كفاح اللغة العربية في سبيل الحياة والنهوض١

لقد أدال القدَرُ من الدولة العربية، فكان أوَّلَ ما دُهِيَتْ به مِنْ جُلَّى الأحداث سقوط بغداد في أيدي التتار، ثُمَّ طَرْدُ العرب من الأندلس، وتشريد مَنْ سَلِمَ منهم على التقتيل والإحراق، ثم استيلاء الدولة التركية شيئًا فشيئًا على البلاد التي تتكلم العربية في الشرق والغرب جميعًا، خلا مراكش في المغرب الأقصى، وما لا خطر له في هذا الباب إذا كان قد سَلِمَ من الفتح التركي بعد ذلك شيء من البلاد.

لَسْتُ الآن بسبيل سرد الأحداث التاريخية التي صَبَّها القدَر على الأقطار العربية والمستعربة، ولا بسبيل طَرْدِ تلك الأحداث وتَسَلْسُلها، والكشف عن أسبابها وبواعثها، وإنما الذي يَعْنِيني تقريرُه في هذا المقام أن العربية، بزوال سُلْطان العرب في كل مكان، لَمْ يَبْقَ لها مَعقِلٌ تَلُوذُ به، ولا مَدَدٌ تَسْتَرْفِدُهُ، بل لَمْ يَبْقَ لها مجال في مذاهب الحياة، فإن الترك الحاكمين كانوا يَفْرِضُون لُغَتَهُمْ فرضًا في جميع الأسباب الحكومية، كما كانوا هم وعمالهم لا يَتَحَدَّثُون إلى الأَهْلِينَ إلا بالتركية، فأصْبَحَتْ هذه لُغَةَ الخاصة أولًا كما شاع كثير من صِيَغِها وبخاصة في الشئون الدائرة على ألسنة العامة أيضًا، فَشُوِّهت العربية بهذا الخلاط تَشْويهًا شديدًا.

ولو اقْتَصَرَ الخطْبُ على حديث الحاكمين وعُمَّالهم لَمَا أَعْيَا على أبناء العربية أَثَرُه، ولكن حُكْم القوم إنما كان قائمًا على استخراج الأموال للساعة من أيِّ سبيل، واقعًا ذلك حيث وَقَعَ من أسباب التعمير والتثمير والتحضير، فكان ذلك بالضرورة مدعاة إلى جُثُوم التجارة وتَقَلُّص الصناعة، بل إلى فِرَار جماعات الزارعين من زراعة أَرَضِيهم، وما لهم لا يَفِرُّون بل ما لهم لا يَخْلَعُون مِلْكِيَّة الأرض عنهم إذ هي قد أَصْبَحَتْ لا تُغِلُّ مع الجهد إلا قليلًا بالقياس إلى ألوان الجبايات تُقْتَضَى عليها اليومَ بعد اليوم والساعة بعد الساعة، فإذا عجزوا عن الوفاء وهم لا بد عاجزون، ففي السَّوْط (الكرباج) فَضْل للإبراء!

أظن أنك بعد هذا في غير حاجة إلى مَنْ يُقِيمُ لك الدليلَ من مَرَاجع التاريخ على أن المدارسَ قد عُطِّلَتْ، وأن دُورَ العلم قد عُفِّيَتْ، وأن الناس قد ارْتَدُّوا إلى جَهَالة عمياء، وانْكَسَرُوا في وسائل الحياة جميعًا على طلب ما يُقِيم الأوَد، ويَسْتُر الجَسَد، فإذا بقي بعد ذلك فَضْل من الجهد، فهو حبس على التَّحَرُّف عن مواقع سَطْوة الظالمين! وبحسبي أن أقول لك: إن السلطان سَلِيمًا لَمَّا فَتَحَ مِصْرَ جَمَعَ كل الحُذَّاق في فنون الصناعات المختلفة وحَمَلَهُمْ إلى الآستانة لِيَبْنُوا له هناك ويُعَمِّرُوا ويُنَجِّدُوا ويُزَخْرِفوا، وبهذا قَضَى على جميع الصناعات البارعة في مِصْر القضاء الحاسم!

وبَعْد، فإذا صارَتْ أُمَّة إلى ما صَارَتْ إليه مِصْر بالفتح التركي — قَفْر وفَقْر وظُلْم تَغْشَاه ظُلُمات، فلا عِلْم ولا فَنَّ ولا تِجَارة ولا صِنَاعة، ولا أي مَظْهَر من مظاهر الحضارة — ففيم تَجْري اللغة، وماذا عسى أن تَتَنَاوَل من الأغراض، وعَمَّ تُتَرْجِم من ألوان المعاني؟ اللهم إنه لَمْ يَبْقَ بَيْن يديها إلا ما يُغَنِّي في أدائه أخَسُّ العامية ولو شَاهَتْ بِخِلاط هذه التركية!

العربية تنبعث للعلم

لقد رَكَدَت اللغة العربية في مصر إذَنْ وجَفَّ عُودُها، وجعلت تَتَقَلَّص يومًا بعد يوم إلى الغزو الفرنسي، وإلى قيام محمد علي، حتى خُيِّلَ إلى مُتَرَسِّم التاريخ أنها ماتت موتًا لا بَعْث لها منه إلى غاية الزمان!

ولا يَتَعَاظَمَنَّك أنه كان يقوم في مصر في تلك الأيام «أدب» وأنه كان يقوم فيها «أدباء» فلقد كان فُضَالَة الثمرة الجافة، وأثارة البَقلة الذابلة، وناهيكَ بأدبٍ كُلُّ همه إلى التحرف لإصابة نكتةٍ بديعية، إذا لَمْ تُغْنِ في إسلاسها الحيلة جُرَّت جرًّا، واسْتُكْرِهَتْ استكراهًا، أما دِقَاق المعاني وأما كَرَائم الأغراض فَمِمَّا لا تَسْتَحِق عند الكاتبين ولا الشاعرين جليلًا من الاحتفال والتشمير!

كان هناك نَفَرٌ يَقْرِضون الشعر، ويُزَخْرِفُون المُرْسَل من القول، وقد يَقَعُ الجَيِّد في بعض ما يَنْظِمون وفي بعض ما يَنْثُرون، ولكنه لا يَصْدُر عن طبع، وإنما تجيء به المصادفة، أو تأتي به مشاكَلَة المحفوظ عن مُتَقَدِّمي البلغاء!

وكيفما كان الأمر، فإن هؤلاء الأشتات من «الأدباء» كان أَدَبُهُمْ وما تَسْلُكُ أَقْلَامُهم من فُصَح العربية في شِبْه مُنقَطَعٍ عن سائر الناس، عالِمُهم وجاهِلُهم في هذا بمنزلة سواء، وعلى الجملة لم يكن ذلك «الأدب» ولا ما يجري فيه من صحاح العربية بمترجم، ولو بطريق التكلف والاستعارة، إلا عن أولئك النفر الأقَلِّين، أما الجمهرة فليست من ذاك وليس ذاك منها في كثير ولا قليل، فإذا زَعَمْنَا أن لُغَة المصريين في ذلك الزمان كانت العربية، فإننا نُمْضي هذا على تَرَخُّص بَعيد!

ويَسْتَقِرُّ الأمر لمحمد علي، وتَسْتَمْكِنُ من ناصية الحُكْم يَدُه، ويَتَّجِه إلى تجييش جيْش وافي العدة مُدَرَّب على النظام الحديث، فللرجل في السلطان مَرَامٌ بعيد، والجيش يحتاج إلى الأطباء، إذْ ليس في البلد كله طِبٌّ ولا طبيب، فيقيم مدرسة للطب ويسوق إليها فيمن يسوق بعض المتقدمين من مجاوري الأزهر، لا يعرفون كلمة إفرنجية واحدة، ويرميهم بمعلمين من حُذَّاق الأطباء في الغرب لا يعرفون كلمة عربية واحدة، فيقوم المترجمون بين الأساتيذ وتلاميذهم ليؤدوا ما يُلْقِي أولئك إلى هؤلاء.

بعث أولئك المترجمون العربية في عُنْف وغلطة، وما كان لهم من هذا محيص، فَهَبَّتْ هبوبَ النائم المستغرق في حلمه وقد أَزْعَجَهُ عنه من الطوارق ما يَسْتَطِيرُ اللب، فركب رأسَه وجرى لا يلوي على شيء، ما يبالي أَعَثَرَتْ رِجْلُه أم اصْطَدَمَ بالجدار جبينه، وإن الذعر لأعصى من أن يَدَعَ لِمِثْلِ هذا فَضْلًا من الفكر فيما يأخذ من عُدَّة القتال وما يَدَع!

ولقد بان لك أن العربية لَمْ تَمُتْ، ولو قد ماتت ما قُدِّرَ لها بَعْثٌ أبدًا، ولكنها إنما تَقَبَّضَتْ وتَقَلَّصَتْ وجَثَمَتْ في أفحوصها دهرًا طويلًا، لا تطالعها شمس، ولا يَقْرُب إليها غذاء، ومع هذا لقد ظَلَّتْ مَطْوِيَّة على حيويتها، وهي لِحُسْن الحظ حيوية قوية متينة، فإنها لَمْ تَكَدْ تُحِسُّ حرارة الشمس وتصيب المتنفس في الجو العريض، حتى انتعشت وراحت تَطْلب من وسائل الحياة ما يَطْلب سائر الأحياء!

فهذا رفاعة الأزهري يعود من فرنسا بعد المُقَام فيها مع إحدى البَعَثَات بضع سنين، وإنه ليقوم في جماعة من لِدَاتِه وتلاميذه على «قلم الترجمة» وقَدْ راحوا يَصُبُّون ألوان الصيغ والمصطلحات في شتى العلوم والفنون، يتوسلون إلى هذا بالبحث فيما أُثِرَ عن الأقدمين تارة بالاشتقاق، وأخرى بالتعريب، وأحيانًا بغير أولئك من وسائل الدلالات، واللغة تَتَّئِدُ في مُمَاشَاتِهم مرة، وتَخِفُّ في التَّسْيار مرة، على أنها في الحالين واتَتْ — بِقَدْر ما — مَطَالب العلم الحديث، فحَقَّقَ جُهْدُهم فيها وجُهْدُها معهم ما كاد يَصِلُهُ الظن بجملة المستحيل!

ولقد جَعَلَت اللغة أَبْلَغَ همها إلى العلم؛ لأن النهضة إنَّما كانت تَعْتَمِد في جُلَى وسائلها على العلم، أما الأدب فقد فَرَضَتْ له حظًّا ضئيلًا من يوم تَقَدَّمَ محمد علي بإخراج «الوقائع المصرية» وعَهِدَ بتحريرها إلى العالِم الشاعر الأديب الشيخ حسن العطار، رحمة الله عليه.

العربية تنقبض عن العلم وتتحرر للأدب

أمعنت العربية في ألوان العلوم والفنون، وخرجت فيها الكتب المؤلفة والمترجمة في الطب والهندسة والرياضة والزراعة والمعادن وطبقات الأرض والفنون العسكرية وغير ذلك مما جادت به القرائح في العالَم الجديد إلى تلك الأيام.

ثم خَبَتْ هذه الجذوة، وسَكَنَتْ بانتهاء ولاية محمد علي تلك الفورة، حتى قام حُكْم إسماعيل، فانبعثت في عهده اللغة ثانيًا، ولكنها لم تَكْسِرْ أجلَّ هَمِّهَا هذه المرة على العلوم، بل لقد فَرَضَتْ من جهدها صدرًا عظيمًا للآداب، فَخَرَجَت الصحف الدورية تتبارى على متونها سوابق الأقلام.

ويقوم في ذلك العهد العالِم الكاتب الأديب المجدد حقًّا أعني به المرحوم الشيخ حسن المرصفي فيَلْفِتُ جمهرة الأدباء عن ذلك الأدب الضامر، ويُوَجِّه أذهانهم وأذواقهم جميعًا إلى الخالص المُنْتَخَل من أدب العرب في جاهليَّتهم وفي إسلامهم، ويبعثُ لهم شعر أبي نواس وأبي تمام والبحتري وغيرهم من فحول الشعراء، كما يدُل على بيان ابن المقفع والجاحظ والصولي وأحمد بن يوسف وأضرابهم من متقدمي الكُتَّاب، فسرعان ما يصفو البيان ويحلو، وسرعان ما يجزل القول ويعلو، وسرعان ما تنفرج آفاق الكلام وتتبسط أَسَلَات الأقلام في كل مقام، وناهيك بِغَرْس يَخْرُج من ثماره إبراهيمُ المويلحي في الكُتَّاب ومحمود سامي البارودي في الشعراء!

وفي أعقاب نهضة المرصفي يُقْبِل العالمان الأديبان اللغويان الشيخ حمزة فتح الله والشيخ إبراهيم اليازجي، فيكشفان عن مَجْفُوِّ العربية، ويستظهران من أوضاعها وصِيَغِها ما يدل على الكثير من الأسباب الدائرة، ويَتَعَقَّبان الأخطاء الشائعة، ويَدُلَّان على الصحيح الناصح من كلام العرب، فيأخذ الكُتَّابُ والشعراء أنفسَهم بالتحري في التماس الصحيح حَذَرَ النقد والتشهير، وكذلك تصفو اللغة وتُشْرِق ديباجتها، ولا شك في أن للصحف السيارة في هذا الباب فضلًا غير منكور.

وظَلَّت لغة الآداب في رُقِيِّها واطِّرادها في سبيل كمالها إلى اليوم، أما لغة العلم فلقد دَهَاهَا من السياسة ما دَهَى، فإن «دنلوب» ما كاد يَقْبِضُ على زمام التعليم في المعارف وينفردُ بالسلطان فيها حتى جَعَلَ يحيل لغة العلوم إلى الإنجليزية وتم له من هذا في المدارس الثانوية فما فوقها كل ما أراد، ولو قد تهيأ له أن يَدْرُسَ الطلاب قواعد العربية نفسها بالإنجليزية لما أَعْوَزَه الإقدام!

وطالت هذه الحال، وخَرَجَتْ كتبُ الدراسة في العلوم في الإنجليزية، وتَقَلَّبَتْ فيها ألسنة الطلاب في دور التعليم، وجَعَلَتْ لغة العرب تَتَقَلَّص عن أداء الصيغ والمصطلحات في شَتَّى العلوم والفنون، حتى تَمَّ التناكر والقطيعة بينها وبيْن تلك أو أَشْرَفَ على التَّمَام.

إذَنْ لقد كان بعض اللغة — أعني لغة الآداب — في تَبَسُّط وازدهار، إذ بعضُها وهو ما يتصل بالعلوم في تَقَلُّص وإقفار!

ويشاء القدر الحاني على لغة الكِتاب أن يتولى المرحوم سعد زغلول باشا نظارة المعارف، وهو مَنْ هو في وثاقة عِلْمِه بالعربية، ونُفُوذه إلى دقائق أسرارها، وقوة يقينه بأنها زعيمة، لو قَدْ مُرِّنَتْ بالعلاج، بأنْ تَسَعَ عِلْم الآخرين كما وَسِعَتْ عِلْم الأولين، فَتَقَدَّمَ من فوره بدراسة العلوم، بكل ما يَتَّسِع له الذَّرْع، باللغة العربية، فَشَمَّرَ الأساتيذ لهذا، وأقْبَلَ العالمون على رَفْد العربية بالعلوم المختلفة من كلتا الطريقتين: الترجمة والتأليف، وخَلَفَه على نظارة المعارف المرحوم أحمد حشمت باشا، وحذا حَذْوَه في حياطة هذه اللغة وحضانتها، وكان من تَوَسُّعِه في هذه الناحية أن أنشأ في نظارة المعارف قَلَمًا للترجمة لينقل إلى العربية ما يتدارسه الطلاب في شتى العلوم والفنون، وإذا كان هذا «القلم» لَمْ يُغْنِ في هذا المطلب جليلًا فلأنه كان حقَّ عسير، وألَّف لهذه الغاية أيضًا لجنة دعاها «لجنة الاصطلاحات العربية» وعقَدَ رياستها له ودعا إلى عضويتها بعُنُقٍ من المشهود لهم بسعة العلم وجزالة الفضل، والتضلع في فقه العربية مع المشاركة في مختلف العلوم.

العربية لغة علم وأدب

وبعد، فالحق أن اللغة العربية إذا كانت في هذا العصر الذي نعيش فيه قد أَزْهَرَتْ وأَشْرَقَتْ وأضحت تواتي في يُسْرٍ حاجةَ الآداب، فإنها ما بَرِحَت تُثْقِلُها مطالب العلوم، بل لا غَرْو علي إذا زَعَمْتُ أنها ما برحت تُحِسُّ العجز الشديد، فلقد ازدحمت مصطلحات العلوم في هذه الأربعين سنة الأخيرة، على وجه خاص، ازدحامًا هائلًا مُرَوِّعًا بما أخرجت القرائحُ فيها من فنون المخترعات والمستحدثات في مختلف وسائل الحياة، وإن إحساس أبناء العربية، وبخاصة من يَتَوَلَّوْن منهم شأن التعليم والتأليف، بهذا العجز هو الذي كان يبعث أعيان أصحاب العلم والبيان في مصر الفترةَ بعد الفترة على الدعوة إلى تأليف المجامع اللغوية لعلاج لُغَتِنَا، ومَدِّها بالوسائل المختلفة، حتى تُوَاتِي حاجات العلوم والفنون، ولم يُقَدَّرْ لشيء منها النجاح، لأنها كانت تُعْوِزُها بعض وسائل الحياة، ومن أهمها المال والسلطان.

وأخيرًا أُنْشِئَ «مجمع اللغة العربية» وفوْق أنه فَرَضَ صدرًا عظيمًا من جُهْده لاستظهار ألوان الصيغ والمصطلحات في شتى العلوم والفنون، فقد راحَ يَتَبَسَّطُ في قواعد العربية ما أَسْعَدَتْهُ على هذا التبسط مذاهب السلف الأكرمين، إِلَانَةً للغة، وتيسيرًا لما كان يتعاصى في هذا المطلب على جمهورة المعلمين والمؤلِّفين، وقد قُطِعَ في هذا الشوط الخُطَا العراض، والأمل معقود بأن هذا المجمع في ظل نظامه الجديد سَيُبْلِغ العربية مُنْيَتَهَا إن شاء الله في وقت غير طويل.

هذا كفاح العربية في مائة عام، وإنَّ لغة تُرْزَق هذا الصبر وهذا الجلد في الكفاح، وهذه الجدات على كثرة دواعي البلى، لَحقيقة في النهاية بالظَّفَر والعزة في الدنيا على طول الزمان.

١  نُشِرَت في مجلة «الهلال» في أول أبريل سنة ١٩٣٧.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤