الفصل الثالث عشر

قصة نجاح كُوبيَّة

في أبريل من عام ٢٠٠٤، زرتُ كوبا لأول مرة، ونظَّم صديقي الكوبي رينالدو فيلالونجا عدةَ اجتماعاتٍ مع العلماء في جامعتَيْ ماتانزاس وهافانا. وكان أحد الباحثين الذين تحدَّثتُ إليهم هو فيسينتي فيريز بينكومو الذي أخبرني بقصة المقال التالي الذي كان حديثَ الصحف في ذلك الوقت، ثم ظهر بعد ذلك بشهر في مجلة «ساينس».

يتم عادةً تطعيمُ الأطفال في بريطانيا لوقايتهم من «الإنفلونزا المستدمية من الفئة بي»، التي تسبِّب التهاب السحايا والالتهاب الرئوي، ولكن في العالم النامي يوجد المليارات — حرفيًّا — ممَّنْ لا تستطيع عائلاتهم تحمُّلَ تكلفة اللقاح؛ ونتيجةً لذلك، فإن أكثر من نصف مليون طفل يموتون من عدوى الإنفلونزا المستدمية كل عام. وفي عام ٢٠٠٤، قدَّمَ الباحثون الكوبيون لقاحًا جديدًا مُخلَّقًا بالكامل يمكن إنتاجه بتكلفة أقل، وبالتالي يصل إلى جميع دول العالم. ويُعتبَر في الوقت نفسه أول لقاح مُخلَّق بالكامل ينجح في جميع التجارب السريرية.

على مدار العقدين الماضيين، استجابَتْ كوبا لنقص العقاقير الزهيدة التكلفة بالاستثمار المكثَّف في التكنولوجيا الحيوية. وكجزءٍ من هذا المجهود، شرع معمل فيسينتي فيريز بينكومو بجامعة هافانا في إنتاج بديل للقاح الإنفلونزا المستدمية الأصلي، الذي يصفه فيريز بأنه «مجرد حلٍّ للدول الثرية». وكانت التحدِّيات الرئيسية تكمن في إنتاج السكريات القليلة التعدُّد المميَّزة الموجودة على سطح خلية الكائن المُمرِض، وفي إيجاد طريقةٍ لتقديمها إلى الجهاز المناعي بحيث تحقِّق تحصينًا قويًّا ومحدَّدًا ودائمًا، بمعنى وجود أجسام مضادة تستطيع أن تبذل مجهودًا دفاعيًّا سريعًا في حالة ظهور الكائن المُمرِض الأصلي.

بالتعاون مع عالِم الكيمياء الكندي رينيه روي وآخَرين من عددٍ من مراكز البحوث التكنولوجية الحيوية الرئيسية في كوبا، الموجودة في الضواحي الغربية لهافانا (بما في ذلك مركز الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية)، طوَّرَ فريق فيريز مسارًا مُخلَّقًا جديدًا للسكريات القليلة التعدُّد، بحيث يصلح إنتاجُه على نطاق واسع. ومع نهاية تسعينيات القرن العشرين، استطاعوا إنتاجَ السكريات، ودمجَها مع بروتين مصل بشري، وإثباتَ أنها حفَّزَتِ الاستجابةَ المناعية المطلوبة. ومع هذا، كان على الباحثين دمج السكريات مع بروتينٍ يحفِّز الجهاز المناعي بكفاءةٍ أكثر؛ لكي ينافسوا الأثرَ الممتدَّ المفعول للقاح الحالي، وقد اتضح أن بروتين ذوفان التيتانوس هو الجزيء المناسب لأداء هذا الدور.

خضعت البروتينات السكرية المُخلَّقة لجميع اختبارات السُّميَّة والتجارب السريرية، وكان أداؤها بنفس كفاءة اللقاح التجاري على الأقل. يقول فيريز: «لقد نقلنا الإنتاجَ إلى شركات التكنولوجيا الحيوية الكوبية، وسوف تُنتِج تلك الشركات مليونَ جرعة بنهاية هذا العام.»

(٢٠٠٤)

أحدث التطورات

في نوفمبر ٢٠٠٦، نشرت منظمة الصحة العالمية ورقةَ تحديدِ موقفٍ بخصوص التطعيم ضد الإنفلونزا المستدمية، تعلن فيها الآتي: «في ضوء إثبات لقاحات الإنفلونزا المستدمية لأمانها وفاعليتها، فإنه يجب ضمُّها إلى جميع البرامج الروتينية لتطعيم حديثي الولادة، ويجب ألَّا يُؤخِّر نقصُ بيانات المراقبة المحلية من طرح اللقاح، لا سيَّما في الدول التي يشير الدليل الإقليمي إلى ارتفاع نسبة الإصابة فيها بالمرض.»

في سبتمبر ٢٠٠٧، طرحَتِ الهندُ لقاحًا مماثلًا طوَّرته شركة بهارات بيوتيك المحلية للتكنولوجيا الحيوية.

قراءات إضافية

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤