توجه المرحوم إلى شفا نجد

بسبب العشائر الحجازية التي كانت تحت يدي أميري نجد ابن رشيد وابن سعود

توجه المرحوم إلى نجد، للنظر في مسائل عشائر الحجاز، الذين كانت تتخاطفهم رغبات أميري نجد، ابن سعود وابن رشيد، ومعه كل الأمراء والأشراف، وبقيت وكيلًا عنه في مهام أمور الإمارة. فكان هنالك حادث القبض على الأمير سعيد بن عبد الرحمن بن سعود، شقيق الملك عبد العزيز، وهو يزكي عشائر عتيبة، ثم إطلاقه بعد تفاهم تحريري حصل بينه وبين ابن سعود، فعاد.

وفي أثناء غيابه، فصلت الحكومة العثمانية المدينة المنورة عن ولاية الحجاز، وكان المحافظ يومئذ علي رضا باشا الركابي، وكان الوالي كامل بك؛ فوردت برقيات من وكيل الأمير بالمدينة، تنبِئ بأن المحافظ أقام حفلة كبرى وأنبأ وكيل الأمير بأن لا صفة له بعد الآن. ووردت برقيات من الشرفاء ورؤساء العشائر معترضة على هذا الفصل. فكتبت إلى الباب العالي — وكان الصدر الأعظم يومئذ إبراهيم حقي باشا — أسأله عن مسؤوليات الإمارة فيما بعد، عن قوافل الحجاج والزوار، هل هي كما كانت إلى مدائن صالح أم إلى محل معين بين الحرمين؟ ثم طلبت الوالي فحضر، فسألته: هل فصلت محافظة المدينة عن الولاية، وهل إن مسؤوليات الإمارة هناك قد ألغيت؟ فقال لي: هل بلغك ذلك؟

قلت: نعم. وأطلعته على البرقيات وعلى نسخة برقيتي الصدر الأعظم، فقال: نعم أعلنت ذلك رسميًّا، وكان جوابي الاستقالة، لأن ذلك عمل وأنا والي الحجاز، وبدون أخذ رأيي. فأكبرتُ عمله، فودع وعاد إلى دائرته.

وبعد خروجه بساعتين، ورد جواب الصدر الأعظم يقول فيه:

إن ارتباط المدينة المنورة بمركز السلطنة بخطوط تلغرافية وبالسكة الحديدية، تضمن السرعة في المخابرات؛ لذلك اعتبرت محافظة المدينة المنورة محافظة مستقلة مربوطة بوزارة الداخلية رأسًا لا بالولاية. وأما تبعات الإمارة الجليلة وحقوقها، فهي كما كانت، من مكة المكرمة إلى مدائن صالح.

وقد بلغ ذلك إلى ولاية الحجاز ومحافظة المدينة، وانتهت بهذا عملية الركابي باشا غير المشكورة، وكان رحمه الله حين ذاك لا يتكلم إلَّا باللغة التركية، وكنت — وهو محافظ المدينة — أوصلت الحج إلى طيبة، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام؛ فزارني أمير الحج ابن رشيد، وقال إن المحافظ منعه من دخول المدينة المنورة ومعه علم ابن رشيد، وهو علم أخضر مكتوب عليه «لا إله إلا الله محمد رسول الله» فإذا لم يسمح له بذلك فسيعود بالحج، وإنه كلم المحافظ بعزمه فلم يأبه له.

فزرت الركابي باشا، وقصصت عليه ما بلغني، فقال لا يدخل هذه البلد ولا يرفع بها إلا العلم العثماني. فقلت: يا حضرة الباشا، جرت العادة بهذا، وقد دخل مكة ومعه علمه، فإذا أصررت على رأيك عاد مع من معه قبل أن يزوروا المصطفى، فماذا عساه أن يكون إذا دخل كالعادة السابقة؟ قال: لا يكون هذا أبدًا. فقلت: الأمر خطير، وأنا أسألك كمحافظ، وسأسأل وزير الداخلية ببرقية، بصفتي النائب الحجازي في مجلس المبعوثان، عن حقيقة ابن رشيد: هل هو صاحب إمارة مستقلة، لا ينبغي رفع علمها إلا بإذن ومراسيم خاصة، أم هو أمير تابع للدولة يحمل علم الحجاج الأخضر؛ لأن محافظ المدينة رفض دخول الحاج على الطريقة المعتادة، وقال: إن لا علم هنا غير العلم العثماني، وبهذا يشير إلى أن ما بيد أمير الحاج علم غير عثماني؟ فقال لي: أرجوك لا تفعل، وأنا قد أخطأت. ثم استدعى أمير الحج وسمح له.

وهذا هو الركابي باشا، الذي كان عندنا في عمان في رئاسة الوزراء مرتين، رحمه الله.

في ذلك الحج، الذي جرى ذكر الركابي باشا فيه، كان قد حج الخديوي المرحوم عباس حلمي باشا، وقوبل في الحجاز بما هو أهل له من الإكرام والاحترام بسبب شخصيته، ثم للعلائق الودية بين البيتين، منذ محمد علي باشا والشريف محمد بن عون. وكنت أصبت في تلك الزيارة، وأنا بالمدينة، بحمى التيفوئيد، وسافرت وأنا مصاب بها، ولقد أتعبتني ولكن الله سلم. ولما وصلت إلى بئر الماشي، وهي على مرحلة من وادي الليمون وعلى مرحلتين من مكة، بُشرت بابني طلال، وأُخبرت بأنني قد انتُخبت مبعوثًا عن مكة المكرمة في مجلس المبعوثان العثماني. ولقد ساءني هذا الخبر، حيث سئمت الحياة الطويلة بتلك العاصمة، فدخلت مكة وأنا في شدة مرضي، ثم برئت بعناية الله بعد انقضاء المدة المرضية؛ فسافرت إلى مصر، ومنها إلى إسطنبول، لأقوم بوظيفة المبعوث. ولما وصلت الباخرة السويس، وإذا بمحافظ السويس والشيخ علي يوسف صاحب المؤيد وعلي بك شاهين صاحب تشريفات الخديوي على الرصيف في انتظاري، وقد أوفدهم الخديوي المرحوم للتحية والدعوة للنزول ضيفًا عليه بقصر رأس التين بالإسكندرية، فشكرتهم ورجوتهم أن يبلغوا سموه امتناني وقبول الدعوة الكريمة مع الشكر العميق، ثم أبرقت لسموه بهذا المعنى.

ولقد كان الوالد المرحوم جعلني في رفقة سموه مدة الحج، فعرفني حق المعرفة ومال إليَّ بكليته؛ فسافرنا من السويس في قطار خاص إلى الإسكندرية، وكان الغداء والعشاء في القطار. أما هؤلاء الذوات فبعد أن أدوا واجبهم تخلفوا في القاهرة، ما عدا علي بك شاهين والشيخ حازم بن مليحم مقوم الحج المصري، فإنهما سافرا معي إلى رأس التين. وتفضل سموه فقابلني في اليوم الثاني، بذلك القصر الفخم الذي كاد يزداد بهاء بطلعة سموه المشرقة، أسكنه الله فسيح الجنان وأبدله دارًا خيرًا من داره، فإنه الغريب الشهيد. ولما رآني قال مظهرًا الدهشة، «مالك؟ دانت خسِّيت؟ جرى إيه؟» فأجبته: ما من شيء يا أفندينا. وإنما حمى أصابتني بعد سفر سموك من المدينة، واستمرت بي أكثر من خمسة وعشرين يومًا، ثم زالت. فقال: متى تسافر؟ فقلت: إن أذن سموك فالسفر غدًا إن شاء الله. فأجاب: «ما يصحش قبل أن يفحصك الدكتور كاوسكي بك فنرى المرض ده هو إيه». وبعد المعاينة بأخذ الدم من إصبعي، قال الطبيب كاوسكي إن مرضي كانت الحمى التيفوئيدية، ورتب لي علاجًا أستعمله.

فسافرت بعد أسبوع بالباخرة الرومانية (داجيتا)، وكانت مثل العروس، ذات مدخنتين وعلى أحدث طراز، تسير في الساعة ثلاثة وعشرين ميلًا. فأمر سموه أن يحجز لي في الباخرة الجناح الممتاز، وكان معي المرحوم الشريف شاكر بن زيد والشيخ محمد بن غاصب؛ فسافرنا والشهر أول مايو والبحر ليس بالساجي ولا بالهائج، فمضت تلك الليلة. ومن لم يألف البحر من الركاب كان في حجرته. ولكن لما أصبحنا، كان البحر وكأنه المرآة الصقيلة، والركاب على ظهر السفينة جلوس هنا وهناك.

ولقد لفت أنظار الأجانب لباسنا العربي المشلح والعقال؛ ولقد تجرأت شابة رومانية ورجت مني أن ألبسها صمادتي وعقالي ففعلت، فأخذت تنظر إلى نفسها في المرآة وتصفق بيديها، وكانت جميلة رشيقة فاتنة، وأظنها غاظت المرحوم شاكر، فقال بلغته العتيبية: «نعن ابو ذا الوجه وراك ما طلبتي عقالي وانا وصمادتي؟» فضحكت وأمرت خادمي أحمد وصفي، فجاءني بصمادة أخرى وعقال فلبستهما؛ وتحيرتْ المسكينة ماذا عساها أن تفعل، فقلت: أتركها لك كتذكار — وكانت تحسن العربية قليلًا — ثم قلت لها: أنا فلان، النائب في مجلس المبعوثان، فشكرتني وأخبرتني أنها كريمة قنصل رومانيا بالإسكندرية. ووصلت بنا الباخرة صباح الغد إلى (بيريه) ومن بيريه إلى إسطنبول.

ولا ينبغي لي أن أنسى زميلي، الشيخ حسن الشيبي رحمه الله، العضو الثاني عن مكة في ذلك المجلس، والشيخ محمد علي طالب المطوف في مكة — الذي كان مسافرًا إلى القرم لعلاقته مع الحجاج هناك — ذلك الرجل البشوش الضحوك، الذي كان سبب أنسنا طول الطريق.

ووصلنا الأستانة، ورست الباخرة بالرصيف، فإذا في استقبالنا هناك الشريف جميل بن ناصر، موفدًا من طرف العم المرحوم، الذي كان في إسطنبول عضو مجلس الأعيان؛ ووجدنا هيئة الاستقبال الموفدة من رئيس المجلس والمؤلفة من ثلاثة أعضاء: عبد الرحمن باشا اليوسف نائب دمشق، وسعيد بك نائب أزمير، وحسين جاهد بك نائب إسطنبول، فشكرناهم جميعًا؛ وتوجهنا إلى أستينيا، في القصر الذي أعرفه والذي تزوجت به، والذي لم يلحقنا فيه أي كدر، وبه نال الوالد المرحوم الإمارة، كما أنه قد ولد فيه أخي زيد وشقائقي الثلاث.

وبعد إقامة ثلاثة أيام، وتقديم الشكر للعم المرحوم، انتقلت إلى قصر المصيف للوالد المرحوم ببيوك — دار بأعلى البوسفور — ثم توجهنا أنا والشيخ حسن الشيبي في معية المرحوم قبل تلك النقلة، يوم كنا في ضيافته، إلى دار رئيس مجلس النواب أحمد رضا بك، فقابلنا بالبشر والغبطة واللطف الكثير، ثم قال إنه ينتظرنا في دار المجلس بديوان الرئاسة في الساعة الحادية عشرة من ذلك اليوم.

ولما جئناه في الساعة المعينة وجدنا عنده مجدي أفندي مبعوث بروسا، ورئيس كتاب ديوان الرئاسة وهو شيخ معمم ضخم طلق المحيا جهوري الصوت؛ ووجدنا عنده أحد مستقبلينا سعيد بك مبعوث أزمير؛ ووجدنا ألكسندر كرندوري باشا عضو الأعيان. فحييناه وصافحنا وأجلسنا؛ ولكن لم أجده كما رأيته في داره، بل رأيته مقطب الوجه؛ فقال لي مبادرًا: وجدت هنا في ديوان الرئاسة، بعد أن حضرت، برقيات من مكة تحتج على انتخابكما، قائلة عنك أنت يا عبد الله بك، إنك لم تصل إلى السن القانونية، وتقول عن زميلك الشيخ حسن أفندي الشيبي إنه لا يقرأ ولا يكتب لا في التركية ولا في العربية. فقلت له: إنني لم أشهد تاريخ ولادتي، ولكن أعتقد أن الهيئة التي فحصت صناديق الانتخاب، ورئيسها الوالي وأعضاءها القاضي ورجال مجلس الإدارة، ذكروا أن الانتخاب جرى وفق القانون؛ فإن كان هناك ما يخالف الحقيقة فالتبعة عليه ولست بالكاذب، وأقرر أنني لم أشهد يوم ولادتي. وأما زميلي فله أن يدافع عن نفسه، فهو من أكرم بيوت مكة، وهو يجيد اللغة العربية كتابة وقراءة، وأما اللغة التركية فلم يعتن بها هناك. والأوراق في المجلس إن قبلها فذلك، وإن رفضها فلست بالذي يخسر أي شيء إلا زمالتكم. وإسطنبول بلد أحبها، وحضرت في موسم الربيع، وفي إمكاننا الرجوع إلى وطني متى سئمت … وقمت وأنا أقول: «الله اصمار لادق» أي في أمان الله …

وذهبنا إلى دائرة الأعيان، حيث أجلسنا العم المرحوم في الشرفة المخصصة للأعيان بدائرة المبعوثين. ولما عرفنا أهل المجلس أننا مندوبو مكة، قالوا: لِمَ لا يجلسون في كراسيهم؟ فقال الرئيس: هنا برقيات اعتراضية، وردت من الحجاز، ستقرأ عليكم الآن، فإن رفضتموها وقبلتموهما نائبين فعند ذلك يجلسان. فقال أحد النواب: ومن تريدون؟ أتبعث إليكم مكة أفضل من ابن الشريف وابن فاتح بيت الله؟ فصاح المجلس كله: لا اعتراض لا اعتراض. ثم أخذنا باليد وأجلسنا وانتهى الأمر.

ومن غريب ما أذكره، أنني انتخبت ثلاث مرات بدون أن أكلف حلف اليمين، وكذلك يوم انتخابي وكيلًا ثانيًا لرئاسة هذا المجلس.

وبمناسبة المبعوثية، أحب أن أتعرض للحكم النيابي، فالحكم النيابي هو حكم من الأمة للأمة. إن كان رئيس الدولة موصوفًا بالملك أو موصوفًا برئاسة الجمهورية، فهو لا يحكم حكمًا مباشرًا أو حكمًا استبداديًّا أو دكتاتوريًّا، بل يحكم حكمًا دستوريًّا نيابيًّا؛ وعليه أن يختار رئيس الأكثرية الحزبية، فيكلفه بأن يشكل هيئة الوزارة. فمتى تم ذلك، تحكم هذه الحكومة بالقوانين التي أقرها نواب الدولة من قبل، والتي تحدثها بعد ذلك. فالنواب في المجلس العثماني، كانوا ينتخبون من كل الملل العثمانية، وكان حزب الاتحاد والترقي يشير إلى من يريد، فينتخب بتدخلات حكومية، يقوم الولاة والمتصرفون بها، اللهم إلا ما كان من الحجاز، فإنهم لم يستطيعوا أن يؤثروا في انتخاباتهم أي تأثير. وأما اليمن وعسير فالولاة يعينون إلى هذه النيابة أشخاصًا، بشرط أن يكونوا اتحاديين. وإذا قلنا يعينون، نقول إن الظاهر انتخاب والباطن تعيين. ولقد رأيت أن القوانين التي تسن مجددًا إنما هي في مصلحة العنصر الحاكم، وهو العنصر التركي، ليهيمن على سائر العناصر فيسلبها ما كان لها من امتيازات، نالتها يوم أن كانت الدولة على شكلها القديم. فالأموال التي تجبى، والمدارس التي تشيد وتبنى، والطرق التي تفتتح، كل هذه من الأموال العمومية التي تجري عليها القوانين العثمانية، فيما قرب من العاصمة وبعد من الولايات؛ نقول إنه كان يصرف منها ثمانون في المئة على البلاد التي هي تركية محضة؛ وما في هذا من الحيف مشاهد معروف. ثم إن أكثرية الوزارة تختار من العنصر الحاكم، وللعرب وزير واحد وهو وزير الأوقاف، ومن الأقليات الأخرى يختار الصدر من أراد بالمناوبة؛ وفي هذا ما فيه من حكم الناس حكمًا استبداديًّا تقوم به وزارة عنصرية. وهكذا فأصول الإدارة النيابية، في دولة مركبة من ملل كثيرة، تدفع بتلك الدولة إلى التفرقة والشتات والبغضاء ثم السقوط، كما وقع في الدولة العثمانية.
figure
في مجلس النواب العثماني.

ولقد عدت إلى الحجاز في شهر تموز، وكانت تلك المدة لطيفة شيقة. وإنني أذكر أن رجلًا من علماء الفلك، قال عن نجم هللي المذنب إنه سيصطدم بالأرض فيحرقها ومَن عليها، في اليوم الثامن عشر من شهر مايو من تلك السنة؛ فارتج الناس. وقبل الموعد بيوم، والمجلس منتظم، ونحن فيه، وإذا بصوت فظيع ولمعة، ففر كل من بالمجلس؛ وعلمت أنا أنه رعد وبرق، فأمسكت بحسن الشيبي وأجلستُهُ، وخرج الناس يركب بعضهم بعضًا؛ ثم عادوا ولقد غاظهم جلوسنا، فقالوا: رعد وبرق، ما من شيء. ثم قال لي أحدهم: كيف بقيت أنت وزميلك؟ قلت: أنا لا أؤمن بما تقولون، ولو فرضنا صحة ذلك، فما يجدي الخروج والأرض ومَن عليها في خطر الاندثار؟! فسكت.

عدنا إلى الحجاز، بعد أن علق الاجتماع إلى تشرين الثاني. وكذلك لما وصلنا الإسكندرية، أخذنا إلى ضيافة الخديوي المرحوم، في القطار إلى السويس رأسًا، فالباخرة، وكان سموه رحمه الله في أوروبا. فوصلنا الوطن وكانت وجهتنا الطائف، فمررنا على مكة المكرمة، فطفنا وسعينا وتحللنا من إحرامنا. وبعد استراحة يوم، توجهنا إلى الطائف عن طريق كر العقبة، فوجدنا الأهل بذلك المصيف اللطيف على خير حال.

وكاد الوالد المرحوم غير راض عن تصرف وكيل الوالي أمين بك الشاعر، الذي نقل بعد مدة وجيزة، وتوجهت الوكالة بالولاية إلى المشير عبد الله باشا الشركسي، قومندان القوة العثمانية بالحجاز.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤