الفصل الثامن والعشرون

ولما كنت قد نظمتها على سبيل التسلية، شأني في بعض أخواتها، فقد فاتني شيء من الإحكام والإتقان أعوضه بهذه الترجمة النثرية، داعيًا القارئ إلى تأمل معانيها والتبصر فيها: وهي لسان حال فتاة أو عروس زفت وخرجت من عهد إلى غيره:

الترجمة النثرية

كنت واحدةً بين كثير من النساء، منعكفة على الواجبات المنزلية مستترة فيها. فلماذا أفردتني وأخرجتني من ذلك الملجأ الشائق (الذي لا أزال أحن إليه) حيث كنت وأترابي معًا.

إن الحب (المكتوم) الذي لم يعلن بعد لهو مقدَّس. إنه يتألق كالجواهر في ظلمات القلب المحتجب. وإذا تبدَّى (لعيان) النهار «الفضولي» فيا لمنظره الكئيب.

أنت هتكت حجاب قلبي واجتررت حبي المرتعد حياءً إلى فرجةٍ مكشوفة للعيان، وخربت تلك الزاوية التي كانت (عامرةً وآهلة) به وبعشِّه.

أما أترابي فلا يزلن على ما أعهدهن. لم يُطلَّ بعد من أحدٍ إلى دخيلة كونهن؛ وهن أنفسهن لا يعلمن ما بهن من الأسرار المطوية. فتراهن يتبسمن، أو يبكين، ويلهون، ويعملن عملًا، وكل ذلك عفوًا وعلى غير ما علم وهدًى. وكل يوم يذهبن إلى الهيكل، ويوقدن مصابيحهن ويردن النهر ليستقين.

وكنت آمل لحبي نجاةً وخلاصًا من هذا العار الذي يقشعر له اقشعرارًا (بعد ما بات مفضوحًا)، ولكنني أراك معرضًا عني هائمًا على وجهك.

أجل، أنت سراحك مطلق، وطريقك أمامك، ولكنك قطعت عليَّ خط الرجعة (كما يقال) وتركتني مسلوبةً منهوبةً عريانة بين الناس، وعيونهم التي كأنها لا جفون لها، لا تني تحدق فيَّ ليلًا ونهارًا.

كنت بين الصواحب الأترابِ
والعذارى وناضرات الشبابِ
أتلهى معهنَّ في البيت أقضي
واجب البيت في سياق الدِّعاب
أنتَ أفرزتني وأفردتني من
عِقد شمل الكواعب الأتراب
كامنُ الحبِّ سره سر قدسٍ
وشِغافُ الفؤاد كالمحراب

•••

كامن الحب في ظلام الحنايا
جوهرٌ ساطعٌ بجنح غُرابي
إن تبدَّى في رائعات نهارٍ
كوثرًا خِيلَ لمعةً من سراب
تزهد العينُ في الجليِّ لديها
وتصابى لما وراء الحجاب

•••

كان حبي في حَبَّة القلب يهفو
خافقًا كالوجوب والاضطراب
وشققتَ الشغاف عنه اعتسافًا
ثم أبرزتَه بمحض اغتصاب
يا لعشِّ الغرام في قفص الصد
ر أحطَّمتَه؟ ويا للكعاب

•••

لا فتاةٌ من ناهدات العذارى
أنستْ لذَّتي وذاقتْ عذابي
لم يكاشف قلوبهن حبيبٌ
بخطاب فصلٍ وفصلِ خطابِ
هن يجهلن ما بهن من الأسـ
ـرار جهل الختام سر الكتاب
يتبسمن كالأزاهر حينًا
ويُرقنَ الدموع حين اكتئاب
يتجاذبن والحديثُ شجونٌ
لسؤالٍ أهدابَ ألفِ جوابِ
كل يوم يعبدن يذهبن للهيـ
ـكل سربًا يا حسنُ ذاك الذَّهاب
وقُبَيل الغروب يفعمنَ سرج الـ
ـبيت طيبًا من خالص الأطياب
وإلى النهر بالقوارير يصبحنَ
ويرشفن من قراح الشراب

•••

بحيائي استعذتُ من عري حبي
حين جرَّدتَه من الأثواب
وا حيائي وا خجلتي وا شقائي
يا فتى صُدَّ بعد شر اقتراب
أنت تمضي كلُّ الفجاج سبيلٌ
لك لكن أنا فقدتُ صوابي
أنا عريانةٌ صباحي مسائي
تتلهَّى العيون حسب الهوى بي

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤