الفصل العاشر

حفرة سقف القش

بعدما اصطحب بينت ضيفه إلى المنزل لتناوُل العشاء بعد انتهاء إجراءات محكمة الشرطة، أظهر فضولًا قويًّا ومشجعًا. كبقية سكان البلدة الذين كانوا قد وجدوا وسيلةً للاكتظاظ داخل المحكمة القديمة، كان مهتمًّا للغاية باستجواب بريريتون للسيدة بيت. كان يريد حينئذٍ أن يعرف ما الذي كان يعنيه هذا الاستجواب، وعلامَ يدُل، وما هي علاقته الحقيقية بالقضية؟

صاح بينت غير مصدِّق، عندما جلسا لتناوُل العشاء على طاولة عزوبيته: «أنت لا تقصد أن تقول إنك تشُك في تلك العجوز الغريبة الأطوار النحيلة!» وتابع: «ومع ذلك، فقد بدوتَ حقًّا كما لو كنتَ تشُك فيها، وعملتَ على إظهار ما يشبه كثيرًا الشك في صوتك أيضًا! يا إلهي! سيجلس نصف متحذلقي هاي ماركت لتناوُل لحم الضأن المشوي في هذه اللحظة وهم يُصدِّقون تمام التصديق أن الآنسة بيت خَنقَت سيدها!»

سأل بريريتون ببرود: «حسنًا، ولم لا؟» وأردَف: «إذا واجهتَ الحقائق، فبالتأكيد ستجد أسبابًا كافيةً للاشتباه في الآنسة بيت بقَدْر ما تُوجد أسباب للاشتباه في هاربورو؟ كلاهما بريء تمامًا مثلك، على الأرجح. من المسلَّم به أنه تُوجد بعض الأدلة السيئة ضد هاربورو، ولكن يُوجد أيضًا افتراض، مبني على ما تلفَّظَت به الآنسة بيت نفسها، أنها تتوقع الاستفادة من وفاة هذا الرجل العجوز. إنها امرأةٌ قوية ونحيلة، وقد أخبرتَني أن كايتلي كان ضعيفًا إلى حدٍّ ما؛ فربما تكون قد قتلَته، كما تعلم. جرائم القتل يا صديقي العزيز، تُرتَكَب على يد الأشخاص الأبعد احتمالًا، ولأسبابٍ غريبة؛ لقد ارتكبتها إناثٌ مُحترَمات تمامًا — مثل الآنسة بيت — دون سببٍ سوى مجرد نزوة.»

سأل بينت: «هل تشكُّ بها حقًّا؟» وأردَف: «ذلك ما أريد معرفته.»

أجاب بريريتون بضحكةٍ مرحة: «ذلك ما لن أُخبركَ به.» وتابع: «كل ما سأقوله لك هو أنني أعتقد أن جريمة القتل هذه إما مسألةٌ شديدة البساطة، أو شديدة التعقيد. انتظر قليلًا، انتظر مثلًا حتى يصل السيد كريستوفر بيت بهذه الوصية. عندئذٍ سنُحرِز تقدمًا كبيرًا.»

قالت بينت: «أنا أشعر بالأسف نحو أفيس هاربورو، على أي حال، ولا يُمكنني على الإطلاق تخيُّل سبب رفض والدها البوحَ بالمكان الذي كان فيه الليلة الماضية. أظن أن القضية ستشهد نهايتها إن أثبتَ مكان وجوده، أليس كذلك؟»

أجاب بريريتون: «سيتعيَّن عليه إثباتُ أين كان في كل دقيقة بين التاسعة والعاشرة مساءً.» وأضاف: «لن يُجدي هذا نفعًا، على سبيل المثال، إذا أثبتنا للمحلَّفين أن هاربورو كان مثلًا من العاشرة مساءً حتى الخامسة من صباح اليوم التالي في، لنَقُل مثلًا، مركز مقاطعة بلدتك، في نوركاستر. قد تقول إن الأمر سيستغرق ساعةً للوصول من هنا إلى نوركاستر، وساعةً للعودة، وهذا من شأنه أن يُفسِّر مكان وجوده بين الساعة التاسعة والعاشرة من مساء الليلة الماضية، وبين الخامسة والسادسة من هذا الصباح. لن يُجدي هذا نفعًا لأنه، وفقًا للأدلة، غادر كايتلي منزله قُبيل الساعة التاسعة مساءً، وربما يكون قد قُتِل على الفور. بفرض أنَّ هاربورو قتله في تمام الساعة التاسعة، فحتَّى في هذه الحالة، سيكون هاربورو قادرًا على الوصول إلى نوركاستر بحلول الساعة العاشرة. ما نريد أن نعرفه، لإثبات براءة هاربورو بالكامل هو، أين كان، وماذا كان يفعل منذ اللحظة التي غادر فيها كوخه الليلة الماضية وحتى الساعة التاسعة والربع، وهو أقصى وقت يمكن أن تكون جريمة القتل قد ارتُكِبَت فيه، وفقًا لما قاله الطبيب؟»

قال بينت: «خرج في إحدى رحلات صيده غير القانوني، على ما أظن.»

أجاب بريريتون: «لا، ذلك مُستبعَد تمامًا.» وأضاف: «يُوجد لغزٌ غريب حول هذا الرجل، وسيتعين عليَّ الوصول إلى حقيقة الأمر، على الرغم من إصراره على التكتُّم! بينت! سأتابع هذه المسألة حتى أكتشف كل شيء! سوف تنعقد «محكمة نوركاستر» في الشهر المقبل، وبالطبع سيمثُل هاربورو أمامها في ذلك الوقت. سأبقى في هذا الحي وأعمل على حلِّ القضية؛ ستُفيدني كثيرًا بطرقٍ شتى؛ الخبرة، والعمل، والاهتمام المنصَب عليها، والثناء — سأظفر بكل ذلك إن نجحتُ في إطلاق سراح هاربورو، وهذا ما سأفعله! لذا، سأطلب منك دون خجل أن تُعطيَني غرفةً في منزلك خلال ذلك الوقت.»

أجابت بينت: «بالطبع.» وتابع: «اعتَبِره منزلك؛ هذا من دواعي سروري الشديد، يا صديقي العزيز. ولكن يا لها من قضيةٍ غريبة! سأفعل أي شيء، كما تعلم، لأعرف رأيك فيها حقًّا.»

قال بريريتون: «لم أستقرَّ على رأيٍ بعدُ حيالها.» واستطرد: «ولكنَّني سأقترح عليك بضع نقاطٍ يُمكنك التفكير فيها في وقت فراغك. ما الدافع الذي يُمكن أن يكون لدى هاربورو لقتل كايتلي؟ تُوجد شهاداتٌ كثيرة في البلدة — من ابنته، والجيران، والتجار — أن هاربورو لم يعانِ من نقصٍ في المال أبدًا، وأنه كان لديه دائمًا مالٌ أكثر مما ينبغي أن يكون لدى مُعظم من هم في مكانته. هل تظن أنه من المحتمَل أنه قتل كايتلي للحصول على ثلاثين جنيهًا؟ مرةً أخرى، هل يُعقَل أن يُصدِّق أي شخصٍ عاقل أن رجلًا ذا اقتدارٍ واضح مثل هاربورو كان سيقتل ضحيته بهذه الطريقة الخرقاء، تاركًا دليلًا مباشرًا وراءه؟ والآن لنَنتقل إلى جانبٍ آخر. أليس واضحًا أنه إن أرادت الآنسة بيت قتل كايتلي، كان لديها فرصٌ ممتازة ليس فقط لفعل ذلك، بل لتوجيه الشكوك نحو شخصٍ آخر؟ لقد كانت تعرف عادات سيدها، وتعرف المنطقة المحيطة، وتعرف أين احتفظ هاربورو بذلك الحبل؛ إنها من النوع الذي يمكن أن يتسلَّل بهدوءٍ تام مثل القطط. إن كانت ستستفيد من موت كايتلي — كما يمكن أن تُثبته الوصية التي لدى ابن أخيها، والتي قد تكون على معرفةٍ دقيقة بها، على الرغم من كل تأكيداتها، أو بالأحرى قَسَمها بخلاف ذلك — ألا يُوجد دافع هنا؟ من الواضح أن الآنسة بيت لا بد أن تكون موضع شبهة!»

سأل بينت بعدم تصديق: «هل تقصد أن تقول إنها كانت ستقتل كايتلي العجوز لمجرد الحصول على المال القليل الذي سيتركه؟» وتابع: «بربِّك، هذا افتراضٌ قاسٍ.»

أجاب بريريتون: «لا أراه كذلك.» وأضاف: «لقد سمعتُ بقضية قتلَت فيها زوجةٌ شابة زوجها العجوز بطريقةٍ دقيقة لأنها كانت تواقةً بشدة لوضع نهاية للحياة المُملة التي عاشتْها معه لدرجة أنها لم تستطع الانتظار عامًا أو عامَين حتى تحدُث الوفاة الطبيعية؛ وكذا سمعتُ عن قضية سمَّمَت فيها امرأةٌ مسنَّة أختها التوءَم، حتى تتمكَّن من الحصول على نصيبها من الإرث وتذهب لتعيش حياةً مترفة في برايتون. لا أريد أن أظلم الآنسة بيت على الإطلاق، ولكنني أقول إنه تُوجد أسباب للاشتباه بها، وقد يزداد نطاقها.»

قال بينت: «إذن يئول الأمر إلى هذا.» وأردَف: «يوجد شخصان مُشتبهٌ بهما: تَشتبه الشرطة في هاربورو، وتَشتبه أنت في الآنسة بيت. وربما تكون الحقيقة، وهذا هو الأرجح، أن كلَيهما بريء تمامًا. في تلك الحالة، من هو المذنب؟»

وافقه بريريتون بلا مبالاة بعض الشيء: «أوه، صحيح، من؟» واستطرد: «ذلك هو السؤال. ولكن واجبي هو إثبات أن موكلي غير مُذنِب. ومثلما ستهتمُّ بشئونك بعد ظُهر هذا اليوم، سأهتم بشئوني قليلًا بأن أُعْمِل فكري في الأمور.»

عندما غادر بينت إلى البلدة، أشعل بريريتون سيجارًا، وتمَّدد على كرسيٍّ مريح أمام نارٍ دافئة في غرفة تدخين مُضيفه، وحاول التفكير بصفاء ذهن. لقد قال لبينت كل ما كان يدور في ذهنه عن هاربورو والآنسة بيت، ولكنه لم يقل شيئًا — وكان مُصمِّمًا على عدم قول أي شيء — عن فكرةٍ غريبة كانت تدور في رأسه، وشكٍّ مبهم وغير محدَّد كان يساوره. لقد كان هذا الشك المبهم حتى ذلك الحين هو ما كان يشغل تفكيره بالكامل في الوقت الراهن؛ ونحَّى هاربورو والآنسة بيت عن تفكيره تمامًا.

وبينما كان جالسًا هناك، سأل نفسه أولًا: لماذا خطر بباله هذا الشك الغريب في رجلَين شديدَي الاحترام كما يبدو في هذه البلدة الصغيرة المعزولة عن العالم؟ أرجعَ هذا إلى مصدره الأول؛ كوذرستون. كان بريريتون ملاحظًا دقيقًا للناس؛ كانت الملاحظة غريزةً طبيعية لديه، وكان دائمًا ما يُعزِّزها بالمزيد من التدريب والتطوير. لقد تيقَّن بينما كان جالسًا معه لتناول العشاء، في الليلة السابقة، أن تفكير كوذرستون كان مشغولًا بشيءٍ لا يتعلَّق لا بضيفَيه ولا بابنتِه ولا حتى بنفسه. لقد أشار سلوكُه بالكامل إلى الانشغال التام، والشرود بين الحين والآخر؛ ففي مرة أو اثنتَين، بدا واضحًا أنه لم يكن يستمع إلى الكلام الذي وُجِّه إليه. وبالتأكيد كان قد أبدى عن غير قصدٍ نوعًا غريبًا من الارتباك عندما ذُكرَ اسم كايتلي. كما أبدى دهشةً كبيرة، وانزعاجًا شديدًا عندما جاء جارثويت حاملًا خبر وفاة كايتلي.

وهنا أتى ما شعر بريريتون أنه النقطة الحاسمة والبالغة الأهمية في هذه المسألة، محاولَته الأولى للتفكير بتمعُّن وعقلانية في الأمور. لم يكن متأكدًا على الإطلاق من أن الدهشة التي أبداها كوذرستون عند سماع خبر جارثويت لم تكن مزيَّفة، وأنها لم تكن تمثيلًا خالصًا. لماذا؟ ابتسم بسخرية وهو يجيب على سؤاله. كانت الإجابة هي أنه عندما انطلق كوذرستون، وجارثويت، وبينت، وبريريتون من منزل كوذرستون لإلقاء نظرة على جثَّة القتيل، كان كوذرستون هو من قاد الطريق إلى مكان الجثة مباشرةً.

كيف عرف كوذرستون المكان بالضبط الذي ارتُكِبَت فيه جريمة القتل في نصف ميلٍ كامل من الأشجار الكثيفة التي تُغطِّي جانب التل، وهي الجريمة التي كان قد عرف بوقوعها قبل خمسِ دقائق فقط؟ ومع ذلك، فقد قادهم جميعًا إلى مكانٍ يبعُد بضعَ يارداتٍ عن القتيل، حتى تدارك الأمر فجأة، ودفع بالمصباح في يد جارثويت قائلًا إنه بالطبع لا يعرف مكان الجثة! ألا يعني ذلك حقًّا، عند تحليل الأمر برمَّته، أنه حتى لو لم يَقتُل كوذرستون كايتلي بنفسه خلال الساعة الكاملة التي غاب فيها عن منزله، فقد عرف بمقتله، وبالمكان، وربما بالفاعل أيضًا؟

على أي حال، كانت تُوجد بعض الحقائق المؤكدة، وكان لا بد من أخذها في الحسبان. قُتِل كايتلي في حوالي الساعة التاسعة والربع. كان كوذرستون خارج منزله بين التاسعة وعشر دقائق مساءً حتى العاشرة وخمس دقائق. كان مُضطربًا بوضوحٍ عندما عاد؛ وكان أكثر اضطرابًا عندما ذهب مع بقيتهم إلى الغابة. أليس من المحتمَل أنه قد فقَد حذره تحت ضغط ذلك الاضطراب، وتوجَّه مباشرة ودون تفكيرٍ إلى المكان موضع الأهمية الشديدة؟

يكفي ذلك. ولكن كان يُوجد أمرٌ آخر. كان مالاليو شريك كوذرستون. ذهب مالاليو إلى منزل نورثروب للعب الورق في الساعة العاشرة مساءً. قد يكون من الجيد أن يَكتشف، بهدوء، ما كان مالاليو يفعلُه حتى الساعة العاشرة مساءً. ولكن النقطة الأساسية هي، ما الذي كان يفعله كوذرستون خلال ساعة غيابه تلك؟ وهل كان لدى كوذرستون أي سبب — سواء كان يخصه أو يشترك فيه مع مالاليو — لرغبته في التخلُّص من كايتلي؟

جلس بريريتون يُفكِّر في كل هذه الأشياء حتى انتهى من تدخين سيجاره؛ ثم غادَر منزل بينت وسار صاعدًا إلى غابة تلَّة شول. أراد أن يُلقي نظرةً هادئة في أنحاء مسرح الجريمة. لم يذهب إلى هناك منذ الليلة السابقة، وقد خطر له الآن أنه سيكون من الجيد أن يرى كيف يبدو المكان في وضَح النهار. لم يجد صعوبة في العثور على البقعة بالضبط، حتى وسط تلك الأغطية الكثيفة من التنوب والصنوبر؛ كان أمامه صفٌّ ضئيل من المتفرِّجين الفضوليين يمتد إلى أعلى تلة شول، وكل واحدٍ فيه يتلهف لرؤية المكان الذي أُودي فيه بحياة إنسانٍ مثلهم.

لكن لم يستطع أحدٌ الوصول إلى مسرح الحادث بالضبط. كانت الشرطة قد طوَّقَت جزءًا من أيكةِ أشجارٍ صغيرة بالحبال لتفصلَها عن بقية المكان، وكان شرطيان أو ثلاثة في زيهم الرسمي يحرسون هذا المكان المُطوَّق؛ بينما كان يُوجد في داخل الطوق رجلان يرتديان ملابسَ مدنية؛ عرف بريريتون بحلول ذلك الوقت أنهما محقِّقان من نوركاستر، وكان واضحًا أنهما كانا يفحصان الأرض بعنايةٍ شديدة. حول الجزء المُسيَّج، وقف سكان البلدة، صغارًا وكبارًا، يتحدَّثون، ويتكهَّنون، وكانوا مُنتبِهين بشدة لما يحدث، أملًا في أن يجد الباحثون شيئًا ما حالًا، حتى يتمكَّنوا من نقل بعض الأخبار المُثيرة إلى البلدة وحول طاولات الشاي المريحة في منازلهم. كان معظمُهم موجودين داخل أو خارج المحكمة في ذلك الصباح، وتعرَّفوا على بريريتون وأفسَحوا الطريق له وهو يتقدَّم نحو الحبال. تعرف عليه أحد المُحقِّقين أيضًا ودعاه للدخول.

«هل وجدتم أي شيء؟» سأل بريريتون، الذي كان يتساءل في نفسه لماذا تتصرَّف الشرطة بمثل هذه الحماقة الشديدة وتُضيِّع الوقت في عملية بحثٍ يكاد يكون من المؤكد أنها كانت بلا جدوى.

أجاب المحقِّق: «لا يا سيدي، لقد كنا في المقام الأول نتأكد من مكان وقوع جريمة القتل الفعلية قبل أن يُجَر القتيل ويوضع وراء تلك الصخرة.» وتابع: «بقَدْر ما يمكننا أن نتعرف عليه من إبر الصنوبر المبعثرة هذه، لا بد أن القاتل وثَب على كايتلي من خلف أجمات شجر الجولق تلك — هناك حيث نمَت إلى ارتفاعٍ كبير — ثم جرَّه إلى هنا، بعيدًا عن ذلك الجزء من المسار. لا، لم نعثر على أي شيء. ولكني أظن أنك سمعتَ بما اكتُشِفَ في كوخ هاربورو؟»

صاح بريريتون في فزعٍ على العكس من رباطة جأشِه المعتادة قائلًا: «لا!» وأردَف: «أي اكتشاف؟»

أجاب المحقق: «أجرى بعض رجالنا تفتيشًا هناك بمجرَّد انتهاء إجراءات جلسة محكمة الشرطة.» واستطرد: «كانت فرصتهم الأولى لفعل أي شيء بطريقةٍ منهجية. لقد عثَروا على الأوراق النقدية التي حصَل عليها كايتلي من البنك مساء أمسِ، وكمية من الرسائل والأوراق التي نَفترض أنها كانت في دفتر الجيب الفارغ ذاك. كانت كلها مخبأةً في حفرة في سقف القش بسقيفة هاربورو.»

سأل بريريتون: «أين هذه الأشياء؟»

أجاب المحقِّق: «في قسم الشرطة؛ بحوزة المفتِّش.» وأردَف: «سيريهم لك يا سيدي، إن شئتَ أن تذهب إلى هناك.»

للتوِّ غادر بريريتون إلى مركز الشرطة في الحال، واقتيد إلى مكتب المفتِّش دون تأخير. وعلى الفور، فتح المفتش أحد أدراج مكتبه وأخرج رزمةً مطويةً بورقٍ بني.

وقال: «أظن أن هذا ما تريد أن تَراه يا سيد بريريتون.» وتابع: «أظنك سمعتَ عن هذا الاكتشاف، أليس كذلك؟ لقد كان مخفيًّا في أحد حُفَر فئرانٍ في سقف القَش بسقيفة هاربورو يا سيدي؛ أقسم بشرفي أنني لا أعرف ما الذي يمكنني استنتاجه من هذا! كان المرء يظن أن رجلًا بحسِّ وذكاء هاربورو ما كان سيَضع هذه الأشياء هناك، في مَوضعٍ كان من المؤكَّد أنه سيُعثَر عليها فيه.»

قال بريريتون: «لا أظن أن هاربورو وضعهم هناك.» وأضاف يَسأل: «ولكن ما هذه الأشياء؟»

أشار المفتِّش إلى ضيفه كي يجلس بجانبه، ثم فَضَّ الأوراق على مكتبه.

وأجاب: «ليست أشياءَ كثيرة.» وأضاف: «ثلاثُ أوراق نقدية من فئة الخمسة الجنيهات؛ لقد تَثَبَّتُّ من أنها تلك التي حصل عليها كايتلي البائس في البنك أمسِ. وعدد من الرسائل، أغلبها حول كتبٍ قديمة، ومواضيعَ أثرية، وما إلى ذلك؛ وبعض قصاصاتٍ من الصحف، لها الطابع نفسه. ودفتر المذكرات هذا، الذي يتناسَب مع حجم دفتر الجيب الفارغ الذي وجدناه، مدوَّن فيه بعض الأشياء بقلم رصاص، لا شيء ذو أهمية. افحصها إن شئتَ، يا سيد بريريتون. أنا لا أستنتج شيئًا منها.»

لم يستنتج بريريتون أي شيء منها أيضًا، لأول وهلة. كانت الأوراق تمامًا كما وصفها المفتش، وتفحَّصها بسرعة دون أن يجد أي شيءٍ جدير بالملاحظة. ولكنه أولَى اهتمامًا أكبر بدفتر المذكرات الصغير، وبالمدخلات الأخيرة بوجهٍ خاص. وأدهشَتْه إحدى تلك المدخلات، التي دُوِّنَت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ما إن نظر إليها، على الرغم من أنها كانت تبدو عديمة الأهمية. كانت عبارةً عن سطرٍ واحد فقط، كُتبَ فيه بضعة أحرفٍ أولى، واختصار أو اثنَين، وتاريخ: M. & C. v. S. B. cir. 81، وما أدهش بريريتون من هذا المُدخَل، الذي كان يبدو عاديًّا، هو أنه كان لا يزال يفكِّر في أن لمالاليو وكوذرستون دورًا خفيًّا في كل هذا؛ وبلا شك، الحرفان إم وسي هما أول حرفَين في هذَين الاسمَين غير الشائعَين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤