تكوين الفكر العربي الحديث١

جدل الوافد والموروث شبلي شميل نموذجًا (١٨٥٠–١٩١٧م)
ولو أنتَ أعملت الرويَّة لا الهوى
لأدركتَ أن الدين لا صوتَ بل صدَى
الشميل

أولًا: مكونات الفكر العربي الحديث

الفكر العربي الحديث مصب لثلاثة روافد؛ الأول الوافد الغربي الذي انتقل إلى الثقافة المعاصرة منذ مائتَي عام، منذ عصر الترجمة الثاني في القرن التاسع عشر في عصر محمد علي وحتى المشروع القومي للترجمة.٢ كان عصر الترجمة الأول في القرن الثاني للهجرة على يد أحد المترجمين النصارى حنين بن إسحاق وإسحاق بن حنين، ومتى بن يونس ويحيى بن عدي وقسطا بن لوقا وابن زرعة من اليونانية أو السريانية إلى العربية أو من الفارسية إلى العربية عند ابن المقفع ومسكويه بعد حلم المأمون الشهير الذي رأى فيه أرسطو في المنام محاورًا إياه في اتفاق العقل والشرع وضرورة ترجمة أرسطو لنصرة الإسلام.٣ كانت الترجمة الأولى لبناء الحضارة بعد أن تم الفتح، في حين أن الترجمة الثانية كانت لبناء الدولة الحديثة بعد أن ضعُفت الخلافة وبدأ الدفاع عن الفتح ضد غزوات الأوروبيين الجدد. كانت الترجمة الأولى من موضع قوة؛ فقد كان العرب فاتحين، في حين تمَّت الترجمة الثانية من موقع ضعف، فقد كان العرب عشية الاحتلال بداية بالجزائر في ١٨٣٠م. وكان الغرب قد سبقهم في نهضةٍ حديثة منذ ثلاثة قرون. وكان العرب بعد ابن خلدون قد أنهَوا الفترة الأولى لحضارتهم الذهبية منذ أربعة قرون.

والثاني الموروث القديم الذي ما زال حيًّا في قلوب الناس، وأحد مكونات الثقافة الموروثة، ومتداخل مع الأمثال العامية وسِيَر الأبطال والشعر. ويحضر الموروث النقلي مثل القرآن والحديث والتفسير والسيرة والفقه أكثر من حضور الموروث العقلي النقلي، الكلام والفلسفة والأصول والتصوف الفلسفي. في حين تغيب العلوم العقلية الخالصة، الرياضية كالحساب والهندسة والفلك والموسيقى أو الطبيعية الطبيعة والكيمياء والطب والصيدلة والمعادن والنبات والحيوان، باستثناء ما وصلت إليه علوم السحر والطلسمات والتنجيم عودًا إلى الطب النبوي. وهو أعمق في التاريخ، أربعة عشر قرنًا، وأوسع حضورًا عند العامة من الوافد الغربي، الأحدث في التاريخ، مائتَي عام، وأضيق حضورًا عند الخاصة.

والثالث الواقع العربي الحديث وتحدياته من تخلُّف وتسلُّط وجهل وخوف ونفاق وادعاء؛ فالفكر العربي الحديث تعبير عن الواقع العربي الحديث.٤ ومنبره الصحافة، وليست المؤلفات العلمية المحكمة. وهي موضوعاتٌ متناثرة تم تجميعها طبقًا لمنطق التشابه والاختلاف. لا فرق في جمهوره بين العامة والخاصة، بين هموم العالِم وهموم المواطن.٥ ولا يُوجد مفكرٌ عربي حديث إلا وقد تكوَّن في هذه الروافد الثلاثة وألَّف فيها، مجددًا الموروث القديم، وناقلًا الوافد الغربي، وواصفًا الواقع العربي الحديث.٦
ويصعب تطبيق ذلك التكوين الثلاثي على مؤلفات شبلي شميل نظرًا لأن معظم إنتاجه مقالاتٌ صحفية؛ فقد كانت الصحافة منبرًا حرًّا للفكر العربي. كانت صحافة رأيٍ لا صحافة خبر. وكان لكل تيارٍ فكري بل ولكل جيلٍ صحافته.٧ فقد صدرت له ثلاث مجموعات؛ الأولى الجزء الثاني من مجموعة الدكتور شبلي شميل. وهو يبحث في موضوعاتٍ شتَّى عمرانيةٍ طبيعية وعلمية وتاريخية وأدبية وسياسية وتقريرية وانتقادية وفكاهية.٨ والجزء الأول هو «فلسفة النشوء والارتقاء» ترجمة لكتاب «بشنر» ويُعلن في النهاية عن الجزء الثالث. ويضم الثاني أربعًا وسبعين مقالة في موضوعاتٍ متنوعة تختلف فيما بينها كمًّا، وتتفاوت في القصر والطول.٩ وتتنوع الموضوعات بين العلم خاصة علوم الأحياء والطب والدين والأخلاق الاجتماعية والاجتماع والتعليم والاشتراكية والصحافة والسياسة والوطنيات والشرق. لا تلتزم بالترتيب الزماني بل الموضوعي. قد لا تبدو جديدةً تمامًا الآن بعد أن تغير الزمن.
وتضم المجموعة الثانية «كتابات سياسية وإصلاحية» خمسًا وتسعين مقالًا موزعة أيضًا على عشرة موضوعاتٍ متميزة عن المجموعتَين السابقتَين؛ إذ تختفي تقريبًا الموضوعات العلمية والدينية والفلسفية والأدبية، وتحضُر الموضوعات السياسية خاصة اللامركزية العثمانية، ووضع لبنان وسوريا ومصر والشرق والغرب، والحرية والاستبداد، والفوضوية، والسياسة والحرب، والإصلاح، والصهيونية.١٠ وبعض الموضوعات متكررة مثل شكوى وآمال، انحطاط الشرق الأدبي والعقلي، كتاب فوضوي.
وتضم المجموعة الثالثة تسعة وستين مقالًا. وتتنوع موضوعات «حوادث وخواطر»، مذكرات الشميل أيضًا، في موضوعاتٍ عشرة تشبه إلى حدٍّ كبير موضوعات المجموعة الثانية.١١ بل بها بعض المقالات المكررة المنشورة مرتَين.١٢ وكثير منها صورة الشميل عند أقرانه من الأدباء والمفكرين والشعراء، وصورتهم لديه. ويُفرِد مقالاتٍ خاصة للمرأة ونموذجها الآنسة مي، ويُفسِح مجالًا للحوار مع الأقران وصورته عندهم، ورحلاته، وعلاقاته بالحكام الوطنيين مثل رياض باشا، وتحيته للأدباء ورثاءاته لهم. وهناك بعض المقالات ليست من وضعه بل ردود عليه بأسماءٍ مستعارة.١٣
ونظرًا لعدم وجود وحدة للعمل فإنه يصعب تطبيق تحليل المضمون. ومع ذلك يمكن ذلك على ثلاث وحدات:
  • (أ)

    المقال مقال لمعرفة جدل الوافد والموروث فيه، بالرغم من قصره، وتناول أكثر من مقال لموضوعٍ واحد.

  • (ب)

    العمل على اعتبار أن المجموعات الثلاثة تُمثِّل أعمالًا تم تجميعها بواسطة المؤلف نفسه بناء على وحدةٍ داخلية لكل عمل. الأول «موضوعات شتى عمرانية طبيعية وعلمية وتاريخية وأدبية وسياسية تقريرية وانتقادية فكاهية». والثاني «حوادث وخواطر»، والثالث «كتابات سياسية وإصلاحية».

  • (جـ)

    الإنتاج الفكري كله باعتباره وحدةً واحدة لمعرفة جدل الوافد والموروث في التكوين الفكري للشميل.

ويمكن تطبيق تحليل المضمون في الوحدات الثلاث والانتهاء إلى نفس النتيجة أولوية تمثل الوافد على تنظير الموروث وهو النوع الثاني في التأليف طبقًا لمراحل التحول «من النقل إلى الإبداع» في الفكر العربي الحديث في علاقته مع الغرب الحديث.١٤
وإذا كان التأليف يتم طبقًا لجدل الوافد والموروث في ستة أنواعٍ أدبية فإن المقالات التسع والستين التي تكون الجزء الأول من مجموعات الشميل الثلاث يمكن توزيعها كالآتي:١٥
  • (أ)

    تمثُّل الوافد. ويبدو في موضوعات مساواة المرأة بالرجل والعلم والحروب والفوضوية والأحلام ومخاطبة الأموات والعمران والأساطير وهي الموضوعات الجديدة التي أتى بها الغرب.

  • (ب)

    تمثُّل الوافد قبل تنظير الموروث. ويضم أيضًا موضوعاتٍ علمية مثل أصل الحياة، والأدوار الجليدية، والمريخ، وموضوعاتٍ اجتماعية مثل الاجتماع البشري أو العمران، والاجتماع الطبيعي، والقضاء، والاشتراكية.

  • (جـ)

    تمثُّل الوافد مع تنظير الموروث. ويضم أيضًا موضوعاتٍ علمية مثل الطب، وتعليمية مثل أهمية التعليم العلمي، ودينية مثل الوجود وما وراء المحسوس، وسياسية مثل الحروب، وحضارية مثل انحطاط الشرق.

  • (د)

    تنظير الموروث قبل تمثُّل الوافد. وتظهر الموضوعات الموروثة مثل القرآن والعمران، والدين كصدًى للمجتمع، والعلم الحر، والرجل والمرأة قبل بعض موضوعات الوافد.

  • (هـ)

    تنظير الموروث. وهو أكثر الأنواع الأدبية حضورًا على عكس ما هو شائع في غلبة الوافد عليه. وهي موضوعات مساواة المرأة بالرجل وقضايا القضاء والخير والشر والانتحار والطب الشعبي والدين الشعبي والموت والجهل وحرية الصحافة.

  • (و)

    الإبداع الخالص. وهو ثاني الأنواع حضورًا بعد تنظير الموروث. ومعظمه في النقد الاجتماعي السياسي في الاشتراكية والاشتراكيين والحزب الاشتراكي مما يدُل على أن الاشتراكية ليست وافدة بل نتاجٌ طبيعي للمجتمع، ونقد النظم السياسية التي تُعبِّر عن الوضع الاجتماعي المتأخر وبعض المسائل الاجتماعية مثل ارتفاع إيجار المساكن وفساد القضاء ولحس الأصابع كأحد أسباب الأمراض. وتُبرِز بعض المسائل الوطنية مثل امتياز قناة السويس.

وفي المجموعة الثانية «كتابات سياسية وإصلاحية» يأتي الإبداع الخالص في المقدمة مما يدل على التنظير المباشر للواقع، ثم تنظير الموروث مما يدل على الطابع المحلي للفكر، اللامركزية العثمانية وتطبيقها في لبنان وسوريا، ثم يأتي تمثل الوافد بعد ذلك في موضوع سنة الحياة ومبدأ العمران البشري، وسيادة الأمم واستلهام مبادئ الثورة الفرنسية.١٦ والبعض منها مُكرَّر من المجموعة الأولى.١٧
وفي المجموعة الثالثة حوادث وخواطر «مذكرات الدكتور شبلي شميل» يتقدم تنظير الموروث ثم الإبداع الخالص مما يدل على أن الموروث له الأولوية في الحضور قبل الوافد. ثم يتعادل تنظير الموروث قبل تمثُّل الوافد وتمثُّل الوافد قبل تنظير الموروث مما يدل أيضًا على المزاحمة بين المصدرَين في الأولوية. والتعادُل بين الاثنَين دون صراع الأولوية هو الأقل.١٨ وفي ترجمة قصيدة غربية نظمًا يتعادل فيها الوافد والموروث. وخمسا المذكرات ليست من تأليف الشميل بل من حديث رفاقه عنه.١٩ وطرح مسألة قضائية تعريف المخالفة والجنحة والجناية ورد عليه في «المقتطف» محمد توفيق وأمين شميل وجبرائيل كحيل، فللشميل السؤال وللثلاثة الجواب. والبعض من كتاباته بالفرنسية مثل رسائله إلى مي زيادة وهيكل.

ثانيًا: الموروث الشعري والديني

من حيث المبدأ لما كان شبلي شميل رائد التيار العلمي العلماني في الفكر العربي الحديث فإن تمثُّل الوافد يغلب تنظير الموروث بطبيعة الحال؛ فالغرب نموذج ومصدر للعلم، وأساس التقدُّم وأمل المستقبل. في حين أن الموروث ولَّى وانقضى، وعفى عليه الزمن، وهو نوعان؛ الموروث الديني والموروث الشعري.

والواقع أن ذلك غير صحيح نظرًا لغلبة الموروث على الوافد؛ ففي الجزء الأول من مجموعة كتابات شبلي شميل يغلب الموروث الشعري والأدبي على الموروث الديني، ويستشهد بالشعر العربي أكثر من الاستشهاد بالآيات القرآنية. وتغيب الأحاديث النبوية تمامًا إلا من حديثٍ واحد.٢٠
فمن الفلاسفة العرب يتقدم بطبيعة الحال ابن خلدون نموذج عالم الاجتماع القديم الحديث، بدأ العلم الاجتماعي من التاريخ كما بدأه أبقراط من الطب، ثم محمد بن زكريا الرازي العالم الطبيب، القديم الحديث، وقراءتهما من منظور الفلسفة المادية، ثم ابن سينا والغزالي أنصار الفلسفة الإشراقية. ومن المتكلمين يذكر الشهرستاني في كتاب «الملل والنحل»، ومن المؤرخين أبو الفدا، ومن المصلحين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا. ومن رواد النهضة أحمد فارس الشدياق وسركيس ونيقولا رزق، وجرجس، وإلياس فياض وسليم وعلي يوسف. ومن الأنبياء يذكر موسى وعيسى ومحمد. ومن الصحابة أبو بكر وعمر، ومن الملوك والزعماء المنصور ومحمد علي الكبير والمهدي بطل السودان.٢١ ومن الأدباء يأتي أبو العلاء المعري في المقدمة، ويعطيه لقب ملتون الشرق الذي جمع بين الشعر والحكمة، بين الأدب والفلسفة، بين الجمال والفكر، ويذكر له رسالة الغفران، ثم حافظ إبراهيم شاعر النيل والناس والمجتمع، ثم أبو تمام من القدماء ثم المتنبي والبحتري والحريري وأحمد شوقي من شعراء البلاط.
وبالرغم من انحطاط الشرق إلا أن الشميل يذكر أنوشروان وبهرام بن بهرام وكسرى من ساسة الفرس، والبوذيين من الهند، وكليوباترا وفرعون من مصر، ومتوشالح من التوراة، وهانيبال من أفريقيا، وزنوبيا من تاريخ العرب القديم.٢٢
وفي المجموعة الثانية يغلب الموروث على الوافد على عكس ما هو شائع من غلبة الوافد على الموروث.٢٣ يغلب الموروث الشعري والسياسي على الموروث الديني والفلسفي.٢٤ ولم يظهر القرآن على الإطلاق. والقرآن الحر مرةً واحدة.٢٥ واستشهد الشميل بحديث مرةً واحدة في النصيحة لله ورسوله وللأمة. ومن الشرق لم تظهر إلا كليوباترا مرةً واحدة.
وتظهر البيئة المحلية العربية من خلال بعض أسماء الأعلام مثل أبات باشا الذي رد على ملاحظات الشميل على المؤتمر الطبي المصري وعدم وجود مصريين بين أعضائه. وقد رشحه نقولا أرقش ليكون عضوًا في مجلس الأعيان.٢٦ ويستشهد بتشبيه رشيد رضا من المعلقين الآمال على الدستور بمن رأى قومًا يتغنون بأمر عمر وتغنى مثلهم. وكان محمد عبده يريد مكنسة للتعليم الأزهري حتى يقضي عليه لصالح التعليم الجديد.
ويقارن محمد علي بلويس الرابع عشر والإسكندر الأكبر. ويغلب السياسيون مثل السلطان عبد الحميد بل والأنبياء مثل موسى وعيسى ومحمد والقُوَّاد مثل تيمور لنك من أجل تطبيق نظريات الطب الفزيولوجي والنفسي عليهم.٢٧ فقد استطاع السلطان عبد الحميد الحكم مدةً طويلة لذكائه ودهائه السياسي. ومع ذلك كان يسير وراء هواجسه. كانت أسباب إطالة مدة حكمه أسبابًا سلبية مثل التآمر وهي أسباب مرتبطة ببنائه النفسي والفزيولوجي. وقد حارب عبد الحميد حركة التنظيمات وتأليف الجمعيات مثل الجمعية الإصلاحية التركية العربية بزعامة الأمير أمين رسلان وجمعية الشورى العثمانية التي تأسست عام ١٨٩٧م، وكان من أعضائها محمد رفيق العظم ورشيد رضا وأطلق عليها اسم الجمعية الفاسدة. وكان من أهدافها جعل اللغة العربية اللغة المشتركة للدولة العثمانية وليس التركية. وقد أيد سليم البستاني هذا الاتجاه. وكان أمين رسلان قنصل لبنان في الأرجنتين. عهد إليه الشميل بتسوية الخلاف حول أوراق الجنسية للبنانيين في المهجر. ووصف سليم سركيس بأنه مروض الوحوش، وحوش المال مثل روزفلت. وكان فارس نمر أيضًا من دعاة الإصلاح في سوريا والشرق.٢٨
وقد أرسل له فتحي باشا خطابًا حول أفضل الوسائل لإنهاض السلطنة. وهي ثلاث؛ الرجال بالعلم، والتربية والمال بالموارد، والوقت وعدم إضاعته. وعند فارس نمر هي السلطنة إلى الحكومة والأمة. ووسائل إصلاحها مادية وأدبية، والمال والعلم بالإضافة إلى تربية الحاكم والمحكوم.٢٩ وكان صديقه إبراهيم سليم النجار يوهمه بالثقة في الحكومة.
وتكثر أسماء أمراء الأتراك وولاتهم مثل إسماعيل باشا الذين أرسل إليهم الشميل طلب تأسس حزب اللامركزية، وشوكت باشا الصدر الأعظم الذي طالب أيضًا بالإصلاح، ومع كامل باشا الصدر الأعظم، وطلعت بك ناظر الداخلية، وجمال باشا وشهداء ١٩١٥م، وعبد الكريم خليل. ولم يَنسَ الشميل المرأة في حياته، وراسل مي زيادة. كما راسل السلطان عبد الحميد، ومصطفى فاضل وإبراهيم باشا والسلطان بن العزيز ويوسف كامل وسعد الله باشا وأحمد فتحي زغلول وإلياس باشا وطوسون باشا، وعبد الحكيم باشا وفؤاد باشا ورشيد بك رئيس نادي المنتدى الأدبي، ورفيق وحقي العظم من أشراف الشام وغيرهم ممن حُكم عليهم بالإعدام غيابيًّا أو حضوريًّا.٣٠
وفي المجموعة الثالثة يغلب الموروث الشعري والديني على الوافد العلمي والأدبي.٣١ ويتقدم من الموروث الأدبي أمين الريحاني وإبراهيم ثم جبران خليل جبران. ومن الموروث العلمي صابر بسيط، أحمد زكي، اليازجي. ثم يتقدم الموروث على الفكري عند الأفغاني. ثم يبرز الموروث الأدبي من جديد عند إسكندر الخازندار والمعري، وناصيف اليازجي، وفارس نمر. ثم يتداخل الأدباء والمفكرون والسياسيون والأمراء والسلاطين مما يكشف عن تفاعل الحياة الأدبية والسياسية والفكرية؛ فالأدباء سياسيون. وأقلهم الفلاسفة مثل ابن سينا ثم ابن رشد.٣٢

وهناك من الوافد ما أصبح موروثًا مثل الأرمن واليونان والأتراك والفرنسيين والألمان الذين يعملون في الآستانة وفي جهاز الدولة المصرية مثل صالح أزميري، نوبار باشا، أدورامسيس، بابيان، فرسنجي، فريد بيازغلي، أبوستوليدي. ومن الأجانب مثل جرانت بك، إدوارد فان دايك أو كورنيليوس.

(١) الموروث الديني والفلسفي: وقد خصص الشميل مقالةً خاصة للموروث الديني «القرآن والعمران». ليس الهدف منها الحديث عن الأديان كشرائع موحاة أو مقارنة دين بآخر وبيان مزاياه أو التوفيق بين الدين ومقتضيات العصر الحديث كما يفعل المصلحون بل بيان علاقة الدين بالعمران وتأثيره في المجتمع، مقتبسًا لفظ ابن خلدون «العمران» مع اللفظ الحديث «الاجتماع». فقد ربط العلماء بين الدين والتأخر، والعلم والتقدم، وهو تعميمٌ خاطئ على الدين في كل الأزمنة والعصور؛ فالدين عاملٌ مؤثر في حياة الشعوب وأخلاقها اعتمادًا على الثواب والعقاب في الآخرة.

فالدين الرئيسي للتوحيد دينان، «دين الإنجيل» و«دين القرآن». ولم يذكر «دين التوراة» مع أنه من ديانات إبراهيم والتي تقوم على التوحيد. ولا يذكرهما بأسمائهما المسيحية والإسلام وأثرهما في الأخلاق الاجتماعية، التسامح في الإنجيل وإيثار الآخر على النفس، والعدالة الاجتماعية في القرآن، وإشراك الفقير في أموال الغني كما يفعل الفلاسفة المحدَثون. المسيحية تُوسِّع الأفق إلى التجريد، والإسلام يبقى في العالم المحسوس. ويسميه الشميل «المحمدي» كما يفعل بعض المستشرقين ويطلق على الإسلام «المحمدية». والغريب أن المسيحيين عادوا إلى العالم المحسوس فتقدَّموا في حين أن المسلمين تركوا الشهادة إلى الغيب فتقهقروا، مما يدل على أن حقيقة الدين لا ترتبط بالعمران.

وقد أشعل النار اللورد كرومر في كتابه «مصر الحديثة» في تحليله لعلاقة الأديان بالعمران، معتبرًا القرآن عقبة كئودًا في سبيل ارتقاء الأمة المصرية والأمم الإسلامية والشرق عمومًا.٣٣ فاندفع الناس للرد عليه. ويرى الشميل أن اللورد كرومر من أعاظم رجال العصر وأصحاب العقول الراقية ولكنه أخطأ في الحكم على الصلة بين القرآن والعمران!

لا فرق بين الإسلام والنصرانية في الهدف النظري وهو الرقي الاجتماعي ولكن الخلاف في البون الشاسع بينهما على مستوى الواقع العملي. والسبب في سوء الفهم أن الناس في الدين فريقان؛ الأول يغلب عليه الهوى والتشيع والتعصب الأعمى. والثاني باحثٌ اجتماعي ينظر إلى الدين كمرآة للشعوب بعقلانية وعلمية وتجرد.

ويبدو التناقض في النصوص مما يجعلها متشابهة تُثبت النقيضين، أن الدين عاملٌ إيجابي وعاملٌ سلبي في تكوين العمران في آنٍ واحد؛ ففي القرآن وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ، وفي نفس الوقت وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا، ويمكن إضافة لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ. والحقيقة أن حل هذا التناقض في الناسخ والمنسوخ وفي أسباب النزول؛ أي السياق، وفي العموم والخصوص أو الإطلاق والتقييد، والإحكام والتشابه، والظاهر والمؤَوَّل، والحقيقة والمجاز؛ أي في مباحث الألفاظ. وفي الإنجيل «ما جئتُ لألقي سلامًا بل سيفًا.» وفي نفس الوقت «مَن لطمك على خدك الأيمن فحوِّل له الأيسر.». ومن هنا تأتي ضرورة الاجتهاد. وقد أجازه أبو بكر في قتال المرتدين مانعي الزكاة خوفًا من التداعي السياسي وانفراط عقد الأمة. كما صرح الغزالي بضرورة التأويل تفاديًا لظاهر النص وحتى لا يقع تناقُض بين العلم والدين. وهي قراءةٌ علمية معاصرة للتأويل عند الغزالي؛ فالتأويل للخاصة وليس للعامة، مضنون به على غير أهله، لاتفاق الظاهر مع العلم اللدني وليس مع العلم الطبيعي.

والخطأ ناشئ من رجال الدين الإسلامي مثل رجال الدين في أوروبا لما أقدموا على تكفير جاليليو؛ لأنه قال بدوران الأرض حول الشمس، وهو ما يعارض التوراة التي فيها أن يسوع أوقف الشمس وثبت الأرض؛ لذلك قام لوثر بالثورة على رجال الدين الذين أدخلوا الدين في القضايا العلمية وحصروا الإيمان في الأديرة. الدين في ذاته ليس عقبة في سبيل التقدُّم بل رجال الدين. وقد ارتقت اليابان بالقيم الدينية المستمدة من البوذية؛ فالقرآن ليس مسئولًا عن تقهقُر الأمم بل هي مسئولية رجال الدين والحكام. وليس الإنجيل أيضًا مسئولًا عن ذلك بدليل إصلاح لوثر؛ ومن ثَمَّ يحتاج المسلمون إلى لوثر الشرق الذي رآه الشميل في جمال الدين الأفغاني؛ فانحطاط المسلمين اليوم ليس أبديًّا بل واقعٌ اجتماعي يمكن تغييره وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ.

ويستعمل الشميل بعض الآيات القرآنية لوصف الطبيعة، دورة المياه في السماء إلى الأرض في المطر ومن الأرض إلى السماء من جديد في البحر وكأن الماء يقول: إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.٣٤ والماء أصل الحياة كما هو مقرر في العلم ويؤيده الدين وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ. وفي تفسير جدل الطبيعة والتناقُض في الكون، في النبات والحيوان والإنسان يُستعمل القرآن لوصف الإنسان بين العلم والجهل، بين الملاك والشيطان، بين الرفع والخفض؛ إْنْ هَذَا إَلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ، «إن هذا إلا شيطان رجيم».

وقد عبَد الناسُ الشمسَ والقمرَ والكواكبَ لجمالها وعُلُوِّها في السماء بعد أن غابت عن الأرض أو على الأقل اعتبروها مساكن لها؛ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ. وأخيرًا يدرك الإنسان الإله وراء هذه الظواهر الطبيعة؛ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. كل ذلك قبل مجيء الثلاثة العظام موسى واليهودية وعيسى والنصرانية ومحمد والإسلام. ومن شدة الانبهار بالطبيعة سأل الناس عنها وعن ظواهرها لجمالها؛ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ. والحقيقة أن الرد جاء لمنفعتها وليس لجمالها.

ويأتي الوحي طبقًا لظروف كل مرحلة من مراحل التاريخ وعادات الشعوب وأعرافها؛ فالوحي يراعي ظروف الزمان والمكان والناس والاجتماع؛ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ؛٣٥ فالتاريخ هو الطبيعة الممتدة عَبْر الزمان. لا فرق بين التاريخ الطبيعي للأرض، وتاريخ الطبيعة للبشر.
ويستعمل الشميل القرآن لتفسير السلوك الإنساني النفسي الأخلاقي الاجتماعي العمراني في مقدمة مقالة «حول مقالتي» وهي: إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ؛ فالبداية بالفرد وليس بالمجتمع، بالأخلاق وليس بالاجتماع، بالداخل وليس بالخارج على عكس رأي الاجتماعيين والماركسيين.٣٦ ويستعمل حديث: «كل مولود يُولَد على الفطرة حتى يُعرب عنه لسانه فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه.» يعطى الأولوية للطبيعة على الاكتساب، والفطرة على الاجتماع. ويُبيِّن أهمية العلم الذي يساعد على الإدراك بعيدًا عن الجهل والتمويه حتى لا يصبح الناس صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ.

ولما كان القرآن دين العقل فإنه يمكن تأويل آياته التي تدل على المعجزات بالعقل مثل ولادة السيد المسيح؛ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا. ويعطي المثل على إساءة تأويل النصوص وقول الحقائق التي نصفها بآية فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ.

والدين مبني على الإيمان بالغيب وتصديق الرسل وأخبار الملائكة والشياطين والجن وأول الخليقة وآدم والرسل.٣٧ وهو ما يتعارض مع دين العقل والطبيعة. ويمكن إثبات أن القرآن يساعد على تقدُّم العمران بشرط فهم آياته مثل: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ، يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ.
ونشر التعليم في مصر غير صعب وممكن بسرعة إذا أرادت الحكومة بجعل التعليم إجباريًّا مثل التطعيم ضد الأمراض وإقامة المدارس البسيطة في كل القرى والمدن بنسبة عدد الأهالي. يتعلمون أ ب ت ث وليس فقط بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أي مبادئ التعليم وليس التعليم الديني الجاهز الذي يقوم على التلقين. ويتم التعليم دون قسر؛ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ. ويطلب البرهان؛ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. ويعلم السماحة ويدعو إلى السلم. فإذا قال وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فإنه يقول أيضًا وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وهو من حقوق الدفاع العمومية.٣٨

ولما كان الشميل أديبًا، وكان القرآن عملًا أدبيًّا بليغًا فإنه يستعمل بعض آيات القرآن كوسائل للتعبير مثل وصول الإنسان إلى الحقيقة فيكون «قاب قوسين أو أدنى». ويقف أمام الطاغية «يهدد كل جبارٍ عنيد» ليقول «أنا جبارٌ عنيد»، «لكم دينكم ولي دين» من أجل بيان تعدُّد المدارس الفكرية واختلاف الآراء في الصلة بين الدين والعمران. والشعراء «في كل واد يهيمون».

ولما كان القرآن دين العقل، فإنه يمكن تفسير الآيات بالعقل مثل تفسير النار التي رآها موسى؛ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى. وعندما يخاف الناس من الأرواح الشريرة يتعوذون بكل ملك كريم من كل شيطان رجيم.٣٩
ويذكر ابن خلدون إثبات الفلاسفة النبوة بالدليل العقلي واهتداء البشر بشرع الله كوازعٍ قوي. وأحوال الأمم وعوائدهم ونحلهم لا تدوم على وتيرةٍ واحدة ومنهاجٍ مستقر كما يقول ابن خلدون. ويشارك ابن خلدون أبقراط وابن سينا في النظرية الجغرافية وأثر الطبيعة في عادات الناس وسلوكهم، خاصة تأثير الحر والبرد والهواء والقوت والمكان كما هو الحال عند علماء طبائع العمران اليوم. ويمتد الأثر من الجسم إلى الأخلاق سابقًا داروين ولامارك. ولم يذكر ابن خلدون الأسباب الأدبية كما فعل أبقراط والتي تؤثر في العمران.٤٠
ويعتمد الشميل على قول الشهرستاني إن أهل الشرق ميالون للبحث عن ماهيات الأشياء وحقائقها في حين أن أهل الغرب ميالون للبحث عن طبائع الأشياء وكيفياتها. أهل الشرق أهل نظر وأهل الغرب أهل عمل وهو أحد أسباب تأخر الشرق وتقدم الغرب.٤١ وقد دفع ذلك الشرق إلى الكسل والغرب إلى النشاط.٤٢ فشرط تقدُّم الشرق هو أن يناظر الغرب ويتحداه على مستواه. الغرب نموذج للتقليد والشرق هو المقلِّد، تقليد المحدَثين بدلًا من تقليد القدماء، التبعية للمستقبل بدلًا من التبعية للماضي. وأهل الشرق لا يجمعهم جامع إلا السيف مثل محمد وبونابرت، يسوقون الناس كما تُساق الأنعام! ونابليون ليس شرقيًّا، ومحمد لم يسُقِ الناس بالسيف بل بالإقناع. وقد طالب عمر بن الخطاب بأن يُقوِّم الناس اعوجاجه فقام له أحد وخصص ذلك بالسيف. في حين أن العدالة في الشرق ما زالت محفوفة بالمخاطر مما يسمح للأجانب بالتدخُّل في شئون حياتهم.٤٣
ويُشار إلى أنوشروان لتفسيره الوازع على الحكم المطلق بأنه هو الحكم الملكي ورأسه الملك؛ فهو القادر على تأديب الرعية.٤٤ وما فعلَه المسلم مع المنصور في تحميله مسئولية الفساد في الأرض فعلَه أيضًا بهرام بن بهرام في تذكير الملك بالشريعة وطاعة الله. والبوذية تعاليمُ أدبية اجتماعية أكثر منها دينية. والبراهمة يتكلون على أنفسهم وليس على الله على عكس تعصُّب النصارى لدينهم واضطهادهم لمخالفيهم مما يدل على ضيق العقل. وقد نجح البراهمة في الاتكال على أنفسهم وتقدَّموا في الحضارة. وهم ينتسبون كما تروي الملل والنحل إلى رجلٍ منهم يُقال به برهام يقول بنفي النبوات واستحالتها في العقل.
وحقيقة الأديان واحدة بالنسبة لعلاقتها بالعمران لا فرق بين براهمة وبوذية. ودين بوذا أكثر الأديان انتشارًا بعد المسيحية. وهو ما اعترف به الشهرستاني في «الملل والنحل» في تحليله للفظ بوذا أي بوذا والبوديسعية، واحترامها للحياة. البوذية أصحاب الفكرة وهم غير البوذيين أصحاب المحسوس كما يقول الشهرستاني.٤٥
ويطبق الشميل نظريات الطب الحديث لدراسة شخصية السلطان عبد الحميد ومحمد وتيمورلنك وموسى وعيسى؛ فعبد الحميد تمتد أملاكه من الشرق الذي يحكمه الملوك والغرب الذي تحكمه الشرائع. واستطاع أن يحكم مدةً طويلة بالرغم من الشرائع الإلهية والوضعية نظرًا لأنه كان على قدرٍ عظيم من الذكاء. يخدم هواجسه. وكلها أسبابٌ سلبية؛ لذلك تجلى نشاط العرب في محاربة طغيان عبد الحميد وتأليف الجمعيات المناهضة له مثل الجمعية الإصلاحية التركية برئاسة أمين أرسلان، وجمعية الشورى العثمانية برئاسة رفيق العظم ورشيد رضا. وكان من وسائل ذلك نشر اللغة العربية التي يتكلمها المسلمون والمسيحيون، والاعتزاز باللغة القومية بدلًا من التركية. وكان سليمان البستاني من رُوَّاد هذا الاتجاه.٤٦
ويسترجع الشميل تاريخ الإسلام من أبي الفدا لشكوى مسلمٍ فساد الزمان وتحميل الخليفة المنصور المسئولية على ذلك لحجبه نفسه عن الناس؛ فالشريعة تُذكِّر الملوك بوجباتهم. ولاقى بطل السودان من الأمة السودانية عناية وحفاء. ومحمد علي هذا الرجل العظيم هو الذي بنى مصر وأسس المدارس الأميرية من أجل تخريج رجالٍ عمليين.٤٧
وبلغ الموروث الفلسفي القديم الذروة في إحاطة ابن سينا وتثبُّت ابن رشد.٤٨ نحا ابن سينا نحو أبقراط في الطب الجغرافي وشرح الأسباب الطبيعية لألوان البشرة بين البشر. وامتلأ كتابه بأسماء الأمراض والعقاقير والنباتات اليونانية. وأبقى على اللفظ اليوناني «إيساغوجي» مما يُعد اليوم أحد أسباب تأخر العلم. ويذهب الرازي في الغذاء لتفسير الخلاف بين الإذكار والإيناث مذهب ديوزن وسبقه.٤٩ والغزالي أكَّد أهمية الشك للتعبير «من لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر بقي في العمى والحَيْرة.» وهو من أكبر أئمة الدين المصلحين وفلاسفة الإسلام. وربما أطلع الكواكبي على كتاب ألفييري والذي أشار إلى ترجمة عبد الله جودت في طبائع الاستبداد. وقد اعتمد الكواكبي في «طبائع الاستبداد» على كتاب الفييري «الحكومات الظالمة» من خلال الترجمة التركية التي قام بها عبد الله جودت. وهو ليس كتابًا فوضويًّا بل كتاب يدعو إلى الحرية.٥٠ ويستشهد بإيمان الأفغاني الذي كلما عُرضَت عليه مشكلة قال «سبحان الله!» ويذكر من المفكرين في «أرق ليلة» الشيخ محمد عبده. والأفغاني من نوابغ عصره، عالمٌ واسع الاطلاع مع ذكائه وشجاعته. لم يكتب إلا نادرًا. واستعمل الخطاب الشفاهي أو يراع محمد عبده. واشتُهر بعد تأسيس جريدة مصر. والشميل هو الذي قدم أديب إسحاق لجمال الدين الذي كان يتردد كثيرًا على منزل حنا عيد قنصل بلجيكا. كان من الفلاسفة الرواقيين. كتب نفيًا للماديين ترجمة محمد عبده. لم يكن شاكًّا مثل المعري. تردَّد بين الآراء الإيمانية والشكية؛ فقد قسم الغزالي الآراء ثلاثة أنواع، رأي الجمهور، ورأي النصحاء، ورأيٌ خاص لا يطلع عليه أحد، وهو أن الأفغاني لم يكن من المؤمنين.٥١
ويستعمل الشميل تشبيه رشيد رضا بولع المسلمين بالحرية على النمط الغربي وتقليدهم لها كهيام العاشق بأم عمرو لسماعه قول الشاعر مادحًا لها وكرهه لها بسماع هجاء الشاعر لها. ويتفق معه في حاجة الإصلاح إلى الرجال. ويعتبر رشيد رضا غزالي عصره. ويستشهد بنقد محمد عبده لنظام التعليم في مصر بالرغم من أنه تعلَّم فيه لأنه احتاج إلى عشر سنين كي يمحو ما تعلَّم؛ فالشرق في حاجة إلى «مكنسة» محمد عبده، إمام الإسلام.٥٢
لم يكن الشميل بمفرده، بل كان مع أقرانه مثل يعقوب صروف الذي دخل في حوار مع إبراهيم الكفروني حول مساواة الرجل بالمرأة، والتي دوَّنها شميل في مقاله: المرأة والرجل وهل يستويان؟ وهل للمرأة نفس؟ ويُثني على باحثة البادية ملك حنفي ناصف وعلى أبيها اللغوي الأديب، وعلى قاسم أمين في تحرير المرأة. ويرثي عفيفة سعيد الشرتوني قرينة الأديب نصري موسى والمتوفاة في ١٩٠٦م في البرازيل، ويحيي بمناسبتها نفوس الشعراء. والآنسة مي لها منزلةٌ خاصة في قلب الشميل مثل منزلتها في قلوب أهل الفكر والأدب، وكذلك الساحرة إيزيس كوبيا. ويكتب لمي عن ماهية الشعر والأمل.٥٣
وهناك علماءُ في مصر وحكامٌ يشجعون العلماء ويستدعون العلماء الأجانب للاستفادة بعلمهم مثل أبات باشا رئيس المؤتمر المصري الطبي الأول، سواء مصريين أو متمصرين أو أجانب.٥٤ ويقارن بين محمد علي فاتح مصر ولويس الرابع.٥٥
ويُثني الشميل على علماء النهضة في لبنان مثل ناصيف اليازجي وإبراهيم اليازجي وبطرس البستاني وأحمد فارس الشدياق وخليل سعادة وبشارة زلزل ونجيب متري، وأفضالهم على اللغة العربية والنهضة الأدبية ومعظمهم من كفر شيما ومعهم على الشهابي. كما يثني على أمين الريحاني وجبران خليل جبران وفان دايك، وجرجي زيدان وأمين الريحاني.٥٦ ويحاول جمع آثار أخيه أمين ملحم؛ فالعائلة بل والكَفْر أهل علم وأدب.٥٧ ويُؤلِّف مسرحية بعنوان «مداعبة» تتعرض لشئونٍ فلسفية اجتماعية في قالبٍ روائي أبطالها الشميل وإسكندر الخازندار، وجبران، وأمين الريحاني وحنا سمعان، حوار على قهوة المنظر الجميل في عالية مساء الأحد وقت غروب الشمس.٥٨ وفي روايةٍ أخرى «مجلس الشميل» اجتمع لفيفٌ من الأصدقاء من بينهم الشميل (الفيلسوف)، والبرنس محمد علي حليم (السري الشريف)، وأحمد زكي باشا (الموظف العالم)، وسليم بك بسترس (المحامي)، والدكتور صابر بسيط (الطبيب)، ونجيب أفندي شاهين محرر المقتطف (الأديب)، وطانيوس أفندي عبده (الشاعر)، وسليم سركيس (الصحافي)، وجهات نظرٍ مختلفة في الإصلاح.
وكثير من أعلام الموروث هي أعلام العرب المعاصرين، صحفيين وأدباء وسياسيين؛ فقد دافع الصحفي سليم سركيس عن الأديب إسكندر شاهين طالبًا العفو عنه؛ فنقولا أرقش رشح الشميل إلى مجلس الأعيان. واتهم سليم سركيس روزفلت بأنه قاتل الوحشَين. ويناشد الشميل أمين رسلان قنصل لبنان في الأرجنتين حل الخلاف حول أوراق الجنسية. وشارك فتحي زغلول وفارس نمر في كيفية النهوض بالسلطنة، وهي عند الشميل ثلاث؛ الرجال والمال والوقت، الرجال بالعلم والتربية، والمال بالموارد، والوقت ما أكثره. ويعلن لمي زيادة آراءه السياسية وكرهه لحكم السلطان عبد الحميد. وأول عدد أصدره أديب إسحاق من جريدة مصر في القاهرة. وأصدر عبد الرحمن البرقوقي مجلة «البيان»، وسركيس له مجلته. ومن مصر يذكر نوبار باشا، وإسماعيل باشا، وصفوت باشا، وعرابي باشا. وواضح إعجاب الشميل بإسماعيل باشا باعث النهضة الحديثة في مصر ورئيس وزرائه رياض باشا الوطني الغيور. وأخلاق إسماعيل من شيم الكبار، على عكس توفيق وبطانته. كما يقص الشميل إثر مقابلة إسماعيل في طنطا بالرغم من نفور الشميل من مقابلة الحكام حتى لا يكون فيها تحديدٌ لحريته كما هو الحال مع حكام الشرق. وكان رياض محبًّا للعلم والأدب مثل الخديوي وخبيرًا بالشئون الإدارية والمالية وإسماعيل صفوت من بطانته. زاره الشميل مع صديقه نمر فارس.٥٩
ويخاطب إسماعيل باشا في ضرورة تأليف حزب اللامركزية وكذلك يتوجه إلى شوكت باشا الصدر الأعظم لنفس الغاية، وكامل باشا الصدر الأعظم لحل مشكلة لبنان. ويُحذِّر صديقه إبراهيم سليم النجار من المتزلفين، والنصح أفضل من الغنى،٦٠ وناظر بك وزير داخلية الحكومة التركية. ويذكر حادثة جمال باشا وشهداء ١٩١٥م، وأسماء الشهداء والهاربين.٦١

وقد رفع مصطفى فاضل باشا مؤسس حزب تركيا الفتاة ابن إبراهيم بن محمد علي كتابًا مفتوحًا «من أمير إلى سلطان» إلى السلطان عبد العزيز خان. كما خاطب فؤاد باشا في وصيته الشهيرة إلى السلطان عبد العزيز بدافع المصلحة العمومية يُعبِّر له فيه عن آرائه الإصلاحية. وقد عرَّبها سليم سركيس في كتابه «سر مملكة»، وكان الصدر الأعظم يوسف كامل باشا صهر الخديوي محمد علي. وقد فصل الشميل ترجمة مصطفى فاضل باشا إعجابًا به. ويكتب الشميل رسالة إلى رشيد بك والي بيروت وبورصة لاحقًا متسائلًا عن استيائه من مظفر باشا والي لبنان. ويكره الشميل السلطان عبد الحميد خان، محمد علي باشا، شفيق منصور، جبرائيل كحيل، إسكندر عمون. ويثني على بعض الأجانب الصرحاء في مصر مثل د. غرانت الذي وقف ضد المحسوبية التي تحاول وضع الرجل المستدير في الثقب المربع، ومثل أبو ستوليدس مترجم الإلياذة وأصدقائه الذين حضروا الاحتفال بالترجمة في القاهرة مثل فريد بيازوغلي وداود عمون والشيخ علي يوسف ومحمد مسعود وأخنوخ فانوس.

(٢) الموروث الشعري: ويغلب الموروث الشعري الموروث الديني؛ فالشعر ثقافة العرب مثل الدين. وفي العصور المتأخرة يعود الشعر إلى الظهور باعتباره ثقافة العرب الأصيلة وليس العلوم الدينية التي ظهرت في عصور الازدهار. وقد يكون الشعر من تأليفه أو من استشهاده أو من ترجمة شعراءَ آخرين؛ فالشميل شاعر ومفكر وعالم في آنٍ واحد. وله قصائدُ شعرية طويلة أقرب إلى الملاحم مثل قصيدة الدهرية في آثار ملحم شميل. تبدأ بالله والدين والنفس والعقل والكون والمعاد والثواب والعقاب، تعبيرًا عن نسق العقائد. وهي قصيدةٌ منسوجة على منوال القدماء في شكوى الزمان.٦٢ وينظم نظرية التطور شعرًا على عادة القدماء.٦٣ بل إنه يترجم الملاحم اليونانية شعرًا مثل فيجينيا في أوليد، وحوار أجمنون وآشيل وعولوس قبل أن يعيد صياغتها راسين.٦٤
والموروث الشعري في المجموعة الثانية أقل بكثير. ربما لأن موضوعات الدين والفكر تتيح قرض الشعر أكثر مما تتيح موضوعات السياسية الحزبية المباشرة. وفي المجموعة الثالثة تنتشر الشواهد الشعرية على أكثر من ثلث صفحات الكتاب.٦٥ ويتناول الموضوعات التالية:
  • (أ)
    العلم: ينظم الشميل بالشعر اتجاهه العلمي العلماني الذي عبر عنه بالنثر. العلم الصحيح مرضعة البشر، وسبيل إدراك أسرار الكون.٦٦ وفي حالة الخيار بين العلم والدين فالعلم أولى بالخيار. الدين لعبة في أيدي السياسة، والعلم أداة لنهضة الشعوب. وقد أنشد الشميل شعرًا تحية للمدرسة الكلية التي تعلَّم فيها. ولا يكفي شعر عنترة في وصف الفرس فالعصر عصر العلم. الشعر يتغير بتغير العصور. والحياة سرٌّ ما زال العلم يدركه. والزلزال ليس من غضب الآلهة بل من الطبيعة القاسية؛ فالطبيعة لا تظلم بل الإنسان هو الظالم.٦٧ ويستشهد الشميل ببيتَين من أرجوزة ابن سينا في الطب شارحًا فيها سبب اختلاف الألوان في البشر. ويُبيِّن أن القضاء المبرم في اليد والقبلة والدرهم ولحس الأصابع.٦٨
    والموت والحياة سنة الاجتماع الطبيعي، لا فرق بين الكائن الحي والكائن الاجتماعي.٦٩ ولما كان في الجسم الحي جهازٌ عصبي وجهازٌ دوري وجهازٌ تراثي فإن الجسم الاجتماعي له أيضًا جهازه الاجتماعي وهو التعاطف الاجتماعي أو الفكر أو الشوق. والعمل والجهد أيضًا سنة الحياة؛ لذلك كان الإنسان أعظم من الجبل. ولا عجب من ذلك.
    والشميل ضد التقليد وتشبُّه النساء بالرجال والرجال بالنساء بصرف النظر عن مساواة المرأة بالرجل جسميًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا، كفكر أو كواقع، كنظر أو ممارسة؛ فالمرأة في قلب الرجل، والنساء في ضمائر الرجال. وقد قيل إن النساء لا يرضيهم شيء. والرجل لا يريد بهم سوءًا. المرأة كائنٌ رقيق. وينظم شعرًا لمي زيادة يُعبِّر فيه عن رأيه الرومانسي في المرأة، وإلى الساحرة إيزيس كوبيا.٧٠ والرجل هو المسئول عن صلاحها وفسادها، ملاكًا أو شيطانًا؛ ومن ثَمَّ يجب تعليم النساء العلوم الحديثة بالإضافة إلى النسويات. وكان من جهلها دفنُها مع زوجها.٧١
  • (ب)
    الدين. والشعر الاجتماعي وليس شعر المتكلمين هو الذي يكشف الحقائق الدينية الاجتماعية على حدٍّ سواء كما هو الحال في قصيدة «صدى النفوس ورجع الصدى» وهو الدين. الدين «جزء من الوجدان وأكبر تعزية لبني الإنسان». الدين في دائرة الوجدان وليس في دائرة العقل؛ فالدين يكفي حاجة الإنسان في حاجة العجز النظري أو العملي. الدين ليس صوتًا بل صدًى، ليس فعلًا بل رد فعل، ليس واقعًا بل خيالًا، ليس يقظة بل حُلمًا، ليس دنيا بل آخرة، ليس موتًا بل حياة.٧٢ هو الشوق لعالمٍ أفضل إذا ما اشتد الضنك.

    ثم أعطى للمعبود صفاتٍ مطلقة قادرة على تعويض نقص الإنسان وعجزه ثم استدعائه على الظالم، رحيمًا بالمظلوم، منتقمًا من الظالم، رءوفًا بالضعيف، جبارًا على المتكبر؛ فالله حالةٌ نفسية وتعبير عنها في ضعفها وعجزها. الله في النفس وليس في الوجود، في الداخل وليس في الخارج، في الإنسان وليس في الطبيعة. هو الحامل لأماني الإنسان وأحلامه.

    ومهما كان الدين يملأ فراغ الجهل والعجز فإن العقل قادر على الثورة وتحويل الجهل إلى علم، والعجز إلى قدرة. وإن كان الدين يؤجل الحاضر إلى المستقبل، والعاجل إلى الأجل فإن العقل قادر على الإعداد للمستقبل بالرغم من الخوف والتخوُّف. الشجاعة والثقة بالنفس والمبادرة والمغامرة كل ذلك قادرٌ على التخلُّص من الوَهْم والعود إلى الحقيقة، ومن الحلم إلى اليقظة، ومن التمني إلى التحقُّق.

    نشأ الدين من الجهل والعجز قبل مرحلة الأديان السماوية الثلاثة الكبرى، اليهودية والمسيحية والإسلام. عبد الناس آمالهم وأحلامهم أو مخاوفهم؛ فالعبادة موقفٌ نفسي تجاه العالم. تبدأ بالمحسوس وتنتهي إلى المجرد، من الأرض وتصعد إلى السماء ابتداء من الكواكب والنجوم كما هو الحال عند الصابئة حتى نحت الأصنام تقرُّبًا إليها. ثم تحوَّلَت إلى بشر يتقاتلون ويتزوجون كما هو الحال في الأساطير اليونانية قبل أن تأتي ديانات التوحيد وما تبقَّى من التجسيم والتشبيه في اليهودية والمسيحية حتى أتى الإسلام دين التنزيه المطلَق.٧٣
    ويجيب الشميل بالشعر على سؤال: هل في الوجود عالمٌ آخر؟ وهو ما يُبرِّر وجود الدين ويُشرِّع له، انطلاقًا من النفس إلى الوجود، ومن الواقع إلى الخيال، ومن اليقظة إلى الحلم.٧٤ وأراد البعض ممارسة الرهان مثل رهان بسكال لإثبات احتمال وجود عالمٍ آخر، وصاغ ذلك شعرًا. في حالة وجود عالمٍ آخر الإنسان يكسب، وفي حالة عدم وجوده فإنه لا يخسر شيئًا. وهو موقفٌ انتهازي أو «أوبرتونيسم».٧٥ والرغبة في الخلود رغبةٌ إنسانية والبقاء بعد الموت بل والاتحاد بالعالم الفسيح وليس في القبر الضيق.٧٦ ولماذا الخلود في السماء وترك الأرض، والفرح في السماء والحزن في الأرض؟ والدين هو العدل على الأرض قبل العدل في السماء.
    ليس الدين عقائد رجال الدين بل علاقة بين الإنسان وربه.٧٧ وقد تحول الدين إلى صنعة ورياء.٧٨ ليس الدين مجرد صوم أو صلاة، إنما هو ترك الشر وتنقية الصدر من الغل والحسد.٧٩ فأهم شيء ليس هو عقائد خلود النفس، بل صفاء النفس وسلامة الإدراك.٨٠ الدين هو الدين الطبيعي الفطري وهو أساس دين الوحي. هو دين يقوم على فعل الخير والإحساس بالجمال.٨١
    والانتقال من الشرك إلى التوحيد، ومن التجسيم والتشبيه إلى التنزيه انتقالٌ طبيعي بفضل العقل الإنساني. وهو ما قام به الوحي وساعد عليه.٨٢ ويُعجَب الشميل بالمنار ورشيد رضا والأستاذ الإمام محمد عبده، على عكس سلامة موسى الذي كان يمقته.٨٣
    والدين ليس هو الحلال والحرام. وقد ينشأ منه الضرر أكثر من المنفعة. الدين هو يقظة الضمير وحب الخير للناس بلا تمييز. وهو الدين الواحد الذي يصاحبه كل الأنبياء. وهو تحقيق العدل بين الناس ورفض الخرافة والسحر والعنقاء والغول.٨٤ ويستشهد بأبي العلاء على الإيمان الباطني القائم على الخوف من الله وفعل الخير.٨٥ ورفضُ النفاق وقولُ ما لا يفعل.
    والدين أحد مصادر القهر، كما وضع الكواكبي ذلك الاحتمال في «طبائع الاستبداد».٨٦ والعقل أساس الدين قبل أن يتحول الدين إلى أساسٍ للسلطة.٨٧ وآفة الدين الفرقة والصراع بين الأديان.٨٨
    جوهر الأديان واحد. فلم التفرقة بينها؟ القصد منها إصلاح العمران والإخاء الإنساني. وهي كسائر المخترعات بين أيدي البشر، وسيلة للكسب. الأمة رؤساء الملة ورجال الدين. وهو حال النصرانية في العصور الوسطى. والإسلام أيضًا في تاريخه لم يسلم مما اقترفَتْه أيدي رجال الدين.٨٩ الدين الحق يمنع الجهل ويؤكد التناصُر بين بني الإنسان، بل إن الحيوانات لا تستطيع أن تعيش إلا في جماعة. وقام المصلحون لتصحيح ما أفسده رجال الدين. ولا فرق بين المصلح الاجتماعي والمصلح الإلهي. دين الإنسان الحق هو العلم. الدين الحق هو العلم الصحيح.٩٠ وهو نفس موقف أوجست كونت.٩١
  • (جـ)
    الوطن: والدين والوطن لا يجتمعان؛ فالدين للآخرة والوطن للدنيا؛ ومن ثَمَّ تأتي ضرورة الفصل بينهما. الأديان متعددة والوطن واحد. الدين ناشئ من الوهم والوطن واقع. ومن يجمع الدين والدنيا كمن يريد أن ينكح الثريَّا.٩٢
    وبالرغم من أن الشميل لبناني الأصل إلا أنه مصري المقام والهوى. أشعاره في مصر وأرضها عديدة. يؤلف فيها ويستشهد بأقوال شعرائها. مصر تتجاذب اللين والشدة، الرحمة والعنف، بلد المتناقضات وأرض العجائب.٩٣ ويمكن نصرة المصريين في المعمعة. يقومون ضد الاحتلال ويُستشهَدون.٩٤ وأنشد الشميل في مصر وطنه الثاني والشام وطنه الأول.٩٥ حب الأوطان شيءٌ طبيعي. ومقاومة عدوٍّ يعترف بفضل من يقاومه أفضلُ من إشفاقٍ يأتي من الأهل.٩٦ للوطن تاريخٌ زاهر وماضٍ عريق مثل بعلبك وآثارها. والتقدم إن لم يكن إلى الأمام كما هو الحال فقد يكون إلى الخلف كما هو الحال في الشرق.٩٧ والوطن مهبط العلم.٩٨
    وقد كانت الأمة ناهضة قبل انحطاطها وتقدم الغربيين. وقد تخلَّفَت الأمة الآن وأصبحَت مطمع كل طامع. لذلك استنهض محمد إبراهيم العرب واضعًا السوريين بالهمة والإقدام.٩٩
  • (د)
    الإنسان: ويعارض الشميل المعري في نفي مسئولية الإنسان ووضعها في الآباء والأجداد.١٠٠ وهو ملتون الشرق وأحد رُوَّاد الشعر فيه.١٠١
    وشواغل الإنسان كثيرة موزَّعة بين المال والفكر، بين الدنيا والآخرة.١٠٢ ويُعبِّر الشعر عن التجارب الخلقية مثل الهجاء والمديح والأسى والصبا. والشيب في النفس وليس في البدن.١٠٣ والحكيم لا بد له من قوة مثل سيف الله المسلول وهو ما يجافي دعوة الدين إلى المحبة والسلام. وقد يكون السيف مجازًا يعني قوة الحكمة ومضاء الحق.١٠٤
    وإغاثة اللهفان وإبراء المريض وإطعام الجائع من طبائع الأمور. والتقرب إلى الله لا يتم إلا عن طريق خدمة الناس.١٠٥ وقد ينتحر الغني بسبب البطنة والفقير بسبب الجوع.١٠٦ والمجاملة أحيانًا خير من المخاصمة العقيمة.١٠٧ وقد تؤدي زيادة النحس إلى تجسيم الوهم.١٠٨ والإنسان يرفع صوته إذا كذب ويخفض صوته إذا صدق.١٠٩ والإنسانُ لا يقول إلا الحق.١١٠ والعفو من شيم الكرام.١١١
    والثورة ضد الظلم شيءٌ طبيعي، وثورة العمال ضد الاستغلال منادين بالاشتراكية حقٌّ طبيعي حتى ولو خربَت الدنيا إن لم تتسم بالحكمة.١١٢ الثورة ضرورةٌ طبيعية إذا ما نهب الأغنياءُ الفقراء وسيطر الأقوياءُ على الضعفاء.١١٣ ولا يعفو المذنب عن البريء، ولا الظالم عن المظلوم. والقضاء يتحرك لقتل الأفراد ولكنه لا يتحرك لقتل الشعوب.١١٤
    وقد يصبح الشعر غاية في ذاته، أداة للحديث مع النفس، ومناجاة الروح حتى لا تصدأ النفس. وعذاب اليوم مثل سنة ولذة سنة مثل يوم. وعلاج مفاصل البدن أيسر من جلْي صدأ الروح. والشعر صادق في الهجاء، متكلَّف في المديح. ولا يدري الشاعر أحسن أم أصاب. الشعر مجرد خواطر في النفس. وقد يشعر الإنسان أن فوق صدره جبلًا وتتسلط السوداء عليه. ويمكن ترجمة الشعر العربي دون أن يفقد شيئًا من جماله لأنه شعر الحقائق.١١٥
  • (هـ)
    المجتمع: وإذا لم يتم تطبيق القانون في المجتمع يلجأ الإنسان إلى الحيلة.١١٦ وإن لم يُوجد الخير في الصدق فلا محالةَ من الكذب.١١٧ والخير والشر مجردَين ليسا من هذا العالم. ويتعلَّقان بالأوضاع الاجتماعية. والأخلاق فطريةٌ مطبوعة، ومُكتسَبةٌ مجهولة.١١٨ وحرية الطباعة ضرورية للمجتمع ولنهضة الشرق.١١٩ وهي ليست صحافة الإثارة والتحريض بل صحافة النقد الاجتماعي. وقضاء الله خير من قضاء البشر. الأول قضاءٌ أبدي والثاني قضاءٌ زمني.١٢٠
    ومع ذلك فللجهل عذرٌ لا يفوت ذوي الفضل. وبين الناس فروقٌ في التربية.١٢١ والاعتناء بالأطفال ضروري؛ فهم رجال الغد.١٢٢
    والاستبداد يجعل الملك في مهب الريح لا يستقر على حال. وواجب الحكومة عدم الاعتداء على الآمنين بل المحافظة على مصالح الناس. ويبدو استحالة الجمع بين النقيضَين، الملكية والدستور، التسلُّط والحرية، أو حتى الإخاء الديني. ودور الصحافة هو نشر الوعي بالحرية بين الناس وإصلاح الحال العثماني؛ فالبطل هو بطل القلم لا بطل السيف. وقد قال نابليون أمام فشته: لقد هزم القلمُ السيف.١٢٣ وأنشد شعرًا بعد ترشيحه لمجلس الأعيان. والمنصب قيدٌ على حرية الإنسان. ومع ذلك يشكر المرشِّح له. وليس سبب الحروب عدم كفاية الأرض بل أطماع الإنسان في الجاهلية الأولى.١٢٤

ثالثًا: الوافد العلمي والأدبي

الوافد الغربي هو العلم والأدب نظرًا للعلاقة الوثيقة بين العلم والمجتمع، بين الطبيعة والإنسان، بين الحقيقة والجمال.

في المجموعة الأولى يتقدم العلماء مثل أبقراط على الأخلاق. نموذج العالم الطبيب، صورة الشميل في الماضي؛ فماضي العلم مثل حاضر العلم، ثم سبنسر أحد علماء نظرية التطور وتطبيقها في العلوم الإنسانية خاصة الاجتماع والأخلاق، ثم دارون وأرسطو وبروكا، لا فرق بين القدماء والمحدَثين في العلم، ثم لمبروزو العالم الاجتماعي الإيطالي ثم شاركو ونيوتن وبشنر وتوبينار وهوشك وأكاسيز في الطبيعة وأنصار الفلسفة المادية في علم النفس الذين يدرسون النفس باعتبارها وظيفةً للعضو الحي، ثم بال وديوزن ودولوني أيضًا من أنصار فلسفة الحياة العضوية. ثم يأتي عشراتٌ آخرون مثل وليم طومسون ولامارك وهكسلي وهولباخ ويونج وهيكل من علماء الحياة، ومثل نيوتن من علماء الطبيعة.١٢٥

ومع العلماء يأتي رجال السياسة. ويأتي في المقدمة اللورد كرومر الذي أثار المصريين بكتابه «مصر الحديثة». ينقد فيه تأخر الشرقيين ويعيب عليهم انحطاطهم مقارنةً بتقدُّم الغربيين، ثم ألفييري في كتابه عن الطغيان والذي قيل عن الكواكبي إنه اقتبس أفكاره في «طبائع الاستبداد»، ونابليون نموذج الفاتح المستنير الحديث، ابن الثورة الفرنسية، ثم كالفن والبروتستانتية باعتباره حركةً حديثة، ثم إيتيفان الفوضوي الذي عشق الحرية والذي حُوكم في الغرب ذاته، حضارة الحرية والتقدُّم، ثم فولتير وروسو وسان يوسف، والإسكندر وغاريبالدي وبسمارك بل ونيرون. ومن الأدباء ديموستن وتاسيت وهوميروس وملتون وشكسبير ولامارتن، وهوجر وموسيه وروستمان. ومن الفلاسفة بسكال وفيثاغورس وبطليموس وأرشميدس وأفلاطون وشوبنهور وكانط ودیدرو وكلمنت السكندري.

والحقيقة أن عرض هذا الوافد لم يكن لذاته بل كان مرآةً يرى فيها الموروث التقدُّم العلمي للغرب، ويعكس صورة التخلُّف العلمي للدولة العثمانية كما هو الحال عند الطهطاوي عندما يرى الإسكندرية في مرآة مرسيليا، والقاهرة منعكسة على باريس؛ فأرباح فرنسا في معرضها عام ١٨٨٩م تعكس خسائر مصر بسبب الحوادث العرابية في ١٨٨٢م، كما لاحظ نیمارك.١٢٦
وفي المجموعة الثانية يتقدم أبقراط مما يدل على أهمية الطب كمصدرٍ للفكر، ثم كامبل وألفييري، العلم والسياسة، ثم روزفلت ولويس الرابع عشر. ويتداخل العلماء والأدباء والسياسيون معًا في بيئةٍ ثقافية واحدة.١٢٧
وفي المجموعة الثالثة يتقدم كوخ الطبيب على الإطلاق، ثم دارون ونيتشه ثم برغمن ثم هوجو، وروستان، ودي موسیه، ثم باستور وأرسطو وروسو. ويتداخل الأدباء والفلاسفة والعلماء والساسة في وحدةٍ حضارية واحدة.١٢٨
والعلماء أبطال الإنسانية مثل نيوتن ودارون وجنر وباستور.١٢٩ الألمان تجار علمٍ أكثر منهم علماء على عكس الفرنسيين والإنجليز والطليان الذين أنجبوا مثل لامارك مكتشف نظام الأحياء الكبرى الطبيعي وأبو دارون وباستور مكتشف الأحياء الدنيا وصاحب مذهب التعقيم والاختمار. ويا ليت الأمة الألمانية اقتصرت في العلم في الغاية الكبرى منه وهو خير المجتمع كما قصد جنر الإنجليزي وباستور الفرنسي، وماركوني الطلياني، واستثمَرَتْه كما فعل كوخها وأهرلنخيها. برغصون (برجسون) يعالج العلوم متأثرًا بالموهوم بالرغم من أهمية نظريته في الإرادة الحرة، في دائرة الراجح من موروث ومخبور. وزميله الفيلسوف ريشيه من أعضاء الغائية. وذلك كله من أثَر سطوة الفلسفة على العلم، مع أن العكس هو الصحيح، سيطرة العلم على الفلسفة. وقد أوضح كلود برنار التضادَّ بين الفلسفة والعلم كما وضح في الطب التجريبي. كما أن فلسفة أرسطو أضغاث أحلام. العلماء والمخترعون هم الذين ساهموا في تقدُّم البشرية مثل ماك آدم وستفنسون أكثر من أفلاطون في الجمهورية وفلاسفة دائرة المعارف. وهو ما أقرَّه نابليون في حكمه على روسو ومور وفنلون وآرائهم الخيالية؛ فأمل روسو لا وجود له إلا في خياله.١٣٠
وأبقراط هو نموذج الشميل عند اليونان فهو أبو الأطباء؛ فقد قارن في كتاب «الأهوبة والمياه والمساكن» بين أهل آسيا الأقل نجدة في الحروب من أهل أوروبا الأعظم نجدة؛ لأن الملوك تحكم آسيا وكان الناس رعية لهم وعبيدًا لا يهمهم التمرين على السلاح بل الهروب من الجندية؛ لأن الخطر غير موزَّع على الناس بالسواء.١٣١ وعليه أن يتوخَّى منفعة مريضه، فرد الأمراض إلى نظام الطبيعة. وللطبيعة أثرٌ على أخلاق الشعوب كما لاحظ أبقراط أبو الطب؛ فكل ما ينبت في آسيا أقوم خَلقًا لاعتدال فصولها ولأثرها على لون البشرة ويشاركه في ذلك المُشرِّح صابي. وقد رفض علماء آخرون هذا الرأي الذي يعتمد على الاكتساب وقالوا بالخصائص الوراثية.١٣٢ ويذكر أبقراط جيلًا من البشر المكروسفال أصحاب الرءوس المتطاولة بعد تشويه رءوس الأطفال وتشديد الصقالبة ثدي البنات. وكما يتم تشويه الأجسام يتم تشويه الأخلاق.

وقد جمع أبوقراط بين الأسباب الطبيعية والأسباب المادية المؤثِّرة في البشر ولم يكتفِ بالأسباب المادية فقط كما فعل ابن خلدون. لكل شيء سببٌ طبیعي، وبدون سببٍ طبيعي لا يكون شيء. الاجتماع الميداني جسمٌ حي تتعاون أجزاؤه عند أبوقراط. وهو مشابه لمبدأ أخلاق الإنسان سواء كان أرسطو ونيوتن أو إنسان متوحش. ولا يرى سبنسر هذا الكمال في حياة الاجتماع الفزيولوجية لأن في الحيوان جهازًا عصبيًّا هو مركز الأعمال العقلية. ولا يُوجد في العمران ما يشبه ذلك. ويرفض هكسلي تشبيه الاجتماعات بالأحياء لاستخراج القواعد السياسية لأن التاريخ الطبيعي لا يدل على السياسة الاستبدادية. أما سبنسر فيرى أن التاريخ الطبيعي يدل على السياسة الحرة. عند هكسلي يؤدي تمثيل المسح الاجتماعي بالحي إلى حصر الحكومة في مركزٍ معين. في حين أن عند سبنسر الأعضاء ظاهرة وباطنة، الظاهرة تدل على القوة أما الباطنة فلا.

تدخل الحكومة ضروري عند سبنسر وهو موجب وسالب، الموجب الإكراه على فعل والسالب الردع عنه. ويضيف دارون أسبابًا أخرى مثل الانتخاب الطبيعي والجنسي والقوت والأمراض. وعند هويتلي أهم الأفعال التي تقوم بها حياة المملكة تتم عن طريق أناسٍ مدفوعين بمصلحتهم الخاصة. وعند سبنسر من الخطأ تصوُّر ألا يُوجد دافعٌ آخر غير المنفعة الذاتية؛ فالمحبة مع المنفعة ضروريان. ووظيفة الدماغ عنده التعديل بين المصالح المختلفة الطبيعية والعقلية والأدبية والاجتماعية. ويزيد آخرون على طبيعة الدفاع الفكر والروية. استوفى سبنسر الميل الغريزي من اليد القوية في ارتقاء الأمم وأغفل أمر الروية المجتمعية في الدفاع. ورو صاحب اكتشاف مصل الدفتريا. والأطباء المعاصرون أحفاد أبقراط وربما فيثاغورس. وقد كان فضل العرب ترجمةَ كلِّ مؤلفاتِ أبقراط إلى العربية وهو ما حفِظَه للعالم ونقله الغربيون عنهم.١٣٣
وكوخ هو نموذج العالم، وهو عالم البكتريولوجيا الألماني والطبيب الذي حاول اكتشاف أسباب مرض السل بعد أن اكتشفه باشلس. وقد جمع المؤتمر الطبي في برلين مئات الأطباء صاحبهم الشميل مثل، روشياس. وحضر كثيرٌ منهم في مصر على صلة بأوروبا وبعلمها ونهضتها تتخذها نموذجًا لها. وأخبار العلم تثير الانتباه أكثر من أخبار السياسة. واكتشافات كوخ غطَّت على مناورات كبریفي وكرسبي السياسية بل وبانتصارات بسمارك العسكرية. وقد استدعَتْه الآستانة للاستفادة من علمه. وقد جرَّب هنوخ استعمال كوخ في الأطفال. وحضر من الصحفيين النمسوبين أرطوفوكس الذي كان يعرف مصر وكذلك الأطباء مثل سغم وينبرجر الذي تعرَّف عليه الشميل في عيادة الدكتور هيرا. كما تعرَّف على كوندرات وتلتوف. وعرف سبل العلاج مثل حقن براواس ودواء فيرشو ومناقشات جرهر وتجارب برغمن أحد مساعدي كوخ، والجرَّاح الشهير برتليين وصديقه ويستفال.١٣٤
وحدث خلاف في الآراء بين الأطباء مثل ليتن الذي رأى أن الأنسجة المتدرنة كلما كانت أكثر كان ردُّ الفعل أشد. كما عارض آخرون آراء كوخ مثل تيبيرج. وتردَّد كوهلر في قبول نتائجه. وتردَّد كورنيل في قبول تشخيصه. كما دخل في النقاش فرنويل وريشيه وهريكور، وبيك، وبرتين. ويُلخِّص الشميل محاضرة واستون شين عن تشريح الأنسجة الدرنية لفائدتها. كما استمع إلى محاضرة ويلاخوا عن الهواء الأصفر. وتعرَّف على ستروس البكتريولوجي، والمعملي سانشتولد والمكسيكي. وينقدُ الشميل الأوضاع الطبية في مصر كما ينقدُها الأطباء والأجانب مثل الدكتور فرخوا الألماني أمام الجمعية الطبية المصرية.١٣٥
ویرى سبنسر أن أهل الشرائع العوائد والمعاملات والمعایش تحصل للناس بالتربية والمحاكاة أكثر مما تحصل بقوة الحاكم.١٣٦ وأن الضرر الذي يلحق بالاجتماع من نزع شرائعه القديمة قبل إحكام شرائعه الجديدة ليس بأقلَّ من الحيوان الذي يعيش بين اليابس والعامر. والجسم الاجتماعي مصطلحٌ وضَعَه سبنسر بالرغم من استعمال الشميل له في مقدمته الأولى بشنر عام ١٨٨٤م. وتشبيه العمران بالجسم الحي معروفٌ عند القدماء كأفلاطون وأرسطو وفلاسفة القرن الثامن عشر مثل روسو (وشكسبير). ولا فرق بين سبنسر وبين سنن الاجتماع وسنن الحياة، وكذلك الأمر عند شفل الألماني؛١٣٧ فعند سبنسر أن القوى الكبرى في الحيوان، الغاذية والمدبِّرة والموزِّعة. وهي في الاجتماع تشبه الصناعة والحكومة والتجارة. وجعل اسبينوزا المحبة العاقلة بين الحيوانات المدركة بسبب اللذة الحاصلة للحيوانات من مشاهدة صورها في أمثالها. ويرى دارون أن سببها المنفعة.
وقد سبق ابن خلدون دارون ولامارك في القول بأثر الأسباب الطبيعية على السلوك البشري.١٣٨ ونظرية دارون في القرود الأولى بها أن تظل مدفونة في الكتب عند المحافظين. وهو أشبه بلوحة تيرنار رجوع عولص من جزيرة كاليبو. وتنازُع البقاء عند دارون يجعل بين الكريات وهي حيواناتٌ صغيرة تنازعًا شديدة طبقًا لمبادئ الموافقة والمخالفة وهو ما يُسمَّى بالانتخاب الطبيعي.١٣٩ وقد نشر الشميل فلسفة النشوء والارتقاء لعرض مذهب دارون، فأثار عاصفة شديدة حتى أصبح كمذهب كوبرنيقس في الكون وجاليليو في الأرض. كان دارون نموذج باحثة البادية في دراساتها عن المرأة طبقًا للنظام الطبيعي. ويُعجَب الشميل بالدكتور بلس المربي عندما نصحه بأن يكتم ردود أفعاله الغاضبة بعد مثيراتها لمدة أربع وعشرين ساعة حتى يمكن الحكم عليها عقلًا. وقد يؤمن الإنسان بمبادئ دارون ونيتشه ولكنهما غير قادرَين على الإجابة على سؤال: ما الحقيقة؟ القوة قد تكون ضعفًا وهو ما حدث لنابليون.
ويعتمد الشميل في السياسة على القول المنسوب إلى أرسطو المسمى بالبدائل السياسية. ويضرب المثل بدنلوب في علم السياسة.١٤٠
وفي البحث عن أصل الإنسان هناك مدرستان، طاليس وفيثاغورس.١٤١ ومن علماء الهيئة القدماء هيبرخوس. وتكثر أسماء العلماء الأوروبيين في موضوع المرأة والرجل هل يتساويان في وصف الخصائص البيولوجية لكلٍّ منهما بما يؤكد قول الفلاسفة القدماء مثل أفلاطون وأرسطو، ومن المحدَثين شوبنهور وديدور، أن المرأة أقل من الرجل ونماذج من النساء مثل سيراميس وكليوباترا وزنوبيا. ويتذكر عديد من فلاسفة القانون الماديين مثل هولباخ وشركو وبال ولمبروزو وماريلييه.١٤٢ ويذكر مذهب ديوزن في التغذية في موضوع الإذكار والإيناث المشابه لمذهب محمد بن زكریا الرازي.١٤٣ كما تذكر امتحانات (تجارب) دارون ويونج على دعاميص الضفادع من أجل معرفة أثر الغذاء في الإذكار والإيناث. ويذكر دولوني أن المرأة أرقى من الرجل وأكثر قدرة على استعمال اليدَين. ويُلخِّص الشميل في نشرة جامعة الزواج والعائلة كتاب العلامة الطبيعة شرل لاتورنو من مدرسة الأنثروبولوجيا؛ أي علم الإنسان، في باريس.١٤٤
ويذكر الشميل أسماءً كثير من علماء عصره في علوم الطبيعة والأحياء، مثل سقوط جراثيم الأحياء من السماء. وعارض ليل الجيولوجي الإنجليزي ذلك، واعتبر الظواهر الطبيعية نتيجة عواملَ طبيعية.١٤٥ ووافقه شمير وأكاسيز.
وقد اكتشف كبلر نواميس حركة السيارات بعد خمس عشرة سنة من البحث حتى حرَّر عقله من قيود النقل، وكذلك فعل نیوتن باكتشافه قانون الجاذبية بعد أن أعاقت تعاليم أرسطو وتقليدها تقدُّم العلم. وقد قدَّم للبشر علماء الإنجليز اكتشافاتٍ عديدة مثل نيوتن والجاذبية ودارون ومذهب النشوء والتحول والسير أليفرليدج النفق بين السماء والأرض لمخاطبة الأرواح.١٤٦ ويؤيد برستيد وينوكم والسير أليفرليدج إمكانية مناجاة الأرواح قدَّم ذلك لأناسٍ مشهورين مثل قيصر ونابليون وجان دارك. بل إن الشميل قرأ أسابيا الساحرة المشعوذة الشهيرة التي عرضَها المقتطف في كتابها «شفاء الغريب».
وكان هنتر يحلم بالخلود الجسماني للجميع. ولم يستطع علماءُ آخرون مثل اللورد كالفن وأغاسيز النفي البات ولا دارون بل انقاد لمبروزو إلى الخرافات مع أنه من أنصار الفلسفة المادية. والعلوم هي وسيلة التقدُّم والعمران منذ اليونان حتى اليوم، فلسفة أرسطو وطب أبقراط وكيمياء هرمس وعلوم أرشميدس وساهم في ذلك السكندري. والأساطير اليونانية مملوءة بذلك الطب الميثولوجي. وكان هيكل يبحث عن «مونيرة» في أعماق البوسفور يُفسِّر بها نشأة الحياة. ويضرب المثل بماركوني ولموان في صنع الماس كنماذج من التكنولوجيا.١٤٧
والعلم يُحرِّر العقل من التقاليد كما حدث لكلير حتى اكتشف قوانين حركة السيارات بعد خمسة عشر عامًا. وكذلك كبلر حتى اكتشف حركة السيارات الإهليليجية. اعتبر أرسطو قديمًا أن الكواكب كائناتٌ كاملة حركاتها دائرية. وعرف نيوتن قانون الجاذبية بتجديده في قوانين كبلر؛ فالعلم تراكَم من أرسطو حتى العصر الحديث. وقد يبدو العلم حُلمًا ولكنه حقيقة كما يقول جاليليو. وقد أقامت باريس سلسلةً من المعارض الدولية مثل معرض نابليون وكارنو لعرض ما وصلَت إليه الإنسانية من تقدُّمٍ علمي وصناعي.١٤٨
وقد تكون هناك صلة عند البعض بين العلم والسياسة، بين البحث والحرب، بين الفلسفة المادية والقتال. كما وضح في رسالة الشميل إلى هيكل أثناء الحرب عام ١٩١٥م عن احتمال وجود صلة بين الحرب وفلسفة نيتشه وبرنهاردي؛ فالصراع من أجل البقاء أساسه الحرب. وينفي رسل هذه العلاقة كما ينفيها الشميل وهيكل.١٤٩ وبرنهاردي عنصري يقصر التآخي الإنساني على الأمة الواحدة، واعتبار الحرب فضيلة من فضائل الاجتماع.١٥٠ الحرب لديه عملٌ عادل، نتيجةٌ طبيعية للبيولوجيا. والحكومات لا تُكره الناس على الإيمان عند بشنر وهو الفيلسوف المادي. وعند غاريبالدي لا يُدرك العلم والأدب إلا بزوال العقائد والأديان.١٥١
كان لويس الرابع عشر كبيرًا بوزارئه، ولويس السادس عشر صغيرًا بوزارئه وكما يقص فولتير في تاريخه. وقد ازدهرت العلوم في عصر لويس الرابع عشر كما ازدهرت في عصر الإسكندر الأكبر ومحمد الفاتح، وكما كتب فولتير إلى لورد هارفي. وكان بونابرت ومحمد يسوقون الناس بالسيف كما تُساق الأنعام، لا فرق بين نبي وقائدٍ عسكري.١٥٢ أراد نابليون إرجاع ملك الرومان وإمبراطوريتهم. وقد حكم على إيتيفان الفوضى بالإعدام.١٥٣ وكتب ألفييري «الحكومات الظالمة» فقد كان مولعًا بالحرية.١٥٤ وألَّف مسرحياتٍ سياسية مثل «كليوباترا» و«شاءول» وبلغ مجموعها اثنين وعشرين، بالإضافة إلى كتاباته السياسية التي بلغ فيها مستوى مكيافيللي ومونتسكيو وروسو. وأبقراط سياسي أيضًا إذ لاحظ أن أهل أوروبا تحكمهم شرائعهم في حين أن أهل آسيا تحكمهم ملوكهم. وتمتد الإمبراطورية العثمانية شرقًا وغربًا. ويستطيع الطب أن يحلل الأنبياء والشخصيات السياسية الكبرى مثل موسى وعيسى ومحمد والإسكندر ونابليون وتيمورلنك ونيرون.
وينقد الشميل كامبل القائم بأعمال التجنيس الأمريكي، بان السوري ليس له الحق في الجنسية الأمريكية وكأنه لا يعيش في القرن العشرين، رجوعًا إلى القرون الوسطى؛ فالسوري آسيوي وليس أوروبيًّا في حين أن الشريعة الأوروبية أصلها سوري، والمسيحية نبيها سوري. وكيف تدَّعي أمريكا الديمقراطية وهي لا تساوي بين البشر؟ ولا فرق في ذلك بين كامبل وروزفلت.١٥٥ ويثني على بورلي طرید الحرية الذي وضع قانونًا لحرية المطبوعات.١٥٦ وأرسطو هو صاحب الدائرة السياسية التي هي أساس الشرائع، كما تُنسب لكسرى أنوشروان؛ فلا يهم القائل بل القول، ولا يهم المؤلف بل النص. مات المؤلف وعاش النص.
وعند الشميل نماذجُ غربية فلسفة أرسطو، وفصاحة ديموستين، ورواية طاسيت، وعلم نیوتن، وخواطر بسكال، وإسهاب فولتير، وإصابة روسو، في تواضُعٍ جم، وأنه لن يصل إلى هذه النماذج. فولتير نموذج الشكَّاك المحدَثين. ويستشهد بحمار بيوريدان على الحرية التي تقوم على غياب البواعث.١٥٧ وينقد حروب نابليون وجحافله في الغرب، وكسرى في الشرق، وهانيال في الجنوب؛ فالحروب ليست خاصة بمعسكرٍ دون آخر. وافتخر بها هوميروس في شعره. ونابليون هو الذي احتل مصر ولكن أدركت مصرُ بعدها أهمية العلم. وقد أُعجب الشميل بنقد رزفلت للقضاة الذين يتمسكون بسخافاتٍ فنية واصطلاحية تؤخر الأحكام. وسقراط هو الحكيم الباحث عن الحقيقة ومعاني الأشياء، لا فرق بين سقراط وأبقراط. كلاهما نموذجان أبديان، يُستعملان كاسمَين مستعارَين عَبْر العصور. كلاهما حكيم. واللاأدرية موقف بين الوجود والعدم مثل حمار بيوريدان بين حزمتَي الحشيش. وكيف لا يقوم في الأمة مثل لامارتين وولطر سكوت.١٥٨ والناشئة السورية الآن تتغذَّى بالأطعمة التي طبخها شكسبير وكيتس.
ولكل شعبٍ شعره الذي يُعبِّر عن وجدانه مثل شعر هوميروس عند اليونان وأشعار المصريين القدماء. يغلب على شعر اليونان الحماسة وعند المصريين الخوف من الحيوانات مثل التمساح، وعند البريطانيين الجد والعبوس. كما يتضح في شعر ملتون. وعند العرب والإيطاليين والإسبان الألحان الشجية والغزل والتصابي.١٥٩ وكان الحكم على دريفوس لطمة على خد العالم بين مؤيد ومعارض.١٦٠ وقتْل ماكنلي رئيس جمهورية الولايات المتحدة شغل الناس أكثر من قتل شعبٍ آمن. وحكم القاضي جوري على الفوضوي إيتيفان لمحاولته قتل اثنَين من رجال الحفظ. ويُشيد بكتاب ألفييري «الحكومات الظالمة» ويُشيد بولعه بالحرية على عكس سان يوسف الذي رأى أن نابليون سيُعيد للملوك سلطتهم. والحكم على الطبيب لابورث في فرنسا أثار غضب الأطباء. ويذكُر من الشعراء هوجو الذي أُعجب به الشعراء العرب لثوريته وشاعريته في آنٍ واحد. ويذكُر شعر دي موسیه وروستان وإمكانية ترجمته على عكس صعوبةِ ترجمةِ المتنبي وأبي تمام والمعري لأن الشعر الغربي يُطل على الحقائق في حين أن الشعر العربي يُعبِّر عن المشاعر.
وأقدم الحضارات حضارةُ مصر عند مانثون الذي أمره بطليموس فيلادلفوس بنقل الكتب المقدسة لهيكل اليوبوليس العظيم تاريخ مصر منذ أيامها الأولى في ثلاثة مجلدات، وأيده هيرودوطوس.١٦١ وقد اعتمد اليونان على حضارة الهند، مثل طاليس وأرشميدس وهيرخوس. وقد أحدث كتاب اللورد كرومر «مصر الحديثة» رد فعلٍ عنيف عند المصريين بسبب ما جاء فيه من أن العمران والقرآن نقیضان لا يلتقيان. وعمَّم الحكم على مصر والدول الإسلامية جميعًا. وجعل القرآن العقبة الكئود في سبيل ارتقائها، والمسئول عن تقهقُرها. وقد اندفع كرومر في الحكم ولم ينظر إلى القرآن إلا من خلال المعادين له. وهو من أعاظم رجال العصر.١٦٢ اعتقد كرومر أن أحكام الإسلام ليس بها المرونة الكافية. والحقيقة أن الدين لا علاقة له بالعمران لا من حيث رُقيِّه أو تقهقره. لقد استطاع الإسلام تحويل العرب من مجموعة من البدو إلى صنَّاع حضارة بفضل القرآن. ولا يتخلف في ذلك القرآن عن الإنجيل، ولا محمد عن عيسى. ومع ذلك فإن الحكم بأن شريعة القرآن لا تُوافق العمران حكمٌ خاطئ. وفي الغرب كفَّر رجال الدين أيضًا جاليليو لأنه قال إن الأرض تدور. وعندهم أن يشوع أوقف الشمس، وثبَّت حركة الأرض، ولم يُمس جوهر النصرانية بأذًى. ولولا ثورة مارتن لوثر والثورة الفرنسية لما نجح الغرب في القضاء على سلطة رجال الدين، فالقرآن ليس مسئولًا عن تقهقر الأمة الإسلامية. كما أن الإنجيل لم يكن دافعًا عليها إنما كان ذلك بفضل لوثر. وهو نفس موقف محمد عبده في الإعجاب به. كما يُعد نابليون كذلك لدرجة أن البعض اعتبره من خوارق الطبيعة. وهو رجلٌ سفاح ضحَّى بالثورة الفرنسية من أجل منفعته الخاصة.
وبالرغم من أن الغرب نموذج الحضارة العلمية إلا أن آسيا قديمًا كانت سابقة عليها؛ فقد سبقت الصين الغرب في الطباعة عند جوتنبرج بل واكتشفت أمريكا قبل كولمبوس.١٦٣ ويفسر ذلك طبيعيًّا عن طريق أثر الأنهار الجليدية في نوع الإنسان؛ فالإنسان الشرقي أقدم من الإنسان الغربي في التاريخ؛ إذ يمتد تاريخ الشرق إلى مائة وخمسين قرنًا في حين لا يزيد عمر الإنسان الغربي عن سبعة أو ثمانية آلاف سنة؛ لذلك كانت بلاد الهند وإيران والكلدان مهد التمدُّن وأم العلوم. ولا فضل لأحد في ذلك. ولكن خمول الشرق ونشاط الغرب جعل الشرق يفقد مَيزته، مَيزة الماضي، ويتفوق الغرب عليه لنشاطه وتحويله حداثتَه إلى تفوُّق. وفي نفس الوقت يصف انحطاط الشرق الأدبي والعقلي وتقدُّم الغرب.١٦٤ وله ولعٌ بالغرب وبسحر باریس، عاصمة اجتماعية، وثقافية وعلمية.١٦٥
والخلاصة أن شبلي شميل ليس كما يُقال عادة ممثل التيار العلمي العلماني الذي يقطع مع الدين والتراث، وتابعه في ذلك فرح أنطون ويعقوب صروف وسلامة موسى، بل كان للموروث الأولوية على الوافد بعد إصلاح الموروث.١٦٦
البداية بمحبة الذات أي الأنا كما هو الحال في الحضارة الغربية منذ ديكارت حتى هوسرل. ولا يعني ذلك الأنانية كرذيلة بل البداية بالفرد وليس بالله أو السلطان. وتتضمن قيم الكبرياء والشرف وكل ما يؤكد على استقلال الأنا وحريته؛ فالكوجيتو عند الشميل عملٌ أخلاقي. والتحوُّل من القول إلى الفعل هو أحد مسارات التحول من القدماء إلى المحدَثين، من الموروث إلى الوافد.١٦٧
ومنهج الشميل هو التحليل العقلي والبرهان المنطقي بالإضافة إلى التجارب العلمية التي من خلالها يظهر الواقع الاجتماعي. والقوة العضلية ليست حجة، والعقل أقوى منها.١٦٨ ويتضمن العقل حرية الفكر والبحث والشجاعة في الإعلان عن الحق دون مداراة. وأكبر عدو للعقل هو الوهم كما هو الحال عند اسبينوزا؛ لذلك يُفرِّق الشميل بين سلطان الوهم وسلطان الحقيقة.١٦٩ وغاية العلم التقدُّم وازدهار المجتمعات ونهضة الشعوب. والطبيعة هي المعيار الثاني للحقوق، هذا الكتاب الأبدي المفتوح.١٧٠
ويمتاز الشميل بالتواضع، وبأنه لم يبلغ شأن العلماء القدماء أو المحدَثين.١٧١ ومع ذلك فالجديد أفضل من القديم، والمحدَثون أكثر علمًا من القدماء. والموضوعات التي يتطرق إليها الشميل موضوعاتٌ جديدة لم يألفها الناس مثل الحياة وأصلها؛ فقد رسخ في الثقافة الشعبية الخلق من عدم لأن الله قادر على كل شيء. في حين أن لا شيء يخرج من لا شيء عند الخاصة. الثقافة الشعبية تقوم على الانقطاع بين الخالق والمخلوق في حين أن ثقافة الخاصة تقوم على التواصل بينهما.١٧٢ وهو الفرق عند القدماء بين نظرية الخلق من ناحية ونظريتَي الفيض والقدم من ناحيةٍ أخرى. وكذلك الأدوار الجليدية وتأثيرها في الإنسان. ومثل تاريخ الاجتماع الطبيعي والتشابُه بين الخلق والعمران، بين العالم الصغير والعالم الكبير كما قال إخوان الصفا، وبين جسم الفرد وجسم المجتمع كما قال الفارابي.
وتمتاز الأفكار بالجدَّة والابتكار بالنسبة للمجتمع العربي وإن لم تكن كذلك بالنسبة لمصدرها في المجتمع الأوروبي. ونظرًا لسرعة انتشار الأفكار فلم تعُد جديدة. ومع ذلك فإن أهميتها في دلالتها التاريخية، كيفية نشوء الأفكار في الشرق؛ أي كيف تعرَّف العرب المحدَثون على أفكار الغرب الحديث.١٧٣

إذا كان أهم رافد للموروث هو الدين، وأهم رافد للوافد هو العلم، والأدب مشترك بينهما، فقد تم التركيز على الدين والعلم حتى بدأ الشميل موزعًا بين قطبَين، الدين الذي انقضى والعلم الآتي. وهو ما يُميِّز المجموعة الأولى في حين تغلب الموضوعات السياسية على المجموعتيَن الثانية والثالثة.

ويؤمن الشميل بانتصار الثورة الاشتراكية. الثورة ضرورية بالرغم من التدرج في الحياة الطبيعية والاجتماعية؛ فالاشتراكية قانونٌ طبیعي واجتماعي في آنٍ واحد، ماضي البشرية البعيد ومستقبلها القريب. ولا خلاف عليها بين التيار الإصلاحي والتيار الليبرالي، بين الأفغاني والطهطاوي والشميل، وجامعًا بين فيورياخ وماركس في آنٍ واحد. والعجيب عدم ظهور فرويد في كتاباته وهو المشتغل بعلوم الحياة.١٧٤
وأما تهمة الإلحاد فهي تهمة لصقَت بكل المفكرين والعلماء الأحرار منذ سقراط حتى جان بول سارتر، ضد كل من يرفض جعل الدين مجرد عقائد وأشكال، يقينيات وطقوس، غيبيات ومؤسسات بعيدًا عن حياة الناس الفردية والاجتماعية، وحرياتهم ومساواتهم. تجربة الإلحاد في الغرب هي تجربة الإيمان في الشرق، التوحيد العقلي، والعلم الطبيعي، وكرامة الإنسان، والعدالة الاجتماعية ونهضة الشعوب، والتقدُّم في التاريخ.١٧٥
ومع ذلك يغلب عليه الفكر المنقول، والعلم الدخيل، والانبهار بالغرب، وكثرة الألفاظ المعربة. مما دفعه إلى الإعجاب بصديقه كرومر مع مجموعة صحفيي المقطم، والإعجاب بالصهيونية كتيارٍ اشتراكي في أوائل القرن الماضي قبل أن تتحول إلى حركةٍ استيطانية عُدوانية توسُّعية. وتُظهر الولاء المزدوج في حَيْرته بين الشرق والغرب، بين القديم والجديد، والأنا والآخر، والدين والعلم، والنظر والعمل، والتسلُّط والحرية.١٧٦
١  ندوة شبلي شميل، الجامعة اللبنانية، الفرع الثالث، طرابلس، ٢٠٠٠م.
٢  محمد جمال الشيال، «البعثات التعليمية في عصر محمد علي». والمشروع القومي للترجمة أحد المشاريع الرائدة للمجلس الأعلى للثقافة بوزارة الثقافة، بجمهورية مصر العربية.
٣  حسن حنفي: من النقل إلى الإبداع، مج١ النقل، ج٢ النص، الفصل الأول: الترجمة، دار قباء، القاهرة، ٢٠٠٠م.
٤  وهو ما سمَّيناه الجبهات الثلاثة؛ الأولى الموقف من التراث القديم لإعادة بناء العلوم، علم الكلام في «من العقيدة إلى الثورة»، وعلوم الحكمة في «من النقل إلى الإبداع»، وعلم أصول الفقه في «من النص إلى الواقع»، وعلوم التصوف في «من الفناء إلى البقاء»، والعلوم النقلية في «من النقل إلى العقل». والثانية الموقف من التراث الغربي وفيه: مقدمة في علم الاستغراب، قضايا معاصرة، في الفكر الغربي المعاصر، وترجماته عن الفلسفة المسيحية في العصور الوسطى، واسبينوزا ولسنج وسارتر. والثالثة الموقف من الواقع وفيه قضايا معاصرة، في فكرنا المعاصر، الدين والثورة في مصر، هموم الفكر والوطن، حوار المشرق والمغرب (مع محمد عابد الجابري)، حصار الزمن.
٥  «هموم الفكر والوطن»، الفكر العربي المعاصر، رابعًا: الواقع العربي المعاصر، دار قباء، القاهرة، ١٩٩٨م، ج٢، ص٤٨١–٦٠٩.
٦  يتضح ذلك عند الطهطاوي. الموروث القديم: نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز، تاريخ العرب قبل الإسلام … إلخ. والوافد الغربي: تخليص الإبريز في تلخيص باريز، وقائع تلماك، وسائر ترجماته من التراث الغربي. والواقع العربي: المرشد الأمين في تربية البنات والبنين، مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية، ومقالات الوقائع المصرية. وعند طه حسين الموروث القديم في إسلامياته ونقده الأدبي مثل: الشيخان، الفتنة الكبرى، وحديث الأربعاء، والشعر الجاهلي. والوافد الغربي: مستقبل الثقافة في مصر، دستور الأثينيين، قادة الفكر وترجماته عن الأدب اليوناني. والواقع العربي في أدبه مثل: الأيام، ومقالاته في الكاتب المصري، والمعذبون في الأرض. وعند العقاد الموروث القديم في إسلامياته وعبقرياته، والوافد الغربي في: عقائد المفكرين، الشيوعية والإنسانية، فلاسفة الحكم في العصر الحديث، لا شيوعية ولا استعمار، أفيون الشعوب، الحكم المطلق في القرن العشرين. والواقع العربي: الإسلام في القرن العشرين، حقائق الإسلام وأباطيل خصومه، ما يُقال عن الإسلام. وزكي نجيب محمود، الوافد الغربي في المنطق الوضعي، خرافة الميتافيزيقا، نظرية المعرفة، رسل، هيوم، نحو فلسفة علمية. والموروث القديم في: جابر بن حيان. والواقع المعاصر في كتبه الخمسة والعشرين تجميعًا لمقالات الأهرام ابتداءً من «تجديد الفكر العربي» حتى «حصاد السنين» مرورًا بقصة نفس، وقصة عقل. وعثمان أمين الوافد الغربي في ترجماته ومؤلفاته عن ديكارت وكانط ورواد المثالية الألمانية، والموروث القديم في الجوانية، والرواقية في الإسلام، ومحمد عبده ورواد الإصلاح، والواقع العربي في نحو جامعات أفضل … إلخ.
٧  التيار الإصلاحي: «العروة الوثقى» للأفغاني ومحمد عبده، «الأستاذ» لعبد الله النديم، «أبو نضارة» ليعقوب صنوع، «المنار» لرشيد رضا، «النذير»، «الشهاب»، «الإخوان المسلمين»، «الدعوة»، «الشعب» للإخوان المسلمين، «اليسار الإسلامي» لحسن حنفي، بل ودائرة معارف مثل دائرة معارف القرن العشرين لمحمد فريد وجدي. التيار العلمي العلماني: «الشفاء» لشبلي شميل، «الجامعة» لفرح أنطون، «المقتطف» ليعقوب صروف، «المجلة الجديدة» لسلامة موسى، «العصور» لإسماعيل مظهر. والتيار الليبرالي: «الوقائع المصرية» للطهطاوي، «الجريدة» لأحمد لطفي السيد، «السياسة الأسبوعية» لمحمد حسين هيكل، «الرسالة»، «الثقافة»، «الكاتب المصري» لطه حسين وأحمد حسن الزيات. والأمثلة على ذلك كثيرة.
٨  إعادة تصنيف المقالات طبقًا لهذه الموضوعات العشرة كآلاتي:
  • (أ)

    العلم: الحياة وأصلها، الأدوار الجليدية، الفلك، المريخ معمل الحياة، الاجتماع الطبيعي والبشرى، كشكول طبيب، وصف النوبة في القلب، لحس الأصابع، ظواهر لا تفسر، ماذا أكتب؟ القضاء المبرم في اليد والقبلة والدرهم، إن من العلم لسحرًا، مناجاة الأحلام وقرع الأوهام، آيات العصر الميثولوجية، نفق أوليفرلودج. العالم بعد ٦٠ سنة، رجال الغد.

  • (ب)

    الدين: الدين والحق، الزلزال غضب الآلهة، في السماء، صدي النفوس، هل في الوجود عالم آخر؟ ساعة في الماضي، الدفن والمدافن، الإصلاح، مخاطبة الأموات، كلمة مرة ولكنها حرة، القرآن والعمران.

  • (جـ)

    الأخلاق: حوادث وأفكار، المرأة والرجل، الإذكار والإيناث، الخير والشر، شواغل.

  • (د)

    الاجتماع: الانتحار، شكوى المستأجرين، بئس الإخلاص، الحاجيات والكماليات، المريض، حق لا طلب.

  • (هـ)

    التعليم: التعليم العملي، ضحايا الجهل، حلم هو الحقيقة، علموهم لا تقسروهم، أ ب ت ث.

  • (و)

    الاشتراكية: الاشتراكيون، الحزب الاشتراكي.

  • (ز)

    السياسة: سيادة الأمم ومستقبل الملوك، الفوضوية، القتل الاجتماعي، لطمة على خد العالم، كما تكونوا يُولَّى عليكم، الأمم والحروب، أحناء وأنحاء، نظرة هامة في مسألة عامة، إلى جريدة الوطن في بيروت.

  • (ﺣ)

    الصحافة: الجرائد في الشرق، أم الجرائد، حرية الطباعة.

  • (ط)

    القضاء: إصلاح القضاء، القضاء على القضاء، حكم كاذب، من أين أبتدئ، روزفلت والقضاء.

  • (ي)

    الشرق: انحطاط الشرق، كتابنا.

٩  أطولها تاريخ الاجتماع البشري (٢٣ص) وأقصرها لا يتجاوز صفحةً واحدة مثل: بيان ما أطوعه وما أطعمة، الزلزال غضب الآلهة، ضحايا الجهل، وصف النوبة في الربو، إن من العلم لسحرًا، نفق أوليفرلودج، إصلاح القضاء، روزفلت والقضاء، الحاجيات والكماليات، وكلٌّ منها صفحةٌ واحدة أو أقل.
١٠  ويمكن توزيع المقالات على الموضوعات العشرة الآتية:
  • (أ)

    الدولة العثمانية: شكوى وآمال، ملحق حول شكوى وآمال، مسألة الأرض، تركيا الفتاة وتركيا العجوز، عبد الحميد في نظر الطب، جمعية الشورى العثمانية، عضوية الشميل فيها، جمعية الإخاء العربي العثماني، ترشيح الشميل لمجلس الأعيان، رسالة العرب والأتراك، أفضل الوسائل لأنها من السلطنة، دعوة إلى التمزيق، برقية الشميل إلى طلعت بك، السير إلى الأمام، أجهل أم جبن أم نفاق؟ تحيَّتي وأُمنيتي، الصفح أَوْلى، من أمير إلى سلطان، مصطفى فاضل باشا، وصية فؤاد باشا، كتاب مفتوح إلى والي بيروت، بعد الصلح اللامركزية، حزب اللامركزية العثماني، اللامركزية كما يراها الشميل، موقف الأمة العثمانية اليوم، بيان حزب اللامركزية، الإدارة العثمانية، برنامج حزب اللامركزية، رخصة تأليف اللامركزية، مساوئ السيطرة التركية ومسئولية أوروبا، بيان جمال باشا عن شهداء ١٩١٥م، أسقيك بالوعد يا كمون، ما هي قصة بالوعد يا كمون؟ أين المبعوثان؟

  • (ب)

    لبنان: أهكذا يكون الجند يا أهل لبنان؟ الخلاف بين اللبنانيين وقنصلهم في الأرجنتين، كتابات لبنانية، المطالب اللبنانية والجرائد التركية، اللبنانيون محط آمالهم، لبنان ومتصرفوه، إلى جريدة الوطن في بيروت، كتاب مفتوح إلى والي بيروت، الحاجة في الإصلاح إلى الرجال، اللبنانيون وإصلاح وطنهم، ماذا في بيروت؟ رحلة مباركة في سبيل لبنان، جمعية الاتحاد اللبناني.

  • (جـ)

    سوريا: صدى المستشفى السوري، فيلسوف سوري وآراؤه السياسية، سوريا ومستقبلها، أصخور أم صدور؟ خطبة زائر، إغاثة السوريين، سوريا اللذيذة الجائعة.

  • (د)

    مصر: المؤتمر الطبي المصري، القناة بعد ٦٠ سنة (قناة السويس)، إطالة امتياز القناة، لويس الرابع عشر ومحمد علي باشا.

  • (هـ)

    الصهيونية: رأي الشميل عن الصهيونية، عمروا واستعمروا فالأرض ميراث المجتهد، الصهيونية وخصومها.

  • (و)

    الحرية: كتاب فوضوي، طبائع الاستبداد، الفييري والشميل والكواكبي، سيادة الأمم ومستقبل الملوك.

  • (ز)

    الاجتماع والسياسة: الترامواي رسول عزرائيل، الإصلاح الإصلاح، ما هو الإصلاح المطلوب؟ موقظات (الإعلان)، حلم هو أم حقيقة؟ (العلم) المدرسة الكلية وبروجرامها.

  • (ﺣ)

    السياسة: النغولة في السياسة، السياسة، أحرب أم سلام؟ خواطري في الحرب.

  • (ط)

    الشرق: انحطاط الشرق الأدبي والعقلي، نحن وهم، نظرة في أحوالنا، دماغنا وهل ينظف؟ نحن وحكومتنا، اقلعوا الأشواك من بينكم.

  • (ي)

    الغرب (أمريكا): رئيس جمهورية أمريكا والقضاء، رسالة إلى جمعية الاتحاد السوري في نيويورك، التجنيس الأمريكي وحقوق الإنسان، المستر روزفلت قاتل الوحشين، قصة رسالة الشميل إلى روزفلت.

١١  هذه الموضوعات العشرة هي:
  • (أ)

    نظرية التطور: القرود ليسوا من طائفتنا، الأستاذ هيكل وتهمة التزوير، رسالة شميل إلى أرنست هيكل، الطب، لزوم استعمال اليدين على حد سوى، كشكول طبيب، مذهب دارون ووجود الله.

  • (ب)

    الفلسفة: الفلسفة المادية حقيقتها ونتائجها، الفلسفة والعلم والألمان والحرب، الانتخاب الطبيعي وفلسفة الألمان في الحرب، الصامت المتكلم، الرجحان.

  • (جـ)

    الدين: صدى النفوس ورجع الصدى، الله تعالى وإسماعيل صبري وشميل، الله بين أمين الريحاني وجبران، الله والعلم (أحمد شوقي)، سوانح وتذكارات عن شميل، الحق أن يقال، وإنما الأرض له سكن، شبلي شميل وأسلوب المصارع.

  • (د)

    الأخلاق الاجتماعية: حوادث وأفكار، الجنايات والاجتماع، العمال في القديم، فكرة الخير والشر، إلى صاحب مبحث اجتماعي، رد على رد، الاشتراكية الصحيحة المريضة، مسألة قضائية، المخالفة والجنحة والجناحية، تباين المدارس في التربية (رجال الغد)، نشر التعليم وإطلاق حرية الفكر والقول.

  • (هـ)

    المرأة: فتاة الشرق، شميل وقضية المرأة في الشرق، على من الذنب؟ المرأة والتعليم والحجاب، امرأة المستقبل، نشوء جامعة الزواج في العائلة، بين الشميل والآنسة مي، رعب مي وطمأنة لها، إلى الساحرة إيزيس، وفاق (بالفرنسية)، إيزيس كوبيا، إلى الشميل من الآنسة مي (إيزيس)، الشميل الشاعر (مي) حول كتاب الصحائف لمي، الصداقة والحوار بين الشميل ومي.

  • (و)

    الشعر والأدب واللغة: نحن الذين نقرأ اللغة العربية، تكلموا لغتكم، نفوس الشعراء، التحول في الشعر، مقدمة فيجنيا في أوليد، مثال في فيجنيا، هرة الشميل، عصا حافظ وجزمة الشميل، المأساة الكبرى، رواية تشخيصية، مداعبة بقالب روائي، دفنس وخلوي، هذه آخرة من يقرأ الشميل.

  • (ز)

    الصحافة: حرية الطباعة وقانون المطبوعات، فوضى المطبوعات، الصحافة، جرنالوفونيا وجرنالوفاجيا، مستقبلها لها، سابقة العرب في استعمال الجرائد، الصين أم الجرائد، تقريظ للشفاء (خليل اليازجي) ذكريات الشميل من مجلة الشفاء.

  • (ﺣ)

    الوطن والحرب: الحنين إلى الوطن الأول، هذه الحرب الجنونية، أسأمتني حتى أسقمتني، خاتمة الحرب، فون برنهاردي ورأس ألمانيا المنتفخ.

  • (ط)

    الأقران: رحلات لقاء برلين مع زملاء عثمانيين، الرحلة الثالثة إلى أوروبا، الرحلة الثانية إلى أوروبا، أرباح فرنسا من معرضها عام ١٨٨٩م. ترجمة تاريخ الجبرتي إلى الفرنسية، الشميل وأديب إسحاق، الاحتفال بمترجم الإلياذة، شيء من الشيخ نصيف اليازجي، شيء من الشيخ إبراهيم اليازجي، جمال الدين الأفغاني في نظر الشميل، الشميل في خاطرات الأفغاني، في حلبة الفكر والشعور (العقاد)، الشميل يرثي جرجي زيدان، الشميل ينعى ميخائيل مشاقة، رسالة من الشميل إلى أمين الريحاني، في حلبة الفكر والشعور (العقاد)، مصطفى رياض باشا، المعارف ودولتلو رياض باشا. وإخوته: آثار ملحم شميل، قصيدة الدهرية (ملحم شميل)، ملحم إبراهيم شميل، أمين إبراهيم شميل. صورته عند أقرانه: الشميل في ذاكرة نعوم أديب، مجلس الشميل (سليم سركيس)، الشميل في رباعيات فرحات، خاتمة عامة (سركيس).

  • (ي)

    نحن والغرب: تبًا لدهر رجاله صبيان كبار، مساء السبت في شوارع بورتلاند أوريجون، بين الشميل والكاتب الأمريكي.

١٢  وذلك مثل: حوادث وأفكار، فكرة الخير والشر، استعمال اليدَين على حدٍّ سوى، كشكول طبيب.
١٣  وذلك مثل كلما خمدَت زادها سعيرًا، لمحمد صادق الجيزاوي، ج١، ص٧٩–٨٤. المرأة والرجل وهل يتساويان، رد، ج١، ص١٠٥، ١١٧.
١٤  هي مراحل ست طبقًا لمراحل التحول من النقل إلى الإبداع في علوم الحكمة القديمة: (أ) تمثل الوافد. (ب) تمثل الوافد قبل تنظير الموروث. (ﺟ) تمثل الوافد مع تنظير الموروث. (د) تنظير الموروث قبل تمثل الوافد. (ﻫ) تنظير الموروث. (و) الإبداع الخالص. انظر: «من النقل إلى الإبداع»، مج٢، التحول ج٢، التأليف، ج٣ التراكم.
١٥  (أ) تمثل الوافد (١٠): المرأة والرجل هل يتساويان؟ القتل الاجتماعي، كتاب فوضوي، إن من العلم لسحرًا، ظواهر لا تفسر، مناجاة الأحلام وقرع الأوهام، مخاطبة الأموات، نفق أوليفرلودج، ساعة في الماضي، آيات العصور الميثولوجية، العالم بعد ٦٠ سنة (أو امتياز قناة السويس وحقوق مصر).
(ب) تمثل الوافد قبل تنظير الموروث (٩): حوادث وأفكار، الحياة وأصلها، الأدوار الجليدية وتأثيرها في الإنسان، الاجتماع البشري أو العمران، تاريخ الاجتماع الطبيعي، القضاء على القضاء، الاشتراكية، نظرة هامة على مسألة عامة، المريخ أو معمل الحياة.
(ﺟ) تمثل الواقع مع تنظير الموروث (٨): كشكول طبيب، أحناء وأنحاء، انحطاط الشرق الأدبي والعلمي، شواغل، الأمم والحروب، أ ب ت ث، التعليم العلمي، هل في الوجود عالم آخر؟
(د) تنظير الموروث قبل تمثل الوافد (٨): القرآن والعمران، حول مقالتي، الإذكار والإيناث، رجال الغد، ماذا أكتب؟ أرق ليلة، صدى النفوس ورجع الصدى، علموهم ولا تقسروهم.
(ﻫ) تنظير الموروث (١٨): ماذا أقرأ وماذا أرى؟ رأى وقال، الرجل والمرأة وهل يتساويان؟ القضاء على القضاء، فكرة الخير والشر، المريض، الانتحار، حلم هو الحقيقة، الزلزال غضب الآلهة، القضاء المبرم في اليد والقبلة والدرهم، ضحايا الجهل أو الإنسانية المظلومة، أم الجرائد، الجرائد في الشرق، إلى جريدة الوطن في بيروت، من أين ابتدئ؟ الحاجيات والكماليات، حرية الطباعة وقانون المطبوعات، الدفن والمدافن وعلامات الموت.
(و) الإبداع الخالص (١٤): بمعزل عن الناس أو حلم في اليقظة أو يقظة في الحلم، الاشتراكيون، الاشتراكية، الحزب الاشتراكي على المبادئ الطبيعية، وكما تكونوا يُولَّى عليكم (تركيا الفتاة وتركيا العجوز)، سيادة الأمم ومستقبل الملوك، لحس الأصابع، كُتَّابنا، حكم كاذب، إصلاح القضاء، بئس الإخلاص، الدين والحق، شكوى المستأجرين ومبدأ العرض والطلب، حق لا صلف وواجب لا رحمة.
١٦  (أ) تمثل الوافد (٩): شكوى وآمال، كتاب فوضوي ١٨٩٨م، التجنيس الأمريكي وحقوق الإنسان، ما هي قصة رسالة شميل إلى روزفلت؟ اللامركزية كيف يراها الشميل؟ اقلعوا الأشواك من بينكم.
(ب) تمثُّل الوافد قبل تنظير الموروث (٥): انحطاط الشرق الأدبي والعلمي، ألفييري وشميل والكواكبي، المؤتمر الطبي المصري، أحرب أم سلام؟ موقظات، فيلسوف سوري وآراؤه السياسية، لويس الرابع عشر ملك فرنسا ومحمد علي فاتح مصر.
(ﺟ) تمثُّل الواقع مع تنظير الموروث (٢): عبد الحميد في نظر الطب، المستر روزفلت قاتل الوحشين.
(د) تنظير الموروث قبل الوافد (١): لبنان مثل المملكة كلها.
(ﻫ) تنظير الموروث (٢٧): مسألة الأرمني، الحق يعلو، العفو من شيم الكرام، إلى نقولا أرقش، حلم هو الحقيقة، جمعية الشورى العثمانية، رسالة إلى جمعية الاتحاد السوري في نيويورك، خطة زائر، الخلاف القائم بين اللبنانيين في الأرجنتين وقنصلهم على أوراق الجنسية، سوء التفاهم، التساهل، نظرة في أحوالنا، أفضل الوسائل لإنهاض السلطنة، بيان لا بد منه (قصة تأليف حزب اللامركزية)، أصح الصحيح وانقطع الرجاء؟ الحاجة في الإصلاح إلى الرجال، من قبضاي القلم إلى قبضايات السيف، ماذا في بيروت على ذكر الحادث الأخير فيها؟ أصخور أم صدور؟ نمر يبكي والشميل يزمجر، برقية الشميل الاحتجاجية، بيان جمال باشا، إلى جريدة الوطن في بيروت، الإصلاح، الإصلاح الإصلاح. ملحق استطرادي حول رسالة شكوى وآمال ١٨٩٦م، من أمير إلى سلطان ١٨٦٦م، مصطفى فاضل باشا، وصية فؤاد باشا، كتاب مفتوح إلى والي بيروت.
(و) الإبداع الخالص (٥١): التراموي رسول عزرائيل، تركيا الفتاة وتركيا العجوز) (كما تكونوا يُولَّى عليكم)، احتلال أم تضليل؟ استدراك، وهل يُرجى فوز؟ طبائع الاستبداد، السير إلى الأمام، أجهل أم جبن أم نفاق؟ أهكذا يكون الجندي يا أهل لبنان؟ النغولة في السياسة، وهذا الوحل من ذاك المطر، السياسة، ما هو الإصلاح المطلوب؟ رئيس جمهورية أمريكا والقضاء، تحيتي وأمنيتي، سيادة الأمم ومستقبل الملوك، الصفح أولى، المدرسة الكلية وبروجرامها، عضوية الشميل في جمعية الشورى العثمانية، جمعية الإخاء العربي العثماني، النظام والرجال، رسالة العرب والأتراك، دماغنا هل ينظف؟ بعد الصلح (اللامركزية هي الحل)، نحن وحكومتنا، موقف الأمة العثمانية اليوم-خطاب في لجنة حزب اللامركزية، بيان حزب اللامركزية الإدارية العثماني، برنامج حزب اللامركزية الإدارية العثماني، أين المبعوثان؟ صدى المستشفى السوري، أسقيك بالوعد يا كمون، ما هي قصة عالوعد يا كمون، المطالب اللبنانية والجرائد التركية، اللبنانيون ومحط آمالهم، لبنان ومتصرفوه، لبنان لبنان لبنان، لبنان سويسرا الشرق (لبنان الجميل لبنان المشوه ومطالب اللبنانيين النافعة)، اللبنانيون وإصلاح وطنهم، دعوة إلى التمزيق، رحلة مباركة في سبيل لبنان، سوريا ومستقبلها، دعنا في جهلنا يا حضرة العالم ودع علمك لبلادك (العالم بعد ٦٠ سنة أو امتياز قناة السويس وحقوق مصر)، إطالة امتياز القناة، جمعية الاتحاد اللبناني، إعانة السوريين (سوريا المعذبة الجائعة)، موقف الشميل من الحركة الصهيونية ونشاطها الاستيطاني (رأي شميل في الصهيونية)، عمروا واستعمروا فالأرض ميراث المجتهد، الصهيونية وخصومها، خواطري في الحرب.
١٧  مثل: انحطاط الشرق الأدبي والعلمي، تركيا الفتاة وتركيا العجوز (وكما تكونوا يُولَّى عليكم).
١٨  (١) تمثُّل الوافد (٦): الاشتراكية الصحيحة، أزمة الحرب الكبرى ومأساتها، خاتمة الحرب، فون برنهاردي، رسالة الشميل إلى هيكل (بالفرنسية)، الانتخاب الطبيعي. (ب) تمثُّل الوافد قبل تنظير الموروث (١٠): حوادث وخواطر، حوادث وأفكار، الرحلة الثالثة إلى أوروبا، الرحلة الثانية إلى أوروبا، نحن الذين نقرأ اللغة العربية، الجسم الاجتماعي، مداعبة، الفلسفة والعلم والألمان والحرب، المأساة الكبرى. (ﺟ) تمثُّل الوافد مع تنظير الموروث (٣): مثال فيجينيا في أوليد، تباين المدارس في التربية، الصين أم الجرائد. (د) تنظير الموروث قبل تمثُّل الوافد (٧): شميل يتذكر، أرباح فرنسا من معرضها عام ١٨٨٩م وخسائر مصر بسبب الحوادث العرابية ١٨٨٢م، جمال الدين الأفغاني، المرأة والتعليم والحجاب، صدى النفوس ورجع الصدى، نشوء جامعة الزواج والعائلة، مجلس الشميل. (ﻫ) تنظير الموروث (٢٩): تبًّا لدهر رجاله صبيان كبار، تاريخ الجبرتي وترجمة الفرنسوية، الشميل وأديب إسحاق، إسماعيل ورياض، شميل ومصطفى ورياض، المعارف ووزارة دولتلو رياض باشا، الاحتفال بمترجم الإلياذة، الشيخ ناصيف اليازجي، الشيخ إبراهيم اليازجي، فتاة الشرق، آثار ملحم شميل، قصيدة الدهرية، نفوس الشعراء، التحول في الشعر، كشكول طبيب، رعب مي وطمأنتي لها، إلى الساحرة إيزيس، مروضتي، الشاعر، فكرة الخير والشر، الحق أولى أن يُقال، الرجحان، الفلسفة المادية حقيقتها ونتائجها، حول كتاب الصحائف لمي، في رثاء جرجي زيدان، رسالتان إلى الريحاني، نص ميخائيل مشاقة، ذكريات عن مجلة الشفاء، ملحم إبراهيم شميل. (و) الإبداع الخالص (١١): جرنالوفوبيا وجرنالوفاجيا، على من الذنب؟ لزوم استعمال اليدين على حدٍّ سوى، الجنايات والاجتماع، العمال في القديم، مجاراة الارتقاء، وإنما الأرض له سكن، إلى صاحب مبحث اجتماعي، المريض، الحنين إلى الوطن الأول، فوضى المطبوعات، حرية الطباعة وقانون المطبوعات.
١٩  ومجموعها حوالي (٤١) مثل: شميل في خاطرات الأفغاني، الشميل وقضية المرأة في الشرق، خليل اليازجي والشميل، الشميل في بورسعيد، الشميل في ديوان طانيوس عبده، هرة الشميل، عصا حافظ وجزمة الشميل، الله بين أمين الريحاني وجبران، بين الشميل ومي، Reconciliation، من مي إلى لوسيرف، سوانح وتذكرات، تكلموا لغتكم، الصامت المتكلم، الله والعلم، من جبران إلى مي، مساء السبت، المأساة الكبرى، فون برنهاردى، وهذه آخرة من يقرظ الشميل، الشميل في ذاكرة نعوم أديب، القرود ليسوا من طائفتنا، بين الشميل والكاتب الأمريكي، دفنيس وخلوي، الأستاذ هيكل وتهمة التزوير، رسالة الشميل إلى هيكل، رد على رد، مذهب دارون ووجود الله، الصداقة والحوار بين الشميل ومي، الشميل وأسلوب المصارع في حلبة الفكر والشعور، جريدة البصير، سابقة العرب في استعمال الجرائد، الشميل في رباعيات فرحات، فاتحة عامي، ندوة سبلند يدبار في القاهرة، امرأة المستقبل، قانون المطبوعات، أمين إبراهيم الشميل.
٢٠  الجزء الثاني من مجموعة الدكتور شبلي شعيل سيُشار إليه باعتباره ج١، وحوادث وخواطر ج٢، وكتابات سياسية وإصلاحية ج٣. ويُوجد في الجزء الأول ٧٨ شاهدًا شعريًّا، ٢٣ آية قرآنية، وذُكر لفظ القرآن اثنتي عشرة مرة.
٢١  ابن خلدون (٦)، الرازي (٥)، ابن سينا، الغزالي، المنصور، موسى، محمد (٣)، أبو بكر، الشهرستاني، عيسى، سركيس، نيقولا رزق (٢)، ابن سينا، أبو الفدا، الأفغاني، ابن صعصعة، علي بن جهم، الخازن، محمد عبده، رشيد رضا، طليسان بن حرب، الشدودي، إلياس فياض، ابن داود، أحمد فارس الشدياق، علي يوسف، سليم، جرجس، محمد علي الكبير (١)، الأدباء: أبو العلاء المعري (٤)، حافظ إبراهيم (٣)، أبو تمام (٢)، البحتري، أحمد شوقي، الحريري، المتنبي (١).
٢٢  هانيبال، كسرى (٢)، أنو شروان، بهرام بن بهرام، البوذيون، كليوباترا، زنوبيا، متوشالح، وفرعون.
٢٣  تبلغ عدد الإحالات إلى الموروث (٤١) إحالة بالإضافة إلى خمسين علمًا من المحكوم عليهم بالإعدام عام ١٩١٥م، نصفهم سياسيون والنصف الآخر مفكرون وأدباء على النحو الآتي: السلطان عبد الحميد (٩)، مصطفى فاضل باشا (٨)، إبراهيم سليم النجار، سركيس، رشيد رضا (٤)، السلطان عبد العزيز، إبراهيم باشا، محمد علي، فارس نمر (٣)، أحمد فتحي زغلول، أمين رسلان، محمد عبده، محمد (الرسول) (٢)، بورصلي، الشهرستاني، عمر بن الخطاب، إسكندر شاهين، عبد الله جودت، الكواكبي، يوسف الخازن، آبات باشا، تيمورلنك، نقولا أرقش، رفيق العظمة، حافظ إبراهيم، إسماعيل باشا، شوكت باشا، مي زيادة، كامل باشا، طلعت بك، جمال باشا، عبد الكريم الجليل، يوسف كامل، سعد الله باشا، عباس باشا، المتنبي.
٢٤  وهو حديث «الدين النصيحة لله ورسوله ولكافة المسلمين وعامتهم» ج٢، ص٣٣. والقرآن الحر مثل: وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ. ج٢، ص٢٢٣.
٢٥  ج٢–٤٧.
٢٦  ج٢، ص٩١، ١١٢-١١٣.
٢٧  ج٢، ص٨٥–٩٠، ٩٦-٩٧، ١٢٧، ١٢٩، ١٤٧-١٤٨، ١٦٩، ١٨٩، ٢٠١.
٢٨  ج٢، ص١٥٩، ١٦٥، ١٨٨، ٢٠٢، ٢٠٩-٢١٠.
٢٩  ج٢، ص١٧١.
٣٠  حُكم بالإعدام غيابيًّا على: رفيق وحقي العظم، رشيد رضا الطرابلسي، داود بركات رئيس محرري الأهرام، فارس نمر رئيس تحرير المقطم، شبلي شميل، خليل مطران، إبراهيم النجار، جورج عبد المسيح من المقطم، جبرائيل أصغر، نجيب عازوري، جورج وعزيز بحري، أمير خليل أبو اللمع، خليل بولاذ، أمين البستاني، يوسف البستاني، حبيب البستاني، فيلي شيحا، نجيب قطان، نجيب قريصاتي، جان عبيد، نجيب تمناجة، د. عرزوري، نعمة الله غانم، روفائيل غزة، ميشال لطف الله، يوسف كحيل، الشيخ يوسف الخازن، جورج خير، رشيد قباط، أمون ملحمة، خليل مشاقة، يوسف سمعان صدناوي، إلياس صيني رناتيري، سليم شميل، يوسف حبيب زنانيري، إلياس زهار، ألفونس زيدية، فؤاد الخطيب الشامي، قسطنطين بني، عبد الحفيظ محمود الحسن، عبد الغني العربي، حسن حماد، عمر حمد. وبالنفي المؤبد علي رضا الصلح ورياض الصلح، أسعد حيدر، حسين حيدر. ونُفذ الحكم بالإعدام على عبد الحكيم الخليل، سليم الأحمد عبد الهادي، محمد محمود المحمصاني، محمود العجم، نور القاضي، عبد القادر خرسا، علي الأرمنازي، نايف نلو، مسلم عابدين، صالح حيدر. وحُول الحكم بالإعدام إلى السجن المؤبد لكبر السن علي حافظ اليافي، سعيد الكرمي. ج٢، ص٢١٠-٢١١.
٣١  يذكر الموروث حوالي (١٠٠) علم، ومن الوافد حوالي (٩٧) علمًا.
٣٢  الموروث: أمين الريحاني (١٢)، جبران خليل جبران (١٠)، صابر بسيط، أحمد زكي (٩)، الأفغاني (٩)، إسكندر الخازندار، سليم سركيس (٨)، المعري، طانيوس عبده (٧)، نصيف اليازجي (٦)، البرنس حليم، الخديوي إسماعيل، رياض باشا، ناصيف اليازجي (٥)، فارس نمر، إسماعيل باشا، صفوت، إدوارد فان دايك (كورنيليوس) (٤)، أحمد فارس، السلطان عبد الحميد، قاسم أمين، أديب إسحاق (٣)، ابن سينا، محمود أفندي طاهر، صالح أفندي، غرانت بك، إسماعيل صبري، محمد عبده، اليازجي الأكبر، حافظ إبراهيم، جورجي زيدان، ميخائيل مشاقة، ألفريد ملحم، عيد شميل (٢). ابن رشد، حمدي باشا، صالح أزميري، إدوراماسيس، فرسنجي، فيظي، نعيم بك، بابيان، جوهر، محمد طاهر لبيب، عنترة، نوبار باشا، السلطان عبد العزيز، رئيف خوري، عرابي، عزيز كحيل، جبرائيل كحيل، المطران دريان، محمد علي، شفيق منصور، عبد القدوس، فارس، إيزيس، الغزالي، رشيد رضا، أبو نواس، بنو العباس، يعقوب صروف، إبراهيم الكفروني، مي زيادة، حفني ناصف، باحثة البادية، الزهاوي، عفيفة الشرتوني، نصري موسى، الأعشى، الحطيئة، إسكندر عمون، السلطان محمود، عبد الرحمن البرقوقي، فريد بيازغلي، داود عمون، محمد مسعود، علي يوسف، أخنوخ فانوس، بطرس البستاني، خليل سعادة، بشارة زلزل، نجيب متري، تيمورلنك، جنكيز خان، حنا سمعان، الأخطل، الفرزدق، صبري باشا، علي الشهابي (١).
٣٣  ج١، ص٥٧–٦٣. «واللورد كرومر من أعاظم رجال العصر وأصحاب العقول الراقية. ولصوته دويٌّ في محافل العالم المتمدن، وهو من نادرة الرجال السياسيين يقول ما يفتكر ولا يماري. وهو في حكمه لم يوارب بل قال ما يعتقد أنه الحق الصُّراح» (ج١، ص٦٠).
٣٤  السابق، ص٦٥-٦٦، ٨٧-٨٨، ٢٦٤، ٢٩٢.
٣٥  السابق، ص٧٥.
٣٦  السابق، ص٦٩، ٧٨-٧٩، ٨٢.
٣٧  يذكر الشميل في الهامش آيات: ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ، قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ج١، ص٨١-٨٢.
٣٨  السابق، ص٧٩، ٢٢٨، ٢٨٥، ٣٤١.
٣٩  السابق، ص٦٦، ٧٢، ٨١، ٨٦، ٢٣٣.
٤٠  ج١، ص٢٣–٢٤، ٣١–٣٣.
٤١  ج١، ص١٩٧، ١٩٩؛ ج٢، ص٢٥.
٤٢  ج٢، ص٢٥.
٤٣  ج٢، ص٣٣، ٢٢.
٤٤  ج١، ص٢٥-٢٦، ٦٢، ٧٢-٧٣، ٧٧.
٤٥  أراد كامل السويفي أن يبحث الشميل عن ماهية الأديان عامة، والبوذي خاصة فيُحوِّله إلى متكلم وليس إلى فيلسوف.
٤٦  ج٢، ص٨٥–٩٠، ٩٦-٩٧.
٤٧  ج١، ص٢٥-٢٦، ١٩٨، ٢٣٠.
٤٨  ج١، ص٣، ٣٠-٣١، ٢٥، ٣١١؛ ج٣، ص١٧، ٧٧.
٤٩  ج١، ص١٣٦–١٤٠.
٥٠  ج٢، ص٤٢.
٥١  ج٣، ص٧٩–٨٢.
٥٢  ج٢، ص١١٢، ١٨٥؛ ج٣، ص٢١٢؛ ج٢، ص١١٣.
٥٣  ج٣، ص٨٩، ٩٥–٩٩، ١٢٥–١٢٧، ١٥٣–١٦٣.
٥٤  مثل محمد أفندي طاهر حكيمباشي اسبتالية بني سويف، الدكتور صالح أفندي موصلي، د. بابيان المقيم بالآستانة، البروفسور جوهر من مستشفى الحسنة، د. شيت مبعوث الحكومة المصرية، ألفريد عيد أحد طلبة الطب. ج١، ص٢٥–٥٥؛ ج٢، ص٤٧.
٥٥  ج٢، ص٢١٩، ٢٣١، ٢٣٣–٢٣٧، ٢٤٤، ٢٤٥.
٥٦  ج٣، ص٧١–٧٩، ١٤٣، ١٥١، ٢٢٥، ٢٧٠-٢٧١.
٥٧  ج٣، ص١١٥-١١٦، ٢٨٧.
٥٨  ج٣، ص٢١٥–٢١٨، ٢٥٥–٢٦٥.
٥٩  ج٢، ص٣٥، ٩١، ٩٧، ١٢٩، ١٤٧، ١٧١-١٧٢، ٢٠١؛ ج٣، ص٥٨، ٦٥–٦٨، ٢٤٩.
٦٠  ج٢، ص١٦٥، ١٨٨–١٩١، ٢٠٢؛ ج٣، ص٦٩.
٦١  ج٢، ص٢١٠-٢١١؛ ج٣، ص١٢٣، ١٦٢.
٦٢  ج٣، ص١١٧–١١٩.
٦٣  «التحول في الشعر»، ج٣، ص١٤٣–١٤٧.
٦٤  ج٣، ص١٣٥–١٤٠.
٦٥  في المجموعة الأولى ٧٨ شاهدًا شعريًّا من مجموع ٣٤١ صفحة، وفي المجموعة الثانية ١٨ فقط من مجموع ٢٥ صفحة، وفي المجموعة الثالثة ٨٧ شاهدًا من مجموع ٢٩٣ صفحة.
٦٦  ج١، ص٢٠٥، ٢٥٥؛ ج٢، ص٩٥؛ ج٣، ص٥٠.
٦٧  ج١، ص١٠، ٢٠٦.
٦٨  ج١، ص٣١، ٢١٧-٢١٨.
٦٩  ج١، ص٤٩، ٢٠٦، ٢٠٧.
٧٠  ج١، ص١٠٥–١٠٧؛ ج٣، ص١٥٤–١٥٦، ١٥٧.
٧١  ج٣، ص٨٨-٨٩، ٩٧.
٧٢ 
فؤادُكَ ما بين المنية والمُنَی
يسائل أم ما في حجاكَ من الظما؟
إذا ما ترامى العقلُ يجلو حقائقًا
شكا القلبُ أن الغبنَ في ذلك الجلا
وما الغبن إلا أن يُرى القلب هائمًا
وتخفى على العقل الحقائق في الدنى
لقد قلتَ إن الدين ضربةُ لازبٍ
وجزءٌ من الوجدان في أعمق الحشا
وإنا إذا لم نعبد الله ربنا
عبدنا ولو إلًّا أقمناه من صُوَى
فلولا من النفس السجينة بارقٌ
يُخرِّق سجْفَ الجسم ما كان ذا الصبا
ولو أنتَ أعملتَ الرويَّة لا الهوى
لأدركتَ أن الدين لا صوتَ بل صدَى
صدى حبنا البقيا لهولِ حقيقةٍ
وزلفى دلفنا للذي يحفظ البَقَا
وماذا عزاء المرء من بعد موته
إذا حبه للذات لم يدفع الأذى؟
وأنَّى له دفعُ القضاء محتمًا
فلم يبقَ إلا باسم الوهمِ مرتجى
هو الحب إكسير الوجود بلا مرا
ولولاه ما كان الوجودُ كما ترى
فكل الذي تلقاه في الكون سره
وهاديه في أفعاله كيفما نحا
هو الحي مولودًا، هو المَيْت فانيًا
هو النجم قد أسرى، هو الصبح والدجى
هو الكل في كلٍّ معيدًا ومبديًا
وما نحن إلا فيه من صُور الفَنا
وليس فناءً ما تراه وإنما
هو العُوْد للأُولى هو البعْث للأُلى
قضَوا فحيينا وانقضَينا بعَودنا
إليهم وغير الكل ليس له البقا
وما الحب من أدنى فأعلى إلى الرجا
فما فوق إلا الشق في كبد السهَى
ترقَّى بنا حتى النهى وهْو دونها
كما في نيوب الليث أو في حشى الصفا
حبينا الذي فينا حببنا رجاءنا
حبينا الذي نرجو كحبٍّ لمقتني
وهِمْنا به في الأرض طورًا وتارة
صبونا إلى ملك وطورًا إلى السما
عبدنا به ربًّا منيبًا معاقبًا
ويقضي ولا ردٌّ ويقضي كما يشا
وجدناه رحمانًا أردناه عادلًا
خشيناه جبارًا كملكٍ إذا عتا
دعَونا إليه الناسَ بالحِلم والتقى
دعوناهُمُ بالنار والسيف في القلى
فإن كان هذا الميل هدْيَ نفوسنا
رويدَك إن الكائنات به سوا
فأين مكان النفس فيها من القوى
وأين نبي العالمين إلى الهدى؟
وإن كان كالوجدان غير مفارق
فلمْ لا نراه في جميع بني الورى؟
ووجداننا هل أنتَ ألفيتَ أنه
يقوم بغير الجسم إن حلَّ ما استوى؟
ألم تَرَ أنا فيه تحت طوارئ
تعدد فيها أو نعدُّ له الرقى
إذا ما مُنينا بالحقائق مرة
فهل في التمني خيرُ ما يبلغ المنى
نقيم به في حائل الوهم معقلًا
وكم ذا نلاقي إن نشأ دكَّه عنا
نرى المرء في رشد إلى أُفْقِ دينه
هناك يغيب الرشد والصوب والنهى
ولوعُ الفتى فيه ولوعٌ بعادةٍ
ترسَّخَت الأجيال فيها على المدى
ولكنها العاداتُ مهما تضاءلَت
فناموسها الرجْعى وناموسنا الرجا
لئن كان في الأديان ردعٌ لجاهلٍ
فقد كمْ جنى جانٍ علينا بها بغى
وإن كان فيها من عزاءٍ لبائسٍ
ولكنها لا تُقنِع العقل والحجى
وإن يكُ للإنسان قسطٌ مؤجل
فهلَّا هدى هادٍ بغيرِ الذي هدى
إذا كان مخلوقًا كما شاء ربُّه
فماذا جنى غير الذي ربُّه جنى؟
وإن قلتَ مخلوقٌ وحُرٌّ مهدَّد
فهذا مقالٌ لستُ أفهمه أنا
وكما نشأت الأحياء الراقية من أحياءٍ أدني وهي من مواد الطبيعة هكذا نشأت الأديان من الاعترافات، وهذه من الخرافات، وهذه من قلة تعرُّف الإنسان لظواهر الأشياء التي حوله وتوهُّمه فيها. ج٢، ص٨٥، ٢٥٣–٢١٠.
٧٣  «عبدوا إلهًا كريمًا أو ملكًا عاتيًا أو حليمًا أو حيوانًا نافعًا أو شريرًا أو شجرة في العراء يُستظَل بها من الرمضاء أو بئرًا يردُّونها في الصحراء أو حجرًا أسود سقط من العلاء أو نهرًا يروي رياضهم أو نارًا يصطلون بها أو طبائع تميل إليها شهواتهم، باتوا في سبيلها متهالكين. عبدوا ذلك كله دفعًا لمكروه واستجلابًا لمنفعة، معبودات تعدادُها تعداد الكائنات فأنواع المنافع فأصناف القوات، وما كانوا إلا أوهامهم يعبدون، احتجبَت عنهم آلهتهم فقالوا صعِدَت إلى السماء، فقصدوا الجبال الشاهقة يناجونها منها، فبرزت لهم الشموس الساطعة والكواكب اللامعة فانبهرت بصائرهم من جمالها وهم لها ناظرون، فقالوا إنها هي إلا آلهتنا أو مساكن آلهتنا نعبدها أو نعبدها فيها. وما كان آباؤنا على هدى فيما كانوا يعبدون. غابت عنهم معبوداتهم فطلبوها من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، فأقاموا التماثيل والأنصاب يذكرونها بها في المصائب. ومازجتها الأوهام، فنحتوا منها الأصنام، يقصدونها في المهمات، ويستنجدونها في الملمات. لقد ضلوا فيما كانوا يقصدون ويستنجدون. وقفوا عند ذلك زمنًا طويلًا. ألوف السنين تُعَد فيه كأمس الدابر والأفكار في اضطراب وحيرة، والاعتقادات متناقضة غير متوافقة، مقطوعة موصولة غير متناسقة. والعالم ميدانٌ ترمح فيه الأرواح والأشباح، والصور المريعة والخيالات الشنيعة، فانفتح الباب واسعًا للسحر والسحرة والشعوذة والمشعوذين والرقي والطلاسم. كلٌّ يجد في ذلك مصلحة له. المضلِّلون والمضلَّلون. أما هؤلاء فأهل مكر. وأما الأولون فأغبياء. هؤلاء ليسوا على هدًى من علمهم وما كان أولئك بمخطئيه. آلهة يرضون ويغضبون، ويحبون ويكرهون، ويعشقون ويتزوجون، ويولِدون ويولَدون، ويتخالفون ويتحاربون. يسكنون الجبال، ويترددون على الغياض، ولهم مواقع تذكر مع البشر، يهيجون البحار، ويثيرون الرياح ويحبسون الأمطار، وينزلون إلى أعماق الجحيم، في طلب نفس صديق لهم من الناس ويصعدون بها إلى النعيم. آلهة صوَّرَهم الناس على صورتهم وبكل ما هم إليه يميلون. وجعلوهم نظيرهم طوائف ومراتب بعضهم فوق بعض ولهم رئيسٌ عظيم به يخضعون. وإليه يرجعون. ذلك والناس في ضلالهم يعهمون وإذا بصوتٍ زاجر خرج من وسط هذه الظلمات ونطق بهذه الكلمات:
أربًّا واحدًا أم ألف ربٍّ
أدين إذا تقسَّمَت الأمور؟
تركتُ اللات والعزَّى جميعًا
كذلك يفعل الرجل البصير
ذلك كان نشوء الإنسان في الأوهام قبل مجيء الثلاثة العظام، موسى واليهودية، وعيسى والنصرانية ومحمد والإسلام» (ج١، ص٨٧-٨٨).
٧٤ 
فدعونا من الخلود المُعنِّي
إن نُرحِّب فبالفنا الترحيبُ
واصرفونا في أرضنا عن سماءٍ
صوتُ أملاكها إلينا نعيبُ
أرضنا للنهى خزانة علم
وهي حقلٌ للعالمين خصيبُ
علمونا أن الحياة جهاد
ومجال الجهاد فيها رحيبُ
علمونا أن الهنا من هنا
ء الغير منا صحيحه مكتوبُ
لا تقولوا الأديانُ فينا لأمنٍ
إن تقولوا فقولكم مكذوبُ
قابلوا عصرنا بظلم عصورٍ
سادها الدين ثم بعدُ أجيبوا
ج٣، ص٢٢٣، ٢٢٩
هو الكل في كلٍّ معيدًا ومُبديًا
وما نحنُ إلا فيه من صُور الفنا
وليس فناءً ما نراه وإنما
هو العَوْد للأُولى هو البَعْث للأُلى
قضَوا فحيينا وانقضينا بعودنا
إليهم وغيرُ الكل ليس له البقا
ج١، ص٢٦٨
٧٥ 
زعم المُنجِّم والطبيب كلاهما
أن لا معاد فقلت ذاك إليكما
إن صح قولُكما فلست بخاسرٍ
أو صح قولي فالوبالُ عليكما
ج١، ص٢٩٠
٧٦ 
ادفنوني في القبة الزرقاء
إن قدرتم فذا أخص رجائي
لا بقبر في الأرض لا كان قبر
ضيق الثقب ضيق الأرجاء
أودعوني المنطاد ينقل جسمي
في فسيح الخلا وصافي الهواء
ولأنلْ في الممات ما لم أنلْه
في حياتي من بعد طول العناء
سعة في البقاء لو بت فيها
آكلًا وحش الفلا وطير السماء
ج١، ص٣٣٩
قسم الناس بين خلقٍ يُجازى
ثم قوم بعد ذاك مجونا
بين خلقٍ نعُد فيها المعافَى
وتعد المألوم والمسكينا
هل دريتم بما جنيتم فمظلو
مون أنتم وأنتم الظالمونا؟
ج٣، ص١٣٤
٧٧  لذلك فالشاعر الأديب نقولا أفندي رزق الله يقول:
إنما الدين موعد واتفاق
بين هذا الورى ورب البرية
ج١، ص٧٧٢
٧٨ 
أرائيكَ فليغفر ليَ الله زلتي
بذاك ودينُ العالمين رياءُ
ج١، ص٢١٤
٧٩ 
ما الخير صوم يذوب الصائمون له
ولا صلاة ولا صوفٌ على الجسدِ
وإنما هو ترك الشر مطرحًا
ونفضُكَ الصدر من غلٍّ ومن حسدِ
ما دامت الوحشُ والأنعام خائفة
خُرسًا فما صح أمر النسك للأسدِ
ج٣، ص١٢٩؛ ج١، ص٢٥٥
٨٠ 
وقد زعموا هذي النفوس بواقيا
تُشكَّل في أجسامها وتهذَّبُ
ولو كان يبقى الحس في شخصِ ميتٍ
لآليتُ أن الموت في الفم أعذبُ
ج١، ص٢٥٥
٨١ 
دع من محمد في سدى قرآنه
ما قد نحاه للحمة الغايات
إني وان أكُ قد كفرتُ بدينه
هل أكفُرنَّ بمحكم الآيات
أو ما حوت في ناصع الألفاظ من
حِكمٍ روادعَ للهوى وعظاتِ
وشرائع لو أنهم عقلوا بها
ما قيَّدوا العمران بالعاداتِ
نعم المدبر والحكيم وإنه
رب الفصاحة مصطفى الكلماتِ
رجل الحجا رجل السياسة والدها
بطلٌ حليف النصر في الغاراتِ
ببلاغة القرآن قد خلب النهى
وبسيفه أنحى على الهاماتِ
من دونه الأبطال في كل الورى
من سابق أو لاحق أو آتِ
ج٣، ص٢١٢
٨٢ 
أربًّا واحدًا أم ألف ربٍّ
أدين إذا تقسَّمَت الأمور
تركت اللات والعزى جميعًا
كذلك يفعل الرجل البصير
ج١، ص٨٨
٨٣ 
ولستُ أبالي أن يُقال محمدٌ
أيلٌ أو اكتظَّت عليه المآتمُ
ولكنَّ دينًا قد أردتُ صلاحه
أُحاذِرُ أن تقضي عليه العمائمُ
ج١، ص٢٤٣
٨٤ 
والدين في الدنيا أنواعٌ ملخصها
فيه الورى بين تحريم وتحليلِ
وحبذا الدين في دنياك لو سلِمَت
من ضره أو أتى من غير تثقيلِ
وأحسنُ الدينِ ما سن الضمير لنا
من آية الحق لا من آي تنزيلِ
تجري به الخير لا فرق العباد ولا
فرق البلاد ولا فرق الأقابيلِ
وحبك الناس حب النفس جامعة
فاعمل به كلفًا من غير تفضيلِ
هذا الذي قد أراد الله من قِدَمٍ
وهو الذي صحَّ عن عيسى بإنجيلِ
ج٣، ص١١٨
إذ تجعل الجن والأملاك قاطبة
والسحر في الكون والعنقاء والغول
ج٣، ص١١٩
٨٥ 
ومن يُطهِّر بخوف الله مُهجتَه
فذاك إنسانُ قومٍ يشبه الملكا
عليك بفعل الخير لو لم يكن له
من الفضل إلا حسنةٌ في المسامعِ
لقد جاء قومٌ يدَّعون فضيلة
وكلهمُ يبغي للهجته نفعًا
ج٣، ص١٢٦
رويدكَ قد غُررتَ وأنت حرٌّ
بصاحب حية يعظ النساءَ
يُحرِّم فيكم الصهباء صبحًا
ويشربها على عمدٍ مساءَ
يقول لكم عذرت بلا كساءٍ
وفي لذاتها هن الكساءَ
إذا فعل الفتى ما عنه يُنهى
فمن جهتَين لا جهةٍ أساءَ
ج٣، ص١٢٧
٨٦ 
قالوا تمس الدين في بلد
كلٌّ له فيهِ غدا عبدًا
ج٣، ص٦٣–٤٤
٨٧ 
كذب الظن لا إمام سوى العقـ
ـل مشيرًا في صبحه والمساء
إنما هذه المذاهب أسبا
بٌ بجذب الدنيا إلى الرؤساء
ج٣، ص١٣٠
٨٨ 
بتنا وباتوا مثلما شاء ظلمهم
فريقَين ساداتٍ قساةً وأعبُدَا
وخافوا اتحادًا بيننا فتوسلوا
بدينَين للتمزيق عيسى وأحمدَا
ج١، ص٢٤٣
٨٩  لو تجرد الإنسان مما غُرس فيه من بواعث التفريق بعلة الأديان لما أتى منكرًا بحق أخيه في الإسلام. على أن الأديان تنهى عن المنكر. وهي كسائر الشرائع التي يُقصد منها إصلاح العمران تُعلِّم العطف على الإنسان ولكن الأديان كسائر مخترعات البشر تتحول من النفع العام حتى تصير وسائلَ للكسب في أيدي أولئك الذين اتخذوها تجارةً لجذب الدنيا ولو بالقضاء على الإنسان. رؤساء الأديان من كل دين وملة علَّموا الناس حتى اليوم غير ما تأمرهم به الأديان. وكم قاموا يبيعون دينهم بدانق، وفرطوا بمال الأيتام! وكم خدموا به أغراض عتاة حكامهم ليقتسموا معهم الدنيا ولو داسوا الدين بالأقدام! قامت النصرانية في العصور الوسطى بفظائع تقشعر لها الأبدان حاشا للإنجيل أن يكون الآمر بها. وما قام به أولئك الذين هزءوا بالدين ليسحقوا به الإنسان بالاتفاق مع الحكام الظلَّام. ولو كانت النصرانية تأمر بهذه الفظائع لما رأيناها في الممالك التي ارتقت بالعلم شديدة العطف على الإنسان. إلا التي لا يزال الجهل مخيمًا والتي لا يزال اليهود يُذبحون فيها على مذبح الجهل ذبح الأغنام مما يجعل الذنب كل الذنب على أولئك الرؤساء.
الإسلام دينٌ اجتماعي ينهي عن كل شر، ولا يقاتل إلا الذين يقاتلونه، ولا يعتدي على الإنسان. ويأمر بالذود عن المستأمنين الآمنين في ظله. وحاشا أن تأمر بغير ذلك شريعة القرآن؛ فالقرآن بريء من الفظائع التي ارتُكبَت وتُرتكب كل يوم بعلة الدين في مملكة بني عثمان.
فيا مقلنسي الجهل ومعميي الضلال أين رأيتم في أديانكم ما يسمح لكم أن تزرعوا في رءوس أتباعكم الجاهلين التفريق بين الناس إلى حد التباغض والتقاتل حتى قامت قيامتهم يقتلون بعضهم تقتيلًا في الوطن الواحد، يعتدون على الآمنين لخلاف لا علاقة له بالدين؟ لو قامت الإنسانية في كل الدنيا ونسَّرت الحكم رؤساء الأديان الذين هم وحدهم المسئولون عن كل الفظائع التي ارتُكبَت ولا تزال تُرتكب باسم الدين نسرةً نسرةً لما وفَّت حق الانتقام منهم لما جنَوه حتى اليوم على الإنسان. ج١، ص٢٢٠-٢٢١.
٩٠  «الدين الحق»، ج١، ص٣١٨–٣٢٠.
٩١  «فدين الإنسان الحق هو العلم. ومَزيَّته على سائر الأديان أنه نظيرها يُعلِّم الإنسان ما تُعلِّمه الأديان، ويفوقها في أنه لا يجوز عليه ما يجوز عليها من تحكُّم الإنسان بها في الإنسان ولا تُقيِّده نظيرها بزمان أو مكان؛ فالدين الحق هو العلم الصحيح» (ج١، ص٣٢٠).
٩٢ 
لا يُصلِح الإنسان مجتمعًا
ما دام فيه الدينُ والوطنُ
ج٢، ص٢٢١؛ ج١، ص٢٩٦–٢٩٩

ويؤيد ذلك شعر المتنبي:
أيها المُنكِح الثريَّا سهيلًا
عمركَ الله كيفَ يلتقيانِ؟
ج٢، ص٦٣
لا يُصلِح الإنسان مجتمعًا
ما دام في الدينُ والوطنُ
ولم يزل من علمه خطلٌ
يضيع فيه العقلُ والزمنُ
محلقًا في الغيب مختبَلًا
كأنما الغيب له عطنُ
ويُهمِل الأرضَ وما كنزَتْ
وإنما الأرض له سكنُ
وعلمُه إن لم يكن علمًا
يرتاض فيه العقلُ والبدنُ
يستخرج الأسرارَ ما خفِيَت
وتصدُق العينَ بها الأذنُ
وشرعُه إن لم يكن شرعًا
وسنةُ الكونِ له سنَنُ
يقتسم الأعمال مشتركًا
لا واسنٌ فيه ولا وسنُ
وليس فيه مرهق نهمٌ
وليس فيه مرهق يهنُ
موطنه العالم أجمعُه
ودينه السلامُ لا الفتنُ
ج٣، ص٢٣٦
٩٣ 
مصر هل أنت غيرُ ما هنَّ إنْ لنْـ
ـنَا شدادًا وإن قسونا ركاكًا
ذاك خلقٌ من صُنع فرعون لمَّا
شاد أهرامها تُناغي السكاكا
ج١، ص١٣٢
٩٤ 
في مصر قامت ثورةٌ
بين المقطَّم والهرمْ
من عهد عاد ما سمعْـ
ـنا مثلها بين الأممْ
جاشت عليه جيوشُه
حتى إذا كادت تهمْ
لاقت عنًى من هَولهِ
كادت تشيب لها اللممْ
وتساقط الأشلاء واصْـ
ـطَبغَت مياهُ النيل دمْ
تلك المياه وأين مِنْ
مُحمرِّها صافي الديمْ؟
كست الطبيعةَ حُلةً
خضراءَ فاضت بالذممْ
حربٌ ولكن نارُها
بردٌ لإيقاظ الهممْ
وتنبَّهَت من بعد طو
ل رُقادِها تلك الرممْ
ج١، ص١٣٥
٩٥ 
ماذا جنيتِ وما جناه بنوكِ؟
أظلمتِهم يا مصرُ أم ظلموك؟
فبسمتِ للغرب الطموح وأهلهِ
ومنحتِهم فوق الذي منعوكِ
وعبستِ في وجه الشآم ودائمًا
قُطر الشآم وإن عبستِ أخوكِ
ج١، ص٢٤٦
٩٦ 
فيا وطني ما خانَني فيك خائنٌ
من الحب أو أني رضيت به نِدَّا
أريدك في عز ولكنني أرى
على غير ما أرضى أرى الفرقد نَدَّا
فإن جُرتُ في حكمي فما أنا جائرٌ
فما أنا إلا باحثٌ لم يجد بُدَّا
ج١، ص١٩٥؛ ج٢، ص٢٣
٩٧ 
المرء يسعى أن يسير إلى الأمام
وليس يحمد أن يسير القهقرى
أما أنا لما رأيتُ بعلبكا
فوددتُ لو أني أسير إلى الورا
ج٢، ص١٣٩
٩٨ 
حُيِّيتَ يا وطنًا تصبو القلوب إلى
أرجائه وبه الأرواح تغتبطُ
شمس المعارف في علياه جامعةٌ
أطرافه وهي فيما بينها وسطُ
ففي ذرى الأَرز حبلٌ من أشعَّتها
يُلقى وحبلٌ على الأهرام ينبسطُ
ج٣، ص٧٠
٩٩  ج١، ص٢٣٥، ٢٣٩؛ ج٢، ص١٢٠.
١٠٠  إذ يعارض المعري في قوله:
هذا جناه أبي عليَّ
وما جنيتُ على أحدْ
بقوله:
خلوا ارتضيتُ بما جناه
أبي عليَّ وما انفردْ
لم أشْكُ إلا دهرنا
وبذاك تعزيةُ الولدْ
لكن جنيتُ أنا عليَّ
وما جنيتُ على أحدْ
ج١، ص١٠–١٦٣؛ ج٣، ص١٤
١٠١  يذكر شعراءَ آخرين يقرؤهم لعلاج الأرق مثل حافظ وشوقي وأبو تمام. ج١، ص٢٤٢–٢٤٧.
١٠٢ 
ما لي أراك حزينًا أيها القلمُ
هل مات قومُكَ يا مسكينُ كلهمُ
ماتوا ويا ليتَني ما عشتُ بعدَهُمُ
أم هل تراني وحولي كلهم رممُ
ج١، ص٢١٣
١٠٣  ج٣، ص٧٢-٧٣، ٧٨.
١٠٤ 
لا يبرزُ الحكم إلا وهو في يدهِ
مسلول سيفٍ بأمر الله مسلول
ج٣، ص١١٧
١٠٥ 
ومن يكُ ذا فضلٍ ويبخل بفضلهِ
على قومه يُستغنَ عنه ويُذممِ
ج١، ص١٦٠
١٠٦ 
والموتُ أطيب من حياةٍ مرةٍ
تُقضى لياليها كقضمِ الجلمدِ
ج١، ص١٦٧
١٠٧ 
ومن نكدِ الدنيا على الحر أنْ يرى
عدوًّا له ما من صداقتهِ بُدُّ
ج١، ص٢٠٦
١٠٨ 
وهَمناكَ أن تعطي فلو لم تجد لنا
لخلناكَ قد أعطيتَ من شدة الوهمِ
ج١، ص٢٠٨
١٠٩ 
إذا قلتُ المُحال رفعتُ صوتي
وإن قلتُ الصحيحَ أطلتُ همسي
(المعري) ج١، ص٢٤٠
١١٠ 
قالتِ الضفدعُ قولًا
فرسته الحكماء
في فمي ماءٌ وهلْ
ينطق مَن في فيه ماء؟
ج١، ص٢٤٢
١١١ 
حلمتُ أبا عباس حُلميَ أنني
رأيتُك تعفو عن مشينكَ عن حِلمِ
فيا حبَّذا عفوٌ أرى فيه يقظتي
بحِلمكَ حلمًا والحقيقة في حُلمي
ج٢، ص٣٥
١١٢ 
ماذا يهمني إذا خربتَا
ما دمتُ خربانا أنا وأنتَ
منعَّم تبيتُ فوق الريش
وذا أنا أبيتُ في الحشيشِ
إن لم يكن على الحصى في البردِ
تحت الشتاءِ وغطائي جلدي
ج١، ص١٥٧
١١٣ 
إذا لم يكن غير الأسنةِ مركبًا
فلا يسعُ المُضطرَّ إلا ركوبُها
ج١، ص٢٣٤
١١٤ 
قتل امرئٍ في غابةٍ
جريمةٌ لا تُغتفَرْ
وقتلُ شعبٍ آمنٍ
مسألةٌ فيها نظَرْ
ج١، ص٣١٠
وفي صياغةٍ أخرى:
طعن امرئٍ في عمل
جريمةٌ لا تُغتفرْ
ج٢، ص٦٩
١١٥  ج١، ص٢٣٢-٢٣٣، ٢٤٤–٢٤٦، ٢٥٤؛ ج٢، ص٧٣.
١١٦ 
إن لم يكن عندكَ حظٌّ
فليكُن عندك حيلَة
ج١، ص١٢٠
١١٧ 
والصدق إن ألقاكَ تحتَ العطبِ
لا خيرَ فيه فاعتصِم بالكذبِ
ج١، ص١٢٠–١٤٣
١١٨ 
والظلمُ من شيمِ النفوسِ فإن تجدْ
ذا عفَّةٍ فلِعلةٍ لا يظلمُ
ج١، ص١٤
١١٩ 
سبقتُهمُ إلى التنبيه طرًّا
بعزمٍ ثابتٍ حُرٍّ قويِّ
وكم حرَّضْتُهم تحريضَ عيسى
ولكن ليس لي سيفُ النبيِّ
ج١، ص٣٣١–٣٣٧
١٢٠ 
قضاءُ الله أيسرُ ما لقينا
إذا كان القضاءُ كما مُنينا
فذاك مجيئنا في العمر يومًا
وهذا كلَّ يومٍ ما حيينا
ج٢، ص٧٤
١٢١  ج١، ص١٧٣-١٧٤.
١٢٢ 
صبياننا في القبح مثلُ شيوخنا
وشيوخنا في العقل كالصبيانِ
ج١، ص١٧٩
١٢٣  ج٢، ص٩١-٩٢، ١١٢، ١٦٦، ١٩٨.
١٢٤  ج١، ص٢٢٣.
١٢٥  أبقراط (١٥)، سبنسر (١٣)، اللورد كرومر (٩)، دارون، بروكا، أرسطو، نابليون، ألفياري (٥) لمبروزو (٤)، شاركو، كالفن، روزفلت، نيوتن، بشنر، توبينار، هوشك، أكاسيز (٣)، لوثر، قيصر روسيا، بال، ديوزن، إيتيفان، بوريدان، دولوني، السير أوليفر ليدج (٢)، ديموسين، بسكال، تاسيت، فولتير، وليم طومسون، اللورد كالفن، طاليس، فيثاغورس، ليل، بطليموس، فيلا دلفوس، هيرورطس، أرشميدس، شمبر، أرميروس، بسمارك، صابي، ملتون، كتوك، سميث، دي كاتر فاج، لامارك، أفلاطون، شكسبير، شفل، هكسلي، هويثلي، غاليلي، هدج، ويرودورس، سميراميس، بافيس، فولي، دافيس، شوبنهور، كانط، ديدرو، ليثرزيك، كوينكورد، كريتلوف، جلاسجو، كواثلث، أندرال وعفرت، ملن إدوارد، هرتون ولفون، هولباخ، ماريليه، مركوني، لموان دنلوب، ورن، يونج، دريفوس، ماكنلي، جوري، سان يوسف، كبلر، بلس، لامارتين، أتوس، الإسكندر، نيرون، رو، أسابيا، لانكستر، دلفيتش، هوجو، موسيه، روستان، ستيد، نيوكم، غاريبالدي، هيكل، طومسون، كلمنت السكندري.
١٢٦  ج٣، ص٥٨.
١٢٧  أبقراط (١٤)، كامبل، ألفييري، رزفلت، لويس الرابع عشر (٨)، كبلر (٣)، بونابرت، أرسطو، روسو، بايرون، مكيافيللي، مونتسكيو، الإسكندر (٢)، لويس السادس عشر، فولتير، لامارتن، دانزسكوت، إيتيفان، سان يوسف، نيوتن، سقراط، شاءول، تيودوروس، فرنسيس يوسف الحكيم، هوارد بلس، بوريدان، دارون، رسل، هيكل، برناردي، فاليليو، لورد هرفي، نيتشه (١).
١٢٨  كوخ (٣٧)، دارون، نيتشه (٦)، برغمن (٥)، هوجو، روستان، دي موسیه، برتلينن، نابليون (٤) أرسطو، روسو، هيكل، برناردى، برجسون (٣) جنر، وستفال، أبقراط، نابليون، ستروس، كروفر، أهرنج غوتمن (٢) بتر، ديموستين، طاسيت، بسكال، فولتير، روشياس، أوطوفولس، هبرا، سغم وينبرجر، كورزويل، جرهرد، أدلر، فون دورينج، أنفارس، نيمارك، لويس الرابع عشر، لويس السادس عشر، بشنر، سبنسر، كوندرات، تلتوف، ماركوني، كولمبوس، رنباكوس، برنينج، هنوخ، أبولد، لنين، كورنيل، واستوشين، نودرين، فيرشو، روتنبرج، أولهوزن، فريدركس هيني، رشيه، هریكير، بيك، برتین، ديولافوا، فرنیه، سانشوتولدو، بورلي، كارنو، بسمارك، كورثل، كوهلر، برولين، أدربيد، راسيه، أتيلا، شارل لاتورنو، بلس، تيرنار، شكسبير، كنيز، يوليوس قيصر، رسل، كلود برنار، ماك آدم، ستفنسون، أفلاطون، توماس مور، فنلون، جوتنبرج (١).
١٢٩  ج٣، ص١٤.
١٣٠  ج٣، ص١٨٤، ١٨٦؛ ج٣، ٢٣٢، ٢٣٤-٢٣٥.
١٣١  ج١، ص٢٧-٢٨، ٣٠-٣١، ٣٣، ٤٨-٤٩، ٥٢–٥٥، ١٢٣، ١٣٩، ١٩٥-١٩٦، ٢١١.
١٣٢  وقد رفض كنوك نقلًا عن سميث ودي كاترفاج هذا الرأي. ج١، ص٢١٤-٢١٥؛ ج٢، ص٢٤؛ ج٣، ص١٠٦.
١٣٣  ج١، ص٢٣١؛ ج٢، ص٤٤، ٧٤، ١٦٩-١٧٠.
١٣٤  الرحلة الثالثة إلى أوروبا، مراسلات الشفاء، ج٣، ص٢٥–٤٨.
١٣٥  ج٣، ص٦٠.
١٣٦  ج١، ص٢٤، ٤١، ٤٦؛ ج٣، ص١١٤.
١٣٧  مثل السير وليم طمسن وهو اللورد كالفن ورأيه في جراثيم الأجسام الحية. ج١، ص١١-١٢، ومعارضة اللورد ریلي له وهبوط الأحياء على الأرض من السماء وهو رأي نیوتن ولوكيار بتساقط حوالي عشرين إلى أربعين مليونًا منها.
١٣٨  ج١، ص٣٣، ٤٥، ٤٦.
١٣٩  ج١، ص٣٨، ١٥٢؛ ج٣، ٩٥-٩٦، ٢١٧، ٢٨٠.
١٤٠  وهي «العالم بستان سياجه الدولة، والدولة سلطان تحيا به السنة، والسنة سياسة يسوسها الملك، والملك نظام يعضده الجند، والجند أعوان يكفلهم المال، والمال رزق تجمعه الرعية، والرعية عبيد يكنفهم العدل، والعدل مألوف وبه قوام العالم» (ج١، ص٢٣).
١٤١  مثل كوينكود، كرنيلوف، ملاسرز، كواتلث، أندرال دغفرت، ملن إدوارد، بروكا، توبينار، دولوني، هشك، فولي، دفيس، بافيس، ديودوروس، بشنر، ليثرزيك.
١٤٢  ج١، ص١٢٣-١٢٤، ٢٤٣.
١٤٣  ج١، ص١٣٦–١٤٠.
١٤٤  ج١، ص٢٣٣؛ ج٣، ص٢٠٥؛ ج١، ص٩٢–١٠٤.
١٤٥  ج١، ص١٧، ٣٦، ١٥١، ٢٨٧–٢٨٩.
١٤٦  ج١، ص٢٦٧، ٢٤٣، ٢٤٩، ٢٦٧، ٢٧٢–٢٨٤.
١٤٧  ج١، ص١٥، ١٣٤، ٢٤٣، ٢٧٢، ٢٨٥، ٢٩٣، ٢٩٩، ٣٠٣؛ ج٣، ص٢٣.
١٤٨  ج٢، ص٣٨، ٣٩–١٩١؛ ج٣، ص٥٦.
١٤٩  ج٢، ١٧٢.
١٥٠  ج٣، ص١٨٤، ٢٣٧.
١٥١  ج١، ص٢٨٥.
١٥٢  ج٢، ص١٢، ٢١٩؛ ج٣، ص٦١.
١٥٣  ج٢، ص٢٦، ٣٨.
١٥٤  ج٢، ص٣٧-٣٨، ٤١-٤٢.
١٥٥  ج٢، ص١٢٣، ١٢٨.
١٥٦  ج٢، ص٥١.
١٥٧  ج١، ص٣، ٢٠٧، ٢٢٣، ٢٢٧، ٣١٦؛ ج٣، ص١٧، ٧٩؛ ج١، ص٢٠٧.
١٥٨  ج٢، ص٢٦، ٤٥–٥٠؛ ج٣، ص٢١٦.
١٥٩  ج١، ص٢٩-٣٠.
١٦٠  ج١، ص١٤٣–١٤٦، ١٤٨–١٥٢، ١٩٨، ٢١٠–٢١٢، ٢٤٣–٢٤٦، ٢٥٤؛ ج٣، ص١٢٩، ٢٦٢.
١٦١  ج١، ص١٩–٢٠.
١٦٢  واللورد كرومر من أعاظم رجال العصر وأصحاب العقول الراقية، ولصوته دويٌّ في محافل العالم المتمدن. وهو من نادرة الرجال السياسيين يقول ما يفتكر ولا يماري، وهو في حكمه لم يوارب بل قال ما يعتقد أنه الحق الصراح إلا أن ذلك كله لا يوجب أن يكون قوله حقًّا. ج١، ص٦٠-٦١، ٦٣، ٦٩-٧٠. عندنا أدلةٌ كثيرة أن اللورد كرومر لا يسمح باهتضام الحقوق إلى هذا الحد، ويكون جذلًا مسرورًا إذا كان الناس يرفعون شكاويهم، ولا شك أنه ينيلهم حقهم إذا كانوا محقين. ج١، ص٢٠٨.
١٦٣  ج٣، ص٢٥١؛ ج١، ص١٨–٢١.
١٦٤  ج١، ص١٩٤–١٩٩.
١٦٥ 
باريسُ سيدة المدائن كلها
قولٌ يدين له العدو ويخضعُ
ما زرتَها زادت لعينك رونقًا
كالمسك ما كرَّرتَه يتضوعُ
ج٣، ص٤٦
١٦٦  ج١، ص٦–١٨.
١٦٧  «إن اليوم الذي ينصرف الإنسان فيه من تنميق الكلام إلى إتقان العمل هو اليوم الذي تتقوَّم فيه طباعُه فتقل سخافاته، ويكثُر جدُّه، ويقل ریاؤه، وينشط من الذل، ويرتقي ارتقاءً حقيقيًّا، ويحق له حينئذٍ أن يعُد نفسه إنسانًا» (ج١، ص١).
١٦٨  أنا لست بخائف إذا انتصب الميزان لأني أدفع الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان أم لا يجوز في محكمة الله الريان ما يُعد العدول عنه اليوم استبدادًا في محكمة الإنسان؟ فأنا لا أخاف من الوقوف في محكمة العقل الأول. ج١، ص١٦٣.
١٦٩  «الإنسان لا يرى الحقيقة لأنه أعرق في جهلها. وإذا رآها لا يريد أن يعرفها لأنها تُروِّعه، فيدور حولها ويروغ منها لأنه أَلِف التمويه في كل شيء. وإنه ليُفضِّل أن يكذب على نفسه إذا عرفها من أن يقولها» (ج١، ص٦٤؛ ج٢، ص٤، ٦، ٩).
١٧٠  «كتاب الطبيعة هو أساس كل قیاسٍ صحيح؛ أي أساس كل منطقٍ سليم وبيان» (ج١، ص٧٨).
١٧١  ج١، ص٣-٤.
١٧٢  ج١، ص١٠–٢١، ٣٤–٥٦.
١٧٣  ج١، ص٢.
١٧٤  ج١، ص١٤٥-١٤٦، ٤٠–٤٢.
١٧٥  يقول عباس محمود العقاد: «إن الدكتور شميل متدين، نعم متدینٌ شديد التدين بدلیل حماسته في الإلحاد واشتغاله به طول حياته. ولا يكون الإلحاد شغلًا شاغلًا وحماسةً مؤثرة إلا إذا مازجَتْه روح الدين أو كانت فيه على الأقل إنارة منه» («حياة قلم»، غريب، القاهرة، «د.ت»، ص١٧٢؛ ج٣، ص٢٤٩).
١٧٦  ج٣، ص٥٢.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤