المعركة الأخيرة

ففجأة، بدأت السيارة ترتفع … نظر الشياطين إلى بعضهم … كانت وكأن «ونشًا» ضخمًا يرفعها …

قال «أحمد» بسرعة: فلنغادر السيارة!

فتحوا الأبواب … كانت السيارة، قد بدأت تصطدم بأفرع الأشجار بعد أن ارتفعت عن الأرض … تعلق «أحمد» بفرع شجرة … وبنفس الطريقة، تعلق «رشيد» ثم «زبيدة» سمع صوت تكسر الأغصان، وهي تصطدم بالسيارة … ثم فجأة، طارت السيارة في الهواء. وكانت المفاجأة الأخرى، أنهم شاهدوا بوابة حديدية تُفتح، لتنطلق منها سيارة صغيرة سوداء.

قال «أحمد»: بسرعة هذه فرصتنا قبل أن تُغلق البوابة.

ترك الغصن الذي يتعلق به، فسقط داخل البوابة تمامًا. وخلفه مباشرةً قفز «رشيد»، ثم قفزت «زبيدة»، كانت البوابة قد بدأت تُغلق … لكنهم الآن، قد أصبحوا داخل مقر العصابة كان ضوء النهار يضيء النفق المظلم … ومع إغلاق البوابة، بدأ النفق يغرق في الظلام وكانت هذه فرصة طيبة للشياطين.

ولكن عندما أُغلقت البوابة تمامًا، فقد الشياطين قدرتهم على الرؤية. وكان الظلام حالكًا … أمسك «أحمد» يد «رشيد» وبواسطة لغة الضغط قال: ينبغي أن نكون حذرين تمامًا، فمن الضروري أن تكون هناك أجهزة إنذار.

نقل «عثمان» هذا التحذير إلى «زبيدة»، بواسطة الضغط أيضًا، وبدأ الثلاثة يتقدمون داخل النفق، الذي لم يستطيعوا معرفة طوله … فكر «أحمد» لحظة، ثم ضغط زرًّا في ساعة يده … انطلق تيار غير مرئي. وبسرعة أظهر رقم في ميناء الساعة، يحدد طول النفق الذي يمتد إلى كيلومتر. نقل «أحمد» الرقم إلى «رشيد»، الذي نقله بدوره إلى «زبيدة» …

قال «أحمد» في نفسه: إنها مسافة طويلة تحتاج إلى جهد حتى لا نصطدم بشيء يعوق مسيرتنا طوال هذه المسافة. لحظة، وامتدت يد «رشيد» إلى يد «أحمد» وتحدث إليه بطريقة اللمس …

قال «رشيد»: إن خروج سيارة من النفق، يعني أن حتى منتصف النفق على الأقل، لا توجد به عوائق. وهذا يعطينا الفرصة لأن نُسرع، دون أن نخشى الاصطدام بشيء.

فكَّر «أحمد» لحظة، ثم بدأ يرد على «رشيد» بنفس الطريقة: مَن يدري فقد تظهر العوائق بعد مرور السيارة …

سكت لحظة، ثم أضاف: مع ذلك ينبغي أن نجرب.

نقل «رشيد» ما دار بينهما إلى «زبيدة» ثم بدءُوا يسرعون الخُطى. كانت الإشارات لا تزال تصل إليهم من «باسم» و«قيس» …

فكر «أحمد»: إن المكان يمكن أن يضاء وفجأة وفي هذه الحالة سوف يكتشفون … وجودنا.

نقل أفكاره إلى «رشيد» الذي قال: لقد فكرت في ذلك فعلًا … ولذلك فقد جهزت قنبلتي دخان، يمكن أن تكفينا شر الوقوع في أيديهم، بل إن الدخان نفسه يمكن أن يثير الفزع في المكان، ويكون في صالحنا.

ساروا حتى قطعوا تقريبًا نصف المسافة … لكن فجأة جاء ضوء من خلفهم وتردد صوت موتور سيارة. قال «أحمد»: يبدو أن السيارة قد عادت … إن ضوءها سوف يكشف وجودنا.

اقتربوا من جدار النفق، حتى التصقوا فيه … كانت السيارة تقترب في بطء وأنوار كشافاتها تضيء المكان قليلًا … فكر «أحمد» لحظة ثم قال: ينبغي استخدام قنابل الدخان الآن ويجب أن يبدأ ظهور الدخان قبل دقيقة على الأقل.

سكت لحظة ثم أضاف: سوف أعطيك إشارة.

أخرج بسرعة مسدسه الكاتم للصوت، ثم أمسك بيد «رشيد» … وعندما ضغط عليها قذف «رشيد» بالقنبلتين. مرت حوالي دقيقة. كانت السيارة قد بدأت تظهر … وأنوارها الخافتة تضيء الطريق أمامها … في نفس اللحظة، كانت سُحب الدُّخان قد أخذت تنتشر.

صوبَ «أحمد» مسدسه إلى كشافات السيارة ثم أطلق أول طلقة، فأصاب الكشاف الأيمن. وفي لمح البصر كانت الطلقة الثانية تصيب الكشاف الأيسر. فغرق المكان في الظلام … إلا أن طلقات رصاص ترددت في صمت النفق … وكان صدى الصوت يبدو وكأن انفجارًا ذريًّا قد حدث … كان صدى الصوت عاليًا جدًّا. كان مصدر الطلقات … يأتي من اتجاه السيارة.

فجأة جاءت إشارة من «باسم» تقول: لقد تحرك مقر العصابة كله … الهجوم سوف يكون شرسًا … نحن في النقطة «ع» ينبغي أن تسرعوا، حتى نخرج معكم.

عرف «أحمد» أن «باسم» و«قيس» محبوسان … والوصول إلى النقطة «ع» سوف تسبقه معركة بالتأكيد، إن لم تكن معارك، والعدد قليل بجوار عصابة بأكملها … فكر لحظة … لكن أفكاره لم تستمر، فقد قطعتها رسالة من المجموعة «م». كانت الرسالة تمثل نجدة حقيقية في هذه اللحظة.

كانت تقول: بدأنا الاشتباك. نحن في النقطة «ن». كاد «أحمد» أن يطير من الفرح. إن هذا يعني أن العصابة تقف في المنتصف بين المجموعتين. كانت الطلقات لا تزال تنطلق في اتجاه السيارة … لكنها طلقات طائشة. فقد كان الدُّخان يغطي المكان ولم تمر دقيقة أخرى، حتى توقف صوت الرصاص. وبدأ السعال لمجموعة من الرجال.

قال «أحمد»: ينبغي أن نتقدم بسرعة … فهؤلاء الرجال، سوف يظلون على حالهم حتى وقت طويل.

ردَّ «رشيد»: أعتقد أن قنبلة أخرى من الغاز المخدر، يمكن أن تؤكد ما هم فيه.

ولم ينتظر … أخرج قنبلة غاز مخدر، ثم قذف بها بقوة، مرت دقيقة أو اثنتان، ثم سُمع صوت انفجار مكتوم. كان هذا يعني أن قنبلة الغاز المخدر انفجرت وأنها بدأت مفعولها … ولذلك فقد أخذ صوت الرجال يهدأ حتى توقف تمامًا، أسرع الشياطين في طريقهم … كانوا يتوسطون النفق المظلم، ولم يكن يظهر شيء حتى هذه اللحظة.

قال «أحمد»: علينا بالطلقات المخدرة … إننا نريدهم أحياء …

أخرج الشياطين مسدساتهم، وحشوها بالطلقات المخدرة، واستمروا في طريقهم. كان «أحمد» يتقدم، وخلفه «زبيدة»، ثم «رشيد» في النهاية.

لكن الثلاثة كانوا يمسكون أيدي بعضهم. فجأة، جذب «رشيد» يد «زبيدة»، فجذبت يد «أحمد» وسقط الجميع على الأرض، لقد انفتح باب في اللحظة الأولى فجذب «رشيد» يد «زبيدة»، وهو يُلقي نفسه على الأرض. وفي نفس الوقت الذي انطلقت فيه الطلقات المخدرة من مسدسه الكاتم للصوت فأصاب ثلاثة من الرجال، كانوا قد ظهروا من الباب.

وفي لمح البصر كان يقفز مقتربًا من الباب المفتوح في الوقت الذي صوب فيه «أحمد» و«زبيدة» مسدسيهما ليحميا ظهره، ألقى «رشيد» قنبلة دخان داخل الحجرة كنوع من الاستطلاع، وانتظروا لحظة لكن لم يصدر أي صوت … أسرع الثلاثة إلى داخل الحجرة … كان في صدر الحجرة باب مغلق.

قال «أحمد» بسرعة: إن «باسم» و«قيس» على بُعد خطوات منَّا، تقدم «أحمد» وفتح الباب في هدوء. كان يؤدي إلى طرقة طويلة … انتظر لحظة … فقد كان الظلام يلف الطرقة … أشار إلى «رشيد» و«زبيدة»، ثم تقدم، لم يكن هناك صوت … في نهاية الطرقة، كان يبدو الطريق مسدودًا، فكَّر «أحمد» قليلًا … ثم قال في نفسه: من الضروري، أن تكون هناك بوابة في هذا المكان … لمس الجدار، ثم أخذ يتحسسه، وكذلك فعل «رشيد» … أما «زبيدة» فقد كانت تصوب مسدسها في انتظار أي مفاجأة … لم يجد أحدهما شيئًا … انحنى «أحمد» وأخذ يتحسس الأرض.

فجأة قال: استعدا … فقد نُفاجأ بمَن يطلق علينا النار …

كانت يده قد اصطدمت بزر صغير، غائر في الأرض. ضغط الزر فانفتح الباب في جانب من الطرقة وسمع الشياطين صوت طلقات رصاص، تبدو بعيدة نوعًا ما …

قال «رشيد»: إنها طلقات الشياطين في الجانب الآخر.

وما كاد ينتهي من جملته، حتى دوى صوت طلقة، رن بجوار أُذنه، فألقى نفسه على الأرض في نفس اللحظة. ظهر رجل في الباب، وهو يطلق طلقات متوالية من مسدس صغير، إلا أن «زبيدة» التي كانت مستعدة، أسرعت بإطلاق طلقات مخدرة أصابت الرجل، فسقط على الأرض وما كاد جسمه يرتطم بأرض الطرقة، حتى ظهرت مجموعة من الرجال.

أسرع «رشيد» قافزًا في الهواء وبضربة واحدة كان الرجال يصطدمون ببعضهم.

وفي لمح البصر كانت «زبيدة» قد دارت حول نفسها، وهي تضرب ضربات متوالية سريعة … أصابت كل من كان قريبًا منها … بينما كان «أحمد» قد أسرع داخل الحجرة. وما كاد يخطو خطوة حتى ظهر عملاق ضخم مندفعًا في اتجاه رجاله … سدد «أحمد» له ضربة قوية … تلقاها العملاق في ثبات. وقبل أن يقوم بأي حركة كانت «زبيدة» قد لحقت ﺑ «أحمد» … وسددت له طلقة مخدرة، سقط على أثرها بلا حراك.

أسرع «أحمد» وتجاوز الحجرة، كان هناك سلم ضيق، ينزل إلى طابق أرضي … أسرع يقطع الدرجات بعد أن ترك «رشيد» و«زبيدة» يؤمنان المكان. فعلى بُعد أمتار كان «باسم» و«قيس» في النقطة «ع».

لم يجد «أحمد» أمامه سوى باب حديدي. عرف أن الاثنين خلفه. وقف أمام الباب لحظة. لم يكن هناك ما يشير إلى إمكانية فتحه، بسرعة حرك ذراعًا صغيرة في مسدسه ثم ضغط الزناد. فخرج شعاع غير مرئي اخترق الباب الحديدي الذي فُتح في لحظة، ووقعت عيناه على «باسم» و«قيس». كان «رشيد» و«زبيدة» قد لحقا بهم … تحرك الشياطين نزولًا على السلم. وبينما كانت طلقات الرصاص تدوي في أنحاء المكان.

قال «قيس» بسرعة: إننا في موقف صعب الآن؛ فالمقر يبدو محصنًا، والأعداد ضخمة، إننا في حاجة إلى معونة عاجلة.

ردَّ «أحمد»: إننا قد حققنا أهم مراحل المغامرة.

أسرع فأرسل إلى رقم «صفر» الذي ردَّ: عليكم بالتعامل معهم … ربع ساعة فقط.

دوَّى انفجار بجوار الشياطين، جعلهم يطيرون في الهواء، لكن أحدًا منهم لم يصب بسوء. لقد ظهر رجال العصابة. وبدأت المعركة الأخيرة، لكنها بهذا الشكل لا تكون في صالح الشياطين. ولم يكن أمامهم إلا استخدام القنابل الدخانية، والقنابل المخدرة، وفي إشارة كانت القنابل التي في حجم البلي تأخذ طريقها إلى أرجاء المكان.

ولم تمضِ خمس دقائق حتى غطى الدُّخان كل شيء … في نفس الوقت، بدأ صوت الرصاص يتناقص.

فجأة تردد صوت في مكبر الصوت، يدعو الجميع إلى الاستسلام. فقد وصلت قوات خاصة من ألمانيا، ومن تشيكوسلوفاكيا بعد رسالة رقم «صفر».

في نفس اللحظة، كان جهاز الاستقبال مع «أحمد» يتلقى رسالة من رقم «صفر» … تقول: أُهنئكم … لقد أديتم المهمة بنجاح … عودوا بسرعة. إن في انتظاركم مهمة أخرى.

نقل «أحمد» الرسالة إلى الشياطين وهم يبتسم. في نفس الوقت كانت المجموعة «م» قد ظهرت، والتقى الشياطين التسعة، في مكان واحد، وفي أكبر مغامرة، اشتركوا فيها.

وعندما انطلقوا خارجين من مقر العصابة، كان رجال القوات الخاصة قد سيطروا على المكان … ولم يبقَ أمام الشياطين إلا العودة السريعة … لبداية مغامرة جديدة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤