قالوا لأيوب

قالوا لأيوبَ: «جفاك الإله!»
فقال: «لا يجفو
من شد بالإيمان، لا قبضَتاه
تُرخى، ولا أجفانه تغفو.»
قالوا له: «والداء من ذا رماه
في جسمك الواهي ومن ثبَّتَهْ؟»
قال: «هو التكفيرُ عمَّا جناه
قابيلُ والشاري سُدًى جنَّتَهْ
سيُهزَم الداء، غدًا أغفو
ثم تُفيقُ العينُ من غَفْوَه
فأسحبُ الساقَ إلى خَلوه،
أسأل فيها اللهَ أن يعفو
عكَّازتي في الماء أرميها
وأطرقُ الباب على أهلي،
إن فتحوا الباب فيا وَيلي
من صرخةٍ، من فرحةٍ مسَّت حوافيها
دوَّامةَ الحُزنِ … وأأيوبُ ذاك؟
أم أن أمنيَّهْ
يقذفها قلبي، فألفيها
ماثلة في ناظري حيَّهْ؟
غيلان، يا غيلان، عانقْ أباك!»

•••

يا ربِّ لا شكوى ولا من عتاب،
ألستَ أنت الصانعَ الجِسما؟
فمن يلوم الزارع الْتَمَّا
من حوله الزرع، فشاء الخراب
لزهرةٍ والماءَ للثانيهْ؟
هيهات تشكو نفسيَ الراضيهْ!
إني لأدري أنَّ يومَ الشفاء
يُلمحُ في الغيب،
سينزع الأحزانَ من قلبي
وينزع الداءَ، فأرمي الدواء،
أرمي العصا، أعدو إلى دارنا وأقطف الأزهار في دَرْبي،
أَلُمُّ منها باقةً ناضرهْ
أرفعها للزوجة الصابره
وبينها ما ظل من قلبي.
درم، ٦ / ١ / ١٩٦٣

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤