هِيَ

«إلى التي علَّمتني كيف أحب وكيف أكره.»

هي الكأسُ مشرقةً في يديكَ،
فماذا أرابكَ في خمرِها؟
نظرتَ إليها وباعدْتَهَا
كأنَّ المنيَّةَ في قَطْرِهَا
أما ذقتَها قبلَ هذا المسَاءِ
وعربدْتَ نشوانَ من سُكْرِهَا؟
حَلَا طعمُها يوم كنتَ الخَلِيَّ،
وكلُّ الصبابةِ في مُرِّهَا
سُقيتَ بها من يدٍ لم تَكُنْ
سوى الريح تَنْفُخُ في جَمْرِهَا

•••

تَلَفَّتْ! فهذا خيالُ التي
مَرِحْتَ وغرَّدتَ في وكْرِهَا
وغُرفتُها لم تزَلْ مثلما
تنسَّمتَ حُبَّكَ من عطرِهَا
وقفتَ بها ساهمًا مُطرقًا
يحدِّثكَ الليلُ عن سرِّها
مكانُكَ فيها كما كان أمسِ،
وذلك مثواكَ في خِدْرِهَا
وآثارُ دمعِك فوقَ الوسادِ،
وفوق المُهدَّل من سترِهَا
فهل ذُقْتَ حقًّا صفاءَ الحياةِ،
وذَوْبَ السعادة في ثَغْرِهَا؟
إذا فُتِحَ البابُ تحتَ الظلامِ
فكيف ارتماؤُكَ في صَدرِهَا؟
وكيف طوى خَصْرَهَا ساعدَاكَ
ومرَّتْ يَدَاكَ على شعرِهَا؟
وما هذه؟ رِعْشَةٌ في يَدَيْكَ؟
أم الكَأْسُ ترجُفُ من ذِكْرِهَا؟
وما في جبينك، يا ابنَ الخيال؟
سِماتٌ تُحَدِّثُ عن غَدْرِهَا!!

•••

لقد دنَّسَ الجسَدُ الآدميُّ
حياةً حَرَصْتَ على طُهْرِهَا
بكى الفنُّ فيكَ على شاعرٍ
تسائِلُهُ الروحُ عن ثَأْرِهَا
نزلتَ بها وَهْدَةً كم خبا
شُعاعٌ وغُيِّبَ في قبرِهَا
رفعتَ تماثيلَكَ الرائعاتِ
وحَطَّمْتَهُنَّ على صَخْرِهَا

•••

فدَعْ زهرةَ الأرض يا ابنَ السماءِ،
فأنتَ المبرَّأُ من شرِّهَا
مراحُك في السُّحُبِ العالِيَاتِ
وفوق المنَوِّرِ من زُهْرِهَا
فَمُدَّ جَنَاحَيْكَ فوق الحياةِ،
وأطْلِقْ نشيدَك في فَجْرِهَا

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤