تصدير
في عام ٢٠١٠، أُشِيرَ إلى كتاب «مارتن لوثر» على موقع تويتر، الذي يُعَدُّ وسيلة مثاليَّة لنشر مقدمةٍ بالغة القِصَر عن لوثر؛ لأن الموقع لا يسمح إلا بكتابة ١٤٠ حرفًا فقط في التغريدة الواحدة. ويُسهب هذا الكتاب قليلًا في حديثه عن مارتن لوثر، لكنه مع ذلك مُعَدٌّ ليكون مقدمة موجَزة لحياة وأعمال رجلٍ كان هو نفسه ميَّالًا إلى الإسهاب. وعلى الرغم من إسهابه، كان مارتن لوثر كاتبًا مهمًّا ومثيرًا للجدل، صنعَتْ كلماته التاريخ، الأمر الذي كان مصدر حماسة للبعض وإحباط للبعض الآخَر. لم تؤثِّر كلماته في أساليب الحديث باللغة الألمانية والكتابة بها فحسب، بل أثَّرت أيضًا في ديناميات الدين والثقافة في العالم الحديث. أكَّدَ لوثر على قوة تأثير الكلمات بوجه عام، وكما يَليق بعالِم لاهوت، فقد أكَّد على فعالية الكلام المقدَّس، على وجه الخصوص، لكن هذا الكتاب يدور بالأساس حول كلمات لوثر نفسه وتأثيرها على العالم الأوروبي في القرن السادس عشر. وعلى هذا، فإنه ليس سيرة ذاتية أو شرحًا لعقيدة لوثر، بل هو سلسلة من اللقطات التي تحاول أن تصوِّر حياتَه وعلاقاتِه وأهدافَه وأعمالَه وتصوُّراتِه وآراءه، وتصف إيمان ومشاعر إنسانٍ قلَّما أعجزه البحث عن الكلمات، وأفصح بسبب هذا عن نفسه أكثر مما جرؤ أيُّ شخص أن يفعل.
أَدين بالشكر لكلِّ مَن جمعتُ منهم معارفي عن حركة الإصلاح الديني من أساتذة وزملاء وطلاب، لا سيما مَن دَعَوْني على مَرِّ السنوات أن أنظر إليها بمنظور مختلف. كما أدين بالامتنان لمَن قرءوا كتابي قبل طباعته على اقتراحاتهم، لا سيما إيما ميرشانت من مطبعة جامعة أكسفورد؛ لتشجيعها الدائم لي ونصائحها المحنكة. كذلك يسرني أن أُعرِب عن تقديري وشكري لساندرا كيمبال، التي وضعت فهرس هذا الكتاب وكتبي الثلاثة السابقة، فمعارفها عن القرن السادس عشر ومهارتها ودقتها جعلت هذه الكتب أكثر إفادةً للقراء.
أُهدِي هذا الكتاب إلى ذكرى هيلمار يونجهانس، الذي أَمضى سنين طوالًا في منصبه كمحرِّر لصحيفة «لوثر يار بوخ»، وهو أستاذ تاريخ الكنائس في لايبزيج؛ إذ زوَّدني وزوَّد آخَرين بسَخَاءٍ بمعارفه التي لا تُضاهَى عن لوثر على مدى سنوات عديدة ملأتها الصداقة والوُدُّ، وقد تُوفي في جولة بالدراجة قبل أسبوع واحد من انتهاء هذا الكتاب.