الفصل الثاني عشر

خلفاء يوستنيانوس

٥٦٥–٦٠٢

يوستينوس الثاني (٥٦٥–٥٧٨)

ولم يخلِّف يوستنيانوس عقبًا، ولم يشرك أحدًا معه في الأرجوان، ولكنه كان يثق بابن أُخته يوستينوس ويستشيره في أُمُور الدولة، ولمس أعضاءُ مجلسِ الشيوخ هذه الثقةَ وأَحَبُّوا يوستينوس، فعَوَّلُوا على انتخابه فور وفاة الإمبراطور الشيخ، وقد أدرك يوستنيانوس الثالثة والثمانين ومرض مرضه الأخير ولم يَفُهْ بكلمةٍ واحدة تنبئ عمن يريده خلفًا له في الحكم. وكاد يلفظ أنفاسه في ليلة من ليالي الخريف، فجلس يوستينوس وزوجته صوفية في إحدى نوافذ قصرهما التي تطل على البوسفور وباتا ينتظران، وعند الفجر أبلغهما الرسولُ وفاةَ الإمبراطور ورجاءَ مجلس الشيوخ أن يتوليا العرش.

وقضت التقاليد بأن يرفض يوستينوس الرجاء ففعل، ثم قبل وذهب توًّا إلى القصر (١٤ تشرين الثاني سنة ٥٦٥) وخرج منه متردِّيًا الأرجوان الملكي، متزينًا بالجواهر التي اقتنصها بليساريوس من القوط، فرفعه الجُنْدُ حسب التقليد على الترس، معلنين بذلك موافقتَهم على ارتقائه العرش، ثم أَيَّدَتْهُ الكنيسةُ الأرثوذكسيةُ، فباركه البطريرك ووضع التاج على رأسه. وكان لا يزال جثمان يوستنيانوس مُسَجًّى في قصره محنطًا، فنقل إلى كنيسة الرسل بجنازة مهيبة مشى فيها المصلون من رجال الإكليروس والعذارى، رافعين الشموع، وهناك دُفن الجثمان في قبرٍ مُذَهَّب، وما إنْ تَمَّ الدفنُ حتى أُزيحَ ستارُ الحزن وارتفعت الأصوات مهلِّلةً بارتقاء الفسيلفس الجديد.

وكان يوستينوس الثاني نشيطًا مجتهدًا شجاعًا جريئًا؛ فإنه منذ أن تَبَوَّأَ العرش أَظْهَرَ من العزم والأنفة في علاقاته مع البرابرة ما يليق بمقامه الجليل، فامتنع عن أن يؤدي لهم المِنَح السنوية، وكانت قد بلغت في أواخر عهد خاله يوستنيانوس ثلاثمائة ألف ليرة ذهبًا، وأعاد العناية بالجيش، واهتم بالمالية، وحاول محاولة صادقة في إزالة الهم والعناء عن جميع الرعايا، وأعلن أنه «سيحيي الليل بطوله؛ للمحافظة على مصالح الدولة، ولإصلاح كل ما ينبغي إصلاحه، كما أعلن أن همه الوحيد هو أن يقدم للولايات أفضل الشرائع؛ كي يضمن لأهلها الأمن والعدل.»١ ولكن الحوادث تتالت قوية عنيفة فجاءَت بما لم يَشْتَهِ وكعمته كعمًا.

وكان يوستينوس — على مزاياه — شامخًا متغطرسًا تعوزه الحيلة، لم يتسنَّ له الوصولُ إلى رغائبه، وفي أواخر السنة ٥٧٣ أُصيب في عقله إصابةً ظاهرة، فتَصَدَّتْ زوجتُهُ صوفية للقيام بأعباء الحكم مستعينةً بقومس الحرس طيباريوس الأمين، ثم إن يوستينوس تبنى طيباريوس، وفي السابع من كانون الأول سنة ٥٧٤ أعلنه قيصرًا، فصرَّف طيباريوس الأُمُور باسم سيده أربع سنوات متتاليات إلى أن قضى يوستينوس فانفرد بالحكم.

طيباريوس الثاني (٥٧٨–٥٨٢)

ورغب طيباريوس رغبةً أكيدةً في تَخفيف الضرائب، فتَعَلَّقَ الشعبُ به وأَحَبَّهُ كثيرًا، وكان يومُ وفاته يومَ حُزْنٍ وحِداد في جميع أنحاء الإمبراطورية، فرثاه كثيرون، وقال فيه يُوحنا النيقاوي: «إن البشرية — فيما يظهر — لا تستحق أميرًا طيبًا كهذا الأمير.» ولكن طيباريوس لم يبلغ إلى هذه المرتبة مِنْ تقديرِ الشعبِ له وتَعَلُّقه به إلا على حساب مالية الدولة؛ ففي وقت قصير جدًّا بدد ما كان قد جمعه سلفه بحكمته وتقتيره، وحسبنا شاهدًا ما قد جاءَ في أَحَدِ المراجع أنه لما تبوأ العرش وأراد توزيع الدوناتيوم التقليدية؛ أعطى كل شخص خمس صلدات، بلغ مجموعُ ما أنفق لهذه الغاية واحدًا وعشرين ألف ليرة ذهبية.٢

موريقيوس (٥٨٢–٦٠٢)

وأشهر خلفاء يوستنيانوس وأذكاهم وأقدرهم؛ موريقيوس اليوناني،٣ وُلِدَ في أرابيوسوس في آسية الصغرى في السنة ٥٣٩، وفيها تَلَقَّى عُلُومَهُ، ثم تركها شابًّا وأمَّ القسطنطينية، فالتحق بالإدارة المدنية، وأصبح — في وقتٍ ما — كاتبَ عدل. ثم دخل في خدمة الجيش وترقى حتى أصبح في السنة ٥٧٣ قائدَ الحرس الإمبراطوري وقائد المتطوعة من البرابرة،٤ واشتهر بشجاعته ورزانته وتبصره، فاحترمه الشعب وأكرمه، وكان حازمًا عادلًا، لا يتبذل في مخالطة ضباطه وجنوده، فوقعت في قلوبهم هيبته فأكبروه وأجلُّوه،٥ وأحبه طيباريوس ووثق به وأعاره سمعه، فزوجه من ابنته قسطنطينة في السنة ٥٨٢ ورفعه إلى رتبة قيصر، ثم بعد أيام تُوُفي طيباريوس فَعَلا موريقيوس أريكة الملك.

ولا يختلف اثنان — فيما نعلم — أن موريقيوس كان خبيرًا في شئون الدولة واسع الباع في تناوُلها ومعالجتها، قوي الاهتمام بها — ولا سيما العسكرية والإدارية والمالية منها — فحارب التبذير وأوجب الاقتصاد، وتلقى بصدر رحب سهام الانتقاد المُرَّة التي وُجِّهَتْ إليه مِنْ جراء هذا الإصلاح.

سياسة خلفاء يوستنيانوس

ومما يسترعي النظر في هذا الموضوع أن اثنين من خلفاء يوستنيانوس الثلاثة؛ كانا عسكريَّين، وأن الخلفاء الثلاثة جميعًا كانوا أقل طموحًا من يوستنيانوس، وأكثر وضوحًا في سياستهم، وتحديدًا لعلاقاتهم الخارجية.

فلا بدع، في مثل هذه الحالة، أن يرفض يوستينوس دَفْع شيء لقبائل الهون أو للعرب، مما كان يدفعُهُ سلفُهُ استرضاءً، ويقول يوحنا الأبيفاني: إن يوستينوس صمم — منذ اللحظة الأولى — أن لا يترك الدولة خاضعةً للفرس، وإنه تربص ريثما تسنح له الفرص حتى يقضي على سلم السنة ٥٦١،٦ وكان طيباريوس يقول: إن السلم الذي يشرى لا يدوم، وإنه لا بد من أن تقدم الحرب ضد الفرس على سائر مصالح الدولة. وكان موريقيوس أيضًا يقول بهذا كله وقد زاد عناية فائقة بالجيش، ولعل أبرز ما فعله من هذا القبيل هو إيثارُهُ العناصر الوطنية على العناصر البربرية في التعبئة. ومن الدلائل الواضحة على هذا الاهتمام بالجيش وإعادة النظر في تنظيمه، رسالته في فنون الحرب Strategikon تعود إلى أواخر القرن السادس، وبعض الباحثين يرى أنها مِنْ وضع موريقيوس نفسه.٧

ولم يهمل خلفاء يوستنيانوس الغرب وواجبهم تلقاءَه؛ ففي عهدهم كانت حملة بادواريوس على إيطالية في السنة ٥٧٤-٥٧٥، وانتصارات جناديوس في أفريقية في السنة ٥٧٨، وفي عهدهم (عهد طيباريوس خاصةً) جَرَى بذرُ أَمْوَالٍ كثيرة في الأوساط اللومباردية العالية في السنتين ٥٧٧ و٥٧٩. وتم أيضًا استدراجُ الإفرنجِ إلى غزو إيطالية لمصلحة الإمبراطورية، وإنْ ننسَ فلا ننسَ ظهور نظام الإكسرخوسية في إيطالية وأفريقيا لتقوية الدفاع عن هاتين الولايتين.

الحرب الفارسية (٥٧٢–٥٩١)

وكانت قد قضت معاهدةُ السنة ٥٦١ على الروم بدفع مال جزية للفُرس عن سبع سنوات تسبيقًا، وقد دُفع هذا المال في حينه، فلم يكن من موجب، إذن، لبدء الحرب قبل السنة ٥٦٩، على أن هذا لم يمسك يوستينوس الثاني عن الاستعداد للحرب في حَقْلَيِ السياسة والتنظيم. وهكذا نراه في السنة ٥٦٨ يستقبل وفدًا مفاوضًا مِن أواسطِ آسية مما وراء فارس، فيكرمه ويُصغي إليه، ويثبِّت بواسطته علاقات ودية مع أعداء فارس في الشرق، وكان هذا الوفدُ المفاوضُ، من قِبَل الخاقان إستامي، خاقان الأتراك الذين سبق لهم أن قَضَوْا على الهون البيض في ما وراء فارس، قد أَمَّ القسطنطينية في السنة ٥٦٨ ليحالف الروم ضد الفرس، وليعرض استعداد الأتراك للقيام بنقل الحرير الصيني من حُدُود الصين إلى مياه البحر الأسود مباشرةً، دون المرور بفارس.

وفي السنة ٥٧٠ نرى يوستينوس يتدخل في أمور أرمينية الفارسية وفي مشاكل إيبيرية، فيرد عليه كسرى في السنة ٥٧١ بتدخل مماثل في حمير في جنوبي الجزيرة العربية محرِّضًا أبناءَ هذه المنطقة على التحرر من نير النجاشي صديق يوستينوس وحليفه، وفي السنة ٥٧٢ ثار الأرمن على الفرس وقتلوا المرزبان، والتجأ زعماء الثورة إلى القسطنطينية فقوبلوا فيها بحفاوة وحرارة، وجاء وفدٌ فارسيٌّ يطالب بالجزية المالية وكانت قد استحقت مجددًا، فرفض يوستينوس دفعها وأكد لأعضاء الوفد أنه لن يرضى أبدًا عن اضطهاد الأرمن أبناء ملته المسيحيين، فوجه إليه كسرى إنذارًا بوجوب الدفع، فقابله يوستينوس بإعلان الحرب.

وحالف النصر الفرس في بادئ الأمر؛ ذلك أن الروم هجموا بمعظم قواتهم على أرمينية الفارسية تاركين حدودهم في سورية وليس عليها، إلا قوة صغيرة من الجيش يدعمها حلفاؤهم الغساسنة ومن شد أزرهم من القبائل العربية المتاخمة، على أن هذه القبائل خانت والْتَوَتْ، فعبر الفرس الفرات واكتسحوا الموقف وحاصروا دارا «حصن الإمبراطورية الحصين»، فسقطتْ في أيديهم، وأَدَّى خبرُ سُقُوطها إلى انهيار عقلِ الإمبراطور، ففاوضت زوجتُهُ صوفية لهدنةٍ في مطلع السنة ٥٧٤ تدوم عامًّا، ودفعت في هذا السبيل غرامةً حربية كبيرة.

وعند انتهاء الهدنة في السنة ٥٧٥ قام كسرى — بجيش عظيم وعدد كبير من الفيلة — إلى أرمينية، فحاصر ثيودوسيوبوليس «أرضروم» وهاجم أماسية، ثم دخل قبدوقية وأحرق سبسطية «سيواس»، غير أنه ما لبث أن فوجئ بقوةٍ كبيرة من الروم بقيادة يوستنيانوس بن جرمانوس أكرهتْه على التراجُع بعد موقعةٍ كبيرة دارتْ رحاها في ضواحي ملاطية، وهلك فيها كثيرون من الفرس، ففاوض كسرى في الصلح، ثم عاد فعدل عن المفاوضة بعد انتصارين صغيرين، فعاد الروم إلى الحرب بقيادة موريقيوس في السنة ٥٧٨، وقاموا بهجومٍ خاطف باتجاه أرزنين بين بتلس وبين الدجلة وبلغوا إلى الدجلة.

وتُوُفي كسرى في السنة ٥٧٩، فعاد الطرفان إلى المفاوضة، ولكن هرمز الرابع ابن كسرى أساءَ استقبال الوفد الرومي فاستؤنف القتال، وزحف موريقيوس في السنة ٥٨٠ يحاول قطع الفرات عند قرقيسية قاصدًا طيسفون عاصمة الفرس، إلا إنه ارتدَّ على أعقابه بسبب مناورة ناجحة قام بها الفُرس في ما بين النهرين، وبسبب معاكسات لقيها من المنذر الغساني — كما سيجيء في حينه.

على أن موريقيوس عاد في السنة ٥٨٢، فانتصر انتصارًا كبيرًا عند قسطنطينة تبعتْه انتصاراتٌ، وفي السنة ٥٨٦ استطاع قائد الروم فيلبيقوس أن يضرب الفرس ضربة قاسية في سولاخان في أرمينية.٨
ورَغِبَ الأتراكُ في استغلال هذا الظرف وأَوْجَبُوا زيادةً باهظة في الإتاوة السنوية التي كان يدفعها الفُرس لهم، فغضب هرمز وأخذه الألمُ ورفض أَنْ يدفع الزيادةَ المفروضة، فقام خاقان الأتراك من دَلْخ عاصمته بعشائره وجُمُوعه وقصد فارس غازيًا، فأنفذ هرمز بهرام بوشين٩ بجيشٍ كبيرٍ لصدهم سنة ٥٨٨، فكسرهم، وقتل الخاقان في المعركة، ثم أسر ابن الخاقان في معركة ثانية، ودخل دلخ عاصمة الأتراك، واستولى على ما وجده فيها من الذهب — وكان كثيرًا — ولم تأت السنة ٥٨٩ حتى كان بهرام قد عاد إلى فارس ظافرًا غانمًا، فأكرمه الشاهنشاه وأمَّره على كل جيوشه ومَنَحَه لقب بهلوان وعلا قدره بين الفُرس وتعلقوا به، فأنفذه هرمز إلى منطقة سوانية الخاضعة للروم في القوقاس، فَدَخَلَها فنهب وسبى، وأرسل الغنائم إلى هرمز في طيسفون.
وتحرَّك الروم للدفاع، في شتاء السنة ٥٨٩، فتوجه رومانوس بجيش مجرب إلى سوانية، فكسر بهرام وشتت شمل رجاله، ولم يكتفِ هرمز بما أرسله إليه بهرامُ مِنْ غنائمَ فسخط عليه، فأدى ذلك إلى ثورةٍ داخليةٍ أسقطتْ هرمز عن عرشه، وأحلت بهرام محله، وذلك في السنة ٥٩٠.١٠
وفرَّ أبرويز بعياله وثلاثين من أخصائه إلى قرقيسية عند مصب الخابور في الفُرات، فكتب محافظها بذلك إلى الإمبراطور، وكتب إليه أبرويز أيضًا لاجئًا مستغيثًا، ووعد بأن يعيد دارا ومرتيروبوليس «ميافارقين» وقِسْمًا من أرمينية إليه، وأن يَبقى في سلم دائم معه، وألا يطالبه بمالٍ البَتَّة. فدعا موريقيوس إليه أعضاء مجلس الشيوخ وشاورهم في الأمر، فأجابوا بعدم القبول، وأبانوا أن الفرس لا دين لهم ولا قانون، يَعِدُون في الضيق وينكثون عند الفرج، وأنهم ألحقوا ضررًا كبيرًا بالروم، فليقتتلوا وليمحق بعضهم بعضًا وليَدَعُوا الروم هادئين مطمئنين،١١ ولكن موريقيوس رأى مع ذلك أن الشرف والشهامة والمصلحة تقضي بتقديم المساعدة المطلوبة إلى أبرويز، فوعده بها وتابع الحرب ضد بهرام، وقام أبرويز إلى أذربيجان فوافاه إليها بندويه وغيره من المقدمين والأساورة في جيش كبير من أصبهان وفارس وخراسان، ونهض الرومُ بقيادة نرسيس لمعونة أبرويز، والتقى الجيشان بعدوِّهما في سهول تبريز١٢ في خريف السنة ٥٩١، فدارت الدائرةُ على بهرام وفرَّ لاجئًا إلى بلاد الأتراك.

وبرَّ أبرويز بوعده فأعاد دارا ومرتيروبوليس إلى الروم، وتنازل عن قسمٍ هامٍّ من أرمينية الفارسية، ولم يطالب بعد ذلك بالإتاوة السنوية، فوصلتْ حُدُود الروم إلى بحيرة وان ومداخل تفليس، ووقَّع أبرويز وصديقه موريقيوس سلمًّا دائمًا.

خلفاءُ يوستنيانوس والعرب

وأراد يوستنيانوس أن يَستعين بالعرب الضاربين في جوار حُدُوده على العرب عند حدود خصمه الفارسي، فجعل من الحارث بن جبلة الغساني في السنة ٥٣١ فيلرخوسًا وأمده بالمال له ولشيوخ العرب في بادية الشام، ثم رقَّاه في مراتب الدولة فجعله بطريقًا من البطارقة هو وأحفادُهُ مِنْ بعده، وقال الحارثُ وربعه بالنصرانية وبالطبيعة الواحدة، فنال من عطف ثيودورة الشيء الكثيرَ وأصبح حاميًا لزمار أصحاب الطبيعة الواحدة في جميع الأقطار الشامية.

وبين هؤلاء كان يعقوبُ البرادعي الشهير مؤسس الكنيسة السورية اليعقوبية، ودامتْ سيادةُ هذا البطريق مُدَّةً طويلةً حتى وفاته في السنة ٥٦٩، وقد احتل فيما بعد مركزًا ساميًا في مخيلة العرب، فهو الحارثُ الذي يشيد بذكره الشاعر عمرو بن كلثوم، وهو أيضًا الحارثُ الذي قهر المنذر ملك الحيرة.١٣

وجاء بعد الحارث الغسَّاني ابنُهُ المنذر (٥٦٩–٥٨٢)، فهب لمحاربة عرب الحيرة، وقد كانوا أغاروا على سورية بعد وفاة والده الحارث، فقاتلهم وانتصر عليهم عند عيد أُباغ، فأكثر شعراء العرب من ذكر هذا النصر وتغنَّوا بجرأة الحارث؛ لإبعاده في الغزو إلى عين أُباغ.

واهتم المنذر بن الحارث لمشاكل النصرانية آنئذٍ، فعقد مجمعًا محليًّا تحت رعايته؛ للنظر في بعض البدع المحلية، ولم يرضَ يوستينوس عن المنذر فقَطَعَ عنه المال السنوي وأَوْعَزَ بقتله، فشقَّ المنذر عصا الطاعة ثلاث سنوات متتالية، فانتهز عرب الحيرة هذا الظرف وأغاروا على سورية الشمالية، وعاثوا فيها ما شاءوا.١٤ ثم اجتمع المنذر بالبطريق يوستنيانوس في الرصافة، وتفاهما، فعادت المياه إلى مجاريها.١٥
وتُوُفي يوستينوس في السادس من تشرين الأول سنة ٥٧٨، فتولى العرش بعده طيباريوس، وأَحَبَّ هذا أَنْ يَسعى لتوحيد الكنيسة، فرأى أن يوحد كلمة أصحاب الطبيعة الواحدة أولًا؛ ليسهل عليه التوفيقُ بينهم وبين الكنيسة الأرثوذكسية الأم، فاستدعى المنذر الغسَّانيَّ إلى القسطنطينية، فأمَّها هذا البطريق مع ولديه، ووصل إليها في الثامن من شباط سنة ٥٨٠، فاستقبله الإمبراطور بكل احترام وتبجيل، وأنعم عليه بلقب ملك الشرقيين،١٦ وسمح له بأن يستبدل الإكليل البطريقي بتاجٍ ملكيٍّ،١٧ ثم طلب إليه أن يوفق بين صفوف أصحاب الطبيعة الواحدة، ووقَّف الإمبراطور الاضطهاد الذي كان قد حلَّ بهؤلاء منذ عشر سنوات أو أكثر؛ تسهيلًا لعمل الملك الجديد؛ أي المنذر، وعاد المنذر إلى سورية وعقد مجمعًا برعايته في الثامن من آذار سنة ٥٨٠، واتصل بغريغوريوس بطريرك أنطاكية الأرثوذكسي، وفاوضه في المهمة الموكولة إليه، وأَصْبَحَ المنذر الغسَّاني ملكًا محليًّا وحكمًا في أعوص مشاكل ذلك العصر وأشدَّها تعقيدًا.
ولم يرضَ البطريرك أفتيخيوس عن هذا التسامح والتساهل مع أصحاب الطبيعة الواحدة، وشاركه في رأيه هذا عدد من كبار رجال الجيش والسياسة، وبينهم موريقيوس القائد، وفي السنة ٥٨٠ أراد هذا القائدُ أن يُفاجئ الفرس بهجومٍ خاطفٍ عن طريق الفُرات متعاونًا مع المنذر وقبائله، فلما وصل إلى الفُرات وجد الجسر الكبير مهدومًا، فتراجع خائبًا وعزا خيبته إلى خيانة المنذر وتواطئه مع الفرس وشكاه إلى الإمبراطور. وبرغم أن المنذر عاد فأغار وحده على أراضي عدوه أمير الحيرة وأعمل في عاصمته النار وقفل من غزوته بغنائم عظيمة،١٨ فإن موريقيوس تشبث برأيه وأصرَّ عليه، وسافر بنفسه إلى القسطنطينية ليثبت رأيه أمام الإمبراطور،١٩ ويرى الأب غوبير اليسوعي أن موريقيوس كان محقًا في شكواه، وأن هنالك ما يدعو إلى الشك في أمانة المنذر، وإلى الظن بأنه كان يتوخى الاستقلال بدافع الطموح الشخصي والسعي لرفع الضيم عن إخوانه أصحاب الطبيعة الواحدة.٢٠
وأصدر طيباريوس أمره في ربيع السنة ٥٨١ بالقبض على المنذر، فأرسل ماغنوس Magnus حاكم سورية إلى المنذر يدعوه إلى حوَّارين بين تدمر ودمشق؛ للاشتراك في حفلة تدشين الكنيسة التي أقامها فيها، فَلَبَّى المنذرُ الدعوةَ، فما كاد يبلغ حوَّارين حتى ألقى عليه الحاكمُ القبض وأرسله مخفورًا إلى القسطنطينية، ولم يقتصر طيباريوس على نفي المنذر وإنما عمد أيضًا إلى قطع الإعانة السنوية عنه، فقام أبناءُ المنذر الأربعة وشَقُّوا عصا الطاعة، وأوغلوا في البادية وأخذوا يشنون منها الغارات على أراضي الدولة، ودخلوا بصرى واضطروا حاميتها أن تتخلى لهم عن الذخائر والأموال التي صادرتْها منهم وبينها تاج المنذر، فجرد طيباريوس حملةً ضدهم وأنفذ معها أخًا آخر للمنذر ليخلفه في وظيفته، ولكنه تُوُفي بعد عشرة أيام، أما القائد البيزنطي فإنه تمكن — بالمكر والخداع — من إلقاء القبض على النعمان أكبر أبناء المنذر، وتُوُفي طيباريوس في السنة ٥٨٢ فتولى العرش بعده موريقيوس عدو المنذر، فأمر بإبعاد الملك العربي ومن معه إلى صقلية.٢١
وطالت الحرب الفارسية وحمي وطيسها وشعر موريقيوس بالحاجة إلى من يوحد كلمة القبائل العربية في سورية ويقودها إلى الحرب ضد الفرس، فاستحضر النعمان في السنة ٥٨٤ ووعده بإرجاع والده من المنفى ثم طلب إليه أن يحارب الفرس معه، وأن يعتنق الأرثوذكسية، فأجابه النعمان أن جميع قبائل طَيٍّ يَعَاقِبةٌ وأنهم يذبحونه ذبحًا إن هو تقبل قرار «المجامع»، فغضب موريقيوس وأمر بسجنه ثم ألحقه بوالده.٢٢
ويرى نولدكه في رسالته أمراء غسان، أن أحوال العرب في سورية اضطربت بعد اعتقال المنذر وابنه النعمان، وأن عُرى وحدتهم تفككت، فاختارت كل قبيلة منهم أميرًا لها، فتطاحنتْ وتنازعتْ فيما بينها، وأن هذه المنازعات لم تنحصر بالبادية وإنما تَعَدَّتْها إلى البلدان العامرة، وأن القبائل أخذت تسطو — بلا خوف ولا وجل — على أموال الفلاحين المتحضرين فتنهب مواشيهم وتحصد دون أن تزرع. ويزيد نولدكه أن هذا كله حَمَلَ الروم على التفكير في تنصيب عامل لهم رئيسي جديد يقوم مقام المنذر، وأنهم رأوا أن يكون هذا العامل من آل جفنة أيضًا لما كان لهؤلاء في الماضي من الهيبة في القلوب.٢٣
وقضت ظُرُوف العداء بين الغساسنة وعرب الحيرة أن يشتد كره عرب الحيرة لكل مَنْ قال بالطبيعة الواحدة، وأن يتقربوا من الكنيسة الأرثوذكسية الأم، وانتهت الحرب بين فارس والروم في مصلحة الروم، فطلب النعمان ملك الحيرة أن يتلقى المعمودية على يد كاهنٍ أرثوذكسيٍّ في الرصافة وقبلها معه رجاله، وكان خالص النيَّة فيما فعل، فلما عاد إلى الحيرة رمى بتمثال الزهرة الذهبي في النار، وجمع ذهبه بعد انصهاره ووزعه على الفقراء، ولعل الكاهن الأرثوذكسي الذي عمَّد النعمان ورجاله هو البطريرك الأنطاكي غريغوريوس نفسه، فإنه هو الذي كرَّس تقدمات أبرويز وزوجته المسيحية سيرين على اسم القديس سرجيوس في الرصافة «سيرجيوبوليس»، وانطلق البطريرك من الرصافة إلى البادية يرد «الضالين في القرى والأديرة إلى الدين المستقيم»،٢٤ وعاد إلى أحضان الكنيسة الأُم بعد هذا النصر كثيرون في سورية والعربية وأرمينية وبلاد الكرج، ممن سبق لهم أَنْ قالوا بالطبيعة الواحدة، وتعددت البناياتُ والإنشاءاتُ الدينيةُ الأرثوذكسيةُ، في الأردن والبثنية وحوران في مادبا ومعين وجرش والجولان والجيزة بين بصرى ودرعة، وفي الطيِّبة وغاريا الغربية، وفي قَسَم وفي حياة، بالقرب من الشهباء.٢٥

الآفار والصقالبة (٥٥٠–٦٠٢)

ولم ينتظر الآفار والصقالبة نهايةَ الحرب الفارسية ليقوموا بغاراتهم في البلقان، ولكن خلفاء يوستنيانوس آثروا قبل التصدِّي لهم أن يفرغوا من المشكلة الفارسية؛ وذلك لأسبابٍ أَهَمُّها أن المناطق موضوع النزاع بينهم وبين فارس كانت آهلةً بشعوب قوية شديدة، يمكن الاعتماد عليها لتغذية الجيش بالرجال، ثم إن التغلُّب على فارس كان ضروريًّا لإضعاف معنويات من قال بالطبيعة الواحدة مِنْ سُكَّان أرمينية وسورية، ولإرجاعهم إلى أحضان الكنيسة الأم وتوحيد الكلمة في داخل الإمبراطورية. وهكذا نرى يوستينوس الثاني يبتاع سكوت الآفار في السنة ٥٧١، ونرى طيباريوس — طلبًا للغاية نفسها — يدفع في السنة ٥٧٤-٥٧٥ قدرًا كبيرًا من المال — ثمانين ألف صلدة ذهبية — وفي السنة ٥٨٠ هبَّ عددٌ كبيرٌ من الصقالبة قدَّره مينانذر من مؤرخي ذلك العصر بمائة ألف رجل، فعبروا الدانوب وغمروا البلقان غمرًا مخرِّبين محرقين ناهبين،٢٦ ويرى أهل الاختصاص أن هذه الموجة الكبرى كانت أشد أثرًا من أي موجة أخرى في تطور تاريخ الروم؛ لأنها أبقت في البلقان عددًا كبيرًا من الصقالبة فصقلبته منذ ذلك الحين.٢٧
وحُلت المشكلة الفارسية في السنة ٥٩١ حلًّا نهائيًّا، وعاد جيش الروم منتصرًا قويًّا، فتغير الموقف في البلقان تغييرًا أساسيًّا، وشن موريقيوس على الآفار والصقالبة حربًا متواصلةً عنيفةً، ورغب في أن يتسلم القيادة بنفسه، وكاد يفعل، لولا تَدَخُّل الحاشية، فعهد بالأمر إلى بريسقوس القائد، وكتب النجاح لبريسقوس فأبعد البرابرة حتى ضفة الدانوب، ثم عبره وحاربهم في ذاقية، وعاد خاقان الآفار فدفع بمائة ألفٍ أُخرى من الصقالبة عبر الدانوب، فتدفقوا جنوبًا حتى ثيسالونيكية والقسطنطينية، ولم تنجُ الأولى منها إلَّا بأعجوبة،٢٨وهرع موريقيوس للدفاع عن العاصمة بنفسه، فجمع المتطوعة من سكانها وألحق بهم الحرس الإمبراطوري، ودفع بهم جميعًا إلى السور الطويل.
وقُدِّر لبريسقوس أن ينتصر في بلغراد في السنة ٥٩٨ وفي طولي في السنة ٥٩٩، فتهادن الطرفان سنة ٦٠٠ جاعلين الدانوب حدًّا فاصلًا بينهما،٢٩ ثم نشبت الحرب مجددًا في السنة ٦٠١ ورجحت كفة بريسقوس فعبر الدانوب غازيًا، وما برح حتى وصل إلى نهر الثيس. وعوَّل الإمبراطور على إبقاء جنوده وراء الدانوب طوال فصل الشتاء، ولكنه فوجئ بِأَنْ تمرَّد بعضهم عليه في السنة ٦٠٢.

ثورة السنة ٦٠٢

تَمَرَّدَ الجندُ في خريف هذه السنة، وعبروا الدانوب بإمرة فوقاس أحد ضباطهم، واتجهوا نحو القسطنطينية، وكانت العاصمة خالية من الجند، فحشد موريقيوس متطوعة من سكان العاصمة ودفع بهم إلى سور ثيودوسيوس، وليته لم يفعل؛ لأن قسمًا كبيرًا من السكان كان قد سئم كبرياء الإمبراطور وأساليبه الأرستقراطية، وشعر موريقيوس بهذا وخشي ممالأة ابنه ثيودوسيوس ونسيبه جرمانوس للجند، فأمر بإلقاء القبض على جرمانوس، ولكن جرمانوس التجأ إلى كنيسة الحكمة الإلهية، فاضطر الإمبراطور أن ينتهك حرمة هذا المعبد ليقبض فيه على خصمه، وأيد الشعب جرمانوس وأخلى المتطوعةُ مراكزهم على السور وانحازوا إلى الجماهير المتظاهرة، فَفَرَّ الإمبراطورُ بعائلته عبر البوسفور إلى نيقوميذية، وفي الثالث والعشرين من تشرين الثاني سنة ٦٠٢ نادى الشيوخ والشعب بفوقاس إمبراطورًا، ودخل فوقاس في اليوم التالي «ممطرًا الذهب على الشعب إمطارًا.» ثم وجه إلى نيقوميذية بمن ذبح موريقيوس وعائلته ذبحًا.٣٠
ويرى لفتشنكو الأستاذ في جامعة لنينغراد٣١ أن ثورة السنة ٦٠٢ كانت — في حد ذاتها — نزاعًا طبقيًّا بين الفلاحين والصناع والجند من جهة، وبين الذين عَزَّزَتْهم حكومة موريقيوس — من أصحاب الأملاك الكبيرة والأموال الوافرة — من جهة أخرى. ويرى الأستاذ نفسه في هذه الثورة التي عمَّت آسية الصغرى وسورية ولبنان ومصر ثورةً اجتماعيةً دينية بين النصارى واليهود، وبين من كان من النصارى يقول بالطبيعة الواحدة، ومن كان يستمسك بقرارات المجامع المسكونية وبين الخُضر والزرق، وهو يرى أيضًا أن فوقاس لم يتبنَّ مطالبَ هذه الطبقات الوضيعة وإنما سَعَى لتوطيد عرشه فقط.

فوقاس (٦٠٢–٦١٠)

وعلم أبرويز ملك الفرس بما حلَّ بموريقيوس وبإمبراطورية الروم، وكان موريقيوس نفسه قد كتب إليه يستنجده، وسمع أبرويز أيضًا بالثورة التي أعلنها نرسيس القائد على فوقاس في اورفة في السنة ٦٠٣، فرأى أن يستغل فرصة مناسبة، فزحف بنفسه إلى اورفة وحاصرها، ثم تغلب على الروم بين اورفة ونصيبين في السنة ٦٠٤، وفي السنة ٦٠٥ سقطت دارا بيده فاتجه أبرويز نحو سورية وأرمينية وانتشرت جيوشه في السنة ٦٠٧ في سورية وفلسطين تنهب وتحرق وتدمِّر، وفي السنة ٦٠٨ توغل الفرس في آسية الصغرى وبلغوا في السنة التالية إلى خلقيدونية حيال القسطنطينية.

وكان فوقاس منهمكًا في توطيد دعائم عرشه، فقضى في السنة ٦٠٧ على قسطنطينة أرملة موريقيوس وعلى بناتها وعلى جرمانوس، وحاول استمالة كبار الضباط، فجعل بريسقوس قائد الحرس وزوَّجه من ابنته ولكنه عاد فظن به سوءًا واتهمه بالمؤامرة عليه، ولم يعطِ فوقاس الخضر شيئًا فقاموا عليه وأهانوه علانيةً في الهيبودروم، ثم نشبت ثورةٌ في أنطاكية تَلَتْها مؤامرةٌ في القسطنطينية. وهكذا، دواليك، حتى عمت الفوضى وأصبحت الدولة في أمسِّ الحاجة إلى شخصية كبيرة تتولَّى إنقاذها.٣٢
١  Stein, Studien zur Gesch. des Byzant. Reiches, 3-4; Lingenthal, Z., Jus Graeco-Romanum, III, 3. Nov. 149.
٢  Stein, Op. Cit., 57-58; Jean de Nikiou, éd. Zotenperg, 522.
٣  ويرى بعضٌ أنه كان أرمنيًّا ولكنه قول ضعيف، اطلب: Goubert, P., Byzance avant l’Islam, (Paris, 1951), 36–41.
٤  Goubert, P., Op. Cit., 42–48.
٥  Stein, Op. Cit., 70-71.
٦  Corippus, Just., III, 151; Fragmenta Historicorum Graecorum, IV, 274.
٧  Aussaresses, l’Armée byzantine à la fin du VIe Siècle, (1909); Stein, Op. Cit., 123–127.
٨  Goubert, P., Op. Cit., 68–117; Stein, Op. Cit., 40–97; Bury, Hist. of Later Rom. Emp., II, 95–113.
٩  «بهرام خشنش ويعرف بجوبين.» ابن الأثير، ج١، ص٢٧٧.
١٠  «ثم خاف بهرام ومن معه هرمز، فخلعوه، وساروا نحو المدائن، وأظهروا أن ابنه أبرويز أصلحُ للملك منه، وساعدهم على ذلك بعضُ مَنْ كان بحضرة هرمز، وكان غرضُ بهرام أن يستوحش هرمز من ابنه أبرويز ويستوحش ابنُهُ منه، وكان يُحَدِّثُ نفسه بالاستقلال بالمُلك، فلَمَّا علم أبرويز ذلك خاف أباه، فهرب إلى أذربيجان، فاجتمع عليه عدةٌ من المرازبة والأصبهبذين، ووثب العظماء بالمدائن، وفيهم بندويه وبسطام خالا أبرويز، فخلعوا هرمز وسَمَلُوا عينيه» (ابن الأثير، ج١، ص٢٧٧).
١١  Sebeos, Hist. d’Heraclius, éd. Macler, 15.
١٢  راجع: Diehl, Ch., Monde Oriental, 130; GanzacA.
١٣  ابن قتيبة، ٣٠٤، الحماسة، ٤٠٢.
١٤  نولدكه: أمراء غسان، ص٢٥.
١٥  يوحنا الإفسسي، ٦: ٤، ص٣٥١.
١٦  Aramundarus Saracenorum Rex.
١٧  راجع نولدكه: أمراء غسان، ص٢٦. Michel le Syrien, X, 344.
١٨  وقد ذكر هذه الحادثة الشاعر الحيري المعاصر عدي بن زيد، الأغاني ٢: ٢٧، الطبري، ١: ١٠٢١، ياقوت ٣: ٦١٢.
١٩  Jean d’Epiphanie, III, 40, 129 et VI, 16, 231.
٢٠  Goubert, P., Op. Cit., 252–254; Devresse, Mgr., Patriarcat d’Antioche, 276, 281, n. 3.
٢١  نولدكه: أمراء غسان، ص٣٠–٣٤.
٢٢  Jean d’Epiphanie, III, 56, 135.
٢٣  أمراء غسان، ص٣٤–٤١، و٥٧–٦٦.
٢٤  Evagre, Hist. Ecc., éd. Bidez, Vl, 22, 238; Charles, H., le Christianisme des Arabes Nomades sur le Limes et dans le Désert aux Alentours de l’Héjire, (Paris, 1936).
٢٥  Goubert, P., Op. Cit., 265, 266–268.
٢٦  Menandre, 404–406.
٢٧  Vasiliev, A. A., Les Slaves en Grèce, Viz. Vrem., V, 1898.
٢٨  Acta S. Dimitrii, 107–121.
٢٩  Theophylactus, VII, 289–298.
٣٠  Theophylactus, VIII, 7–15; Kraitschex, Der Sturz des Kaiser Mauricius, 1896.
٣١  Levtchenko, M. V., Byzance, 116–121.
٣٢  Spintler, R., De Phoca Imperatore Romanorum, (Jena, 1905).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤