الأسطورة والمعنى: دراسات في الميثولوجيا والديانات المشرقية
«من هنا ينبُع سلطان الأسطورة وسطوتُها على النفس، حتى في دولة العلم العالميَّة التي نعيشها اليوم. ذلك أن الأسطورة تُعطينا الإحساس بالوحدة؛ الوحدة بين المنظور والغيبيِّ، بين الحيِّ والجامد، بين الإنسان وبقيَّة مظاهر الحياة.»
تُعَد الأسطورة من أهم ظواهر الثقافة الإنسانية. ورغم أنها تتشابه في التعريف مع بعض الظواهر الأخرى، مثل الخرافة والقَصص البطولي والحكايات الشعبية، فإنه بالبحث والدراسة يمكن الوصول إلى تعريفٍ دقيقٍ يُميِّزها، وهو التعريف الذي انطلق منه «السوَّاح» إلى دراستها باعتبارها ظاهرةً ثقافيةً متميزةً وذات خصوصية عالية؛ فدرس دورها في حياة الفرد والجماعة، ودورها في نشأة التاريخ المقدَّس، ليؤكِّد أنها بالأساس حكايةٌ مقدَّسة، وهي المشكِّل الأساسي للدين، كما أنها الأم التي خرج من رحمها العلم والفلسفة والتاريخ، وأنها لعبت الدور الذي تلعبه الميتافيزيقيا في الثقافات المتطوِّرة التي أعْلَت من شأن الفلسفة. يعود بنا «السواح» إلى أساطير التكوين الأولى؛ مثل أسطورة التكوين البابلية، وأسطورة التكوين الفينيقية، كما يعرض لأربعة أنواعٍ من الأساطير: البسيط، والمركَّب، والمعقَّد، والمستغلق، فضلًا عن علاقتها بالوثنية والتوحيد.