، ومنه جنوبًا إلى نطاق الغابات الاستوائية. وفي شرق القارة بدأ الإسلام مبكرًا أيضًا (٧٠٢م. جزر دهلك في البحر الأحمر)، واستمر توغُّل الإسلام على طول ساحل شرق أفريقيا (أقدم جامع في زنجبار عام ١١٠٧م)، وعلى هذا فعُمْر الإسلام في أفريقيا يتراوح بين ١٣ قرنًا في الشمال، إلى قرنين أو قرن ونصف في نطاق الغابات الاستوائية، ولا شك أن هجرة قبائل عربية كبيرة وامتزاجها بسكان أفريقيا، واستمرار الهجرات المستعربة إلى نطاق السفانا قد جعل الإسلام في أفريقيا جزءًا منها وليس مستحدثًا بواسطة جهود خارجية، وبذلك تختلف المسيحية عن الإسلام في هذه القارة (باستثناء المسيحية القبطية التي تحوَّلت منذ البداية إلى ديانة قومية لشعب أفريقي).
figure
زعماء الأشانتي (غانا): اجتماع كبار زعماء الأشانتي في حفل افتتاح ميناء تيما عام ١٩٦٢. الملابس من الحرير المشغول، وغطاء الرأس والأساور والنعال مزيَّنَة برقائق من الذهب. يحتل الأشانتي القسم الأوسط من غانا، وهم أكبر منتجِي الكاكاو في العالم. كان الأشانتي إلى وقت الاحتلال الإنجليزي مملكة زنجية كبيرة، مثل ممالك الزنوج الأخرى على ساحل غانا، وكلها ترتبط في نشأتها بوصول جماعات من الشمال ساعدت على تكوين الممالك، وأعطتها مميزاتها الحضارية المشابهة لبعض الظاهرات الحضارية الفرعونية.
figure
عمالقة العالم؛ الواتوتسي (رواندا): خليط من الحاميين هو أصل هذه المجموعة البشرية في هضاب رواندا بورندي. القامة طويلة جدًّا (١٩٠–٢١٠سم)، وقسمات الوجه متناسقة. تمثِّل الصورة جانبًا من فرقة نتوري الراقصة المتكونة من أبناء الزعماء الذين يتلقَّون تعليمًا في السياسة والقانون والأخلاقيات وفن الخطابة والفن العسكري. الرداء من جلد النمر، وغطاء الرأس فراءُ نوعٍ من القردة، والعصيِّ بها جدائل نخيل الرافيا. كانت أسماء هذه الفِرَق في الماضي حربية، مثل فرقة الرمح والدرع، لكنها تطوَّرَتْ إلى أسماء عاطفية مثل: «فرقة مثيرِي النساء»، و«الفرقة التي تضع حدًّا للجدل».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤