قصيدة الذهب

مَنْ يستطيعُ أن يَعُومَ في مراجل الذهب،
ويعبُرَ المحيطَ طالبًا يَدَ الأليف،
ويقهَر المحالَ مثل ريشةٍ تريدُ
أن تدكَّ صرحَ ماردٍ مخيف،
مثل الفراشةِ التي تناطحُ الصخورَ واللظى الكثيف؟!
من يستطيع؟

•••

من يستطيعُ أن يخوضَ أعمق البحار،
ويستحيلَ حلمُهُ الجميل لانتحار؟
فذلك المحيط ماؤهُ انصهارُ عالم الذهب،
وشَطُّهُ الجبالُ والسدودُ والتخومُ واللهب!

•••

أميرتي،
عَزَلْتَها يا سيدي في الشاطئ البعيد،
وقُلْتَ: مَنْ يَرُمْ قطوفَ شهدها؛
فلْيَهْدِمِ السدود، وليحطِّم القيود
ما بين حبنا وعرسنا،
أقمتَ يا وليَّها المحال،
وقُلتَ: مهرُها
أن أقطفَ النجومَ،
أعصرَ الشموسَ،
أطحنَ الجبال،
وأجمعَ السُّدوم والشهب،
أحيلها جميعها إلى ذهب؛
كي أشتري رضاكَ، لا رضاها،
وأحتوي هواكَ لا هواها.

•••

يا سيدي،
السوطُ في يديكَ يرسلُ الأنينَ، يطلب النجاة،
ومن تسومهُ العذابَ، لن يهونَ في هواه؛
فالحقُّ يا وليَّ أمرها،
يا قدرًا يجلدُني، ويستبينُ مهجتي بها،
أنا وليُّ قلبها،
أنا وليُّ حبِّها،
وفي سبيلِها
فتحتُ قلبَ شاعرٍ، وفي أديمهِ غرستُها،
أهديتُها مشاعر أغلى من الذهب،
أسكنتُها منازل أعلى من الشُّهب،
رويتُها عصارتي، رحيقَ مهجتي؛
فأصبحتْ حبيبتي.

•••

يا سيدي،
أرجوكَ دَعْ سفينتي تسير،
فلَستُ مَنْجمًا من الذهب،
ولستُ ساحرًا
يحيلُ كل ما يمسُّهُ إلى ذهب،
ولستُ حاكمًا
متوَّجًا على كنوزِ الأرضِ والبحور،
لكنني بحبها غدوتُ أَسْعَدَ البشر،
لفظت عالك الكنوزِ والقصورِ والعبيد،
بنيتُ كوخَ حبِّنا من الوفاء،
فرشتُه الخلودَ والهناء،
سموتُ فوق عالمِ الرياء،
وعشتُ في القمر.

•••

أحببتُها
بقلبِ شاعرٍ، وروح طائرٍ صغير،
حملتها
في قلبيَ الرحيمِ طائرًا بلا جناح؛
لكي تهيمَ روحنا — تهيمَ في السماء —
نُطِلُّ من علٍ،
نرى الحياة عالمًا حقيرًا
مكبَّلَ الشعور في سلاسلِ الذهب،
مقيَّدَ المصير في براثنِ الذهب،
مبعثرَ الضمير في متاهةِ الذهب؛
فدعْ لحكمةِ الإلهِ ما وهب،
ودع لقلبي ما أحَب،
ودعكَ من
خرافة الذهب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤