عَشاء!

قهوة اللواء، وإن شئْتَ فبارُ اللواء، وإلا فمطعم اللواء، هو نادٍ أو شبه نادٍ لا يكاد يتغشاه في النهار إلا جماعات من أرباب الأعمال، فإذا كان الليل فجماعة من أهل الفضل والأدب، يجتمعون للأسمار وتبادل ألوان المفاكهات، ويتصل بهذه القهوة مطعم كامل الآلة، وقد حدثني صديق يختلف إلى هذا الموضع قال: كنا ليلةَ أمس جلوسًا مع الصحب نأخذ في حديثنا وسَمَرِنا، فإذا رجل من هؤلاء الذين يَصُبُّهم القَدَر على رواد القهوات: منتفخ الشدق، حادُّ الوجه، يتأبط أداته في الحياة، وما أداته إلا رزمة من الجرائد الجديدة والمجلات القديمة، يَدَّعِي بحملها العلم والأدب والفلسفة والسياسة «وكل شيء»! وسلم في تَظَرُّف مكروه وأدب مُبْتَذَل، وجَرَّ له كرسيًّا وحشَرَ نفسه في الزمرة حشرًا، ومن باب ما يدعونه «باللياقة» صَفَّقَ أحدُنا فجاء الغلام، فأومأنا إلى «الأفندي»، وسألناه عما يطلب «سادة، أو بسكر شوية»، وقد جرَت العادة بأن يعتذر ضيف القهوة أولًا، فإذا ألح المَزُور فقهوة أو شاي مثلًا، فإذا كانت الأُلْفة متمكنة، «فكازوزة»، أو ما يَقْرُب ثمنه من ثمن الكازوزة، مما لا يَعْدُو الثلاثة القروش أو الأربعة على أضفى تقدير، بعد هذا أتَعْرِفُ ماذا طلب صاحبنا الذي لا نعرفه؟ لقد طلب واحد … عَشاء dinner!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤