لَيْلَةُ عِيدِ الْمِيلَادِ

اِسمعي أيَّتُها الرو
حُ! أَفي الكون غِناءُ؟
وانظري! هل في نواحي الـ
أرض بالليل ضياءُ؟
لا تُرَاعِي إنْ يكنْ قـ
صَّرَ عنكِ البَشَراءُ
فالنواقيس التي حيـ
ـتْكِ، أشجَاها القضاءُ
الشَّجَى رَجْعُ صداها
والأسَى، والبُرَحاءُ
والتراتيلُ من البيـ
ـعَةِ نَوْحٌ وبكاءُ
ردَّدتهنَّ الثَّكالى
واليتامى الشهداءُ
والمصابيحُ التي كا
ن بها يُزْهَى المساءُ
خنقتْها قبضةُ الشرِّ
فما فيها ذَماءُ
صبغوها بسوادٍ
فهيَ والليلُ سواءُ
مأْتَمٌ للنور قام الـ
ـويلُ فيه والشقاءُ
تَحت ليل ما لهُ بد
ءٌ، ولا منهُ انتهاءُ
أيها المبعوث، لا ضَنـ
ـتْ بِرُجعاكَ السماءُ
انظرِ الأرضَ … فهل في الـ
أرض حُبٌّ وإخاءُ؟
نَسِيَ القومُ وصايا
كَ، أو ضلُّوا، وأساءُوا!
وكما باعوكَ، يا منـ
ـقذُ، بيعَ الأبرياءُ!!

•••

ليلةَ الميلاد، والدنـ
ـيا دموعٌ ودماءُ
في ربوعٍ كانَ فيها
لكِ بالسلم ازدهاءُ
باسمه يشدو المغنُّو
ن، ويشدو الشُّعراءُ
أين ولَّتْ هذه الفر
حة؟ أم أين الصَّفاءُ؟
لم تصافحْكِ من الأطـ
ـفال أحلامٌ وِضاءُ
رقدوا، غيرَ عيونٍ
رِيعَ منهنَّ الفضاءُ
ترقب الآباءَ، هَلْ عا
دوا؟ وهل حان اللقاءُ؟
بين أيدي أُمهاتٍ،
بِتْنَ، والليل جفاءُ
في طوايا النفس يبكيـ
ـن، وقد عزَّ الرجاءُ!
ويحهم، أين تُراهم،
هؤلاء الأشقياءُ؟
هم وراء الليل، أجسا
دٌ، وأرواحٌ هباءُ
ووجوهٌ رَسَمَ الرعـ
ـبُ عليها ما يشاءُ
خندقوا في مأزقِ المو
تِ، وما منهُ نجاءُ
بين موجٍ من سعيرٍ
يتوقَّاهُ الفناءُ
وجبالٍ من رُكامِ الـ
ـثَّلْجِ يُرسِيهَا الشتاءُ
وحديدٍ طائرٍ يحـ
ـذر مسراه الهواءُ
وعجيبٌ! فيمَ للمو
ت يُساق التعساءُ؟
في سَبيلِ الخبزِ؟ والخبـ
ـز اكتسابٌ ورضاءُ!
في سبيل الحقِّ؟ والحـ
ـقُّ لدى القوم طلاءُ
في سبيل المجد؟ والمجـ
ـدُ من البغي براءُ!
أو في المجزرة الكبـ
ـرى، تنالُ المجدَ شاءُ؟
كذب الباغي، وللسيـ
ـف بكفَّيْهِ مَضاءُ
وخداعٌ كلُّ ما قا
ل، وزورٌ، وافتراءُ!!

•••

أيها الشرق الذي خـ
ـصَّته بالرُّوح السماءُ
هذه الروح التي شِيـ
ـدَ بكفَّيْها البناءُ
والتي من نورها العا
لم يُجْلَى ويُضاءُ
يا أبا الحكمة، لا ها
نَ عليك الحكماءُ!
نادِ «أوروبا» فقد ينـ
ـفعها منك النداءُ:
حانتِ الساعةُ، يا أخـ
ـتاهُ، أم حَقَّ الجزاءُ؟
دِنْتِ بالقوَّة حتى
صَرَعَتْكِ الكبرياءُ
ارقصي في النَّار، أنتِ الـ
ـيوم للنار غذاءُ
واشربي في حانة الشيـ
ـطان ما فاض الإناءُ
حانةٌ للموتِ فيها
من دَمِ القتلى انتشاءُ
نادِمي من شئتِ فيها،
فالمنايا الندماءُ
وارفعي الكأْسَ، وغنِّي،
وعلى الدنيا العفاءُ؟

•••

يا قويًّا لم يَهُنْ يو
مًا عليه الضعفاءُ
وضعيفًا واسمه، يفـ
ـزعُ منه الأقوياءُ
وأنا المسلمُ، لا يُجـ
ـحَدُ عندي الأنبياءُ
أنتَ في القرآن: حُبٌّ،
وجمالٌ، ونقاءُ
عَجَبٌ فِديتُك المُثـ
ـلى! وفي القول عزاءُ!
ألهذا العالَمِ الشرِّيـ
ـرِ؟ قد ضاع الفداءُ!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤