الخاتمة

لكن الرياح تجري بما لا تشتهيه السفن، فهذان الرفيقان اللذان رأى بهما بوادرَ الخلاص، هَبَّ أحدهما لنجدته، والآخَر استغَلَّ اطمئنانَ باسي له وغدره فطعَنَه طعنةً نجلاء كانت القاضية على هذا المحارب الشجاع.

أما صديقه الذي هبَّ إلى نجدته فقد جمد الدم في عروقه من هول المفاجأة، وكان نصيبه طعنة قوية، ولكنها لم تكن قاتلة فأُغمِيَ عليه وكان قد أُصِيب باثنتي عشرة طعنة أثناء المعركة.

فما كان من مونسورو إلا أن صافَحَ صديق باسي اللدود، ونظر نظرةَ ازدراء إلى جسد باسي المُضرَّج بالدماء، وتركه مع صديقه المغمى عليه في أرض المعركة وذهب مع رجاله.

أما بالنسبة إلى ديانا حبيبة باسي، فقد أخذها سانت ليك من يدَيْ طبيبِ باسي، وأخذ يعدو بها الشارع، وبعد أن ابتعَدَ عن مكان المعركة نظر إليها فوجدها مغمًى عليها لهَوْل المفاجأة.

وكان التعب قد أعياه، وفيما هو يفكِّر ماذا يفعل بها، تراءَتْ له عربة خيل فأوقفها وصعد هو وديانا إلى داخلها، وطلب من السائق التوجُّهَ إلى ضواحي باريس، وأودعها هناك عند صديقةٍ له تُدعَى جان دو بريساك، وطلب منها الاعتناء بديانا، ولهذا فقد تأخَّرَ سانت ليك عن الرجوع إلى اللوفر.

ولكن بعد مضي ثلاثة أيام على ديانا في منزل جان، عانَتْ خلالها ديانا من الحمى والهذيان، وجان من السهر عليها.

وفي اليوم الرابع رأت جان أن حالة ديانا الصحية قد تحسَّنَتْ، فقرَّرَتْ أن تأخذ قسطًا من الراحة، فخرجَتْ للتنزُّه ولجَلْبِ حاجيات المنزل.

وبعد ساعتين عادَتْ إلى المنزل، ودخلت توًّا إلى غرفة ديانا، فوجدَتْ السريرَ خاليًا، ففكَّرت بأن ديانا قد صحَّتْ من هذيانها فقرَّرَتِ التنزُّهَ؛ لذلك أخذَتْ تفتِّش عنها في المنزل والجوار، ولكنها لم تعثر على أي أثر لها.

أما الذي أُصِيب في المعركة مع باسي فإن شيكو نقله إلى فندق بواسي، ولكنه لم يصمد أكثر من ثلاثين يومًا، فقد مات بعد هذه المدة في الفندق متأثِّرًا بجراحه، وهذا الرجل هو كيلوس.

أما بالنسبة للملك هنري فقد كان الحزن يغمره لأنه فقَدَ أعزَّ أصدقائه، وكانَتْ طريقته للتعبير عن حزنه بأنه صنع لهم ضريحًا رائعًا من المرمر، وأقام القداديس على راحة أنفسهم.

وبعد موت أصدقاء الملك الثلاثة، لم يَبْقَ له سوى شيكو الذي لم يُفارِق الملك قطُّ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤