الفصل الثاني

الدفنات الحيوانية في بلاد الشام

مقدِّمة

لم تكن الدفنات الحيوانية في بلاد الشام، بمثل الكثرة والتعددية التي جاءت عليها في مصر؛ ولذا فإنَّ دراسة مثل هذا الموضوع في بلاد الشام، من الأمورِ المتعذرةِ شكلًا، الصعبةِ، إذ إنَّ ما يسود من سيطرةٍ وأهميةٍ لحيوانٍ ما في مرحلةٍ معينةٍ، قد تقلُّ أهميته وسيطرته في مرحلةٍ زمنيةٍ أخرى، وما عُثر عليه من دفناتٍ لا سيما لحيوانٍ ما، قد لا يتكرر العثور عليه بصفةٍ دائمةٍ.

هذا، ولقد حالت طبيعة جغرافية بلاد الشام، دون سهولةِ دراسةِ مدى تواجد الدفنات الحيوانية بها، هذا من ناحيةٍ، ومن ناحيةٍ أخرى، كان لتشعُّب واختلاف طبيعة العقائد الدينية ما أدَّى إلى تنوُّع وتعدُّد العقائد الفكرية — في العصور التاريخية — وعدم التركيز على أمرٍ بعينه، وكذلك عدم التركيز على الحيوان دون سواه من مظاهر الطبيعة الأخرى، ومن ثَم فإن دراسة ما عُثر عليه من دفناتٍ حيوانيةٍ في بلاد الشام، تأتي لتكمل واحدةً من حلقات سلسلة الدفنات الحيوانية التي وُجدت في مصر، ووُجدت ظلالها وتأثيرات تبادلها ببلاد الشام، بل وبلاد الرافدين.١

أولًا: دفناتُ الثيرانِ والأبقار

سبق تقديسُ الثيران والأبقار في بلاد الشام مرحلةَ استئناسهما، حيث عُرفت بدايات تقديسهما منذ العصر الحجري القديم الأوسط،٢ بينما كان استئناسهما منذ العصر الحجري الحديث — الألف السابع ق.م.٣
ففي مغارة السخول عُثر على دفنةٍ آدميةٍ، كان قد عُثر معها على جمجمةِ ثورٍ، موضوعة بين ذراعي المتوفَّى، وتُؤرَّخ تلك الدفنة بالعصر الحجري القديم الأوسط.٤ وفي منطقة تل المريبط،٥ عُثر على دلائل تقديس الثور البري، وذلك في بعض بيوت المريبط التي كانت تتميَّز ببنيةٍ معماريةٍ خاصةٍ، والتي عُثر فيها على مصاطبَ طينيةٍ عُرض في وسطها وبشكلٍ مقصودٍ، عددٌ من جماجم الثيران البرية بهيئاتها الطبيعية٦ تُؤرَّخ بالألف الثامن ق.م.
ففي الطبقةِ الثانيةِ المؤرَّخةِ بالربعِ الأخيرِ من الألفِ التاسعِ ق.م.، وُجِدت رءوسُ ثيرانٍ مطمورةً في مصاطبَ طينيةٍ في بيوت السكن، الشكل رقم ٧-٩٥، أحد هذه الرءوس كانت جمجمةً كاملةً محاطةً بزوجٍ من عظام كتفَي ثورٍ وحمارٍ، كانت الجمجمة قد وجِّهت نحو الغرب، هذا بخلاف جمجمةٍ أخرى، كان قد عُثر عليها مفككةً إلى عدةِ أجزاءٍ، ولقد أصبحت هذه الطقوس الدينية أوضحَ في المستوى الثالث في المريبط، والمؤرَّخ بالنصف الأول من الألف الثامن ق.م.، التي تدلُّ على استمرار الأهمية العقائدية للثيران؛ ففي هذه السويةِ — أو المستوى — لم تُدفن الرءوسُ كاملةً، وإنما دُفنت القرونُ فقط؛ إذ وُجِدت مغروسةً في عدةِ أجزاءٍ من جدرانِ المنازلِ الهامةِ بالموقع.٧
ولقد كانت قرونُ الثيرانِ من الرموزِ ذاتِ الدلالاتِ الدينيةِ، وكان لها قدسيتها، سواء منفصلةً عن الجمجمةِ، أو غير منفصلةٍ عنها؛ إذ كانت قرون الثيران ترمز إلى عادةِ التضحيةِ بها، وربما كان يُعتقد أنها تحلُّ محلَّ الثيران نفسِها في ممارسة هذه الطقسة الجنائزية،٨ فهي جزءٌ يعبِّر عن كلٍّ. ولربما كان لها أغراضٌ سحريةٌ أيضًا مرتبطةٌ بازدياد الخصوبة ووفرة الصيد.٩
هذا، ولقد كان الثور مقدَّسًا في المريبط جنبًا إلى جنبٍ مع تقديس الربةِ الكبرى، إن لم يكن قبلها بعدة قرونٍ، متمثلًا فيما عُرف بالزواجِ الإلهيِّ المقدَّس الذي ربما كانت المريبط أسبقَ من بلاد الأناضول في التعبير عنه، وذلك منذ العصرِ الحجريِّ الحديث، وعبَّرت عنه تعبيرًا صادقًا من خلال التقديس الثنائي للثور وللمرأة في وقتٍ واحدٍ،١٠ الشكل رقم ٧-٩٥ - ٧-٩٦.
ولقد عُثر في المريبط بخلاف ذلك على بقايا عظام حيوانية، ليس فقط لأبقارٍ ضخمةٍ، وإنما أيضًا لأنواعٍ حيوانيةٍ أخرى،١١ ورغم كثرةِ ما عُثر عليه هناك من بقايا عظميةٍ لمختلف الأنواع الحيوانية، إلا أنَّه كان هناك نوعٌ من التقديس الواضح للثيران والأبقار.١٢
وفي موقع عين غزال،١٣ عُثر على بقايا عظامٍ حيوانيةٍ في خمس دفنات رُتِّبت حول موقدٍ أسفلَ أرضيةِ مدخل أحد الأبنية بالموقع، ومن دراسةِ تلك البقايا العظمية تبيَّن أنها لثيرانٍ، ولقد جاء على بعض هذه العظام حروزٌ غامضةٌ،١٤ ولربما كان لتلك الدفنات أغراضٌ سحريةٌ جنائزيةٌ، مرتبطةٌ بتقديس الثيران، وقد يكون لها علاقةٌ بالصيد، وإصباغ القدرة السحرية على صيد المزيد من الثيران.١٥
وفي تل أسود،١٦ عُثر على مثيلِ ما عُثر عليه في تل المريبط؛ إذ وُجدت جمجمةُ ثورٍ وعظامٌ لحيواناتٍ أخرى كانت قد جاءت أعلى مصطبةٍ لتقديم الأضاحي — تشبه مائدةَ تقديم القرابين — في بيتٍ صغيرٍ، خُطِّط على شكلِ صليبٍ بالموقع، مما يدلُّ على أنَّ هذا البيت ربما كان بمثابةِ معبدٍ بدائيٍّ في سوريا؛ إذ يُؤرَّخ بالنصف الأول من الألف الخامس ق.م.١٧
وفي البيضة،١٨ عُثر على كمياتٍ كثيرةٍ من عظامٍ وجماجمَ مكدسةٍ لثيرانٍ وبعضٍ من الحيوانات الأخرى، وذلك في غرفةٍ صغيرة بأحد الأبنية الدينية بالموقع١٩ مما يؤكِّد على رسوخ جذور العقيدة المرتبطة بالثور في هذا العصر.٢٠
وفي منطقة كفر حاوريش٢١ عُثر على جبَّانة اشتملت على العديد من الدفنات الحيوانية التي تُؤرَّخ بالفترة PPNB (ما قبل الفخَّار النيوليتي ب)؛ إذ عُثر عند الحافةِ الشماليةِ من المنطقة على حفرةٍ دائريةِ الشكل L 1005 بعمق حوالي ٤٠سم واتساع حوالي ٢٫٥م، اشتملت على دفنةٍ آدميةٍ لرجلٍ بالغٍ، وعلى الكثير من البقايا العظمية التي بدراستها تبيَّن أنها لسبعٍ من الأبقار، ستٌّ منها لإناث الأبقار، والسابعة لعجلٍ صغيرٍ، ويشير تواجدهم معًا في دفنةٍ واحدةٍ إلى أنهم كانوا قد قُتلوا ووضعوا في الحفرة في نفس توقيت الدفنة الآدمية بالمقبرة٢٢ ولربما قُصد من هذه الدفنة الحيوانية، التعبيرُ عن مدى ثراء صاحب المقبرة، بامتلاكه هذا العدد من الأبقار.
ولقد كان Cauvin أولَ مَن أشار إلى أهمية الماشية — لا سيما الأبقار والثيران — في الشرق الأدنى القديم بوجهٍ عامٍّ، وبلاد الشام بوجهٍ خاصٍ في فترة العصرِ الحجريِّ الحديثِ. ٢٣
ولقد عُثر في منطقة البسطة بسوريا على دفنةٍ كاملةٍ لبقرةٍ، جاء هيكلها العظمي وقد دُفن بالقرب من دفنةٍ آدميةٍ، تُؤرَّخ بالفترة. PPNB، تتضح بالدفنة سِمة التقديس لذلك الحيوان، مما يشير إلى عبادةٍ حيوانيةٍ تتعلَّق بالماشية آنذاك،٢٤ وفي تل الحولة عُثر على جمجمةٍ لثورٍ — تُؤرَّخ بالعصر الحجري الحديث — تحيط بها تماثيلُ فخاريةٌ لثيرانٍ وأبقارٍ٢٥ وفي المنحطة،٢٦ عُثر على أجزاءٍ من جمجمةِ ثورٍ، ومعها بعضٌ من قرونِ الغزلانِ، وذلك أسفل أرضية كوخٍ بالطبقة السادسة بالموقع.٢٧
وأخيرًا … فقد عُثر في أحدِ مواقع شمال سوريا، والمؤرَّخة بالعصر البرونزي المبكِّر الأول على حجرةٍ تتقدَّمها بعض القرابين، التي اشتملت على تمثال صغير لهيئةٍ أنثويةٍ، وأمامها عظمةٌ ضخمةٌ لثورٍ— عظمة من عظام المفصل — ربما عبَّرت عن كونها قربانًا حيوانيًّا،٢٨ وربما كان ذلك إشارةً للجمع بين عنصري الذكورةِ — متمثلةً في الثور رمزِ القوة — والأنوثةِ متمثلةً في الهيئةِ الأنثويةِ — التي قد يكون لها صلة بالإلهة الأم كما جاء آنِفًا، أو الزواج الإلهي المقدَّس.

الغرض من دفنات الثيران والأبقار

يتضح مما سبق كيف كان للثيران أهميتها، ليست فقط الاقتصادية بل والعقائدية، وكيف تجسَّدت تلك الأهمية العقائدية فيما جاء من دفناتٍ لها، وكيف كانت تلك الأهميةُ قد انتقلت برمزيتها من الكلِّ إلى الجزءِ، من الجمجمةِ إلى القرونِ.٢٩ فكأننا بذلك أمامَ صورةٍ للبدايات الأولى لعبادةِ الثيرانِ في الشرق الأدنى القديم (نحو ٨٢٠٠ق.م.)، تلك العبادة التي كان لها مستقبلٌ عظيمٌ في شتى مراحل العصور التاريخية القديمة.٣٠
ولقد كان الثور رمزًا خاصًّا للقوة والذكورة. ولا شكَّ أنَّ العثورَ على جماجمِ الثيرانِ الحقيقيةِ المغروسةِ في المصاطبِ الطينيةِ في المريبط — قبل استئناسِ الثيرانِ — إنما يشير إلى ارتباطٍ طقسيٍّ وشعائريٍّ بالثور آنذاك.٣١
هذا، ولقد كان الثورُ بمثابةِ سيد الحيواناتِ؛ فهو أكثرُ الحيواناتِ التي كان يتم اصطيادها، وبالتالي فإنَّ الاهتمام به كان يساعد الإنسان على صيد المزيد منه؛ فالمغزى السحريُّ كان أحدَ أغراضِ ما عُثر عليه من دفناتٍ للثيران، إذ كان الاحتفاظ بجماجمها أو قرونها يخلق لأرواحها أجسادًا بديلةً.٣٢
ويرى بعض الباحثين بشأن الاهتمام بقرونِ الثيران والأبقارِ، أنَّ هذا الاهتمام إنما يرجع إلى مشابهةٍ شكليةٍ لاحظها الإنسان بين قرني الثورِ، وعضو التأنيثِ، وبين القرنينِ والهيئةِ الهلاليةِ للقمرِ، وجميعها رموزٌ ارتبطت بالخصوبةِ التي هي اللبنةُ الأولى التي قامت عليها عقيدة إنسان العصر الحجري الحديث.٣٣

وأيًّا ما كانت الأغراض فإنَّ الدارسةَ تعتقد أنَّ دفن قرونِ أو جماجمِ الثيران إنما هو نوعٌ من الاعتزاز بهذا الحيوان وقيمته الغالية الثمينة عند الإنسان.

ثانيًا: دفناتُ المَعْز

كانت منطقةُ فلسطين ولبنان من أهمِّ مراكز استئناسِ الحيوانات — لا سيما الأغنام والمَعْز — وذلك منذ الألفِ السابعِ قبلَ الميلاد.٣٤ هذا، ويعتقد البعضُ بأنَّ استئناسَ المَعْز كان قد تم في مرحلةٍ زمنيةٍ معاصرةٍ لاستئناس الكلبِ في بلادِ الشامِ، مستندين في ذلك إلى كثرةِ ما عُثر عليه من بقايا عظميةٍ لمَعْزٍ وأغنامٍ وكلابٍ في العديدِ من مواقع جنوب بلاد الشام، كانت قد أُرِّخت بالألفِ التاسعِ ق.م. تقريبًا.٣٥
وربما كانت المَعْزُ من أولِ الحيواناتِ التي استُؤنست بغرض الاعتماد عليها في الغذاء، وانتشرت عبْر صحراءِ النقبِ ومواقع شرق البحر المتوسط وسيناء، وكانت لها أهميتها الكبرى في تلك الأراضي، لا سيما أهميتها الاقتصادية،٣٦ إذ كان امتلاكُ عددٍ ضخمٍ من قطعانِ المَعْزِ والأغنامِ، يجعل من صاحبها مالكًا للقوة وصاحبًا للثراء، هذا بخلاف قيمتها كمصدر هامٍّ للغذاء.٣٧ ولا شكَّ أنَّ هيمنة المَعْز تدلُّ على اختيارٍ مقصودٍ لها؛ فالمَعْزُ من الحيواناتِ السهلةِ المأخذِ أكثر من غيرها، استأنسها الإنسان ليؤمِّن بها غذاءه، وكان استئناس المَعْز بمثابة الخطوة الأولى نحو إنتاج الطعام. ٣٨
ولقد عُثر في مغارة شقبة بوادي النطوف على بقايا حيوانيةٍ وتقدُماتٍ نذريةٍ اشتملت على عظامٍ لمَعْزٍ، وتماثيل أو هيئاتٍ حيوانيةٍ من الطين تمثِّل أنواعًا من الحيوانات المستأنسةِ كان المَعْز من بينها،٣٩ ولعل ذلك يدلُّنا على ما كان لهذه الحيوانات من دورٍ طقسيٍّ عقائديٍّ، قد يكون له مغزًى دينيٌّ أو سحريٌّ معينٌ.٤٠
وفي الخيام٤١ عُثر على الكثيرِ من البقايا العظميةِ الحيوانيةِ لصغارِ المَعْزِ، بلغت نسبتها حوالي ٨٣٪ من إجمالي ما عُثر عليه من عظامٍ حيوانيةٍ، وتبيَّن بالدراسة أنَّ حوالي ٢٪ من عظامِ تلك المَعْزِ، كانت قد ضُحِّي بها قبل أن تبلغ الشهر الأول من عمرها، ولم يُعثر في تلك العظام على أيٍّ من آثار الطهي أو نزعِ اللحم. ويرى كوفان أنَّ تلك البقايا العظميةَ التي عُثر عليها لصغار المَعْز، إنما هي نوعٌ من العاداتِ الطقسيةِ التي تمثَّلت في التضحيةِ بالمَعْزِ الصغيرةِ، لاعتباراتٍ دينيةٍ أكثر منها اقتصاديةً، وأنَّ مثل تلك العادةِ ليست من عاداتِ مجتمعاتِ الصيدِ، وأنَّ الدليل على الدورِ الدينيِّ لمثل تلك الأضحياتِ الحيوانيةِ، هو إغفالُ المبررِ الاقتصاديِّ والخسارةِ الاقتصاديةِ التي قد تترتَّب على القيامِ بذبح كل تلك المَعْزِ الصغيرةِ.٤٢
وأشار دوكو إلى أنَّ ذلك ربما يمثِّل أقدمَ دليلٍ على عادةِ التضحيةِ بالحيواناتِ التي سادت في العصور التاريخية في فلسطين، وتمثَّلت خاصةً في ذبح وتقديم الحيواناتِ الحديثةِ الولادةِ بشكلٍ شعائريٍّ،٤٣ فكانت المَعْز بذلك من الحيواناتِ التي كان يُفضَّل التضحيةُ بها لا سيما في فلسطين،٤٤ ويلاحظ أنه قد عُثر في مصر على شبيهِ ذلك؛ إذ جاءت مثل هذه الظاهرة في جبَّانة هيراكونبوليس وهليوبوليس.
وبالقرب من نحال بيسور،٤٥ عُثر على سلسلةٍ من الحُفرِ المتعددةِ، على مساحةٍ تقدَّر بحوالي ٥٠م، وبها عُثر على العديدِ من العظامِ الحيوانيةِ، وذلك بأربعة مستوياتٍ من مستويات الموقع، تُؤرَّخ بالعصرِ البرونزيِّ المبكرِ الأول، تنوَّعت تلك العظام الحيوانية ما بين عظام خنازير، ومَعْزٍ، ووعولٍ، وماشيةٍ، إلا أنَّ الغلبةَ فيها كانت لعظامِ المَعْز.٤٦
وفي منطقة عقير، عُثر على جبَّانةٍ تُؤرَّخ بنهايةِ الألفِ الثالثِ ق.م.، وبها عُثر على حوالي ٤٦ دفنةً آدميةً كان بها الكثيرُ من العظامِ الحيوانيةِ، كان أغلبها لمَعْزٍ، وفي واحدةٍ من تلك الدفناتِ الآدميةِ، عُثر على هيكلٍ حيوانيٍّ شبهِ كاملٍ لماعزٍ، ربما كانت أضحيةً حيوانيةً، تُؤرَّخ الدفنة بالعصرِ البرونزيِّ المبكرِ.٤٧
وتشير تلك الكمياتُ الضخمةُ من العظامِ الحيوانيةِ التي عُثر عليها، إلى نوعٍ من الممارساتِ ذات الصبغةِ الطقسيةِ أو الشعائرية، والمتمثلة في ذبح بعض الحيوانات، وتقديمها للمتوفَّى، لا سيما وأنَّه بالفعل كان قد عُثر على تلك البقايا العظمية الحيوانية، في العديد من المقابر الآدمية وكانت الغلبةُ فيها للمَعْز، وهي من الحيوانات التي كانت معتادةَ الذبح آنذاك.٤٨
ولقد تكرَّر العثورُ على مثل تلك الأضاحي الحيوانية — لا سيما المَعْز — في العديد من الدفناتِ الآدميةِ في أريحا، وفي العديد من المواقع الأخرى، مما يؤكِّد على الأهمية الاقتصادية والاجتماعية والدينية لتلك الحيوانات كما سبق ذكره.٤٩
وكان من الدلائل الأخرى المؤكدة على ارتباط المَعْز بالعقيدة الدينية، ما جاء في تلِّ رماد من تمائمَ على هيئةِ رأس عنزة في العديد من المقابر الآدمية، التي ربما ارتبطت بأغراضٍ سحريةٍ، ضمانًا للخصوبةِ والنجاحِ في صيد الأنواع البرية من المَعْز.٥٠

الغرض من دفنات المَعْز

كان للمَعْزِ دورُها الطقسيُّ، الذي لا شكَّ كان له مغزاه الدينيُّ أو السحريُّ.٥١ فمن خلالِ ما عُثر عليه من دفناتٍ حيوانيةٍ للمَعْزِ، في بعضِ مواقعِ بلادِ الشام، ومن خلال دراسةِ مثل تلك الدفناتِ الحيوانيةِ، وما قد تشير إليه من أبعادٍ دينيةٍ وعقائديةٍ، أمكن لنا الخروجُ بنتيجة فحواها أنَّ المَعْز كانت من أكثر الحيوانات التي استُخدمت كأضحيةٍ حيوانيةٍ،٥٢ ولربما كان يُضحَّى بها بغرضِ استمرارِ الانتفاعِ منها. ويشهد على ذلك ما جاء بموقع الخيام.٥٣
ويرى Cooper أنَّ تلك العادة تتعلَّق إلى حدٍّ كبيرٍ بتقديسِ المَعْزِ؛ إذ رأى أنَّ المَعْز كانت قد ارتبطت في ذهن أهل بلادِ الشامِ بالتغيُّرِ وعدم الثبات والتجدد، وذلك لأنها من الحيوانات التي لا تستقرُّ في مكانٍ واحدٍ، وإنما تغيِّر أماكن تواجدها من وقتٍ لآخر، فاعتبروها بناءً على ذلك رمزًا للحيويةِ والتجدُّد.
ومن ناحيةٍ أخرى، فإنهم كانوا قد اعتبروا سكناها للأماكن العالية رمزًا للسموِّ والارتفاعِ، واعتبروها أيضًا أحد رموز الخصوبة.٥٤
وقد لعِبت المَعْز دورًا اقتصاديًّا هامًّا ببلادِ الشامِ؛ إذ كان امتلاكُ عددٍ ضخمٍ من قطعان المَعْز والأغنام، يجعل من صاحبها مالكًا للقوةِ وصاحبًا للثراء، هذا بخلاف قيمتها كمصدرٍ هامٍّ للغذاء٥٥

ولقد تشابه الغرضُ من دفناتِ المَعْز في بلاد الشام مع الغرض من دفناتِ المَعْزِ في مصر، لا سيما في اعتبارها أو النظرِ إليها كواحدةٍ من أهم حيوانات الأضحية، وإن اختلفت طبيعةُ ما عُثر عليه من دفناتٍ للمَعْز في مصر، عنها في بلادِ الشام.

ثالثًا: دفنات الكلاب

كان الكلب من أول الحيوانات التي تم استئناسها، وذلك فيما بين ١٢٠٠٠–١٠٠٠٠ق.م.؛ إذ كان الكلب مصاحبًا للإنسان، ومساعدًا له في أداء بعض الأعمال، لا سيما الصيد، فاستؤنس قبل غيره من الحيوانات الأخرى، ومن ثمَّ بدأت وتوثَّقت الصلات التي تربطه بالإنسان وبحياته الاجتماعية، ويُحتمل أن تكون تلك الروابط تطوَّرت بتطوُّرِ حياةِ الإنسان، ومستواه الاجتماعي،٥٦ ولقد عُثر على أقدمِ أدلةِ استئناس الكلب في فلسطين، بمواقع نطوفية تُؤرَّخ بحوالي ١٠٠٠٠–٩٠٠٠ق.م.، ومن ثمَّ فإن معرفة استئناس الكلب كانت قد سبقت معرفةَ الزراعةِ ببلاد الشام.٥٧
وقد عُثر على دفناتٍ للكلاب في العديد من مواقع الكهوف،٥٨ ففي مغارة الواد، عُثر في الطبقةِ B على جمجمةٍ لكلبٍ، كانت قد دُفنت عن قصدٍ، وتُعتبر هذه الدفنةُ واحدةً من أهم الدفناتِ الحيوانيةِ؛ لأنها دليلٌ يوضح مسيرةَ الإنسان نحو الحياة المتمدنة، نحو الاستئناس وإدراكِ قيمةِ الحيوان.٥٩
وفي عين الملاحة٦٠ عُثر على دفنةٍ أخرى لكلبٍ صغيرٍ — ورجلٍ عجوزٍ — وذلك في المقبرة رقم H.104 التي تُؤرَّخ ببداية المرحلة النطوفية ٩٨٠٠–٩٤٠٠ق.م.، كان الكلب قد عُثر عليه أسفلَ اليد اليسرى للرجل، وبدراسته تبيَّن أنَّ عمره كان يتراوح عند دفنه ما بين ٣–٥ شهور،٦١ الشكل رقم ٧-٩٧ - ٧-٩٨.
ولقد عُثر في عين الملاحة أيضًا على دفنةٍ أخرى لجروٍ صغيرٍ، كان مصاحبًا لهيكلٍ عظميٍّ لامرأةٍ، وضعت يدَها على صدرِ الجروِ الصغيرِ، كما عُثر في دفنةٍ أخرى بالموقعِ نفسِه، على فكِّ كلبٍ، كان ملحقًا بهيكلٍ عظميٍّ آدميٍّ، ربما كنوعٍ من الدفناتِ الجزئيةِ، ولا شكَّ أنَّ العثورَ على مثلِ تلك الدفناتِ الحيوانيةِ الخاصةِ بالكلابِ، لهو دليلٌ على وجودِ نوعٍ من الإعزازِ للكلبِ.٦٢
هذا، ولقد اكتُشف بالقربِ من منطقة كهف هايونيم،٦٣ على مقبرةٍ نطوفيةٍ اشتملت على بقايا عظمية لثلاثة من الآدميين، واثنين من الكلابِ كانا قد دُفنا أسفلَ الدفناتِ الآدميةِ.٦٤ وبنفس الموقعِ عُثر على دفنةٍ أخرى اشتملت على بقايا من عظامِ فكٍّ، وبعضِ أسنانِ كلبٍ صغيرٍ، تُؤرَّخ أيضًا بالعصر النطوفي.٦٥
وتؤكد العديدُ من الدراساتِ على أنَّ الكلب كان بالفعل الحيوانَ الوحيدَ الذي ثبَت استئناسه في ذلك العصر، ووضح ذلك من خلالِ ما عُثر عليه من دفناتٍ له، أو بقايا عظميةٍ خاصةٍ به؛ إذ عُثر في كهف شقبة بوادي النطوفِ على عظامٍ حيوانيةٍ لكلابٍ مستأنسةٍ، مما يؤكِّد على وجودِ علاقةٍ تربط الإنسانَ بالكلبِ منذ ذلك العصر،٦٦ بل ولربما من قبله أيضًا؛ إذ إنَّ الكلبَ كان أولَ الحيواناتِ التي ألِفت الإنسانَ وصاحبته في صيده، ومن ثمَّ أصبح الكلبُ صديقَ الإنسانِ وحارسه ورفيقه في حياته، بل وبعد مماته.٦٧
ويرى سلطان محيسن أنَّ هذا الاهتمام بالكلب من قِبل النطوفيين، لا يعني تقديسه، بل إنَّ هذا الحيوانَ الاجتماعيَّ المخلصَ كان قريبًا جدًّا إلى نفوسِ المجتمعاتِ النطوفيةِ التي يعتقد أنها استأنسته قبل باقي الحيواناتِ الأخرى.٦٨
ومن ثمَّ انتشرت بقاياه، وتأكَّد تواجده في أماكنَ عدة بفلسطين إبَّان تلك المرحلة الحضارية.٦٩
وفي شمال شرق سوريا، اكتشف فريقٌ من باحثي المتحف البريطاني سنة ١٩٨٧م هيكلًا عظميًّا كاملًا لكلبٍ، بدراسته تبيَّن أنه لكلبِ صيدٍ، كان قد عُثر على شبيهه في منطقةِ أم النار ولوحظ في كلتا الدفنتين وجودُ تشابه فيما بينهما وبين دفنات كلابِ العصر النطوفي.٧٠
وفي مجدو٧١ عُثر على أجزاءٍ من جماجم كلاب، وذلك في اثنتين من الدفناتِ الآدميةِ، إحداهما تُؤرَّخ بالعصر الحجري النحاسي، والأخرى تُؤرَّخ بالعصر البرونزي المبكر.٧٢

الغرض من دفنات الكلاب

ينفي سلطان محيسن أن يكون الغرضُ من دفناتِ الكلابِ هو تقديسها، وإنما يرى أنَّ دفنها قد يكون فيه نوعٌ من الإعزازِ لها من قِبل أصحابها،٧٣ ولعلَّ دفنها مع أصحابها دليلٌ مؤكدٌ على مدى العلاقةِ التي ربطتها بالإنسان.٧٤
ويرى بعضُ الباحثين أنَّ دفناتِ الكلابِ قد تعبِّر عن نوعٍ من الوجباتِ الجنائزيةِ الخاصةِ بالآلهةِ، وقد اعتمدوا في ذلك على ما عُثر عليه من دفناتٍ لكلابٍ في مناطقَ عدةٍ بشمال شرق سوريا، كانت قد ظهرت بها علاماتُ الذبح، ووضحت بعظامها علاماتُ القطع والكسر.٧٥ وإن كانت الدارسةُ ترى أنَّ هذا الافتراضَ من الأمورِ غيرِ المؤكدةِ لا سيما وأنَّه كان هناك حيواناتٌ أخرى يُفضَّل ذبحها وتقديمها كأضحياتٍ حيوانيةٍ، وكانت المَعْز على رأس تلك الحيوانات، أمَّا الكلابُ فلم يرِد عنها الكثيرُ في هذا الشأن.

هذا، وما زالت أغراض دفن الكلاب ببلاد الشام يكتنفها الغموضُ، ربما لقلَّتها مقارنةً بمصر، وربما لعدمِ استمراريةِ تواجدها في شتى المراحل الحضارية ببلاد الشام، إلا أنه يمكن القول بأنَّ بلادَ الشامِ كانت قد تشابهت مع مصر في الاهتمام بدفن الكلاب مع أصحابها، إعزازًا وتقديرًا لها.

رابعًا: دفنات الغزلان

كان الغزال من أهم الحيواناتِ التي قام الإنسانُ بصيدها منذ العصرِ الحجريِّ القديمِ،٧٦ ويعدُّ «تل أبي هريرة»،٧٧ أحدَ أهمِّ مواقعِ بلادِ الشامِ التي أوضحت لنا كيف كان صيد الغزال يلعب دورًا حاسمًا في حياةِ أهلِ هذا الموقع؛ إذ عُثر في هذا التل على آلافٍ من عظام الغزلان التي أمكن تقسيمها إلى ثلاثِ مجموعات: «غزلان حديثة الولادة، غزلان عمرها عام واحد وغزلان بالغة»، وبالدراسة تبيَّن أنَّ الصيدَ كان يتمُّ في هذا الموقع بصفة موسمية، وأنَّ موعد الصيد كان يتم بمجردِ أن تلد الإناثُ، ولم يكن الصيد فرديًّا، بل غالبًا ما كان يتم صيدُ القطيعِ كله — أي كان صيدًا جماعيًّا — وهذا هو ما يبرِّر العثور على عظام غزلان من كل الأعمار، وقد عُرف هذا النوع من الصيد المكثف في كثير من مجتمعات عصور ما قبل التاريخ٧٨ منذ العصر الحجري القديم الأوسط؛ إذ أبدى أهلُ العصر الحجري القديم الأوسط عنايةً خاصةً بصيد بعض الحيوانات، لا سيما الغزال،٧٩ الشكل رقم ٧-٩٩.
ولم تكن فكرةُ الصيدِ تعني لدى إنسان ذلك العصر فَناءَ الحيوان، والقضاءَ على نوعه؛ فالشواهدُ تؤكِّد حفاظ الصيادين على رأس الحيوان لفترة، وذلك بأن كانت تثبت على قائمٍ في موضع سكناها، حتى تحلَّ روحه في جسد حيوان آخر، وبذلك يستمرُّ بقاءُ الحيوان.٨٠
وكان من أدلة اهتمام إنسان النياندرتال بالغزال أيضًا، اهتمامه بدفنه؛ إذ عُثر على العديد من دفنات الغزلان التي تُؤرَّخ بالعصر الحجري القديم الأوسط؛ ففي منطقة نهر إبراهيم،٨١ عُثر على بعضٍ من هياكل الغزلان التي كانت قد دُفنت وطُليت بالمُغْرة الحمراء.٨٢
وفي مغارة العصفورية٨٣ عُثر على دفنة لغزال، وعلى بعض من آثار المُغْرة الحمراء، وقد عُثر أيضًا في بعض المواقع الأخرى على هياكلَ عظميةٍ لغزلانٍ، مطلية بالمُغْرة الحمراء، مما يؤكِّد على وجود نوع من العناية الخاصة بالغزال آنذاك.٨٤
ويُعتقد أنَّ هذه المُغْرة الحمراء التي عُثر عليها بتلك الدفنات، إنما هي رمزٌ للدم وتجدُّد الحياة، وهو دليلٌ على أنَّ إنسانَ هذا العصر كان قد مارس السحر٨٥ ومن الجدير بالذكر أنَّ ظاهرةَ ذرِّ الترابِ الأحمر كانت قد وُجِدت في العديد من المقابر في بعض الحضارات؛ إذ ربما ارتبط الترابُ الأحمرُ بالخلود واستمرار الحياة في العالم الآخر.٨٦
وفي مغارة قفزة، عُثر أيضًا على العديد من الدفنات المهمة، التي كان من بينها دفنةٌ لامرأةٍ شابةٍ وطفلها. كان الطفلُ نائمًا برأسه على صدر أمه، وبين ذراعيه، عُثر على هيكلٍ عظميٍّ لغزالٍ صغيرٍ. ولعل في هذه الدفنةِ إشارةً إلى وجودِ رمزيةٍ روحيةٍ، وقيمة وأهمية لهذا الحيوان لدى سكان بلاد الشام في العصر الحجري القديم الأوسط.٨٧ ولا شكَّ أنَّ العثورَ على مثل تلك الدفنات يؤكِّد أيضًا وجودَ نوعٍ من العبادة الحيوانية — لو صحَّ التعبيرُ — خلال هذا العصر.٨٨
هذا، ولقد استمرَّت وتأكَّدت أهميةُ الغزال في العصر الحجري القديم الأعلى؛ إذ عُثر على آثاره في العديد من مواقع الكهوف، مثل كهوف إنطلياس، ونهر الكلب وطبرية، فقد عُثر في هذه الكهوف على بقايا عظمية للعديد من الغزلان.٨٩
ففي كهف قفزة الذي كان له ثقله وأهميته، عُثر على عظامٍ حيوانيةٍ كثيرةٍ في جميع مستويات الكهف، مختلطةً في أكثرها ببقايا عظام آدمية، ولا ندري أكان الخلط ناتجًا عن العبث، أم تكرار السكن في الكهف، أم إنه كان مصادفة، أم هو دفناتٌ مقصودةٌ.٩٠
ولقد أدَّى هذا الخلطُ بين البقايا العظمية الآدمية والحيوانية بالعديد من الكهوف، إلى محاولةِ تفسير دور الكهف في حياة إنسان هذا العصر، وتفسير سبب وجود مثل تلك البقايا العظمية الحيوانية به.٩١ فرأى البعضُ أنه ربما كان الإنسانُ يعيش في الكهف، ثم يدفن موتاه فيه؛ أي إنَّ الكهفَ كان يجمع ما بين عالم الدنيا وعالم الآخرة، وإنَّ الكهف كان أيضًا الملاذَ والملجأ للعديد من الحيوانات — لا سيما الغزال — ولا شكَّ أنَّ فلسطين وسوريا كانتا مليئتين بالكهوف والمخابئ التي كانت تنتشر في أجزاءٍ مختلفةٍ، فهي استُعلمت كمزارات وأيضًا كمحلات لسكنى الإنسان،٩٢ بل والحيوان أيضًا الذي عُثر على بقاياه العظمية في الكثير منها.٩٣
وهكذا فإنَّ دراسة دور الحيوان — لا سيما الغزال — في حياة إنسان هذا العصر، لا يمكن أن تكون بمنأًى عن دراسة حياة الإنسان نفسِه، فما الحيوانُ إلا جزءٌ من حياة الإنسان، شاركه سلوكياته، وكان جزءًا من متطلباته،٩٤ الشكل رقم ٧-١٠٠.
وفي العصر الحجري الوسيط.٩٥ استمرَّ الاعتمادُ على صيد الغزال، تمهيدًا للانتقال نحو استئناسه، وإن لم يكن بعدُ هناك دليلٌ مؤكدٌ على ذلك رغم ثبوت الاعتماد عليه اقتصاديًّا وارتباطه بالإنسان بصلاتٍ روحيةٍ ودينيةٍ.٩٦
ويرى البعض أنَّ معرفة استئناس الغزال كانت في العصر الحجري الوسيط — الحضارة النطوفية — وذلك بناءً على كثرة بقاياه العظمية التي عُثر عليها في مواقع ذلك العصر، بينما قوبلت بالرفض الشديد من قِبل أغلب الباحثين.٩٧
وكان من بين أهم دفنات الغزلان التي عُثر عليها آنذاك، دفناتُ غزلان موقع عين الملاحة،٩٨ التي كان من بينها دفنةٌ لغزالٍ كان قد عُثر عليه مدفونًا أسفلَ هيكلٍ عظميٍّ آدميٍّ يُزيَّن بمجموعةٍ من الأسنان «كخرز» بينما في دفنةٍ أخرى بنفس الموقع، عُثر على ثلاثةٍ من قرون الغزلان، وذلك في واحدة من الدفنات الآدمية، مما يسبغ على الدفنة شيئًا من الرمزية الدينية.٩٩
وفي قبرٍ جماعيٍّ بعين الملاحة أيضًا، عُثر على ثلاثة عراقيبَ عظميةٍ لغزلانٍ، ربما تشير إلى اهتمام إنسان هذا العصر بدفن أجزاء من الحيوان دون سواها — كدفنةٍ جزئيةٍ — وإلى وجودِ نوعٍ من الرمزية الدينية المرتبطة بهذا الحيوان.١٠٠
ومن الاكتشافات اللافتة للنظر، ما عُثر عليه في كهف هايونيم،١٠١ من بقايا عظام وأسنان حوالي خمسة عشر غزالًا، وذلك في المستوى B منه، بينما عُثر على أسنانٍ لثمانية غزلان في المستوى C، وعُثر على أسنانٍ لثمانية غزلانٍ أخرى في المستوى D، ولربما كان الاحتفاظ بهذه الأسنان له أغراضه الطقسية والرمزية،١٠٢ لا سيما وأنَّ الغزالَ اعتُبر رمزًا للإلهة الأم في بلاد الشام، واعتُبر أيضًا بمثابة — سيد الحيوانات — في الحضارة النطوفية، ورمزًا للخصوبة وطقوس الصيد في غرب آسيا، بينما الوعلُ — إله ذكر – ارتبطت قرونُه بقدسيةٍ مهمةٍ، وقوةٍ مقدسةٍ، دون تحديد إله معيَّن.١٠٣
وهكذا، يتَّضح كيف كان هناك اهتمامٌ وتركيزٌ على اختيار دفن أجزاء من الحيوان دون سواها من أجزاء الجسم الأخرى، ولا شك أنَّ في تفضيلها ما يشير إلى قيمتها وفائدتها لدى أصحاب ذلك العصر.١٠٤
ولقد عُثر على الكثير من البقايا العظمية للغزال في مواقع العصر الحجري الحديث، بل عُثر على دفناتٍ له كان أهمها ما جاء في كفر حاوريش — أسفلَ الجليل — فقد عُثر على دفنةٍ لغزالٍ، في الحفرة رقم L1400، التي اشتملت على جمجمةٍ آدميةٍ مغطَّاة بالجصِّ الملوَّن بالأحمر، وهيكلٍ عظميٍّ لغزالٍ تنقصه الجمجمة.١٠٥
وإلى اليمين من تلك الحفرة عُثر على دفنةٍ آدميةٍ أخرى ولا شك أنَّ تلك الدفنةَ تشير إلى قدسية الغزال، ورمزيته العقائدية في تلك الفترة. هذا، ولقد كان للغزلان أهميتها الاقتصادية التي استمرَّت خلال العصر الحجري النحاسي وعصر ما قبل وبداية الأسرات (عصر البرونز المبكِّر الأول والثاني)، ففي جبَّانة باب الدهرة١٠٦ عُثر على الكثير من البقايا العظمية وعلى العديد من دفنات الغزلان التي كان من بينها ما جاء في المقبرة رقم A 101 5W والمقبرة رقم A 785 W من بقايا عظميةٍ لكثيرٍ من الغزلان.١٠٧ الشكل رقم ٧-١٠١.
ومن دراسة تلك البقايا العظمية، تبيَّن أنَّ الغزالَ الذي دُفن في المقبرة الأولى، عُثر عليه عند مدخل حجرة الدفن، وأنه كان قد ضُحِّي به، وكانت هذه عادةً جنائزيةً متبعةً في بلاد الشرق الأدنى بوجهٍ عامٍّ، وفي فلسطين بوجهٍ خاصٍّ، لا سيما في الألف الثالث ق.م.١٠٨
ولقد ربط Smith ما بين عادة الأضحية بالغزال، ودفنه في دفناتٍ خاصةٍ، وبين نوعٍ من الطوطمية المتصلة بهذا الحيوان لدى سكان سوريا وفلسطين؛ فهو رمز للسرعة والجمال، وهو أيضًا حيوانٌ مفضلٌ ومحببٌ لديهم.١٠٩
وكان للغزال أيضًا دوره الجنائزيُّ باعتباره إحدى الوجبات الجنائزية المقدَّسة في منطقة الشرق الأدنى القديم؛ إذ كان ذبحُ الغزال وتقديمه كأضحيةٍ حيوانيةٍ، عادةً جنائزيةً شائعةً في منطقة شرق إقليم حوض البحر المتوسط القديم، وتُعدُّ منطقة باب الدهرة أولَ الأمثلة الدالَّة على ذلك.١١٠

الغرض من دفنات الغزال

كان للغزال أهميةٌ عظمى في بلاد الشام، بدأت أولًا بالأهمية الاقتصادية، وانتهت بالأهمية الدينية؛ إذ رمزَ الغزالُ عند أهل بلاد الشام إلى الحياة والخصوبة، فكانت له قيمةٌ روحيةٌ وضحَت فيما عُثر عليه من دفناتٍ خاصةٍ له، كانت مقترنةً في كثيرٍ من الأحيان بدفناتٍ آدميةٍ، وفي أحيانٍ أخرى كانت قد طُليت بالمُغْرة الحمراء مثلها مثل الدفنات الآدمية، رمزًا للدم وتجدُّد الحياة.١١١
ولقد وضحت تلك الأهمية منذ العصر الحجري القديم الأوسط فالأعلى، ثم بدأت تتخذ منذ العصر النطوفي شكلًا آخرَ مصطبغًا بالصبغة الرمزية؛ إذ اكتُفي في هذا العصر بدفن أجزاء من جسم الغزال دون غيرها، وكانت تُدفن إما منفصلةً، أو مع دفناتٍ آدميةٍ، تأكيدًا على الدور الطقسي والرمزي الذي لعِبه الغزالُ آنذاك.١١٢
ثم يأتي العصر البرونزي المبكر بعد حلقات مفقودة لم نستطِع فيها بعدُ وضْعَ نقاطٍ واضحةٍ لدور الغزال، فنرى ارتباطَ الغزال في ذلك العصر بنوعٍ من الطوطمية؛ إذ اعتبره أهلُ هذا العصر رمزًا للسرعة والجمال، وكان من الحيوانات المفضَّلة والمحبَّبة لديهم.١١٣

وخروجًا من كل ذلك، يمكن القولُ بأنَّ الغزالَ كان من الحيوانات الهامة التي احتلت مكانةً دينيةً بصورةٍ أو أخرى لدى أهل بلاد الشام، فاهتمُّوا بدفنه إما منفصلًا عن المقابر الآدمية أو ملحقًا بها، وإما بصورةٍ كاملةٍ — بأن يُدفن الهيكل العظمي كاملًا — أو بصورةٍ جزئيةٍ … بأن يُكتفى بدفن أجزاء من جسم الحيوان دون سواها، وهو في كل ذلك إنما يؤكِّد على أهمية هذا الحيوان عقائديًّا.

خامسًا: دفنات الحمير

ثبَت استخدامُ الحمار كحيوانٍ للنقل والركوب في فلسطين منذ الألف الرابع ق.م. تقريبًا. وترجع دلائل إثبات وجود ومعرفة الحمار في فلسطين إلى المرحلة الغاسولية، أي حوالي الألف الخامس ق.م.، وذلك من خلالِ ما عُثر عليه من تماثيل من التراكوتا وبقايا عظميةٍ لحميرٍ في العديد من مقابر جنوب فلسطين.١١٤
وقد عُثر على دفناتٍ لحميرٍ في العديد من المقابر، منها ما جاء بتلِّ أم المرة١١٥ بسوريا؛ إذ عُثر على دفنةٍ اشتملت على جمجمتين لحمارين، وعلى بقايا طفلٍ رضيعٍ كان قد دُفن بداخل قِدْرٍ فخارية، وكان كلٌّ من الجمجمتين والقِدْر الفخارية قد عُثر عليهما في دفنةٍ ثانويةٍ قريبةٍ من دفنةٍ آدميةٍ كانت تقع إلى الجنوب الشرقي منها، وكانت قد اشتملت على مجموعةٍ من الأواني الفخارية وعلى بقايا عظامٍ حيوانيةٍ، ربما كانت قرابين جنائزيةً قُدِّمت للمتوفَّى، وعُثر بين هذه الأواني الفخارية، على تمثالٍ لهيئةٍ حيوانيةٍ، مما يؤكِّد على وجودِ دورٍ طقسيٍّ معيَّن لعِبه الحيوان في هذا الموقع، وتُؤرَّخ تلك الدفنةُ بالعصر البرونزي المبكر.١١٦
ومن الأمور اللافتة للانتباه، أنه قد عُثر في الموقع السكني بهذا التلِّ أيضًا على دفنةٍ لحمارٍ، جاءت إلى الشرق من مدخل أحد المنازل؛ إذ عُثر على هيكلٍ عظميٍّ كاملٍ لحمارٍ، كان قد دُفن بكيفيةٍ تكاد أن تسدَّ المدخلَ.١١٧

وفي كلتا الدفنتين نلاحظ الالتزامَ بالاتجاه الشرقي، أو الجنوبي الشرقي — كما في الدفنة الأولى — وربما كان لذلك ارتباطه بالشمس كما كان عليه الحالُ في مصر.

ولا شك أنَّ كل ذلك إنما يُظهر نوعًا من الأهمية الطقسية والشعائرية التي ارتبطت بالحمير، والتي ظهرت في الاهتمام بدفنها، سواء في دفناتٍ ثانويةٍ ملحقةٍ بالمقابر الآدمية، أو في دفناتٍ مستقلةٍ كأضحيةٍ حيوانيةٍ، وسواء كان هذا أم ذاك، فكلاهما يدلِّل على أهمية الحمار في تلك الفترة من العصر البرونزي المبكر.١١٨
ولم تكن أهميةُ الحمار في موقع أم المرة ترتكز فقط على استخدامه كحيوانٍ للنقل والركوب، وإنما كانت له أهميته الاقتصاديةُ أيضًا؛ إذ كان يُعتمد عليه كمصدرٍ للطعام، بل وكان مفضَّلًا عن المَعْز والأغنام في هذا الغرض نظرًا لوفرة لحمه؛ ولذا فلقد كان سكان هذا الموقع يعتمدون على صيد الحمير البرية — بجانب الحمير المستأنسة في الغذاء.١١٩
هذا، ولقد عُثر في منطقة نحال بيسور١٢٠ على دفنةٍ لحمارٍ بالغٍ، كان قد وُضِع في حفرةٍ مستقلةٍ. وبدراسته تبيَّن أنه كان قد دُفنَ وهو لا يزال على قيد الحياة؛ إذ جاء الهيكلُ العظميُّ كاملًا وسليمًا بكل تفاصيله، رغم تأثير عوامل التلف على أجزائه.١٢١
هذا، ويتراوح عمر هذا الحيوان عند دفنه من ثلاث سنوات ونصف إلى خمس سنوات تقريبًا، وذلك اعتمادًا على شكل العظام ودراستها.١٢٢

وتذكِّرنا هذه الدفنة بدفنة حمير أبو صير في مصر؛ إذ كانت حمير أبو صير الثلاثة قد دُفنت أيضًا وهي لا تزال على قيد الحياة في حفرةٍ اتسعت لوقوفها، فالفكرة واحدةٌ، والتنفيذ واحدٌ، ولربما كان ذلك دليلًا على تشابه الفكر العقائدي والديني بين البلدين.

ولقد عُثر على بقايا حميرٍ في أكثرَ من موقعٍ آخر يُؤرَّخ أيضًا بالعصر البرونزي المبكِّر الأول، من مثل ما جاء في منطقة آراد، وتل عريني وعين شادو، إلا أنَّ موقع نحال بيسور كانت له الغلبة في ذلك، ليس فقط في العصر البرونزي المبكر، وإنما قبله أيضًا؛ إذ عُثر على هيكل حمارٍ صغير الحجم، في دفنةٍ بالموقع تُؤرَّخ بالعصر الحجري النحاسي، ومن ثَم يمكن القول بأنَّ الحمار كان معروفًا في العصر الحجري النحاسي، وأصبح شائعًا ومستخدَمًا ويُعتمد عليه في العصر البرونزي المبكِّر، وكان له دوره الاقتصادي، والديني والسحري الذي انعكس فيما جاء من دفناتٍ له، بل وفيما عكسته أعمال الفنِّ أيضًا.١٢٣
هذا، ولقد ذكر Bodenheimer أنه قد عثر على دفنةٍ حيوانيةٍ بالأردن — جنوب شرق البحر الميت — اشتملت على أربعةٍ من حميرٍ، كانت قد ضُحِّي بها، ووُضعت بالقرب من دفنةٍ آدميةٍ، ولكنها على مستوًى أعلى منها، هذا بخلاف العثور على ساقِ حمارٍ مع دفنةٍ آدميةٍ أخرى، وكذلك العثور على دفنةٍ رائعةٍ لحصانٍ له ساقٌ واحدةٌ فقط، وفُصلت عنه الثلاثة الأخرى، ولا بدَّ أنَّ ذلك كان له دلالته الطقسيةُ التي لم تتضح بعدُ.١٢٤
ولا شك أنَّ كلَّ ذلك إنما هو انعكاسٌ لأهمية الحمار في حياة أناس هذا العصر، تلك الأهمية التي وضحت أشدَّ الوضوح في العصور التاريخية بفلسطين؛١٢٥ إذ كان امتلاك الحمار والاعتناء به دليلًا على رِفعة شأن صاحبه.١٢٦

الغرض من دفنات الحمير

تشابهت عادةُ دفن الحمير في بلاد الشام، مع ما كان سائدًا في مصر من شيوع عادة دفن الحمير في عصر بداية الأسرات، وقد تشير دفنات الحمير التي عُثر عليها ببلاد الشام إلى نوعٍ من الطقوس الجنائزية المرتبطة بعبادة هذا الحيوان آنذاك،١٢٧ وإلى أهميتها الاقتصادية، وأهمية وثراء صاحبها وارتفاع شأنه.١٢٨ وربما يكون هناك أغراضٌ أخرى قد يكشفها مستقبل البحث الآثاري.

سادسًا: دفنات لحيوانات أخرى

عُثر على بقايا عظميةٍ لكثيرٍ من الحيوانات في العديد من المواقع الفلسطينية، لا سيما موقع كهف جبل الكارمل؛ إذ عُثر فيه على بقايا فرس النهر والجمل البري والخيول والوعول وبعض أنواع من الماشية البرية، وذلك منذ العصر الحجري القديم الأسفل والأوسط.١٢٩

ولقد ظهرت بعضٌ من الدفنات الحيوانية، لحيواناتٍ كان من النادر دفنُها هناك، وكان من بين هذه الحيوانات:

الخنزير

عُثر على بقايا الخنزير منذ العصر الحجري القديم الأوسط؛ إذ اهتم إنسان النياندرتال بوضع أحد الأجزاء الحيوانية مع الموتى؛ ففي مغارة السخول بجبل الكرمل، عُثر على أكبرِ تجمُّع للقبور النياندرتالية الفلسطينية؛ إذ اشتملت المغارة على دفناتٍ آدميةٍ، دُفنت في حُفرٍ ضحلةٍ في وضع الانحناء، كان أهمها تلك الدفنة الخاصة بأكبر المدفونين سنًّا الذي كان يقبض على عظم فك خنزير بري، ربما كنوع من القربان الجنائزي.١٣٠
وربما عبَّر وضْعُ أحد الأجزاء الحيوانية مع الموتى، عن كونه قربانًا نذريًّا قُدِّم طَمعًا في حماية الموتى للأحياء، ولتحقيق النجاح في الصيد، فكان ذلك دليلًا على رسوخ فكرة الحياة الأخرى التي آمن بها إنسان النياندرتال فبدأ بتزويد الموتى بالأسلحة والعظام الحيوانية، وطلائها بالمُغْرة الحمراء رمز الدم الذي يُعَد بالتالي رمزًا للبعث والحياة.١٣١ وهناك أمورٌ لا بد من إدراكها عند تفسير مثل تلك الدفنات الحيوانية النياندرتالية، فلا بد من التمييز بين الرمز الحيواني للنوع الواحد، وبين باقي أفراد القطيع، فهم مجرد ظلال له.١٣٢ وربما كان حرص النياندرتاليون على تزويد الموتى بالأجزاء الحيوانية، فيه إشارة إلى ما كانوا يقدِّمونه من قرابين جنائزية للمتوفَّى الذي يستعد لرحلته الطويلة.
ومن ثَم فقد كانت تلك البقايا الحيوانية التي عُثر عليها في دفنات إنسان النياندرتال، ما هي إلا استهلالٌ لما عُرف بعادة تقديم القرابين الجنائزية التي استمر تواجدها طوال شتى مراحل العصور التاريخية.١٣٣
وفي العصر الحجري الحديث تأكَّد وجود الخنزير واستئناسه في أغلب مواقع بلاد الشام، وعُثر على بقاياه العظمية في مواقع عدة بفلسطين، كالخيام ونحال أورين وغيرها.١٣٤
ولقد عُثر في منطقة عين غزال على اثنتين من الدفنات الحيوانية، وذلك في فناء أحد الأبنية بالمنزل رقم C2 بالموقع، كانت الدفنتان قد اشتملتا على عظام خنازير، وبدراستها تبيَّن أنها كانت بمثابةِ دفناتٍ فرعيةٍ ملحقةٍ بالدفنات الآدمية التي عُثر عليها في الممر المؤدي إلى المدخل الجنوبي للمنزل، تحت الأرضية، وكانت هذه هي عادة الدفن المتَّبعة بهذا الموقع آنذاك.١٣٥ وربما قُصد من الدفنتين القضاءُ على الشر— لا سيما وأنَّ دفنهما كان عند مدخل المنزل — وذلك لو اعتبرنا أنَّ الخنزير كان من الحيوانات النجسة غير المحبَّبة (كما في مصر).
هذا، ومن المعروف أنَّ الخنزير كان أيضًا مرتبطًا بفكرة الأنوثة والخصوبة، ولربما كانت هناك طقوسٌ نطوفية ارتبطت بهذا الحيوان،١٣٦ واستمرَّت بعد ذلك.
ولربما كانت هاتان الدفنتان أحد أدلة تلك الشعائر، إلا أنَّ الأدلة الأثرية تشير إلى أنَّ الخنزير المستأنس، كان على قدْرٍ أقلَّ من الأهمية في فلسطين من باقي الحيوانات الأخرى.١٣٧
ولم يتكرَّر العثور على مثل تلك الدفنات، إلا أنَّه عُثر بالقرب من نحال بيسور على سلسلة من الحُفَر المتعددة، على مساحةٍ تقدَّر بحوالي ٥٠م، وبها عُثر على العديد من العظام الحيوانية، وذلك بأربعة مستوياتٍ بالموقع، تُؤرَّخ بالعصر البرونزي المبكر الأول، وكانت عظام الخنزير من بين تلك العظام الحيوانية.١٣٨

الحصان

عُثر في عرق الأحمر١٣٩ على أسنان خيول تصحب كلٌّ منها على ما يبدو إحدى الجماجم الآدمية، جاءت جماجم الموتى بأوضاعٍ متباينةٍ، ولربما كان في اقتران تلك الدفنة الجماعية، بأسنان الحصان مغزاه الديني المتمثِّل في كونها نوعًا من التقدمات الجنائزية ذات الدلالة الرمزية.١٤٠ هذا بخلاف العثور على دفنة رائعة لحصانٍ له ساق واحدة فقط، وفُصلت عنه الثلاثة الأخرى، وذلك بالأردن جنوب شرق البحر الميت، ولا بد أنَّ ذلك كان له دلالته الطقسية التي لم تتضح بعدُ.١٤١
وهكذا يتضح كيف كان هناك اهتمامٌ وتركيز على اختيار دفن أجزاء من الحيوانات دون سواها، كانت تُفضَّل للتقديم — لو صحَّ التعبير — عن غيرها من أجزاء الجسم الأخرى، ولا شك أنَّ في تفضيلها ما يشير إلى قيمةٍ وفائدةٍ لها لدى سكان ذلك العصر.١٤٢
ولعل دفن أسنان الخيول يذكِّرنا بحالةٍ مماثلةٍ — ليس في نوعية الحيوان وإنما في الاهتمام بدفن الأسنان — كانت قد جاءت في مصر؛ إذ عُثر على ناب خنزير بري كان يعلو صدر المتوفَّى في إحدى دفنات مرمدة بني سلامة١٤٣ فربما كانت بمثابةِ تمائمَ أو مُعلقاتٍ.

القط

عُثر في أريحا١٤٤ على بقايا هيكلٍ لقطٍّ وُجِد بين مجموعةٍ من الهياكل الآدمية في دفنةٍ جماعية، ولا ندري أكان الهيكل لقطٍّ بريٍّ أم مستأنَس، تُؤرَّخ تلك الدفنة ﺑ ٧٠٠٠ق.م. وقد عُثر كذلك على بقايا حيوانية أخرى عديدة اختلطت ببقايا عظام آدمية في دفنات مختلطة، كانت الغلبة فيها لعظام القطط، ولا ندري أكان هناك صلةٌ من نوعٍ ما بينهم أم لا؟! ويصعُب تحديدُ ما إذا كانت تلك البقايا العظمية لقطط برية أم مستأنَسة.١٤٥

هياكل وعظام لحيوانات غير محدَّدة الفصيلة

عُثر في كهف قفزة الذي كان له ثقله وأهميته، على عظامٍ حيوانيةٍ كثيرةٍ في جميع مستويات الكهف التي تُؤرَّخ بالعصر الحجري القديم الأعلى، وكانت مختلطةً في أكثرها ببقايا عظام آدمية.١٤٦
وتكرَّر ذلك الخلط ما بين البقايا العظمية الآدمية والحيوانية في مختلف الكهوف والمآوى الأخرى.١٤٧ وبالدراسة تبيَّن أنَّ تلك البقايا الآدمية ما هي إلا جزء من دفناتٍ آدميةٍ، وإذا ما كان قد عُثر على بقايا عظام حيوانية، فهي إما بقايا ما قُدِّم للمتوفَّى من أجزاء حيوانية، أو بقايا لتلك الحيوانات التي اتخذت من الكهوف مأوًى لها، أما البقايا العظمية الحيوانية التي جاء عليها آثار احتراق، أو وُجِدت بالقرب من مواقد، فهي تعبِّر عن بقايا طعام آدمي،١٤٨ ولا أدلَّ على ذلك مما جاء بكهف الدوارا،١٤٩ الذي عُثر فيه على بقايا عظمية مختلفة، ما بين بقايا طعام وبقايا دفنات، ومخلفات لم يُستطَع بدراستها التوصُّل إلى أنواعها الحيوانية، التي تنوَّعت ما بين حيوانات ضخمة وأخرى صغيرة، وكانت الغلبة لتلك الأنواع الحيوانية الصغيرة، التي يُعتقَد لكثرتها النسبية بمستويات الكهف، أنها عبَّرت عن نوعٍ من القربان الحيواني الذي تقدَّم به ساكنو الكهف كنوعٍ من القربان للمتوفَّى.١٥٠
وفي كهف كبارا الذي امتدَّت جذوره إلى العصر الحجري القديم، واستمر استخدامه طَوال العصر النطوفي وما تلاه، عُثر على بقايا عظميةٍ لحيواناتٍ عدةٍ، مختلطة بعظام آدمية قد تكون دفنةً جماعية لرجال ونساء زُوِّدت ببعض القرابين الحيوانية، وقد تكون دفنةً آدمية حدَث معها خلطٌ بتلك البقايا العظمية الحيوانية، وكان خلطًا غيرَ مقصودٍ، فلا ندري بعدُ أكان مصادفةً أم عن قصد.١٥١
وكذلك عُثر في يبرود،١٥٢ التي تُعَد الموقعَ الأمثل للعصر النطوفي، على مثل هذا المزج ما بين العظام الحيوانية والآدمية.١٥٣ ففي المقبرة رقم ٤ بالجبَّانة، عُثر على دفنة آدمية-حيوانية مختلطة، لم يُوضح بعدُ كيفية دفنهما ولا أسباب ذلك الخلط بينهما.١٥٤
وفي العصر الحجري النحاسي، ازداد اعتماد الإنسان اقتصاديًّا على استئناس الحيوان، وقد اكتشف في تُليلات الغسول العديدُ من الدفنات الآدمية التي اختلطت بعظام حيوانية، ولكن لم يوضح بعدُ ما إذا كانت تلك العظام الحيوانية التي عُثر عليها، تشير إلى دفناتٍ حيوانيةٍ أم بقايا قرابين وأضاحٍ، أم إنَّ هذا الخلط كان بمحض الصدفة، كل ذلك لم يوضح بعدُ حتى الآن. ١٥٥
هذا، وقد عُثر في تُليلات الغسول على بقايا مبنًى، تبيَّن بدراسته أنه كان ذا ارتباط ومغزًى ديني؛ إذ أظهر إلى حدٍّ بعيدٍ الدورَ العقائدي المرتبط بالحيوان في ذلك العصر؛ فهو معبد كبير يُؤرَّخ بالعصر الحجري النحاسي، عُثر فيه على مذبح في مواجهة المدخل، وبه عُثر على الكثير من العظام الحيوانية والشَّقف الفخارية، ولربما أشارت تلك البقايا العظمية الحيوانية، إلى عادةٍ كانت سائدة في ذلك العصر، تمثَّلت في الالتزام بتقديم أنواع من الأضحيات الحيوانية، للتقرُّب من الآلهة، وطلبًا للخصوبة واستمرارًا لضمان الرزق.١٥٦
واستمرَّ العثور على الكثير من البقايا العظمية الحيوانية، في دفناتٍ آدميةٍ، لم يكن بها تركيزٌ على دفن حيوان معيَّن دون سواه، وإنما عُثر على عظامٍ حيوانية مختلطة، ما بين برية ومستأنَسة لحمير، وخنازير، وكلاب، ووعول جبلية، وسلاحف، ولربما كانت تلك البقايا الحيوانية تشير إلى نوع من القرابين الحيوانية التي قُدِّمت للمتوفَّى.١٥٧
وفي العصر البرونزي المبكِّر الأول والثاني، تأكَّد الدور الطقسي للحيوان — دون تحديد نوع الحيوان — ففي مجدو، عُثر على مبنًى ذي ارتباط ديني، وعُثر فيه على هيكل دائري الشكل ربما كان معبدًا، وبه عُثر على عظام الكثير من الأضحيات الحيوانية، ربما قدَّمها ساكنو هذا الموقع كقربانٍ، أو أضحياتٍ حيوانيةٍ تقربًا بها للآلهة.١٥٨
وفي عين الأساوير١٥٩ عُثر على الكثير من تراكمات العظام الحيوانية، في كلٍّ من أماكن السكنى والمقابر على السواء.١٦٠
وفي هارتوف١٦١ تكرَّر العثور على مثل تلك التراكمات العظمية لحيوانات مختلفة،١٦٢ ربما كانت مقدَّمة كأضحيات للآلهة.
وفي مواقعَ عدةٍ بفلسطين تكرَّر العثور على حُفَر ضحلة مليئة بالقرون والعظام الحيوانية المحترقة، كانت تتوسط عددًا من الدفنات الآدمية، ولم يُحدَّد بعدُ ما دور تلك القرون الحيوانية بين هذه الدفنات الآدمية، ولماذا كانت محترقةً، وما هو المغزى الطقسي وراءها، لا سيما وأنَّه تكرَّر العثور على مثل تلك الحفرة في العديد من دفنات الموقع.١٦٣ (تذكِّرنا بحُفَر النار التي عُثر عليها في مواقعَ عدة بالعراق.)

الطيور

كان هناك قدْرٌ من الأهمية لأنواع من الطيور لدى النطوفيين، تمثَّلت تلك الأهمية فيما عُثر عليه من بقايا عظام لطيور، ومعها سوار مصنوع من أجزاء عظمية، كأنها خرزات وصل عددها إلى ٤٥ قطعةً عظميةً، وذلك في المستوى B من كهف هايونيم،١٦٤ وتكرَّر ذلك في عين الملاحة، وعرق الأحمر، مما يوحي بشيوع تلك العادة في ذلك العصر، ووجود صلات معينة تربط بين كل هذه المجتمعات النطوفية.١٦٥
هذا، ويُعتقد أن تكون عظام الطيور التي تم العثور عليها في بعض الدفنات، واحدةً من الرموز المرتبطة بتيسير بعث المتوفَّى، باعتبارها واحدةً من دلائل الخصوبة في قبره،١٦٦ هذا بخلاف ارتباط الطيور بالأرواح، أرواح الموتى من ناحيةٍ، وأرواح الآلهة من ناحيةٍ أخرى، فهي وسيلةُ الربط بينهما.١٦٧ (وهي هنا تذكِّرنا ﺑ «البا» في الفكر المصري القديم).
١  Tutundzic, S. P., “Remarks on the origin and date of subterranean constructions at Maadi” in: D. E, vol. 38, 1997, p. 104; Perez-largocha, A.,“The early relationships between Egypt and Palestine” in: A. S. A. E., vol. 73, 1998, p. 102 .
٢  Aanati, E., Palestine before the Hebrews, a history from the earliest arrival of manto the conquest of Canaan, New York, 1963, p. 101 .
٣  Redman, C. l., The rise of civilization, New York, 1978, p. 139; Borowski, O., Every living thing, daily use of animal in ancient Israel, London, 1998, p. 23; Hesse, B., and Wapnish, P., “An archaeozoological perspective on the culture use of mammals in the Levant” in: Collins, 2002, p. 465 .
٤  سالم سليمان العيسى، «السكان القدماء لبلادِ ما بين النهرين وسورية الشمالية»، دمشق ١٩٩٩م، ص١٢١.
٥  يقع تل المريبط على الجانب الأيسر من نهر الفرات، على بُعد ٨٦كم شرق البحر المتوسط بسوريا، ويمتد هذا الموقع زمنيًّا من المرحلة النطوفية حتى العصر الحجري الحديث الفخاري؛ أي من ٩٠٠٠-٧٠٠٠ق.م: Shaw, I., Dictionary of archaeology, Great Britain, 1999, p. 411; Mellaart, J., The Neolithic of the neareast, London, 1981, p. 274.
٦  تغريد جعفر الهاشمي، حسن حسين عكلا، «الإنسان تجليات الأزمنة: تاريخ وحضارة بلاد الرافدين – الجزيرة السورية»، دمشق، ٢٠٠١م، ص٨٥.
٧  سلطان محسين، «المزارعون الأوائل»، دمشق، ١٩٩٤م، ص٦٢. فراس السواح، «دين الإنسان»، دمشق، ١٩٩٤م، ص١٦٣–١٦٤. جاك كوفان، «القرى الأولى في بلاد الشام من الألف التاسع حتى الألف السابع ق.م.»، مترجَم، دمشق، ١٩٩٥م، ص١٥٩، ١٦٣.
٨  Tappy, R. E., “Recent interpretations of ancient Israelite religion” in: J. A. O. S, vol. 123, 2003, p. 159 .
٩  Borowski, O., Op. Cit., p. 73 .
كان هناك اعتقادٌ بأنَّ قرون وجماجم الثور تبعِد الحسد، انظر: رضا محمد سيد أحمد، «العاج والمصنوعات العاجية»، ص٩١، هامش ١.
١٠  أحمد داود، «تاريخ سوريا القديم»، دمشق، ١٩٩٧م، ص١٥٥.
١١  Cauvin, J, “les fouilles de Mureybet (1971–1974) et leur signification pour les origines de la sedentarisation au proche-orient” in: Freedman, D. N. (edit.), archaeological reports from the TABQA DAM project Euphrates valley, Syria, Cambridge, 1979, p. 40 .
١٢  Hole, F., “Areassment of the neolithic revolution” in: palèorient, vol. 10/2, 1984, p. 53, 49 .
١٣  تقع عين غزال بالأردن، وهي من أكبرِ قرى العصر النيوليتي في الشرق الأردني، ولقد وضحت الأهمية الحيوانية لهذا الموقع ليس فقط من خلال كثرة البقايا العظمية الحيوانية، وإنما أيضًا من خلال ما عُثر عليه به من تماثيل حيوانية معتنًى بها كانت قد وُجِدت في العديد من الدفنات الآدمية أسفل أرضيات المنازل، وكان لكثرةِ العثور على تلك الهيئات الحيوانية، ما أدَّى بالدارسين إلى الربط بين تلك الهيئات الحيوانية وبين نوعٍ من الرمزية الدينية والطقوس الجنائزية المرتبطة بالحيوان.
١٤  Schmandt-Besserate, D., “Animal symbols at Ain Ghazal” in: Expedition, vol. 39, 1997, p. 52, Rollefson, G. O., “Ritual and ceremony at Neolithic Ain Ghazal” in: Expediton, vol., 39, 1997, p. 52; Rollefson, G. O., “Ritual and ceremony at Neolithic Ain Ghazal (Jordan)” in: palèorient, vol. 9/2, 1983, pp. 29, 55-56 .
١٥  Schmandt-Besserate, D., Op. Cit., p. 57 .
١٦  يقع تل أسود في حوض البليغ بسوريا، ويُؤرَّخ بمنتصف الألف السادس ق.م. تقريبًا.
١٧  سلطان محيسن، «عصور ما قبل التاريخ»، دمشق، ١٩٩٩م، ص٣٧٤.
١٨  تقع البيضة في منطقةٍ شبه جافة جنوب البحر الميت، وهي قرية تُؤرَّخ بالعصر الحجري الحديث، بل هي من أهم قرى تلك الفترة.
١٩  جاك كوفان، «ديانات العصر الحجري الحديث في بلاد الشام»، مترجَم، دمشق، ٢٠٠٠م، ص٦٢.
٢٠  Borowski, O., “Animals in the religions of Syria-Palestine” in: Collins, B. J., A history of the animal world in the ancient near east, Leiden, 2002, p. 407.
«ظهرت دلائل تقديس الثور في شمال سوريا، ليس من خلال الدفنات الحيوانية، وإنما من خلالِ ما حفلت به الأشكال الزخرفية الحيوانية التي جاءت على الفخَّار الذي عُثر عليه هناك».
Mellaart, T., Earliest civilizations of the rear east, London, 1981, pp. 94, 123-124.
٢١  يقع كفر حاوريش أسف الجليل بفلسطين.
٢٢  Horwitz, L. K, and Gorgin-Morris, N., “Animals and ritual during the Levantine PPNB: a case study from the site of Kfar HaHoresh, Israel”: anthropozoologica, vol. 93 (1), 2004, pp 172-173 .
٢٣  Cauvin, J., naissance des divinitès naissance de L`agriculture, Paris, 1997 .
كانت الثيران والأبقار من أكثر الحيوانات التي عُثر لها على هيئات وتماثيل فخارية في تلك الفترة بمواقع الشرق الأدنى القديم، ولقد عُثر على اثنين من تماثيل الثيران، كانا قد مُثِّلا وكأنهما مقتولان بأدوات صوانية بأعناقهما، ودُفنا في حفرةٍ بكفر حاوريش، ولقد فسَّر rollefson ذلك بأنهما دُفنا عن قصد، ليشيرا إلى ارتباطهما بطقسة سحرية متعلقة بالصيد. بينما رأى horwitz أنَّ ما عُثر عليه بالموقع، سواء لدفنات حيوانية لثيران وأبقار، أو تماثيل لهما، إنما هو إشارة إلى وجود عبادة حيوانية تتعلَّق بالماشية آنذاك: Horwitz, L. K, and Tchernov, E., “Animal domestication in the southern Levant” in: paléorient 25(2), p. 73; Horwitz, L. K, and Gorgin-Morris, N., Op. Cit., p. 173.
٢٤  Horwitz, L. K, and Gorgin-Morris, N., Op. Cit., p. 173 .
٢٥  Ibid., p. 173 .
٢٦  تقع المنحطة في وادي الأردن، وهي من مواقع العصر الحجري الحديث.
٢٧  جاك كوفان، «ديانات العصر الحجري الحديث»، ص٦٢.
٢٨  Van loon, M., “1974 and 1975 preliminary results of the excavations at Selenkahiay, near Meskone, Syria” in: freedman, D. N., (edit.) 1979, pp. 97, 100 .
٢٩  جاك كوفان، «القرى الزراعية الأولى في بلاد الشام»، ص١٥٩، ١٦٣.
٣٠  جاك كوفان، المرجع السابق، ص١٦٩.
٣١  أشرف زكريا، مرجع سابق، ص١٠٠. جاك كوفان، المرجع السابق، ص١٦٣.
٣٢  Zerries, O., “Lord of the Animals” in: Enc., of relig., vol., 9, 1997, pp. 22-25 .
٣٣  أشرف زكريا، مرجع سابق، ص١٠٤.
Mellaart, J., Earliest civilization, p. 48.
«ظهرت الثيران بكثرة في أعمال الفن، ولعل في ذلك انعكاسًا لِما كان سائدًا من معتقَدات لدى أصحاب هذا العصر، ارتبطت بالثيران، وبدورها الهام لا سيما الاقتصادية في الحياة اليومية آنذاك»: Jenssen, A. E., Mythes et cultes les peuples primitifies, Paris, 1954, p. 280; Borowski, O., 1998, p. 33.
٣٤  Mellaart, T., “The earliest settlements in western Asia, from the ninth to the end of the fifth Millennium B.C.” in: C. A. H, vol. 1 and 2, pp. 4-5, Ducos, P., “Methodology and results of the study of the earliest domesticated animals in the near east (Palestine)” in: Peter, J. UCKO and Dimplepy, G. W., The domestication and Exploitation of plants and animals, Chicago, 1969, pp. 265–266 .
٣٥  Wasse, A., “Final results of an analysis of the sheep end goat bones from Ain Ghazal, Jordan” in: Levant, Vol. 34, 2002, pp. 59-60, 68 .
٣٦  Davis, S. M. T., The Age profile of gazelles predated by ancient man in Israel: possible evidence for a shift from seasonality to sedentism in the Natufian” in: paleoriènt, Vol. 9/1, 1983, p. 140; Borowski, O., Op. Cit., p. 39 .
٣٧  William and Lancaster, F., “Limitations on sheep and goat herding in the eastern Badia of Jordan: an anthnoarchaeological enquiry” in: levant, Vol. 23, 1991, pp. 133, 135; Bannig, E. B., “Herders … or homesteaders? a Neolithic form in Wadi Ziqlab, Jordan” in B. A., vol. 58, 1995, p. 4 .
٣٨  جاك كوفان، «ديانات العصر الحجري الحديث في بلاد الشام»، ص٤٨. سالم سليمان العيسى، مرجع سابق، ص١٢٠؛ Cranstone, B. A. L., “Animal husbandry: the evidence from ethnography” in: UCKO, P. J., The domestication end exploitation of plants and animals, Chicago, 1969, pp. 247, 261.
٣٩  De Vaux, R. P., Palestine during the Neolithic and Chalcolithic, Cambridge, 1966, p. 6 .
عز الدين غريبة، «فلسطين تاريخها وحضارتها»، منشورات اتحاد المؤرخين العرب، ١٩٨١م، ص٦٢–٦٣.
«يعتقد أن يكون استئناس المَعْز عُرف أولًا في بلاد الشام، غرب آسيا، ثم انتقل إلى مصر».
٤٠  Rice, M, Egypt’s making, p. 48 .
٤١  الخيام: قرية ظهرت بها حضارة عُرفت باسم الحضارة الخيامية، وكانت بدايتها معاصرة للمريبط (٩٠٠٠ق.م.) واستمرَّت بعد ذلك بكثير، واتَّسمت ببعض المزايا الدينية لا سيما عبادة الثور تمامًا كالمريبط.
٤٢  Cauvin, J., “le Moyen Euphrate syrien et les premieres societe’s Agro-pastorals” in: AAAS, Vof 43, 1999, p. 56 .
٤٣  أشرف زكريا، مرجع سابق، ص١٢١–١٢٢. جاك كوفان، المرجع السابق، ص٤٤–٤٨. جاك كوفان، «القرى الأولى في بلاد الشام»، ص١٦٥.
٤٤  Bodenheimer, F. S., Animal and man in Bible lands, Leiden, 1960, p. 212 .
٤٥  تقع نحال بيسور شمال غرب صحراء النقب بوادي غزة، وبها عُثر على ثلاثة مستويات للإشغال تُؤرَّخ بالعصر البرونزي المبكِّر.
٤٦  Horwitz, L. M., and Tehernov, E., “The archaeozoology of three early Bronze age sites in Nahal Besor, north western Negev” in: Vanden Brink and Eliyannai, inquest of ancient settlements and landscapes, Tel Aviv University, 2002, pp. 112–116, 124 .
«سادت البقايا العظمية للمَعْز — لا سيما صغار المَعْز — في بعض المناطق، وسادت البقايا العظمية لصغار الغزلان في مناطقَ أخرى، وأحيانًا وُجِدت عظامُ كليهما معًا في العديد من المواقع، ويدُل ذلك على تبادلهما الأهمية، لا سيما الأهمية الاقتصادية في بلاد الشام».
Zeuner, F., History of domesticated animals, London, 1963, p. 132; Davis, S. M. T., The archaeology of animals, London, 1987, p. 140.
٤٧  London, G. A., “Homage to the elders” in: BA, Vol. 50, 1987, pp. 70–72 .
٤٨  Ibid., pp. 72–74 .
٤٩  Maher, E. F., “Food for the gods: sacred animal use at Tel Miqne-Akron” in: A. N., no. 7, 2002, p. 11 .
كانت المَعْز من أكثرِ الحيوانات المستأنسة انتشارًا وتواجدًا في أريحا، وكان لها دورها الاقتصادي الهام هناك: Mellaart, T., Op. Cit., p. 21.
٥٠  De Contenson, H., “Tell Ramad, a village of Syria of the 7th and 6th millenniam B.C.” in: Archaeology, Vol. 24, 1971, p. 278 .
خزعل الماجدي، «أديان ومعتقدات ما قبل التاريخ»، ص١١١.
٥١  محمد رياض، «الإنسان – دراسة في النوع والحضارة»، بيروت، ١٩٧٤م، ص٥٥٦.
٥٢  Cauvin, J., Op. Cit., p. 56; Bodenheiner, F. S., Op. Cit., p. 212 .
٥٣  Ibid., p. 56 .
٥٤  Cooper, J. C., An illustrated encyclopedia of traditional symbols, London, 1993, p. 74 .
٥٥  William and Lancaster, F., “Limitations on sheep and goat herding in the eastern Badia of Jordan: An Anthnoarchaeological Enquiry” in: Levant, Vol. 23, 1991, p. 133, 135; Bannig, E. B., “Herders … or homesteaders? a Neolithic form in Wadi Ziqlab, Jordan” in: B. A., vol. 58, 1995, p. 4 .
٥٦  Hole, F., “A reassment of the Neolithic revolution” in: Paléorient, Vol. 10/2, 1984, p. 57; Brown, C. J., “Animal husbandry” in: LUE., vol. 2, 1987, p. 23; De Vaux, R. P., Op. Cit., p. 9 .
٥٧  Olsen, S. T., Origins of the domestic dog, Tucson, 1985, p. 72; Brewer, D. T., “The path to domestication” in Brewer, D. and Clark, I. (edit.), 2001, pp. 23, 25 .
٥٨  عُثر على مخلَّفات وبقايا عظمية حيوانية، من العصر الحجري القديم في كهف عدلون (بين صور وصيدا) وكهوف نهري إبراهيم والكلب وكهف إنطلياس وكهف جبل الكرمل وفي شمال غربي البحر الميت وبحر الجليل وعند جسر بنات يعقوب (نجيب ميخائيل إبراهيم، «مصر والشرق الأدنى القديم (٣)، سوريا»، الطبعة الأولى، القاهرة، ١٩٥٩م، ص٣٢).
٥٩  أحمد أمين سليم، «تاريخ الشرق الأدنى القديم – مصر وسوريا القديمة»، لبنان، ١٩٨٩م، ص٢٥٠.
٦٠  عين الملاحة: تقع بوادي الأردن الأعلى، في حوض بحيرة الحولة بفلسطين، ويُؤرَّخ هذا الموقع بالألف العاشر ق.م.، وهو من أهم المواقع النطوفية.
٦١  Perrot, J., Eynan (Mallaha) 1975, Israel, Exploration Journal, 1975, p. 47; Le Roi-gourhan, A., “le’nvironnement de Mallaha (Eynan) Annatoufien” in: Paléorient, vol. 10/2–1984, pp. 103–105; Simon, J. M., Davis, “Why did prehistoric people domesticate food animals?” in Baryosef, O., investigations in south Levantine prehistory, Great Britain, 1989, pp. 43-44; Clark, T., “The dogs of the ancient near east” in: Brewer, D., and Clark, T., 2001, p. 51 .
٦٢  سلطان محيسن، «عصور ما قبل التاريخ، المزارعون الأوائل»، دمشق، ١٩٩٤م، ص٢١٣. سلطان محيسن، «الوحدة الحضارية في الوطن العربي القديم – عصور ما قبل التاريخ»، المؤتمر الخامس عشر للآثار والتراث الحضاري في الوطن العربي، دمشق، ٢٠٠٠م، ص١٥.
٦٣  يقع كهف هايونيم شمال فلسطين على ساحل البحر المتوسط، غرب الجليل، وعلى بُعد حوالي ١٣كم من الشاطئ الحالي، استخدم النطوفيون هذا الكهفَ لأغراض الصيد — لا سيما صيد الغزال — مرتين في العام.
٦٤  Clark, T., Op. Cit., p. 52 .
٦٥  Simon, T. M., Davis, Op. Cit., p. 44 .
٦٦  O’connor, T. P., “Working at relationships another look at animal domestication” in: Antiquity, Vol. 71, 1997, p. 159; Belfer-cohen, S., “The Natufian issue Asugestion” in: Baryosef, O., 1989, p. 298 .
٦٧  Clutton-Brock, T., “The early history of domesticated animals in Western Asia” in: Summer, 36, 1980, p. 39; Lewis, T., Anthropology made simple, London, 1982, p. 86 .
٦٨  سلطان محيسن، «عصور ما قبل التاريخ»، دمشق، ١٩٩٩م، ص٢١٣. جاك كوفان، «القرى الأولى في بلاد الشام»، دمشق، ١٩٩٥م، ص١٢١. سلطان محيسن، «المزارعون الأوائل»، ص٢٨.
٦٩  Garrod, D., A new Mesolithic industry: the Natufian of Palestine, in: JRAIGB, vol 62, 1932, pp. 261–265 .
٧٠  Clark, T., Op. Cit., p. 53 .
٧١  تقع مجدو على بُعد حوالي ١٧كم شمال شرق تل الأساوير، إلى الجنوب الشرقي من حيفا بفلسطين.
٧٢  Bate, D. M. A., Animal remains in Megiddo tombs, Chicago, 1938, pp. 210–212; Andelkovie, B., The relations between early age 1 Canaanites and upper Egyptians, Belgrade, 1995, p. 51 .
٧٣  سلطان محيسن، المرجع السابق، ص٢١٣.
٧٤  Clark, T., Op. Cit., p. 53 .
٧٥  Ibid., p. 54 .
٧٦  سلطان محيسن، المرجع السابق، ص١١.
٧٧  يقع تل أبي هريرة على ضفاف نهر الفرات شمال سوريا، وكان يقطن هذا المكانَ مجموعةٌ من الصيادين، اعتمدوا على صيد الغزال في معيشتهم، وبناءً على كثرة ما عُثر عليه بالموقع من بقايا عظمية للغزال، يمكن اعتبار تلك المنطقة مصدرًا لكثير من المعلومات عن هذا الموضوع.
٧٨  أ. ج. ليك؛ ب. أ. ر-كونوي، «صيد الغزلان في العصر الحجري في سوريا»، مجلة العلوم، المجلد الرابع – العدد الثالث، ١٩٨٨م، ص٦٦-٧١.
«عُثر على بقايا الغزال في العديد من مواقع الحضارة الموستيرية، وتبدَّى ذلك بشدة في مواقع الكهوف، لا سيما كهوف الطابون والسخول وكبارا وقفزة والعمود والزوتية».
Inbar, G., “Typological characteristics of the Mousterian Assemblage from BIQcat Quneitra,” p. 125; Shea, J. J., “Preliminary functional analysis of the Kebara Mousterian” in: Baryosef, O., Investigation in south Levantine prehistory, Oxford, 1989, p. 186.
٧٩  سلطان محيسن، مرجع سابق، ص١٢.
٨٠  Maringer, T., Gods of prehistoric man, London, 1960, p. 38 .
«نلاحظ أنه بدءًا من العصر الحجري القديم الأوسط، كانت قد ظهرت بعض الممارسات الروحية والدينية، التي جسَّدها النياندرتاليون، ودلَّت عليها مكتشفات مختلفة أتت من سوريا (الديدرية) وفلسطين (السخول – الكبارا)».
Découverte D’un SQuelette humain dans les Niveaux Mousteriens de la grotte de Kebara (Israel) in: Palérient, Vol. 7/1, 1981. p. 135.
سلطان محيسن، مرجع سابق، ص١٢.
٨١  منطقة نهر إبراهيم: من مواقع النياندرتاليين في لبنان – «عصر حجري قديم أوسط».
٨٢  سلطان محيسن، مرجع سابق، ص١٢.
٨٣  مغارة العصفورية: تقع في منطقة نهر إبراهيم، شمال بيروت.
٨٤  سلطان محيسن، الصيادون الأوائل، دمشق ١٩٨٩م، ص١٠١.
٨٥  أحمد سعيد، «نشأة الديانة ما بين التَّرحال والاستقرار خلال العصور الحجرية في بعض بلاد الشرق الأدنى»: مجلد مؤتمر التراث والحضارة الخامس عشر لليونسكو، المنعقد في سوريا، مارس ٢٠٠٠م، ص١٢١.
٨٦  عز الدين غريبة، «فلسطين: تاريخها وحضارتها»، ص٦٣.
٨٧  Campboll, J., Primitive my theology, London, 1878, p. 342; Dastugue, T., “Pieces pathologiques de la” Necropole “Mousterienne de Qafzeh” in: Palérient, Vol. 7/1, 1981, p. 135 .
أحمد سعيد، مرجع سابق، ص١٢٠.
٨٨  خزعل الماجدي، «أديان ومعتقدات ما قبل التاريخ»، دمشق، ١٩٩٧م، ص٣٧–٤٠.
٨٩  أحمد أمين سليم، «تاريخ الشرق الأدنى القديم، مصر وسورية القديمة»، بيروت، ١٩٨٩م، ص٢٤٦.
«منذ أن دبَّ الإنسان العاقل أو إنسان العصر الحجري القديم الأعلى، على ظهر الأرض، نشأت معه كثيرٌ من المعتقدات؛ إذ حاول السيطرةَ على القوى الخفية بالتقرُّب إليها بالأضاحي والقرابين، فعرف ما نسميه بالسحر والشعوذة والخرافات والأساطير، ثم ظهرت إرهاصات الدِّين، وقد أظهرت فنون هذا الإنسان معظمَ مشاعره ومعتقداته» (أحمد سعيد، مرجع سابق، ص١٢٠–١٢١).
٩٠  Stekelis, M., “El-Qafza cave” in: encyclopedia of archaeology excavations in the Holy-land, land, Vol. 4, Oxford, 1978, p. 961 .
٩١  Cooper, T. C., An illustrated encyclopedia of traditional symbols, London, 1978, p. 31 .
«يرى Cooper أنَّ الكهف بوجه عام كان بمثابة قلب العالم ومركزه — رحم الأرض — مكان التقاء واتحاد الروح بالجسد، وهو المكان الذي يتقابل فيه المقدَّس بالآدمي، وهو مكان ميلاد الآلهة، وهو المكان الخفي المقدَّس. بينما يرى Heyden, H., أنَّ الكهف هو موضعُ السكنى والدفن، وقد يكون أيضًا بمثابة مزار يتم فيه أداء بعض الطقوس الدينية لو صحَّ التعبير، وهو كذلك موضعُ أرواح الحيوانات، وربما أُقيمت فيه طقوس جنائزية اشتملت على نوعٍ من التقدمات الحيوانية، ومن ثَم فقد رأى بعض الباحثين أنَّ الكهف يُعَد نموذجًا لحياة إنسان الباليوليتي، وكان له بمثابة عالم صغير، رمز إلى الحياة والموت معًا، وبالتالي كان له أهميته التي لم تتوقَّف عند حدود العصر الحجري القديم بمراحله، بل تعدَّته زمنيًّا».
Cooper, T. C., Op. Cit., p. 31; Heyden, H., “Caves” in: Enc., of Reli, Vol. 3, pp. 128–130.
٩٢  سعدي الرويشدي، «الكهوف في الشرق الأدنى»، سومر، ج١، ٢، ١٩٦٩م، ص٢٥٩–٢٦٠.
٩٣  Payne, S., “Bones from cave sites: Who ate what? problems and a case study” in: Clutton-Brock, G., Animals and archaeology, Great Britain, 1983, p. 149 .
٩٤  Ingold, T., “Time, Social relationships and exploitation of animals: anthropological reflections on prehistory” in: AA, 3. early Herders and their flocks, Great Britain, 1984, pp. 11-12 .
٩٥  يمتد العصر الحجري الوسيط من ١٤–١٠ آلاف ق.م. تقريبًا، وكانت الحضارة النطوفية هي أهمَّ ما ميَّز هذا العصر، وقد استمدَّت تلك الحضارة اسمَها من وادي النطوف — نسبةً إلى كهف شقبة بوادي النطوف — شرق البحر المتوسط، وامتدَّت الحضارة النطوفية زمنيًّا من ١٠٣٠٠–٨٥٠٠ق.م.، وتمركزت في فلسطين، وامتدَّت شمالًا إلى سوريا، وشرقًا إلى مصر حيث ظهرت ملامحها بوضوحٍ في حلوان، وتُعَد هذه الحضارة بمثابة نقطة التحول نحو الحضارة المدنية، التي بدأت تدريجيًّا بالخروج من الكهوف والتجمع في وحدات قروية صغيرة شبه مستقرة، أخذت شكلها الثابت مع مطلع الألف التاسع ق.م.
Redman, C., The rice of civilization, Sanfrancisco, 1978, pp. 17–77; Cauvin, J., les premiers Villages de Syrie-Palestine, Lyon, 1978, pp. 1–3; Sillen, A., “Dietary reconstruction and near eastern archaeology” in: Expedition, Vol. 28, No. 2, 1986, p. 19; Belfer-cohen, A., Op. Cit., p. 297; Maisels, C. K., The emergency of civilization from the state in the Near east, London, 1990, p. 78.
٩٦  Davis, S. J. M. “The age profile of gazelles predated by ancient man in Israel: possible evidence for a shift from seasonality to sedentism in the Natufian” in: Paléorient, vol. 9/1, 1983, p. 60 .
٩٧  Legge, A. J., “Prehistoric exploitation of the gazelle in Palestine” in: Higgs, E. S., Papers in economic prehistory, Cambridge, 1972, pp. 119–124; Simmons, A. H., and IIani, G., What mean these bones? Behavioral implications of gazelles, remains from archaeological sites, in: Paléorient, 3, 1985, pp. 269–274; Clutton-Brook, J., “Fauna of the levant during the pre-pottery Neolithic period” in: the environ mental history of the Near and Middle east since the last ice Age, London, 1978, pp. 29–450 .
٩٨  تقع عين الملاحة شمال غربي بحيرة الحولة، بوادي الأردن.
٩٩  Parrot, J., “Eynan” in: Avi-yonah, M., Encyclopedia of archaeology excavation in the Holy-land, Vol. II, London, 1976, pp. 391-392 .
١٠٠  جاك كوفان، «القرى الأولى في بلاد الشام»، دمشق، ١٩٩٥م، ص٣٥-٣٧، ١٦٢. جاك كوفان، «ديانات العصر الحجري الحديث في بلاد الشام»، مترجَم، ١٩٨٨م، ص٣٤-٣٦.
١٠١  كهف هايونيم: يقع شمال فلسطين، غرب الجليل، وقد استخدم النطوفيون هذا الكهفَ لأغراض صيد الغزال، ويُفترض استخدامهم له مرتين في العام، وهذا يبرِّر ضخامةَ ما عُثر عليه من بقايا عظمية للغزلان في الكهف: Sillen, A., Op. Cit., p. 19.
١٠٢  Lieberman, D. E., “Seasonality and gazelle hunting at Hayonnim cave: new evidence for sedentism during the Natufian” in: Paléorient, vol. 17/1, 1991, pp. 48–54 .
١٠٣  أشرف زكريا، مرجع سابق، ص٣٩٠–٣٩١.
١٠٤  Hesse, B., and Wapnish, P., Animal bone archeology, Washington, 1985, pp. 13-14 .
١٠٥  Goring-Morris, A. N., “The quick and the dead: the social context of a ceramic Neolithic Mortuary practices as seen from Kfar Hahoresh” in: Kuijt, I. (edit.), social configurations of the near eastern Neolithic: community identity, hierarchical organization and ritual, New York, 2000, pp. 103–135; Goring-Morris, A. N., and Boaretto, E., and wiener, S., “Radiometric dating of the PPNB Mortuary site of Kfar Hahoresh, lower Galilee, Israel: problems and preliminary results” in: JIPS, Vol. 31, pp. 213–218; Horwitz, L. K., 2004, 174, 176 .
١٠٦  باب الدهرة أو الزهرة: من مواقع العصر البرونزي المبكِّر المكتشفة جنوب الأردن، على الجانب الجنوبي الغربي من البحر الميت: Rast, W. E., and Schaub, R. T., “The 1977 expedition to the south eastern Dead Sea plain, Jordan” in: AASOR, vol. 46, 1979, pp. 1, ff; Rast, W. E., “Patterns of settlement at Bab Edh-Dhra” in: AASOR, Vol. 46, 1977, p. 7.
١٠٧  Hesse, B., and Wapnish, P., “Animal remains from Bab edh-Dhra cemetery” in AASOR, Vol. 46, 1977, p. 133; Schaub, R. T., “Patterns of Burial at Bab Edh-Dhra” in: AASOR, 46, 1977, pp. 45, 58 .
١٠٨  Hesse, B., Op. Cit. p. 134-134 .
١٠٩  Bodenheimer, Animal and man in Bible lands, Leiden, 1960, p. 211; Bodenheimer, F. S., Animal life in Palestine, Jerusalem, 1935, p. 112 .
١١٠  Hesse, B., and Wapnish, P., Op. Cit., pp. 134-135 .
١١١  سلطان محيسن، مرجع سابق، ص١٢. أحمد سعيد، مرجع سابق، ص١٢١.
١١٢  جاك كوفان، «القرى الأولى في بلاد الشام»، ص٣٥–٣٧.
١١٣  Bodenheimer, F. S., 1960, p. 211, Bodenheimer, F. S., 1935, p. 112 .
١١٤  Sherratt, A., “The secondary exploitation of animals in the old world” in: W. A., vol. 15, 1983, p. 95; Simon, J. M. Davis, The archaeology of animals, London, 1983, p. 165 .
١١٥  موقع تل أم المرة: هو موقع قديم يوجد على الطريق الرئيسي الذي يربط شمال شرق سوريا ببلاد النهرين، ويُؤرَّخ هذا الموقع بالعصر البرونزي المبكِّر بمراحله الثلاثة.
١١٦  Schwartz, G. M., and Curvers, H., “3rd. millennium B.C. elite tomb from Tell Umm El-Marra, Syria” in: Antiquity, Vol. 74, 2000, p. 772 .
«ربط العلماء بين ظهور ومعرفة وانتشار الحمير في الشرق الأدنى القديم، وبين التجارة وبدء ظهور الحضارة بكل مظاهرها، لا سيما وأنَّ الحمير باعتبارها من حيوانات الركوب والحمل، كان لها أهميتها واستخداماتها كوسيلة للربط المكاني ما بين سيناء شمال مصر، وصحراء النقب لا سيما منذ عصر ما قبل الأسرات في مصر».
Simon J. M. Davis., Op. Cit., p. 165.
١١٧  Schwartz, G. M., and others, “A third-millennium B.C. elite tomb other new evidence from Tell Umm El-Marra, Syria” in: AJA, Vol. 107, 2003, p. 345 .
١١٨  Ibid., pp. 346, 326 .
١١٩  Schwartz, G. M., and others, “Excavation and survey in the Jobbul plain, western Syria: the Umm Marra project 1996-1997” in: AJA, Vol. 104, 2000, pp. 433, 437- 438 .
كانت كلٌّ من الحمير والكلاب من الحيوانات التي اعتُمد عليها في موقع أم المرة في الغذاء، فكانت لهما أهميتهما الاقتصادية، ولا أدلَّ على ذلك مما عُثر عليه من بقايا عظمية لكلاب وحمير، وضح عليها آثار احتراق: وإن كانت الدارسة تستبعد فكرةَ اعتمادهم على أكل الكلاب.
Ibid., p. 438.
١٢٠  تقع نحال بيسور شمال غرب صحراء النقب بوادي غزة، وبها عُثر على ثلاثة مستويات للإشغال تُؤرَّخ بالعصر البرونزي المبكر.
١٢١  Horwitz, L. K., and techernov, E., and others, “The archaeology of three early Bronze age sites in Nahal Besor North-Western and Negev” in: Van Den Brink, in quest of ancient settlements and Landon copes, Tel Aviv, 2002, pp. 107–110 .
١٢٢  Ibid., p. 111 .
«يرى Churcher أنَّ دخول الحمير إلى مصر كان عن طريق سيناء، وذلك في العصر الباليوليتي، وإنها شاعت بشمال أفريقيا خلال نهاية عصر البلايستوسين، بينما يرى Fitzinger أنَّ شمال شرق أفريقيا هي مقرُّ الحمار الوحشي النوبي، الذي اعتُبر أصلَ الحمار المستأنس، وسواء كان هذا، أو ذاك، فما يهمنا هو أنَّ الحمار كان وسيلةً مشتركة بين البلدين أو عاملًا مشتركًا، لا يُستبعد معه أن تكونَ دفناتُ الحمير التي عُثر عليها في مصر وُجِد صداها ببلاد الشام أو العكس».
Osborn, D. J., with Osbornova, T., The mammals of ancient Egypt, England, 1998, p. 132.
١٢٣  Horwitz, L. K., Op. Cit., pp. 110-111 .
«فقد عُثر على الكثير من الأشكال الفخارية، لحميرٍ تُؤرَّخ بالمرحلة EBI من العصر البرونزي، وذلك في العديد من الدفنات الآدمية التي عُثر عليها».
١٢٤  Rast, W. E., and Schwab R. T., “The 1977 expedition to the south eastern Dead Sea plain, Jordan” in: AASOR, Vol. 46, 1979, p. 135 .
١٢٥  Meadow, R. H., “Inconclusive remarks on pastoralism Nomadism, and other animal-related matters” in: Bar-yosef, O., and Khazanov, A., Pastoralism in: the Levant, archaeological materials in anthropological perspectives, London, 1992, p. 263 .
١٢٦  Borowski, O., Every living thing, daily use of animals in ancient Israel, London, 1998, p. 97 .
١٢٧  Rizkana, I., Maadi III, Cairo, 1989, p. 91 .
١٢٨  Borowski, O., Op. Cit., p. 97 .
١٢٩  Bodenheimer, F., 1960, p. 29. Maringer, T., Op. Cit., p. 38 .
١٣٠  Clark, G., Prehistoric societies, New York, 1968, p. 68; Anati, E., 1963, p. 101; Clark, G., World prehistory in now perspective, London, 1977, p. 38 .
١٣١  Maringer, T., Op. Cit., pp. 15–20 .
١٣٢  فراس السواح، «دين الإنسان»، دمشق (د.ت)، ص١٣٤–١٣٥.
١٣٣  فراس السواح، مرجع سابق، ص١٢٨–١٢٩.
١٣٤  Anati, E., Op. Cit., p. 240; CLutton-Brock, J., “The early history of domesticated animals western Asia” in: summer, vol. 36, 1980, pp. 37–41 .
«ربما استُؤنس الخنزير في أجزاءٍ كثيرة من آسيا، لا سيما جنوبها الغربي وشمالها، منذ حوالي الألف السابع ق.م.».
١٣٥  Kuijt, I and Corning-Morris, N., “Foraging, farming and social complexity in the pre-pottery Neolithic of the southern Levant: A review and synthesis” in: JWP., Vol. 16, 2002, p. 416 .
١٣٦  Anati, E., The question of fertility cults, Amsterdam, 1988, p. 7 .
١٣٧  Bodenheimer, F. S., Animal life in Palestine, Jerusalem, 1935, p. 130 .
١٣٨  Horwitz, L. M., Op. Cit., pp. 112–116, 124 .
١٣٩  عرق الأحمر: من المواقع النطوفية الهامة بصحراء النقب، جنوب فلسطين: Gilead, D., Judean desert-prehistoric sites” in: Encyclopedia of archeology, excavations in: the Holy-land, Vol. III, Oxford, 1977, pp. 661-662.
١٤٠  جاك كوفان، «ديانات العصر الحجري الحديث»، ص٣٦، و«القرى الأولى في بلاد الشام»، ص١٦٢.
١٤١  Rast, W. E., and schwab R. T., “The 1977 expedition to the south eastern Dead Sea plain, Jordan” in: AASOR, Vol. 46, 1979, p. 135 .
١٤٢  Hesse, B., and Wapnish, P., Animal bone archaeology, Washington, 1985, pp. 13-14 .
١٤٣  Eiwanger, T., Merimde Beni salâme III, pp. 81-82 .
١٤٤  تُعرف أريحا حاليًّا بتل السلطان وهي تقع على بُعد ٥كم شمال البحر الميت بفلسطين.
١٤٥  Clutton-Brock, J., Domesticated animals from early times, London, 1981, p. 111; Borowski, O., Every Living thing, pp. 145-146 .
١٤٦  Stekelis, M., Op. Cit., p. 961 .
١٤٧  Payne, S., Op. Cit., p. 149 .
١٤٨  Ibid., p. 150 .
١٤٩  يقع كهف الدوارا على بُعد ١٥كم شمال شرق بالميرا، بوسط سوريا.
١٥٠  Ibid., pp. 150, 161 .
١٥١  Stekelis, M., Kebara cave “in: Avi-yonah, M., Encyclopedia of archaeology” excavations in the Holy-land, Vol. III, London, 1977, p. 699 .
١٥٢  يبرود: موقع نطوفي بشمال فلسطين.
١٥٣  Anati, E., 1963, p. 146 .
١٥٤  Ali Abou Assaf, M. A., “Der friedhof von Yabrud” in: AAAS, vol. 17, 1967, p. 61 .
١٥٥  Duncan, T. G., “Excavation of Teleilat Ghassul” in: A. E., part, III, 1931, pp. 65–76; Lee, J. R., “Tuleilat El-Ghassul” in: Avi-Yonah, M., Encyclopedia of archaeology excavations in the Holy-land, Vol. 4, Oxford, 1978, pp. 1205–1213 .
١٥٦  رشيد الناضوري، «مصر وسوريا ولبنان»، بيروت، ١٩٦٨م، ص١٧٤. أحمد أمين سليم، «في تاريخ الشرق الأدنى القديم، مصر وسورية القديمة»، ص٢٦٥. رشيد الناضوري، «المدخل في التحليل الموضوعي المقارن للتاريخ الحضاري والسياسي في جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا»، بيروت، ١٩٧٦م، ص٤٢.
١٥٧  Smith, P., and Horwitz, L. M., “Human and remains from the Burial cave animal Shacar Ephraim central” in Tel-Aviv, Vol. 25, 1988, pp. 110–114 .
١٥٨  Richard, S., “The early Bronze age, the rise and collapse of urbanism” in: B. A., Vol. 50, 1987, p. 31 .
١٥٩  تقع عين الأساوير إلى الجنوب الغربي من مجدو بحوالي ٢٠كم، بفلسطين.
١٦٠  Yannai, E., “The northern Sharon in the Chalcolithic period and the Beginning of the early Bronze Age in light of the excavation at En Assawir, in: Van Den Brink, 2002, p. 73 .
١٦١  هارتوف: موقع من مواقع العصر البرونزي المبكِّر الأول بفلسطين، يقع شمال بيت شماس.
١٦٢  Mazar, A., and De Miroschedji, P. “Hartuv, an aspect of the early Bronze culture of southern Israel” in: BASOR, 302, 1996, pp. 1–9 .
١٦٣  Kaplan, J., “Tel Aviv” in: Avi-Yonah, M., 1978, pp. 159–161 .
١٦٤  Pichon, J., “Praures Natoufiennes En OSde perdrix” in: Paléorient, vol. 9/1, 1983, p. 91 .
١٦٥  Ibid., pp. 95–97 .
١٦٦  James, E. O., The three of life, Leiden, 1966, p. 201 .
١٦٧  Cooper, J. C., Op. Cit., p. 20 .

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥