عن مسرحية بادِن التَّعليميَّة عن القَبول (١٩٢٩م)

تقرير عن الطَّيران

في الوقت الذي بدأت فيه البَشريَّة تعرِف نفسها،
صنَعْنا طائراتٍ من الخشب والحديد والزُّجاج.
وحلَّقْنا طائرين في الهواء
بسرعة تفوق سرعة الإعصار مرَّتَين.
كان مُحرِّك (طائراتنا) أقوى من مائة حصان.
لكن أصغر حَجمًا من حصانٍ صغير.
على مدى ألف عامٍ ظلَّ كلُّ شيءٍ يسقُط من أعلى إلى أسفل،
باستثناء الطُّيور،
حتى على أقدَم الأحجار،
لم نجِد رسمًا واحدًا لأيِّ إنسانٍ
حلَّقَ طائرًا في الهواء.
لكنَّنا نهَضْنا
مع نهاية الألف الثانية من حِسابنا للزمن،
ونهَضَت معنا فِطرتُنا الصُّلبة؛
لتدُلَّنا على ما هو مُمكِن،
دُون أن تُنسِيَنا
ما لم نَبلُغه بعد.

بحث قضية: هل يُساعِد الإنسانُ الإنسان؟

واحدٌ منَّا عبَر البحر،
واكتشف قارَّةً جديدة.
لكن الكثيرين من بعده
بَنَوا هناك مُدنًا عظيمة
بِكثيرٍ من الجُهد والذكاء.
غير أن الخُبز لم يُصبِح بذلك أرخصَ سِعرًا.
واحد منَّا صنعَ آلة،
حرَّك فيها عجَلَة بِالبُخار.
وكانت هذه هي أمُّ كثيرٍ من الآلات.
كما أنَّ الكثيرين يَعملون عليها كلَّ يوم.
غَير أن الخُبزَ لم يُصبِح بذلك أرخصَ سعرًا.
كثيرون منَّا تفَكَّروا
في دَوران الأرض حول الشمس،
في العالَم الباطِن للإنسان،
في القوانين التي تحكُم المُجتمعات،
في طبيعة الهواء وفي الأسماك التي تعيش في أعماق البحار.
واكتشفوا أشياء عظيمة.
غير أنَّ الخُبز لم يُصبِح بذلك أرخصَ سعرًا.
وإنما ازداد الفَقر في مُدننا،
ولم يعُد أحدٌ يعرِف منذ زمن طويل،
ما هو الإنسان.
على سبيل المِثال: بينما كُنتم تُحلِّقون في السماء،
كان شيءٌ يُشبِهكم يزحَف على الأرض
بطريقةٍ لا تَليق بالإنسان!
هل نَستنتِج من هذا أن الإنسان يُساعِد الإنسان؟
لا!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤