الموسيقية العمياء

إذا ما طافَ بالأرض
شعاعُ الكوكبِ الفضِّي
إذا ما أنَّتِ الريحُ
وجاشَ البرقُ بالومْضِ
إذا ما فتَّح الفجرُ
عيونَ النرجس الغضِّ
بكيتُ لزهرةٍ تبكي
بدمعٍ غير مُرْفَضِّ

•••

زواها الدهرُ لم تسعَدْ
من الإشراقِ باللمحِ
على جفنينِ ظمآنيـ
ـنِ للأنداءِ والصبحِ
أمهدَ النورِ: ما لليـ
ـلِ قد لفَّكَ في جُنْحِ؟
أضئْ في خاطرِ الدنيا
ووارِ سناكَ في جُرحِي!

•••

أرى الأقدارَ، يا حسنا
ءُ، مثوى جُرحكِ الدامي
أريها مَوضِعَ السَّهمِ
الذي سدَّدهُ الرامي
أنيلي مشرقَ الإصبا
حِ هذا الكوكبَ الظامي
دعيهِ يرشُفِ الأنوا
رَ من ينبُوعها السَّامي

•••

وخَلِّي أَدمعَ الفجرِ
تُقَبِّلْ مغربَ الشمسِ
ولا تبكي على يومـ
ـكِ أو تأسَيْ على الأمسِ
إليكِ الكون فَاشتفِّي
جمالَ الكونِ باللمسِ
خذي الأزهارَ في كفَّيـ
ـكِ، فالأشواكُ في نفسي!

•••

إذا ما أقبلَ الليلُ
وشاع الصمتُ في الوادي
خذي القيثارَ واستوحي
شجونَ سحابهِ الغادي
وهُزِّي النجمَ إشفاقًا
لنجمٍ غيرِ وقَّادِ
لعلَّ اللحنَ يستدنى
شُعاعَ الرحمةِ الهادي!

•••

إذا ما سقسقَ العصفو
رُ في أعشاشِهِ الغُنِّ
وشقَّ الروضَ بالألحا
نِ من غصنٍ إلى غُصنِ
أتتكِ خواطري الصدَّا
حةُ الرفَّافة اللحنِ
تغنِّيكِ بأشعاري
وترعى عالَم الحُسْنِ!

•••

إذا ما ذابتِ الأندا
ءُ فوق الوَرَقِ النَّضْرِ
وصَبَّ العطرَ في الأكما
مِ إبريقٌ من التبرِ
دعوتُ عرائسَ الأحلا
مِ من عالمِها السِّحري
تُذيبُ اللحنَ في جفنيـ
ـكِ، والأشجانَ في صدري!

•••

عرفتِ الحبَّ يا حوَّا
ءُ أم ما زالَ مجهولَا
ألمَّا تحملي قلبًا
على الأشواقِ مجبولَا؟
صِفِيهِ، صِفِيهِ، فرحانًا،
ومحْزونًا، ومخبولَا!
وكيفَ أحسَّ باللوعـ
ـةِ عند النظرة الأولى؟

•••

ومَن آدمُك المحبو
بُ؟ أو ما صورةُ الصَّبِّ؟
لقد أُلهِمْتِ، والإلها
مُ، يا حواءُ، بالقلبِ
هو القلبُ، هو الحبُّ
وما الدنيا لدى الحبِّ؟
سوى المكشوفةِ الأسرا
رِ والمهتوكةِ الحُجْبِ؟

•••

سلي القيثارَ بين يديـ
ـكِ أيَّ ملاحنٍ غَنَّى
وأيَّ صبابةٍ سالتْ
على أوتارِه لحنَا
حوى الآمالَ، والآلا
مَ، والفرحةَ، والحُزنا
حوى الآبادَ، والأكوا
نَ في لَفْظٍ وفي معنى!

•••

تعالى الحسنُ، يا حسنا
ءُ، عن إطراقِ محسورِ!
أيشكو الليلَ في كونٍ
من الأنوارِ مغمورِ!
وما جلَّاهُ من سوَّا
هُ إلَّا توأمَ النورِ؟
وما سمَّاه إذ نادا
هُ غيرَ الأعينِ الحورِ؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤