الفصل الثالث

دفنات الكلاب

دفنات الكلاب

يُعَد الكلب من أول الحيوانات البرية التي استأنسها المصري القديم،١ وتنتمي الفصيلة الكلبية إلى Canis Lupus الذي كان موجودًا في العصر الحجري القديم الأعلى في مصر، وانحدرت منه الكلابُ البرية Lycaon Pictus، وتُعَد الكلاب من أقدم الحيوانات التي تم استئناسها في مصر Canis Familiaris لمصاحبتها للإنسان ومساعدته في رحلات الصيد،٢ ويؤرَّخ أولُ أدلة معرفة استئناس الكلب في مصر، بالعصر الحجري الحديث، حيث معرفةُ الزراعة، والاستقرار، لا سيما في مرمدة بني سلامة.٣
وكان الاهتمامُ بتربية واستئناس الكلاب في البداية لمساعدة الإنسان، وحمايته … وشيئًا فشيئًا، انتقلت الأهمية الدنيوية للكلاب إلى نوعٍ من الرمزية العقائدية، ومن ثمَّ بدأ الاهتمام بدفن الكلب بالقرب من صاحبه،٤ ولقد اتضح ذلك بشدة منذ العصر الحجري النحاسي.٥
ولو أنَّنا تتبَّعنا ما عُثر عليه من دفنات للكلاب، لوجدنا أنها تنوَّعت ما بين:
  • (١)

    دفنات فردية.

  • (٢)

    دفنات مزدوجة.

  • (٣)

    دفنات جماعية.

  • (٤)

    دفنات حيوانية ملحقة بمقابرَ آدمية.

  • (٥)

    دفنات حيوانية وآدمية معًا.

الدفنات الفردية

وضَح الاهتمام بدفن الكلاب منذ العصر الحجري النحاسي؛ ففي البداري عُثر على العديد من دفنات الكلاب التي اتَّبعت نفس عادات وأوضاع الدفن البشرية؛ فعند حافة جبَّانة البداري عُثر على دفنة لكلب، جاء منفصلًا عن المقابر الآدمية.٦
وفي جبَّانة «تاسا - المستجدة» عُثر على دفنة لكلب، وذلك في المقبرة رقم ٣٥٠٠، كان الكلب فيها راقدًا على جانبه الأيمن، مكفَّنًا بالحصير.٧ وفي المقبرة رقم ٥١١٣ بالجبَّانة رقم ٥١٠٠ التي تقع شمال البداري، عُثر على دفنة أخرى لكلب، وذلك عند الحافة الشرقية من الجبَّانة، كان الكلب راقدًا على جانبه الأيمن، رأسه إلى الجنوب، وكان مكفَّنًا أيضًا بالحصير.٨
وفي عصرِ ما قبل وقبيل الأسرات (نقادة III-I)، توالى العثورُ على العديد من دفنات الكلاب؛ ففي المقبرة رقم ٣١٢٨ بجبَّانة بالقرب من مطمر، عُثر على دفنة لكلب، في حفرة بيضاوية كبيرة، وبنهايتها الشمالية عُثر على بقايا خشبية ربما تشير إلى تابوتٍ أو صندوقٍ خشبي خاص بالكلب. كان الكلب قد زُوِّد ببعض المتاع الجنائزي، وكذلك وُضِعت معه كتف وساق أمامية لثور أو بقرة، ربما كقربان.٩ وفي الجبَّانة B بالعبادية بدسبوليس بارفا منطقة «هو» عُثر على الدفنة رقم ١١٩.
التي عُثر فيها على جمجمة كلب تَبين من دراستها أنها جزءٌ من دفنة كاملة لكلب، لم يتبقَّ منه سوى الجمجمة، لتعرُّض المقبرة للتدمير، ولقد زُوِّدت المقبرة ببعض المتاع الجنائزي.١٠
وفي العضايمة١١ عُثر على دفنة لكلب في حفرةٍ بالقرب من الموقع السكني، وذلك ضمن مجموعة من الدفنات الحيوانية.١٢
أما في جبَّانة المعادي ووادي دجلة، فكان لدفنات الكلاب تواجدها وانتشارها بهما خلال عصرِ ما قبل وقبيل الأسرات، ففي القطاع رقم ٥ من جبَّانة وادي دجلة، عُثر على دفنات لكلاب، تتوسَّط المقابر الآدمية — كلُّ دفنة على حدة — دُفنت فيها الكلاب على غِرار الدفنات الآدمية، وزُوِّدت بالمتاع الجنائزي،١٣ وقد عُثر على دفنةٍ لكلب بالغ، وذلك في المقبرة رقم WD5 بوادي دجلة، كان الكلب فيها راقدًا على الجانب الأيسر، رأسُه إلى الجنوب، وزُوِّدت الدفنة ببعض المتاع الجنائزي.١٤ الشكل رقم ٧-٣٠، هذا بخلاف الدفنة رقم WD1، ورقم WD6، اللتين عُثر فيهما على اثنتين من دفنات الكلاب، جاءت على غِرار الدفنة رقم WD5.١٥ الشكل رقم ٧-٣١.
وقد عُثر على دفنةٍ لكلب عند حافة النهاية الغربية لجبَّانة المعادي إلى الشمال قليلًا من المقابر الآدمية — إلى الشمال منها— كان الكلب راقدًا بداخل حفرة صغيرة على جانبه الأيمن، ولم يكن مزودًا بقرابين، وبدراسة هيكله العظمي، تبيَّن أنه لكلبٍ صغير الحجم، ضعيف البنية، وهو من نفس نوعية الكلاب الحالية.١٦
هذا، وعلى أطراف الجبَّانة عُثر على دفنات لكلاب كان قد وضعها أهل المعادي داخل جِرار، وهو تقليد كان قد عُرف في حالة الدفنات الآدمية، مما يدُل على مدى الأهمية التي حظيت بها الكلاب لدى أهل المعادي، وتُعد جبَّانة المعادي في هذا التقليد شبيهةً بجبَّانة نقادة.١٧
ومن الجدير بالذكر أنه قد عُثر على دفنات كلاب أيضًا في الموقع السكني بالمعادي،١٨ مما يدُلُّ على أهمية الكلاب لدى أهل المعادي دنيويًّا وجنائزيًّا.
هذا، وعُثر في جبَّانة وادي دجلة على دفنةٍ لكلب، جاء هيكله العظمي كاملًا، ومن دراسته تبيَّن أنه من فصيلة الكلاب المعروفة باسم Canis Familiaris Aegyptica، وقد كان حجم الكلب في هذه الدفنة أكبرَ من حجم كلب جبَّانة المعادي، وتُؤرَّخ الدفنة بعصرِ ما قبل الأسرات.١٩
أما في جبَّانة هليوبوليس٢٠ فقد عُثر على خمسٍ من دفنات الكلاب، كانت ترقد في مجموعتين منفصلتين في صفَّين اثنين على جانب، وثلاثة على الجانب الآخر، اختلفت اتجاهاتُ دفن هذه الكلاب، وكذلك طريقة وكيفية الدفن،٢١ وفي المقبرة رقم ٣٨ بجبَّانة هليوبوليس عُثر على دفنةٍ لكلب بحالة سيئة جدًّا من الحفظ، كان راقدًا على جانبه الأيمن، وكانت طريقة دفنه غريبة؛ إذ جاء ملفوفًا مع بعضه البعض في وضعٍ أسطواني، وعُثر معه على كسرةٍ فخارية.٢٢ وفي المقبرة رقم ٣٩ عُثر على دفنة لكلبٍ كان راقدًا على جانبه الأيسر في وضعٍ منكمش، لم يكن مزودًا بالمتاع الجنائزي فيما عدا بقايا نباتية على نفس مستوى أرضية الدفن٢٣ ربما كقربان، الشكل رقم ٧-٣٢. بينما عُثر في المقبرة رقم ٤٠ على دفنةٍ لكلب فُصلت عنه الجمجمة، ولكنها كانت معه بنفس الدفنة، كان هذا الكلب أقلَّ استطالةً عن غيره من الكلاب، وكانت سيقانه مربوطة معًا على ما يبدو؛ إذ كانت قريبة جدًّا من بعضها البعض، بل تكاد تكون منغلقة على بعضها من شدة الاقتراب، كان الكلب راقدًا على الجانب الأيمن ولم يكن مزودًا بالمتاع الجنائزي فيما عدا كِسَرًا فخارية، ويبدو أنه كان مكفَّنًا، ويُرجَّح أن يكون هذا الكلب قد قُتل عن عمد؛ نظرًا لأنَّ أقدامه كانت مربوطة معًا، كما فُصل الرأس عن الجسم كما ذكرتُ.٢٤ الشكل رقم ٧-٣٣.
وفي المقبرة رقم ٧-٤٣، عُثر على دفنةٍ لكلب بلا متاع جنزي، كانت بقاياه العظمية في حالة سيئة من الحفظ، فلم يتبيَّن بعدُ كيفية الدفن، أما المقبرة رقم ٤٢، فقد عُثر فيها على دفنة لكلب كان جيد الحفظ؛ إذ كان هيكله العظمي لا يزال تلتصق به أجزاءٌ من الجلد، كان الكلب راقدًا على جانبه الأيسر، رأسه اتَّجه إلى الشمال الشرقي وكان ملفوفًا على بعضه البعض في وضعٍ أسطواني، ولم يكن معه متاع جنائزي عدا بعض القواقع.٢٥
ومن خلال هذه المقابر تبيَّن كيف كانت دفنات الكلاب بهليوبوليس صغيرةَ الحجم، وكيف كانت قريبةً من سطح الأرض، ولربما كان ذلك مرجِعه إلى صِغَر حجم الكلاب، وإلى طبيعة أرض الجبَّانة.٢٦
وفي العصر العتيق عُثر على العديد من دفنات الكلاب؛ ففي الجبَّانة الملَكية بسقارة، عُثر بالقرب من المقبرة رقم ٣٥٠٧ التي تُؤرَّخ بعصر الملك أوديمو،٢٧ على دفنةٍ لكلب كان راقدًا على جانبه الأيسر، مكفَّنًا بالحصير، ويُعتقد أنَّ هذه الدفنة، إنما هي دفنة فرعية ملحقة بالمقبرة الأصلية رقم ٣٥٠٧ الخاصةِ بالملِكة حرنيت، وقُصد بها أن يصبح الكلب حارسًا للمقبرة.٢٨ الشكل رقم ٧-٣٤. وفي أبو صير٢٩ عُثر في المقبرة رقم ٢ في الجبَّانة، على دفنة لكلب، كان قد عُثر عليه في قاع بئر عميقة بالجزء الجنوبي الغربي من المقبرة، كان الكلب كبيرَ الحجم، ومن المحتمل أنه كان الكلب المفضَّل للعائلة، فاستُحبَّ دفنه في المقبرة بالقرب منهم، ويبدو أنه كان له مكانته أيضًا لديهم؛ إذ عُثر معه على بعض المتاع الجنائزي.٣٠ وفي حلوان، عُثر على كثير من دفنات الكلاب التي جاءت مدفونةً في توابيتَ خشبية، وكانت قد زُوِّدت في كثير من الأحيان ببعض الأواني الفخارية؛ إذ كان يُعتقَد أنَّ هذه الحيوانات ستُبعث مثلهم، ولا بد من تزويدها بالمتاع الجنائزي.٣١ الشكل رقم ٧-٣٥.
ولقد ساعد جفاف المنطقة على الحفاظ على أجسام الحيوانات التي كُفِّنت بالجبَّانة؛ ففي المقبرة رقم 667H5 عُثر على دفنة لكلب جاء هيكله العظمى كاملًا وسليمًا، كان الكلب راقدًا في وضعٍ منكمش، اتجه رأسه إلى الجنوب، وكان قد دُفن في تابوت خشبي،٣٢ مما يدُل على اعتزازِ أصحابه به. الشكل رقم ٧-٣٦. وفي هيراكونبوليس عُثر على دفنةٍ لكلب وضحت شكل جمجمته في الشكل رقم ٧-٣٧.
أما في النوبة فلقد عُثر على خمسٍ وثلاثين دفنة لكلابٍ تنوَّعت ما بين دفنات فردية، ومزدوجة وجماعية، أُرِّخَت جميعًا بالفترة المسمَّاة A-group؛ أي ما يوازي العصر العتيق في وادي النيل ودلتاه. ففي الجبَّانة ١٧أ بخوربهان،٣٣ عُثر على سلسلة رائعة من دفنات الكلاب التي لم يتكرَّر وجودُها بهذه الكيفية في جبَّانة أخرى، ويبدو من طبيعة الدفنات أنَّ الكلاب لم تَمُتْ مِيتةً طبيعية، وإنما ضُحيَّ بها أو قُتلت بطريق العمد؛ ففي المقبرة رقم ٤ عُثر على دفنة لكلب كانت جمجمته محطَّمة.٣٤ وفي المقبرة رقم ٤:٢٢ عُثر على دفنة لكلب جاء في وضعٍ منكمش، راقدًا على جانبه الأيمن، بينما اتجه رأسه إلى الشمال الشرقي، كان الكلب مكفَّنًا، وكان قد وُضِع حول عنقه طوقٌ من الجلد، وتكرَّر الوضع نفسُه في المقبرة رقم ٨:٢٣ التي عُثر فيها على دفنةٍ لكلب كان معتنًى به جدًّا.٣٥
أما في المقبرة رقم ١١ فقد عُثر فيها على دفنة لكلب جاء في وضعٍ منكمش، وكانت جمجمته مفقودة ولم يكن مزوَّدًا بقرابين٣٦ وكذلك عُثر في المقبرة رقم ٩١ على دفنةٍ لكلب جاء راقدًا على جانبه الأيسر، ورأسه على الشمال الشرقي.٣٧
أمَّا في الجبَّانة رقم ٧أ، التي تقع على الضفة الشرقية للنيل بالنوبة السفلى، فقد عُثر على العديد من دفنات الكلاب، حوالي اثنتي عشرة دفنة — تنوَّعت ما بين فردية ومزدوجة وثلاثية — ففي المقبرة رقم ٢٢٣ عُثر على دفنة لكلب كان راقدًا على جانبه الأيسر، وكانت جمجمته مفقودة، اتَّجه الجسم من الشمال إلى الغرب، والوضع نفسُه تكرَّر مع دفنة أخرى لكلب في المقبرة رقم ٢٢٤، كانت أيضًا جمجمته مفقودة، ولم يكن مكفَّنًا.٣٨

الدفنات المزدوجة

كثيرًا ما عُثر على دفناتٍ مزدوجة للكلاب، وُجِدت إما منفصلة عن المقابر الآدمية، أو ملحقة بها؛ ففي جبَّانة المحاسنة عُثر في المقبرة رقم H23 على دفنةٍ لاثنين من الكلاب، كانا قد دُفنا وكُفِّنا بالحصير وكانا موسدَين على الظهر، بينما وُضعت على رأسيهما أشياءُ تُقارب في شكلها تقليدًا لحُزمة ثوم مغطَّاة بالطَّفْل الأبيض، كان الكلبان قد أُلحقا بالمقبرة رقم ٢٣، وهي مقبرة آدمية لرجلٍ كان راقدًا في تابوتٍ خشبي، وإلى الغرب من هذا التابوت عُثر على الكلبين — فهي إلى جانب كونها دفنةً كلبية مزدوجة، هي أيضًا دفنةٌ آدمية وحيوانية معًا — زُوِّدت الدفنة ببعض الأسلحة والمتاع الجنائزي، ولربما كانت هذه المقبرة لأحد عظماء المحاربين أو الصيادين، حيث إنه لم تُدفَن معه كلابه فقط وإنما أسلحته أيضًا.٣٩ الشكل رقم ٧-٣٨.
وفي بلاص، عُثر في المقبرة رقم ٣٩٤ على دفنة مزدوجة، لكلب وغزال، كانا قد وُجِدا مع دفنة آدمية تُؤرَّخ بعصر نقادة I، كانت حالة المقبرة سيئة للغاية.٤٠
وفي المقبرة رقم ٦ بجبَّانة هيراكونبوليس عُثر على دفنة لكلب كان معه بقايا عظمية لحمار.٤١
وفي النوبة عُثر في الجبَّانة ١٧أ بخوربهان على دفنة مزدوجة لاثنين من الكلاب، وذلك في المقبرة رقم ٣٦، الشكل رقم ٧-٣٩، كان قد وضح في الكلبين آثارُ القتل العمد. وتكرَّرت مثل هذه الدفنة المزدوجة في المقبرتين رقم ٦٧، و٧٧ بالجبَّانة؛٤٢ إذ عُثر في المقبرة رقم ٦٧ على اثنين من الكلاب، كُفِّنا بالحصير وأُحيطت أعناقهما بأطواق من الجلد، بينما في المقبرة رقم ٧٧ عُثر على اثنين آخرين من الكلاب، كانت جماجمهما مفقودة، ولم يُعثر معهما على أيٍّ من المتاع الجنائزي، وكانا راقدين على الجانب الأيمن، بينما اتجه رأساهما إلى الجنوب. وفي المقبرة رقم ٦٩ عُثر على كلبين، كانا قد رقدا على الجانب الأيمن، بينما اتجه رأساهما إلى الشمال الشرقي، ولم يزوَّدا بقربان،٤٣ وتُؤرَّخ هذه الدفنات بالفترة A-group؛ أي ما يوازي العصرَ العتيق في وادي النيل.٤٤
أما الجبَّانة رقم ٣٠ بوادي قمر، فقد عُثر فيها على دفنة مزدوجة، وذلك في المقبرة رقم ٣٦، اشتملت المقبرة على كلبين كانا راقدَين على الجانب الأيسر، أحدهما كان راقدًا بين ساقي الآخر، وكانا قد كُفِّنا بالحصير وأُحيطت أعناقها بأطواقٍ جلدية، ولا شكَّ أنَّ ذلك دليلٌ على ثراء الدفنة ومدى الاعتناء بها، وتُؤرَّخ الدفنة بعصر بداية الأسرات.٤٥
وفي الجبَّانة ٧أ بالنوبة السفلى، عُثر على العديد من الدفنات المزدوجة؛ ففي المقبرة رقم ٢٣١ عُثر على كلبين كانا قد اتَّجها نحو الشمال الغربي ولم يكونا مكفَّنين، ولم يُزوَّدا بالمتاع الجنائزي.٤٦ وفي المقبرة رقم ٢٥٥ عُثر على دفنة مزدوجة، لكلبٍ ومعه هيكل ماعز، كان الكلب قد دُفن بين ساقَي الماعز، وكان رأسه متجهًا نحو الغرب.٤٧ الشكل رقم ٧-٤٠. هذا، ولقد عُثر على شبيه هذه الدفنة اللافتة للنظر في الجبَّانة رقم ٢٣ بمنطقة دابود؛ إذ عُثر في المقبرة رقم ٥٨ على دفنة مزدوجة لكلبٍ وشاةٍ،٤٨ وربما كان الجمع بين الحيوانين في مثل هاتين الدفنتين دليلًا على اعتبارهما من الحيوانات المحبَّبة لدى أصحابها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، دليلًا على وجودِ صلة من نوعٍ ما تربط ما بين هذين الحيوانين، قد تكون صلةً مادية متمثِّلة في الرعي على اعتبار أنَّ استخدام الكلب في الرعي من الأمور المعروفة، والاعتماد عليه في المساعدة على حراسة المَعْز، من الأمور التي لا تزال قائمةً حتى اليوم (وترجِّح الدارسة هذا الرأي)، وقد تكون صلةً عقائدية تربط بين هذين الحيوانين، كاثنين من القوى الإلهية الرمزية، أو كنوع من الأضاحي الحيوانية التي يُرجى بها التقرُّب من الإله.

الدفنات الجماعية

توالى العثورُ على دفنات الكلاب الجماعية، وكان للبداري أيضًا السبق في ذلك؛ ففي القطاع E من جبَّانة البداري، عُثر في المقبرة رقم ٢٠٦ على واحدةٍ من أروع دفنات الكلاب المكتشفة، التي جاءت بطريقةِ دفن مخالفة عما سبق ذكره؛ إذ كانت الدفنة أشبهَ بمقبرة جماعية لمجموعة من الكلاب، جاءت عظامها مجمَّعة معًا، ومكدَّسة أسفل ثلاث كتل حجرية كبيرة، وبدراستها تبيَّن أنها لحوالي خمسة عشر كلبًا على مساحة حوالي أربعة أقدام، ولعل اللافت للنظر أيضًا في هذه الدفنة، هي المرحلة العمرية التي بلغتها تلك الكلاب عند دفنها، فبعضها ثبَت أنه لكلابٍ بالغة، والبعض الآخر كان لكلاب متوسطة العمر، ومنها ما كان لكلاب صغيرة — جرو — أي إنَّ عمر الكلاب المدفونة هنا، بدأ من مرحلة الكلاب البالغة، وانتهى بمرحلة الجرو الصغير. كانت الجماجم سليمة، ولم يكن هناك اتجاه محدَّد في الدفن، ولم يتم بعدُ التوصُّل إلى معرفة وسيلة قتل هذه الحيوانات، وإن كان «برنتون» يرجِّح أنَّ هذه الدفنة إنما هي لكلبةٍ وصغارها، ماتت عُقب ولادتها، وخاصة أنه لم يلاحظ وجودَ آثار القتل العمد فيها.٤٩
ولا ندري، أهل كانت تلك الدفنة مقصودةً لغرض معيَّن، وما هو هذا الغرض، وما هي الطريقة التي قُتلت بها هذه الكلاب؟ هذا … وتؤكِّد «باومجرتل» على أنَّ الدفنة الأولى لم يكن فيها متاع جنزي، وأنَّه عُثر في الهمامية على دفنةٍ لكلاب مشابهة اكتشفتها «كاتون طومسون»،٥٠ إلا أنَّ الدفنة الأولى التي عُثر عليها في جبَّانة البداري تميَّزت عن الثانية بوجود الكتل الحجرية الثلاث التي عُثر عليها أعلى الدفنة، والتي لم يُعثر على مثلها بالموقع، ومن المحتمَل أنها كانت موضوعةً عن قصد في هذا المكان لتشير إلى الدفنة الحيوانية الموجودة أسفلها. «كشاهد قبر مثل شواهد القبور الآدمية».
وفي الجبَّانة T بنقادة، عُثر على دفنة اشتملت على عظام حوالي عشرين كلبًا، كانت الدفنة الجماعية عبارةً عن حفرة جاءت على غِرار دفنة البداري والهمامية، كُدِّست فيها عظام الكلاب بطريقة مقصودة، وتُعد هذه الدفنة الجماعية من الحالات الاستثنائية بالجبَّانة، ويرى د. عبد العزيز صالح أنَّ المصري القديم كان يهتم بدفنِ ما كان يقدِّمه كقربان بأسماء أربابه في مناسبات خاصة، وقد يشهد بذلك مثل هذه الحفرة المكدَّسة بالعظام الحيوانية.٥١
وفي هيراكونبوليس، عُثر على العديد من دفنات الكلاب؛ ففي المقبرة رقم ٢ عُثر على بقايا عظمية لثلاثة من الكلاب البالغة. وفي المقبرة رقم ٥ عُثر على دفنة جماعية لِما لا يقلُّ عن سبعة من الكلاب، جاءت عظامها مختلطة معًا، وعُثر بالدفنة على أجزاءٍ من الكتان، مما يشير إلى وجود نوع من التكفين، وكانت هذه الدفنة الحيوانية الجماعية بمثابة دفنة فرعية ملحقة بمقبرة آدمية مزدوجة لشخصٍ بالغ وصبي صغير، وتُؤرَّخ الدفنة بعصرِ ما قبل الأسرات.٥٢
هذا، وقد عُثر في المقبرة رقم ١٤ بالجبَّانة HK6 على دفنةٍ أخرى تُؤرَّخ بنقادة IC-II، كانت قد اشتملت على حوالي سبعةٍ من الكلاب، جاءت بقاياها العظمية مختلطة معًا، ولقد عُثر في الموقع ٦٨ بالجبَّانة على دفنات لكلاب تُؤرَّخ بعصرِ ما قبل الأسرات أيضًا،٥٣ وكانت السِّمة الغالبة على دفنات الكلاب بجبَّانة هيراكونبوليس هي السِّمةَ الجماعية.
وفي واحدةٍ من الدفنات الفرعية الملحقة بالمصطبة رقم ٣٠٣٥ والتي تُؤرَّخ بعصر الملك أوديمو، عُثر على دفنة جماعية، اشتملت على سبعةٍ من الكلاب، كُفِّن كلٌّ منها بالقماش ووُضِع في تابوت خاص به، وزُوِّدت الدفنة ببعض المتاع الجنائزي، والغريب أنه كان قد عُثر معهم على «دفنة آدمية» لرجلٍ مكفَّن بالكتان، ولم يكن موضوعًا في تابوت،٥٤ كما هو الحال مع دفنات الكلاب، ولربما كانت الكلاب في هذه الدفنة تشير إلى اعتبارها حرَّاسًا كثيرين للمصطبة أو المقبرة. وفي النوبة، عُثر في المقبرة رقم ٢٠ من الجبَّانة ١٧أ بخوربهان على دفنةٍ اشتملت على ثلاثة من الكلاب، لم يكن لها اتجاهٌ محدَّد في الدفن، بينما في المقبرة رقم ٢٦ عُثر على خمسة من الكلاب تنوَّعت أيضًا اتجاهات دفنها.٥٥
وفي الجبَّانة ٧أ عُثر في المقبرة رقم ٢٥٢ على دفنة، اشتملت على ثلاثة من الكلاب، كانوا قد رقدوا على جانبهم الأيسر، بينما اتجهوا إلى الشمال الشرقي، بلا تكفين، وبلا متاع جنائزي،٥٦ الشكل رقم ٧-٤٠، ذلك بخلاف المقبرة رقم ١٧ بجبَّانة النوبة أيضًا التي عُثر فيها على دفنةٍ جماعية لمجموعة من الكلاب، شكل ٧-٤١.

دفنات حيوانية ملحقة بمقابر آدمية

ويُقصد بها دفنات الكلاب التي جاءت عن عمد ملحقةً بدفنة آدمية بعينها، وذلك كما جاء في المقبرة رقم ٥ بجبَّانة هيراكونبوليس، حيث عُثر على دفنةٍ جماعية لسبعة من الكلاب، كانت قد وُجِدت في دفنة فرعية ملحقة بمقبرة آدمية مزدوجة لشخصٍ بالغٍ وصبيٍّ صغيرٍ، وكان قد حدث خلط ما بين الدفنة الآدمية والحيوانية، ربما لتعرُّض المقبرة للسلب والنهب من قِبل اللصوص، وتُؤرَّخ الدفنة بعصر نقادة Ic- IIa.٥٧
وكذلك الأمر في حالة المقبرة رقم ١٤ بالجبَّانة HK6، التي عُثر فيها على دفنةٍ فرعية لسبعة من الكلاب، كانت قد أُلحقت بمقبرة آدمية أيضًا.٥٨
وفي العصر العتيق توالى العثورُ على مثل هذه الدفنات الفرعية، فبالقرب من المقبرة الملَكية الكبيرة للملك خع سخموي، عُثر على دفنة فرعية هامة، اشتملت على امرأة وقَزَم وكلب.٥٩ واستمرَّ تواجدُ دفنات الكلاب في الجبَّانات الملكية في تلك الفترة؛ ففي سقارة عُثر في المقبرة رقم ٣٨: ٣٥٠٤، التي تُؤرَّخ بعصر الملك واجي، ثالثِ ملوك الأسرة الأولى، على دفنةٍ فرعية لكلبٍ كان ملحقًا بمقبرة آدمية،٦٠ الشكل رقم ٤١. بينما بالقرب من المقبرة رقم ٣٥٠٧ بسقارة التي تُؤرَّخ بعصر الملك أوديمو، عُثر على دفنة فرعية لكلب، كان راقدًا على جانبه الأيسر، ومكفَّنًا بالحصير، ويُعتقد أنَّ الكلب هنا كان حارسًا للمقبرة؛ لأنه دُفن بالقرب من مدخلها.٦١
هذا، وقد عُثر على عددٍ من الدفنات الفرعية في صفٍّ إلى الشرق من المصطبة رقم ٣٠٣٥ بسقارة، التي تُؤرَّخ بعصر الملك دن. ولربما كانت الكلاب في هذه الدفنات تشير أيضًا إلى اعتبارها حرَّاسًا كثيرين للمصطبة.٦٢
وبالقرب من مدخل مصطبة الملِكة حر-نيت بسقارة، عُثر على دفنة لكلب، وتُعد هذه الدفنة من الدفنات ذات الدلالة الرمزية الواضحة، فوضْعُ ومكانُ الدفنة يفسِّران طبيعتها؛ إذ توحي بأنَّ الكلب في تلك الدفنة كان بمثابة كلب حراسة يمنح الحمايةَ للملكة.٦٣ راجع الشكل رقم ٧-٣٤.

دفنات حيوانية وآدمية معًا

كثيرًا ما عُثر على دفناتٍ لكلاب، حرص أصحابها على وضعها معهم بالمقبرة، ربما كنوع من الاعتزاز بها؛ ففي المقبرة رقم H23 بجبَّانة المحاسنة التي سبق ذكرُها مع الدفنات المزدوجة، عُثر على اثنين من الكلاب، كانا قد دُفنا مع صاحب المقبرة الذي عُثر على دفنه داخل تابوت خشبي، بينما إلى الغرب من هذا التابوت، كان الكلبان موسدَين على الظهر.٦٤
وكذلك الأمر في المقبرة رقم ٣٩٤ ببلاص، التي عُثر فيها على دفنةٍ مزدوجة لكلب وغزال، كانا قد وُجدا مع دفنةٍ آدمية تُؤرَّخ بنقادة I، والمقبرة رقم ٢٨٦ ببلاص أيضًا التي عُثر فيها على جمجمة كلب، كانت قد دُفنت بالقرب من صاحب المقبرة، ولم يتضح بالجمجمة وجودُ أيِّ تفاصيل يُستدَّل منها على ما إذا كانت الجمجمة جزءًا من دفنة كاملة. وفي منطقة العمرة، عُثر على دفنةٍ لكلب، كان قد دُفن مع صاحبه، ربما كي يكونَ برفقته في العالم الآخر.٦٥
وعن دفنات الكلاب التي عُثر عليها في عصر بداية الأسرات، فقد جاءت بطريقةٍ مُعتنًى بها، على غِرار الدفنات الآدمية؛ ففي أبيدوس عُثر على مقبرةٍ اشتملت على دفنةٍ لكلب، كان قد وُضِع في صندوق عند أقدام المتوفَّى، ووُضِع بالقرب من الصندوق بعضُ الأواني الفخارية.٦٦ هذا بخلاف الدفنة الفرعية الملحقة بالمقبرة الملكية الكبيرة للملك خع سخموي، التي تُعتبر أيضًا في حدِّ ذاتها، دفنةً آدمية وحيوانية معًا؛ إذ كانت قد اشتملت على دفنةٍ لامرأة وقَزَم وكلب.٦٧ وعُثر كذلك على مقبرةٍ أخرى، تُؤرَّخ بعصر الأسرة الأولى بأبيدوس. اشتملت على دفنةٍ لكلب، كان قد عُثر عليه مدفونًا مع صاحبه، وكان كلٌّ من الكلب وصاحب المقبرة قد زُوِّدا بلوحاتٍ حجرية تحمل اسميهما.٦٨ ولا شكَّ أنَّ ذلك دليلٌ واضح على أهمية ومكانة هذا الكلب لدى صاحبه.
ولقد تكرَّر العثور على مثل تلك اللوحة التي تحمل اسم الكلب المدفون بالمقبرة؛ إذ عُثر على أربع لوحات حجرية منقوشة، تُؤرَّخ بعصر الملك دن — أي إنَّها لوحات حجرية ملكية — كانت تحمل أسماءَ كلابٍ كانت قد دُفنت على ما يبدو بطول مقابر أفراد العائلة الملكية التي كانت مقابرهم عبارةً عن حجراتِ دفنٍ متتابعة حول المقبرة الملَكية بأبيدوس.٦٩
وأخيرًا، ففي الجبَّانة رقم ٧٩ من منطقة جرف حسين عُثر على الدفنة رقم ١٤٤ التي اشتملت على كلبٍ كان قد وُجد في فجوةٍ صغيرة عند نهاية المقبرة الآدمية، على بُعد حوالي ٣٥سم أعلى مستوى سطح أرضية الدفن.٧٠

التكفين

كان قد وضَح الاهتمامُ بتكفين الكلاب في العديد من الدفنات. وقد تنوَّعت موادُّ التكفين واختلفت ما بين الحصير، والجلد والكتان. وإن كان الحصير هو أكثرَ المواد استخدامًا في التكفين، ولقد وضَح ذلك بشدة منذ العصر الحجري النحاسي؛ ففي البداري عُثر على العديد من دفنات الكلاب التي اتَّبعت نفس عادات وأوضاع الدفن البشرية؛ إذ كان الحيوان يُكفَّن ويُلفُّ بالحصير،٧١ وذلك كما في المقبرة رقم ٣٥٠٠ بجبَّانة البداري، التي عُثر فيها على دفنةٍ لكلب كانت معه بقايا حصير، والدفنة رقم ٥١١٣، التي عُثر فيها على دفنةٍ لكلب كان مغطًّى أيضًا بالحصير.٧٢ ولقد نَسب «برنتون» إلى البداريين عادةَ تكفين الكلاب بالحصير — والكتان — شأنُها شأنُ بني الإنسان.٧٣
وفي جبَّانة المحاسنة، عُثر على اثنين من الكلاب كانا قد كُفِّنا بالحصير، وذلك في المقبرة رقم H23 التي تُؤرَّخ بعصرِ ما قبل الأسرات،٧٤ كما عُثر كذلك على بقايا حصير في الدفنة رقم ٤٠ بجبَّانة هليوبوليس.٧٥
ولقد استمرَّ التكفين بالحصير خلال العصر العتيق؛ فقد كان الكلب الذي عُثر عليه في المقبرة رقم ٣٥٠٧ بسقارة مكفَّنًا بحصير من ألياف النخيل.٧٦
أما المقبرة رقم ٤:٢٢ بجبَّانة خوربهان ١٧أ، فقد جمعت بين الحصير والكتان في طريقة التكفين؛ إذ كان الكلب بها مكفَّنًا بالحصير والكتان، وتكرَّر الوضع نفسُه في المقبرة رقم ٨:٢٣ بالجبَّانة.٧٧ أما الكتان، فلقد رأينا مسبقًا كيف كان للبداريين السَّبقُ في تكفين الكلاب بالكتان٧٨ — والحصير — واستمرَّ التكفين بالكتان؛ إذ عُثر في المقبرة رقم ٥ بهيراكونبوليس على أجزاءٍ من الكتان، تشير إلى وجودِ نوع من التكفين.٧٩ وعُثر على العديد من دفنات الكلاب التي كانت قد كُفِّنت بالكتان، وذلك في دفنات الكلاب الفرعية التي جاءت إلى الشرق من المصطبة رقم ٣٠٣٥ بسقارة، التي تُؤرَّخ بعصر الملك دن؛ إذ كان قد عُثر على سبعةٍ من الكلاب، كُفِّن كلُّ كلب منها بالقماش.٨٠
وأحيانًا ما كُفِّنت الكلاب بالجلد، ووضَح ذلك في المقبرة رقم ٣٦ بالجبَّانة رقم ٣٠ بوادي قمر، التي عُثر فيها على كلبين كانا قد كُفِّنا بالجلد، وأُحيطت أعناقهما بأطواقٍ جلدية، دلَّت على مدى ثراء الدفنة، ومدى الاعتناء بها، وتُؤرَّخ هذه الدفنة بعصر بداية الأسرات.٨١
هذا، ولقد بلغ حدُّ الاعتناء بالكلاب، أن وُضِعت في بعض الأحيان داخل صناديق أو توابيت خاصة بها، وذلك كما جاء في المقبرة رقم ٣١٢٨ بجبَّانة بالقرب من مطمر، التي عُثر فيها على بقايا خشبية ربما كانت تشير إلى تابوت أو صندوق خشبي خاص بالكلب.٨٢ ولقد عُثر في حلوان على كثيرٍ من الكلاب التي جاءت مدفونةً في توابيتَ خشبيةٍ معتنًى بها.٨٣

وجهة الحيوان

تنوَّعت اتجاهات الكلاب ما بين الجنوب والغرب والشرق … إلا أنَّ الغالبية العظمى من الكلاب نجدها قد اتَّجهت بأجسادها من الجنوب إلى الشمال، بحيث تكون رءوسها في الجنوب، وذلك كما جاء في أغلب دفنات البداري، حيث اتجه رأس الحيوان إلى الجنوب،٨٤ وكما جاء أيضًا في الكثير من دفنات كلاب وادي دجلة.٨٥ واستمرَّ ذلك التقليد حتى العصر العتيق؛ إذ جاء الكلب بالمقبرة رقم ٣٥٠٧، بسقارة قد اتجه رأسه إلى الجنوب.٨٦ وكذلك الأمر في حالة الدفنة رقم ٢ بجبَّانة أبو صير، وجدنا أنَّ الكلب فيها قد اتجه رأسه نحو الجنوب.٨٧ وفي النوبة حدَث الأمر نفسُه في الدفنتين رقم ٦٧، ٧٧ بجبَّانة رقم ١٧أ بخوربهان؛ إذ عُثر فيها على اثنين من الكلاب كانا قد اتَّجها برأسيهما نحو الجنوب٨٨
ولربما كان ذلك تقليدًا لما اتُّبع في عادات الدفن الآدمية لدى المصريين في أغلب عصورهم القديمة؛ إذ كانوا يوسِدون المتوفَّى على جانبه الأيسر، بحيث يتجه رأسه إلى الجنوب.٨٩
أمَّا الاتجاه إلى الغرب، فقد وجدناه بوضوح في الدفنة المزدوجة رقم H23. بالمحاسنة؛ إذ التزم الكلبان فيها بالاتجاه الغربي،٩٠ ربما لاعتبارهما حارسَين للمقبرة؛ حارسَين لعالم الغرب — عالم الموتى — حيث غروب الشمس والعالم الآخر. وهذا هو أقربُ التفسيرات إلى الصحة، لا سيما وأن الكلب كان قد ارتبط بخنتي إمنتيو وأيضًا بأنوبيس بعد ذلك في العصور التاريخية.٩١
ووضَح ذلك أيضًا في حالة المقبرة رقم ٣٩ ورقم ٤٠ بجبَّانة هليوبوليس، حيث اتجهت رءوس الكلاب في كليهما نحو الغرب.٩٢ وفي المقبرة رقم 667H5 بجبَّانة حلوان.٩٣
وفي النوبة جاء الالتزام بالاتجاه الغربي في كلٍّ من المقبرة رقم ٢٣١ بالجبَّانة ٧أ، التي عُثر فيها على دفنة مزدوجة لكلبين اتَّجها برأسيهما نحو الشمال الغربي، والمقبرة رقم ٢٥٥ بنفس الجبَّانة، التي عُثر فيها على دفنة مزدوجة لكلب وماعز، اتَّجه رأس الكلب فيها إلى الغرب، وأيضًا المقبرة رقم ١١ التي دلَّ اتجاه جسم الكلب فيها، على وجهة الحيوان، واتجاهه نحو الغرب٩٤
وبالرجوع إلى عادات الدفن الآدمية، يَعتقد تشرني أنَّ توجيه المصريين لوجوه موتاهم ناحيةَ الغرب تأتي من أنَّ الصحراء الشرقية كانت محدَّدة وكانوا يعرفون أنها تنتهي عند البحر الأحمر، وذلك على العكس من الصحراء الغربية التي تغرب الشمس ناحيتها، والتي لم يعرفوا حدودًا لها، شأنها في ذلك شأن الأبدية التي لا حدود لها؛٩٥ وهذا تفسيرٌ مخالف لما سبق ذكره.
وأخيرًا … فهناك الاتجاه إلى الشرق، وقد وضَح ذلك الاتجاه في الكثير من مقابر جبَّانة المعادي ووادي دجلة٩٦ والمقبرة رقم ٤٢ بجبَّانة هليوبوليس،٩٧ وأيضًا في المقبرة رقم٤:٢٢ بالجبَّانة رقم ١٧أ بخوربهان، والمقبرتين رقم ٦٩، ورقم ٩١ اللتين التزمتا بالاتجاه الشرقي — أو الشمال الشرقي — في الدفن،٩٨ وأيضًا المقبرة رقم ٢٥٢ بالجبَّانة رقم ٧أ،٩٩ ولربما كان لذلك الاتجاه علاقة بالشمس وبالديانة الشمسية التي جاءت أدلتها منذ العصر العتيق.١٠٠

المتاع الجنائزي

زُوِّدت العديد من دفنات الكلاب ببعض الأثاث الجنائزي، الذي تمثَّل أغلبه فيما عُثر عليه من أوانٍ فخاريةٍ، وذلك كما جاء في المقبرة رقم ٣١٢٨ بمطمر،١٠١ ورقم ٢٨٦ ببلاص،١٠٢ ورقم ١٥٦ بجبَّانة وادي دجلة، التي عُثر فيها على بعض الكِسَر الفخارية١٠٣ وكلٍّ من المقبرتين رقم ٣٨ ورقم ٤٠ بجبَّانة هليوبوليس اللتين عُثر فيهما أيضًا على بعض الكِسَر الفخارية.١٠٤
وكذلك ما جاء بإحدى الدفنات الفرعية الملحقة بالمقبرة الملَكية الكبيرة للملك خع سخموي التي عُثر فيها على دفنةٍ لكلب زُوِّد ببعض الأواني الفخارية.١٠٥
وكذلك إحدى الدفنات الفرعية التي أُلحِقت بالمصطبة رقم ٣٠٣٥ بسقارة، والتي كانت لسبعةٍ من الكلاب، زُوِّدت بمجموعة من الأواني الفخارية الصغيرة.١٠٦ وكذلك الأمر في جبَّانة حلوان، حيث زُوِّدت الكثير من دفنات الكلاب بها، ببعض الأواني الفخارية؛ إذ كان يُعتقد أنَّ هذه الحيوانات ستُبعَث من جديد، ولا بد من تزويدها بالطعام والشراب والأواني الفخارية.١٠٧ هذا بخلاف جِرَار حفظ النبيذ التي زُوِّدت بها الدفنة رقم ٢ بجبَّانة أبو صير.١٠٨
ونادرًا ما زُوِّدت دفنات الكلاب بأشياءَ أخرى — كمتاع جنزي — ففي المقبرة رقم H23 نجد أنَّ الدفنة قد زُوِّدت بأشياءَ تُقارِب في شكلها تقليدًا لحُزمة ثوم١٠٩ مغطَّاة بالطَّفْل الأبيض،١١٠ ربما كقربان ينتفع به الحيوان. وفي المقبرة رقم ٣٩ بجبَّانة هليوبوليس، عُثر على بقايا نبات بالقرب من وجه الكلب، على نفس مستوى أرضية الدفن. والدفنة رقم ٤٢ بجبَّانة هليوبوليس أيضًا، التي زُوِّدت ببعض القواقع.١١١
وفي حالة واحدة تقريبًا، رأينا كيف زُوِّدت المقبرة رقم H.23 بجبَّانة المحاسنة، ببعض الأسلحة، التي دلَّ تواجدها على أنَّ هذه المقبرة ربما كانت لأحد عظماء المحاربين، الذي دُفنت معه كلابه وأسلحته أيضًا.١١٢
هذا بخلافِ ما عُثر عليه من لوحات حجرية تحمل أسماء الكلاب المدفونة بمقابر أثرياء الأسرة الأولى بأبيدوس، حيث عُثر على أنصاب صغيرة خصَّصها أصحاب المقابر لكلابهم، كانت قد عبَّرت عن رغبة صاحب المقبرة في أن يصحبه كلبه — كحيوان مفضَّل لديه — في حياته الأخرى، كما كان معه في الدنيا،١١٣ وتكرَّر العثور على مثل تلك اللوحات الحجرية، التي تحمل أسماء الكلاب المدفونة؛ إذ عُثر على أربع لوحات حجرية منقوشة، تُؤرَّخ بعصر الملك دن — أي إنَّها لوحات حجرية ملَكية — كانت تحمل أسماءَ كلاب كانت قد دُفِنت على ما يبدو بطول مقابر أفراد العائلة الملكية التي عُثر على مقابرهم في سلسلة من حجرات الدفن المتتابعة التي تحيط بالمقبرة الملكية الخاصة بالملك دن بأبيدوس.١١٤

الغرض من دفنات الكلاب

كانت الكلاب من الحيوانات المفضَّلة لدى المصري القديم؛ فهي الرفيق لأصحابها في الحياة، وكانت أيضًا تُستخدم في أعمال الصيد، والحراسة.١١٥ ولعلَّ العثور على دفناتٍ لها في تلك الفترات المبكرة من التاريخ، يُعَد دليلًا على مكانتها وأهميتها، بل وتقديسها.١١٦
ولقد خضعت دفناتُ الكلاب لتفسيراتٍ عدة؛ إذ فسَّر Houlihan وجودَ دفنات الكلاب بجوار المقابر الآدمية، على أنها كانت بغرضِ الاستفادة منها كحيوانات حراسة، لتقوم بدورها الذي كانت تقوم به في الحياة الدنيا أيضًا في العالم الآخر، ويؤكد ذلك كلٌّ من Friedman وAdams.١١٧ هذا، ولقد اعتُبرت الكلاب بمثابة آلهة حارسة للجبَّانة، وقد ربط بعض الباحثين بين الكلب وابن آوى، باعتباره أحدَ الحيوانات ذات الفصيلة الكلبية، الذي كان يسكن الصحراء بالقرب من الوادي، وكان ذا طبيعةٍ هجوميةٍ سريعةٍ قويةٍ، واشتُهر بمهاجمة الجبَّانات لأكل الجِيَف، فارتبط بعالم الغرب والموتى، واتخذه المصري القديم إلهًا حارسًا للجبَّانة، تجنبًا لشرِّه.١١٨ ويرى علي رضوان أنَّ «ابن آوى» إنما يشير إلى وظيفةٍ أخرى، تختلف عن تلك المعروفة بأنه «حامي وحارس للجبَّانة»؛ فهو يؤَمِّن وصولَ ضوء الشمس إلى العالم السفلي، وأنه المسئول عن جلب النور، أي الحياة،١١٩ باعتبار أنه وب واووت (فاتح الطريق لإله الشمس)، ولعلَّ هذا هو أبلغُ تفسير، لا سيما وأنَّ أكثر دفنات الكلاب التي عُثر عليها، كانت قد التزمت بالاتجاه الشرقي أو الشمالي الشرقي في الدفن، وكأنها تستقبل الشمس، وتؤَمِّن الحياةَ لصاحب المقبرة. وربما يعود تقديس حيوان ابن آوى إلى عصر نقادة الأولى، حيث ظهرت تمائمُ في هيئة ابن آوى، ذلك الحيوان المقدَّس الذي ارتبط بعالم الموتى، وارتبط أيضًا بحماية الموتى وحماية الجبَّانة.١٢٠ ومن ثمَّ، فوجود الكلب في الجبَّانة، كان وجودًا ضروريًّا؛ إذ يوفِّر الحماية والأمان، فكما كان حارسًا أمينًا في الدنيا، فهو الحارس الأمين أيضًا في العالم الآخر.١٢١ هذا، ولقد أوضحت النصوص المصرية القديمة دورَ الكلب في العقيدة المصرية؛ إذ كثيرًا ما أثنَت على سرعة الكلب التي وصفتها بأنها تشبه سرعةَ البرق، فوُصِف بكونه «وب واووت»، أي فاتح الطُّرق، واعُتقد بأنه التمثيل الحقيقي لأنوبيس محنِّط الموتى ومرشدهم.١٢٢
ولقد أوضح كتاب الموتى، كيف كان المصري القديم كثيرًا ما يرجو لنفسه سرعةَ الكلب؛ ففي الفصل ٢٤ تشير إحدى التعويذات إلى تمني أن يصبح الإنسان في سرعة الكلب.١٢٣
١  أشرف زكريا، «التماثيل والتشكيلات الحيوانية والحيوانية الطابع»، ص٥١.
٢  Saied, A. M., Op. Cit., p. 176 .
رضا محمد سيد أحمد، مرجع سابق، ص٦٢.
٣  Brewer, D., and Clark, T., and Phillips, A., Dogs in antiquity, Anubis to Cerberus, the origins of the domestic dog, England, 2001, p. 28 .
٤  سليم حسن، «مصر القديمة»، ج٢، القاهرة، ١٩٩٢م، ص١١٩.
٥  Behrens, H., Op. Cit., p. 75 .
٦  Behrens, H., Op. Cit., p. 75 .
٧  Brunton, G., Mostagedda and Tasian culture, p. 41 .
٨  And Caton-Thompson, The Badarian civilization, p. 7 .
٩  Brunton, G., Matmar, London, 1948; Baumgartel, E. J., The culture of prehistoric Egypt, vol. 2, Oxford, 1959, p. 127; Behrens, H., Op. Cit., p. 76 .
«تجاوزت حدودُ دفنات الكلاب في الجبَّانات البدارية فترةَ ما قبل وقبيل الأسرات؛ إذ عُثر على دفنات ومومياوات للكلاب بكمياتٍ كبيرة، لا سيما في الجبَّانة رقم ٤٠٠ بمنطقة قاو، تنوَّعت فيها دفنات الكلاب ما بين فردية، ومزدوجة مع حيواناتٍ أخرى، أُرِّخت بالعصر البطلمي، وما كان ذلك إلا دليلًا على استمرار أهمية الكلاب طَوال مختلف مراحل العصور التاريخية في مصر القديمة»: Brunton, G., Qau and Badari III, London, 1930, p. 25.
١٠  Petrie, W. M. F., Diospolis parva: the cemeteries of Abadiyeh and Hu 1898-1899, London, 1911, pp. 21, 76 .
١١  تقع العضايمة على الضفة الغربية للنيل، على بُعد حوالي ٨كم جنوب إسنا، و٤٥كم شمال هيراكونبوليس: Crubézy, É.; Janin, T. and Béatrix Midant-Reynes, Adaima, 2 la Nécropole prédynastique, le Cairo, 2002.
١٢  Midant-Reynes, B., and Buchez, N., The predynasticsite of early Egypt, London, 1996, p. 95 .
١٣  Rizkana, I., MaadiIII, p. 77.
١٤  Rizkana, I., Maadi IV, p. 60 .
١٥  Ibid., pp. 59-60 .
١٦  Rizkana, I., Maadi IV, p. 27; Boessneck, J., and Vanden Driesch, A., and Ziegler, R., die tirreste von Maadi und Wadi Digla, in: Rizkana, I., and Seeher, J., Maadi III, p. 103 .
١٧  Rizkana, I., Maadi IV, p. 28 .
١٨  Moustafa, Y. S., “A contribution to the knowledge of animal life in predynastic Egypt,” in: B. F. A., vol. 15, part 2, 1953, p. 210.
١٩  Rizkana, I., Maadi IV, p. 28 .
٢٠  تقع هليوبوليس شمال شرق القاهرة، وتوجد الجبَّانة في النطاق الصحراوي الذي يقع على الجانب الجنوبي الشرقي للجبل الأحمر، وجبل المقطم، على بُعد ٢٠كم شرق النيل.
٢١  Debono, F., “Fouilles: Heliopolis-Trouvailles pré-dynastique,” in: C. D. E., vol. 25, 1952, pp. 234–236; Bray, W., and Trump, D., The penguin dictionary of archaeology, great Britain, 1970, p. 102 .
٢٢  Debono, F., and Mortensen, B., The predynastic cemetery at Heliopolis, Mainz, 1988, p. 17 .
٢٣  Ibid., p. 17 .
٢٤  Ibid., pp. 17, 40 .
٢٥  Debono, F., and Mortensen, B., Op. Cit., p. 17 .
٢٦  Ibid., p. 33 .
٢٧  الملك أوديمو هو رابعُ ملوك الأسرة الأولى -٣٠٥٠ق.م. تقريبًا، وقد عُرف أيضًا باسم «دون».
٢٨  Emery, W. B., Great tombs of 1st dynasty, vol. 3, London, 1958, pp. 73, 78 .
٢٩  تُعَد جبَّانة أبو صير واحدةً من أكثر جبَّانات منف ثراءً، وتُعرف المقبرة رقم ٢ التي عُثر فيها على دفنة الكلب، باسم مقبرة جدو.
٣٠  Bàrta, M., The cemeteries at Abusir south, 1, Czech institute of Egyptology, 2001, p. 31 .
٣١  زكي يوسف سعد، «الحفائر الملكية بحلوان»، القاهرة، ١٩٥٢م، ص٩٦.
٣٢  Saad, Z. Y., Royal excavations at Helwan, Cairo, 1951, p. 37 .
٣٣  تقع خوربهان على بُعد ٩كم جنوب الشلال الأول، وفيها عُثر على الجبَّانة ١٧أ، التي اشتملت على دفناتٍ تُؤرَّخ بدءًا من عصرِ ما قبل الأسرات، حتى نهاية عصر الدولة القديمة.
٣٤  Smith, G. E., and Jones, F. W., The archaeological survey of Nubia, Cairo, 1910, pp. 116–119 .
٣٥  Reisner, G. A., The archaeological survey of Nubia: report for 1907-1908, vol. 1, text, Cairo, 1910, p. 137 .
٣٦  Ibid., p. 138 .
٣٧  Ibid., p. 139 .
٣٨  Reisner, G. A., Op. Cit., pp. 138-139 .
٣٩  Aryton, E. R., and Loat, Op. Cit., pp. 21, 76 .
٤٠  Petri, W. M. F and Quibell, J. E., Naqada and Ballas 1895, London, 1896, p. 26 .
٤١  Van Neer, W., and Quibell, J. E., Naqada and Ballas 1896, London, 1896, p. 26 .
٤٢  Smith, G. E., and Jones, F. W., Op. Cit., pp. 116–119 .
٤٣  Reisner, G. A., Op. Cit., p. 138 .
٤٤  Smith, G. E., and Jones, F. W., Op. Cit., p. 116 .
٤٥  Reisner, G. A., Op. Cit., p. 192 .
٤٦  Ibid., pp. 39-40 .
٤٧  Reisner, G. A., Op. Cit., pp. 41-42 .
٤٨  Smith, G. E., Op. Cit., pp. 122–130, 151, 166 .
٤٩  Brunton, G., and Caton-Thompson, 1928, pp. 76-77 .
٥٠  Baumgartel, E. J., The culture of prehistoric Egypt, vol. 2, Oxford, 1959, p. 127 .
٥١  عبد العزيز صالح، «حضارة مصر القديمة وآثارها»، ج١، القاهرة، ١٩٩٢م، ص١٢٠.
٥٢  Adams, B., “Elite graves at Hierakonpolis,” in: Spencer, J. (edit.), p. 33; Linseele, V., “Excavating Hierakonpolis: Weird animals”, internet article in: A. M, 2003, pp. 1–3; Adams, B., Something very special, in: N. N, vol. 10, 1998, pp. 3-4; Van Neer, W., and Linseele, V., and Friedman, R. F., 2004, p. 75 .
٥٣  Adams, B., Op. Cit., pp. 3-4. Van Neer, W., and Linseele, V., and Friedman, R. F., 2004, pp. 73, 88–90, 107 .
٥٤  Emery, W. B., and Saad, Z. Y., Excavations at, saqqara, Cairo, 1938, p. 78; Report: Saqqarah-Nord, Fouilles du Service des antiquities, in: C. D. E., vol. 14, 1939, pp. 70–80 .
٥٥  Reisner, G. A., Op. Cit., p. 138 .
٥٦  Reisner, G. A., Op. Cit., pp. 39-40 .
٥٧  Adams, B., 1996, p. 33; Adams, B., 1998, pp. 3-4; Linseele, V., Op. Cit., p. 2; Van Neer, W., and Van Neer, W., and Linseele, V., and Friedman, R. F., 2004, p. 78 .
٥٨  Adams, B., 1998, pp. 3-4; Van Neer, W., and Van Neer, W., and Linseele, V., and Friedman, R. F., 2004, pp. 88–90 .
٥٩  Behrens, H., Op. Cit., p. 82.; Brewer, D. J., Ancient Egyptian dogs, in: Brewer, D., and Clark, T. (edit.), Op. Cit., p. 43 .
٦٠  Emery, W. B., Grate tomps of 1st dynasty, vol. 2, London, 1954, p. 34 .
٦١  Ibid., pp. 73, 78 .
٦٢  Emery, W. B., 1938, p. 78; Saqqarah-Nord, Op. Cit., pp. 70–80 .
٦٣  Rice, M., Op. Cit., pp. 163, 291; Flores, D. V., Op. Cit., p. 62; Emery, W. B., vol. 3, pl.91 .
والتر إمري، «مصر في العصر العتيق»، مترجَم، القاهرة ١٩٧٠م، لوحة رقم ٢٦.
٦٤  Ayrton, E. R., and Loat, Op. Cit., pp. 21, 76 .
٦٥  Murray, M. A., “Burial customs and Beliefs in the herafter in predynastic Egypt,” in: JEA. 42, 1956, p. 92 .
٦٦  عبد العزيز صالح، المرجع السابق، ص١٢٠.
٦٧  Behrens, H., Op. Cit., p. 82; Brerwer, D. J., Op. Cit., p. 43 .
٦٨  Houlihan, P. F, Op. Cit., p. 77 .
٦٩  Kaplony, P., die inschtiften der Ägyptischen früh zeit, vol. 1, Wiesband, 1963, p. 375; Dreyer, G., umm el-qaab: Nachuntersuchungen im früh zeit Lichen königs friedhof 5/6, in: MDAIK, 49, 1991, p. 59; Bárta, M., op, cit., p. 32 .
٧٠  Firth, C. M., The archaeological survey of Nubia, report for 1908-1909, vol. 1, Cairo, 1921, p. 144 .
٧١  Behrens, H., Op. Cit., p. 75 .
٧٢  Brunton, G., and Caton-Thomson, 1928, p. 7; Brunton, G., 1937, p. 41 .
٧٣  عبد العزيز صالح، المرجع السابق، ص١١٩.
٧٤  Ayrton, E. R., and Loat, Op. Cit., p. 21 .
٧٥  Debono, F., Op. Cit., p. 40 .
٧٦  Emery, W. B., Grate tombs of 1st dynasty, vol. 3, London, 1958, pp. 73, 78 .
٧٧  Reisner, G. A., Op. Cit., p. 137 .
٧٨  عبد العزيز صالح، المرجع السابق، ص١١٩.
٧٩  Adams, B., Something very special, pp. 3-4 .
٨٠  Emery, W. B., and Saad, Z. Y., 1938, p. 78 .
٨١  Reisner, G. A., Op. Cit., pp. 138-139 .
٨٢  Baumgartel, E. J., Op. Cit., p. 127; Behrens, H., Op. Cit., p. 76 .
٨٣  زكي سعد، المرجع السابق، ص٩٦.
٨٤  Behrens, S. H., Op. Cit., p. 75, Brunton, G., and Caton-Thompson, Op. Cit., p. 7 .
٨٥  Rizkana, I., Maadi Iv, pp. 59-60 .
٨٦  Emery, W. B., 1958, p. 73, 78; Emer, M., and. Rizkana, I., “Excavations in Wadi Digla-second seasons report (1953)” in: B. F. A., vol. 15, part 2, 1953 p. 203 .
٨٧  Bàrta, M., Op. Cit., p. 31 .
٨٨  Reisner, G, A., Op. Cit., p. 138 .
٨٩  Černý, J., Ancient Egyptian Religion, London 1957, p. 16 .
٩٠  Ayrton, E. R, and Loat., Op. Cit., p. 76 .
٩١  Saied, A. M., Op. Cit., pp. 177–179 .
٩٢  Debono, F., and Mortensen, B., Op. Cit., pp. 17, 40 .
٩٣  Saad, Z. Y., Op. Cit., p. 37 .
٩٤  Reisner, G. A., Op. Cit., pp. 39–42, 138 .
٩٥  Černý, J., Op. Cit., p. 16 .
٩٦  Rizkana, I, Maadi IV; p. 27; Boessneck, J., and Vanden Driesch, A., Op. Cit., p. 103 .
٩٧  Debono, F., Op. Cit., p. 17 .
٩٨  Reisner, G. A., Op. Cit., pp. 138-139, 39-40 .
٩٩  Debono, F., Op. Cit., p. 17 .
١٠٠  أحمد أمين سليم، «دراسة تاريخية للحضارة المصرية القديمة أثناء عصر الأسرتين الأولى والثانية»، رسالة ماجستير في الآداب، كلية الآداب، جامعة الإسكندرية، ١٩٧٧م، ص٢٠٤.
١٠١  Behrens, H., Op. Cit., p. 76; Baumgartel, E. J., Op. Cit., p. 127 .
١٠٢  Petri, W. M. F., and Quibell, J. E., 1895, p. 26 .
١٠٣  Rizkana, I., Maadi 17, pp. 59-60 .
١٠٤  Debono, F., and Mortensen B., Op. Cit., pp. 17, 40 .
١٠٥  عبد العزيز صالح، مرجع سابق، ص١٢٠.
١٠٦  Emery, W. B., and Saad, Z. Y., 1939, p. 70 .
١٠٧  زكي سعد، مرجع سابق، ص٩٦.
١٠٨  Bàrta,. M., Op. Cit., p. 31 .
١٠٩  كان المصريون القدماء يقدِّسون بعضَ أنواع النباتات، وكان الثوم والبصل من بين هذه النباتات، وقد كانوا يعتقدون أنَّ رائحتهما النفَّاذة تطرد الأرواح الشريرة، وقد ورد ذكرُ الثوم في المتون القديمة والكتب المقدَّسة، وقد عُثر على فصوصه في القبور منذ عصرِ ما قبل الأسرات (وليم نظير، «الثروة النباتية عند قدماء المصريين»، القاهرة ١٩٧٠م، ص٢٨٧).
١١٠  Ayrton, E. R., and loat, Op. Cit., pp. 21, 76 .
١١١  Debono, F., Op. Cit., p. 33 .
١١٢  Ayrton, E. R., and loat, Op. Cit., p. 21 .
١١٣  عبد العزيز صالح، مرجع سابق، ص١٢٠؛ Houlihan, P. F., Op. Cit., p. 77.
١١٤  Kaplony, P., Op. Cit., p. 375; Dreyer, G., Op. Cit., p. 59; Bàrta, M, Op. Cit., p. 32 .
١١٥  Drewer, D, “Hunting, animals husbandry and diet in ancient Egypt” in: Collins, B. J., leiden, 2002, p. 451; Rosalind and Janssen, J, Op. Cit., p. 7 .
١١٦  Hornung, E., Conceptions of god in ancient Egypt, New York, 1971, p. 101; Drewer, D., Op. Cit., p. 452 .
١١٧  Houlihan, P. F., Op. Cit., p. 77; McArdle, J. E., “Preliminary observations on the mammalian fauna from predynastic localities at Hirakonpolis”: in: Friedman R., and Adams, B., the followers of Horus, Oxford, 1992, p. 56 .
١١٨  أشرف زكريا، مرجع سابق، ص٥٣.
١١٩  Radwan, A., “Six Ramasside steale in the popular pyramidion form” in: JEA, vol. 41, 1987, p. 223 .
١٢٠  King, W., and Hall, H. R., Op. Cit., p. 61; Baines, J., “Symbolic Roles of canine figures on Early Monuments” in: Archaeology, nil 3, 1993, p. 58, 68-69; Bianch, A., “On the presence of the wild dog in ancient Egyptian iconography” in: D. E, vol. 42, 1998, p. 9 .
١٢١  Burkitt, M. C., Our early ancestors, Cambridge, 1920, p. 63 .
١٢٢  جورج بورنز، «معجم الحضارة المصرية القديمة»، مترجِم، القاهرة ١٩٩٢م، ص٧.
١٢٣  Bianch, A., Op. Cit., p. 13; Rice; M., Op. Cit., p. 296; — كتاب الموتى الفرعوني — عن بردية آني بالمتحف البريطاني، القاهرة ١٩٨٨م، ص٦٦.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥