مصرَع سيَاسِي

كم شهيدٍ فيكِ مهدور الدِّماءْ
لا تُراعِي! أنتِ أمُّ الشُّهَداءْ
كلُّ غالٍ من متاعٍ ودمٍ
لكِ يا مصْرُ، وما عزَّ الفداءْ
إيهِ يا مصرُ، خُذِي ما شِئْتِه
وَلداعي المجْد منا ما يشاءْ
قيل: أودى «بأمين» قاتلٌ
كيف يُودي ببنيك الأُمَنَاءْ
كيف يُودَى بفتًى من خُلْقِهِ
كلُّ معنًى من سماحٍ ووفاءْ
كمنَ الغدر لهُ، ثم رمى
عن يدٍ عسراءَ شعواءَ الرِّماءْ
صاعدًا يرقى على سُلَّمهِ
دَرَجَ المجد ومرموقَ العلاءْ
دمُهُ المسفوك حُبٌّ وندًى
ومزاجٌ من حياءٍ وإباءْ
ورحيقٌ عَطِرٌ من نفحهِ
يَثْمَل الأعداءُ قبل الأصدقاءْ
وهوًى للوطن الحر الذي
خرَّ في حومته بعضَ ذماءْ
لو أتاهُ نبأٌ عن قتله
قال: وهمٌ وأحاديثُ افتراءْ

•••

فتنةٌ حمراءُ شَبَّتْ نارَها
شهواتٌ ينتحينَ الأبرياءْ
عربدتْ هوجاءَ واسْتَشْرَتْ قُوَى
واستبدَّتْ بعقول الضعفاءْ
باطلٌ، إن مرَّت الرِّيحُ بهِ
طارَ عن صاحبهِ وهو هباءْ
وإذا ما لمح النُّورَ جَرَى
وتخفَّى تحت جُنحٍ من مساءْ
لا تقولوا: طائشٌ في رأيهِ
إنما الرأيُ من الغدر براءْ
إنما الناسُ لهمْ آراؤهم
وهمو الأحرار فيها الطُّلقاءْ
وعلى ودٍّ وبرٍّ وهدى
لهمو فيها فراقٌ ولقاءْ
غير ما مسَّ دمًا فاجهرْ بهِ
وَتَحَدَّ الحاكمين الأقوياءْ
واذكر الأوطانَ لا تأخذْ بما
يكتب الحقدُ ويُمليهِ العداءْ
ليس منْ مصر ولا من أهلها
مُزهقُ الأرواح أو مُجري الدماءْ

•••

يا زعيمَ الشعب هذي محنةٌ
فوق ما يحمل طوقُ الزعماءْ
ليست الأُولَى وقد كُنْتَ لها
غَرَضًا، منه لك الرُّوحُ وقاءْ
قَدَّرَ اللهُ، وما قَدَّرَهُ
ليس يُعْفَى منه سكانُ السماءْ
من يكن مثلَكَ في إيمانه
كيف أدعوهُ لصبرٍ أو عزاءْ
إنني أرثي لمصرٍ رجلًا
مصرُ منا فيهِ أحرى بالرثاءْ!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤