من النص إلى الواقع١

منهج التفسير عند الإمام السيد موسى الصدر بمناسبة ربع قرن على اختفائه (١٩٧٨–٢٠٠٣م)

(١) من التقليد إلى التجديد

من الصعب دراسة فكر الإمام موسى الصدر، خاصةً منهج التفسير لديه من مجرد أحاديثَ إذاعية أو محاضراتٍ ثقافية عامة، دون متونٍ أصلية أو تفاسيرَ كاملة، كما هو الحال عند القدماء والمحدَثين. ومع ذلك يمكن التعرُّف على بعض ملامح هذا المنهج بما هو متاح حاليًّا، من نشر الأحاديث الإذاعية الرمضانية وتجميع محاضرات الندوات الثقافية، ما نُشر فيها وما لم يُنشر.٢

وبهذه المناسبة، مرور ربع قرن على اختفاء الإمام، ليس المطلوب تقريظه ومدحه وتعظيمه وإجلاله وتقديسه، بل استئناف رسالته وتحقيق أهدافه، بل وتطوير أساليبه وطرقه؛ فالزمان يتغير وربع قرن زمنٌ طويل، أطول من زمن الرسالة، من البداية إلى النهاية.

المدح ليس سنة المسلمين، والتقريظ ليس منهجهم، والدفاع أقل قدرًا من البرهان، قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ. وعيبنا هو المدح والتعظيم الذي يصل إلى حد التقديس والتأليه. ولو عظَّم أرسطو أفلاطون لمات كلاهما. ولو مدح ماركس هيجل لطوى كلَيهما النسيان. ولو قدَّس فلاسفة الوجود هوسرل مؤسس المنهج الظاهرياتي، لتوقَّف أثر هوسرل في التاريخ، ولما ظهرت فلسفات الوجود بعده التي تتبنى منهجه.

وكلنا علماء الأمة نحمل أمانة فكرها. لا فرق بين شيعي وسني، بين مرجعٍ ومجتهد، بين آيةٍ وفقيه، بل إن التراتُب في العلم وتحوُّله إلى مراتبَ في السلطة، قد يضر بالعلم فيتحول إلى حُجةِ سلطة، بعد أن كان حُجة عقل. صحيحٌ أن الاحترام واجبٌ بين العلماء، ولكن دون أن يصل إلى درجة التقليد. والتقليد ليس مصدرًا من مصادر العلم، وإيمان المقلد لا يجوز. ولا عصمة لأحد، الكل رادٌّ والكل مردود عليه.

وحق الاختلاف يكفُله الشرع، والتعدُّدية في الرأي أساس الاجتهاد. ولا يُوجد رأيٌ صائب والآخر خاطئ، الكل صائب بفعل الاجتهاد، صدق النية ورعاية المصالح العامة.

وهذا هو منهج الإمام، الجمع بين القديم والجديد، لا تأسيًا بالقديم وحده، ولا اعتزازًا بالجديد وحده نظرًا لتغيُّر الظروف،٣ يبدأ من القديم ولا ينتهي إليه، يبدأ بالتغيُّرات الجزئية المتناثرة عند القدماء، ويضمها في رؤيةٍ شاملة واسعة.٤ ويعود إلى الغزوات الأولى في بدرٍ وأحد، ليشحذ مشاعر المسلمين الآن في النصر والهزيمة.

ويصعب جمع منهج التفسير عند الإمام في قواعدَ محددة أسوةً بالمناهج الفلسفية؛ لأنه لم يترك مؤلفًا نظريًّا في الموضوع. يمكن فقط تلمُّس اتجاهات أو «طرق التفسير»، من مجموعة التفسيرات لبعض السور خاصة القصار منها، كما يبدو ذلك في «معالم التربية القرآنية» بجزأَيه؛ «دراسات للحياة» و«أحاديث السحر». أما «أبجدية الحوار» فهو أقرب إلى الثقافة السياسية وشروط النهضة منه إلى علم التفسير.

(٢) النص تجربة حية

وأول قاعدة في منهج التفسير عند الإمام، هي أن «النص تجربةٌ حية»؛ إذ لا يكفي أن يكون شرطا الفهم المعرفة بالنحو وقواعد اللغة أولًا، ثم مستوى ثقافة السامع ومدى معرفة المتكلم؛ إذ يُضاف أيضًا المعرفة بمصالح المسلمين.٥ كما تحتاج رمزية التعبير إلى فهمٍ وتأويل. والمسافة بين ثقافة المتكلم والسامع وبين الأوضاع الحالية ليست بعيدة؛ فالمتكلم والسامع يعيشان في هذا العصر وليسا في عصر النبوة؛ فمعاني الألفاظ والمصطلحات تتغير من عصرٍ إلى عصر، مثل معنى الإنفاق قديمًا الذي يُركِّز على الجانب الأخلاقي، ومعناه حديثًا الذي يُركِّز على بعده الاجتماعي، وكذلك معنى الظلم الذي لم يكن عند القدماء بهذه الحدة التي لدى المحدَثين.
لذلك تبرز أهمية المعنى العرفي للألفاظ والمصطلحات القرآنية، وهي بين المعاني الاشتقاقية والمعاني الاصطلاحية. هو المعنى للاستعمال في الحياة اليومية، هكذا تُفهم الحروف في أوائل السور.٦

وبالرغم من أن البداية بالسور القصار أو ببعضٍ من الطوال أو الآيات، إلا أن التفسير يخرج من النص عن طريق قواعد النحو ومبادئ اللغة، كما هو الحال في بعض التفسيرات القديمة والحديثة، المعنى ليس موجودًا في النص ومستنبطًا منه، بل هو مباطنٌ للتجربة البشرية حالٌّ فيها وصاعدٌ منها. وصحة النص في مدى تطابُقه مع التجربة البشرية وليس صحة في ذاتها، خارجة عن النص. التجربة البشرية جزءٌ من الواقع الإنساني. والنص ما هو إلا مجرد صياغة له؛ فالأولوية للواقع على النص، وللتجربة على اللغة. النص موجودٌ في مرحلةِ ما قبل الصياغة في النفس وفي الواقع، في التجربة الفردية والجماعية، وفي خبرات الشعوب مثل الأمثال العامية والحكايات الشعبية.

لذلك يلجأ التفسير إلى التجربة الشعبية؛ فالشعر ديوان العرب قبل الإسلام، كما أن القرآن وحي العرب بعده، كلاهما مركز الحضارة قبلُ وبعدُ؛٧ فالتجربة الشعرية تفيد نفس معنى الآي فيما يتعلق بالدارَين، والجبر والاختيار، والحسد، والجنة والنار.٨ كما تُذكر التجربة الشعرية لحب الناس المال وحبهم لمن عنده المال والميل إليه.٩ ويبين الشعر كيف أدرك الأمويون الملك ولم يدركوا النبوة، وقول أبي سفيان للعباس: «يا عباس لقد علا ملك ابن أخيك.» كما قال في عهد الخليفة عثمان على قبر حمزة: «قم يا أبا عمارة؛ فالذي كنتَ تُحاربنا عليه قد أصبح لعبةً بيد صبياننا.»١٠والنموذج، نموذج الإنسان. والزمان والمكان تجربةُ شعرية.١١ الشعر والوحي إذن صنوان، كلاهما تجربةٌ حية قبل الصياغة الشعرية، وقبل تدوين الوحي ويصبح كلامًا.
وهو في نفس الوقت تفسيرٌ عقلاني مقنع، يُفسِّر عالم الغيب بعالم الشهادة، مثل فهم «النفاثات في العقد»، ليس بأنهن الساحراتُ كما هو الحال في بعض التفسيرات القديمة، بل هم المغتابون والكذابون، والناقلون من الكلام، والمنافقون، والنمامون الذين يحلون عقد الناس وصلاتهم الاجتماعية؛١٢ فالتاريخ والسؤال عنها ليس المقصود، والموضوع وزمن الحدوث، بل دلالتها في الحياة الإنسانية، الجزاء على الأعمال.١٣ ويسير في طريق الأستاذ الإمام محمد عبده، ويُحيل إليه في ضرورة إعمال العقل في التفسير؛١٤ فالعقل والتجربة صنوان. العقل بديهي والتجربة كذلك؛ لذلك اعتمد الوحي عليهما في تأسيسه، فأصبح الوحي والعقل والواقع شيئًا واحدًا.
وهذا هو معنى إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ، لا يعني الحفظ حفظ النص في التاريخ حمايةً له من التحريف؛ فذاك موضوع علم النقد التاريخي للنصوص وعلوم النقل المتواتر. إنما الحفظ في النفس وفي التجربة البشرية، الحفظ في العقل وفي الواقع، وفي النفس وفي العالم؛ لذلك دعا القرآن إلى النظر فيهما وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ، مهمة النص سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ.١٥

(٣) التجربة الحية في الزمان

وتتم التجربة الحية في الزمان. ونظرًا لأهمية الزمان يتم الحلف به، الحلف بالعصر، والفجر، والضحى، والليل، والنهار، والساعة، واليوم، والآن، والشهر … إلخ. وهو إيقاع الحياة اليومية. والزمان هو زمان الفعل كما بيَّن الأصوليون، والهدف من كثرة اليمين زيادة القيمة.١٦ والزمان لحظاتٌ متميزة مثل ليلة القدر،١٧ والحلف بالزمان الوقتي من أجل نيل الزمان الأبدي؛ فعلى الإنسان أن يختار بين المال أو الخلود، بين الدنيا أو الآخرة يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ.١٨
والزمان هو الحركة؛ لذلك يقوم منهج التفسير على تصورٍ حركي للحياة؛ فلا شيء ثابت فيها كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ، فالثبات لا ينفي الحركة، والخلود لا يتناقض مع التطور،١٩ فالقرآن يصف الحياة في تطورها وارتقائها، والوحي يتطور ويتغير طبقًا لمراحل التاريخ.٢٠ ولا يعني التطور فقط التطور الكوني الطبيعي، بل التطور الإنساني الفردي والاجتماعي. الوحي نفسه تطور وساعد على تطوُّر البشرية وطوَّرَها بتطوُّره؛ فمراحل تطور الوحي هي نفسها مراحل تطور الوعي الإنساني.٢١

لا يعني التطور أن الإنسان جزءٌ من التطوُّر الطبيعي فحسب؛ لأنه له إرادةٌ مستقلة حرة، كما هو الحال في نظرية التطوُّر في الغرب، فهو يتفاعل مع الكون، يؤثِّر فيه ويتأثَّر به، فهو تطورٌ حر خلاق كما هو الحال عند برجسون، هو تطورٌ حر من الداخل، وليس تطورًا مفروضًا من الخارج، تطورٌ ذاتي وليس تطورًا مستلبًا مفروضًا من الآخر. وهو تطورٌ يؤكد الذات ولا ينفيها، يثبتها ولا يُذوِّبها في مظاهر الطبيعة. هو تطورٌ من أجل البقاء وليس الفناء، تطور يُجذِّر الأصالة ولا ينزعها من جذورها باسم المعاصرة أو الحداثة، تطورٌ فعَّال يأخذ ويعطي، يقبل ويختار.

وكان يمكن تأويل بعض السور التي القصد منها الحركة والانتباه مثل سورة العاديات،٢٢ القصد منها الحركة وليس المتحرك، الإثارة في النفس، وليس المعنى في الذهن، الإيحاء وليس الإقناع.
وهو تفسيرٌ «جهادي» يقوم على الكد والكدح في الدنيا، والنضال في سبيل قضية.٢٣ كل إنسان بعمله، وهو الطريق إلى الخلود. والعمل بالمعنى الواسع الذي يشمل عمل الباطن أي التقوى، أو عمل العقل أي العلم، أو العمل الشاق أي الجهاد؛٢٤ فالخلود يأتي عن طريق العمل وليس عن طريق المال.٢٥ والعمل الصالح المُعبِّر الوحيد عن الإيمان.٢٦ قيمة الإنسان في العمل، والعمل وحده مصدر القيمة.
والإنسان بحسب ذاته طموح، وطموحه لا نهائي. يسمع نداء البطل، كما يقول برجسون أو نداء الضمير كما يقول كانط؛٢٧ لذلك كانت الحياة امتحانًا واختبارًا، بل بلاء ومحنًا، لا عبث فيها ولا خوض، بل تحقيق غاية ومقاصد.٢٨
وتنشأ الحياة والحركة من الأضداد في الطبيعة كالحياة والموت، الأخضر واليابس، والحيوان والجماد، والصلب والسائل … إلخ. كما ينشأ في الحياة الإنسانية، الذكر والانثى، الأنا والآخر، العقل والانفعال، النفس والبدن، الحسن والقبح … إلخ.٢٩ والجدل بين الأضداد مثل الحق والباطل، لا يقبل المساومة ولا الحلول الوسط،٣٠ بل انتصار الحق على الباطل، والعفو عن الباطل بعد انتصار الحق.
والغاية من الأضداد هو العمل والجد والكفاح والمنافسة والسبق إلى الخير فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ، وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ.٣١
ويهدف التفسير إلى تحرُّر الإنسان من القهر والطغيان؛ فالتفسير عملية تحرُّر وليس قيدًا على الحرية بالنص بدعوى الأحكام الشرعية.٣٢ ليس التفسير بحثًا عن المعنى وفهم النص، بل الهدف منه تحويل النص إلى باعثٍ على الحركة، ودافعٍ على النشاط، وحركة في التاريخ؛ فغاية الوحي ليست نظرية بل عملية. العقل مقدمة للفعل؛ لذلك وجب الجهاد لدرء العدوان.٣٣
وحياة الشعوب مثل حياة الأفراد، ولادة وتطوُّر وبلوغ ثم شيخوخة وموت؛ فهو قانون التطوُّر الذي ينتظم الأفراد والأمم٣٤وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ. وللكلمة أيضًا موتٌ وحياة؛ فاللغة هي التي تربط بين الأفراد والجماعات، وهي الكلمة الصادقة التي تُعبِّر عما في النفس، وتُطابق ما في الواقع. والخلود ينبع من الحياة، وبما يتم فيها من أعمال، وما يُحقِّقه الفرد فيها من إنجازات.
والحياة فيها بهجة وإشراق، ومتعة وفرح، وليست حياة الخطيئة والسوداوية والتشاؤم؛ فالزينة عند كل مسجد، وزينة المسلم سلاحه. هناك فرقٌ بين لذة الحياة من أجل اللذة، ولذة الحياة من أجل الفعل وتحقيق الغاية؛ لذلك يتحمل المجاهد النصَب والتعَب والإرهاق، بل وينال الشهادة عن طيب خاطر.٣٥
ويُبرِز المنهج الكيف دون الكم؛٣٦ فقد ألهى الأمة تكاثُرها فزاروا أمواتهم في المقابر، وتركوا الأحياء. وكما قال السيد المسيح: «دعوا الأموات تُكفِّن الأموات.» وهذا أيضًا درس غزوة حنين؛ فالأقلية المؤمنة الصابرة المجاهدة خيرٌ من الأغلبية الغائرة اللامبالية، وهو ما لاحظه الأفغاني والكواكبي من قبلُ.

(٤) الإنسان مركز الكون

وهو تفسيرٌ إنساني يجعل الإنسان مركز الكون.٣٧ وهو حرٌّ مختار مسئول مثل الأنبياء.٣٨ والإنسان مسئول عن المجتمع، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دون الجهر بالسوء من القول، ودون أن يأتي بمنكرٍ أعظم مما ينهى عنه، أو أن يغتاب ويلوك عيوب الناس.٣٩
الحفاظ على الإنسان هو جوهر الديانات، الإنسان الحر الكريم.٤٠ دعوة الله خدمة الإنسان، والوحي مقصد الله إلى الإنسان. الله واحد، والأديان واحدة لأن الغاية واحدة وهو الإنسان. ومن يُعذِّب الإنسان يُعذِّبه الله.٤١ الإيمان يعطي الإنسان اللانهائية في الحس والعقل والوجدان، في الإمكان وفي الطموح.٤٢ الإيمان يُوحِّد طاقات الإنسان الداخلية مثل الفكر والوجدان، والخارجية مثل القول والعمل ضد النفاق والرياء والغرور والكبرياء.٤٣
والتفسير هو اكتشافٌ للفطرة والطبيعة، وليس فرضًا عليها قواعد من الخارج،٤٤ يكشف القيم الأخلاقية التي تقوم عليها والتي يُؤكِّدها الوحي.
وهو تفسيرٌ أخلاقي يهدف إلى بناء الإنسان الأخلاقي قبل بناء المجتمع العادل؛ لذلك تتصدر آيات الأخلاق، خاصة الأخلاق السلبية مثل الرياء.٤٥ والتربية هي التربية الذاتية؛٤٦ فقد هَبَّ الإسلام لإتمام مكارم الأخلاق. وتكون التربية الخُلُقية بتجنُّب السوء، الظاهر والباطن، الخارجي والداخلي، والوسواس الخناس هو النفاق والرياء في الصدور.٤٧ والأخلاق هي أخلاق الاعتدال. وهي الحالة الطبيعية إلا في حالة الأزمات القصوى الفردية والاجتماعية، التي تستدعي بعض الجدل حتى يمكن أن يتعادل الطرفان في الأزمة، حتى تصل الأمور بعد ذلك إلى ميزان الاعتدال؛ فغنى الأثرياء على حساب الفقراء يتطلَّب حق الفقراء في أموال الأغنياء، وتسلُّط الحكام يستدعي ثورة المحكومين.٤٨
وتتضمن أساليب التربية الإسلامية الأسلوب القرآني في الود والتعاطف والمحبة، وليس أسلوب القهر والأمر والنهي،٤٩ واستنباط النتائج من المقدمات وإقامة ميزان العدل والالتزام بالعهود؛ ومن ثم يخلد الوطن، ويواكب حداثة العصر، ويجمع طاقات الأفراد والجماعات. كما تتوحد الثقافة دون تقسيمها إلى فروعٍ وعلوم، والدخول في مشاكل العصر مثل حوار الأديان، واحترام المؤسسات الدينية، والدفاع عن التعدُّدية السياسية، واحترام حقوق الأقليات، وذلك يتطلب الاهتمام بالتثقيف الروحي، وتحرير المظلومين من استبداد الظالمين، وتحديث المصطلحات والقضايا وزوايا الرؤية.
لذلك كان الهدف من الشعائر التربية. التشهد لإعلان تحرير الوجدان الإنساني من كل مظاهر وولائه لمبدأٍ عام واحد يتساوى أمامه الجميع. والصلاة تربية للبدن وللنفس. والزكاة تطهير للنفس وحق الآخر وتنمية المجتمع. والصوم إحساسٌ بفقر الفقراء وجوع الجوعى وحرمان المحرومين. والحج وحدة الأمة والمصير وطرح ما تعُم به البلوى، من احتلالٍ وقهر وفقر وتجزئة وتبعية واغتراب ولا مبالاة.٥٠
والتفسير يتجه نحو المجتمع كما يتجه نحو الفرد؛ فالإسلام نظامٌ اجتماعي كما أنه نسقٌ أخلاقي. وأهم قضية في المجتمع هي العدل والحرية. العدل يمنع من وجود تفاوُتٍ شديد بين الطبقات، أغنياء وفقراء، والحرية تمنع من وجود نظامٍ تسلطي، قهر من الحاكم إلى المحكوم.٥١ وكل ما يحدث في المجتمع من فقرٍ وقهرٍ وتخلُّف، إنما هي من صنع البشر أنفسهم.
التكذيب بالدين ليس نظريًّا بل تكذيبٌ عملي، دَعُّ اليتيم وعدم الحض على طعام المسكين؛٥٢ فالإيمان بالله هو الاهتمام بشئون الناس، إيمانٌ تجريبي عملي، وليس إيمانًا نظريًّا. ومن أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، فكيف تكون الآبار معطَّلة وبها مصالح الناس وفوقها قصرٌ مشيد؟ رب البيت هو الذي يطعم من جوعٍ ويُؤمِّن من خوف. يعطي الخبز والحرية بتعبير المعاصرين، «ما آمن بالله واليوم الآخر من بات شبعانًا وجاره جائع».
فالصور القرآنية كلها عن الإنسان والحياة والمجتمع والكون، إنما تهدف إلى تكوين المجتمع الفاضل؛٥٣ لذلك كان الله إله المستضعفين والمحرومين،٥٤ وكانت أسوأ لحظاتٍ في تاريخ البشرية هي لحظات الطغيان.٥٥
وأهم قضية اجتماعية هي الفقر، وربما يُضاف القهر؛ فالقهر فقر في الحرية، والفقر قهر في الرزق. وأهم مظهر من مظاهر التوحيد هو رعاية الفقراء؛٥٦ ومن هنا أتت فضيلة التعاون بين الناس؛٥٧ لذلك كان الإنفاق قيمة،٥٨ وهي تزيد على الصدقات والزكاة؛ فللفقراء حقٌّ في أموال الأغنياء. ويكون الإنفاق بالعلم أو الخبرة وليس فقط بالمال؛ فآثار الرزق تتجلى في الإنفاق. ودوران فائض رأس المال في المجتمع، والعلاقات الاقتصادية في المجتمع تقوم على العدل، وليس على أكل أموال الناس بالباطل.٥٩
ويتم استنباط الطبقات الاجتماعية من النص، وهي الطبقات الاجتماعية المحرومة، الضعفاء، والمرضى، والذين لا يجدون ما ينفقون؛ أي الفقراء.٦٠
والله موجودٌ للمضطهدين والمستضعفين والمنبوذين والمعذَّبين في الأرض؛٦١ لذلك كانت رسالات الأنبياء ثورةً على الظلم الاجتماعي والقهر السياسي والاستعباد الثقافي.٦٢
وقد نزل الوحي تدريجيًّا على مستوى تطوُّر الوعي الإنساني ومساهمًا في تطويره في آنٍ واحد؛ فالغاية من الوحي عمليةٌ تربوية تدريجية؛٦٣ لذلك نزل الوحي مُنجَّمًا، مُفرَّقًا على مهَل وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ حتى يأخذ الواقع الوقت الكافي للتغيير الاجتماعي وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً حتى يكون الوحي السابق مجرد إعلان، دون إحداث أي أثَرٍ في الواقع. نزل على ثلاث وعشرين سنة، ثلاث عشرة سنة في مكة لتربية الأفراد، وعشر سنين في المدينة لتأسيس المجتمع.٦٤ وتدل أسباب النزول على أولوية الواقع على الفكر. كما يدل الناسخ والمنسوخ على أولوية الزمان والتطوُّر. الواقع يسأل والوحي يجيب؛ لذلك بدأت كثيرٌ من الآيات بلفظ «ويسألونك … قل». والنسخ يعني مواكبةَ الحكم للتطوُّر في الزمان، وتغيُّرًا بتغيُّر الواقع، من الأخف إلى الأثقل أو من الأثقل إلى الأخف، طبقًا للقدرات الإنسانية، وعدم جواز تكليف ما لا يُطاق.
ومع ذلك النص وحدةٌ واحدة، جوهره واحد، رسالته واحدة، قصده واحد، تحرير الشعور الإنساني من كل مظاهر القهر المعرفي والسلوكي، وإعلان كمال العقل وقدرته على التمييز بين الحسن والقبيح، واستقلال الإرادة وقدرتها على اختيار الحسن دون القبيح.٦٥ وخصوص السبب لا يعني خصوص الحكم؛ لأن السبب نمطٌ مثالي يتكرر؛ وبالتالي يتكرر معه الحكم، وإلا تحوَّل النص إلى مجرد تاريخ.٦٦

(٥) التفسير والعلوم الاجتماعية

لما كان الوحي موجهًا إلى الإنسان والمجتمع، فإنه يتم تفسير الظاهرة الدينية بالعلوم الإنسانية والاجتماعية مثل علم النفس الديني، الذي يُقرِّر أن معرفة الله واللجوء إليه واستمداد العون منه في حالات الضعف والعجز والامتحان.٦٧
وفي علم أنثروبولوجيا الدين يتصور البشر الله كما يظنونه.٦٨ وتطوَّر هذا التصوُّر من التجسيم إلى التشبيه، حتى وصل إلى أعلى درجات التنزيه في الإسلام. وفي التحليل النفسي هواجس النفس هي «الوسواس الخناس»، والعجز الجنسي له أسبابه النفسية.٦٩
وفي علم تاريخ الأديان تتم المقارنة مع باقي الظواهر في المسيحية واليهودية بل والديانات الشرقية، مما يجعل التفسير علميًّا تاريخيًّا وليس مجرد دفاع عن دينٍ معين؛ فالقوانين التي تحكم الظواهر الدينية واحدة؛ فقد تشعَّبَت المسيحية واليهودية إلى عدة فرق. كما يصنف القرآن الملل والنحل والديانات مثل المشركين واليهود والنصارى ويُحدِّد علاقتها بالأمة.٧٠ ويستشهد بآياتٍ من رسائل بولس وهي خارج الأناجيل الأربعة، ولها أهدافها الخاصة، وتتوقف على كون بولس صحابيًّا أم رسولًا.٧١
وفي علم تاريخ الحضارات والثقافات المقارنة، عرف اليونان واليهود والطبقات الاجتماعية والدينية. ونفى الإسلام الطبقات طبقًا للون أو العرف أو الدين أو الثروة، وجعل الناس جميعًا مُتساوين بفعل الخَلْق.٧٢
وفي الحضارات المقارنة الآن يظهر التفسير، ليُبرز التحدي بين العرب والغرب خاصة قوة العلم،٧٣ ثم أتت أمريكا أخيرًا للسيطرة على العالم، وآسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وتُشارِكها روسيا؛٧٤ فالحياة صراع. والصراع بين الإسلام وغير الإسلام قائمٌ ومستمرٌّ في جدلٍ بين الأنا واللاأنا، بين الذات والموضوع.٧٥
ومع ذلك التفسير عالمي النزعة؛ لأن موضوعه إنسانيٌّ عام، لا فرق بين الأجناس والألوان.٧٦ وتبدأ النزعة الإنسانية العامة بالتضامُن مع المسلمين، كما هو الحال في سورة الروم، وفرحِ المسلمين بانتصار الروم على الفرس.٧٧ إن آلام المسلمين في الفلبين وإرتريا والحبشة وتايلاند وسيام والمجر، تستلزم يقظة الأمة وتجديد مذاهبها بما يتفق وطبيعة العصر، من خلال تجديد المؤسسات الدينية، وفي مقدمتها الأزهر بما له من حضورٍ إسلامي واسع في آسيا وأفريقيا، ومجلس البحوث الإسلامية وهيئات كبار العلماء، من أجل تجديد موضوعات البحث ومناهجها، ومخاطبة العالم بلغاته، والتحول من القول إلى الفعل؛ فالشهادة لا تعني تمتمةً بالشفتَين، بل شهادة فعلية على الأمر الواقع من أجل تغييره.٧٨
والعلوم الطبيعية هي أيضًا علومٌ إنسانية باعتبارها نظرةً إلى الطبيعة؛ فالتفسير الكوني يتجه نحو العالم؛ لأن العالم متجهٌ نحو الإنسان؛ فالكون خُلق من أجل الإنسان، والإنسان خلق في الكون. الإنسان موجودٌ في العالم بتعبير الوجوديين المعاصرين في الغرب. الكون قصيدةٌ شعرية، كما أن القرآن يعكسه كصورةٍ فنية في الماء والزرع والنبات والحيوان والجبال، والأنهار والمياه والشمس والقمر والكواكب والنجوم.٧٩ تهدف الآيات الكونية إلى غاياتٍ تربوية، لا إلى أغراضٍ علمية، الهدف منها التأثير في النفس ودفعها نحو الخير.٨٠
بل إن علم التوحيد أيضًا علمٌ إنساني؛ لأنه من تصوُّرات البشر واجتهاداتهم، والتفسير قائمٌ على التوحيد. ولا يعني التوحيد الخروج عن العالم وتجاوزه والهروب منه، بل الدخول فيه والالتحام به؛ فالتوحيد يُقوِّي روح الواقعية في الإنسان، ويدفعه إلى حرية الاختيار، وتحمُّل المسئولية.٨١ وهذه دلالة «أسباب النزول»، أولوية الواقع على الفكر، والسؤال على الجواب، والإشكال على الحل.٨٢ والواقع هو الواقع الاجتماعي الفردي والعائلي والجماعي من أجل تغيير الواقع مثل وأد البنات؛ فرسالة السماء مُوجَّهةٌ إلى الأرض، والوحي قصدٌ من الله إلى الإنسان؛ فالأولوية للدنيا على الآخرة، وشرط النجاة في الآخرة الفرح في الدنيا.٨٣ كل شيء في الوحي يتفق مع مصالح الإنسان، الفرد والجماعة.٨٤
ليست الألوهية هدفًا بعيد المنال، بل هي حالة في الحياة الفردية والاجتماعية، وفي قوانين التاريخ. وهو ما يقارب مفاهيم الصوفية في الوحدة، وحدة الشهود ووحدة الوجود.٨٥

(٦) الحوار الوطني والتحديث الفكري

وينعكس التوحيد في وحدة الأمة والوطن، والحوار بين تياراته المختلفة؛ فالتوحيد وحدة في تنوُّع وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً، الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا؛ فلبنان وطنٌ واحد، لكل اللبنانيين بصرف النظر عن الطائفة والعِرْق والمذهب، فالتعدُّدية هي الأساس. لبنان تجربةٌ نموذجية للتعددية والاختلاف داخل الوطن الواحد.٨٦ لبنان وطن المضطهدين في كل مكان ومأمن الخائفين،٨٧ ثروته في الإنسان وفي المجتمع وفي التاريخ، بلد الإنسان والإنسانية. الوطنية من أشرف الأحاسيس، ولكنها إذا تحوَّلَت إلى عنصريةٍ أصبحَت بغيضة.٨٨ وحدة الأمة أمانة الله. وحدة لبنان يوم استشهاد الحسين في عاشوراء واستشهاد المسيح، يوم البطولة والشهادة والفداء؛٨٩ فالحرب غريبة على ثقافة لبنان وتعايُش أبنائه، وهي وفلسطين وطنٌ واحد عاصمته القدس.
ويكون الحوار أولًا مع الشيعة ومرجعياتهم العليا أولًا؛ فالحوار مع النفس له الأولوية على الحوار مع الآخر؛٩٠ فالشيعة ليسوا فِرقًا متخاصمة ولا مرجعياتٍ متنافسة، تجمعهم وحدةُ العقائد والهدف والمصير.٩١
ثُمَّ يكون الحوار ثانيًا مع السنة وعلمائهم، للتأكيد على وحدة الأمة وتعدُّدها في آنٍ واحد، والخلاف بينها في المواقف السياسية التي انعكَسَت بعد ذلك في فهم العقائد مثل الإمامة. الخلافة سلطةٌ زمنية لا تهدف إلى الحكم، بل إلى خلق مجتمعٍ سليم، ولايةً عن الرسول. هي التي تُحقِّق المصالح العامة التي نزل بها الشرع في الزمان والمكان.٩٢ ويتم الحفاظ على وحدة المسلمين عن طريق توحيد الفقه، والمساعي المشتركة، والمحافظة على الأهداف الشرعية المحضة، والأهداف الاجتماعية والأهداف الوطنية.٩٣
ويكون الحوار ثالثًا مع نصارى لبنان؛ فالوطن للجميع.٩٤ لقد ساهم النصارى في بلورة الثقافة العربية، كما ساهم الإسلام في بلورة الثقافة اللبنانية منذ انتشار الإسلام وحتى الآن.٩٥ ازدهَرت اللغة العربية، وظهر رُوَّاد النهضة العربية لإحياء اللغة، والحفاظ على نقائها دون الألفاظ المعرَّبة، وتدوين القواميس والمعاجم وسِيَر الأُدباء. حرص لبنان على أصالة الإسلام وتفاعل معها أخذًا وعطاءً، كما حدث تفاعُلٌ بين الروحية والمادية، جمعًا بين المسيحية واليهودية. كما صب الدين في شئون المجتمع وأصبح جزءًا من تاريخ العرب والمسلمين، وتكيَّفَت الشريعة مع البلدان والأقطار والأمصار.
وبعد الحوار الوطني يأتي التحديث الثقافي، بل إن الحوار نفسه أحد مظاهر التحديث الثقافي، والتحديث الثقافي أحد نتائج الفكر الحوار الفكري؛ ومن ثَمَّ كان التحدي كيف يمكن إعادة صياغة الإسلام وفهمه ضمن روح القرن العشرين،٩٦ فبصرف النظر عن التحديد الدقيق لمعنى الثقافة، فإن الإسلام الثقافي هو المخزون النفسي الذي ترسَّب في وعي الناس، يُحدِّد لهم تصوراتهم للعالم ومعاييرهم للسلوك، وجود الله، وخلق العالم، وخلود النفس ومحاسبة على الأفعال. وهي تصوراتٌ ثابتة في جوهرها، وإن كانت متغيرة في صورها، تتسم بالثبات والشمول والحركية (الدينامية)، تجمع بين الأصالة والتحديث؛ أي بين الثابت والمتحول. وكلها ثقافةٌ واحدة تتم من منظور الوحدة، وحدة المعرفة الإنسانية، وإذا كان القدماء قد برعوا في العلوم الرياضية، كالحساب والهندسة والفلك والموسيقى، وفي العلوم الطبيعية كالطب والصيدلة والكيمياء والفيزياء والمعادن، وفي العلوم الإنسانية، الأدب والفلسفة والشريعة وغيرها، فنحن المحدَثين قادرون على استئناف الشوط بتجاوز الثقافة الغربية، كما تجاوَزَ القُدماء الثقافات القديمة، اليونانية والرومانية غربًا، والفارسية والهندية شرقًا.
ولا يُوجد تحديثٌ ثقافي أو نهضةٌ معاصرة، إلا بعد مراجعة الاستشراق، وتحرير صورة العرب والمسلمين من أَسْر الذهن الغربي لها، مثال ذلك كتاب هنري كوربان «تاريخ الفلسفة الإسلامية».٩٧ وبالرغم من الاحترام الكامل للمستشرقين كبشر وتقديرًا لجهودهم، ومعرفتهم بالأصول الإسلامية، ولقائهم مع علماء المسلمين، إلا أن الصواب يُجانبهم أحيانًا؛ نظرًا لأنهم يرون الأمور من الخارج، ويحكمون عليها ولا يعيشونها، مثل تصوُّر كوربان مثلًا لعلاقة الظاهر والباطن، وإيغاله في الباطنية وفي تأويله للسبعة أحرف، وفواتح السور، ولتصوُّره للإمام، وتواصُل النبوة في توازٍ مع التاريخ الإنساني، وفي حكمه على الولاية وخروجها عن النص، ومصدرها الواقع النفسي والاجتماعي لإحدى فرق المعارضة السياسية، وفي المقارنة بين التصوُّف والتشيُّع، والتوحيد شبه الكامل بينهما، ومفاهيم القطب والإمام الغائب، وجر ذلك كله إلى مبدأ الباطنية.
ولا تنشأ النهضة الجديدة إلَّا بانتشار مؤسساتٍ علمية بحثية جديدة، ومعاهدَ عُليا لدراسة الثقافة الإسلامية لتجاوُز النشاط الثقافي إلى البحث العلمي.٩٨

(٧) هل يمكن تطوير منهج التفسير؟

لمَّا كان التطور سُنَّة الحياة وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا، وكانت روح الإمام ما زالت سارية في التاريخ، فإن منهج التفسير لديه هو البداية وليس النهاية. هو الإعلان عن الطريق وليس السير فيه، إلا خطوات بقَدْر الاسترشاد. إن مهمة جيلٍ قادم هو تطوير منهج الإمام في التفسير من داخله وليس من خارجه، بدفع روحه إلى الأمام، خطواتٍ أبعد حتى يزدهر العلم، ولا يتحول إلى تقليد، تقليد الخلف للسلف، بل إلى تجديد، تجديد الخلف للسلف، بل إن تلك أيضًا سُنَّة الأنبياء، أصحاب الرسالات. الجوهر واحد، التوحيد، وصياغاته وتجلياته مُتعدِّدة، وحدة القصد والهدف، وتعدُّد المراحل والتحقُّقات العينية.

ويمكن تطوير فكر الإمام السيد موسى الصدر من أجيالٍ تالية له وبنفس الروح، حتى لا يتكرر فكر الإمام ويتوقف والزمن يتطوَّر ويمر. إن أعظم تحية للإمام هو تطوير فكره وتحديثه، وتجاوُز بعض جوانب فكره المرتبط بالظروف الوقتية والبيئية، ومنها:
  • (١)
    معرفة الحقيقة مسبقًا دون البحث عنها. وهو الفرق بين المؤمن والفيلسوف، بين المتكلم والحكيم. المؤمن يعرف الحقيقة ويُعبِّر عنها ويُبلغها للناس. أما الفيلسوف فيبحث عنها بالفعل حتى يصل إلى ما وصل إليه النقل؛ لذلك كتب الفلاسفة «حي بن يقظان»، للدلالة على تطابُق العقل والوحي. ومن ذلك الدفاع عن الرسول في حادثة زيد وزينب،٩٩ ولا ضير في أن يشعر الرسول كإنسانٍ بما يشعر به سائر البشر. وأمور القلب لا سيطرة للإنسان عليها «سبحان الله مُغيِّر القلوب». وعقائد الشيعة جاهزة، حقائقُ مطلَقة لا خلاف حولها.
  • (٢)
    يختلف أسلوب الداعية عن أسلوب الفيلسوف، ومنهج الداعية عن منهج الفيلسوف. الداعية يريد الإقناع، إقناع الآخرين بما يحمل من حق. والفيلسوف يريد البرهان، وإثبات أن ما وصل إليه يطابق العقل والواقع. وقد يرجع السبب في ذلك إلى نوعية الجمهور ونوعية المنبر؛ فالجمهور من العامة، لا يتحمل إلا تقوية الإيمان، والمنبر هو الإذاعة أو المنتدى الثقافي؛ أي المنبر العام وليس المنبر الخاص، الجامعة أو مراكز البحث. والداعية هو صاحب الرسالة، وحامل الأمانة، ومُبلِّغها للناس.١٠٠
  • (٣)
    وهو ما زال تفسيرًا طوليًّا يأخذ السور والآيات واحدةً تلو الأخرى حتى لو تفرَّقَت الموضوعات، لم يصل بعدُ إلى «التفسير الموضوعي» للقرآن، كما حاول الشهيد محمد باقر الصدر.١٠١ ليست القسمة السور الطوال والسور القصار، أو المدنية والمكية، بل وحدة الموضوعات حول الإنسان والمجتمع والحياة.١٠٢
  • (٤)
    وبالرغم من الإحالة بين الحين والآخر إلى التحليل الاجتماعي، إلا أن التفسير الاجتماعي ليس حاضرًا حضورًا غامرًا. وتظهر الإيمانيات أكثر كما هو الحال عند الصوفية. صحيحٌ أن «أحاديث السحر» حديث الروح في رمضان، ولكن رمضان يعني البُعد الاجتماعي بالإضافة إلى البُعد الروحي. العلاقة الأفقية بين الإنسان والإنسان مثل العلاقة الروحية بين الإنسان والله؛ فالتصوف العملي أنفع للناس من التصوف النظري؛١٠٣ لذلك لم تظهر أيديولوجيةٌ إسلامية كاملة تتضمن برامجَ سياسية واجتماعية وثقافية شاملة، كي تتحاور مع باقي الأيديولوجيات السياسية، القومية والليبرالية والماركسية.
  • (٥)
    ما زال يغلب على فكر الإمام بعض البراهين الخارجية مثل المعجزة على صدق الرسول. الإعجاز الأدبي والتشريعي نعم، جماليات الصورة وموسيقى الخطاب والتشريع الفطري والشريعة الطبيعية، تُبرهِن على صدق الرسالة؛ أي تطابقها مع الواقع، والرسول مجرد مُبلغٍ لها ومعلنٍ عنها. لا يهم إذا كان فرعون قد غرق أم أن جسده لم يغرق؛ إذ لا يمكن التحقق من ذلك إلا ببحثٍ تاريخي صارم، لا يمكن القيام به لصعوبة الرواية عن الواقعة أو التجريب عليها، يكفي دلالته نجاة المؤمنين وهلاك الكافرين.١٠٤ وكذلك موضوع الإسراء والمعراج الذي اختلف فيه القدماء، بالجسد أم بالروح،١٠٥ دلالتها التأمل فيما وراء الحس للعودة إلى العالم؛ ففي ليلة الإسراء فُرضَت الصلاة، وتم تكييفها طبقًا للقدرة الإنسانية، طبقًا لمبدأ عدم جواز تكليف ما لا يُطاق. وكذلك قصة خلق الإنسان لا يمكن معرفتها من النص الديني، الذي لا يهدف إلى الكشف عن حقائقَ علمية، بل يُصوِّر الكون طبقًا لرسالة الإنسان فيه، خلافة الإنسان في الأرض وتعميره لها وإصلاحه فيها، وتحمُّله المسئولية وأدائه الأمانة وممارسة اختياراته.١٠٦
  • (٦)
    ما زال يغلب على فكر الإمام بعض الجوانب الغيبية مثل أمور المعاد؛ فهي من السمعيات التي يعتمد يقينها على مجرد الخبر، وليست من العقليات التي يعتمد يقينها على البرهان. مثال ذلك تفسير الجن في مقابل الإنس، والحديث عن الجن وإبليس والملائكة رواية، وليس مشاهدة بالحس أو برهانًا بالعقل،١٠٧ وكذلك أمور السحر لتفسير الوسواس الخنَّاس، والنفَّاثات في العُقَد.١٠٨ والكوثر في الجنة لا سبيل إلى معرفته إلا بالسماع،١٠٩ وكل أمور المعاد تقوم على قياس الغائب على الشاهد. وظيفة المعاد مد آفاق النفس إلى المستقبل، وذلك مثل تفسير سورة الفيل.١١٠ وكذلك قصة الخلق موضوعها العلم الطبيعي وطبقات الأرض ونشأة الكون وليس النص.١١١
    بل إن الإيمان بالغيب يصبح أحد مُوجِّهات التفسير ومقاصده، والإيمان بمقاصد الشريعة أولى. الإيمان بالغيب ليس إيمانًا بشيءٍ، بل هو مد آفاقٍ في الشعور الإنساني للبحث عن المجهول، وعدم التوقُّف على المعلوم والوقوع في القطعية، بالانتهاء إلى الحقيقة دون التجاوز المستمر.١١٢ والصلاة لا تهدف إلى الإيمان بالغيب، بل إلى الحفاظ على الوقت، وأداء كل فعلٍ في وقته، وتربية الجسد بالحركات الجسدية والروح بالتأمل الباطني، وتقوية روح الجماعة، وعرض أحوال المسلمين في خطب الجمعة والعيدَين.١١٣
  • (٧)
    ما زال يغلب على فكر الإمام بعض الجوانب الإلهية. صحيحٌ أن الإلهيات تنعكس في الإنسانيات، ولكنها أحيانًا تبدو مستقلة، عالمًا بذاته، حقائقه في ذاتها وليست صورًا تعكس واقعًا إنسانيًّا، وتجاربَ بشرية مُعاشة، فردية واجتماعية. يبدو فكر الإمام أقرب إلى علم أصول الدين منه إلى علم أصول الفقه، ومن العقيدة أكثر منه إلى الشريعة. والقدسية لا تأتي من المكان ولا من الزمان، إنما هما حاملان للوحي وميدانان لتحقُّقه. كل الأماكن متساوية في القيمة؛ أي في القدسية، لا فرق بين المسجد وخارجه، فقد جُعلَت الأرض كلها مسجدًا. ولا فرق بين شهرٍ وشهر أو عامٍ وعام؛ فكل الأزمنة أوقات للفعل؛١١٤ فمكة والمدينة مكانان للبعثة وليس لهما قدسيةٌ خاصة. والشعر هو الجامع بين الألوهية والأرض.
  • (٨)
    ويمكن تجاوز الطائفية من أجل وحدة الرؤية للأمة؛ فلا تُوجد عقائد للتشيُّع وأخرى لأهل السنة؛ فالاجتهاد ليس مقصورًا على التشيع، بل عُرف عنهم عصمة الإمام، وقول الإمام المعصوم مصدرًا من مصادر التشريع. والمرجعيات قد تتحول إلى طبقاتٍ علمية متتالية يُقلِّد بعضها بعضًا. والحج ليس خاصًّا بالشيعة ولا مكة والكعبة. ويمكن تصحيح مواقف المستشرقين في دراساتهم عن الشيعة، وليس شبهاتهم كلها حول الإسلام.١١٥
  • (٩)

    وربط التفسير بالعلم يبدو في الظاهر أنه يجعل التفسير عصريًّا، فهم الآيات الأخرى طبقًا لآخر مكتشفات العلم الحديث. وفي الحقيقة أنه يربط الحقائق الأبدية بالتغيرات في فهم الطبيعة. حقائق العصر ثابتة في حين أن حقائق العلم متغيرة، فكيف يتم تفسير الثابت بالمتحول؟ لا يهم الدين إن كان يتنافى مع العلم الحديث أم لا؛ فالعلم متغير والدين ثابت. إن كل الأدبيات التي تسمي التفسير العلمي للقرآن، تبدو في الظاهر تحديثًا ولكنها في الحقيقة تأخير؛ لأنها أولًا تُوحي للمسلمين بأن القرآن حوى كل العلم؛ ومن ثَمَّ فلا داعي للتعلُّم، ما دام القرآن قد قدَّم العلم قبل جهود العلماء المحدثَين. وتعني ثانيًا أن الغرب هو مكتشفُ الحقائق، وأن مهمة المسلمين فقط تبرير العلم الغربي بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية. الغرب يبدع العلم، وعلماء الغرب يجتهدون في اكتشاف قوانين الطبيعة، ونحن ننقل العلم الغربي دون جهد. يقتصر عملنا على التوفيق، وننال الحسنيَين، ونُسجِّل هدفَين؛ الدنيا والآخرة، العلم من الغرب، والإيمان من لدُنَّا. في حين أن الغرب كسب جولةً واحدة، العلم والدنيا ولكنه أضاع الشق الثاني، الإيمان؛ فنحن أفضل من الغرب جمعنا الدين والدنيا، والغرب عكَف على الدنيا وحدها وترك الدين، وكانت النتيجة أنه خسر الدين والدنيا معًا.

    العلم موضوعٌ محايدٌ لا يدعو إلى الإيمان ولا يُنفِّر منه، والأكسجين والجبال كلها موضوعاتٌ علمية، وإن استعملها القرآن استعمالًا شعريًّا لتقريب الإنسان من الطبيعة والطبيعة من الإنسان.١١٦
    الدين والعلم ليسا نسقَين معرفيَّين متمايزَين، الدين للأخلاق والسيطرة على انفعالات النفس، والعلم للمنفعة والسيطرة على قوانين الطبيعة.١١٧ قد ينشأ الدين من فوارقَ اجتماعية عسيرة، فيكون تعويضًا عن أوضاع القهر والحرمان. كما ينشأ في ظروف عجز المعرفة البشرية على السيطرة على قوانين الطبيعة، كقيم اللجوء إلى الآلهة واستدعاء الأرواح. العلم والدين ليسا توءَمَين منذ خُلق الإنسان، بل هما على التبادل، يقوم الدين بدور العلم ثم يرث العلم الدين،١١٨ ثم يصبح العلم هو الوسيلة لدراسة الدين في جوانبه النظرية والتشريعية. لقد تطوَّر الدين نفسه من الدين إلى الميتافيزيقا إلى العلم، ومن دور الطفولة إلى دور الصبا إلى دور الرجولة، حتى استقلَّت الإنسانية وأصبح العقل قادرًا على فهم قوانين الطبيعة والسيطرة عليها وتسخيرها لصالحه. يُبدِّد العلم الأوهام القديمة، ولا يُوجد تقسيم عمل بين الدين والعلم وتوزيع الصلاحيات، حتى لا يعيش الإنسان في ازدواجيةٍ معرفية، الدين للنفس والعلم للطبيعة؛ فالعلم قادرٌ على معرفة خبايا النفس وأسرار الطبيعة. الدين طريقٌ سهل ومباشر للعامة، كي تعيش حياةً فاضلة، أما الخاصة فيحتاجون إلى برهان العلم قَالَ أَوَ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي. يستطيع العلم أيضًا سَبْر المجهول، في حين أن العلم هو الانتقال من المجهول إلى المعلوم وإعطاء البرهان عليه، ولا يكفي فيه قياس الغائب على الشاهد، كما يفعل الدين في قياس الشبه. ثنائية العلم والدين تقتضي التوفيق بينهما في حالة التعارُض، توفيق الدين على العلم، وإلحاق الثابت بالمتحول، فيقضي على الدين ويصبح تابعًا للعلم، كما يفعل أنصار الاتجاه العلمي المادي المعاصرين،١١٩ أو توفيق العلم على الدين، وإلحاق المتحول بالثابت، مما يقضي على العلم ويجعل برهانه خارجه في القطع والإيمان، وليس في البحث والبرهان، كما يفعل أنصار التفسير العلمي للقرآن.
  • (١٠)
    ويمكن تجاوُز تقليد القدماء من المفسرين والفقهاء والأئمة الأطهار إلى تجديد المحدَثين؛١٢٠ فلا يُوجد شيء تم إلا ويمكن أن يتم ما هو أكمل منه، ولا يتحقق شيء إلا ويمكن أن يتحقق أفضل منه؛ فالسعي نحو مزيدٍ من الكمال سنةٌ كونية. التفسير لا حدود له طالما أن تطوُّر الزمان لا نهاية له؛ لذلك كان يمكن إعادة بناء التراث كله، وليس فقط إعادة تأويل مصدر الأول؛ فقد تحجَّر التراث وتكلَّس وتقدَّس، وفي حاجة أيضًا إلى إعادة بنائه على وجهٍ آخر، بحيث يكون دافعًا على التقدم وليس معوقًا للتخلف. صحيحٌ أن التفسير يذكر جلال الدين الرومي وابن سينا، ولكنه لا يُعيد بناء الأنساق الموروثة في الكلام أو الفلسفة أو التصوف أو الأصول.١٢١ صحيح أنه يُشار إلى التراث العلمي نظرًا لحاجة الأمة إلى العلم، ولكن التراث أعم وأشمل؛ يضم التراث الكلامي والفلسفي والأصولي والصوفي والأدبي.١٢٢

إن اختفاء الإمام كشخصٍ لا يعني اختفاءه كفكر. وقد يعود الإمام إن لم يكن بشخصه بل بمنهجه ورؤيته وأثره على أجيالٍ قادمة.

١  البقاع، ١٢-١٣ سبتمبر ٢٠٠٣م، لبنان.
٢  صدرت حتى الآن ثلاثُ مجموعاتٍ عن مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات بفضل جهود الأستاذ حسين شرف الدين، وهي:
  • (١)

    «أبجدية الحوار»، محاضرات وأبحاث، بيروت، ١٩٩٧م.

  • (٢)

    «دراسات للحياة» (معالم التربية القرآنية ١)، بيروت، ١٩٩٩م.

  • (٣)

    «أحاديث السحر» (معالم التربية القرآنية ٢)، بيروت، ١٩٩٩م. «دراسات للحياة»، ص٦–٩.

٣  «فالأوضاع الاجتماعية، والعلاقات المختلفة القائمة في هذا العصر، تختلف تمام الاختلاف عن الأوضاع والعلاقات التي كانت في عهد ظهور الإسلام» (دراسات، ص١١).
٤  السابق، ص٥٦، ٧٩–٨٦.
٥  السابق، ص١٢–١٦.
٦  أحاديث، ص١٧٤–١٧٧.
٧  لذلك قال عمر «عليكم بديوان جاهليتكم؛ فإن فيه تفسير كتابكم.»
٨  وهو شعر أبي الحسن التهامي في رثاء ابنه:
حكم المنية بالبرية جاري
ما هذه الدنيا بدار قرارِ
الموت نوم، والمنية يقظة
والمرء بينهما خيالٌ جارِ
يومًا يرى الإنسان فيها مخبرًا
حتى يُرى خبرًا من الأخبار
… … … …
… … … …
جاورتُ أعدائي، وجاور ربَّه
شتَّان بين جواره وجواري
… … … …
… … … …
إني لأرحم حاسديَّ لفرطِ ما
ضمَّت صدُورهُم من الأوغارِ
نظروا صنيعَ الله بي فعيونُهم
في جنةٍ، وقلوبهم في النار
دراسات، ص٥٠، أحاديث، ص٣٠٥
٩ 
رأيتُ الناس قد مالوا
إلى من عنده مالُ
ومن ما عنده مالُ
فعنه الناسُ قد مالوا
السابق، ص٢٣٢
١٠  قال يزيد:
لعبَت هاشمٌ بالملكِ فلا
خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزلْ
السابق، ص٢٤٦، ٢٤٨؛ أحاديث، ص٢٩٩
١١ 
رأيتُه فرأيتُ الناسَ في رجلٍ
والدهرَ في ساعة، والأرضَ في دار
أبجدية الحوار، ص٤٦
١٢  دراسات، ص٤٨.
١٣  «لعلكم تعرفون أن في التفسير الإسلامي مدرستَين؛ المدرسة الأولى المدرسة التي تعتمد على الغيبيات والمعجزات والأساليب الخارقة للعادة أكثر من المتعارف. لا شك أن القرآن صريح في بعض الأماكن بوقوع المعجزات للأنبياء، الحوادث الكثيرة التي ينقلها القرآن الكريم ولكن إلى حد، فكانت المدرسة القديمة تعتمد على الغيبيات والمعجزات أكثر من اللازم، فتُفسِّر كل شيء بالشكل الغيبي، ثم أحدثَت هذه المدرسة ردَّ فعلٍ فوُجدَت المدرسة العقلانية في التفسير، يرأسها أو يبرز في هذه المدرسة الشيخ محمد عبده وتلامذته الذين يحاولون أن يُفسِّروا الآيات القرآنية والأعاجيب قَدْر المستطاع بالصورة المنطقية العقلانية» (السابق، ص١١٣).
١٤  أحاديث، ص٢٢٣–٢٢٨.
١٥  السابق، ص١٦–٢١.
١٦  دراسات، ص١٤١–٢٦٤؛ أحاديث، ص٢١٣–٢١٧، ٢٢٩–٢٤٣.
١٧  أحاديث، ص٢١٨–٢٢٢.
١٨  السابق، ص٢٤٤–٢٤٧.
١٩  سيد قطب، «خصائص التصور الإسلامي ومقوماته»، دار الشروق، ص١٤٧–٢٣٦.
٢٠  دراسات، ص١٨–٢٠.
٢١  «أما الآن فقد حاولنا أن نخضع نهائيًّا للتطور الاجتماعي العالمي. وإذا استسلمنا دون أن نطور حياتنا ومفاهيمنا عن «ديننا» ومقاييسنا الإسلامية حسب الأوضاع الحياتية التي حصلَت وتكون بمعزلٍ عن توجيه القرآن الكريم، إذا حاولنا ذلك واستسلمنا فقد خُنَّا أمانتنا، وديننا، وفقدنا كل شيء. ليس المطلوب رفض التطوُّر والاستفادة من المكاسب الإنسانية القائمة، ولكن المطلوب ألا نفقد ذاتيتنا وأصالتنا، وأن نجعل الإنتاجات البشرية الحديثة في إطارنا الأصيل، وأن نزنها بمقاييسنا، فنرفض ونختار ونبني من جديد أمةً أصيلة، بما لكلمة الأصيل من أبعادٍ فكرية وتاريخية وعملية. إن القرآن صانع التطوُّر. وقد جرَّبَته البشرية قرونًا عديدة. إنه مطور. أما التطوُّر المفروض من الخارج من قِبَل الأوضاع التي صُنعَت من الآخرين، فهذا استسلامٌ مرفوض وليس كمالًا. إنه فناء وأي فناء» (السابق، ص١٩-٢٠).
٢٢  سورة العاديات، السابق، ص١٩٧–٢١٣، ٢٧٤.
٢٣  «ثم يحاول الإسلام أن يملأ جوانب وجود الإنسان بالله. يقول إذا حاربتَ في سبيل قضيتك ورسالتك ودينك، فقد جاهدت في سبيل الله. إذا أنفقت على الفقير، فقد أنفقت في سبيل الله. إذا عُدتَ المريض فقد عُدتَ الله، إذا خدمتَ أخاك المؤمن فقد جاهدت في سبيل الله «الساعي لحاجة أخيه المؤمن كالمُتشحِّط بدمه في سبيل الله.» يحاول أن يقول كل فعلٍ يصدر منك إذا كان لوجه الله فهو يوصلك إلى الله مباشرة» (دراسات، ص٢٩، «الجهاد أفضل العبادات»، السابق، ص٢٠٤).
٢٤  «إذن كل إنسان بمقدار عمله أو على حد تعبير القرآن بأحد الموازين الثلاثة يقترب من الله، بتقواه أو بجهاده أو بعلمه» (السابق، ص٦٣). «إنما العمل لأن القرآن الكريم يقول وأَنْ ليس للإنسان إلا ما سعى» (السابق، ص٦٥). «فإذن البشر كل البشر واقفون على خطٍّ واحد، لا يتقدم أحدهم إلى الله إلا بمقدار ما يشتغل» (السابق، ص٧٣؛ أحاديث ص٢٢٩–٢٤٣).
٢٥  «وهذا هو تفسير سورة الهمزة الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (السابق، ص١٢٩–١٣٩).
٢٦  السابق، ص١٦٤–١٦٨، ٢٢٢–٢٢٩، ٢٤٢.
٢٧  «إن الإنسان بحسب ذاته طموح، لكن الطموح عند الإنسان لا نهائي» (دراسات، ص٢٠٦).
٢٨  أحاديث، ص١٥١–١٥٩.
٢٩  السابق، ص١٦٧–١٧٣.
٣٠  السابق، ص٢٧٩–٢٨٤. سمع الرسول أحد الرجال يقول يوم الفتح: «اليومَ يومُ الملحمة، اليوم تُسبى الحرمة.» فردَّ قائلًا: «اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله قريشًا» (السابق، ص٢٨٧).
٣١  السابق، ص٢٠٧–٢١٠.
٣٢  «ولا يتحول الإنسان إلى طاغيةٍ مغرور» (دراسات، ص١٧). «فنحن قبل كل شيء نحتاج إلى التحرُّر من هذا الخنوع والاستسلام» (السابق، ص١٢٨).
٣٣  السابق، ص٥٧–٦٠.
٣٤  «الموت والحياة»، السابق، ص١٠١.
٣٥  «الموت والحياة»، السابق، ص٩٧–١٠٤.
٣٦  وذلك في تفسير سورة التكاثر، دراسات، ص١٦٩–١٩٦؛ «واقعة حنين»، أحاديث، ص١١٦–١٢٠.
٣٧  «قصة خلق الإنسان»، أحاديث، ص٣١–٣٥.
٣٨  السابق، ص١٣٣–١٤١، ١٤٦.
٣٩  السابق، ص٨٥–٨٩.
٤٠  «حفاظًا على الإنسان»، أبجدية الحوار، ص١٦٥–١٧٦.
٤١  «نلتقي لخدمة الإنسان المستضعف المسحوق والممزَّق لكي نلتقي في كل شيء، ولكي نلتقي في الله فتكون الأديان واحدة.» وقد قال الإمام علي: «لا، لا يجتمع حب الله مع كُره الإنسان» (السابق، ص١٦٧).
٤٢  السابق، ص١٦٩.
٤٣  السابق، ص١٧٠-١٧١.
٤٤  دراسات، ص٢٥؛ أحاديث، ص١٩١–١٩٤.
٤٥  وذلك في آية الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ، دراسات، ص١٠٤-١٠٥؛ أحاديث، ص٢٩٣.
٤٦  «ولا شك أن بناء الإنسان بمقدار ما يتوقَّف على وجود المجتمع الصالح يعتمد على التربية الذاتية» (دراسات، ص٢٩٤).
٤٧  أحاديث، ص٨٥–٨٩، ٣١٧.
٤٨  «الموت والحياة»، السابق، ص٩٩-١٠٠.
٤٩  «أساليب التربية الإسلامية»، أبجدية الحوار، ص١٨٩–٢٠٣.
٥٠  أحاديث، ص١٨٢–١٨٧.
٥١  وهكذا بالنسبة للحالات والأنظمة؛ شعبٌ فقير، شعبٌ متأخر، شعبٌ جاهل، شعبٌ عالم، شعبٌ منتصر، هل أراد الله لهم الانتصار؟ هل خصَّص الله الشرق دون الغرب؟ هل أراد لفئةٍ التأخر دون فئة؟ … فإذن السعادة الاجتماعية والشقاء الاجتماعي، الفقر والمرض والجهل والهزيمة والانتصار والعلم والثقافة؛ كل حالة في المجتمع من نتيجة عملنا المباشر، ولا يُفرض علينا شيء أبدًا إذا نحن أردنا ذلك» (دراسات، ص٧٣).
٥٢  السابق، ص٩٨. وهو أيضًا معنى وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ. «والحقيقة أن الإيمان بالله وبالدين بالمعنى الصحيح، يستلزم الاهتمام والعناية بخلق الله وشئون المجتمع، وبوضع الناس وإلا فلا» (السابق، ص٩٩؛ أحاديث ص٢٦٢–٢٦٩). «ينفي وجود الإيمان بالله واليوم الآخر هذا الحديث مع تجاهل شئون الجار، ومع عدم المبالاة بأوضاع الآخرين، فإذن لا يمكن أن يكون الإيمان إيمانًا حقيقيًّا، والصلاة صلاةً حقيقية إذا تجردت من الاهتمام بشئون الآخرين. وهذا يؤكِّد أن الإيمان بالله لا يمكن أن ينفصل عن محبة الناس، والاهتمام بشئون الناس، والسعي لخدمة الناس؛ وبناءً على ذلك فالإيمان في منطق الإسلام ليس إيمانًا تجريديًّا لا يتجاوز القلب، بل إيمان يعيشه الإنسان في علاقاته مع الآخرين» (أحاديث، ص٢٦٤). وأيضًا السابق، ص٢٦٥–٢٦٩.
٥٣  أحاديث، ص١٩٥–١٩٧.
٥٤  «الحمد لله الذي يُؤمِّن الخائفين، ويُنجي الصالحين، ويرفع المستضعفين، ويضع المستكبرين، ويهلك ملوكًا، ويستخلف آخرين. الحمد لله قاصم الجبارين، مبيد الظالمين، مدرك الهالكين، نكال الطاغين، صريخ المستصرخين» (السابق، ص١٦٥).
٥٥  «وأحط إنسانية هي الأنظمة الغاشمة، تنجم عن استغلال حق الملك والسلطان، عن امتصاص حقوق العمال وجَوْر المعاهدات …» وقد قيل في الأثر: «أنا — أي الله — عند المنكسرة قلوبهم، أنا كنتُ عند المريض عندما عُدتَه، وعند الفقير عندما ساعَدتَه، ومع المحتاج عندما سعيتَ لقضاء حاجته.» «كل نصرة للمظلوم جهادٌ في سبيله» (أبجدية الحوار، ص١٦٨). «فمن الاستبداد إلى الاستعمار، ومن الإقطاع إلى الإرهاب الفكري، وادعاء الوصية على الناس، واتهامهم بأنهم لا يفهمون. ومن الاستعمار الجديد إلى فرض المواقف على الأفراد والشعوب، فضغط اقتصادي أو ثقافي أو فكري. ومن سياسة الإهمال لإبعاد الفرص عن الناس، بعض الناس، وعن المناطق، بعض المناطق، منها إلى التجهيل وحتى منع الصحة عن الناس وفرص التحرك والتنمية، صور وأشكال لسلب الحريات ولتحطيم الطاقات» (أبجدية الحوار، ص١٧١). «والقرآن الكريم له مع الظالمين موقف، وموقف أي موقف؛ فهو ينذر الإنسان بألا يركن إلى الظالم ولا يستند إليه ولا يعتمد عليه، ولا يتخذه عضدًا في الحياة» (أحاديث، ص٢٠١).
٥٦  «الفقير يموت من الجوع، والفقير يموت من المرض، والفقير يموت من الجهل. الفقير يموت من قلة التغذية، الفقير يموت من عدم توفير وسائل السكن، وعدم وجود النور والهواء الكافي في المساكن، الفقير يموت من عدم وجود الصحة في القرى، الفقير يموت من عدم وجود طبيب في القرية. الفقير يموت من عدم سلامة المياه، الفقير يموت من كثيرٍ من هذه المسائل، وليس فقط لأجل الجوع؛ كل هذا موت، موت الناس لأجل الفقر» (دراسات، ص١٠١-١٠٢).
٥٧  وذلك في آية وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ أي التعاون (السابق، ص١٠٥).
٥٨  «الإنفاق»، أحاديث، ص٥٣–٥٦، ٦١–٧٦.
٥٩  السابق، ص٨١–٨٤.
٦٠  السابق، ص١١٢–١١٥.
٦١  السابق، ص١٨٨–١٩٠.
٦٢  «وكان شعيب يطلب التنكُّر إلى آلهة الأرض، للظالمين، للطغاة، لآلهة المال، لآلهة السموات. وكان يؤكد أيضًا على العدالة في الكيل والميزان، وعدم بخس الناس أشياءهم» («النبي شعيب مع قومه»، السابق، ص١٠٧).
٦٣  انظر ترجمتنا ودراستنا عن لسنج: «تربية الجنس البشري»، دار الثقافة الجديدة، القاهرة، ١٩٧٧م.
٦٤  أحاديث، ص١٢–١٤.
٦٥  السابق، ص١٧٨–١٨١.
٦٦  السابق، ص٢٩٣–٢٩٥.
٦٧  دراسات، ص٢٦. وهو ما يوافق المثل الشعبي: «الجعان يحلم بسوق العيش» أو «اللي يخاف من عفريت يطلع له».
٦٨  «وكانوا يتصورون الله كما يظنون» (السابق، ص٢٦-٢٧).
٦٩  السابق، ص٣٨–٤١، ٤٥.
٧٠  أحاديث، ص٢٠٣–٢٠٦.
٧١  «أضواء وتأملات»، أبجدية الحوار، ص٣٨-٣٩.
٧٢  دراسات، ص٦٣، ٢٣٤.
٧٣  السابق، ص١٥٧.
٧٤  «اليوم أمريكا كم من الأرض ومن البلاد تحت سيطرة أمريكا؟ كثير …» (السابق، ص٢٠٧).
٧٥  السابق، ص٢٠٨.
٧٦  دراسات، ص٧٥.
٧٧  أحاديث، ص١٦٠–١٦٢.
٧٨  السابق، ص٢٠٢-٢٠٣.
٧٩  دراسات، ٣٠-٣١.
٨٠  «إن القرآن الكريم يستعرض هذه الآيات الكونية وغيرها لغاياتٍ تربوية لا أغراضٍ علمية؛ فالقرآن كتاب هداية ودين وتربية، وليس كتابًا للفيزياء أو الكيمياء أو علوم الطبيعة» (السابق، ص١٧).
٨١  «هذا المعنى من التوحيد يُقوِّي روح الواقعية في الإنسان ويُنشِّط الإنسان في حقل العمل حتى يعرف أن كل ما يصل إليه فهو من نتيجة أعماله وأفعاله، فإذن المجتمعات المتأخرة هم أرادوهم خطأ أو عمدًا، والمجتمعات المتقدمة هم كوَّنوها عمدًا أو خطأ نتيجة لعمل الإنسان» (دراسات، ص٧٤). «وإذا نجد في المجتمعات شيئًا من النقص أو الانحراف أو من التفكُّك أو من الجهل والفقر والمرض وأمثال ذلك، فلا شك أن كل هذا بما كسبت أيدينا. نحن أردنا، عالمين أو جاهلين، لكن من صُنع أيدينا. نحن صنعنا المجتمعات، ونحن خلَقْنا أساليب الحكم في المجتمعات، وتحمُّل الشعب المسئوليات هو الذي يخلق التخلف أو التقدم» (السابق، ص١٠٠).
٨٢  السابق، ص٨٧–٨٩.
٨٣  «وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (السابق، ص٩١).
٨٤  «فعل شيء ينسجم انسجامًا واقعيًّا مع الإنسان ومع مصالح الإنسان، يبقى ببقاء الإنسان، ويخلد بخلود الإنسان. وكل شيء لا ينسجم مع الإنسان انسجامًا واقعيًّا يطلع مدة ثم يموت» (السابق، ص٩٥).
٨٥  «فإذن الله الكبير الكبير معنا وفي قلبنا وأقرب إلينا من حبل الوريد، وبمرآنا ومسمعنا إذا خاطبناه يسمع في آية ساعة وأي مكان وفي أي حالة قل الله وكفى يقول لك لبيك، قريب إليك» (دراسات، ص٢٩). «فالله يملأ وجودنا وكونَنا وأفعالنا. هذا هو معنى الله» (السابق، ص٣١).
٨٦  «أضواء وتأملات»، أبجدية الحوار، ص١٦-١٧. «ونحن في لبنان، في هذه الواحة النموذجية» (السابق، ص٤١).
٨٧  السابق، ص١٦٧، ١٧٤–١٧٦.
٨٨  السابق، ص١٧٣.
٨٩  «وحدتنا … أمانة الله»، السابق، ص١٧٧–١٨٧.
٩٠  وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (دراسات، ص٩١).
٩١  «أضواء وتأملات»، السابق، ص١٥، ١٨؛ فقه الشيعة، ص٢٠–٢٢.
٩٢  «أضواءٌ وتأملات»، السابق، ص١٩-٢٠.
٩٣  في سبيل وحدة المسلمين، كتابٌ مُوجَّه إلى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد، السابق، ص١٥٩–١٦٤.
٩٤  «أضواءٌ وتأملات»، السابق، ص١٦.
٩٥  «الإسلام والثقافة»، السابق، ص١١١–١٣٦.
٩٦  «الإسلام وثقافة القرن العشرين» (السابق، ص٤٣–٧٤).
٩٧  «مع المستشرق هنري كوربان»، السابق، ص٧٩–١١٠.
٩٨  «تعزيزًا للقيم الروحية»، السابق، ص٧٥–٧٧.
٩٩  «أحاديث»، ص١٦٣–١٦٦؛ «أبجدية الحوار»، ص٨٦–١١٠.
١٠٠  لذلك تتصدر المجموعة الثلاثة آية وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (دراسات للحياة، ص٥، أحاديث السحر، ص٥، أبجدية الحوار، ص٤).
١٠١  Hassan Hanafi: Method of Thematic Interpretation, Islam in the modern world, Dar Kebaa, Cairo, Egypt 2000, vol. I, pp. 484–509.
١٠٢  تنقسم «أحاديث السحر» إلى طوال السور وقصار السور.
١٠٣  أحاديث، ص٩٠–٩٦؛ «المؤمنون»، السابق، ص١٤٢–١٤٥.
١٠٤  «القرآن معجزة الرسول»، أحاديث، ص٩–٢٨.
١٠٥  «الإسراء»، السابق، ص١٢٩–١٣٢.
١٠٦  السابق، ص٣١–٣٥.
١٠٧  دراسات، ص٣٤–٣٨؛ أحاديث، ص٣١٩-٣٢٠؛ أبجدية الحوار، ص١١٩–١٢٧.
١٠٨  دراسات، ص٤٦-٤٧؛ أحاديث، ص٢٩٧–٣٢٠.
١٠٩  دراسات، ص٩٠–٩٦؛ «مفهوم المعاد»، أحاديث، ص٧٧–٨٠.
١١٠  دراسات، ص١٠٧–١١٢؛ أحاديث، ص١٤٦–١٥٠، ٢٤٨–٤٥٣، ٢٧٠–٢٧٥.
١١١  «الخلق»، أحاديث، ص١٢١–١٢٤.
١١٢  السابق، ص٣٦–٤٢.
١١٣  «الصلاة»، السابق، ص٤٣–٥٠.
١١٤  دراسات، ص٦٤؛ «أضواء وتأملات»، أبجدية الحوار، ص٣٠–٣٥.
١١٥  «أضواء وتأملات»، أبجدية الحوار، ص٢٠–٤١؛ «مع المستشرق هنري كوربان»، السابق، ص٨٣–١١٠.
١١٦  مثل تفسير وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ بالأبخرة السديمية (دراسات للحياة، ص١٦). ووَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (السابق، ص١٧). «غِنَى اليوم أمامنا صرحٌ من العلم …» (السابق، ص٩٤؛ «قوة ضغط الجو»، السابق، ص٢٧٥).
١١٧  أحاديث، ص٢١-٢٢.
١١٨  السابق، ص١٢٥–١٦٨، «الدين والعلم»، أبجدية الحوار، ص١٣٧–١٥٨.
١١٩  مثل يوسف مروة، صادق العظم.
١٢٠  يُحال إلى تفسيرات القدماء مثل «تفسير الصافي» للكاشاني، و«الدر المنثور» للسيوطي، و«نور الثقلين» (دراسات، ص٢٢).
١٢١  أحاديث، ص١٥٦، ٣٠٨.
١٢٢  يُشار إلى إصطفان أول مترجم في الكيمياء، وابن ماسرجيس، وتيوفيل بن توما الرهاوي، وجورجيس بن بختيشوع، وابنه بختيشوع، وعيسى بن شاهلافا وجبريل بن بختيشوع وابن المقفع، وعمر بن المنجم وابن محمد وأبو يحيى البطريق («الإسلام وثقافة القرن العشرين»، أبجدية الحوار، ص٥٧–٧٤).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤