الجبار الرئبال

في ظلام الليل يمشي مبطئًا
وهو مثل الليل هَولًا قد بدا
وحدَه يمشي كأن الأرض لم
تبرِ إلاه عظيمًا سيدًا

•••

ويدوس التراب مرفوعًا كما
تلمُسُ الأطلال أطراف السحاب
فكأن الجسم في أثوابِه
مِن شعاع وسَديم وضَباب

•••

قلت: يا طَيفًا يعيقُ الليل في
سيره، هل أنت جِنٌّ أم بشر؟
قال مُغتاظًا وفي ألفاظه
رنةُ الهُزء: أنا ظِل القدَر
قلت: لا يا طيفُ قد مات القضا
يوم ضمَّتني ذراعُ القابلهْ
قال مُحتارًا: أنا الحب الذي
لا ينال العَيش إلا نائِلهْ

•••

قلت: لا فالحبُّ زهرٌ لا يعيش
بعد أن تذبلَ أزهار الربيع
قال غضبانًا وفي لهجَته
ضجةُ البحر: أنا الموتُ المُريع

•••

قلت: لا فالموت صبحٌ إن أتى
أيقظ النائم مِن غفلته
قال مختالًا: أنا المجدُ فمَن
لم يَنَلْنِي ماتَ في عِلتِهِ
قلت: لا فالموتُ ظِل ينثني
مضمحلًّا بين لَحدٍ وكَفَن
قال مرتابًا: أنا السر الذي
يتهادى بين رُوح وبدن
قلت: لا فالسر إن باحت به
يقظة الفكر تولى كالمنام
قال ملتاعًا: كفى تَسألني
مَن أنا. قلت: أفي السُّؤل ملام؟

•••

قال محجوبًا: أنا أنتَ فلا
تسألَن الأرضَ عنِّي والسما
فإذا ما شِئتَ أن تعرفَني
فارقُبِ المِرآة صُبحًا ومَسَا

•••

قال هذا واختفَى عن ناظِري
مثلما الدخانُ تُذريه الرياح
تاركًا ما بي مِن الفِكر يَهيم
بين أشباح الدُّجى حتى الصباح

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤