من وحي الكعبة

جلست على بعد خطواتٍ من الكعبة، حيث قضينا ساعات الضحى، حتى الظهيرة وما بعد الظهيرة، جلستُ شاخصًا بما عندي من بصرٍ قليل، لكن بصيرتي كانت — بحمد الله — يَقظانة الوعي سريعة التلبية والأداء، إذا جاءها البصر العليل بشعاعٍ واحد، أمسكتْ به البصيرة لتُضيف إليه ألف شعاع، إذا قال البصر: ها أنا ذا أرى أمامي مقام إبراهيم عليه السلام، وثبَتْ بصيرتي إلى أحداث التاريخ التي وضع أركانها خليل الله، فقبل أن ينتهي المطاف بإبراهيم الخليل إلى مقامه هذا ليُقيم بيت الله، كان قد جاهد في سبيل الله، محاولًا أن يهدي قومه بأرض كنعان سواء السبيل، داعيًا إيَّاهم أن يُحطِّموا أصنامهم ليعبدوا الله الأحد الذي لا شريك له، فأبَوا عليه دعوته، فحطَّم هو تلك الأصنام، فأرادوا له شرًّا، إذ أوقَدوا نارًا وألقَوا به في لهَبِها، فأمر الله — جلَّت قُدرته — أن تكون النار على إبراهيم بردًا وسلامًا. ولمَّا كُتبت له النجاة، اتَّجَه إلى فلسطين، لكن أرض فلسطين ما لبثتْ أن شملها جدبٌ قضى على موارد الطعام والشراب، فرحل نبي الله وخليله إلى مصر. ألا حيَّاك الله يا مصر، فهو — جل جلاله — الذي شاء لك أن تكوني ملاذ إبراهيم، وموطن موسى، ومنجاة عيسى (عليهم جميعًا أفضل السلام)، ثُم حافظة الإسلام منذ أريد بالإسلام شرٌّ ونُكر على أيدي التتار، فلو كان في الدنيا بأسرِها موقع واحد يصلح للبشر على اختلاف دياناتهم الثلاث، كنيسًا، وكنيسة، ومسجدًا، لكان هذا الموقع هو أنت يا مصر، يا من أسماك رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام: «أرض الكنانة» مُريدًا بذلك أرض العتاد الذي يُصان به حِمى الإسلام.

ويَشخص البصر الكليل إلى مقام الخليل، الذي هو على بُعد أمتار قليلةٍ منه، كأنما أراد أن يرُدَّ تيار البصيرة إلى من نحن جالسون في رحابه، فيعود إلى سيرة إبراهيم عليه السلام، لائذًا بمِصر وخصبها، وكان قد بلغ من العمر عتيًّا دون أن يُنجِب ولدًا، من زوجته سارة، فتزوَّج في مصر من إحدى بناتها، تزوَّج من هاجر، فأنجبت له إسماعيل، ليكون إسماعيل بعد ذلك أبًا للعرب، وليكون إبراهيم بذلك جدَّ العرب، وربي أعلم بما حدث. وقد شاء الله لسارة أن تلِد لزوجها إبراهيم ولدًا بعد مولد أخيه إسماعيل من أبيه، وأسمت سارة ابنها «إسحق»، وقد قرأت كلمة عبرية معناها «اضحك» (والتشابه واضح بين «اضحك» العربية و«إسحق» العبرية)، ولقد أُريد بهذا الاسم إشارة إلى سعادة الوالدين بابنٍ ظلَّا ينتظرانه، حتى بلغا من الشيخوخة ما بلغا، أقول: إن ربي أعلم بما قد حدث ليدفع نبي الله إلى الارتحال إلى مكة، لا يصطحب إلا هاجر وابنهما إسماعيل، وها هنا أمرٌ بإقامة بيت الله الذي أجلس الآن في جواره خاشعًا.

ولكن هذا «الحق» الذي أُقيم ها هنا بأمر الله، لم يلبَث مع الأيام أن أحاطه الإنسان بالباطل؛ إذ ها هنا أيضًا أقامت قريش بأصنامها، وهو باطل ظلَّ قائمًا إلى أن نزلت الرسالة على محمدٍ عليه الصلاة والسلام، وجاءه في حربه مع قريش فتح ونصر، فحُطِّمت الأصنام؛ لتعلو إلى الأبد كلمة الله الأحد.

وشخَصَت عيني ببصرِها القليل إلى باب الكعبة، وما أسرع ما ألقتِ البصيرة أمام نفسها بسؤال، لم تعرِف له جوابًا، فأضمرته حتى تُواتيها لحظة مناسبة يُتاح لها فيها أن تسأل أهل العلم، ولقد حانت تلك اللحظة مع مساء اليوم نفسه، إذ جلسنا مع بعض أصدقائنا حول مائدة، نُداول بيننا أطراف الحديث، فألقيتُ بسؤالي: ماذا بداخل الكعبة؟ فأجاب من أجاب، بأنه لا شيء الآن بداخلها، فسألت: ألا يحدُث قط أن تكون مكانًا للصلاة؟ فجاءني الجواب بحقيقةٍ لم أكن أعرفها، بل ولم أكن أتوقَّعها (وتقع التبِعَة في صوابها أو خطئها على من أجاب) إذ قال: إن ما هو فرضٌ في الصلاة لا يجوز أداؤه داخل الكعبة، وأما ما هو سنة فيجوز. وبعد لحظة أخذني فيها شيءٌ من الحيرة، سألت: ولماذا كانت هذه التفرِقة بين فرضٍ وسنة في الصلاة داخل الكعبة؟ فأجاب المُجيب بقوله: لستُ أدري، وما أظنه من حقِّنا أن نطلُب التعليل في أمور العبادة! فرددتُ عليه مُسرعًا بالرد: بل إن من حقِّنا، أو قل إنه واجب علينا أن نفهم، نعم إن أمور العبادة واجبة الأداء، سواءٌ عرفنا سرَّها أم لم نعرفه، لكن محاولة المعرفة إلزام خُلقي على الإنسان، فقد فُرِضت تلك العبادة على بشرٍ عاقل، ولم تفرَض على حجرٍ أصمَّ وأبكم، فقال صاحبي: هات لنا التعليل إذا استطعت.

هنا أسعفتْني بصيرتي التي قلتُ عنها في أول الحديث، إنها كانت يومئذٍ يقظانة الوعي، سريعة التلبية والأداء، نعم أسعفتني، بعد صمتٍ لم يطُل معي أكثر من دقائق معدودات، قلت: إنه إذا صح ما أنبأتَنا به، وهو أن صلاة الفروض داخل الكعبة لا تجوز، والذي يجوز — لمن أراد — هو صلاة السُّنة وحدَها، كان عندي ما أُقدِّمه تعليلًا لذلك، وهو تعليلٌ أستمِدُّه من السرِّ وراء إقامة الكعبة نفسها، وحتى إذا تبين أن ما أنبأتَنا به غير صحيح، تظلُّ الفكرة التي أُقدِّمها قائمة بصوابها، ولو أنها — في هذه الحالة — تُصبح بيانًا لجانبٍ من جوانب الحِكمة في إقامة هذا البيت الشريف.

إنه إذا سُمِح لأفرادٍ من المسلمين أن يؤدُّوا فرض الصلاة داخل الكعبة، أمكن لهؤلاء الأفراد أن يتَّجِهوا في صلاتهم جهاتٍ مُختلفة؛ لأن كل اتجاهٍ في هذه الحالة هو اتجاه نحو الكعبة، فقد يتَّجِه أحدهم نحو الشمال، ويتَّجه الثاني نحو الجنوب، والثالث نحو الشرق، والرابع نحو الغرب، وبذلك يؤدي هؤلاء الأربعة صلاتهم، وإنْ ظهرًا لظهر، لا تشخص أعينهم إلى اتجاهٍ واحد، ولا تلتقي قلوبهم في هدفٍ واحد، ومن هنا وجَب أن تؤدَّى فروض الصلاة في مواقع خارج بناء الكعبة؛ لتلتقيَ أفئدتهم جميعًا عند غايةٍ مشتركة، وأما السنة التي قد يؤديها المُصلي وقد لا يؤدِّيها، فهي تُمثل جانب الاختيار الذي يُحقِّق لكل فردٍ استقلاله، وهكذا تكون التفرِقة التي أنبأتَنا بها يا صاحبي، مفهومة المعنى.

على أنه بغضِّ النظر عما أنبأتنا به، فها هي ذي فرصة قد أتاحتها لنا الكعبة الشريفة وأسرارها، لنتحدَّث فيما أصابنا من ضعفٍ بعد قوة، وذُلٍّ بعد عزة، إذ يخطر لي الآن خاطر غريب، تَولَّد من كلامنا عن الجائز وغير الجائز من الصلاة داخل الكعبة، وهو أن السِّرَّ الذي زعمته لكم تعليلًا للتفرقة، إنما يصلح هو نفسه أن يكون السر الذي يكمُن وراء ما أصابنا من ذلةٍ وضعف، بعدما شهده فينا التاريخ من عزة وقوة، وتسألونني كيف، فأجيب:

«الذات» ووحدانيتها، هي القاعدة الأولى، التي على أساسها يقوم وجود الفرد الواحد، وجودًا صحيحًا سليمًا، ووجود الشعب الواحد، ووجود الأمة الواحدة، ووجود كل جماعة كائنةً ما كانت طبيعتها، لكي تستحق أن يُطلق عليها اسم الجماعة وصفاتها، لكن هذا كلامٌ يحتاج منَّا إلى شيءٍ من التوضيح.

ولنبدأ بالفرد الواحد، فما الذي يجعل لفردٍ ما «شخصيته» معلومة الخصائص، وعن طريقها يمكن للآخرين أن يتعامَلوا معه؟ لو كان الفرد الواحد مكونًا من مُقومٍ واحد، لما كان هناك مجال لهذا السؤال؛ لأننا لا نسأل سؤالًا كهذا عن العنصر الأوَّلي الذي لا يقبَل التحليل، نعم، لو كان الفرد من الناس ذا مُقوِّمٍ واحدٍ هو كيانه، لكان «واحدًا» بحُكم طبيعته، لكن كل فردٍ يتألَّف كيانه من مقوماتٍ الله أعلم بعدَدها، وهي ليست كثيرة في عددها فحسْب، بل إن تلك الكثرة مُتعارضة بعضها مع بعض، ففيه رغبات متنافرة، كل رغبة منها تشدُّه إلى ناحيةٍ غير الناحية التي تشدُّه إليها الرغبة الأخرى، ففي لحظةٍ واحدةٍ بعينها قد يشعر الفرد المُعين بأنه راغب في مُغادرة منزله ليفرِّج عن نفسه ضيقَها، وراغب — في الوقت نفسه — في أن يمكُث حيث هو؛ لأن أحدًا قد ضرب له موعدًا للقاء في داره بعد قليل، وهو لا يريد أن ينقُض وعده له بانتظاره ليلقاه.

في لحظةٍ واحدةٍ بعينها قد يرغب فردٌ ما في أكل صنفٍ مُعينٍ من الطعام، ولكنه أيضًا يرغب في أن ينصرِف عن ذلك الصنف؛ لأنه مُحرَّم عليه بإرشاد الطبيب. ولو أخذتُ أضرب لك الأمثلة للرغبات المختلفة في الإنسان الواحد كيف تتقاتَل في كيانه، مُتنافسةً فيما بينها؛ لأن كلًّا منها يسعى إلى امتلاكه لما انتهيتُ، وقد يصِل هذا الصراع بين الرغبات في الفرد الواحد حدًّا يصِل به إلى الخيانة والجريمة، فقد تتنازَعُه — مثلًا — رغبتان مُتعارضان: إحداهما أن يُخلِص لوطنه فلا يُعرضه لخطر أعدائه، والأخرى أن يكون صاحب مال يجيئه إذا ما خان، فماذا يفعل الفرد من الناس، إذا ما تدافعت في جوفه تلك الدوافع المُتعارضة؟ أيترُك نفسه نهبًا لها جميعًا، تفعل فعلها معه في آنٍ واحد؟ إنه لو فعل ذلك لفقد أمرَين: في أولهما يفقد أن تكون له شخصية ذات طابعٍ يُميزها، وفي ثانيهما لن يحقِّق من تلك الرغبات ذاتها شيئًا، إذ يكون شأنه كشأن «خراش» الذي قال عنه الشاعر:

تكاثرت الظباء على خراشٍ
فما يدري خراشٌ ما يصيد

فمن الوجهة العملية النفعية الصِّرف، وكذلك من الوجهة الإنسانية الخُلقية، لا مناص للفرد من الناس، إلا أن يجعل لنفسه مبدأً ما، يكون هو الميزان، أو الفيصل، الذي يُقرِّر له ماذا يختار في كل مرةٍ تتنازَعه فيها رغبات مُتعارضة. والأغلب أن الدين هو مصدر تلك المبادئ، التي تفصِل بين الحلال والحرام، وفي الحلال نفسه، تفصل بين ما هو أَوْلى بالاختيار مما عداه. وإلى جانب الدين في ذلك، يكون للعُرف وللتقاليد، وللثقافة القومية السائدة فِعلها في إقامة الموازين، فإذا استقامت لفردٍ ما موازين الحُكم — من جهةٍ ما — كان له «ذات» معروفة له وللناس، بما يُميزها من طرائق السلوك، وأُسس الاختيار.

وواضح من هذا الذي قُلناه، أن الفرد الواحد إنما يُحقق لنفسه «ذاتًا» مُحددة إذا حقَّق لها محورًا مُعينًا، «يوحِّدها» في اختيارها وسلوكها، وهو بهذه «الوحدانية» لذاته، يُحقق لنفسه «شخصية» يُمكن وصفها وتعيينها بما يُميزها من معالِم.

وما قُلناه عن الفرد الواحد، نقول مثله عن شعبٍ بأسره، فهو لن يكون «شعبًا» بالمعنى الصحيح، إلا إذا «توحَّدت» أوجه النشاط في حياة أفراده، بحيث يُصبح في مُستطاعنا أن نُحدد لذلك الشعب خصائصه التي تُميزه عن سائر الشعوب؛ أي أن الشعب — على كثرة أفراده — يُصبح وكأنه فردٌ واحدٌ كبير، يطوي تحت أجنحته ملايين أبنائه في اتساقٍ مُتناغم. والذي يجعل مثل هذه الوحدانية في الشعب كله مُمكنًا، هو أن يكون له هدفٌ واحد، مُقرَّر ومُعترَف به ومقبول من أبناء الشعب قبولًا راضيًا، وهنا أيضًا — كما هي الحال في الفرد الواحد — يكسب الشعب المُوحِّد أمرَين في آنٍ واحد: فهو أولًا يعرف ماذا يختار بين البدائل الكثيرة التي عادةً ما تطرح نفسها أمامه، وثانيًا تُصبح له شخصية فريدة، تُميزه، وتجعل له هوية مُحدَّدة المعالِم، يعتزُّ بها ويعمل على صونها.

وما قلناه عن الفرد الواحد، ثم عن الشعب الواحد، نقوله عن القومية العربية، ثم عن الوحدة الإسلامية، بل عن الوحدة الإنسانية كلها إذا شئنا وشاءت؛ ففي جميع هذه الحالات، لا سبيل إلى تحقيق ما نُريد في هذا السبيل، إلا أن تنشأ لِما نُريد أن نوحِّده، «ذات» ولا تتوافر لنا هذه «الذات» المنشودة، إلا أن يكون هناك «هدف» مُشترك، واضح المعالم، مقبول من أفراد الجماعة التي تُريد أن يكون لها وحدة تضمُّها في كيان، وإقامة الهدف هي نفسها التي تُقيم بدَورها موازين الاختيار بين الرغبات المُتعارِضة إذا ما عرضت لها في الطريق.

وفي هذا السياق، لا بدَّ لنا من لفت الأنظار إلى حقيقةٍ جوهرية، وهي أنه لا سبيل إلى وحدانية الذات — في الفرد، أو في الشعب، أو في الوحدة القومية أو الدينية — إلا إذا استعنَّا بالذاكرة (ويقابل الذاكرة في الفرد الواحد، التاريخ في حياة الجماعات) لكي نجمع الماضي مع الحاضر في لحظةٍ تُوحِّدهما؛ إذ لولا الذاكرة في استعادتها للماضي كلما استدعت المناسبة الراهنة شيئًا منه، ولولا التاريخ في حياة الشعوب والجماعات، لما بقي للكائن — فردًا أو جماعة — إلا اللحظة الحاضرة وحدَها. وفي حدود هذه اللحظة الواحدة، لا مجال للحديث عن «ذات» ووحدانيتها، فالذات هو الفرد، وفي الشعب، وفي أية جماعة موحدة، هي امتداد على الزمن، تتعاقَب فيه لحظات، والمطلوب هو أن نجد الرباط الذي يوحِّد تلك اللحظات الكثيرة المُتتابعة، في تيارٍ مُوحد، هو الذي يجعل الفرد فردًا مُعينًا، والشعب شعبًا معلوم الهوية مُتميز الشخصية عمَّا عداه.

أما بعدُ — هكذا وجهت الحديث إلى صُحبتي حول المائدة — فإنني أتوكل على الله وأستعين به، وأستغفره إذا أخطأت، وأقول: إنَّ وحدانية الذات في الأمة الإسلامية، هي ما أُقيمت الكعبة المُشرَّفة لتؤديه، ومن أجل هذا ترتدُّ هذه الأمة بأصولها إلى إبراهيم الخليل عليه السلام، فالتقاء خطوط النظر من الأمة الإسلامية جميعًا في مشارق الأرض ومغاربها، عند الكعبة لا بدَّ من تأويله ليكون التقاءً في هدفٍ واحد — من حيث هي أمة واحدة — لأن في داخل تلك الأمة الواحدة شعوبًا، قد يكون لكل شعبٍ منها أهدافه الخاصة، التي يُضيفها إلى هدفه من حيث هو شعب مُسلم. وعلى هذا الضوء نفهم ما أنبأنا به صاحبنا في أول حديثنا، من أن صلاة الفرض لا تجوز داخل الكعبة؛ لأن الأهمية كامنة في التقاء الجماعة على هدف، وماذا يكون هدف المُسلمين الواحد، الذي يُحقِّق لهم ذاتًا إسلامية موحدة، إلا أن يحيَوا على إسلام أراده الله وفصَّله في كتابه. ولما كانت رسالة الإسلام الأولى هي «التوحيد» — توحيد الذات الإلهية — تبع ذلك بالضرورة وجوب أن يكون التوحيد هو هدفنا في كل ذاتٍ تعنينا: ذات الفرد ونحن نتولَّى تربيته، وذات الشعب ونحن نرسُم سياسته، وذات العروبة ونحن نعمل على تدعيم أركانها، وذات الأمة الإسلامية في المجال الذي يقتضي أن يكون المُسلمون فيه فكرًا واحدًا وسلوكًا واحدًا. والرمز المُشير إلى هذا كله، هو الكعبة التي نتَّجِه إليها في الصلاة.

قال أحد الحاضرين: أخشى أن يفهموا وحدانية الأفراد والشعوب على أنها صبٌّ لهؤلاء جميعًا في قوالِبَ مُتشابهة كما تُصَبُّ الحجارة.

قلت: إنهم يخطئون لو فعلوا؛ فواضحٌ أن المقصود هو أن تظلَّ لكل فردٍ شخصيته الفريدة غير المُتكرِّرة في سواه، ثُم تتلاقى تلك المُتباينات جميعًا في وحدة مُتسقة، كما تتلاقى مجموعة الألفاظ المختلفة في قصيدة الشاعر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤