الفصل التاسع

الناي

وهو عبارة عن أنبوبة مجوفة مأخوذة من الغاب ومهذبة تهذيبًا صناعيًا — ويستعمل بوضع فتحته العليا على الفم وضعًا مائلاً؛ بحيث يمس جزء منه جزءًا من الشفتين ويكون جزؤها الآخر بعيدًا عن الشفتين لأجل أن يلتقي الهواء الخارج من الفم عند النفخ بذلك الجزء البعيد، وبذا يحصل الصوت — وتجد شكله في يد (علي أفندي صالح).

فالناي كما علم مفتوح الطرفين، ثم بالنفخ في إحدى تلك الأنابيب المفتوحة الطرفين بعد وضعها على الفم وضعًا مناسبًا يحصل الصوت كما قدمنا، ولكن يتغير صوت الأنبوبة بتغير قوة النفخ، فالنفخ القوي يحدث صوتًا حادًا والنفخ الضعيف يحدث صوتًا غليظًا — فأغلظ صوت يحصل من الأنبوبة يكون ناشئًا بالطبع عن أضعف قوة بالنفخ ويسمى بالصوت الأساسي للأنبوبة (ويعرف عند الناياتية بأساس أول ديوان واطي) — والصوت الذي يحصل من القوة الثانية للنفخ يسمى: أول أرمونيك (وهو المعروف عند الناياتية بأساس أول ديوان عال) وهو جواب الصوت الأساسي — والصوت الذي يحصل من القوة الثالثة للنفخ يسمى ثاني أرمونيك وهو جواب لأول أرمونيك — والذي يحصل من القوة الرابعة للنفخ يسعى ثالث أرمونيك وهو أعلى من الأرمونيك الثاني بمسافة خامسة — والذي يحل من القوة الخامسة يسمى رابع أرمونيك وهو أعلى من الأرمونيك الثالث بمسافة رابعة — والذي يحصل من القوة السادسة هو خامس أرمونيك وبعده عن الرابع يساوي مسافة ثالثة كبيرة — وسادس أرمونيك أعلى من الخامس بمسافة ثالثة صغيرة إلخ — ثم إنه لأجل الحصول على الأصوات المحصورة بين أي أرمونيك والذي يليه مباشرة نفتح ثقوب في سطح الأنبوبة لتوصل الهواء الداخل بالهواء الخارج — وتكون أوضاع تلك الثقوب على نسب حسابية معروفة لصناع هذه الآلات ليكون صوت كل ثقب عند إطلاقه أي فتحه) أعلى من صوت الثقب الذي قبله بمسافة محدودة — ففي الناي صوت أول ثقب (وهو أقرب ثقب لطرف الناي الأسفل وأبعد ثقب من الطرف الموضوع على الفم) يكون أعلى من الأنبوبة بمقدار بردة — ثم إن صوت أي ثقب خلافه هو أعلى من صوت الثقب الذي قبله مباشرة بمقدار عربة — أما الثقب الذي يفتح من خلف ويسد بالإبهام فتقول الناياتية أن استعماله لا يكون إلا لإحداث سابع درجة من أول طبقة واطية.

بناء على ما تقدم إذا كان الصوت الأساسي لأنبوبة هو صول — ١ — يكون أول أرمونيك هو صول — وثاني أرمونيك هو صول ٢ — وثالث أرمونيك هوري ٢ — ورابع أرمونيك هو صول ٣ — وخامس أرمونيك هو سي ٣ — وسادس أرمونيك هو ري ٤ — ومتى علمت أصوات الأرمونيك يكون من السهل معرفة أصوات الثقوب؛ لأنه إذا كان المعلوم أرمونيك هو ري ٤ يكون صوت الثقب الأول من الناي هو مي ٤ لأن مي تبعد عن ري بمقدار بردة وقس على ذلك.

يستنتج من ذلك أن لكل ناي صوتًا أساسيًا خاصًا به — فيقال: هذا الناي ناي صول، يعني: أساسه صول — ١ — ذاك ناي — دو ١ يعني — أساسه — دو — ١.١ — وممن اشتهر به في مصر حضرتا أمين أفندي بزري — وعلي أفندي صالح.

ولما كان لا بد من التلميح بذكر بعض آلات أخرى لتداولها الآن كثيرًا بيننا فنقول: من الآلات ذوات الكلافييه البيانو — والأرمونيكا — والموزيكه المتداول استعمالها بين الكثير من الشبان في المنازل — وفي هذه الآلات من التحسين والتخفيف حين الاشتغال ما ليس في ذوات الأوتار من حيث عدم الكلفة في إصلاحها — وبعض هذه الآلات مؤسس على نظام المقامات الأحادية النغم كالبيانو والأرمونيكا وهي الأنفس صناعة وتحسينًا — والبعض الآخر مؤسس على م بعض المقامات الثنائية النغم والأغلب على مقام (دو) الكبير.

وللعلم بأية آلة من ذوات الكلافييه يجب معرفة المقام المصنوع فيه اللحن المراد عمله على الآلة — ثم يبحث في الكلافييه عن أشرطة النغمات المرادة فتعود الأصابع على النقل عليها ثم يشرع في التلحين وتوقيعه حتى يضبط — وإن كان الكلافييه مؤسسًا على مقام خاص واللحن من مقام آخر ففي هذه الحالة يجب نقل اللحن من مقامه إلى مقام الآلة. وهاك صورة جزء من كلافييه بيانو.

figure12
شكل ٩-١: على افندى صالح.
figure

فالأشرطة البيض هي للنغمات الطبيعية والسود للنغمات المتحصل عليها بالتحويل — فالشريط الأسود نمرة — ١ — هو لنغمة دو دييز أو نغمة ري بيمول — والشريط نمرة — ٢ — لري دييز — أو مي بيمول — أما فا بيمول فتحدث من لمس شريط مي وهكذا إلى أن تصل إلى الموقع نمرة — ٩ — الذي هو سي دييز — ولا يخفاك أنه هو موضع دو الطبيعي كما وأن الموضع نمرة — ٨ — هو موضع دو بيمول — ولا يخفاك أيضًا أنه موضع سي الطبيعي.

واعلم أن أحسن الطرق في العمل الموسيقي هو العمل بالصوت الإنساني، فإنه أعظم بكثير من العمل بغيره من الوسائط الموسيقية الأخرى — وكفى بفضله أنه يغني عن الآلات إذا وجد — والآلات تحتاج إليه. كما وأنه يوصل المعاني إلى الذهن في الألحان الملفوظة، وأنه يشجي ويطرب أكثر من غيره وأنه أطوع من غيره في إحكام الواجبات وإتقانها.

هوامش

(١) وإذا أردت زيادة الإيضاح في تعليم الناي فعليك بكتاب السيد محمد هشام بك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤