الفصل الأول

الوطنيون الرومانيون

(١) البند الأول: حقوق الوطنيين وطبقاتهم

الوطني الروماني في العهد القديم هو ذلك الشخص المنتمي للجامعة العائلية والقبيلية التي كانت جامعة سياسية. ويتميز الوطني الروماني عن غيره بالحقوق العامة أو السياسية، والحقوق الخاصة التي كان يتمتع بها.

فالحقوق العامة التي كانت منحصرة بالوطنيين١ تتلخص بما يلي:
  • (١)
    الانتخاب أو التصويت jus suffragii الذي يتضمن الاقتراع على القوانين وانتخاب الحكام.
  • (٢)
    حق الشخص بأن يُنتخب لمناصب الحكم الانتخابية، المعروف بحق الشرف jus honorum.

ولكن هذين الحقين قد زالا في عهد الإمبراطورية. وثَم حقوق عامة أخرى كحق التسجيل بالإحصاء وحق الدخول بالجيش … إلخ، زالت أيضًا كما زال الحقان الأولان.

والحقوق الخاصة تتضمن:
  • (١)
    حق الزواج الشرعي بشخصٍ وطنيٍّ رومانيٍّ jus conubi ذلك الحق الذي كان قديمًا ممنوعًا عن أفراد طبقة الشعب، ثم خول لهم بقانون كانولييا canuleia، بل إن هذا الحق يتضمن جميع الحقوق العائلية وما يتفرع عنها، من قدرة أبوية، وقرابة عصبية، ووصاية … إلخ.٢
  • (٢)
    حق إجراء جميع الأعمال الحقوقية التي تقرها الحقوق القومية القديمة jus quiritium، من نقل ملكية وحق احتياز دين، والتزام، ويدعى هذا الحق commercium.
  • (٣)
    حق المقاضاة؛ أي المرافعة أمام القضاء، بحسب الأصول والأشكال القانونية التي كانت معروفة ﺑ legis actio.

(١-١) طبقات الوطنيين

لم يكن الوطنيون الرومانيون طبقة واحدة، بل كانوا منقسمين أصنافًا وطبقات تمتاز بعضها عن الأخرى بامتيازات يختلف شأنها وخطرها باختلاف العصور.

إن أقدم تمييز بين الوطنيين هو التمييز بين طبقة الآباء patriciens وطبقة عامة الشعب plébéiens. وقد كان التفريق بين الطبقتين بالغًا أشده في القديم؛ حيث كان الآباء وحدهم يعتبرون وطنيين رومانيين.
وما برحت هذه الفروق تزول بين الطبقتين رويدًا رويدًا حتى أصبحت أثرًا بعد عين. فقد وحَّد قانون الاثني عشر لوحًا بين الآباء وأفراد الشعب من حيث الحقوق الخاصة بصورة إجمالية، ثم أكمل التساوي بينهما، من هذه الوجهة، قانون كانولييا canuleia.
لم يُزل انقسام الوطنيين إلى طبقات بزوال التفريق بين الآباء وعامة الشعب. فقد تكونت في عهد الإمبراطورية طبقة خاصة بين الوطنيين يتميز أفرادها المعروفون باﻟ clarissimi عن الآخرين ببعض امتيازات حقوقية. وكانت هذه الطبقة تتألف من الشيوخ sénateurs وأولادهم ونسائهم. وكان ينظر إليها كطبقة عليا يحرم الزواج ما بين أفرادها وبين العتقاء والأشخاص الذين يمارسون بعض المهن الشائنة، كمهنة التمثيل على المسارح. إلا أن هذا التحريم قد زال في عهد جوستنيان.

إن الامتيازات التي كان منفردًا بها بعض الأشخاص من الوطنيين كانت أكثر اتصالًا بالحقوق العامة منها بالحقوق الخاصة. ومما هو حريٌّ بأن لا يغرب عن بالنا أن هذه الفروق بين الأشخاص الوطنيين من الوجهة الحقوقية لم تبلغ قط، من حيث القدر والخطر، ما بلغته الفروق بين مختلف طبقات الناس في القرون الوسطى.

(٢) البند الثاني: اكتساب الجنسية وفقدانها

(٢-١) أسباب اكتساب الجنسية

تكتسب الجنسية إما بالولادة، وإما لأسباب تلي الولادة. كذلك كان الأمر في روما ولا يزال كذلك في عهدنا هذا.

(٢-٢) اكتساب الجنسية بالولادة

الولادة هي السبب المعتاد الذي يكسب الولد جنسيةً ما.

فقد كان الشخص يعتبر وطنيًّا رومانيًّا إذا كان أبواه وطنيين رومانيين.

ولكن قد يكون أحد الأبوين وطنيًّا والآخر غير وطني، فأمر الجنسية حينئذٍ يُحل بالتمييز بين ولادة الولد من شخصين متزوجين زواجًا شرعيًّا رومانيًّا، وولادته من شخصين ليس بينهما هذه الصفة المشروعة.

ففي الحالة الأولى يكتسب الولد جنسية أبيه عند تصوره في الرحم. وفي الحالة الثانية؛ إذ يكون الولد طبيعيًّا (غير شرعي) يكتسب جنسية أمه حين الوضع. فإذا كانت الأم حينئذٍ وطنية رومانية، كان الولد وطنيًّا رومانيًّا، مهما كانت جنسيه أبيه أو وضعه الحقوقي، والعكس بالعكس.

(٢-٣) أسباب اكتساب الجنسية بعد الولادة

تكتسب الجنسية بعد الولادة بالعتق، والتجنس، وإحسان القانون.
  • فالعتق: كما كنا بيَّنا سابقًا، يكسب العتيق جنسية مولاه المعتق. فإذا كان المعتق وطنيًّا رومانيًّا، صار عتيقه وطنيًّا رومانيًّا أيضًا.
  • التجنس: كان التجنس يتم بإنعامٍ من الشعب أو ممثليه. وقد كان فرديًّا؛ أي خاصًّا بفردٍ من الأفراد، أو إلبيًّا؛ أي شاملًا جماعةً من الأفراد. وأعظم مثال على التجنس الألبي أمر الإمبراطور كاراكلا الأشهر الذي منح حق الوطنية الرومانية جميع سكان الإمبراطورية.
  • إحسان القانون Bienfait de la loi: نص القانون عن حالات تمكن فريقًا من الأشخاص غير الوطنيين من اكتساب حق الوطنية. وسنفصل تلك الحالات عند بحثنا هذه الزمرة من الأشخاص.

(٢-٤) فقدان حق الوطنية

يفقد حق الوطنية بفقدان الحرية. فجميع الأسباب التي تؤدي إلى الرق — والتي سبق بحثها — تئول إلى فقدان حق الوطنية. وهذا أمرٌ منطقيٌّ، بديهيٌّ؛ لأن الرق يزيل الشخصية الحقوقية برمتها.٣ وتفقد الجنسية أيضًا لأسباب مستقلة عن الرق هي:
  • (١)

    اكتساب الوطني الروماني جنسية دولة أجنبية؛ لأن من المبادئ السائدة لدى الرومان — وفي الحقوق الحديثة الآن — أن الشخص لا يستطيع أن يكون منتميًا لدولتين في آنٍ واحدٍ.

  • (٢)

    اكتساب الوطني الروماني وضع اللاتيني، أو الغريب (بيريغران).

  • (٣)

    الحكم على شخص بعقوبة النفي.

١  كان النساء في روما محرومات من الحقوق العامة لملازمة هذه الحقوق الوجائب العسكرية المترتبة على الرجال وحدهم.
٢  غاستون ماي: (ذ. س) رقم ٣١.
٣  لنلاحظ أن الحقوق الرومانية لم تكن متساهلة سمحة بحق الولد الطبيعي في أمر الجنسية الرومانية كما كانت في أمر الحرية (راجع فيما سبق بحث الرقة).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤