رسالة إلى سليمان العظيم

مهداة إلى أستاذي ووالدي: د. محمد السعيد لبن
أخرى رسالاتي إليكَ بها دمي،
خرَّت معانيها صراعًا من فمي،
لما انتصرت على الجراحِ، ولُمتَني؛
أسقطتَ قلبي في عذاب مُضْرَمٍ.

•••

يا أيُّها الضوءُ المخلَّدُ من سليمانَ العظيم،
يا هالةً قدسيةً تسبي العيون،
وينحني في نورها نورُ الأحبة أجمعين،
الإنس والجنُّ الموثَّقُ عهدُهم لا يُخلفون،
وأنت من فوق البساط تسخِّر الرِّيحَ؛
ابتهالًا للذي خلق الرياحَ،
وجمَّع الأبناء والأحبابَ أفئدة بها نهفو إليك،
فشدني من هوَّتي، هبني الدواءَ،
ودع عيوني رانياتٍ بالدموعِ لعلَّها تروي انتمائي؛
واكسُني صفحًا جميلًا علَّني أطفي بلائي،
وأحبَّني حبًّا عميقًا
بالنماء يمدني فرعًا إليك ومنك،
عمِّدني بمائك من رحيقِ الطهر،
وامنحني — لكي أحيا — رضاك
يأيها البَشَرُ المَلاك.

•••

يأيها البَشَرُ المَلاك،
هَبْني مسيئًا؛
مَنْ سواك يُعيدني ويضمُّني ويلمُّ أشتاتي وأشلائي،
ويمحو من دَمي الحزنَ الكظيمَ؟!
فعُدَّني — إن غبتُ —
طفلًا تائهًا وسْط الدُّجُنَّة
أقتفي دربًا لنوركَ؛
فالجميلُ مطوِّقٌ جيدي.

•••

وهَبْني هُدْهُدًا يأتيك من سبأٍ بأشعارٍ
وبالنبأِ العظيم.

•••

غَنَّى رسولك، واستطالَ جناحهُ فوق السديم،
ورفرفتْ آياتك العصماءُ في
حقل النجومِ،
وفي ضمير الكائنات،
وفي رُبا الكون القديم؛
لتُبَشِّر الأحياء بالبعث المجدِّدِ للهوى؛
فالعرشُ في قلبي، وملكك مهجتي.

•••

لو نعلمُ الغيبَ — الذي لا نَبْتغي علمًا به —
كنا لبثنا في هواك معذَّبين؛
فالحبُّ ناموسُ الحياةِ تميمةٌ،
زلفى إلى قلب الحبيب،
لو قبَّل الظمآنُ خدَّيْه ارتوى واخضَوْضرا،
بيديه حاز الكوثرا
ما كان يكفيكَ اللآلئ والبحارُ، تحيةً،
أو عرشُ بلقيسَ الثمينُ هديَّةً،
ما كان يكفيك الكواكبُ والقصائد والنَّدى،
وقلادةٌ للحبِّ في حجم المدى؛
فاقبل هديَّتيَ التي خلَّقتُها من طين ذرَّاتي؛
فقد ربيتها في خاطري،
ونقشتها في نبض شرياني وقلب دفاتري،
يا آسري،
هل كنت حين نهرتني يومًا على الأشهادِ
إلا رحمةً،
لا يصطليها غير قلبٍ مفعم بالانتماءِ،
ترقرقت حبَّاتُهُ حُبًّا عليك؟
وهتفتُ بالنمل «ادخلوا هيَّا مساكنكم: ولا …»
لا ذنب لي إلا هواك،
يا أيها المتبختر الماشي سعيدًا فوق أجفاني،
كفاني أنني كحَّلْتُ عيني من ضِياك،
يا أيها البشر الملاك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤