الفصل الثالث عشر

توجُّه فنيانوس للصحة، طلب العروس ثانية

– قول يا أفندم، بقيت على حالي والوجع زاد، وما عُدت قدرت قوم من الفرشة، أخيرًا قلت: يا صبي ما بقى بدَّها. حالًا بعَت ورا حكيم، لمَّن إجا وسألني شو المسألة حكيت له ياها من أولتها، وقلت الُّه عن علاج البخور اللي تعالجت فيه. قال: منيح اللي ما مُت. الخلاصة فحصني فحص مدقق، وقال إن كبدي منتفخ شوية، وسببه شرب العرق، ولكن المسألة بتزول، ووصف لي أدوية ومنعني عن كل شي إلا الحليب، ووصَّاني أن لا دوق العرق بزماني. وما مضى عليَّ كم يوم إلَّا وحسِّيت براحة كلية، ومن وقتها ما خلِّيت عجوز تدخل البيت، بس يطل مخ شي واحدة منهم بقول لها: عندك يا منعولة، اوعي تقربي! الله لا يرحم بَيِّ اللي علَّمكُن الطب. ومن بعده صرت أتقدم يوم عن يوم، إلى أن صَحَّيْت منيح وحمدت الله.

ثم رجعت الأفكار تأخذني وتجيبني بخصوص القرقورة اللي ما كانت تروح من فكري لا ليل ولا نهار، أخيره وجدت إنه صار من اللازم أبعت حدا يحكي رسمي بالعروس؛ لأن ما عاد لي صبر ولا طولة روح، حالًا قُمت حكيت مع خورينا واتنين تلاتة من قرايبنا منشان تا يروحوا يحكوا، وما مضت السيرة يومين إلا وحملوا حالهم وتمشُّوا، شوي وبسلامتهم راجعين: خير إنشالله! شو صار؟ شو جرى؟ قالوا: جرى كل خير، وقالوا إن فنيانوس ما عندنا حدا بمعزته، وقالوا ياريت يحصلوا على هالشرف، وإذا ما كان عندنا منفتِّش له، ولكن تحجَّجوا بالبيت قال إنه عتيق وصغير وما بيوافق للسكن، فإذا عمَّر فنيانوس البيت وفرشه نحن كلنا تحت أمره. فهذا اللي جرى، والخاطر خاطرك على كل حال، فاللي بتلاقيه موافق عمَلُه، وما لحقوا وخلَّصوا الحديث إلا والمحروسة عمتي (ريتها تقبرني إنشالله) قرطت لك ظلغوطة سمعتها كل الضَّيْعة، حالًا حطيت إيدي عا تمها قلت الَّها: يُخرب بيتك فضحتينا! الجماعة بعد ما عطيونا قول شافي، وأنا بعد ما حكيت مع البنت رسمي، بركي ما بتاخدني! يفضح ديبك، جرَّصتينا!

figure

– ضني يا فنيانوس، ما حكيت مع البنت أبدًا؟

– كيف لا، مرة نقفتها بالملبَّس من بعيد من غير ما خلَّيتها تشوفني. وخطرة كمان: كنت واقف على سطح بيتنا وكانت هي مارقة، صرت أتنحنح ولبِّط برجلي حتى تطَّلَّع صَوبي، ما كانت حضرتها تلتفت، أخيرًا لمَّن شفتها هيك قُمت وقَّعت المحدلة عن السطح، ساعتها التفتت وخمَّنت حدا وقع، حالًا محسوبك ضرب لها سلام. وخطرة كمان: كانت جاية من العين هي وتلات أربع بنات من رفقاتها بالليل، قمت مسيتها على بغتة، قبطت ووقعت الجرَّة.

– هدا كل حكيك معها؟

– آه، شو بدك أكتر من هيك؟

– عافاك يا شاطر! هيك يكون الغرام والمغازلة ولَّا بلاش! والله مجنون ليلى ما سبقك.

– الله يخليك يا ابو الاجران، حاجة تقعد تتهكَّم عليَّ، أنا يا عمي قلبي ضعيف بها المسائل، والله بهجم على طابور عسكر لو لزم الأمر، ولكن بها المسائل عدمان العافية، كلمة واحدة ما بقدر بحكيها، بتلاقيني صرت أرجف متل الورقة، وقلبي صار يدق وبطَّاتي صاروا يلقُّوا.

– فإذًا على هالحال موش رح تتزوَّج. لازم تقوِّي قلبك يفضح حريشك! شوف المعزة ليلة عيد مار سركيس كيف بيقيموا الأفراح والليالي الملاح، تشَبَّه على الأقل فيهُن.

– كتَّر خيرك يا عمي يا ابو الاجران. شو بدِّي قول لك؟ ما اسمك إلَّا متل خيِّي الكبير، ما بيسايل عا سلامتك.

– منيح! يا تقبرني، لا تاخذ عا خاطرك، أنا بدِّي منشانك. وأخيرًا شو عملت؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤