العادة السرية كنتيجة للكرب النفسي

مرجع العادة السرية أو اللذة الجنسية الانفرادية هو في الاعتقاد العامِّ توتر جنسي فقط، ولكنه كثيرًا ما يعود أيضًا إلى توترات اجتماعية أو مدرسية أو عائلية.

ونستطيع أن نفهم ذلك من الحال النفسية التي يعانيها الشاب المنغمس في هذه العادة فيما بين سن ١٤ وسن ١٩.

ففي هذه السن يعاني إرهاق الدروس ويشرع في التفكير في مستقبله، وقد يخيب في الامتحان، وتكبر هذه الخيبة في نفسه سواء بحق أم بباطل؛ إذ إن هناك نظمًا تجعل هذه الخيبة أحيانًا نهائية، تفرض اليأس على الشاب بدلًا من أن تفتح له الأمل بالنجاح في تجربة أخرى، بل قد يكون هناك من نظام عائلته ما يجعله يوقن أن خيبته هذه سوف تحمل أبويه على الإهمال في تعليمه، وهناك عار الخيبة أيضًا، وهذا إحساس لا يطاق عند بعض المراهقين؛ لوطأة ما يلاقونه من توبيخ الآباء.

هذا الكرب، هذا الضيق النفسي، يحمل الشاب على أن يخفف منه بأن يعمد إلى اللذة الجنسية الانفرادية كي يجد طربًا وقتيًّا، وهو يجده بلا شك.

وقد ذكرت الخيبة في الامتحانات كسبب للرغبة في ممارسة هذه العادة، ولكن هناك أسبابًا أخرى، وإن تكن الامتحانات هي أحد الأسباب القوية، ذلك أن الشجار في العائلة، وما يحدثه من صراع داخلي للشاب، حيث يعجز عن التوفيق بينه وبين شقيق أكبر منه يتسلط عليه ويستبد به، أو بينه وبين أبويه، أو حين يجد تقتيرًا مهينًا له بين أقرانه، أو نحو ذلك من الصعوبات.

ففي كل هذه الحالات يفرِّج الشاب عن نفسه بالالتجاء إلى هذه العادة كي يجد طربًا وقتيًّا يخفف من كربه، ويجب علينا أن نعرف ذلك قبل أن نصف العلاج؛ لأننا يجب أن نعالج المنغمس في هذه العادة من جميع وجوه حياته وتصرفاته واتجاهاته نحو المستقبل وعلاقته الاجتماعية وطموحه، وليس من حيث الأسباب المباشرة لهذا الانغماس فقط.

إنه مكروب ضائق خائف متشكك، وهذه الإحساسات تقلقه، فيجد التفريج عنها بهذا الترفيه الوقتي، أو الارتفاع النفسي الوقتي، باللذة الانفرادية الجنسية.

ولو كان هذا الشاب في سن الأربعين أو الخمسين، وكان متزوجًا، ووجد مثل هذا الكرب أو الضيق، بسبب الخوف من الفقر أو الإفلاس أو ضياع الوظيفة أو العجز عن التصرف الاجتماعي أو الزوجي لرفَّه عن نفسه بوسائل أخرى غير العادة السرية، وهو يجد هذا الترفيه ضروريًّا، وقد يلجأ إلى الخمر.

فالخمر عنده، وهو في سن الأربعين، وهو متزوج، بمثابة العادة السرية عند الشاب المراهق غير المتزوج، وهو بين سن الخامسة عشرة والتاسعة عشرة.

وكما أننا نحتاج عندما نعالج المدمن للخمر إلى أن ننظر النظرة الشاملة إلى حياته كلها، ونطالبه بأن يغير نظرته للدنيا وللقيم وللمعاني الاجتماعية، كذلك يجب أن نعامل الشاب المراهق بأن نطالبه بأن يغير نظرته للتوترات القائمة عنده بشأن مكانه في العائلة، وخوفه من الامتحانات وتشككه في المستقبل … إلخ.

لا نعالج عادته السرية فقط، وإنما نعالج حياته كلها.

ويمكن بالطبع أن نفكر في التفاصيل، وعندي أن أول ذلك أن نحمله على الاختلاط بالجنس الآخر، فإنه هنا يحسُّ شهامة جديدة نحو الفتيات، تحمله في الأغلب إلى أن يربأ بنفسه عن ممارسة هذه العادة باعتبارها دون شهامته ورجولته ومكانته الاجتماعية.

ويجب أن توفر للشبان والفتيات هذه الفرصة، فرصة الاختلاط حتى يجدوا فيها التقويم فضلًا عن الترفيه الصحي، فلا يقعوا في هذه العادة.

ثم يجب أن نطمئن الشباب بأن ممارسة هذه العادة مرة أو مرتين كل أسبوع ليست مضرة، وأن ٩٩ في المائة من الشبان قد فعلوا ذلك دون أي ضرر، ولكنها تكون مضرة إذا كان مَن يمارسها بهذا القدر يعتقد أنها عادة وضيعة سافلة، أو أنها تضعف صحته وسف تحطمها، والضرر هنا من الاعتقاد وليس من العادة، وهذا الاعتقاد يحمل على التراخي، فلا يجدُّ ولا يهتم، ولا يدرس ولا يلعب.

وهو عندما لا يجدُّ ولا يهتم يهمل دروسه، فيزداد كربه وضيقه ويأسه، ثم يعود إلى هذه العادة للتخفيف والترفيه.

فلنقل له أولًا وبعد أن نتفاهم معه على اتجاه حياته ومقدار فهمه للقيم الاجتماعية، لنقل له: لا تخف أي ضرر من هذه العادة إذا كنت معتدلًا.

ولنقل له ثانيًا: يجب أن تتجنب الخلوة التي تتيح للخواطر الجنسية مهاجمة عقلك، فإذا وجدت أن الفرصة تواتيك على الخلوة فاخرج من البيت واقصد إلى بعض إخوانك أو إلى أحد الأندية أو إلى السينما حتى تجتاز الفترة التي تحس فيها الكرب والضيق والتوتر.

ونحب أن نكرر أن التوترات التي تؤدي إلى ممارسة هذه العادة كثيرًا ما تكون اجتماعية عائلية (وفي حالة التلميذ كثيرًا ما تكون دراسية) ونكرر أيضًا أن الالتجاء إلى هذه العادة هو بمثابة الالتجاء إلى الخمر عند المكروب المتوتر من الرجال المتزوجين أو العزَّب، ولو كانوا في سن الستين أو السبعين، فنحن هنا لا نعد الخمر في ذاتها سببًا لتوترات المحروم، وإنما هي دواء يلجأ إليه المكروب للتفريج، وكذلك الشأن في العادة السرية.

التوتر النفسي، وليس التوتر الجنسي، هو علة العادة السرية.

وكما أن الرجل المرتاح نفسيًّا لا يحتاج إلى الخمر، كذلك الشاب المراهق المرتاح نفسيًّا لا يحتاج إلى العادة السرية.

وبعد ذلك نجد فائدة في هذه الكلمات التالية للسيكولوجي «إدوارد جريفيث»:
  • (١)

    الإسراف وليس الاعتدال في ممارسة هذه العادة هو الذي يؤذي.

  • (٢)

    توهم الضرر عند المراهق يؤذي أحيانًا أكثر من ممارسة العادة نفسها.

  • (٣)

    ضياع السائل المنوي يبعث الحسرة والأسف عند المراهق.

    ولكن ليس في هذا أي ضرر، وليس فيه ما يدعو إلى الحسرة والأسف؛ إذ هو يتجدد.

  • (٤)

    كثيرون استطاعوا أن يمروا بسني المراهقة دون أن يحتاجوا إلى هذه العادة، ولم يفعلوا ذلك بالقهر والإلزام، وإنما لأنهم كانوا سعداء في حياتهم الاجتماعية.

  • (٥)

    لن تُحدث هذه العادة عجزًا جنسيًّا في المستقبل.

  • (٦)

    إذا أردت أن تتخلص من هذه العادة، فتخلص قبل كل شيء من المصاعب (أو ما تتوهمه أنه مصاعب) الاجتماعية والعائلية والدراسية.

  • (٧)

    تجنب الظروف التي تتيح لك فرصة الاختلاء وممارسة العادة.

  • (٨)

    تجنب الكتب والمجلات والأصدقاء الذين يثيرون في نفسك الخواطر الجنسية.

  • (٩)

    صادق الشبان الذين يسيطرون على شهواتهم الجنسية والذين لا يمارسون هذه العادة.

  • (١٠)

    أكثِر من نشاطك خارج البيت حتى إذا عدت في المساء مثلًا كنت منهوكًا تحتاج إلى النوم، فتنام قبل أن تستولي عليك الخواطر الجنسية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤