الفصل الثاني والعشرون

عودة الوصمة السوداء

عندئذ انتظرنا أن ينتهي الرجال من مجلسهم، وعندما عادوا كان سيلفر يتصرف بطريقة ودية ومألوفة.

قال سيلفر: «يا له من نسيم عليل يا جيم.» وأخذت أراقبه قبل أن أحول عيني إلى الرجال بالخارج.

عاد الرجال بتؤدة وكانت تبدو عليهم سيماء الاستماتة والوحشية.

قال سيلفر: «هيا، ادخلوا، لن أعضكم. سلموني إياها.»

وعندئذ سلموه الوصمة السوداء.

«لماذا قطعتم هذه من الإنجيل. الآن أنتم ملعونون!»

وعندئذ انقلب بعضهم على بعض وأخذوا في الشجار. ثم فتح ورقة الوصمة السوداء وقرأ كلمة «مخلوع»، مما يعني أنه لم يعد الكابتن مجددًا.

لكن سيلفر أصر أن يقرءوا على مسامعه أولًا التهم المنسوبة إليه.

قال جورج ميري: «لقد أفسدت هذه الرحلة البحرية، ومكنت العدو من الفرار من هذا الفخّ، ولم تدعنا نتعقبهم، وهناك موضوع هذا الصبي.»

قال سيلفر: «حسنًا، لقد اتضح لي الآن من يريد أن يكون الكابتن، لكن دعني أجيب على تهمك. هل أنا من أفسد هذه الرحلة؟ حسنًا، أنت تعلم ما كنت أريده، لكنك حرضتهم ضدي يا جورج، أليس كذلك؟ من الذي خانني؟»

عندئذ حول جورج نظره بعيدًا.

استرسل سيلفر: «أتجرؤ على أن توجه إليّ الاتهامات! أتحاول أن تكون زعيمًا عليّ! أنت يا من أغرقتنا جميعًا! أنت لم ترقَ إلى مرتبة القرصان الحقيقي، كان يجدر بك أن تكون خياطًا! وليس لديك أدنى فكرة عن مدى سوء وضعنا الآن. أما الصبي، فهو رهينتنا، ولا أنوي أن أقتل الرهينة الوحيدة التي لدينا، ولعله يكون أملنا الأخير في النجاة. وأما الاتفاقية التي عقدتها؛ فلو كنت مكاني لفعلت نفس الشيء! وأحد بنود هذه الاتفاقية أن يعرج علينا الطبيب يوميًّا ليداوي جروحك، وهناك المزيد. كما حصلت على شيء من شأنه أن يخبرك لماذا فعلت كل هذا!»

وعندئذ ألقى سيلفر بخريطة الكنز على الأرض فانقضوا عليها جميعًا يصرخون ويصيحون كالأطفال؛ كانوا يتصرفون وكأنهم قد عثروا على الذهب بالفعل ورجعوا به إلى منازلهم سالمين غانمين.

استرسل سيلفر: «أنا الذي حصلت على خريطة الكنز. هل من رجل أفضل مني؟ لكني سأعتزل! انتخبوا لكم من تريدون! لقد ضقت ذرعًا بهذا!»

لكن ثلاثة منهم هتفوا: «سيلفر، سيلفر، سيلفر.» في حين أخذ جورج يراقب الأمر؛ إذ كان من الجلي أن سيلفر ما زال الكابتن. أما ديك فقد بدا مستاءً بسبب قطع جزء من إنجيله. طوى سيلفر الورقة في يده وقذفني بها، وما زالت أحتفظ بها.

قال سيلفر: «حسنًا يا جورج، يبدو أنك ستضطر أن تنتظر بعض الوقت حتى تصير الكابتن!»

وبعدئذ أُرسل جورج إلى الخارج لتولي عملية المراقبة، في حين ذهبت أنا وبقية أفراد الطاقم إلى النوم. علمت أننا كنا نقترب من نهاية هذه اللعبة المزعجة، ولم أستطع أن أتكهن بما قد يحل بنا، وكذلك لم أستطع أن أعرف سبب إعطاء أصدقائي الخريطة لسيلفر. لكن ما كنت واثقًا منه هو أن سيلفر كان سيبذل ما في وسعه كي ينقذ حياته البائسة. وكان قلبي يئن من أجله على الرغم من شره؛ إذ كان يمكن لأي شخص أن يرى الظلام الذي ينتظره.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤