الفصل الحادي عشر

كريستوفر بيت

جلس الرجلان وهما يُحدِّقان في صمتٍ في المكتب المليء بالأوراق المبعثَرة لعدة لحظات؛ وكلٌّ منهما مشغول بأفكاره. أخيرًا، بدأ المفتش في جمع الأدلة العديدة معًا، والتفت إلى بريريتون بإيماءةٍ أوحت بقَدْرٍ معيَّن من نفاد الصبر الفكري.

وقال: «ثَمَّةَ شيءٌ واحد في كل هذا لا أستطيع فهمه يا سيدي.» وأضاف: «وهو أنه من الواضح جدًّا أن مَن قتل كايتلي، أيًّا كان، كان يُريد الأوراق التي حملَها معه في دفتر الجيب ذاك. فلِمَ أخرجها من دفتر الجيب ثم رماه؟ لا أعرف رأيك في هذه المسألة، ولكنها تُسيطِر على تفكيري تمامًا!»

وافقَه بريريتون قائلًا: «أجل، إنه أمرٌ مُحيِّر بالتأكيد. كنت أظن أن القاتل كان سيأخذ دفتر الجيب في التو واللحظة. كونَه أخذ الأوراق منه، ثم ألقى به، ثم وضع الأوراق، أو بعضًا منها، حيثما وجدها رجالك بالضبط، في سقيفة هاربورو، يبدو لي أنه يُشير إلى شيءٍ محيِّر أكثر. أحسبك تفهم ما أعنيه، أليس كذلك؟»

أجاب المفتش: «لا يُمكنني أن أقول إنني أفهم، يا سيدي.» وأضاف: «ليس لديَّ خبرةٌ كبيرة في هذا النوع من العمل، كما تعلم، يا سيد بريريتون؛ إنه أمرٌ بعيد جدًّا عن عملنا المُعتاد. ما الذي تقصده إذن؟»

أجاب بريريتون وهو يَضحك قليلًا: «عجبًا، ما أعنيه هو أنه يبدو أن القاتل لم يكن يتصرَّف باستعجالٍ بعد مقتل كايتلي! لقد التُقطَ دفتر الجيب، كما تعلم، بالقرب من الجثة. وكان فارغًا، كما رأينا جميعًا. والآن ما الذي يُمكننا استنتاجه من ذلك سوى أنَّ القاتل وقف بالقرب من ضحيته لفحص الأوراق؟ وفي تلك الحال لا بد أنه كان يحمل مصباحًا. ربما كان يحمل مصباحًا كهربيًّا. دعنا نحاول إعادة بناء المسألة برمتها. سنَفترض أن القاتل، أيًّا كان، كان يتلهَّف بشدة للعثور على بعض الأوراق التي كان يُريدها، والتي اعتقد أن كايتلي كان يحملها معه، وأنه فحص محتويات دفتر الجيب على الفور. فأشعل مصباحه الكهربي وأخرج كل الأوراق من دفتر الجيب، ووضع دفتر الجيب جانبًا. كان يتفحَّص الأوراق عندما سمع صوتًا في الأجمات أو الشجيرات المجاوِرة. فأطفأ مصباحه على الفور، وهرَب بالأوراق، وترك الغلاف الفارغ، وربما يكون قد نسي تمامًا وجوده في ذلك الوقت. ما هو رأيك في هذا، كنظرية؟»

أجاب المفتش: «جيدٌ جدًّا، يا سيدي.» وتابع: «جيدٌ جدًّا، ولكنها مجرد نظرية، كما تعلم، يا سيد بريريتون.»

نهض بريريتون، وهو يضحك مرةً أخرى.

وقال «بالضبط.» وتابَع: «ولكن لنفترضْ أنكَ حاولتَ أن تضعها موضع التنفيذ عمليًّا، فماذا ستفعل؟ بهذه الطريقة، لا شك أن لديك تجارًا في هذه البلدة يَبيعون أشياءَ مثل المصابيح الكهربائية. اكتشف، في سريةٍ تامة، ما إذا كان أيٌّ منهم قد باع مؤخرًا مصابيحَ كهربائية لأي شخصٍ في البلدة، وإن كان قد فعل، فلِمَن. وذلك لأنني متأكِّد من أن دفتر الجيب ومحتوياته فُحِصا في التو واللحظة، وأن هذا الفحص لا يُمكن أن يتم إلا باستخدام ضوء، وأن المصباح الكهربائي هو أسهل وسيلةٍ لتوفير هذا الضوء. وبهذا، أترى كيف يُمكن حتى لدليلٍ صغير كهذا أن يساعد؟»

وافَق المفتش قائلًا: «سأفعل ذلك.» وأردَف: «حسنًا، الأمر برمته شديد الغرابة، يا سيدي، ويزداد اقتناعي أكثر من أي وقتٍ مضى بأننا قد قبضنا على الرجل الخطأ. ومع ذلك، ما الذي كان وما يزال يُمكننا فعله؟»

أجاب بريريتون: «أوه، لا شيء في الوقت الحاضر.» واستطرد: «دعِ الأمور تأخذ مجراها. إنها في بدايتها فحسب.»

ثم غادَرَ، ليس ليُفكِّر في آخر موضوع في المحادثة، بل ليُخرج دفتر جيبه بمجرد خروجه من مركز الشرطة، ويدون المُدخَل الذي رآه في مذكرة كايتلي: M. & C. v. S. B. cir. 81. ومرةً أخرى، أذهلَتْه حقيقة أن أوَّل حرفَين مدونَين كانا الحرفَين الأولَين من اسم مالاليو وكوذرستون، وتساءل ثانيةً عما كانت تَعنيه تلك الحروف. ربما لم تكن تُشير بأي شكل من الأشكال إلى العمدة وشريكه، ولكن في ظل الظروف الراهنة، كانت مصادفةً غريبةً على أيِّ حال، وكان يغمره حَدْس بأن شيئًا ما يكمُن وراء ذلك المُدخَل. ولكن … ماذا؟

في ذلك المساء، بينما كان بينت وضيفه يُشعلان السيجار بعد العشاء، دخلت خادمة بينت إلى غرفة التدخين ومعها بطاقة. ألقى بينت نظرةً خاطفةً على البطاقة ثم نظر إلى بريريتون بدهشة.

وصاح قائلًا: «السيد كريستوفر بيت!» وأضاف يسأل: «ما الذي يُريد مقابلتي من أجله بحق السماء؟ أحضري السيد بيت هنا على أيِّ حال»، تابَع، ملتفتًا إلى الخادمة. وأردَف: «هل هو وحده؟ أم أن الآنسة بيت معه؟»

أجابت الفتاة: «معه مفتِّش الشرطة يا سيدي.» وأضافت: «سألا إن كانا يمكنهما مقابلتك والسيد بريريتون لمدة نصف ساعة لمناقشة مسألة عمل.»

قال بينت: «أحضريهما إذن.» نظر إلى بريريتون مرةً ثانيةً بنظرة استجوابٍ أشد. وتابع قائلًا: «أحداثٌ جديدة، أليس كذلك؟» واستطرد: «إنه السيد كريستوفر بيت ابن شقيق تلك المومياء العجوز على ما أظن. ولكن ما الذي يمكن أن يرغب في مقابلتي من أجله … أوه، حسنًا، إنه يرغب في مقابلتكَ أنت … أنا المتفرج.»

لم يرُدَّ بريريتون. كان يُراقب الباب. وعَبَر من خلاله في الحال هيئةٌ ووجه تعرَّف عليهما على الفور، على أنهما لرجلٍ صغير الحجم ذي مظهرٍ عادي، ووجهٍ خبيث كان يراه كثيرًا في المحاكم القضائية في لندن، وافترض أنه كاتب محامٍ. بدا مألوفًا وشديد الخبث بينما كان يدلفُ بجانبه عَبْر الباب إلى غرفة التدخين، وهو يخلع قبَّعته الحريرية بيدٍ واحدة ويضع حقيبة أوراقٍ على الطاولة باليد الأخرى، وخَصَّ بريريتون بابتسامة تعرُّفٍ واهنة بعدما انحنى ترحيبًا لرب المنزل. بعد ذلك، فرك يدَيه اللتَين كانتا طويلتَين ورفيعتَين للغاية وبيضاوَين، وابتسم لبريريتون مرةً أخرى.

قال بصوتٍ رفيع متملق: «مساء الخير يا سيد بريريتون.» وتابَع: «لا شك في أنكَ رأيتَني من قبلُ يا سيدي، أليس كذلك؟ كثيرًا ما كنتُ أراك في المحاكم يا سيد بريريتون، ولكنِّي لم أتشرَّف مطلقًا بالعمل معك … حتى الآن يا سيد بريريتون، حتى الآن يا سيدي! لكن …»

ألقى بريريتون، الذي كان بينت قد مرَّر إليه بطاقة السيد كريستوفر بيت، نظرةً خاطفةً على البطاقة مرةً أخرى، ثم نظر إلى صاحبها.

وأشار ببرود: «أرى أن عنوانكَ هو عنوانُ مكتب محاماة «السيدَين بوبهام وبيلبودي» في شارع كورسيتور، يا سيد بيت.» استطرد يسأل: «هل لك أي صلةٍ بذلك المكتب المعروف؟»

فرك السيد بيت يديه، ومُتخذًا الكرسي الذي أشار إليه بينت بصمت، جلس ورفع بنطالَه فبرزَت منه ركبتان نحيلتان وناتئتان. ابتسم ابتسامةً واسعةً، فظهَرتْ مجموعة أسنانٍ ذات شكلٍ غريب.

وأجاب بلطف: «دائمًا ما كان السيد بوبهام، يا سيدي، صديقًا عزيزًا جدًّا لي. بدأتُ العمل لدى السيد بوبهام في سنٍّ مبكرة، يا سيدي. وقد عامَلني السيد بوبهام، يا سيدي، بكرمٍ شديد. لقد وضعَني تحت التمرين يا سيدي. وعندما قُبِلتُ قبل عامَين، يا سيد بريريتون، أعطاني السيدان بوبهام وبيلبودي، بسخاءٍ كبير منهما، مكتبًا في جناحهما، كي أصبح معروفًا، وأقوم بالقليل من العمل بنفسي، يا سيدي. أوه أجل! إنني مرتبط ارتباطًا وثيقًا بذلك المكتب الشهير، يا سيد بريريتون!»

كان السيد بيت يتَّسم بالثقة، ثقة تصل إلى حد الغرور، وكان واثقًا من نفسه بشيء من البهجة، مما جعل بريريتون يتوق لركله؛ ولكنَّه كبح مشاعره وقال ببرود إنه افترض أن السيد بيت يرغب في التحدث إليه وإلى السيد بينت بشأن مسألة عمل.

أجاب بيت واضعًا أصابعه البيضاء الغريبة الشكل على حقيبة أوراقه: «لا تخصُّني أنا يا سيدي.» وتابع: «إنها تخُص قريبتي الموقَّرة الآنسة بِيت. بلغ إلى علمي يا سيد بريريتون — ولا أقصد أي إهانةٍ أبدًا يا سيدي! — أنك وجَّهتَ بعض الأسئلة، التي لا شكَّ أنها ضرورية، إلى الآنسة بِيت في المحكمة هذا الصباح وكان لها وَقعٌ سلبي على آذان الحضور، أَضرَّ بصورتها في أعينهم. وبناءً على ذلك، ترغب الآنسة بِيت، ألا أتوانى، بصفتي ممثلها القانوني، في عرض الوضع الحقيقي للوضع عليكَ فيما يتعلق بعلاقتها بالراحل كايتلي؛ وبناءً عليه يا سيدي، وفي حضور صديقنا، المفتِّش، الذي تحدَّثتُ إليه بالفعل بالخارج، أودُّ أن أُخبركَ بالحقيقة. بصورةٍ غير رسمية يا سيد بريريتون، كما تفهم، بصورةٍ غير رسمية!»

أجاب بريريتون: «كما تشاء.» واستطرد: «كل هذا، كما تقول، غير رسمي.»

وافقه بيت الذي كان يزداد ابتهاجًا مع كل كلمة: «غير رسمي تمامًا يا سيدي.» وتابَع: «أوه، بالتأكيد. إنه فيما بيننا بالطبع. ولكن سيكون من دواعي سروري أن تعرف. لا ترغب عمتي، الآنسة بيت، بطبيعة الحال يا سيد بريريتون في أن يُساور أي شخص — سواء هنا أو في أي مكانٍ آخر — الشكوك حولها كما أوحى استجوابك لها اليوم فيما يبدو؛ وأنا أتكلم يا سيدي بناءً على المعلومات التي قُدِّمَت لي. ولذا أودُّ، يا سيدي، أن أُخبركَ بما يلي. عملتُ مستشارًا قانونيًّا للسيد كايتلي. كتبتُ له وصيته. لديَّ تلك الوصية في هذه الحقيبة. بإيجازٍ يا سيد بريريتون، لا يعرف مخلوقٌ في هذا العالم بمحتويات تلك الوصية إلا أنا، كاتبك المتواضع والمطيع!»

سأله بريريتون بطريقةٍ جافَّة: «هل تعرض أن تُخبرنا بمُحتويات وصية السيد كايتلي؟»

أجاب بيت: «أجل يا سيدي.» واستطرد: «ولهذا السبب، لا تعرف قريبتي الآنسة بيت ماذا كانت مهنة السيد كايتلي، ولا ما كان يَمتلكه عند موته. إنها لا تعرف أي شيء! ولن تعرف حتى أتلو عليها هذه الوصية بعد أن أكون قد أبلغتُك بفحواها. وهو ما سأفعله في كلماتٍ موجزة. لقد كان الراحل السيد كايتلي، يا سيدي، محققًا سابقًا في الشرطة. وبالاقتصاد والادخار، اشترى منزلًا صغيرًا لطيفًا في لندن، في بريكستون على وجه الدقة. يُدرُّ هذا المنزل حوالي مائة وخمسين جنيهًا إسترلينيًّا سنويًّا. واختصارًا للحديث، وضعَه بالكامل تحت تصرف الآنسة بيت. أنا شخصيًّا يا سيد بريريتون، لستُ سوى مُنفِّذ للوصية. إذا كنتَ ترغب في فحص الوصية يا سيدي، سواء أنت أو السيد بينت أو المفتش، فلكم مُطلق الحرية في ذلك.»

أشار بريريتون بيده رافضًا الوثيقة المعروضة ونهَض من كرسيه.

وقال: «لا، شكرًا لك يا سيد بيت.» وتابع: «لا أرغب في رؤية وصية السيد كايتلي. أنا أُصدِّق تمامًا كل ما قُلتَه عنها. أنت، بصفتكَ محاميًا، تعلم جيدًا أنه أيًّا كان السؤال الذي وجَّهتُه إلى الآنسة بيت هذا الصباح، كان دافعُه مصلحة موكلي. لا … فيما يخصني، أنا لا أرغب في رؤيتها؛ لذا يُمكنك تنحيتُها جانبًا. لقد أكَّدتَ لي أن الآنسة بيت لا تزال تجهل محتوياتها حتى الآن، وأنا أُصدِّقك. ومع ذلك، أظنُّ أن الآنسة بيت لن تندهش كثيرًا.»

وافقَه بيت، الذي أعاد الوصية إلى حقيبته بعدما رفض كلٌّ من بينت والمفتِّش عرضه بطريقةٍ مهذَّبة: «أوه، بوسعي أن أقول إن عمَّتي لديها فكرةٌ جيدة جدًّا عنها يا سيد بريريتون.» وأردف: «جميعنا لا نعرف سوى القليل عما ستئول إليه الأمور في مثل هذه القضايا، كما تعلم يا سيدي. بالطبع، لم يكن لكايتلي الراحل أيُّ أقارب يا سيد بريريتون؛ في الواقع، وعلى حدِّ علمي، لم يكن لديه أي أصدقاء سوانا، أنا والآنسة بيت.»

قال بريريتون: «كنت سأطرح عليك سؤالًا ذا صِلة بهذا الموضوع إلى حدٍّ ما يا سيد بيت.» وأضاف: «سؤالٌ غير رسمي تمامًا، كما تعلم. هل تظنُّ أنه كان لديه أي أعداء؟»

عقد بيت أصابعه البيضاء الطويلة معًا وأمال رأسه إلى أحد جانبَيه. فتح فمه المزموم قليلًا، وابتسم ابتسامةً خبيثة أظهَرتْ أسنانه الغريبة.

وقال: «حسنًا!» وتابع: «بالطبع أفهم ما ترمي إليه يا سيد بريريتون. بطبيعة الحال، ستظُن أن رجلًا كان يعمل في مثل مهنتِه سيكون له أعداء. لا شك في أنه لا بد أنه يُوجد عددٌ كبير من الأشخاص الذين كانوا سيسعدون — لو كان لا يزال على قيد الحياة — بطعنِه بسكاكينهم. أوه، أجل! ولكني لا أعرفهم، يا سيدي، للأسف.»

سألَه بريريتون: «ألم تَسمعه مطلقًا يتحدث عن أي شخصٍ من المحتمل أنه كان يرغب في الانتقام منه؟»

علَّق بيت بتأمُّل: «مطلقًا يا سيدي! لم يكن الراحل كايتلي يتحدث عن إنجازاته المِهَنية. لقد عرفتُ بالصدفة أنه كان معنيًّا ببعض القضايا المهمة في وقته، ولكنه نادرًا، ما كان يذكرها لي، إن لم يكن مطلقًا. في الواقع، يمكنني القول أيها السادة»، تابع بدفعةِ ثقةٍ واضحة، «يمكنني القول فيما بيننا، إنني تَشرَّفتُ بمعرفة السيد كايتلي لفترة من الزمن قبل أن أعرف مجال عمله! إنها حقيقة!»

سألَه بريريتون: «كنتَ مقربًا إليه، أليس كذلك؟»

أجاب بيت: «واحد من أقرب الناس.» وأضاف: «أجل، يمكنك قول ذلك، يا سيدي.»

تابَع بريريتون: «أظن أنه لم يكن من المرجَّح أن يُفصِح عن الأمور، صحيح؟»

قال بيت: «لم يكن من شيمه! لقد كان كايتلي عجوزًا عاديًّا منغلقًا على نفسه كفخٍّ فولاذي!»

«وأظنُّ أنه ليست لديك أي نظرية أو فكرة عن مقتله، أليس كذلك؟» سأل بريريتون الذي كان يراقب الرجل الضئيل عن كثب. وأردَف: «هل كوَّنتَ أي نظرياتٍ أو أفكار عن مقتله؟»

أغمض بيت عينَيه نصف إغماضةٍ وهو يُديرهما ناظرًا إلى السائل.

أجاب وهو يهزُّ رأسه: «هذا مبكِّرٌ جدًّا!» واستطرد: «مبكِّر للغاية. ولكنني سأفعل، في الوقت المناسب. ولكن في غضون ذلك، لديَّ مهمةٌ صغيرة أخرى عليَّ إتمامهما، ويُمكنني إتمامها الآن على الفور. تُوجد هِبتان أو ثلاث هِباتٍ بسيطة في هذه الوصية يا سادة؛ واحدة منها تخصك يا سيد بينت. لم تكن موجودة في الوصية الأصلية، التي كُتبَت قبل أن ينتقل كايتلي للعيش في هذه المنطقة. إنها في ملحق، كُتبَ عندما جئتُ إلى هنا قبل بضعة أسابيع في زيارتي الوحيدة للسيد كايتلي العجوز. لقد أراد، حال وفاته، أن يترك لك شيئًا — قال إنكَ كنتَ ودودًا جدًّا معه.»

قال بينت بنظرة دهشة: «هذا لطفٌ بالغ منه، بالتأكيد.» وأردَف: «ومع ذلك، فأنا مندهش للغاية لسماع هذا.»

علَّق بيت ضاحكًا وهو يسحب من الحقيبة ما بدا وكأنه دفتر حساباتٍ قديم مثبت بقفلٍ نحاسي: «أوه، ليس الكثير.» وتابع: «إنه سجلُّ قصاصاتٍ احتفظ به كايتلي العجوز، ألبوم نوعًا ما، كان يلصق فيه أشياءَ مختلفة ومتفرقة. كان يظن أنك ستجده مثيرًا للاهتمام. ولمعرفتي بهذه الهبة يا سيدي، فكَّرتُ في إحضار هذا السجلِّ معي إلى هنا. سأطلب منك فقط إعطائي إيصالًا رسميًّا باستلامه يا سيد بينت.»

أخذ بينت إرثه الغريب، وقاد السيد بيت إلى أحد المكاتب ليُمليَه صيغة الإيصال. وبينما كانا يستديران بعيدًا، أشار المفتش إلى بريريتون بالتوجُّه معه إلى أحد أركان الغرفة.

وهمس قائلًا: «أتعرف ما قُلتَه عن فكرة المصباح الكهربائي بعد ظهر اليوم، يا سيدي؟» وأضاف: «حسنًا، بعد أن غادرتَني، تحقَّقتُ على الفور بسريةٍ تامة، كما تعلم، بنفسي. ذهبتُ إلى ريليت، تاجر الأدوات المعدنية — كنت أعلم أنه إذا دخلَت مثل هذه الأشياء إلى البلدة، فستكون من خلاله؛ لأنه الوحيد المطَّلِع على كل ما هو جديد. وسمعتُ أكثر مما كنتُ أتوقَّعه!»

سألَه بريريتون: «ما الذي سمعتَه؟»

أجاب المفتش قائلًا: «أظن أنه قد يكون ثَمَّةَ قَدْر من الحقيقة فيما قلتَه.» وتابع: «ولكن اسمع هذا؛ يقول ريليت إنه مستعدٌّ لأن يقسم قسمًا رسميًّا على أنه لا يُوجد أي شخصٍ آخر يبيع المصابيح الكهربائية في هاي ماركت. وأنه باعها لثلاثة أشخاصٍ فحسب؛ ابن الكاهن، والسيد مالاليو، وجاك هاربورو!»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤