تذييل

«يعرف الجميع أن النقَّاد لا يدرسون أبدًا الكتب التي يتحدَّثون عنها، وأن الباريسيين أيضًا مشغولون جدًّا بمناقَشة الأفكار بحيث لا يقرءونها.»

المؤلِّف

بينما كان هذا الكتاب بسبيله إلى الطبع، سافرتُ إلى مقاطَعة إيكس في فرنسا لدراسةِ مسوَّدة العمل المُهم الباقي دونَ نشرٍ لألبير كامي، وهو مسرحية من فصل واحد بعنوان «ارتجالات الفلاسفة». وأدهَشني أني وجدتُ هذه المسرحية المؤلَّفة من فصل واحد مكتوبةً العام ١٩٤٦م، وأنها شديدة الجاذبية، ومُسلِّية، وزاخرة بالتلميحات عن سارتر. وسبَقَ أن كتَب كلٌّ من أوليفير تود وهربرت لوتمان مختصَراتٍ لهذه المسرحية الهزلية المُبهِجة فيما كتباه من سيرة ذاتية لكامي. ولكنَّ كِلَيهما انتهيا إلى رأي شديد الغموض بشأنها، حتى إنني تشكَّكتُ في أنها تستحقُّ عناءَ السفر إلى فرنسا. بيْدَ أنني تصوَّرت أن من المحتمَل أن أجد فيها شيئًا أضيفه إلى القصَّة؛ ولهذا عزمتُ أخيرًا على أن أستشير المسوَّدة بنفسي، والتي لم يكُن من المقرَّر نشرها حتى تاريخ ظهور الطبعة الجديدة لدار بلياد من أعمال كامي.

وما إن حسمتُ رأيي بالاطِّلاع عليها، حتى أذنَت لي كاترين كامي بسخاءٍ بالغ بالرجوع إلى المسوَّدة المكتوبة على الآلة الكاتبة المؤلَّفة من أربعين صفحة، ومخطوطة من خمس وثلاثين صفحة في مكتبة ميجانس العامة في محافظة إيكس. ويسَّرَت لي هذا مارسيل ماها سيلا، مديرة مركز توثيق أعمال ألبير كامي. ودارَت بيني وبينها حوارات عديدة بشأن المسوَّدة، وكذا بشأن علاقة كامي وسارتر. وساعدَتني هي وهيئة العاملين معها وأيضًا كاترين كامي على فكِّ شفرات خطِّ كامي بيدِه، بما في ذلك الصفحات العديدة من الهوامش التي أضافها العام ١٩٤٧م.

وتوصَّلتُ إلى مسرحية «ارتجالات الفلاسفة» في وقت مُتأخِّر لسببٍ آخَر: الحرب في العراق؛ إذ تم تجنيد زوج ابنتي في الجيش وقتَ الإعداد للغزو في مَطلع يناير ٢٠٠٣م، بعد أن وضعَت ابنتي طفلَها بأيام قليلة، وانتقلت عائدةً إلى البيت لقضاء عدة أشهُر تحظى خلالها برعايةِ أبوَيها وليُساعِداها على رعاية طفلَيها، وهو ما يعني أنني لن أستطيع السفر إلى فرنسا إلا بعد أن يكتمِل الكتاب. وأدَّى هذا الحدَث العرَضي التاريخي إلى أن أضع حواري بشأن المسوَّدة في صورة تذييل للقصَّة المعقَّدة والمأساوية لصداقةٍ ولنهايتها. إذن لقد كان لتقلُّبات الرأي وللصدق دورٌ جعَل القارئ الآن لديه فرصة لتذوُّقِ لحظةٍ من اللحظات المهمَّة والمُبهِجة في العلاقة، بينما القصة إجمالًا في خاطره. ونستطيع هنا، حسبما قالت لي كاترين كامي، أن نستمتِع بالوقت، الذي كانا لا يزالان فيه خليلَين. ولكن بعد أن نرى العلاقة قد طوَّح بها الهواء ومزَّقَتها رياحُ التاريخ الذي أبدعها، فإنَّ هذه المسوَّدة غير المنشورة تُذكِّرنا بلحظةٍ أكثرَ هدوءًا وصفاءً وقتَما كان كامي بوسعه أن يسخر من نفسه ومن سارتر ومن صحافيِّي باريس وتجَّار الموضة الذين وضعوا ما بدا لهم مِن عبارات غاضبة على لسانِ كلٍّ من الرجلَين.

•••

السيد فين صيدلاني وعمدة ريفي يملك من الغرور أكثر مما يَملك من الفهم السليم، زاره «بائع جوَّال يُروِّج مذاهبَ جديدة» هو مسيو نيانت (التي تعني العدم). وطبيعيٌّ لو أن هذه المسرحية وجدَت طريقَها للتمثيل على المسرح، لَشدَّت انتباهَ النظارة على الفور إلى الاسم الأخير وإلى بضاعته؛ إذ مَن آخَر في باريس أو في فرنسا سيتَّجه إليه فِكر الناس عند سماع اسم السيد نيانت، وهو الاسم المختار عمدًا من سِفر سارتر العظيم؟ ونقرأ حبكة تُذكِّرنا بكوميديا موليير «طرطوف»، وكيف أن المثقَّف المحتال الذي يحتال على الناس بكسب ثقتِهم ينقضُّ على الأحمق فين ويخدعه «بالإنجيل الجديد»، الذي يحمله معه من باريس ويتضمَّن السِّفر الكبير الذي يُكدِّسه نيانت حوله — وهذا تلميح شِبه واضح إلى كتاب سارتر «الوجود والعدم».

ويَسخر كامي من شهرة آرائه وآراء سارتر، ومن سوء الفَهم الرهيب الذي تعرَّضت له أفكارهما في الصحافة. ووصَل الأمر إلى حدِّ أن مراسِلة صحافية معروفة عنها حصافة الرأي، مثل جانيت فلانر، تكتب باسم «جينيه» في صحيفة «ذي نيويوركر»، لم تجد ما هو أفضل من قولها في رسائلها من باريس إن حكمة كامي قوامُها «الاعتقاد أن الحياة مَدعاة للسخرية». وبعد ذلك ببِضعة أشهُر: ظنَّ بعض البلهاء، حسب ما يمكِن استنتاجه على وجه التقريب، أن لا بدَّ من تأسيسِ فلسفةٍ فرنسية جديدة مهمة على قاعدة تتجاوز «النفور من الإنسانية». ونعرف أن صيغة الوجودية عند سارتر تنبني في الحقيقة على «نفور من الإنسانية». وعلاوةً على هذا الهراء المُثير للسخرية، فإن البائع المُحتال ابن العاصمة الذي يَثِب مرحًا، والريفي الأحمق، يكشفان عن قَدْر من السعادة لقلب المُعتقَدات والقناعات رأسًا على عقب. إنها البهجة للهُراء، ونزوع لصياغات متناقضة — وكذا إثارة دعابات ساخرة بالعديد من أفكار سارتر.

والأفكار في باريس سِلَع، ولهذا يتعهَّد فين بأن يُسدِّد لنيانت مقابل أتعابه. وقال فين، المتحمِّس لعقيدته الجديدة، لابنته صوفي، إن صديقها ميلوسين سوف يطلب منها، إذا كان يُحبُّها حقًّا، أن يشاركها غرفتها، وقد يُفضِي هذا إلى حملٍ وإنجابِ طفلٍ سفاحًا، مما يُهيئ لها فهمًا أعمقَ لمعنى أنها موجودة. وهنا يُحاكي كامي تأكيدَ سارتر الفلسفي على المواقف المتطرِّفة، ويلعب بشكل مُباشِر بكتاب سارتر «عصر العقل» الذي أحدَث إثارةً أدبية في خريف العام ١٩٤٥م. وتدور هذه الرواية حول حمل مارسيل، وبحث ماثيو عن حلٍّ يُيسِّر له تفادي الزواج بها (ووصَل به الأمر إلى حدِّ سرقة المال لدفع تكاليف الإجهاض). ويُخبِر فين ابنتَه أن فتاها لا يمكِن أن يحبَّها من دون أن يكون مُلتزمًا، ولن يكون ملتزمًا دون أن يضَعَها في موقف مُروِّع. إن المرء لا يمكِنه أن يحبَّ من دون مسئولية — وقد أخفق ماثيو في هذا الاختيار — ولا يمكِن للمرء أن يكون مسئولًا دونَ حالةِ حملٍ.

افتتن فين بمِثل هذه الأفكار، ومن ثَمَّ أمَر زوجته أن تُعِدَّ غرفةً لنيانت الذي سينتقِل إليها معهم. والتهمَ نيانت الشَّرِه فخذَ خنزير. وبينما كان فين يتحادث مع العمدة بشأن حالة الغمِّ التي يُعانِيها، أحضَر فين «أفضلَ شيءٍ في العالَم»؛ إذ يُهيئ هذا الشيء للمرء إحساسًا بأنه موجود، خاصةً أن الميت لا يعرف الحزن: «الحزن ومزيد من الحزن والحزن دائمًا، بهذا سوف يتحقَّق لنا ولفين الخلاص.» وأثار فين ونيانت انزعاجَ أحدهما للآخَر؛ وحثَّ المحتالُ فين على إنكار شرعيَّتها. وأخذ قلبه يدقُّ كابن العشرين، وهنا أعلَن فين أنه مُتحرِّر من التزاماته.

وبينما كان الصيدلاني-العمدة يتحدَّث إلى ابنته، شدَّد على أن الشاب ليس هو هو — هنا لعب على فكرة سارتر أننا دائمًا في حالةِ صيرورة، ولا نكون ما نحن عليه بشكلٍ ثابت ومُستقر إلا في حالة الوفاة. ويردُّ ميلوسين مُنقطِعَ الأنفاس بحيث يقدِّم في كلامه موجزًا لأفكار نيانت علَّمَتها له صوفي لإقناع أبيها مردِّدةً كلمات سارترية طنَّانة ملأت الآفاق، مثل «المسئولية»، و«الالتزام»، و«الحرية». ويُجيب فين على ميلوسين الملتزِم بالقوانين بأنَّ فحص صوفي سيفيد إذا كانت سرقَت شيئًا أو أنها قاتلة. وما هو أكثر، أن عليه التسليم برغباته الجنسية إزاء المَحارم، بل وأيضًا إزاء رجال آخَرين. هنا يَمزح كامي على سبيل السخرية من الإحساس بالفضيحة التي تُمثِّل التحية التي تتلقَّاها أعمال كامي وسارتر في أغلب الأحيان، كما يسخر باهتمامات الاثنين بالشخصيات الشاذَّة، وكذا بافتتان سارتر بالشواذ جنسيًّا. ويتحدَّث فين بلغة سارترية ويُخبِر الشاب أن رضاه رهن ميلاد طفلَيهما غير الشرعي. «إذا لم يكُن ثَمَّة طفل، فأنت بغير مسئولية. وإذا كنت بغير مسئولية، فأنت غير ملتزم على الإطلاق. وإذا كنت غير ملتزم، فإنك لا تحبُّ ابنتي … هذا واضح». إنها لم تكُن أقلَّ من هذا وضوحًا بالنسبة إلى أي إنسان شاهَدَ المسرحيةَ في العام ١٩٤٦م؛ حيث إنَّ صحيفة كامي «كومبا»، قدَّمَت سلسلة من التأمُّلات لعدد من مشاهير الكتَّاب عن موضوع الالتزام هذا، والذي أصبح ملءَ الأسماع منذ أن كتب سارتر مقدمة لمجلة «الأزمنة الحديثة» في أكتوبر السابق.

ويتذكَّر كامي في إحدى التبادُلات فكرةَ سارتر المشهورة عنه، وهي أنَّ الفرنسيين لم يكونوا أكثرَ حريةً ممَّا كانوا عليه في ظلِّ الاحتلال الألماني، وهو ما يتمثَّل في قول نيانت إن حرية المرء رهن كونه مقهورًا. ويعمد المحتال، مثلَما هي الحال عند «طرطوف»، إلى إشاعة البُؤس بين الأسرة؛ ذلك لأنَّ الشاب لم يُضاجِع صوفي، ولهذا رفَضه فين زوجًا لابنته: إنَّ عليه أن يُمارِس حبَّه للإنسانية خلفَ أبوابٍ مغلقة. ها هنا تلميح واضح بواحدة من أشهر مسرحيات سارتر؛ حيث يتسلَّى بفكرتها، وهي أن الجحيم هو الآخرون. ويُعلِن فين أنه انفصل عن زوجته ويرغب في أن يأتي نيانت وصوفي بطفلٍ لهما غير شرعي. إنهما الآن في ذُروة النُّضج لكي يعلِن نيانت أن مثل هذه المُعاناة تعني أنهما معًا يعيشان بإحساسهما، وعلى نحو مُثير الوضع الإنساني — وهنا أيضًا صدًى ﻟ «جمهورية الصمت».

ويتحوَّل الأمر بعد ذلك ليتَّضح أن نيانت هاربٌ من مصحَّة عقلية. ويَعكس هذا نَهجًا للرأي الشعبي الذي رأى في سارتر وكامي، وكذا في شخصياتهما، عناصر مخبولة. ونعرف أن فين لم يكُن أولَ مَن دخل المصحَّة: إن نيانت له أتباع كثيرون في باريس، ولكن إذا كان هو مجنونًا، فماذا عن كتابه؟ إن فين لم يقرأه، وكذا نيانت؛ وهذا من شأنه أن يُثير ضحك الجمهور؛ إذ فيه إشارة إلى أشهر كتاب في فرنسا، وهو الأكثر من حيث امتلاك الفرنسيين له، والأقل من حيث قراءتهم له؛ وهو كتاب «الوجود والعدم». وقبل أن يُصبح نيانت ملتزمًا، نعرف أنه يتكسَّب رزقه بالعيش كناقد. ويعرف الجميع أن النقَّاد لا يدرسون أبدًا الكتب التي يتحدَّثون عنها، وأن الباريسيين أيضًا مشغولون جدًّا بمناقَشة الأفكار بحيث لا يقرءونها.

•••

ووقَّع كامي باسم مستعار «أنطون بيلي» على مسرحية «ارتجالات الفلاسفة». وعكف على هذه المسرحية فترةً من الزمن خلال العام ١٩٤٧م؛ بحيث أضاف هامشًا في وقت متأخِّر من صيف هذا العام، ولكنَّه لم يُفكِّر أبدًا في إخراجها على المسرح، حتى وقتما كان هو مديرًا لشركة المسرح الخاصة التي يملكها هو. بيْدَ أنه عاد للتفكير فيها ثانيةً في الخمسينيات، باعتبارها أحدَ مشروعاته التي لم تَكتمِل، وفكَّر في إخراجها على المسرح باعتبارها كوميديا فنية.

ويبدو مهمًّا أن نُفكِّر فيما إذا كان كامي عرَض المسرحية على سارتر، وفي السبب في أن كامي لم يُحاوِل أبدًا إخراجَها على المسرح. ويبدو مهمًّا بالقدر نفسه لماذا ظلَّت بالنسبة إليه أمرًا ينبض بالحياة، حتى بعد القطيعة مع سارتر. بيْدَ أن الحقيقة الأكثر إثارةً بالنسبة لمسرحية «ارتجالات الفلاسفة» هي ببساطةٍ أنها موجودة، وتُمثِّل شهادة بريئة على غير العادة عن لحظةٍ بعينها في حياة كامي وفي علاقته مع سارتر، وفي التاريخ الفرنسي.

وتُمثِّل الباروديا فيها، أي المحاكاة بطريقة ساخرة لفلسفة سارتر، سلوكًا ذا طبيعة ودية، حتى وإن أخذناها بمعنى أن كامي يرى أن حديث سارتر هراء؛ ذلك لأن هذا أمر يمكِن ببساطةٍ أن يكون موضوعًا للضحك المشترك بين صديقَين. والجدير ذِكره أن كامي، حتى وهو يُمايِز نفسَه عن الوجودية خلال هذه الأشهُر، فإنه سيستهلُّ هذه المسرحية الهزلية بمحاكاة الفهم الشعبي لفكرِ كلٍّ من سارتر وكامي تحت عنوانَي العبث والبطولة. إنَّ كامي وهو حريص كل الحرص على ألَّا يبدو في صورة تابع لسارتر، وضع مسوَّدة مسرحية كان من المقدَّر لها، إذا ظهرت على المسرح، أن تبدو وكأنها في آنٍ واحد تسخر وتحكي دعابات عن ظاهرة سارتر في العامَين ١٩٤٥م و١٩٤٦م. وهنا نذكر «زبد الأيام»، تأليف بوريس فيان، المنشور في ربيع العام ١٩٤٦م، وفيه يُصوَّر البطل الفيلسوف جان-سول بارتر، مؤلِّف «القيء»، والذي يَنشر ما لا يقلُّ عن خمس مقالات أسبوعيًّا، وعاكف على إنجاز «دائرة معارف الغثيان»، من عشرين مجلدًا، وأنه كان محورَ محاضَرة عامة صاخبة. وها هنا كامي الآن أيضًا يرسم شخصيةً مبالغًا فيها، بل ومضحِكة لشخصٍ بهر أنظارَ باريس والعالَم، ثم ينتهي به الأمر إلى تعبئته وإرساله إلى مصحَّة عقلية.

وطبيعيٌّ أن تُثير كلمات مدير المصحَّة انتباهَ المُشاهدين لو أن المسرحية مُثِّلت على المسرح؛ إذ يقول: «حذار، أبعِدوا أطفالكم عن التفلسُف.» وهنا نجد الفيلسوف صاحب «أسطورة سيزيف»، الذي أقلع عن الفلسفة! هل المُفكِّر الجاد، وهو كاتب مسرحي، يسخر من التفكير الجاد، أم إنه يُوضِّح استحالةَ تطبيق التفكير الجاد على أمور الحياة اليومية مثلما يُشدِّد سارتر على ضرورة الفعل؟ وتبقى المسرحية قريبة جدًّا من السطح، وتغوص في كمٍّ هائل من التلاعُب بالكلمات، ممَّا يجعل من العسير على المُشاهِد استنتاج أن كامي ينتقد جديًّا أفكارَ صديقه. ونلمس في الواقع حُمقًا هنا وهناك، بينما الهجاء خالٍ من العمق الفكري إلا قليلًا. لماذا نجد مدير المصحَّة الحكيم العَجوز يَستنتِج أن أي طائفة من الأفكار هي أفكار جيدة، شأنُها شأنُ أي طائفة أخرى غيرها، وأن الفلسفة لا نفعَ لها في الحياة اليومية، وأن الواجب يقتضينا تحاشي الفلاسفة؟

هل كان كامي يقصد الدعابة فقط، أم أن المسرحية تلمِّح من طرف خفيٍّ إلى ما سوف يكون فيما بعدُ من تباعُد حادٍّ بين الرجلَين، بل وربما تُشير إلى تصدُّع العلاقة والافتراق؟ نلحظ بعد ستِّين عامًا تقريبًا، وعلى الرغم من أن النية لم تتَّجه أبدًا إلى أن ترى المسرحية النور، أن الحياة العامة التي تحكيها مسرحية «ارتجالات الفلاسفة» لم تبدأ بعدُ. إنَّ الإجابات عن هذه الأسئلة ربما تبدأ في الظهور تدريجيًّا إذا ما تيسَّرت قراءة المسرحية مرةً ومرتَين، والأهم من ذلك، إذا ما أُتِيحت مُشاهدتها على المسرح ومناقَشتها. وحريٌّ بنا التطلُّع إلى هذا بسرور بالغ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥