الفصل الثلاثون

ولهذه القصيدة ذكرى حلوة في نفسي؛ لأنني رأيت الشاعر ذات صباح وقد جاء المائدة، وإذا بسلسلة من زهر الياسمين على عنقه زاهيةٍ نضيرة كعقد من اللؤلؤ فريدته وواسطته وردة حمراء — ولا يزال لعذب صوته صدًى يتردَّد في قلبي إذ قال: «وهذه أيضًا هدية من الصبية التي قلت فيها قصيدتي المعهودة»، وكنتُ قد قرأتُ له تعريبها: وإليكَ الترجمة النثرية:

وذات صباح وأنا في حديقة الأزهار جاءت صبية عمياء وقدَّمت لي سلسلة من الزهر قد جعلتها في ورقة نيلوفر.

فألقيتُ السلسلة على عنقي، واغرورقتْ عيناي بالدموع، ثم قبَّلتُها وقلتُ: أنت عمياء والأزهار عمياء.

أنت نفسك لا تعلمين ما أجمل هديَّتك هذه.

ربَّ صبحٍ ألقتْ على بستاني
ربَّةُ النور حلَّة الأرجوانِ
وازدهتْ بالنَّدى الأزاهرُ حتى
خلتُ أكمامها ثغور الحسانِ

•••

أقبلتْ بنتُ أمِّها وأبيها
ظبيةٌ لا بأعينِ الغزلانِ
بنت عشرٍ وبعضهن تهادى
في حياها وحيرة العميان
ويديها مدَّت بسلسلة الزهـ
ـر وغضَّ النيلوفر الرَّيَّانِ

•••

قلت: «أحسنتِ» ثم حلَّيتُ جيدي
بشذيٍّ من نفحةِ الإحسانِ
وتجارتْ دموع عيني على العقـ
ـد سجامًا من رأفةٍ وحنانِ

•••

هيَ مثل الأزهار عمياءُ لا تبـ
ـصر شيئًا من حسنها الفتَّانِ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤