الفرزدق

لقب غلب عليه؛ لغلظه وقصره، ولأنه كان أصابه جُدَري في وجهه ثم برأ منه، فبقي وجهه جهمًا متغضِّنًا.

واسمه أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال، وهو مقدَّم على الشعراء الإسلاميين هو وجرير والأخطل، ومَحلُّه في الشعراء أكبر من أن يُنبَّه عليه بقول، أو يُدَّل على مكانه بوصف؛ لأن الخاص والعام يعرفانه بالاسم، ويعلمان تقدُّمه بالخبر الشائع؛ علمًا يُسْتَغنى به عن الإطالة في الوصف، وقد تكلم الناس في هذا قديمًا وحديثًا. أما مَنْ كان يميل إلى جزالة الشعر وفخامته وشدة أسره؛ فيقدِّم الفرزدق، وأما مَنْ كان يميل إلى أشعار المطبوعين وإلى الكلام السمح السهل الغزل؛ فيقدِّم جريرًا.

ومما يروي عنه نفسه أنه قال: كنت أُهاجي شعراء قومي وأنا غلام في خلافة عثمان بن عفان، فكان قومي يخشون معرَّة لساني منذ يومئذٍ، ووفد بي أبي إلى علي بن أبي طالب عام الجمل فقال له: إن ابني هذا يقول الشعر، فقال: علِّمه القرآن؛ فهو خير له.

وقال: قد علم الناس أنِّي فحل الشعراء، وربما أتت عليَّ الساعة لَقَلْعُ ضرسي أهون عليَّ من قول بيتٍ شعر.

هذا وإن نواقضه مع الشعراء والأمراء أكثر من أن تُحْصَى، وكان معاصرًا لجرير، ونواقضه معه شائعةٌ متداولة بين طبقات المتأدبين.

قيل إنه تجاوز المائة من سني عمره، وتوفِّي بالبصرة سنة ١١٠، وقيل ١١٢، وقيل ١١٤.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤