سليمان الحرائري
ينتمي صاحب الترجمة إلى عائلةٍ فارسيةٍ قديمة نزحت من بلاد العجم إلى شمال أفريقيا الأوسط، واسمه أبو الربيع عبده سليمان بن علي الحرائري الحسني وُلد سنة ١٨٢٤ في مدينة تونس، فقرأ العلوم الدينية أولًا على علماء وطنه، ثم أكبَّ على درس الطب والطبيعيات والرياضيات واللغة الفرنسية حتى أتقنها. وسنة ١٨٤٠ ولَّاه باي تونس رئاسة الكتاب في مملكته، وبعد ست سنين من ذلك العهد رحل إلى باريس حيث عيَّنته حكومتها أستاذًا للغة العربية في مدرسة الألسن الشرقية. وأثناء وجوده في عاصمة الفرنسيس استلم تحرير جريدة «برجيس باريس» التي كان أنشأها الكنت رشيد الدحداح، فنشر فيها قسمًا من «سيرة عنترة» وكتاب «قلائد العقيان» للفتح بن خاقان ثم طبعهما على حدة. وعرَّب بعض الكتب الأوروبية في العلوم المستحدثة والاختراعات الجديدة، فكانت تعريباته دليلًا على سعة اللسان العربي وكفايته للمعارف العصرية؛ فنهج المعرَّبون بعد ذلك منهجه لا سيما المرسلون الأميركيون في بيروت. ومن مآثره العلمية «رسالة في حوادث الجو» طبعها سنة ١٨٦٢ في باريس وضمنها خلاصة العلوم الطبيعية والظواهر الجوية، وألَّف سنة ١٨٦٧ كتاب «عرض البضائع العام» الذي وصف فيه معرض باريس، ونقل إلى اللغة العربية كتاب «الأصول النحوية» بقلم مؤلفه لومون، ووضع رسالة في القهوة سماها «القول المحقق في تحريم البن المحرق» وغير ذلك. ونشر بالطبع كتاب «مقامات الشيخ أحمد بن محمد الشهير بابن المعظم» أحد أدباء القرن الثالث عشر للمسيح، وتوفي بالغًا نحو السنة الخمسين من عمره.