الفصل السابع عشر

كل المصاوغات المِرآتية على شريحة واحدة

تجربةٌ أخرى بسيطة ولكنها فعَّالة، مع أنها تتخطى هذه المرة مستوى المدرسة إلى حدٍّ ما.

إنَّ إنتاج نسخة واحدة فقط من جزيئين متطابقين كالمرآة هو أحد أهم التحديات التي يواجهها علماء الكيمياء اليوم. ويُعتبَر التحفيز العديم التناظر المِرآتي — الذي يتم فيه تسريعُ مسار التفاعل بما يؤدِّي إلى إنتاج النسخة المطلوبة (المصاوغ المِرآتي) وليس النسخة التي تنتج صورتها المِرآتية — وسيلةً واعِدة للحصول على المصاوغات المِرآتية الصِّرفة اللازمة في العديد من التطبيقات، خصوصًا في صناعة العقاقير. في عام ٢٠٠٦، نجح علماء الكيمياء بألمانيا في الدمج بين التحفيز العديم التناظر المِرآتي والفصل التحليلي للمصاوغات المِرآتية الناتجة على شريحة واحدة. ويصلح منهجهم في الفحص العالي الوتيرة بحثًا عن مواد محفِّزة انتقائية للمصاوغات المِرآتية.

صمَّمَ فريقان بقيادة ديتليف بيلدر ومانفريد ريتز من معهد ماكس بلانك في مولهايم بألمانيا، شريحةَ تحفيز/تحليل متكاملة تربط قناة التفاعل بقناة الفَصْل. تُعبَّأ المواد الكاشفة في قوارير مجهرية منفصلة، حيث تُمتَصُّ في قناة التفاعل المتعرجة الطويلة، المصمَّمة لضمان امتزاجِ تلك المواد وتحضينها، باستخدام الفراغ أو المجال الكهربائي. وتعمل نسخة مصغَّرة من الترحيل الكهربائي الشعيري، معروفة باسم الترحيل الكهربائي ذي الشريحة المجهرية، على فصل نواتج التفاعل وتحليلها. وقد أثبَتَ بيلدر وزملاؤه سابقًا أن هذه التقنية يمكنها فصل المصاوغات المِرآتية بسرعة فائقة.

وبصفتها تطبيقًا أوليًّا لنظام المعمل المجهري الجديد الذي توصَّلَ إليه الباحثون، فقد حلَّلوا انتقائية المصاوغات المِرآتية الامتثالية لإنزيمات هيدروليز الإيبوكسيد الطافرة، وهو ما يرتبط ببحث ريتز عن تفعيل الإنزيمات بواسطة التطور الصناعي. وفي حالة إنزيم النمط البري المأخوذ من فطر الرشاشية السوداء «أسبرجلس نيجر»، استطاع الباحثون استخدامَ حُلالات خلوية وخلايا كاملة من أجل التحليل. وبالإضافة إلى هذا التطبيق، يقول الباحثون: «يتمتع الجهاز أيضًا بإمكانات محتمَلة رائعة في مجال الفحص العالي الوتيرة.»

يوافقه هذا الرأي هانز نيمانتسفردريت من جامعة آيندهوفن للتكنولوجيا في هولندا قائلًا: «يوضِّح البحثُ بأسلوب رائع إمكاناتِ الأجهزة التحفيزية المصغَّرة للأغراض البحثية. وأنا مقتنع بأن للأجهزة التحفيزية التي يتراوح حجمها ما بين الصغير والمتوسط مستقبَلًا أيضًا في مجال إنتاج المنتجات المتخصصة، خصوصًا لو عرفنا كيفية دَمْجِ المواد المحفِّزة الذكية مع تقنيتَي القياس والتحكُّم على المستوى المجهري.»

(٢٠٠٦)

أحدث التطورات

جمع بحث لاحق قام به فريق بيلدر ونُشِر عام ٢٠٠٧ بين مِطياف الكتلة بالسبراي النانوي وبين التفاعل ذي المائعية النانوية وأجهزة الفَصْل كما سأعرض لاحقًا. وبالتالي، فباستخدام شريحة واحدة تُوضَع في مِطياف الكتلة، يستطيع الباحثون إنتاجَ الجزيئات وتنقيتها وتحديدها بناءً على كتلتها الجزيئية.

قراءات إضافية

  • D. Belder et al., Angew. Chem. Int. Ed., 2006, 45, 2463.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤