الفصل الثلاثون

الأربعمائة (١)

المائة المندوبون – نظامهم – عمل مجلس الشورى.

***

هذا ما أقره المندوبون، فلما أقره الشعب انتخب الخمسة آلاف من بينهم مائة مندوب ليضعوا نظامًا أساسيًّا، وهذا ما عرض هؤلاء المندوبون:

«يتألف مجلس الشورى من أعضاء في المدينة قد تجاوزوا سن الثلاثين وليس لهم أجر ما، ويكون من أعضائه الاستراتيجوي والتسعة الذين يشغلون منصب الأركون والهيرومنيمون١ والتاكسياركوي٢ والهيباركوي والفولاركوي٣ والقواد الموكلون بحفظ القلاع، وحفاظ الخزانة المقدسة خزانة أتينا وغيرها من الآلهة وعددهم عشرة والهللينوتامياي٤ وحفظة خزائن الدولة وعددهم عشرون، والعشرة المضحون والأبيميلتاي٥ وعددهم عشرة.

كل هؤلاء العمال ينتخبون بين أعضاء يكونون قد عينهم الانتخاب للدرجة الأولى، وهؤلاء ينتخبون بين أعضاء مجلس الشورى القائم بالعمل، وهذا الانتخاب الأول يجب أن يعين عددًا من الأعضاء أكثر من عدد المناصب التي يُراد شغلها.

فأما غيرهم من العمال فيُنتخبون بواسطة الاقتراع ويؤخذون من غير مجلس الشورى.

ولا يُقبل في جلسات مجلس الشورى من شغل بتدبير أموال الدولة من الهللينوتامياي.

وفي المستقبل ينقسم مجلس الشورى إلى أربع لجان تتألف من الأعضاء الذين بلغوا السن المذكورة آنفًا، ويختار بالاقتراع من بينها اللجنة التي تقوم بالعمل، ولكن الأعضاء الآخرين يجب أن يوزعوا على هذه اللجان ويكلف المائة هذا التوزيع، يوزعون أعضاء المدينة وهم من بينهم على هذه اللجان مع ما يمكن من المساواة، وعليهم أيضًا أن يستشيروا الاقتراع في النظام الذي تتابع بمقتضاه هذه اللجان.

وعلى مجلس الشورى إبان السنة التي يقوم بالعمل فيها أن يتخذ في كل شيء أصلح ما يمكنه من القرارات، وعليه خاصة أن يُعنى بأن يبقى دخل الدولة سالمًا لا يُنفَق منه شيء إلا فيما تقضي به الضرورة، فإذا احتاجت لجنة من اللجان أن تستشير عددًا كثيرًا من الناس فلكل عضو منها أن يدعو عضوًا آخر على أن لا يكون هذا العضو الآخر أقل منه سنًّا، يجتمع المجلس مرة في كل خمسة أيام إلا أن تدعو الحاجة إلى أن يجتمع أكثر من ذلك، يَنتخب المجلس بواسطة الاقتراع التسعة الذين يشغلون مناصب الأركون، ويَنتخب من بين أعضائه بواسطة الاقتراع خمسة يوكلون بإعلان نتيجة التصويت الذي يجري بواسطة رفع اليد، وينتخب بواسطة الاقتراع كل يوم بين هؤلاء الخمسة عضوًا يوكل بأخذ الأصوات فيما يعرض من المسائل، ويستشير هؤلاء الخمسة الاقتراع أيضًا في النظام الذي يجب أن يتبعه من أراد أن يوجه إلى المجلس شيئًا.

وهذا برنامج العمل: ينظر المجلس قبل كل شيء في المسائل الدينية، ثم فيما يأتي به الرسل، ثم يستقبل السفراء، ثم ينظر في غير ذلك من المسائل.

فأما الأعمال الحربية فللاستراتيجوي وحدهم أن يكتبوها في برنامج الجلسة كلما دعت إلى ذلك الحاجة دون أن يضطروا إلى استشارة الاقتراع، وكل عضو لم يحضر إلى قصر المجلس يوم الجلسة فعليه أن يدفع درهمًا عن كل يوم تخلَّف فيه إلا أن يكون المجلس قد أذن له بالغيبة.»

١  أكبر الكهنة كان يكلف العناية بمراقبة العبادة والعقائد.
٢  رؤساء التكسيس، وهي كتيبة من الجيش تمثل القبيلة، وكانت هذه الكتائب عشرًا؛ واحدة عن كل قبيلة.
٣  هم رؤساء القبائل مرة ورؤساء كتائب الخيل مرة أخرى، وهذا المعنى الثاني هو المراد هنا، وكان هؤلاء الفولاركوي عشرة بعدد كتائب الخيل، واحد عن كل قبيلة.
٤  هم عشرة كانوا يقومون على ما يدفع حلفاء أتينا إليها من المال، فيدفعون جزءًا من ستين منه إلى خزانة الإلهة أتينا، وينفقون سائره على الأسطول وفي منافع الحلفاء العامة وما يقام في أتينا من العمارات أو الأعياد.
٥  لا نعرف ماذا يريد أرسطاطاليس بهذه الكلمة، فقد كانت تطلق على عمال كثيرين جدًّا في المدينة منهم من يقوم بالأعمال المدنية كمراقبة التجارة والثغور وكمراقبة الملاعب الرياضية وكمراقبة جلب المياه إلى أتينا وتوزيعها في أنحاء المدينة، ومنهم من كان يقوم بأعمال دينية كتدبير ما كانت تخصص أتينا من المال لمعبد دلف، ومنهم من كان يشرف على تربية الشباب وتعليمهم، وعلى الجملة فإن الأبيميليتيس وهو واحد الأبيميليتاي هو من كان يقوم بعمل يسميه اليونان أبيميلايا، وقد فسره علماء النظام اليوناني بأنه عمل لا تتوقف عليه حياة النظام السياسي، وإنما يعرض من حين إلى حين، وأرادوا بذلك أن يفرقوا بينها وبين ما كان يسميه اليونان أركيه من جهة، وهو العمل الذي كان يمنح صاحبه سلطانًا سياسيًّا أو قضائيًّا كعمل الأركون أو الاستراتيجوس وبين ما كانوا يسمونه أويريسيا، وهي الأعمال التي ليست بذات خطر والتي كان يقوم بها أرقاء الدولة في أكثر الأحيان، على أن التفرقة بين الأبيميليا والأركيه ليست صحيحة ولا واضحة؛ فإن الأبيميليا كانت تخول أصحابها أنواعًا من السلطان في كثير من الأحيان، فليس من شك في أن المشرفين على التجارة أو مراقبة الثغور أو تعليم الشباب كانوا يملكون من السلطان ما يعدل ما كانوا يؤخذون به من التبعة، وقد عدل الباحثون المحدثون عن محاولة تحديد عام لهذه الكلمة حتى تظهر الآثار التي تعين على فهمها، وبقي نص أرسطاطاليس غامضًا في هذا الموضع.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤