خلاصة
ينظر العلاج الوجودي إلى المريض كشخص مباشرٍ موجود، وليس كمُرَكَّبٍ من الدوافع والنماذج البدئية والارتباط الشرطي، صحيح أن للشخص دوافعَ غريزيةً وتاريخًا، ولكنها غير داخلة في العلاج الوجودي إلا بصفتها أجزاءً أو جوانبَ لكائنٍ إنساني يفكر ويشعر ويكافح … كائنٍ له صراعاتُهُ الفريدة وله آماله ومخاوفه وعلاقاته. يؤكد العلاج الوجودي أن القلق السوِيَّ والشعور بالذنب كلاهما موجود في كل حياةٍ إنسانية، ولا يلزمنا أن نغير بالعلاج إلا الصورَ العصابية منها. ولن يكون بمقدور الشخص أن يتحرر من القلق والذنب العصابيين ما لم يميز القلقَ والذنب السوِيَّين في نفس الوقت.
أما الانتقاد القديم للعلاج الوجودي — كعلاجٍ مغرقٍ في الفلسفة — فقد بدأ يخف منذ أدرك الناسُ أن كل علاجٍ نفسي فعال لا يخلو من متضمناتٍ فلسفية.
وقد وضع كارل ياسبرز — وهو طبيب نفسي صار فيما بعد فيلسوفًا وجوديًّا — يدَهُ على أهمية الحضور وخطورة افتقاده:
«كم فَوَّتْنا على أنفسنا من فرصٍ للفهم، لأننا في لحظةٍ حاسمةٍ فريدة، ورغم كل ما نختزنه من معرفة، كنا نفتقد تلك الفضيلة البسيطة؛ فضيلة الحضور الإنساني المليء.»
إن هذا الحضور هو ما يريدنا العلاج الوجودي أن نُنَمِّيه.
كانت الغاية المحورية لمؤسسي العلاج الوجودي هي أن تؤثر مفاهيمهم ومرتكزاتهم في جميع المدارس العلاجية، وقد كان.
ينظر العلاج الوجودي إلى المريض دائمًا في سياق ثقافته الخاصة. فمعظم مشاكل البشر الآن هي الوحدة، والعزلة، والاغتراب.
إن عصرنا الحاضر هو عصر تَفَسُّخ الأعراف التاريخية والثقافية. الحب والزواج، الأسرة، العقائد الموروثة، وهلم جرًّا. هذا التفسخ هو الذي جعل العلاج النفسي في القرن العشرين يزدهر وينتشر بجميع أنواعه. الناس تصرخ طلبًا للعون بسبب مشكلاتهم التي يُخطئها الحصر. بذلك تشير كل التوقعات إلى أن التوكيد الوجوديَّ على مختلف جوانب العالم (البيئة، والعالم الاجتماعي، والعالم الذاتي) ستزداد أهميةً على مر الأيام. ويتنبأ الجميع أن المدخل الوجوديَّ في العلاج سيكون له عندئذٍ السهم الوافر والاستخدام الأوسع.