الفصل الأول

أخبار جرائد القاهرة من سنة ١٨٦٩ إلى ١٨٧٧

(١) حديقة الأبصار

جريدةٌ سياسية ظهرت في عهد إسماعيل باشا (١٨٦٣–١٨٧٩) خديو مصر، ونجهل بالتدقيق سنة صدورها واسم منشئها وخطتها السياسية حتى نقوم بوصفها وصفًا تاريخيًّا، وكل ما نعلمه عنها أن ذكرها ورد في كتاب «تاريخ مصر الحديث» لجرجي بك زيدان١ فاكتفينا بالإشارة إلى ذلك، وإنما يترجح لدينا أن صدورها كان بعد السنة ١٨٧٥.

(٢) أبو نظارة زرقاء

جريدة فكاهات ومسليات ومضحكات صدرت في ٢١ آذار ١٨٧٧ ثلاث مرات في الشهر لمديرها ومحررها يعقوب صانوواع (جمس سانووا) أستاذ الألسن الشرقية ومؤسس فن التمثيل العربي في مصر، ولعنوان هذه الجريدة نادرةٌ تاريخية نرويها في هذا المقام فنقول:

كان ليعقوب صانوواع صديقان مرتبطان معه بروابط المحبة وهما السيد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية سابقًا، فاتفق ثلاثتهم على إنشاء جريدةٍ هزلية لانتقاد أعمال الخديو إسماعيل ثم قرَّ رأيهم على أن يتولى أولهم إدارتها، فأوعز السيد جمال الدين إلى يعقوب في إيجاد عنوان للجريدة يليق بمسلكها، فخرج هذا إلى بيته باحثًا عن حمار يركبه فإذا بالفلاحين أصحاب الحمير قد تجمَّعوا حوله وأراد كلٌّ منهم أن يُركِبه حماره، فلما زاحموه أحب التخلص منهم وإذا بصوت من ورائه يناديه «يا أبا النظارة الزرقاء» وكان وقتئذٍ يستعمل النظارات الزرقاء وقايةً لعيونه من حرارة الشمس، فرنَّ هذا الصوت في أذنَيه واستحسن عبارة الفلاح مصممًا على اتخاذها عنوانًا لصحيفته، فرجع من ساعته إلى السيد جمال الدين وأخبره بما جرى له مع أصحاب الحمير وباختياره العنوان المذكور للجريدة، فضحك من كلامه ولكنه استحسن الاسم وهكذا صدرت جريدة «أبي النظارة الزرقاء» التي تعدُّ أول صحيفةٍ حرةٍ هزلية عند الناطقين بالضاد.

ولما كانت مقالاتها تنتقد بعباراتٍ جارحة أعمال الخديو أصدر إسماعيل باشا أمرًا بإلغائها بعد صدور العدد الخامس عشر منها، بل إنه كان متعمدًا الانتقام من منشئها بكل الوسائل حتى القتل لو استطاع إلى ذلك سبيلًا، فأوعز إلى قنصل إيطاليا بطرد يعقوب من الديار المصرية؛ لأنه كان محتميًا بالدولة المذكورة، فسافر هذا إلى باريز وهناك استأنف إصدار جريدته مقبِّحًا بها سياسة إسماعيل وأعماله الاستبدادية، كما روينا ذلك بالتفصيل في الجزء الثاني من هذا الكتاب.

(٣) حقيقة الأخبار

هو اسم لجريدةٍ سياسيةٍ أسبوعية ذات أربع صفحات صدرت في أوائل سنة ١٨٧٧ لمؤسسها ورئيس تحريرها أنيس بك خلاط الطرابلسي، وقد ساعده ماديًّا وأدبيًّا على إنشائها وانتشارها صاحب الأيادي البيضاء منصور باشا يكن صهر الأسرة الخديوية، وكانت خطتها وطنية تراعي أميال المسلمين عمومًا وتدافع عن حقوق العثمانيين خصوصًا في الحروب التي دارت رحاها بين تركيا وبين روسيا وسائر الدول البلقانية، وكانت المقالات الافتتاحية مدبَّجة ببراعة وهي تدل على طول باع في الإنشاء وبُعد نظر في الشئون السياسية.

وكتب فيها بعض مشاهير حملة الأقلام المصريين والسوريين كالشيخ محمد عبده ونقولا بك توما والسيد عبد الله نديم وأمين خلاط وأنطون نوفل، وقد التزم لها منشئها برقيات شركتَي روتر وهافاس وصار ينشرها بملحقاتٍ يومية ليقف القراء على أهم الأنباء الكونية، وهو أول من عمد إلى هذه الطريقة بين جميع الصحافيين في عاصمة وادي النيل. هكذا انتشرت «حقيقة الأخبار» انتشارًا سريعًا في كل البلاد العربية؛ لما كانت تتضمنه من الحقائق والأخبار المفيدة، ثم احتجبت هذه الصحيفة في عامها الثالث بانخراط صاحبها في سلك خدمة الحكومة المصرية.

(٤) الوطن

جريدةٌ أسبوعيةٌ سياسيةٌ أدبيةٌ تجارية أنشأها ميخائيل عبد السيد في ١٧ تشرين الثاني سنة ١٨٧٧ في القاهرة، ونشرها في المطبعة التي استجلبها من أوروبا الأنبا كيرلس الرابع الكبير بطريرك الأقباط الأرثوذكس على يد رافائيل عبيد من مشاهير أعيان السوريين بمصر في ذلك العهد، فلما وصلت المطبعة إلى محطة القاهرة استقبلها نيابة عن البطريرك مطارنته وكهنته وشمامسته بالموسيقى والملابس المختصة بالخدمة البيعية، وساروا بها قاطبةً إلى الدار البطريركية وهم يرتلون التراتيل الروحية. ومما يُروى عن هذا البطريرك حينئذٍ أنه لشدة الفرح أعلن لمن كانوا حوله قائلًا: «لولا الخوف من لوم الجهال لرقصت أمام المطبعة في الطريق كما رقص داود أمام تابوت العهد.»

figure
الشيخ يوسف الخازن؛ مؤسس جريدتَي «بريد الأحد» و«الأخبار» وصاحب مجلة «الخزانة» ورئيس تحرير جريدة «الوطن».

فلما ظهرت جريدة الوطن تولى ميخائيل عبد السيد تحريرها بالاشتراك مع نخبة من شبان الأقباط لا سيما جرجس ميلاد ويسي بك عبد الشهيد، وكانت في أول عهدها صغيرة الحجم واشتهرت قبل الاحتلال وبعده بتحيزها للوطنيين، كما أنها كانت من أشياع العرابيين في عهد الثورة، وعُرفت بالانتصار لرياض باشا رئيس الوزارة المصرية في معاكسته للمحتلين. ولما اشتد الخلاف بين الأقباط وبطريركهم سنة ١٨٩٢ بشأن الأوقاف والمجلس الملِّي كانت جريدة الوطن من أنصار البطريرك ولها في الدفاع عنه مقالات معروفة، واستمرت على الصدور أسبوعيًّا حتى أواخر سنة ١٨٩٥، ثم صدرت مرتين في الأسبوع حتى آخر سنة ١٨٩٨ حيث عطلها صاحبها؛ إذ رأى أن الرغبة فيها قلَّت لوفرة الجرائد اليومية.

وفي ٢٥ آب ١٩٠٠ ابتاع جندي إبراهيم امتياز جريدة «الوطن» من ميخائيل عبد السيد بمبلغ مائة جنيه إنكليزي وأصدرها يومية في أربع صفحات ذات ستة أعمدة، فطبعت حينئذٍ في مطبعة «جمعية التوفيق» وكان ميخائيل عبد السيد يوافيها من حين إلى آخر بفصولٍ سياسية، واشتغل بالتحرير فيها بعض شبان الأقباط نذكر منهم: ميخائيل كيرلس وميخائيل قسيس وحنا يوسف منصور المحامي لدى محاكم الاستئناف ورمزي تادرس وتوفيق حبيب وتوفيق عزوز، وكذلك اشتغل فيها بضعة شهور كتَّاب من المسلمين نذكر منهم: محمد حسين ومحمد نجيب وأحمد الكاشف، ثم تولى التحرير فيها نفر من نخبة الكتَّاب السوريين مثل خليل بك مطران ونجيب جاويش وإبراهيم نجار ونجيب شاهين وأنطون نوفل والشيخ يوسف الخازن، ولم يكن خليل مطران يتناول راتبًا عن عمله، بل رضي أن يتعهد له جندي بك إبراهيم بطبع «المجلة المصرية» مقابل أتعابه في التحرير والترجمة اللازمَين لجريدة الوطن.

لكن هؤلاء كلهم لم يلبثوا فيها زمنًا طويلًا، بل تركها بعضهم بعد أن صرف فيها شهرَين، وانقضى عهد الجميع في مفتتح سنة ١٩٠٢ حيث عهد في رئاسة تحريرها إلى إسكندر شاهين صاحب جريدة «الرأي العام» المحتجبة ويساعده في ذلك جرجي طنوس وفريد كامل، وكانت قبل أن يتولى التحرير فيها إسكندر شاهين بدون مبدأٍ سياسيٍّ معروف، ولم يكن يقرؤها إلا بعض الراغبين في مطالعة الفصول الأدبية أو ذوو العلاقة ببعض محرريها، ولما اشتدت الحركة الوطنية وعلا صوت مصطفى كامل باشا هبت جريدة الوطن تسفِّه المبادئ الوطنية وتحقر القائمين بها بعبارات هزلية مجونية فلم يبالِ بها أحد، ثم وقعت حادثة دنشواي (التي اعتدى فيها جماعة من أهل الريف على عساكر الإنكليز فحُكم على من ثبتت عليهم الجريمة بأحكامٍ مختلفة بين إعدام وسجن)، فأخذت جريدة الوطن بناصر الإنكليز، ورمت المصريين بكفران النعمة، وادَّعت أنهم لا يستحقون دستورًا ولا استقلالًا، ولم تفرق في كلامها بين حزب وحزب، بل رمت جميع أهل الحركة الوطنية بتهمة الجنون والثورة والسعي إلى خراب البلد.

واستعرت بينها وبين جريدة «مصر» القبطية نيران الجدال بشأن المسألة الطائفية، فإن صاحب «الوطن» بعد أن كان مؤيدًا المجلس القبطي وناقمًا على البطريرك ورجال الدين وقع بينه وبين بعض أعضاء المجلس ما دعاه إلى تحويل سياسته شيئًا فشيئًا حتى أصبح عدوًّا ألدَّ لكل من يقول كلمةً عن البطريرك. ومما يُروى عن «الوطن» في هذه الحركة أنه كتب يومًا عن الشبيبة القبطية ما رأوه ماسًّا بعواطفهم فجمعوا حزمةً من أعواد «الوطن» وأشعلوا فيها النيران بأحد الميادين الكبرى في القاهرة.

ثم جرت حادثة مقتل بطرس باشا غالي رئيس الوزارة المصرية فاتفق صاحب جريدة «الوطن» وصاحب جريدة «مصر» القبطيتين على تناسي ما بينهما من الخصام، واتحدا يدًا واحدة على محاربة الوطنيين واتهامهم بالمؤامرة على قتل بطرس باشا ورميهم بالتعصب، واشتهرت مقالات جريدة «الوطن» في هذه المسألة بالحدة والتطرف اللذين لا زيادة بعدهما لمستزيد.

وجندي إبراهيم صاحب جريدة «الوطن» لا يكتب شيئًا في جريدته، ولكنه — كما وصفه أحد الأدباء في جريدة المؤيد — يراقب المحررين مراقبةً دقيقة فيوزع عليهم الأعمال ويرشدهم إلى كتابة المقالات، ثم يراقب ما يكتبونه ويغير ويبدل عباراتهم وألفاظهم ويأمر أحيانًا كثيرة بإعادة كتابتهم، ويتولى بذاته دائمًا وضع العناوين ويتخذ لها غالبًا ألفاظًا وأمثالًا وعباراتٍ عامية.

ويجتهد صاحب «الوطن» في أن يكون زعيمًا لحركة الأقباط، ولذلك لا يكاد يشتهر أحدٌ من الأدباء حتى يعمد إلى التشهير به والحطِّ من مقامه واتهامه بالخيانة والمروق، وقلما احتاط فيما يوعز بكتابته عن الأشخاص فلا يمر حين حتى يُساق إلى المحاكمة، ولا تنشر جريدة الوطن مقالاتٍ موقعة باسم أحد من محرريها تصريحًا أو تلميحًا، ولكن لا يذكر اسم الوطن بين المتأدبين وأهل الرأي إلا مقرونًا باسم إسكندر شاهين، وهو الكاتب السوري البليغ الذي قضى معظم حياته الصحافية في خدمة الطائفة القبطية بإخلاص. ولبث إسكندر شاهين قائمًا برئاسة تحرير هذه الصحيفة حتى سافر سنة ١٩١٣ إلى العالم الجديد حيث أنشأ جريدة «أميركا» لحسابه الخاص، وقد خلفه في «الوطن» كاتبٌ آخر من نوابغ السوريين وهو الشيخ يوسف الخازن مؤسس جريدة «الأخبار» الملغاة التي سيأتي ذكرها بين جرائد الحقبة الثانية، وفي سنة ١٩١١ نال جندي إبراهيم من منليك نجاشي الأحباش وسام «النجمة» طبقته الأولى.

وقد وصف ولي الدين بك يكن جريدة الوطن في كتابه «المعلوم والمجهول» صفحة ١٣ حيث قال: «فكانت جريدة الوطن وحدها تغني مصر كما تهوى مصر بل كما يجب عليها لمصر، حفظت العهود عهود أجدادها الصيد الأول نسل الشمس وخدمت قومها كما أراد قومها، ولما كان الأقباط أُولو مصر قومًا امتازوا بحب وطنهم وشرف نفوسهم وبعد هممهم ومحبتهم الجد ومجانبتهم المعايب لم تُثنِ همَّاتهم عداوات البعض من مواطنيهم المتعصبين، وكما حموا مجدهم على قلَّتهم وكثرة حسادهم وظلم حكامهم أعانوا جريدتهم فعاشت لهم واستفادوا بها.»

(٥) مصر

صحيفةٌ سياسيةٌ أسبوعية ظهرت عام ١٨٧٧ لصاحب امتيازها أديب إسحاق الدمشقي، قال سليم بك عنحوري في ديوانه الموسوم بعنوان «سحر هاروت» صفحة ١٧٩-١٨٠ ما يأتي:

وبعد أن ذهب المنشئ الكاتب أديب إسحاق إلى الإسكندرية قصد تمثيل الروايات تحت رئاسة الفاضل المغفور له سليم نقاش؛ سنحت عوارض قضت بإلغاء التمثيل، فأصبح أديب خالي الوفاض بادي الأنقاض، فبعث به المرحوم حنين الخوري إلى القاهرة مصحوبًا بكتاب وصاةٍ إلى جمال الدين الأفغاني، فأحسن هذا لقياه لما توسَّمه فيه من أمارات الذكاء ومخايل النجابة، ولزمه ثمت ملازمة اللام للألف وأقبل عليه إقبال الهائم العاني الكلف فحصل له امتياز صحيفة اسمها «مصر»، واتخذ له دكانًا بباب الشعرية هيأ له فيها من أدوات الطبع بالحرف البولاقي المشهور ما قوي معه على إصدار تلك الصحيفة، فكانت ترد مودعةً فصولًا وأماليَ منسوجة بيراع جمال الدين ومنشورة باسم «المزهر ابن وضاح» أصارت لتلك الصحيفة شأنًا مذكورًا.

figure
عوني إسحاق؛ رئيس تحرير جريدة «مصر» في القاهرة وجريدة «التقدم» في بيروت سابقًا.

ثم رأى أديب أن مدينة الإسكندرية أقرب لاصطياد الأخبار فنقل إليها إدارة الجريدة بعدما اتفق مع سليم نقاش على إصدارها بالشركة بينهما، فتضاعف حينئذٍ عدد قرائها وزاد انتشارها بسرعة عجيبة في الأقطار العربية. ولجمال الدين الأفغاني في جريدة «مصر» مقالتان مشهورتان سمى إحداهما «الحكومات الشرقية وأنواعها» والأخرى «روح البيان في الإنكليز والأفغان» ترنَّحت لهما أعطاف العلماء طربًا، وكان لهما تأثيرٌ عظيم على أذهان أرباب السياسة الأوروبية حتى إن غلادستون رئيس وزارة إنكلترا أثبت في بعض الجرائد مقالة تشهد لجمال الدين أنه من أئمة علماء الشرق حالة كونه من ألدِّ أعداء الإنكليز.

واشتهرت هذه الجريدة بمقالاتها الضافية في تعريف الوطنية والدعوة إلى الاعتدال في الحرية، فإنها قد بلغت وهي في سن الطفولية مقام الكهول وصار لها من الراغبين في مدة أشهر ما لم يجتمع لغيرها في مدة أعوام، وهي الجريدة الأولى التي وردت فيها كلمة «مصر الفتاة» ثم درجت بالاستعمال عند أرباب النهضة المصرية، فأدى أديب خدمةً عظيمة للغة العربية بما صرف من العناية إلى تهذيب عبارة الجرائد وتقرير المعنى في الأفهام من أعذب وجوه الكلام، فاتبع الصحفيون طريقته في كتاباتهم وأخذوا يتأنَّقون فيها، وقد أشار جرجي زيدان إلى ذلك في «تاريخ النهضة الصحافية» حيث قال:

فانتقل الإنشاء الصحافي من العبارات الضعيفة الركيكة إلى الرشاقة والطلاوة العصرية، ومقدام هذه النهضة المرحوم أديب إسحاق؛ فقد كان نابغةً في الإنشاء مع المتانة وصحة العبارة، فقلده الكُتَّاب في عبارته وتحدَّوه في أسلوبه.

وكان أديب إسحاق من أنصار شريف باشا رئيس الوزارة المصرية، ووقف جريدته على خدمته، فلما عُين رياض باشا وزيرًا للداخلية سنة ١٨٧٩ أخذ أديب ينتقد سياسته انتقادًا جارحًا؛ فبعثت الحكومة إليه الإنذار تلو الإنذار وعطلت جريدته، فاضطر إلى الهرب من وادي النيل. وبعد سنتَين جاء مدينة الإسكندرية فاستأنف نشر صحيفته في شكل مجلة، ثم أعادها منذ العدد التاسع الصادر في ٦ شباط ١٨٨٢ إلى مظهرها الأول بأربع صفحات. ولما عُهدت إليه وظيفة «ناظر الإنشاء والترجمة» في وزارة المعارف صدر له الأمر بالتفرغ لمهام وظيفته الرسمية والانقطاع عن الجريدة، فامتثل. وفي ٨ آذار للسنة المذكورة نقل مركزها إلى القاهرة؛ مكان ظهورها الأول، وعهد في إدارتها وإنشائها إلى أخيه عوني إسحاق، فودَّعها بمقالة رنانة استهلها بهذا العنوان «قِفِي ودِّعينا قبل وشك التفرق».

فاقتفى عوني إسحاق آثار أخيه الأديب في الإجادة بتحبير مقالات «مصر» مجتهدًا في توفير موادها وتكثير فوائدها؛ مما دل على أدبه الجم وبراعته في فنون الكتابة، وقد تعطلت بعد شهورٍ قليلة لدى حدوث الفتنة العرابية، وكان ذلك آخر عهدها في عالم الصحافة.

١  راجع الجزء ٢: صفحة ٢٢٠: طبعة ثانية من تاريخ مصر الحديث.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤