مهرجانُ الزِّفافِ

سِحْرٌ نطقتُ به وأنت المنْطِقُ
ولكَ الولاءُ ولي بعرشكَ موثِقُ
يا أفقَ إلهامي ووحيَ خواطِرِي
هذا نشيدي في سمائِكَ يَخفِقُ
توحِي إليَّ الشعرَ علويَّ السنا
مصرٌ، ونورُ شبابِكَ المتألِّقُ
وشواردٌ هزَّ النجومَ رويُّها
والكونُ مُصغٍ والشعاعُ يُصَفِّقُ
في ليلةٍ للنفس فيها هِزَّةٌ
ولكلِّ قلبٍ صبوةٌ وتشوُّقُ
رَيَّا الأديمِ كلجَّةٍ مسجورةٍ
يسري عليها للملائِكِ زورَقُ
غنَّى بها الشعرُ الطروبُ وأقبلتْ
بالزهرِ حوريَّاتُهُ تتمنطَقُ
وشدا الرعاةُ المُلْهَمُون كأنَّما
سيناءُ من قَبَسِ النبوَّةِ تُشرِقُ
هيَ من طوالِعِكَ الحسانِ، وإنَّه
أَمَلٌ لمِصْرَ على يديكَ يُحَقَّقُ
مصرٌ إذا سُئِلَتْ فأنت لسانُها
وجنانُها، وشعورُها المتدفِّقُ
فَتَلَقَّ فرحتَها بعيدكَ إِنَّه
عيدٌ يهنئُ مصرَ فيه المَشرِقُ

•••

مولايَ هلْ لي أن أُقَبِّلَ راحةً
بيضاءَ تُحْيِي المأثراتِ وتَخْلُقُ
مَرَّتْ على الوادي، فكلُّ شعابِهِ
عَيْنٌ مفَجَّرَةٌ، وغصنٌ مُورِقُ
وجَلَوْتهَا للناظرينَ فأبصروا
برهانَ ربك ساطعًا يتألَّقُ
لو رُدَّ فرعونٌ وسِحْرُ دعاتِهِ
وتساءَلوا بكَ مُجْمِعِينَ وأحدَقُوا
لَقِفَتْ عصاكَ عصيَّهُم فتصايَحُوا
لا سحرَ بعد اليوم، أنتَ مُصَدَّقُ
يا باعثَ الروحِ الفتيِّ بأمةٍ
تسمو بها آمالُها وتُحَلِّقُ
أغلى الذخائر في كنوز فخارِها
تاجٌ يُجَمِّلُهُ بنورِكَ مفرِقُ
صاغَتْهُ من آمالِهَا ودمائِهَا
وأَجَلُّهُنَّ دمُ الشباب المُهْرَقُ
إن أنسَ، لا يَنْسَ اليمينَ ويومَهُ
قلبي الطروبُ وجَفْنيَ المغرَوْرِقُ
وهُتافُ روحي في خِضَمٍّ صاخبٍ
خِلْتُ الفضاءَ الرَّحْبَ فيهِ يَغْرَقُ
القائدُ الأعلى، وتحتَ لوائِهِ
حُرَّاسُ مصرَ الباسلونَ السُّبَّقُ
طَافوا بساحَتِكَ الكريمةِ فيلقًا
يَحْدُوهُ منْ آمالِ مصرٍ فَيْلَقُ
وأَنَلْتَهُمْ شَرَفَ المُثُولِ فَقَرَّبوا
مُهَجًا يَحوطُكَ حُبُّها وَيُطَوِّقُ
وضعوا الأكُفَّ على الكتاب وأقْسموا
وسيُوفُهُمْ من لَهْفَةٍ تَتَحَرَّقُ
أَوْمَا لها الماضي، فجُنَّ حديدُهَا
حتى تكادَ بغيرِ كَفٍّ تُمْشَقُ
ذَكَرَتْ بك النصرَ المبينَ وفاتِحًا
يطأُ الجبالَ الشامخاتِ ويَصعَقُ
يا صنوَ إبراهيمَ، لو ناديتُه
بك لاستجابَ وجاءَ باسمِكَ يَنْطِقُ
لك مصرُ، والسودانُ، والنهر الذي
يَحْيَا المواتُ به، ويغنَى المُمْلِقُ
عرشٌ قوائِمُهُ التُّقَى، وظلَالُهُ
عَدْلٌ، وروحانيَّةٌ، وتَرَفُّقُ
المسجدُ الأقصى يودُّ لَوَ انَّهُ
أسرى إليهِ بكَ الخيالُ الشيِّقُ
كَمْ وقفةٍ لَكَ في الصلاةِ كأنَّمَا
عمرٌ تَحُفُّ به القلوبُ وتَخْفُقُ
لما وقفتَ تَلَفَّتَ المحرابُ منْ
فَرَحٍ، وأنتَ لديهِ حانٍ مطرِقُ
ويكاد من بَهَجٍ يُضِيءُ سِراجَه
وجهٌ عليه من الطهارَةِ رَوْنَقُ
أحْييْتَ سُنَّةَ مالكينَ سما بِهِمْ
في الشرقِ أوجُ حَضَارَةٍ لا يُلْحَقُ
فانينَ في حبِّ الإله، ولنْ تَرَى
بعدَ الأُلُوهَةِ ما يُحبُّ ويُعْشَقُ
طُهْرٌ عَصَمْتَ به الشبابَ وإنَّمَا
شِيَمُ الملوكِ به أحقُّ وأخلقُ
تُغْضِي لرقتكَ النفوسُ مهابةً
وتَهُمُّ بالنظرِ العيونُ فَتُشْفِقُ
إنَّ السيوفَ تُهاب وهيَ رقيقةٌ
وخَلائِقُ العظماءِ حينَ تُرَقَّقُ

•••

ألقى البشيرُ على المدائِنِ والقُرَى
نبأً كصوت الْوَحْيِ ساعةً يُطْلَقُ
عَبَر الضِّفَافَ الحالماتِ فمسَّحَتْ
جَفْنًا، وهبَّ نخيلها يتأَنَّقُ
فَرحٌ تَمَثَّلَ مصرَ فهيَ خواطرٌ
صدَّاحةٌ، وسرائرٌ تترقرَقُ
اليومَ آمَنتِ الرعيةُ أنَّها
أَدْنَى لقلبِكَ في الحياةِ وألصَقُ
آثَرْتَهَا، فحبتْكَ من إيثارِهَا
تاجًا شعائرُهُ الولاءُ المُطْلَقُ
مَلِكاتُ مصر الرائعاتُ، إذا بدا
كفٌّ تشيرُ له، وعينٌ تَرْمُقُ
وحديثُ أرواحٍ يَضوعُ عَبيرهُ
ومنَ الطهارَةِ ما يَضوعُ ويَعبْقُ
يا صاحِبَيْ مِصْرٍ، أظلكَّمُاَ الرِّضَا
وجرى بيُمْنِكُمَا الربيعُ المونِقُ
وفداءُ عَرْشِكُمَا المؤَثَّلِ أمةٌ
أَمْسَتْ خناصِرُهَا عليه تُوَثَّقُ

•••

يا شمسُ يا أمَّ الحياةِ! تكلَّمي
فلقد يُثَابُ على الكلام الصَّيْدَقُ
أأعزُّ منا تحتَ ضوئِكِ أمةٌ
هيَ بالحياة وبالسيادة أَخْلَقُ؟
إنَّا بَنوكِ، وإنْ سُئلتِ فأُمُّنَا
مهدُ الشموسِ وعرشُهُنَّ المُعْرِقُ
عرشٌ لفاروقَ العظيمِ، يَزِينُهُ
هذا الشبابُ العبقريُّ المشرِقُ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤