أوكازيون!

تلقيت من بعض معارفي هذا الكتاب:

حضرة …

قرأتُ ما كَتَبْتَه عن «الحانوت» الواقع على طريق دارك، وغيظك من نشاط هذه «الطائفة»، واجتهادها في عملها، وإعلانها عن بضاعتها بعرض حوائج الموت مرتبةً منظمةً مزينة إلخ …

وإني مصارحك يا سيدي بأن المصريين مهما افْتَنُّوا في هذا الباب، فما كانوا ببالغين فيه شأو الإفرنج، فلقد وَقَعَتْ ليدي في ربيع العام الماضي جريدة إفرنجية تَصْدر في القاهرة، وفيها الإعلان الآتية ترجمته صادرًا من محل «حانوتي» مشهور:

إعلان

نتشرف بأن نُعْلِن حضرات زبائننا الكرام بأنه نظرًا لقرب حلول موسم الصيف، وبدء ظهور الأوبئة وانتشار الحميات، قد أجرينا تخفيضًا هائلًا في الأسعار، فضلًا عن أننا قد استحضرنا من أوروبا عربات فخمة من جميع الأحجام للرجال والسيدات والأولاد، وصناديق مذهبة ومفضضة، ومحلاة بأدق النقوش وأبدعها، كما استحضرنا كميات وافرة من «الكورونات» وغيرها، ومن يُشَرِّف يَرَ ما يَسُرُّه!

فما قولك في هذا الإعلان.

المخلص (ن)

«حاشية» نسخة الجريدة ما زالت تحت يدي، وإني على استعداد لإرسالها إليكم إذا شئتم وتقبلوا …

(ن)

«اليوميات» أما نسخة الجريدة فلا حاجة بي إليها يا سيدي «ن»، لأنني لم أَعْتَزِم الموت إلى الآن، على أنه إذا جرى القدر على نفسي أو — لا أَذِن على أحد ممن أحملهم — فإننا لن نعامل في هذا إلا إخواننا المصريين، ومهما يكن من شيء، فالمهم في الموضوع أن نَعْرِفَ أثر هذا الإعلان اللطيف المشوق في إقبال الجمهور على ذلك الحانوت الشهير! … ولعله يتم صنيعه في موسم العام القادم — إن شاء الله — فيخرج لعملائه «لوترية» تعطي من يسعده الحظ منهم بالنمرة الرابحة، الحق في التجهيز والدفن مجانًا!

في الخدمة! …

لقيني اليوم في الترام لَحَّاد (تربي) مشهور أعرفه، فَسَلَّمَ وسَلَّمْتُ، وأقبلت عليه أحييه، بما جرت به عادة الناس، وأسأله عن شأنه، فقال لي يرد التحية في لهجة تَشِفُّ عن الصدق والإخلاص: «إحنا في الخدمة!»، فقلت له: الله يحفظك؛ فأجاب من فوره كذلك في إخلاص ولهفة: «ربنا لا يحرمنا منك!»

•••

وبعد، فما أحسب أن دعوةً في هذه الدنيا محققة الإجابة قَدْر هذه الدعوة، «فإنا لله وإنا إليه راجعون»!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤