حسن العطار
كان أهله من المغرب فانتقلوا إلى مصر، وولد حسن في القاهرة سنة (١١٨٠ﻫ/١٧٦٦م) وكان أبوه عطارًا استخدم ابنه أولًا في شئونه ثم رأى منه رغبةً في العلوم فساعده على تحصيلها، فاجتهد الولد في إحراز المعارف وأخذ عن كبار مشايخ الأزهر كالشيخ الأمير والشيخ الصبان وغيرهما حتى نال منها قسمًا كبيرًا. وفي أيامه جاء الفرنسويون إلى مصر فاتصل بأناس منهم فاستفاد منهم الفنون الشائعة في بلادهم وأفادهم اللغة العربية، ثم ارتحل إلى الشام وأقام مدة في دمشق، ومما نظمه حينئذٍ قوله في متنزهات دمشق:
وتجوَّل هذا الشيخ حسن في بلادٍ كثيرة يفيد ويستفيد حتى كرَّ راجعًا إلى مصر فأقر له علماؤها بالسبق، فتولى التدريس في الأزهر وقُلد رئاسة هذه المدرسة بعد الشيخ محمد العروسي سنة ١٢٤٦ﻫ فدبرها أحسن تدبير إلى سنة وفاته في آخر سنة ١٢٥٠ﻫ/١٨٣٥م. وكان محمد علي باشا خديو مصر يجلَّه ويكرمه، وقد خلَّف عدة تآليف في الأصول والنحو والبيان والمنطق والطب، وله كتاب في الإنشاء والمراسلات تكرر طبعه في مصر، وكان هذا الشيخ عالمًا بالفلكيات، له في ذلك رسالة في كيفية العمل بالأسطرلاب والرُّبعين المقنطر والمجيب والبسائط، وكان يحسن عمل المزاول الليلية والنهارية. وقد اشتهر أيضًا الشيخ العطار بفنون الأدب والشعر، ومما يُروى عنه أنه لما عاد من سياحته في بلاد الشرق رافق إمام زمانه في العلوم الأدبية السيد إسماعيل بن سعد الشهير بالخشاب، فكانا يبيتان ويتنادمان ويتجاذبان أطراف الكلام فيجولان في كل فن من الفنون الأدبية والتواريخ والمحاضرات، واستمرت صحبتهما وتزايدت على طول الأيام مودتهما إلى أن توفي الخشاب، فاشتغل الشيخ العطار بالتأليف إلى موته. وله شعر رائق جُمع في ديوانه، فمن ذلك ما رواه له الجبرتي (٤، ٢٣٣) في تاريخه يرثي الشيخ محمد الدسوقي المتوفى سنة ١٢٣٠ﻫ/١٨١٥م:
وهي طويلة قال في ختامها:
وممن مدحوا الشيخ حسن العطار المعلم بطرس كرامة اللبناني، فقال فيه لما قابله في مصر: