قِيثَارَتِي

بدَّدْتِ يا قيثارتي أنغامي
ونسيتِ لحنَ صبابتي وغرامي
مرَّتْ ليالٍ كنتِ مؤنستي بها
وعزاءَ نفسٍ جمَّةِ الآلامِ
تروينَ من طربِ الصِّبا وحنينه
وتُذهِّبينَ حواشيَ الأحلامِ
كالبلبلِ الشَّاكي رويتِ صبابتي
لحنًا تمشَّى في دمي وعظامي
أنشودةُ الوادي ولحنُ شبابه
ذابتْ على صدرِ الغديرِ الطامي
شاقَ الطبيعةَ من قديمِ ملاحني
أصداؤُك الحيرَى على الآكامِ
وشجا البحيرةَ واستخفَّ ضفافها
لحنٌ كفائرِ موجها المترامي

•••

يا ربَّةَ الألحان غنِّي وابعثي
من كلِّ ماضٍ عاثرِ الأيامِ
هل من نشيدكِ ما يجدِّد لي الصِّبا
ويعيدُ لمحة ثغره البسَّامِ
ويصور الأحلامَ فتنةَ شاعرٍ
تُوحي الخيالَ لريشةِ الرسَّامِ
وادي الهوى ولَّتْ بشاشةُ دهرِهِ
وخَلَتْ مغانيهِ من الآرامِ
طارت صوادحُهُ وجفَّ غديره
وذوى بشطَّيهِ النضيرُ النَّامي
واعتاض من هَمْس النسيم بعاصف
داوٍ يشقُّ جوانبَ الأظلامِ
وهو الصَّدى الحاكي لضائع صرختي
وصداكِ بين الغورِ والآكامِ
قد كُنَّ أُلَّافي ونزهةَ خاطري
وسماءَ وحيِ الشعرِ والإلهامِ
ما لي بهنَّ سكتنَ عن آلامي؟
أنسينَ عهدَ مودتي وذمامي؟

•••

يا ربَّة الألحان هل من رجعةٍ
لقديم لحنِكِ أو قديم هيامي؟
فاروي أغانيَّ القُدامى، وانفثي
في الليل من نفثات قلبي الدَّامي
علَّ الذي غنَّيتُ عرشَ جماله
وطفقتُ أرقُب أفقه المتسامي
تُشجيه ألحاني فيسعدني به
طيفٌ يضنُّ عليَّ بالإلمامِ
ما لي أراكِ جمدت بين أناملي
وعصيتِ أنَّاتي ودمعي الهامي
خرساءَ لا تتلو النشيدَ ولا تعي
سرَّ الغناءِ ولا تعيدُ كلامي
يغري الكآبةَ بي ويكسفُ خاطري
أنِّي أراكِ حبيسةَ الأنغامِ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤