الفصل الأول

ما قبل ظهور المسيحية

«ليس للنساء ولاية الأعمال … بل لا بد من جعلهن تحت الوصاية، حتى إن بلغن سن الأهلية، لطيشان عقولهن …»

مدونة جوستنيان

«من ذا الذي يستطيع أن يعثر على امرأةٍ فاضلة؟ إن ثمنها يفوق ثمن اللآلئ والياقوت …!»

سِفر الأمثال، إصحاح ٣١: ١٠

تمهيد

ظهرت المسيحية في فلسطين في عصرٍ كانت فيه السلطة المدنية للرومان والسلطة الدينية لليهود، وهكذا … تنازعت الديانةَ الوليدة سلطتان متباينتان ومختلفتان في كثيرٍ جدًّا من الأمور، لكنهما تلتقيان عند شيءٍ واحد هو: كراهية المرأة، أو قل بتعبيرٍ أدق: «النظرة الدونية إلى المرأة».١
ومن المفارقات الغريبة أنه على الرغم من أن المسيحية قد أتت بأفكارٍ جديدة وإنسانية عن المرأة، وربما استطعنا أن نقول إنها أنصفت المرأة في كثيرٍ من المواقف، على نحو ما سنرى بعد قليلٍ في مواقف السيد المسيح مع نساء عصره؛ أقول رغم هذه المواقف الجديدة فإن السلطتين السابقتين — بما لهما من نظرةٍ عدائية تجاه النساء — استطاعتا التغلب على ما أتت به المسيحية من عناصر الإنصاف، بل طمست هذه الجوانب تمامًا، لتعود النظرة العدائية القديمة مرةً أخرى، مرتدية ثوبًا مسيحيًّا على يد القديسين من الفلاسفة، سواء في عصر الآباء الذي يمثل طلائع الفلسفة المسيحية، أو في بداية العصور الوسطى على يد القديس أوغسطين St. Augustine (٣٥٤–٤٣٠م)، أو في نهايتها على يد القديس توما الأكويني St. Thomas Aquinas (١٢٢٥–١٢٧٤م).
ولقد ورثت المسيحية عن اليهودية نظرتها إلى الأنثى، وما فيها من استخفافٍ بعقلها، وبُغض لعواطفها وانفعالاتها، واحتقار لجسدها الذي اعتبرته: مكمن الداء، ومصدر الفساد في المجتمع، وأصل الشر في الكون، وبداية انحراف السلوك الإنساني منذ بدأ الخلق، ثم أضافت إليها من عناصر الفكرين الإغريقي والروماني ما عضَّد تلك النظرة وجعلها متماسكة، ولا سيما بعد أن استعار آباء الكنيسة نظرية أرسطو عن المرأة.٢

(تلك التي سبق أن عرضنا لها في شيءٍ من التفصيل في العدد السابق من هذه السلسلة) وحاولوا من خلال أرسطو تحديد العَلاقة بين كلٍّ من الذكر والأنثى تحديدًا هيراركيًّا تصاعديًّا، بحيث يكون الذكر هو الأعلى؛ لأنه: الصورة، والماهية، والفكر، والعقل، في حين أن الأنثى هي: المادة، والجسد، والانفعال، والعاطفة.

ولقد سبق أن رأينا كيف أن الجنين عند أرسطو يتخلق من الحيوانات المنوية للذكر وحده، فهو العامل الفعال والمؤثر في التلقيح، ولا يتعدى دور المرأة تقديم المادة المتمثلة في دماء الطمث، وضم الجنين إلى رحمها، وإمداده بالغذاء: كالدم، وبقية العناصر المفيدة للجسم. ولما كان الذكر هو الأساس في عملية التكوين، فإن الأصل في الجنين أن يكون ذكرًا لكنه يتحول إلى أنثى إذا ما طغت المواد الأنثوية السفلية على المواد العلوية التي يقذفها الذكر، وهكذا تكون الأنثى ذكرًا ناقص التكوين … ولقد أفاض القديس توما الأكويني في شرح هذه الفكرة الأرسطية على نحو ما سنعرف خلال هذا البحث.

على أن أهم ما أضافته المسيحية (ولا سيما مسيحية بولس) لإعلاء قيمة الذكور والغض من مكانة الإناث هي حقيقة التثليث والخلاص: فالمخلِّص المنقذ للبشرية هو ابن الرب، الذي جاد بنفسه على الصليب لينتزع العالم من براثن الشرور التي أوقعته فيها خطيئة البشر الأزلية، بعد أن عصت المرأة (حواء) أوامر الرب، وأغوت الرجل (آدم) على التمرد، مستجيبة ومستسلمة للشيطان (الحية).

ومن الطبيعي أن تكون النتيجة المباشرة لتلك العقيدة هي: إعلاء مكانة الرجل المسكين الذي أضلته الأنثى! أما منزلة المرأة فقد ازدادت انحطاطًا عما كانت عليه من قبل!

القسم الأول: الخلفية المدنية الرومانية:

لم تختلف الأمور في روما القديمة كثيرًا عما كانت عليه في أثينا، بصفةٍ خاصة، وفي الثقافة اليونانية بصفةٍ عامة؛ فالمدينة هي الوحدة السياسية، ودولة المدينة تتألف من مواطنين رومانيين أحرار متساوين في الحقوق والامتيازات، أما بقية الرعايا فهم: إما أجانب، وإما عبيد، أما الأجانب فليست لهم حقوق ولا امتيازات إلا بقدر ما يقدمه إليهم المواطنون الرومان طواعية، ثم هناك — كما هي الحال في جميع المدن القديمة — عدد ضخم من العبيد: رجال ونساء، جاءوا — في الأعم الأغلب — عن طريق الأسر.٣
وعلى ذلك ففي استطاعتنا أن نقول إن هناك ثلاث فئات من السكان:
  • الأولى: المواطنين الرومان الأحرار، وهم أصحاب الحقوق والامتيازات الكاملة.
  • الثانية: الأجانب، وهم رعايا بغير حقوق ولا امتيازات.
  • الثالثة: العبيد الذين يُنظر إليهم على أنهم ملكية خاصة لسادتهم.
ولقد كانت تلك هي الحال تمامًا في المدينة اليونانية القديمة بتصنيف سكانها، غير أن تطور المدينة الرومانية اتخذ مسارًا يختلف عن مسار المدينة اليونانية؛ فقد مد الرومان امتيازاتهم، بالتدريج، وتوسعوا فيها حتى تحول شعب المدينة إلى أمة، ثم أصبحت في النهاية هي العالم المتحضر، ولم يكن للأجانب شخصية متميزة في روما — على نحو ما كانوا في أثينا — اللهم إلا إذا نظرنا إلى العامة والغوغاء على أنهم أجانب، لكن مع مرور الزمن تحول كثيرٌ من هؤلاء العامة والرعاع إلى مواطنين، واختفى كل ما يميزهم عن المواطنين الأصليين، فضلًا عن أنه كان للرقيب Censor٤ الحق في أن يضع اسم الأجنبي في قائمة المواطنين، ولا شك أن كثيرًا من الأجانب قد تحولوا بهذه الطريقة إلى مواطنين رومانيين.

أولًا: المرأة في روما القديمة:

بناء على القسمة الثلاثية السابقة لفئات السكان في روما القديمة كان المجتمع الروماني يشتمل على ثلاث طبقات من النساء على النحو التالي:
  • (أ)
    المواطنة الرومانية الحرة، وهي: الزوجة، والأم، وربة المنزل أو السيدة Domina.
  • (ب)
    المرأة الأجنبية: وهي مثل الرجل الأجنبي، بلا حقوقٍ أو امتيازات.٥
  • (جـ)
    الجواري: وهن ملك خاص لسيدهن.٦

وسوف نسوق كلمةً عن كل طبقة.

(أ) المواطنة الرومانية الحرة

ربما أعطتنا مدونة جوستنيان في قسمٍ عنوانه «تقريرات خاصة بالنساء والزواج»٧ فكرةً واضحة عن وضع المرأة في المجتمع الروماني، علمًا بأن المقصود بالمرأة هنا: المواطنة الرومانية الحرة لا الأجنبية ولا الجارية، تقول المدونة:٨

(١) ليس للنساء ولاية الأعمال العامة.

(٣) رأى القدماء جعل النساء تحت الوصاية، ولو بلغن سن الأهلية، لطيشان عقولهن.

(١١) على النساء الخضوع لأزواجهن.

(١٢) على المرأة أن تتبع زوجها ما لم يكن أفَّاقًا.

(١٤) الرجال قوَّامون على نسائهم.

(١٦) المرأة دون الرجل في كثيرٍ من أحكام القوانين.

(١٧) تجوز المقايضة على المهر أثناء قيام الزوجية متى كان هذا في صالح المرأة.

(١٨) من صالح الجمهورية احتفاظ النساء بمهورهن؛ ليكون ذلك عونًا لهن على التزوج مرة أخرى.

وهكذا يتضح لنا — من قراءة بعض المواد القانونية التي جمعتها مدونة جوستنيان — أنه على الصعيد القانوني لا وجود إلا للرجل،٩ أما المرأة فتظل تحت الوصاية طوال حياتها، كما أن الرجل هو الذي يهيمن أيضًا على الحياة الدينية؛ فالأب هو رب الأسرة وكاهنها الأكبر، وهو وحده المخول بتأمين استمرار عبادة الأجداد.
ونحن نلاحظ في المادة الأولى من مدونة جوستنيان السابقة أنه لا ولاية للنساء على الأعمال العامة، فهي في الحياة العامة، مثلًا، مستبعدة من سائر الوظائف العامة التي يُطلَق عليها لهذا السبب اسم «الوظائف الذكورية»، أو «وظائف الرجال» Officia Virilia، ولم يحدث قط أن قام المجتمع الروماني بتشجيع النساء على القيام بنفس الأنشطة التي يقوم بها الرجال.١٠
أما القول بأن النساء لا بد أن يخضعن للوصاية ولو بلغن سن الأهلية لطيشان عقولهن فإننا نستطيع أن نقول: إن السبب في هذا الطيشان العقلي يرجع في الواقع إلى عادة الرومان عقد قرانهم على شاباتٍ صغيرات، بل على فتياتٍ لم يبلغن بعد؛ فقد كان سن الزواج القانونية للفتاة اثنتي عشرة سنة. وهناك قصة شهيرة رواها «بلوتارك» عن كورنيليا Cornelia والدة الشقيقين جراكوس Grachus، نستطيع أن نقف فيها على مأساة الزواج المبكر للفتاة في المجتمع الروماني، فلقد أمسك زوجها تبريوس Teberius بثعبانين في فراشه، وراح يستشير العرافين في أمرهما، فأخبروه بعدم قتلهما وتركهما لحال سبيلها؛ ذلك لأنه إذا قتل الثعبان «الذكر» مات هو نفسه، أما إذا قتل الثعبان «الأنثى» فسوف تموت زوجته كورنيليا، ولكن الرجل قتل الثعبان الذكر، ولم يشأ أن يقتل الثعبان الأنثى خوفًا على زوجته التي كانت تصغره بسنواتٍ كثيرة، وبعد هذه الحادثة بفترةٍ وجيزة تُوُفي مصداقًا للنبوءة، وترملت زوجته كورنيليا وهي في الخامسة والعشرين من عمرها، في الوقت الذي كانت فيه أمًّا لاثني عشر ولدًا.١١

ومن هذه القصة نتبين أن كورنيليا تزوجت في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة من عمرها، أي مجرد طفلة لا تعي شيئًا، فليس غريبًا إذن أن يذهب المشرِّع إلى طيشان العقل أو خفته عند النساء! بل ربما تحدد مصير الفتاة وهي لا تزال في المهد، عندما كانت تُعقد اتفاقات الزواج بين الآباء الذين يرغبون في توسيع رقعة تحالفهم، أو في تأمين الدعم المطلوب لعملهم أو وظائفهم.

ولعل نظام الوصاية يوضح أيضًا وضع المرأة التي كانت تخضع لعبودية الرجل، وهي فتاة في منزل والدها، ثم لعبودية الرجل، وهي زوجة في منزل زوجها: فهي هنا تصبح بمثابة بنت من بناته، فتنقطع عَلاقاتها بأسرتها انقطاعًا تامًّا، ويحل زوجها محل أبيها.

غير أننا لا بد أن نشير إلى أن المرأة الرومانية لم تكن تعاني من سلبيات الفصل الصارم بين الجنسين الذي طبع المجتمع اليوناني بقسوةٍ في العصر الكلاسيكي،١٢ رغم وجود «الحريم» كذلك في الأسرة الرومانية؛ فقد كانت الفتاة الصغيرة تُربَّى مع شقيقها، وتحصل على تعليمٍ مماثل لتعليمه، كما كانت المدارس الرومانية مختلطة، وكانت الزوجة — هي السيدة Domina — تتناول طعامها مع زوجها، كما كان للأم دور تربوي هام تمارسه حتى مع أبنائها، كما تشهد بذلك أمثلة كورنيليا والدة الشقيقين جراكوس التي تحدثنا عنها منذ قليل، فقد ألهبت حماس أبنائها، بعد وفاة زوجها، لمواجهة الشرور التي تهدد الدولة، ولم يفتر حماسها عندما علمت أنهما قد يواجهان الموت في سبيل قضية بلادها.١٣

ومع اعترافنا بذلك كله إلا أن الزوجة الرومانية كانت أيضًا تخضع خضوعًا كاملًا لسيطرة زوجها، وإن بدأت هذه السيطرة تضعف بالتدريج نتيجة لعوامل متعددة ومؤثرات كثيرة سوف نتحدث عن بعضها بعد قليل، فالفكر الروماني يجعل من الأب مُستبدًّا له سلطة الحياة والموت على أولاده الذين لا يستطيعون أن يفعلوا شيئًا دون موافقته، وتلك هي الحال أيضًا بالنسبة للأطفال الذكور، حتى بعد أن يبلغوا سن النضج. ولقد كانت النساء عند الرومان القدامى — بصفةٍ عامة — أطفالًا يحتجن طوال حياتهن إلى توجيهٍ، ورعاية، وحماية، ويستحيل أن يتحررن من قبضة الرجل المستبد.

ومن ثَم فقد كان على الفتاة الرومانية عندما تتزوج أن تختار بين نوعين من الزواج: الزواج بوضع اليد Cum Manu: وهو زواج يتبعه وضع العروس وما تملك تحت سلطان زوجها أو والده، وهنا يقوم الأب بنفسه بتسليم الفتاة إلى يد زوجها أو وضعها تحت سيطرته، أما النوع الثاني من الزواج فهو: الزواج بدون تسليم Sin Manu، وفيه تظل الفتاة وما تملك تحت سلطان والدها، وكان هناك نوعٌ ثالث يُعرف بالزواج بطريقة «الكنفرياشيو» Confarretion، ومعناها أكل الكعك معًا. وكان هذا النوع الأخير يتطلب حفلًا دينيًّا خاصًّا تُجرى مراسمه أمام مذبح الإله جوبتر Jupiter بحضور كاهنه الأعظم وعشَرة شهود، وهو زواج لا يتم في العادة إلا بين الأشراف والنبلاء.
وكانت مراسم الزواج، عمومًا، تبدأ بانقطاع اشتراك الفتاة في طقوس عائلتها إذا ما طلبها الشاب للزواج، فتكف في الحال عن الاشتراك في هذه المراسم الدينية الخاصة بعائلتها، لكي تشترك في مراسم عائلة من سيتزوجها، ويقام حفل الزواج في المنزل، ويقدم والد الفتاة ذبيحةً للأسلاف، ثم يعلن في نهاية الحفل عن تسليم ابنته إلى الشاب طالب الزواج منها، ثم يقود الشاب زوجته إلى داره وهي محجبة ويسير خلفها حملة المشاعل وهم يرتلون أناشيد الزواج على أنغام المزامير، فإذا وصلوا إلى عتبة الدار تظاهرت الزوجة بالامتناع عن الدخول، فيتقدم منها العريس ويسألها: من أنت؟ فتجيب بعبارةٍ بسيطة تشعره بوفائها وانضمامها إليه: حيث تكون أنت جايوس، أكون أنا جايا Ubi Tu Gaius, EgoGaia، أي حيث تكون أنت السيد أكون أنا السيدة. عندئذٍ يتقدم منها العريس ويحملها بين ذراعيه ليرفعها فوق عتبة المنزل — إذ لا يجوز أن تلمس قدمها عتبة الباب — ويقدم لها المفاتيح، ثم يضع عنقه وعنقها تحت نِير واحد (إشارة إلى الرابطة المشتركة بينهما) وأخيرًا: تشترك العروس في الصلاة لآلهة الأسرة الجديدة التي انضمت إليها معلنة بذلك دخولها في ديانة الزوج وانفصالها تمامًا عن أسرتها القديمة.١٤

وكثيرًا ما كانت الفتاة تفضل الزواج بوضع اليد الذي تنتقل فيه من سلطة والدها إلى يد زوجها، وفي هذه الحالة كانت تشغل نفس المنزلة التي تشغلها ابنة الزوج، أعني: أن تصبح خاضعة للزوج وتحت رحمته.

وفي منزل الزوجية كان عليها أن تقوم بواجب إدارة المنزل، والإشراف على العبيد وتمريضهم، وأعمال الغزل والنسيج، والحياكة … إلخ، وعليها أن تكون حذرة في سلوكها؛ ذلك لأن أقل حماقة ترتكبها يمكن أن تكون عقوبتها الإعدام، في حين أن الرجل يستطيع أن يفعل ما يشاء، ومن هنا يقول كاتو الأكبر Cato the Censor:١٥
«إذا وجدت زوجتك تزني فإن القانون يتيح لك أن تقتلها بلا محاكمة، أما إذا فاجأتك، مصادفة، وأنت ترتكب هذه الجريمة نفسها فليس لها أن تَمَسَّك حتى بأطراف أصابعها؛ لأن القانون يحرم عليها ذلك …»١٦ كما كان القانون الروماني أيضًا يحرم على الزوجات شرب الخمر، فإذا غامرت الزوجة بارتكاب هذه الجريمة، وُقِّعَت عليها أقسى العقوبات؛ ذلك لأنها بشربها للخمر فإنها تُدخل في جسدها مادةً سرية لا يمكن معرفة نتائجها؛ ولهذا كان من حق الزوج الذي يضبط زوجته وهي تعاقر الخمر أن يضربها حتى الموت. ويروي المؤرخون أحداثًا كثيرة تدل على الوضع المتدني للمرأة الرومانية — على الأقل في عصورها الأولى — فهذا زوج يطرد زوجته من بيته لأنه رآها تسير في الشارع دون خمار، وذلك يطرد زوجته لأنه رآها تتحدث سرًّا مع امرأةٍ كانت جارية وأُعتقت حديثًا، فوقفت الزوجة تتبادل معها الحديث في الطريق العام فارتكبت بذلك جريمة لا تغتفر، وثالثٌ يطرد زوجته لأنها جرؤت على الذَّهاب إلى المباريات العامة دون إذنه.١٧
وليس في استطاعتنا أن نتتبع تطور المرأة الرومانية ومسار تحررها، لكننا نستطيع أن نشير إلى بعض المؤشرات الاجتماعية في هذا الاتجاه:
  • أولًا: تشير السجلات الرومانية إلى أنه كان من الخطأ أن يستهين الرجال بمشاعر النساء الرومانيات، فقد أثبتن أن لهن شخصية قادرة على اتخاذ القرار وتنفيذه كالرجال سواء بسواء، وفي استطاعتهن الإقدام على خطواتٍ هامة وجريئة دون الاكتراث بالنتائج، في محاولةٍ للبرهنة على أنهن إذا ما عوملن برقة، وبألفاظٍ مهذبة كن أفضل الزوجات.
    أما إذا استخدم الأزواج سلطانهم التقليدي، واندفعوا بحماقةٍ نحو السيطرة الكاملة عليهن، فإن النساء قد تقاوم بل وتتحدى في شجاعةٍ وإقدام. ولعل القصة الآتية تكون أبلغ رد على كل من يتساءل: لماذا لم نسمع عن محاولةٍ للرد من النساء؟ ولماذا استسلمن في خشوعٍ وجبن حتى ظهر من الرجال من يدعو إلى تحريرهن؟ ولماذا لم نسمع عن ثورة النساء في روما كما سمعنا عن ثورة العبيد؟ لماذا لا تحاول المرأة النهوض للدفاع عن كرامتها وعن حقوقها؟ ويجيب التاريخ الروماني عن هذه الأسئلة عندما يلقي الضوء على هذا الجانب من شخصية المرأة مبينًا أنها كثيرًا ما تلجأ إلى الانتقام العنيف عندما يتمادى الأزواج في سيطرتهم واستبدادهم وغطرستهم، وإليك هذه القصة:١٨

    في عام (٣٣١ق.م.) انتشر في روما مرضٌ غريب لم يسمع عنه أحدٌ من قبل، وقد هاجم هذا المرض مجموعةً كبيرة من المواطنين، من بينهم عدد كبير من النبلاء والأشراف الرومان، وكانت أعراض المرض المجهول واحدة عند الجميع تقريبًا، كما كانت النتيجة واحدة أيضًا: الموت، ومن ثَم هلاك الجميع! وأحاط الغموض بهذه القضية التي تحدثت عنها روما كلها، وظل فترةً طويلة سرًّا مجهولًا لا يعرفه أحد، إلى أن ذهبت خادمة إلى الشرطة الرومانية ذات صباح، وقالت إنها تستطيع أن تفسر أصل هذا المرض المنتشر، فهي تعرف أسبابه، لكنها لن تفعل ذلك ما لم يضمن لها أولو الأمر الحماية الضرورية، ويضمنوا أنها لن تعاني ألمًا أو ضربًا أو تعذيبًا نتيجة إفشاء السر، ولما عُرض الأمر على القنصل، ومستشار مجلس الشيوخ، أصدر المجلس قرارًا بحماية الخادمة، عندئذٍ كشفت الخادمة عن سر هذا الوباء الذي اجتاح روما وهو: أن الزوجات في لحظة تمرد ضد أزواجهن مزجن الخمر بنوعٍ معين من أنواع السموم وهذا هو السبب في هذه النسبة العالية من الوفَيَات؛ إنها نتيجة التسمم، واستطاعت الخادمة أن تصحب معها بعض المسئولين ليذهبوا خلسة لرؤية إحدى ربات البيوت وهي تقوم بعملية مزج الخمر بالسموم، واستطاعت هذه اللجنة أن تكشف أمر أكثر من عشرين سيدة من ربات البيوت تقوم بتحضير هذا السائل الغريب. ومن الطريف أن الزوجات بعد أن افتضح أمرهن، تداولن الأمر فيما بينهن، وتقدمْنَ في جرأةٍ وثبات وتجرَّعن كَمياتٍ كبيرة من هذا السم أودت بحياتهن في الحال! وبعد ذلك عقد مجلس الشيوخ «جلسة» يبحث هذا الموضوع على نطاقٍ واسع، وكان من نتيجة ذلك أن اكتشف أن هناك أكثر من ١٧٠ سيدة مذنبة!

    الغريب أن الرجال فسروا هذه الحادثة على أنها ضربٌ من الجنون والخبل النسائي، وإن كان من المؤكد أنهم على علمٍ تام بالأسباب التي جعلت النساء تلجأ إلى مثل هذه الإجراءات العنيفة. والخلاصة: أن الزوجات الرومانيات لم يستسلمن أو يخضعن لطغيان الأزواج بلا مقاومة، أو دون أن يبذلن الجهد لوضع نهاية لهذا الطغيان بطريقةٍ أو بأخرى.١٩
  • ثانيًا: من ناحيةٍ أخرى فقد وقعت حادثة مشابهة عام ١٨٠ق.م. لكن الطاعون — في هذه المرة — كان حقيقيًّا، واستمر ثلاث سنوات يهدد إيطاليا كلها. وكان الخلاف قد نشب بين الرجال والنساء فيما يتعلق بالأسرار الباخوسية؛٢٠ إذ اتخذ الرجال ضدهن إجراءات مشددة عندما حل الطاعون بالبلاد، فشعرت النساء كما لو أن انتشار المرض قد أتاح لهن الفرصة المناسبة لاستخدام السم، ويرى ليفي Livy «المؤرخ» أنه في هذا العام مات البريطور Praetor،٢١ والقنصل Consul،٢٢ وعدد كبير آخر من رجالات روما البارزين، وعُيِّن أحد القضاة للبحث في أسباب هذه الوفَيَات، وبصفةٍ خاصة: لدراسة حالات التسمم، ولا يروي المؤرخون ما أسفرت عنه هذه التحقيقات، لكن ما نعرفه هو أن زوجة القنصل تمت محاكمتها وأُدينت، وحُكم عليها بالموت.
  • ثالثًا: بعد هذه الحادثة بست وثلاثين سنة قُتل شخصان في مرتبة القنصل بطريقةٍ واحدة، وهي نفس الطريقة السابقة (أعني أن تضع الزوجة السم لزوجها في الشراب)، حتى لقد أصبح السم في عصورٍ تالية أمرًا شائعًا، ولا سيما في السنوات الأولى من الإمبراطورية الرومانية، واتُّهمت فيها ربات البيوت، ومن الطريف أن النساء أعلنَّ أمام المحكمة أنهن سيواصلْنَ دس السم للرجال للتخلص منهم، سواء أكانوا أزواجًا أو أبناء، أو حتى من يرتبط بهم من الرجال، بمن فيهم الأجانب أيضًا.

    وسواء أكانت هذه القصص حقيقية أم من نسج الخيال، فإن الأمر المهم حقًّا هو أن الرومان كانوا يعتقدون بصحتها، ويجسدون «بروايتها» الإيمان الروماني بما تستطيع المرأة أن تفعله، أو ما نسميه نحن الآن «كيد النساء»، ولكنها على كل حال بالنسبة لنا مجرد إشاراتٍ إلى ما كانت تشعر به ربة المنزل الرومانية في كثيرٍ من الأحيان نحو أولئك الذين كانوا يعاملونها معاملةً سيئة، وهي دعوة إلى التمرد، فلا ينبغي عليهن تحمل هذه المعاملة السيئة، وعليهن المقاومة، والانتقام بشتى السبل، بما في ذلك: دس السم!

(ب) المرأة الأجنبية

إذا كانت روما قد اهتمت بالمرأة الرومانية، وأولت رعاية خاصة لطهارتها وعفتها، حتى تنجب ذرية رومانية ترث ما للرجل الروماني من ممتلكات بالمعنى الواسع للكلمة الذي يشمل الأرض والمال والعقار، كما يشمل الامتيازات والحقوق السياسية التي لا تُمنح لأحدٍ غيره، وجعلت هدف الزواج نفسه إنتاج «جنس من المواطنين» ينتمي فيه الأب والأم إلى فئة «المواطن الروماني» صاحب الحقوق والامتيازات؛ فإنها لم تكن تهتم أدنى اهتمام بسلوك الرجل الروماني، فهو من حقه أن يمارس الجنس مع المرأة الأجنبية (وكذلك الجارية)، لكن ذريته من هذه المرأة غير معترف بها، فهي لا ترث شيئًا لأنها لا تُعَد من المواطنين الرومانيين، ومن ثم فإن الدولة لا تكترث على الإطلاق بالعَلاقات التي تنشأ بين المواطن الروماني والنساء الأجنبيات أو الجواري، كما أن المجتمع بدوره لا يقيم لها وزنًا.

ولقد ظهر عددٌ قليل من النساء الأجنبيات في تاريخ روما المبكر، ولعبْنَ دورًا مرموقًا، لكن لا تكاد الأجنبيات يظهرن في أحقاب التاريخ المجيد لروما.٢٣

(ج) الجارية

لم يكن للجواري في روما أية حقوق؛ لأن الجارية كانت تُعامَل — ببساطةٍ شديدة — على أنها مجرد حيوان، أو هي بقرة كما وصفها بعض الكتاب، إنها ملكيةٌ خاصة لسيدها، وإذا ما أنجبت ذريةً قوية صحيحة البدن نالت رضا سيدها الذي لم يكن يهتم بمن يكون والد هذه الذرية. وليس من حق الجارية أن تتزوج لأنها وأطفالها ملكية خاصة للسيد، وقد يُضطر الجواري والعبيد إلى الحياة معًا في معيشةٍ أقرب إلى الزواج، لكنهم إذا أنجبوا أطفالًا لم يكن لهم حق في هؤلاء الأطفال، وإذا كانت الجارية خِصبة ومنتجة، أعني: ولودًا، فإنها تُعامَل معاملةً رقيقة. وفي العصور القديمة لروما كانت الجارية التي تنجب ثلاثة أطفال تُعفَى من الأعمال المنزلية الشاقة، وكثيرًا ما كان الرومان يعاملون الرقيق الذين يولدون في منازلهم معاملةً كريمة، ويربونهم مع أعضاء الأسرة الذين هم في مثل أعمارهم. من هنا كانت تنشأ بينهم عَلاقات حميمة، وكثيرًا ما كانت هذه العَلاقات الحميمة تخفف من الشعور بالملكية المطلقة؛ إذ يُنظر إلى الجارية في هذه الحالة نظرةً خاصة، ولا شك أنه تحت هذه المؤثرات تحسنت أحوال الجارية، حتى إذا ما وصلنا إلى عصر الإمبراطورية ظهرت قوانين لحمايتهن، وكثيرًا ما وُهبْنَ الحرية.٢٤

ثانيًا: الرجل

يتضح مما سبق أن السمة الرئيسية التي كان يتميز بها القانون الروماني هي: منح الرجل سلطانًا لا حد له على زوجته وأبنائه، بل إن القصص السابقة التي تُروى عن تمرد النساء تدل دلالةً واضحة على ما كانت تعاني منه المرأة من قهرٍ وظلم وتعسف، حتى أنها تلجأ إلى دس السم للرجل، وربما لأبنائه وأصدقائه ومعارفه، ثم تلجأ إلى الانتحار الجماعي في حالة يأس كامل من الحياة المهينة التي تحياها؛ ولهذا السبب فإن الأسرة الرومانية توصف بأنها تقوم على سلطة الأب Patria Potesta أو أنها أسرة أبوية بطريركية، من حيث إن الأب هو وحده المسيطر، منذ البداية حتى النهاية، على مقدرات هذه الأسرة.
وعلى ذلك فإنك تجد الرجل هو السيد في جميع المجالات: فعلى الصعيد الديني نجد الرجل هو المهيمن، وهو وحده المخوَّل بتأمين استمرار عبادة الأجداد؛ لأن ديانة الأسرة تنتقل من جيل إلى جيل عبر الذكور، ورب الأسرة Pater Familia هو الكاهن الأكبر، وعندما تتزوج الفتاة — كما سبق أن رأينا — فإن عليها أن تعلن ارتدادها عن دين والدها، لكي تعتنق الديانة التي يؤمن بها زوجها، وتمارس طقوسها وشعائرها، بل إن أسلاف الزوج يصبحون أسلافها،٢٥ على نحو ما فصلنا الحديث فيما سبق عن المواطنة الرومانية.
أما على الصعيد السياسي فإننا نجد أن الرجل هو وحده الموجود على الساحة، فليس للمرأة حقوق سياسية، ولا يُسمح لها بالاشتراك في أي عملٍ سياسي،٢٦ بل إنها مستبعدةٌ من سائر الوظائف العامة التي يُطلَق عليها — لهذا السبب — «وظائف الذكور» أو «وظائف الرجال» Officia Virilia.٢٧ ولم يحدث قط أن قام المجتمع الروماني — كما سبق أن ذكرنا — بتشجيع النساء للقيام بنفس الأنشطة التي يقوم بها الرجال،٢٨ بل نجد — على العكس — عمليات إحباط مستمرة، وضغوط شديدة أدت إلى الانفجار في النهاية!
لكن كيف يظهر سلطان الأب منذ البداية؟ الجواب: منذ لحظة الميلاد، فإذا وُلِد له طفل مشوَّه أو معوَّق على أي صورة من الصور كان من حقه أن يتخلص منه بالطريقة التي يراها مناسبة: كأن يغطسه في الماء ليموت غرقًا، أو يتركه في العراء فوق قمة جبل من الجبال لتلتهمه بغاث الطير، أو تفترسه وحوش البرية … إلخ. فإذا ما كانت المولودة أنثى فمن حقه أيضًا خنقها — إذا أراد — أو تركها في العراء لتموت، أو أن يستخدم إحدى الطرق التي يراها مناسبة للتخلص منها. أما في غير تلك الحالات، فقد كان الأب يرحب بمولد الطفل، وعلامة قبوله: أن يحمله بين ذراعيه ويرفعه إلى أعلى أمام الشهود بعد ولادته.٢٩
وفضلًا عن ذلك، فقد كان لرب الأسرة — دون سائر أعضائها — حق الملكية، فهو الذي يشتري الممتلكات ويحتفظ بها أو يتصرف فيها، وله أن يحرم الأبناء كلهم أو بعضهم من الميراث، وأن يزوجهم، ويطلقهم، ويفصل بين الابن وزوجته. كما كان من حقه أن يحاكم زوجته إذا ما اتُّهمت في جريمة وأن يحكم عليها، وأن يُنزل بها العقاب كما سبق أن رأينا، وعندما استشهدنا بعبارة كاتو الأكبر التي تتحدث عن حق الزوج في قتل زوجته إذا ضبطها متلبسة بجريمة الزنى، كما كان في مقدوره أن يحكم عليها بالموت إذا ما ضبطها وهي تسرق مفاتيح مخزن الخمور، كما كان له على أبنائه حق الحياة والموت، أو بيعهم في الأسواق بيع الرقيق، وكان كل ما يكسبه الابن يصبح في نظر القانون ملكًا خاصًّا لأبيه، أو كما تقول الأمثال العربية: أنت وما ملكت يمينك لأبيك، والعبد وما ملكت يداه لمولاه.٣٠
وإذا كان للرجل حق الحياة والموت على أطفاله، فقد كانت المرأة في نظر الرومانيين طفلة، تحتاج إلى توجيه وإرشاد ورعاية، وربما جاء ذلك من زواجها المبكر كما سبق أن ذكرنا، ولعل ذلك أيضًا هو السبب في تحريم تذوق الخمر على النساء، فإذا ما غامرت إحداهن وشربت الخمر، وُقِّعت عليها أقسى العقوبات، وهم يبررون ذلك بدخول مادة سرية إلى جسدها لا يمكن التنبؤ بنتائجها، في الوقت الذي لا يحدث فيه ذلك للرجال! ومن هنا كان من حق الزوج إذا ما ضبط زوجته تعاقر الخمر أن يضربها حتى الموت دون أن يلومه أحد،٣١ ومن هنا أيضًا كانت النساء ممنوعات منعًا باتًّا من دخول القبو الذي تُخزَّن فيه الخمور، فإذا ما سرقت الزوجة مفاتيح المخزن، أو قلدته بمفاتيح مزورة، كانت بذلك ترتكب جريمةً بشعة يمكن أن تُعاقَب عليها بالموت أو الطلاق، بل إن كاتو الأكبر يذهب في إحدى خطبه إلى أنه ينبغي على الرجل تقبيل النساء في الفم — حتى من ذوي القربى ممن تربطه بهن عَلاقات الدم — حتى يتشمم رائحته ليعرف ما إذا كان هناك أثر لرائحة الخمر في أنفاسهن، أما إذا زُوِّجن فذلك حقٌّ مطلق للزوج.٣٢ غير أن الأرجح أن يعود تحريم الخمر على النساء إلى نظرة الروماني إلى المرأة على أنها طفلة لا يجوز لها أن تشرب ما هو مُسكر أو ما يذهب بعقلها لا سيما أنها أصلًا «طائشة»، أو خفيفة العقل، كما رأينا في نص مدونة جوستنيان!
ونود أن نختم هذا القسم بقصتين رواهما المؤرخ الروماني الكبير ليفي Livy الذي عاش في عصر الإمبراطور أغسطس، وهما تعبران بدقةٍ عن سلطان الأب الروماني المطلق:
  • الأولى: تدور حول فتاةٍ تدعى «هوراشيا» Horatia، كانت مخطوبة لشابٍّ من عائلة كيرياتي Curiatii، ثم وقع شجارٌ وصراع بين أشقائها وبين الكيرياتيين، فقتل الأشقاء ثلاثة منهم — كان بينهم خطيب هوراشيا — كما قُتل في المعركة اثنان من أشقاء الفتاة. وحزنت هوراشيا حزنًا شديدًا على مصرع خطيبها، غير أن شقيقَي الفتاة اللذين ظلا على قيد الحياة ضايقهما أشدَّ الضيق حزنُ الفتاة على خطيبها، فقام أحدهما بطعنها بخنجرٍ وهو يقول: «هكذا لا بد أن تموت كل امرأةٍ رومانية تحزن على عدو». وعلى الرغم من أن هذا الشقيق أُجبر على تقديم كفارة يعبر بها عن ندمه على سلوكه الطائش، إلا أن الأب عبَّر عن رضاه التام عن سلوك ابنه مؤكدًا أنه لو لم يكن ابنه قد أقدم على قتلها لقتلها هو بنفسه بالسلطة المخولة له (بوصفه والدها)!٣٣
  • الثانية: أما القصة الثانية فتقول: كان أبيوس كلوديوس Appius Claudius واحدًا من نبلاء روما الذين تصدروا الحملة لإصدار قانون يحرم زواج النبلاء من العامة، لكن ما كاد القانون يصدر حتى وقع هو نفسه في غرام فتاة جميلة من العامة اسمها فرجينيا Verginia، وحاول أن يجعل منها عشيقة له حتى لا ينتهك القانون، لكن الفتاة رفضت في البداية، وبذل والدها جهودًا شتى ليمنع سقوط ابنته في حبائل أبيوس، غير أن فتاة صغيرة وفقيرة لم تكن قادرة على حماية نفسها طويلًا من نبيلٍ عظيم مثل أبيوس، ومن ثم فقد خشي الوالد سقوطها في براثنه، وحلًّا للمشكلة لم يجد والدها أمامه سوى أن يذبحها معلنًا أنه إذا كانت ابنته لن تستطيع الحياة بشرفها فإنه يقتلها لكي يقدم لها، على أقل تقدير، ميتة شريفة، رغم أنها مؤسفة.٣٤
    وأثار الحادث ضجةً كبرى في البلاد أدت إلى إلغاء القانون الذي يجرم زواج النبلاء والأشراف من عامة الشعب. وهكذا يصدُق ما قاله بلوتارك من أن المرأة الرومانية لم يكن لها ملجأ تأوي إليه سوى الرجل، وهو في النهاية صاحب التصرف في أمرها: زوجًا أو أبًا٣٥

القسم الثاني: الخلفية الدينية اليهودية

منذ العدد الأول من هذه السلسلة — أعني «أفلاطون … والمرأة» ونحن نحاول إبراز أهمية العامل الاقتصادي — الثروة أو الملكية الخاصة — في تحديد وضع المرأة في المجتمع، فكلما هيمن الرجل على الثروة وأصبحت له، ساد النظام الأبوي، ونشأت الأسرة البطريركية، وانحدر النسب عن طريق الأب، وتمتع هذا الأخير بسلطة كبيرة داخل الأسرة، وتركزت أنظاره على الوعاء الذي ينجب الذرية، وحاول عزله بعيدًا في مكان مظلم من الدار، حتى لا يراه أحد، ويظل نقيًّا فلا ينجب نسلًا تخالطه دماء غريبة.

ولقد كانت الحال على هذا النحو عند بني إسرائيل، فلم تخرج أنظمتهم عن الأنظمة السائدة لدى قبائل الرعي، وفي مقدمتها: النظام الأبوي؛ فالولد يُنسب إلى أبيه ويلتحق بعشيرة الأب، وهكذا استأثر الرجال من بني إسرائيل بحق الانتساب إلى اليهودية، فهم وحدهم اليهود. أما النساء فهن بنات اليهود أي «تابعات لهم» رغم أن اليهودي هو المولود من أمٍّ يهودية؛ ولهذا يحتفي القوم لبلوغ أولادهم — دون فتياتهم — سن الحُلُم، وينظمون بهذه المناسبة احتفالًا دينيًّا هامًّا.

ومن هنا فلم يكن البيت العِبري هو الأسرة الزوجية بمعناها الحديث، أي التي تقتصر على الزوج وزوجته وأولادهما المباشرين، بل هي الأسرة البطريركية المعروفة لدى قدماء الرومان، إذ يتكون بيت إسرائيل من: الرجال، وعدد من الزوجات، والسراري، والأولاد من الزوجات والجواري، وزوجات الأولاد، والأحفاد، بالإضافة إلى العبيد.٣٦ فهو في الواقع «عائلة» يرأسها الأب الذي يسمى «روش» أي رأسًا، ويتمتع بسلطاتٍ قضائية مطلقة، ويختار وريثه في حريةٍ تامة، ويستطيع التصرف في أبنائه كما يشاء: فله أن يبيع ابنته أَمةً لمن يرغب في شرائها على نحو ما جاء في سِفر الخروج: «إذا باع رجل ابنته أَمةً لا تخرج كما يخرج العبيد … إلخ» (٢١: ٧)، بل إن الرجل يملك على أولاده حق الحياة والموت: يقتلهم إذا شاء، أو يقدمهم قربانًا للرب. ويمتد هذا الحق إلى كل من يعيش في كنف الأب، فله أن يحرق زوجة ابنه المتوفَّى إذا زنت، على نحو ما فعل يهوذا في «ثامار» «فها هي حُبلى من الزنى، فقال يهوذا أخرجوها فتحرق» (تكوين ٣٨: ٢٤).
وهكذا تنحدر المرأة في التراث اليهودي إلى أدنى مستوًى حتى تكاد تقترب من مستوى الحيوانات والأشياء، فهي جزءٌ من البيت الإسرائيلي، كما كانت جزءًا من الأسرة الرومانية، أي: ضمن التركة المكونة من العبيد والأموال. فالبيت عند بني إسرائيل يشمل: المرأة، والعبيد، والجواري، والثور، والحمار، والأشياء الأخرى. والرجل يسمى بعل Baal٣٧ أي: السيد وتخاطبه الزوجة بعبارة «سيدي»،٣٨ وتعم الفرحة عند مولد الابن، ولكن الأمر يختلف إذا كانت المولودة أنثى.
والواقع أن تراث العهد القديم يلخص الوضع المتدني للمرأة في عصره، فقد كان كُتَّابه رجال عصرهم، بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة، فمن السذاجة أن نظن أنه كان في استطاعتهم أن يتحرروا تمامًا من الميول المتحيزة، والأحكام المبتسرة التي سادت العصر الذي عاشوا فيه،٣٩ فالرجل اليهودي يصلي في صلاة الصبح داعيًا وشاكرًا لله: «أحمدك يا رب أنك لم تخلقني امرأة.»٤٠ أما المرأة اليهودية فكانت تصلي مستسلمة: «أحمدك يا رب؛ لأنك خلقتني كما تريد …»٤١

ويحرم على الرجال التشبه بالنساء في الملبس والمسلك، والعكس صحيحٌ أيضًا، جاء في سِفر التثنية: «لا يكون متاع رجل على امرأة، ولا يلبس رجل ثوب امرأة؛ لأن كل من يعمل ذلك مكروه لدى الرب إلهك» (الإصحاح الثاني والعشرون: ٥).

وكانت الزوجة الفاضلة عند اليهود قريبة الشبه من ربة الدار عند أرسطو: فالزوجة الكاملة هي المسئولة عن رخاء الأسرة، وهي المسئولة عن حاجاتها المباشرة. وفضلًا عن ذلك، فإنه من الحكمة ألا تشارك الزوجة الفاضلة في حياة المجتمع العقلية والرُّوحية.

وتعبِّر أغاني الزواج عن هذه الفكرة نفسها — وهي الأغاني المعروفة باسم أناشيد أو أغاني سليمان أو «نشيد الأنشاد» — التي كُتبت تقريبًا في القرن التاسع قبل الميلاد، ففي الإصحاح الحادي والثلاثين يتساءل المؤلف: «من ذا الذي يستطيع أن يعثر على امرأةٍ فاضلة؟ إن ثمنها يفوق ثمن اللآلئ والياقوت» (سِفر الأمثال، إصحاح ٣١: ١٠)، ثم يستمر ليضع مواصفات الزوجة الفاضلة النادرة: «التي يثق فيها قلب زوجها بأمان، فلا يحتاج إلى أسلاب وغنائم. تصنع له الخير، ولا تصنع له الشر طوال حياتها. تطلب الصوف والكتان، وتشتغل بيدين راضيتين. سراجها لا ينطفئ طوال الليل تمد يديها إلى المِغزل، وتمسك كفاها بفَلْكة المِغزل» (أمثال ٣١: ١١–١٩).

ويقول صاحب سِفر الجامعة: «وجدت أمرَّ من الموت: المرأة، التي هي شباك، وقلبها شِراك، ويداها قيود. الصالح قدام الله ينجو منها، أما الخاطئ فيؤخذ بها …» (الإصحاح السابع: ٢٦).

والواقع أن الكتاب المقدس في عهده القديم يحوي أمورًا كثيرة تهز مشاعر المرأة الحديثة التي اعتادت أن تظن نفسها — إلى حدٍّ ما — شخصية مستقلة قائمة بذاتها؛ إذ فيه تظهر النساء مستعبدات بوصفهن موجودات دنيا. وعلى الرغم من أن الزوجة اليهودية لم تكن في مستوى الرقيق فإن وضعها المتدني كان يحتم عليها أن تخاطب زوجها كما يخاطب العبد سيده أو الرعيَّةُ مَلِيكها. بل إن الشريعة اليهودية ضيقت الخناق حول المرأة لإذلالها وإبقائها قاعدة في قعر بيتها، فأكرهتها على إجابة دعوة زوجها إلى فراشه حتى ولو لم يكن لديها ميل لذلك، فإذا ما أعرضت عن فراشه، أو رفضت العمل في خدمته أو في داره، عُدَّت ناشزًا ويطبَّق عليها أحكام المرأة الناشز.

وفرضت الشريعة اليهودية على الزوجة أن تغطي شعرها علامة على ملكية الزوج لها وعلى خضوعها وانقيادها وانكسار شوكتها، وذهب بعضهم إلى حد إرغامها على ستر جسدها كله بملاءةٍ عدا ثقبًا واحدًا تنظر من خلاله لترى الطريق.

كما استحدث اليهود الحجاب الساتر في المعابد للفصل بين الرجال والنساء، وحرموا مصافحتهن، وجعلوا لهن مدخلًا خاصًّا إلى المعبد، وألزموهن الصمت في دور العبادة توقيرًا لجماعة الرجال — على أساس أن صوت المرأة عورة — كما منعوهن من ارتقاء المنصة خلال الصلاة لتلاوة التوراة بصوتٍ مرتفع. وتعلَّلوا لحجب النساء بأن شعر المرأة مدعاة للفتنة، ومصدر للغواية؛ لأن النساء مواضع قضاء شهوة الرجال وهن ضعيفات الحول لا يسلمن من الطيش، وخفة العقل، وهن مائلات بفطرتهن إلى الشر!

ولإحكام السيطرة على النساء وضمان مسلكهن وضعتْهُنَّ الشريعة اليهودية تحت ولاية الذكور من أهلهن: فالفتاة في مطلع حياتها ملك أبيها، يحق له إنكاحها لمن شاء لقاء أن يقوم العريس بخدمته، وقد خدم يعقوب عند خاله «لابان» سبع سنوات ليتزوج من ابنته الكبرى ليئة (رغم أنه كان يحب الصغرى) ثم سبع سنوات أخرى ليتزوج من حبيبة قلبه راحيل (تكوين ١٩: ١٥–٢٠). وللأب أن يزوج ابنته لمن يشاء ولأي رجل، ربما مكافأة له على بسالته وجرأته «مَن يَضرب قريةَ سَفَر ويأخذُها أُعطيه عَكْسةَ ابنتي امرأةً» (يشوع ١٥: ١٦)، دون أن يكون على الأب في جميع الحالات أن يعرف رأي الفتاة، وللأب أيضًا أن يهبها لمن يشاء أو يبيعها أَمة، لكن «إذا باع رجلٌ ابنته أَمة، فلا تخرج كما يخرج العبيد» (خروج ٢١: ٧)، وإذا كان يمكن للأب أن يبيع ابنته كما جاء في سِفر الخروج، فإن عليه أن يهتم «بالبكارة» لأن ثمن البكر ضِعف ثمن الثيب. ومن هنا فقد حرص اليهود حرصًا تامًّا على عذرية بناتهم، واشتدوا في معاقبة زنى النساء دون الرجال، فالمرأة هي موضع التعاقد في النكاح وليس أحد طرفيه، حتى إذا انتقلت إلى دار زوجها آلت ولايتها إليه، وصارت في عداد ممتلكاته: كالدار، والعبد، والمال.

وكما كان اليونان — والرومان من بعدهم — ينظرون إلى المرأة على أنها ملكية خاصة للرجل، فقد نظر اليهود إلى المرأة على أنها جزءٌ من ممتلكات الرجل، ومن هنا فإننا نجد زوجة الرجل اليهودي تُصنَّف في الوصايا العشر بين ممتلكاته: «لا تشته بيت قريبك، ولا تشته امرأة قريبك، ولا عبده، ولا أمته، ولا ثوره، ولا حماره، ولا شيئًا مما لقريبك» (سِفر الخروج: ١١٧).

وفي تثنية الاشتراع: «لا تشته امرأة قريبك، ولا تشته بيت قريبك، ولا حقله، ولا عبده، ولا أمته، ولا ثوره، ولا حماره، ولا كلَّ ما لقريبك» (إصحاح ٥: ٢١).

وعلى حين أن من حق زوجها أن يطلقها — لأن ذلك امتياز للزوج وحده — كما أن من حقه أن يرفض الاعتراف بها إذا كانت مقترفةً إثمًا، فله أن يفارقها في أي وقت يشاء وبدون إبداء الأسباب. وله أن يطردها من بيته؛ لأن الدار داره وهي مملوكة له في هذا البيت، فليس للزوجة أيٌّ من هذه الحقوق، فهي لا تستطيع أن ترفض الطلاق. وإذا انحرف سلوك الزوجة، أو أتت ما يَشين، فإنها تُعاقَب بقسوة، في حين أن خيانة الزوج، أو عدم إخلاص الرجل بصفةٍ عامة، يعاقب عليه إذا كان يعني انتهاكًا لحقوق رجلٍ آخر: كأن يمارس الزنى مع امرأةٍ متزوجة، أو يتخذ منها خليلة.

وفي استطاعة الرجل أن يبيع ابنته — كما سبق أن ذكرنا — كما يبيع عبيده سواء بسواء، وإذا لم ينجب الزوجان أطفالًا فإن المسئولية في هذه الحالة تقع على عاتق الزوجة، إذ لا بد أن يكون بها عيب ما، وباختصار: في استطاعتنا أن نقول إن نساء العِبرانيين كن محترمات كأمهات، وفي هذه الحالة يعامَلن معاملةً رقيقة في الأعم الأغلب، ومع ذلك فإن وضع المرأة بصفةٍ عامة من الناحية الاجتماعية والقانونية كان وضعًا مُهينًا، فهي لا استقلال لها على الإطلاق، بل هي تابعة للرجل. ومن هنا فإن الرجل اليهودي يصلي لله — كما سبق أن ذكرنا — ويشكره لأنه خلقه رجلًا وليس امرأة.

ولعل ذلك هو السبب في أن المؤلفين المسيحيين قد أَعطَوا، عبر القرون، أهميةً كبرى لقصة خلق حواء التي رواها الإصحاح الثاني من سِفر التكوين، كما أنهم ربطوا بينها وبين قصة السقوط، فبدا ذلك شهادة لا تُدحض على انحطاط المرأة من الناحيتين العقلية والأخلاقية. والواقع أنه عبر قرون مسيحية طويلة ظل التراث المعادي للمرأة في الثقافة المسيحية يبرِّر نفسه باعتماده — إلى حدٍّ كبير — على قصة السقوط، والسلوك الذي سلكته الأم الأولى التي أوقعت الرجل في أول وأعظم خطيئة. ولم تكن هذه القصة تُفهم على أنها أسطورة أو مجرد رمز، بل واقعة تاريخية. ولقد قام أحد علماء التحليل النفسي بدراسة آداب الكتاب المقدس ولخص الموقف في عبارةٍ واحدة بقوله: «إن قصة الكتاب المقدس عن مولد حواء هو الخدعة التي تتكرر آلاف الأعوام.»٤٢

•••

تلك كانت الأرض التي عملت عليها المسيحية عند ظهورها: التراث الروماني الذي هو استمرار للتراث اليوناني والذي يحمل نفس الكراهية للمرأة من ناحية، والتراث اليهودي الذي يضفي على هذه النظرة صبغة دينية من ناحيةٍ أخرى. وهما نظرتان تعبران في الواقع عن منفعة الرجل، ومصلحته، وتَطلُّعه للسيطرة على المرأة — ولا سيما زوجته — حتى يضمن سلالةً نقية ليس فيها دماء غريبة ترث ما يملك من ثروة.

ومن العجيب حقًّا أن يطغى هذا التراث الروماني-اليهودي على الفكر المسيحي ويسيطر عليه، حتى تختفي مواقف السيد المسيح تمامًا، وتعود النظرة الدونية للمرأة للظهور من جديد، ابتداءً من أقوال القديس بولس، حتى يقوم فلاسفة المسيحية بتنظيرها والبرهنة على صحتها، مستخدمين «العقل» ومستعينين بآيات الكتاب المقدس، ولا سيما العهد القديم، دون أن يذكر أحد مواقف السيد المسيح، وكلماته، ونظرته الجديدة المنصفة للمرأة، وهي التي كان يمكن — كما قال أحد الباحثين — أن تُحدِث ثورة في وضع المرأة!

١  الرأي القائل بأن البيئة التي ظهر فيها السيد المسيح كانت بيئة وثنية، وأن جهده التبشيري الأول كان في المناطق الوثنية لا اليهودية، وأن جموع الفلاحين العرب في شمال فلسطين وجنوب لبنان هي التي كانت تحتشد حوله حينما بدأ يبشر (فكتور سحاب: «العرب وتاريخ المسألة المسيحية»، دار الوحدة، بيروت، ١٩٨٦م، ص٢٠). ذلك كله لا يطعن فيما يقول؛ لأن الديانات كانت بدورها تحمل نفس القدر من الكراهية للمرأة، وما نريد إبرازه هو أن الفكرة المسيحية التي جاء بها السيد المسيح عن المرأة، رغم طرافتها، لم تستطع أن تتغلب على التقليد الموروث.
٢  راجع العدد الثاني من سلسلة الفيلسوف والمرأة بعنوان «أرسطو والمرأة»، مكتبة مدبولي بالقاهرة.
٣  James Donaldson: “Woman: Her Position and Influence in Ancient Greece and Rome, and among the Early Christians” Gordon Press, New York 1973, p. 77.
٤  اثنان من القضاة في روما القديمة يقومان بإحصاء وتسجيل المواطنين، ومراقبة الأخلاق العامة، وسلوك الأفراد.
٥  J. Donaldson: op. cit. p. 78.
٦  Ibid., p. 80.
٧  مدونة جوستنيان في الفقه الروماني، نقلها إلى العربية عبد العزيز فهمي، عالم الكتب، بيروت، ص٣٩٨.
٨  أبقينا على الأرقام الأصلية للبند كما هي في المدونة.
٩  ربما كان اختفاء النساء ظاهرًا منذ تأسيس روما. انظر مثلًا ملاحظة مونييك بيتر ذات المغزى: «… رضع مؤسِّسا روما: رومولوس Romulus، وشقيقه ريموس Remus — كما تقول الأسطورة — من ثدي ذئبة، أما أمهما البشرية فذكراها ممحوَّة.» (المرأة عبر التاريخ، ترجمة هنريت عبودي، ص٧٧).
١٠  Sarah B. Pomeroy “Goddesses, Whores, Wifes, and Slaves: Women in Classical Antiquity” Shocken Books N.Y. PX.
١١  James Donaldson: “Woman: Her Position and Influence …” p. 85.
١٢  راجع بصدد العصر الكلاسيكي عند اليونان: العدد الأول من هذه السلسلة بعنوان «أفلاطون والمرأة»، مكتبة مدبولي بالقاهرة.
١٣  J. Donaldson: op. cit. p. 120.
١٤  هناك تفصيلات كثيرة للزواج الروماني: أنواعه وطرقه … إلخ، انظر مثلًا: ما يقوله «وُل ديورانت» في قصة الحضارة، المجلد التاسع، ترجمة محمد بدران، ص١٤١ وما بعدها؛ وأيضًا الأستاذ عبد الهادي عباس: المرأة والأسرة في حضارات الشعوب وأنظمتها، المجلد الثاني، دار طلاس بدمشق، ص٧٠٩ وما بعدها؛ وكذلك مونييك بيتر: المرأة عبر التاريخ، ترجمة هنريت عبودي، دار الطليعة، بيروت، ص٧٩ وما بعدها.
١٥  كاتو الأكبر (٢٣٤–١٤٩ق.م.) أو كاتو الكنسور، سياسي روماني اشتهر بالتمسك بالتقاليد اليونانية القديمة، كان يهاجم الترف والإسراف والعادات الجديدة التي اقتبسها الرومان من الإغريق.
١٦  Outed by James Donaldson: “Woman: Her Position …” p. 88.
١٧  Ibid., p. 89.
١٨  روى هذه القصة أشهر مؤرخي روما «تيتوس ليفوس» Titus Livius الشهير بليفي Livy (٥٩ق.م.–١٧م) انظر المرجع السابق، ص٩١.
١٩  J. Donaldson: “Woman; Her Position …”, pp. 90-91.
٢٠  نسبة إلى الإله باخوس Bachus إله الخمر والنشوة عند الرومان (وهو نفسه ديونسيوس عند اليونان) كان النساء شديدات التعلق باحتفالاته المعربِدة حيث يهجرْنَ دُورهن وأعمالهن ويهِمْنَ في الجبال، وهن يرقصْنَ رقصات هستيرية يدُرْنَ فيها حول أنفسهن «كرقص الزار عندنا الآن».
٢١  منصب القاضي عند الرومان، وكان يُنتخب كل عام، ويقوم أحيانًا بمهام القنصل.
٢٢  كان يحكم روما القديمة عادة قنصلان يُنتخبان سنويًّا، وكانت لهما سلطة عليا إبان الجمهورية الرومانية.
٢٣  James Donaldson: “Woman: Her Position”, p. 79.
٢٤  Ibid., pp. 80, 81.
٢٥  Sarah B. Pomeroy: “Goddesses, Whores, Wifes and Slaves” N.Y., p. 152.
٢٦  كان يطلق على أعضاء مجلس الشيوخ اسم «مجلس الآباء»، وكان سلطان الدولة في روما يقوم على هؤلاء الآباء.
٢٧  مونييك بيتر: «المرأة عبر التاريخ»، ترجمة هنريت عبودي، دار الطليعة، بيروت، ص٧٧.
٢٨  Sarah B. Pomeroy: “Goddesses, Whores, Wifes …” p. X.
٢٩  مونييك بيتر: المرجع السابق، ص٧٩.
٣٠  عبد الهادي عباس: «المرأة والأسرة في حضارات الشعوب وأنظمتها»، الجزء الثاني، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق، ص٧٠٧؛ وأيضًا مونييك بيتر: «المرأة عبر التاريخ»، ترجمة هنريت عبودي، دار الطليعة، بيروت، ص٧٧ وما بعدها.
٣١  Sarah B. Pomeroy: op. cit. p. 153.
٣٢  Ibid.
٣٣  Sarah B. Pomeroy: Ibid., pp. 152-3.
٣٤  Ibid., p. 153.
٣٥  Ibid., p. 154.
٣٦  د. ثروت أنيس الأسيوطي: «نظام الأسرة بين الاقتصاد والدين: الجماعات البُدائية – بنو إسرائيل»، دار الكتاب العربي بالقاهرة، ص١٥٣.
٣٧  أحد الآلهة السامية الكنعانية في شمال فلسطين ولبنان ثم في مصر، ثم أصبحت الكلمة في اللغة العربية تعني «الزوج».
٣٨  قارن: «إن كان بعل امرأة تخرج امرأته معه» سِفر الخروج (٢: ٣) وأيضًا: «فضحكت سارة في باطنها قائلة: أبَعْد فنائي يكون لي تنعُّم وسيدي قد شاخ» (تكوين ١٨: ١٢).
٣٩  Dictionary of the History of Ideas, Vol. 4, p. 523.
٤٠  وهي عبارة تُروى في التراث الفلسفي اليوناني ويقال إنها وردت على لسان سقراط الذي كان يحمد الله كثيرًا لأنه خلقه «أثينيًّا وليس بربريًّا، حرًّا وليس عبدًا، رجلًا وليس امرأة!»
٤١  Simone de Beauvoir: “The Second Sex” Trans. by H. M. Parshley Penguin Books, p. 22.
٤٢  Dictionary of the History of Ideas, Vol. 4, p. 524.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥